وضع داكن
27-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 37 - حضور القلب
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، و الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلِ وسلم ، وأنعم وأكرم على نبينا و رسولنا محمدٍ صلوات الله و سلامه عليه ، السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته سلامٌ مليءٌ بالعلم و الدعوة مستمعينا الكرام إليكم أين ما كنتم ، عبر أثير إذاعتكم حياة fm في حلقةٍ أسبوعيةٍ مباشرة و جديدة ، مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور الداعي الإسلامي محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا و أستاذنا .
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
 أكرمكم الله دكتور ، حلقتنا لهذا اليوم ، تحت عنوان حضور القلب ، نبدأها بقول الخالق سبحانه و تعالى في مدح الخاشعين ، فيقول سبحانه و تعالى في سورة المؤمنون ، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

[ سورة المؤمنون : 1 ـ 2]

 ولكن كان الويل للذين يسهون عنها ، فقال عز وجل :

﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾

[ سورة الماعون : 6 ـ 5]

 ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، في الحديث النبوي الشريف العظيم ، الذي يتحدث فيه عليه الصلاة و السلام عن الدعاء ، وعن أهمية حضور القلب في الدعاء .

(( ادُعوا اللهَ وَأنْتُمْ مُوقِنُونَ بالإِجَابَةِ ، واعلموا أنَّ الله لا يَسْتَجِيبُ دُعَاء من قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ ))

[الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه ]

 "حضور القلب" عنواننا لهذا اليوم ، شيخنا الفاضل هل لنا بدايةً أن نبدأ بتوضيح المصطلحات والمفاهيم ، ماذا يعني حضور القلب في العبادة ؟

 

الحب في الله عين التوحيد أما الحب مع الله فعين الشرك :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 بادئ ذي بدء : الإنسان عقلٌ يدرك ، و قلبٌ يحب ، و جسمٌ يتحرك ، الحقيقة عبادة العقل أن تعرف الله ، من خلال آياته ، آياتٌ كونية ، السماوات و الأرض ، الشمس والقمر ، الفواكه و الخضار ، الكائنات الحية ، هي خلقه .
 الآن أفعاله ، أعطى ، أخذ ، عاقب ، زلزال ، رخاء ، أمطار غزيرة ، أفعاله ، هذه نوع ثان من العبادة ، تعبده بقرآنه ، ومنهج رسوله ، تعبده بأفعالك أيضاً .
و الثالثة عبادة الجوارح ، فالعقل عبادته ، أن تغذيه بالعلم ، و القلب عبادته أن تغذيه بالحب ، الإنسان عقلٌ يدرك ، و قلبٌ يحب ، أي حب ؟ الحب الذي يسمو بك ، يرقى بك، لذلك قيل : هناك حبٌ في الله ، هناك حبٌ مع الله ، الحب في الله عين التوحيد ، و الحب مع الله عين الشرك ، الحب في الله أن تحب الله ، خالق السماوات و الأرض ، رب العالمين ، و أن تحب أنبياءه جميعاً من دون استثناء و جميع رسله ، نوع ثان ، و أن تحب العلماء الربانين جميعاً ، و أن تحب العمل الصالح ، و أن تحب بيوت الله ، يتفرع عن الحب في الله ألف نوع ، أن تحب المساجد ، جمعيات خيرية ، محاضرة على مدرج جامعة عن الله عز وجل ، الحب في الله يتشعب مليون شعبة ، لكن الحب في الله عين التوحيد ، أما الحب مع الله ، عين الشرك .
المذيع :
 أي أن تشرك أحداً في حبك في الله تعالى .
الدكتور راتب :
 أن تحب أحداً يمنعك أن تصلي ، أن تحب أحداً يمنعك أن تصوم ، يمنعك أن تعمل صالحاً ، يضبطك بالصلاة ، في بلاد ضبط متلبساً بالصلاة ، لأن الصلاة جريمة في بعض البلاد .
المذيع :
 وهنا الخلل أن تحب من يقوم بهذا المنكر .

حب الأولاد طبع بينما بر الآباء تكليف :

الدكتور راتب :
 الحب مع الله عين الشرك ، الحب في الله عين التوحيد .
المذيع :
 هذا لا يعني عفواً دكتور ، أن أحب ناس في حياتي ، كأهلي ، و والدي ، وزوجتي، وأولادي ؟
الدكتور راتب :
 هذا فطري ، بالعكس ، هذا فطري .
المذيع :
ليس المقصود بنا ؟
الدكتور راتب :
 لا ليس هذا ، الآن نحن محبة الأهل ، و الأولاد ، و الزوجة ، و الأحفاد ، هذا شيء فطري ، الله أودع فينا محبة الأولاد حتى نربيهم .
 مرة كنت بمستشفى أطفال ، لفت نظري أن أم سافرة ، تبكي وابنها بين يديها ، أم محجبة تبكي ، أم ريفية تبكي ، متفلتة تبكي ، أودع فينا محبة الأولاد ، ما الدليل ؟

﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ﴾

[ سورة طه : 39]

 لذلك حب الأولاد طبع ، بينما بر الآباء تكليف ، حب الأبناء طبع ، مؤمن أو غير مؤمن ، كافر ، فاسد ، طائع ، عاصي ، يحب ابنه ، لولا هذا الحب ما ربى أحد ابنه ، ليضمن الله جل جلاله تربية الأولاد و رعايتهم ، أودع حب الأولاد في قلب كل أب كائناً من كان .
المذيع :
 الفطرة .
الدكتور راتب :
 فطرة .
المذيع :
 ماذا عن العكس دكتور ، حب الأبناء لآبائهم ؟

 

رفع الله عز وجل بر الوالدين إلى مستوى عبادته :

الدكتور راتب :
 تكليف ، شخص تزوج فتاة شابة ، أي أن مصلحته مع الفتاة ، وليس مع أمه التي عمرها حوالي ثمانين سنة تحتاج صيانة ، ورعاية ، ومتابعة ، وأدوية ، أما مصلحته القريبة ، أي شهوته ، مصالحه المادية فهي مع زوجته الشابة وليس مع أمه المتقدمة في السن ، لذلك رعاية الآباء تكليف .

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سورة الإسراء : 23]

 دقق :

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء : 23]

كلام دقيق جداً ، هذه الواو ، واو العطف ، ماذا تفيد بمعانيها الدقيقة ؟ التجانس ، مثلاً أنت لا تقول اشتريت مزرعةً وملعقةً ، لا يوجد تجانس ، مزرعةً وبيتاً ، بيتاً و سيارةً ، فالواو من لوازمها التجانس ، الله قال :

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾

[ سورة الإسراء : 23]

 واو .

﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء : 23]

 رفع بر الوالدين إلى مستوى عبادته ، لذلك ورد : ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يغفر له .
المذيع :
 والعياذ بالله .
الدكتور راتب :
 إذاً ، محبة الأبناء طبع ، بر الآباء تكليف ، فرق كبير .
المذيع :
 لكن هناك من الناس دكتور من يبر والده ووالدته محبةً وطبعاً وتواضعاً .
الدكتور راتب :
 لا مانع .
المذيع :
 لكن جاء القانون لكل البشر .

 

كل أب محترم بثقافتنا لكن ليس كل أب مُحباً :

الدكتور راتب :
 عفواً ، أحياناً يكون الأب محسناً ، تبره أداءً لواجبك ، ومحبةً به ، يوجد آباء مسيئين جداً ، هناك أب إذا صلى ابنه يقتله ، أي يضربه بشدة .
المذيع :
 فتبره تكليفاً .
الدكتور راتب :
 طبعاً تكليفاً .
المذيع :
 لو لم يكن محبةً .
الدكتور راتب :
 ليس كل أب صالح ، أنا سأقول كلمة دقيقة : يا أخي الكريم نحن بثقافة الشرق أوسطية العامة ، ونحن أيضاً ، بثقافة الدين العظيمة ، الأب هناك واجب تجاهه ، فالأب محترم بثقافتنا ، الأب محترم ، لكن ليس كل أب يُحب ، عليه أن يكون عادلاً بالمنح ، عدله ، رحمته ، لينه ، هذا يحبونه ، أما احترامه فثقافة .
المذيع :
 إذاً الحد الأدنى هو رعايتهم و احترامهم تكليفاً ، لو زاد الإنسان حُباً و رغبةً أفضل .
الدكتور راتب :
 أفضل بكثير ، كل أب محترم بثقافتنا ، لكن ليس كل أب مُحباً .
المذيع :
 نعم ، الفكرة واضحة تماماً دكتور ، دكتورنا الكريم نحن نتحدث عن حضور القلب وكما ذكرتم قبل قليل بأن العقل غذاؤه العلم ، والقلب غذاؤه المحبة ، كيف يمكن لنا أن يحضر القلب في عبادتنا ، أي أن يكون من قلبٍ مخلصٍ ، من قلبٍ صادقٍ مرتبط بالله تعالى ؟
الدكتور راتب :
 أنا لي وجهة نظر أثق بها : الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، تصور بيتاً فيه جميع الأجهزة الكهربائية بأعلى مستوى ، الثلاجة والمكيف والميكرو ويف وغيرها ، التيار الكهربائي مقطوع ، مقطوع ميكانيكياً بمقص ، هذا القطع ميلي أو متر ، مثل بعضها ، المحصلة لا يوجد كهرباء ، تمام ؟ لا يوجد كهرباء ، خذ مثلاً شارعاً بمدينة إسلامية ، مئتا بيت لا خمر فيه ، لأن الخمر محرم عندنا ، مئتا بيت ليس فيها زنى ، مئتا بيت ليس فيها قتل ، ليس فيها كبائر ، لكن هذا التيار انقطع ، عندما انقطع أضاع أعظم ما في هذا الدين لسبب تافه، قال النبي :

((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا))

[ ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

 عندما نحن تركنا الكبائر ، لكن الصغائر مفعولها بقطع التيار كالكبائر .
المذيع :
 ما هو هذا التيار دكتور ؟

 

الله تعالى سمح للإنسان أن يتصل به عن طريق الصلاة :

الدكتور راتب :
الصلة بالله ، هذا التيار .
المذيع :
 الذي هو حضور القلب .
الدكتور راتب :
 كل شيء تتصوره ، الصلاة ، ركوع ، سجود ، دعاء ، قعود أخير ، قعود وسط ، من أجل أن تتصل بالله ، الصيام من أجل الصلاة ، الحج من أجل الصلاة ، الزكاة من أجل الصلاة ، غض البصر للصلاة ، الهدف أنت كائن ، طارئ ، حادث ، ضعيف ، فان ، الله سمح لك أن تتصل بالأصل ، بالأبدي السرمدي ، بالكمال المطلق ، بالرحمة المطلقة ، بالعدل المطلق ، بالحكمة المطلقة ، سمح لهذا الكائن الضعيف أن يتصل بالله .

(( ابن آدم اطلبنِ تجدني ))

[ تفسير ابن كثير]

 في الصلاة :

(( فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

 ماذا عند الله ، كمال مطلق ، جمال مطلق ، عطاء مطلق ، عنده الكمال والجمال والنوال .

فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا  الذي رأوه لما وليت عنــــــــــا لغـيرنـــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــــــــــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنـــــــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـة  لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــــــــا
ولو لاح من أنوارنا لك لائــــح  تركت جميع الكائنــــــــــات لأجلنــــــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعـــى  سهولته قلنا له قــــــــــــــد جهلتنـــــــــــــا
فأيسر مافي الحب للصب قتـلـه  وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنــا
***

الفرق بين حلاوة الإيمان وحقائق الإيمان :

 هذه اسمها حلاوة الإيمان ، حلاوة الإيمان دقيقة جداً ، أحب أن أوضحها للأخوة المستمعين ، حلاوة الإيمان أي أنت معك بالتعبير الأجنبي كاتلوك مرسيدس 2018 ، كاتلوك طباعة فخمة جداً ، ألوان السيارة ، التابلو ، المحرك ، تمشي بطريق منحرف ، الجبال خضراء ، هذا كاتلوك ، المسافة كبيرة جداً بين كاتلوك مرسيدس وبين مرسيدس تملكها ، تلك تركبها ، أو قصر أيضاً خارطة دقيقة جداً ، الإطلالة ، المسبح ، الحديقة ، الصالونات ، الغرف ، الطول لكن هذه كلها ورق ، وبين أن تسكن القصر ، مسافة كبيرة جداً ، لذلك :

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 أعظم شيء في الدين حلاوة الإيمان ، وليس حقائق الإيمان . مرسيدس 2018 تأخذها من الكاتلوك ، مساحتها ، طولها ، عرضها ، ارتفاعها ، قوة المحرك ، استهلاك البنزين، المقاعد ، مليون معلومة ، لكن كلها مطبوعة طباعة على الكاتلوك ، أما أن تملكها ، تركبها ، تكون ملكك هذا شيء ثان . حلاوة الإيمان ، وحقائق الإيمان .

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 أول واحدة ليست سهلة سيدي .

(( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 أي في قرآنه ، والرسول في سنته .

(( وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 هذه سهلة ، اسأل الآن ملياري مسلم ، يوجد مليارا مسلم ، أليس الله و رسوله أحب إليك ؟ يقول لك : طبعاً ، لا ليس هذا المعنى ، عند التعارض ، وكالة يأتيك منها ملايين كثيرة ، لكن لابد من أن تستورد بضاعة محرمة ، هذا شرط ، بضاعة محرمة ، مثلاً يوجد وكالات .
المذيع :
 مزورة مثلاً .

 

ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه:

الدكتور راتب :
 لا محرمة ، مادة محرمة .
المذيع :
 فيها إشكال .
الدكتور راتب :
 مثلاً فيها خمر ، عليك أن تأخذهم كلهم ، يأتي المؤمن لا يقبل ، يركلها بقدمه ، أطمئن كل مؤمن مستقيم ، ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه .
المذيع :
 دكتور عندما نقول :

(( أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

الدكتور راتب :
 عند التعارض .
المذيع :
 عملياً ، وليس مجرد كلام .
الدكتور راتب :
 الكلام سهل جداً ، مثلاً تخيل فتاة تضع حجاباً ، أليس عندها مفاتن مثل أي فتاة ؟ ألا تستطيع أن تبرزهم في الطريق وتسمع كلمات الغزل ويلحقها الشباب ؟ تقدر ، لكنها خافت من الله ، غطت مفاتنها .
المذيع :
 فإذاً إذا كان الله أحب إليك ، تلتزم أمره .

 

التزام أمر الله طريق حلاوة الإيمان :

الدكتور راتب :
 أبداً ، من أجل أن تذوق حلاوة الإيمان ، ينبغي أن تلتزم أمره .

(( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ))

 أي في قرآنه ، و النبي في سنته .

(( وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك ]

 عند التعارض ، واضحة .
المذيع :
 إذاً دكتور عفواً .
الدكتور راتب :
 وأن تحب ، أي تفضل .
المذيع :
 الآن هذه القضية ألا وهي حلاوة الإيمان دكتور ، هي مكافأة ، لمن يحضر قلبه مع الله .
الدكتور راتب :
 أجمل شيء في الدين ، أعظم شيء في الدين ، أقوى شيء في الدين ، إن لم تقل بعد أن ذقت حلاوة الإيمان : بأي وضع ، بأي دخل ، بأي بيت ، بأي زوجة ، ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني ، إلا أن يكون أتقى مني ، عندك مشكلة ، هذه هي حلاوة الإيمان .
المذيع :
 نستأذنكم شيخنا الكريم إلى فاصل قصير ، و نعود لنكمل حديثنا عن حضور القلب وعن مكافأته حلاوة الإيمان .
 شيخنا الكريم كان حديثنا قبل الفاصل عن حضور القلب ، بأنه انعقاد الصلة بين العبد وبين الله تعالى ، ففيه يستشعر أجمل ما في الدين ألا وهو حلاوة الإيمان ودونه لا يشعر بطعم الصلاة .
 الآن دكتور حينما نتحدث عن حضور القلب ، ما المصطلح الآخر المعاكس له لمن لا يستحضر قلبه في العبادة ، ماذا نقول دكتور ؟

 

أي مخالفة شرعية هي حجاب عن الله :

الدكتور راتب :
 إن لم يكن مستقيماً على أمر الله تأتيه حالة من الخجل تتناسب مع بعده عن الله ، هذا الخجل يحجبه عن الله ، الآية تقول بشكل عام :

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين :15]

 المعصية تحجب ، المخالفة تحجب ، الظلم يحجب ، البخل يحجب ، إطلاق البصر يحجب ، أي مخالفة شرعية هي حجاب عن الله ، ترق أو تثخن .
المذيع :
 ماذا يعني هذا المصطلح دكتور ، حجابٌ عن الله ؟
الدكتور راتب :
 لا يستطيع أن يتصل بالله ، يؤدي كل حركات الصلاة ، يقف يقرأ الفاتحة وسورة ويركع ويسجد ، لكن لا يوجد اتصال بالله ، أدى حركات الصلاة ، أدى حيثيات الصلاة الشكلية.
المذيع :
 مفهوم معاكس لحضور القلب .
الدكتور راتب :
 القلب باتصال النفس بالله ، هذه لها شكل ولها حقيقة ، شكلها الحركات والسكنات والفاتحة وسورة وركوع وسجود .
المذيع :
 والحقيقة ؟
الدكتور راتب :
 الحقيقة انعقاد الصلة مع الله .
المذيع :
 جميل ، فيشعر بخشوع .

 

سعادة المؤمن تكون بانعقاد الصلة مع الله :

الدكتور راتب :
 السعادة بهذه ، بانعقاد الصلة مع الله .
المذيع :
 فيشعر بالطمأنينة والخشوع ، وعكس ذلك بسبب المعاصي الحجاب عن الله ، الحجاب دكتور لا يمنع من العبادة ؟
الدكتور راتب :
 لا لا .
المذيع :
 يتعبد لكن لا يوجد قلب .
الدكتور راتب :
 قالوا بهذه الحالة : سقط الوجوب ، وإن لم يحصل المطلوب ، الوجوب سقط .
المذيع :
 أدى التكليف الشرعي لكن لم تنعقد الصلة مع الله ، فيصلي ولا يدرك ، ويقرأ القرآن ولا يخشع ، جميل .
الدكتور راتب :
 والعبادة من دون الاتصال بالله مملة ، و الإنسان أحياناً يهملها ، أو يخفف منها ، أو يقيم كل لواحقها ، أو يتركها بعد ذلك .
المذيع :
 بسبب عدم انعقاد الصلة .
الدكتور راتب :
 مملة .
المذيع :
 هل هذا ما قصد شيخنا الكريم في الآية الكريمة .

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

[ سورة البقرة : 45]

الغافل هو من قدم المعصية على طاعة الله :

الدكتور راتب :
 طبعاً متعبة .
المذيع :
 ماذا تعني كلمة كبيرة في هذه الآية دكتور ؟
الدكتور راتب :
 تحتاج إلى جهد ، مثلاً شخص نائم مستغرق بالنوم ، و الفراش دافئ ، والوقت شتاء يبعد اللحاف ، و يقف ، و يتوضأ ، و ينتقل للمسجد ، هذه تحتاج إلى جهد ، وأن تعاكس رغبتك الحسية ، هناك حاجات للجسم دائماً لابد من تناقض بين التكليف و بين الراحة ، اسمه تكليف الصلاة تكليف ، أي ذات كلفة ، تحتاج أن تقتطع من وقتك وقتاً ، أن تنتقل إلى الحمام ، تتوضأ بماء بارد ، و تذهب إلى الجامع ، كلها جهد ، لذلك :

(( ولو يعلمون ما في العَتَمة والصبح ـ من خيرات ـ لأتوهما ولو حَبْوا ))

[متفق عليه عن أبي هريرة]

المذيع :
 سبحان الله ، شيخنا الكريم نستأذنك بالتنويه إلى مستمعينا الكرام ، الراغبين بالمشاركة مباشرةً معنا بهذا الحوار .
 شيخنا الكريم أيضاً لو انتقلنا إلى هدي النبي عليه الصلاة والسلام ، في الحديث :

(( ادُعوا اللهَ وَأنْتُمْ مُوقِنُونَ بالإِجَابَةِ ، واعلموا أنَّ الله لا يَسْتَجِيبُ دُعَاء من قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ ))

[الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه]

 ما هو القلب الغافل و اللاهي دكتور ؟
الدكتور راتب :
 الغافل بشهوةٍ لا ترض الله ، غفل عن الله ، انحجب عن الله ، ابتعد عن الله .
المذيع :
 و اللاهي ؟
الدكتور راتب :
 الذي آثر شيئاً حلالاً على طاعة الله ، الغافل في معصية .
المذيع :
 الغافل إذاً قدم المعصية على الطاعة ، و اللاهي ؟

 

اللاهي هو من قدم حاجةً دنيويةً على طاعة الله ولو كانت حلالاً :

الدكتور راتب :
 اللاهي قدم حاجةً دنيويةً على طاعة الله .
المذيع :
 الله أكبر ، حتى لو لم تكن حراماً ؟
الدكتور راتب :
 نعم .
المذيع :
 لكن قدمها .
الدكتور راتب :
 أي يبيع ويشتري ، أذن الظهر ، يؤجل الصلاة لأنه يبيع ، يوجد ربح .
المذيع :
 يا الله! هذا يعتبر اللاهي .
الدكتور راتب :
 والقاعدة التي أؤمن بها بأن : ما ترك عبدٌ شيئاً لله ، إلا عوضه الله خيراً منه ، دقق ، في دينه و دنياه ، في دينه يبقى معه الخط الساخن مع الله .
المذيع :
 حضور القلب .
الدكتور راتب :
 نعم ، وفي دنياه تأتيه الدنيا وهي راغمة .
المذيع :
 لو أن التاجر عندما أذن الظهر دكتور ، أوقف تجارته و بيعه ، وأدى فرض الله ، وصلى بخشوع وطمأنينة ، ثم عاد لعمله .
الدكتور راتب :
 صدق ولا أبالغ ، كل الزبائن ينتظرونه ، الله أودع بقلبهم محبة التاجر .
المذيع :
 سبحان الله ! حتى لو لم يكن من أول يوم أو ثاني يوم ؟

للتكليف ثمن :

الدكتور راتب :
 أبداً .
المذيع :
 فالله قد يختبر صبرك ، لا يشترط مباشرة دكتور ، حتى لا يشك الإنسان .
الدكتور راتب :
 التكليف له ثمن ، أنت اقتطعت من وقتك الثمين وقتاً لطاعة الله .
المذيع :
 ونعم بالله رب العالمين ، إذاً حتى في الدعاء دكتور ، حضور القلب هو مطلبٌ شرعي ، دكتور هل يمكن أن يحضر القلب ، لو لم تكن الجوارح حاضرة ؟ أضرب لحضرتك مثالاً : لو كنت أقود المركبة وكان هناك ازدحام ، لو كنت أدعو ، أو كنت أُسبح واستغفر، أي لست متفرغاً في جلستي .
الدكتور راتب :
 هذه مغطاة بالقرآن .
المذيع :
 لكن قلبي مع الله .
الدكتور راتب :
 مغطاة بالقرآن .

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾

[ سورة المعارج : 23]

 أنت تقود مركبتك وتسمع القرآن ، تأثرت فدمعت عيناك .
المذيع :
 أي أن القلب حاضر حتى لو أنت تسوق مركبة .
الدكتور راتب :
 حاضر ، لكن هذه ليست صلاة ، اتصال بالله ، هناك فرق ، اتصال غير الصلاة .
المذيع :
 الصلاة لها أركانها .

 

عادات المؤمن عبادات :

الدكتور راتب :
 الصلاة حركات ، و سكنات ، و قراءات ، و ركوع ، و سجود .
المذيع :
 أما سماع القرآن ، و الدعاء ، و الذكر .
الدكتور راتب :
 اتصال بالله ، و الذين هم على اتصالهم دائمون .
المذيع :
 سبحان الله ، إذاً يمكن للقلب أن يتصل بالله حتى لو كانت الجوارح مشغولة بشيءٍ آخر .
الدكتور راتب :
 الدعاء اتصال بالله ، الدعاء ليس له طقوس ، يا رب وفقني ، تذهب لمكان فتقول : يا رب وفقني ، أنطق لساني بالحق ، أعطني قوة شخصية ، أعطني جرأة ، أعطني كذا وكذا .
المذيع :
 بنفس القاعدة دكتور ، ممكن أن يكون الإنسان في عمله ، أو أم تحضر مثلاً طعام البيت قبل الإفطار ، وهي تستمع إلى درس دين ، أو دعاء ، فالقلب حاضرٌ والجوارح تعمل .
الدكتور راتب :
 هذا الجواب الدقيق أقوله لك : عادات المؤمن عبادات ، عاداته ، كسب ماله ، ذهابه إلى متجر ، استقبل الزبائن ، أعطاهم ، قبض نقوداً ، عادات المؤمن عبادات ، أحضر طعاماً لبيته ، فواكه لأولاده ، اشترى لعبة لابنته ، كل عاداته عند الله عبادات .
المذيع :
 بسبب النوايا .
الدكتور راتب :
 بالنية .
المذيع :
 بالنية الطيبة .
الدكتور راتب :
 الثاني المنافق ، عباداته سيئات ، انظر ما أدق هذه الكلمة .
المذيع :
 لماذا دكتور ؟

نية المنافق أن يكسب قلوب من حوله :

الدكتور راتب :
لأنه أراد أن يصلي من أجل أن يقبض نقوداً ، صلى بالجامع ، فشاهده الزبائن ، فأحبوه .
المذيع :
 هذا للمنافق ؟
الدكتور راتب :
 نيته ، طبعاً .
المذيع :
 الذي لا يكسب الله عز وجل .
الدكتور راتب :
 نيته أن يكسب قلوب من حوله .
المذيع :
 يا الله ، نسأل الله أن يصلحنا وإياكم .
الدكتور راتب :
 عادات المؤمن عبادات ، شراء الطعام لأولاده ، أحياناً يسهر مع أولاده ، النبي كان يحمل الحسن يصعد المنبر ويخطب ، ركب عليه ابنه وهو ساجد ، فأطال السجود حتى يظل ابنه مرتاحاً ، عادات المؤمن عبادات ، يأتي المنافق ، قد يكون لا يصلي ، لكن جاءه شخص متدين فصلى معه .

أسئلة المستمعين :

المذيع :
 الله يفتح عليك يا دكتور . إلى مشاركات مستمعينا الكرام مباشرةً في موضوعنا لهذا اليوم عن حضور القلب ، عبر الاتصال على هواتف حياة FM . إخلاص أهلاً وسهلاً بك يا أختي .
المستمعة :
 السلام عليكم ، يعطيكم العافية ، عندي سؤالين للدكتور ، السؤال الأول ، الإنسان عندما يقوم بأعمال ، لكن هذه الأعمال مناسبة لتربيته مثلاً ، مثلاً حبه لوالديه ، أو حجاب الفتاة مثلاً ، من تربيتها و حيائها ، لكن ينسى للأسف أن ينوي هذا الشيء لله ، يخاف ألا يؤجر عليه، هذا السؤال الأول .
المذيع :
 سؤال مهم جداً ، سؤالنا الثاني .
المستمعة :
 السؤال الثاني ، الدعاء مثلاً ، نصوص كثيرة تحث على الدعاء في القرآن والسُّنة لكن يوجد نص :

(( من شغله ذكري عن مسألتي ))

 كيف نوفق بين النصين ؟
المذيع :
 شكراً جزيلاً لكِ ، بارك الله فيكِ إخلاص لسؤالك ، لننتقل إلى منذر بسؤال و اتصال جديد ، تفضل منذر .
المستمع :
 السلام عليكم ورحمة الله ، فضيلة الدكتور الله ينفعنا فيك إن شاء الله ، ويفتح عليك ، وينور بصيرتك ، والله العظيم سبحان الله هذا القلب ، أنا عاجز عن الكلام و الله ، حينما الإنسان تاب إلى الله عز وجل ، و أناب إلى الله عز وجل ، أصبح يبكي من خشية الله ، أصبح يستشعر في الصلاة ، حتى سبحان الله ، قبيل فترة حضرت خاتمة إنسان أي في مغسلة أموات ، وكان خاتمة حسنة ، فالإنسان أصبح يستشعر وسبحان الله دكتور ، أن لذة الطاعة تأتي عند التوبة إلى الله عز وجل ، تكون توبة صادقة إلى الله ، وفي الحياة سبحان الله أن نقول : أننا عندما نصلح أعمالنا مع الله عز وجل ، تصلح أحوالنا .
المذيع :
 ونعم بالله ، الله يفتح عليك يا منذر .
المستمع :
 نريد دعاءً من الدكتور لنا ، بارك الله فيك .
المذيع :
 لك ولكل المستمعين .
الدكتور راتب :
 الله يحفظ لك إيمانك ومن حولك .
المذيع :
شكراً لك منذر ، لنستمع إلى أم زكريا تفضلي .
المستمع :
 السلام عليكم ، أنا أم أطفال ، فأطفالي عندما أكون مثلاً أصلي ، يكونون حولي فيتشتت انتباهي وأنا أصلي ، مثلاً سورة الفاتحة ، لا أتذكر أنا ماذا قرأت فيها ، هل أستطيع أن أعيدها مثلاً ، من أجل أن أخشع أكثر ، هذا أول سؤال .
 ثاني سؤال : مثلاً أقرأ أذكار الصباح ، أو أذكار المساء ، أذكرهم بلساني لكن أنا بصراحة لا أكون مركزة بما أقوله ، هل هذا يعني أن ربنا يتقبله ، أم هل من الممكن لأني لا أكون مركزة مئة بالمئة ، هل يمكن أن يعاقبني ربنا ؟
المذيع :
 شكراً لك أم زكريا سؤال مهم ، ويمس كثيراً منا ، شكراً جزيلاً لك ، نستأذن فضيلتكم شيخنا الكريم إلى فاصل ، ونعود للإجابة على هذه الأسئلة المهمة ، وللمزيد من المشاركات مستمعينا الأكارم ، بعد وقفة مع الإعلانات ، نعود بحوله تعالى فابقوا بالقرب .
 الله يفتح عليكم دكتور ويجزيكم الخير ، سنعود دكتور للإجابة عن أسئلة مستمعينا الأكارم ، التي كانت قبل الفاصل ، و نستأذن فضيلتكم بشيء من العجال ، حتى نتمكن من أخذ المزيد من المشاركات .
 إخلاص شيخنا الكريم ، سألت عن الأعمال بالفطرة دون نية ، تربت في بيت فيه احتشام ، فكبرت وهي محجبة ، كيف يمكن لها أن تؤجر على نيتها ، و تربط الأمر بالنية ؟

 

النية من عمل القلب :

الدكتور راتب :
 مثلاً نحن في رمضان ، ضبطنا المنبه على الساعة الثالثة والنصف ، قبل الفجر بساعة ، وقمنا حضرنا السحور ، هناك أناس تقول : نويت صيام غدٍ ، أنت لماذا استيقظت؟ استيقاظك بوقت غير معتاد وضبط الساعة من أجل أن تتسحر ، النية مكانها القلب ، يعني بعض الفقهاء أضافوا لها لفظ ، ليس ضرورياً جداً ، أنا قمت لأصلي قيام الليل .
المذيع :
نفس الشيء دكتور في بر الوالدين ، وفي الاحتشام ؟
الدكتور راتب :
 أبداً ابداً ، كل عمل علينا أن ننوي ، والله غير واردة .
المذيع :
 يعني ضروري مصطلح لفظي ؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً ، مثلاً خطرت أختك على بالك وبأنك ما زرتها ، فذهبت لعندها ، لماذا ذهبت لعندها ؟ حتى تصلها .
المذيع :
 من غير الضروري أن أقول أن السبب هو الصلة .
الدكتور راتب :
 النية من عمل القلب ، والقلب لا يحتاج إلى كلام .
المذيع :
 نعم ، الله يفتح عليكم ، سؤالنا الثاني دكتور ، في القول ، أو الأصل ، أو الحديث :

(( من شغله ذكري عن مسألتي ))

 نعرف إذا كان لفضيلتكم تصنيف لهذه الزاوية ؟
الدكتور راتب :

(( أعطيته فوق ما أعطي السائلين ))

 مثلاً شخص همه رضى الله عز وجل ، ما فكر كثيراً بشراء بيت ، ما فكر بزوجة صالحة ، لكن هو في تألق شديد ، أي يريد أن يرضي الله ، يريد أن يصلي ، أن يصوم ، أن يفعل كذا وكذا ، هذا له زوجة صالحة ، طلب أم لم يطلب ، له بيت مرتب ، طلب أم لم يطلب، له عمل راقي ، طلب أم لم يطلب .

(( من شغله ذكري عن مسألتي ، أعطيته فوق ما أعطي السائلين ))

 من أحبنا أحببناه ، ومن طلب منا أعطيناه ، ومن اكتفى بنا عما لنا كنا له و ما لنا .
المذيع :
 يقصد بها دكتور من نسي نفسه و مصالحه لأنه انشغل بالطاعة .

 

حالات يسقط فيها وجوب الخشوع في الصلاة :

الدكتور راتب :
 الله لا ينساه ، هذا أعلى شيء .
المذيع :
 ليس المقصر في ...
الدكتور راتب :
 لا أبداً ليس تقصيراً ، من أحبنا أحببناه ، ومن طلب منا أعطيناه ، ومن اكتفى بنا عمّا لنا كنا له و ما لنا .
المذيع :
 الله يفتح عليكم دكتور . أم زكريا دكتور سألت أحياناً تكون مع أطفالها في البيت ، فتعرف الأطفال يلعبون ويصدرون صوتاً ، فقد يؤثر على خشوعها في الصلاة ، ماذا تنصحها دكتور ؟
الدكتور راتب :
 سقط الوجوب ، ليس بيدها ، هناك الكثير من هذه الحالات ، ليس بيدها .

﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾

[ سورة الشرح : 7 ـ 8]

 ابنها يلعب ، والمدفأة مشتعلة ، خافت ، طبعاً انقطع خشوعها ، لا مشكلة .
المذيع :
 ليس بيدها .
الدكتور راتب :
 لا لا ، انظر ما أدق الآية .

﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ﴾

[ سورة الشرح : 7 ـ 8]

 عندك مشكلة .

﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾

[ سورة الشرح : 7 ـ 8]

 للطاعة ، معنى ذلك أنت كنت مشغولاً .
المذيع :
 ممكن مثلاً أن تؤدي الفرض مع الأطفال ، ما رأي فضيلتكم ولو مثلاً نام الأطفال تصلي ما فتح الله عليها من الصلوات بهدوء .

 

خوف المحبة بحده المعقول ظاهرة صحية :

الدكتور راتب :
 إذا كان زوجها موجوداً تصلي بغرفة ثانية .
المذيع :
 دكتورنا الكريم ، لو كانت تردد أذكار الصباح ، أو تستمع لقرآن لكن دون تركيز ، هل يؤجر الإنسان لهذا ؟
الدكتور راتب :
 يؤجر ، يؤجر .
المذيع :
 لكن الأولى بالتركيز .
الدكتور راتب :
 يؤجر بالحد الأدنى ، الأجر درجات ، بالحد الأدنى .
المذيع :
 إلى المزيد من مشاركات مستمعينا الكرام ، أشرف تفضل .
المستمع :
 السلام عليكم ، ممكن سؤال للدكتور ، كيف الحال دكتور ؟
الدكتور راتب :
 أهلاً وسهلاً .
المستمع :
 بارك الله بك يا دكتور ، وحفظك لنا ، الله يكرمك ، السؤال دكتور : الحمد لله نحن نؤدي الفروض ، والنوافل ، والصيام ، والأذكار ، وكل شيء ، لكن حاجز الخوف يبقى موجوداً، حاجز الخوف ، أن ربنا تقبل أم لم يتقبل ، لا أعرف هل هذا الشعور طبيعي ، أم لا ؟
الدكتور راتب :
 الخوف بحده المعقول ظاهرة صحية ، بحده المعقول ظاهرة صحية ، لأن رأس الحكمة مخافة الله ، أنت أحياناً لا تخاف من عقابه ، تخاف أن تنقطع عنك الصلة معه ، بقدر سرورك بهذه الصلة ، عندك قلق من فقدان هذه الصلة ، هذا خوف محبة .
المذيع :
 هذا علامة إيمان ، لكن لو زاد الخوف عن حده دكتور ؟

المؤمن لا يقنط من قبول الله لعمله :

الدكتور راتب :
 حالة مرضية .
المذيع :
 الإنسان يأس من قبول الله لعمله .
الدكتور راتب :
 لا ، لأنه .

﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾

[ سورة يوسف :87]

القنوط مشكلة .
المستمع :
 بارك الله فيك .
المذيع :
 شكراً لك أخي أشرف ولاتصالك معنا . شيخنا الكريم ، في موضوعنا في قضية حضور القلب ، كيف يمكن للإنسان أن يوفر بيئة حوله ليستحضر قلبه معاني الصلة بالله ؟
الدكتور راتب :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[ سورة التوبة : 119]

 هذا جواب سؤالك .

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

 تحتاج سهرة مع مؤمنين ، نزهة مع مؤمنين ، شراكة مع مؤمنين ، لأن الشريك المتفلت لا يهمه ، يكذب ، يبيع ، يغش ، بعبارة أخرى : العلاقة الحميمة ينبغي أن تكون مع المؤمنين ، في علاقة العمل ، عندك مدير عام لا يهمك صلاته ، أنت داومت الساعة الثامنة أنجزت عملك بالتمام والكمال ، قد يكون ملحداً لا يهمك ، علاقات العمل ليس لها علاقة ، أما علاقة حميمة ، نزهة طويلة .
المذيع :
 مع المؤمنين .

 

المؤمن بحاجة لحاضنة إيمانية تعينه على الاستقامة :

الدكتور راتب :
 سهرة طويلة ، إذا الثاني لا يصلي .
المذيع :
 يجب أن يعينوك على الاستقامة .
الدكتور راتب :
 وقد يتكلم كلاماً سيئاً ، خشناً .
المذيع :
 شيخنا الكريم ، في دعاء النبي عليه الصلاة والسلام :

(( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ))

الدكتور راتب :

(( ومن عينٍ لا تدمع ، ومن أذن لا تسمع ))

المذيع :
 كيف يمكن لنا أن نحمي قلوبنا من صفة عدم خشوع ؟
الدكتور راتب :

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 119]

 تحتاج حاضنة إيمانية ، مجلس إيمان ، صحبة مؤمنين ، هناك آية أدق .

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾

[ سورة الكهف : 28]

 أغفلنا معناها وجدناه غافلاً ، ليس جعلناه غافلاً ، وزن أفعاله ، عاشرت القوم فما أبخلتهم ، ما أجبنتهم .
المذيع :
 أي ما وجدتهم بخلاء .

 

المعنى الحقيقي لقوله تعالى فويل للمصلين :

الدكتور راتب :

﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف : 28]

المذيع :
 سبحان الله ، شيخنا فيما تبقى من وقت ، في قوله تعالى :

﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ َ﴾

[ سورة الماعون : 4 ـ 5]

 فيكون الويل للمصلي دكتور ؟
الدكتور راتب :
 لا ما قال : في صلاتهم ، قال : عن .
المذيع :
 ما معنى هذا دكتور ؟
الدكتور راتب :
 ما صلى ، أما وهو يصلي جاءه خواطر ليس الأمر بيده ، هناك فرق بين (عن) وبين (في) ، أي ما صلى العصر .
المذيع :
 الله يفتح عليك يا دكتور ، ويجزيك الخير .
الدكتور راتب :
 في سهرة ما صلى العشاء ، رجع متعباً فذهب للنوم فوراً .
المذيع :
 نعم ، الله يفتح عليكم ، ويجزيكم الخير ، نختم حلقتنا بالدعاء ، ونسأل الله تعالى القبول .

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان .

خاتمة وتوديع :

المذيع :
 الحمد لله رب العالمين ، بارك الله بكم فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حضور القلب كان عنواننا لهذه الحلقة ، ونسأل الله أن يجعلنا من أصحاب القلوب الحاضرة بالخشوع والتأدب مع الله .
 سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
 والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور