وضع داكن
26-04-2024
Logo
دروس جامع التقوى - الجزء الثاني : الدرس 013 - اتباع منهج الله تعالى فيه السلامة والنجاة.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الإنسان كلما أحبّ ذاته اتبع تعليمات الصانع :

 أيها الأخوة الكرام؛ القرآن الكريم ضرب الأمثال:

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الحشر: 21]

 والمثل منهج في التعبير، خطر في بالي أن هناك جهازاً لتحليل الدم، وقد سمعت به، يزيد ثمنه عن عدة ملايين، يعطى الجهاز نقطة دم فنحصل على اثني عشر تحليلاً فوراً على ورقة مطبوعة، إذا عندك مئة طلب باليوم، وكل طلب مئة دينار، كم دخل هذا الجهاز؟ دخل فلكي، قد تغتني لسنوات معدودة، تشتري بيتاً، وسيارة، وبيتاً بالمصيف، وبيتاً على البحر، وسيارة احتياط، وللزوجة سيارة، ولابنك سيارة، فهذا الجهاز مشكلته شُحن إليك، والشركة لسبب أو لآخر لم ترسل معه وسائل الاستعمال، تعليمات التشغيل والصيانة، هذا مصطلح مكانيكي، تعليمات التشغيل والصيانة، ماذا تفعل؟ هل تستخدمه من دون تعليمات الصانع؟ لا تستطيع، إن استخدمته أتلفته، هل تمتنع عن استخدامه خوفاً من إتلافه؟ جمدت ثمنه، أليست تعليمات الصانع أهم من الجهاز؟ الدليل، قال تعالى:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

[ سورة العلق: 1 ـ 5]

 أي هذا الجهاز قبل أن تستخدمه ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع، لأنه أعقد جهاز، هذا الجهاز ثمنه كبير، وعطبه كبير، ونفعه كبير.
 لذلك الإنسان كلما أحب ذاته، كلما عشق ذاته يتبع تعليمات الصانع.
 مثل بسيط: تمشي في الطريق، رأيت لوحة كتب عليها: حقل ألغام ممنوع التجاوز، بربكم جميعاً هل ترى أن هذه اللوحة حدٌ لحريتك أم ضمان لسلامتك؟ قطعاً هي ضمان لسلامتك، لذلك لا تحب أحداً أحب نفسك، لا تحرص على مصلحة الآخر، احرص على مصلحتك أنت، أنت أعقد آلة بالكون، ولهذه الآلة صانع عظيم، وهو الله، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، فيجب أن يكون حرصك على تلقي هذه التعليمات كحرصك على وجودك.
 كم كتاب يوجد في الأرض؟ لا أبالغ مئة مليون، كم عالم؟ ملايين، كم مكتبة؟ كم مكتب ثقافي؟ كم جامعة؟ كم؟ كم؟ كم؟ أنت تهمك تعليمات الصانع، وهو الله، هذا الكتاب المقرر، هذا الكتاب المنجي، هذا الكتاب المسعد، هذا الكتاب المتوازن، لذلك يوجد ضلالات بالأرض لا تنتهي، نحن بعصر ضلالات، عصر ترهات، عصر أكاذيب، ومعه حق، بطولتك، ذكاؤك، نجاحك، تقديرك، تفوقك، أن تبحث عن الحق، الحق هو الله، والحق منهج الله، والحق كتاب الله، والحق سنة رسول الله، الحق الشيء الثابت والهادف.
 للتقريب: الحق جامعة تؤسس لأمة كي تعلم قادتها، الأمة بحاجة إلى أطباء، إلى مهندسين، إلى محامين، إلى علماء ذرة، إلى علماء فيزياء، كيمياء، رياضيات، هذه الجامعة تعطي الشعب مهارات، ومعلومات، وخبرات، فأنت حرصاً على سلامتك- وجميعاً نحن كذلك- حرصاً على سعادتك، حرصاً على تفوقك، ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع، الصانع أين تجد تعليماته؟ في وحي السماء، كتب الأرض، يوجد بالأرض كتب بمئات الملايين، لكن الناس قسموا هذه الكتب إلى كتب علم، وكتب فلسفة، وكتب فن، العلم ما هو كائن، فيزياء، كيمياء، رياضيات، طب، هندسة، فيزيولوجيا، إلخ.. والفلسفة ما يجب أن يكون، والفن ما هو ممتع، كل العلوم بمئات الألوف، بمئات الملايين بكفة، ووحي السماء بكفة أخرى، هذه تعليمات الصانع تعليمات الخالق، تعليمات مئة بالمئة قطعية، في صحتها قطعية من عند الله، قال تعالى:

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

[ سورة فاطر: 14]

 والخبير هو الله.

العاقل من يعدّ لساعة الموت عدتها :

 من هذه التعليمات عندنا شيء اسمه: أثر قدسي، عندنا قرآن كلام الله، معنى ونصاً، عندنا حديث شريف كلام رسول الله، لكن النبي الكريم:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم: 3ـ4]

 فكلام الله متلو، وكلام النبي وحي غير متلو، بينهما نمط ثالث، الأثر القدسي، الحديث القدسي، المعنى من الله، والصياغة من رسول الله، القرآن المعنى والصياغة من الله، والحديث الشريف المعنى من الله.

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾

[ سورة النجم: 3]

 أما الصياغة فمن رسول الله، أما الأثر القدسي فالمعنى والصياغة من الله، من هذه الأحاديث:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ))

 كلمة نبأ عظيم.

﴿ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة النبأ:1 ـ 2]

 بالبيت يحتاجون إلى نوع معين من الفاكهة، يتصلون بك على الهاتف لتحضره معك، لكن الفاكهة شيء عادي جداً، عندهم نقص ببعض المواد الغذائية، عندهم إصلاح آلة، يوجد مليون خبر عادي، لكن خبر احتراق البيت كله، هذا نبأ عظيم، البيت كله احترق لم يبق منه شيء إطلاقاً، يوجد حالات كثيرة، لم يبق منه شيء إطلاقاً، أو أنه سُرح من عمله، لا يوجد سيارة، ولا منصب، ولا طاولة، ولا مكانة، في نبأ عظيم، أنا اجتهادي المتواضع أكبر نبأ عظيم هو الموت، يستطيع واحد من الحاضرين وأنا معكم أن يقول: أنا لن أموت؟ تصور بيتاً فيه زوجة صالحة تحبك، بنات صبايا مؤدبات جداً، شباب، غرفة ضيوف فخمة، غرفة طعام، غرفة جلوس، إطلالة على مكان جميل، حديقة، سيارتان أو ثلاث، من هذا الوضع إلى القبر.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 في بعض سفراتي إنسان كريم كريم له مكانة كبيرة عندي، دعانا إلى طعام في بيته، البيت في الطابق الرابع، فوجئنا أن المصعد معطل، لا يوجد مشكلة، صعدنا الدرج، فلما انتهى الطعام بعد ثلاث ساعات، انتهينا وودعناه وغادرنا المنزل، المصعد صار يعمل، أصبح جاهزاً، ركبنا فيه، توقف بالطابق الثالث، كان يوجد معي ثلاثة من أقرب الأخوة لي بالمصعد، وفي الخارج عشرة من أغلى الأخوة عندي، والوقت نهار، فأنا قاعد بغرفة، الأرض سيراميك، والجدران استنالس من أعلى نوع، والمروحة تعمل، ومعي ثلاثة محبين، وفي الخارج عشرة محبين، والأمل بالخروج أكيد، بقينا ساعة بأكملها، قفز ذهني إلى القبر، لا يوجد معك أحد، لا يوجد سيراميك، ولا استنالس، ولا مروحة، و لن تخرج أبداً، هذا الكلام هل هو صحيح؟
 أقسم لكم بالله لا أرى إنسان أذكى، ولا أعقل، ولا أنجح، ولا أقدر على مصلحته ممن يدخل الساعة هذه في حسابه اليومي، الصفقة هذه لا ترضي الله، لن أقبلها، فيها ثمانية ملايين ربح، لن آخذهم، تحت قدمك، لأن فيها مادة محرمة، هذه السهرة ترضي الله؟ لا ترضيه، مختلطة، نساء كاسيات، عاريات، بأبهى زينة، يقول لك: مجتمع حضاري، المسلمون عندهم عقد، الطرف الآخر حتى يبرروا أعمالهم الإباحية نحن عندنا عقد، سهرة مختلطة، صفقة فيها مادة ممنوعة، سفرة إلى بلد فيه تفلت، المؤمن عنده كلمة No ، لا، إذا لم تقل: لا، فلست مؤمناً، أنت سبهللة، تقبل كل شيء، أي سفر، أي عزيمة، أي شهرة، أي وظيفة، تحتاج إلى نقود تقول: هكذا الناس اليوم، يكون هناك خطر بالوظيفة، إيذاء للناس، مواد مسرطنة.

أكبر خطأ يقع به المسلم اعتقاده أن الدين صلاة وصوم وحج وزكاة فقط :

 أخواننا الكرام؛ أكبر غلط يقع به المسلم التصور الخاطئ أن الدين صلاة، صوم، حج، زكاة لا، اسمعوا الكلام الدقيق:

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا؟ قال: إنهم يصلون كما تصلون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

 لا قيمة لصلاتهم.

(( من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا، لم يعبأ الله بشيء من عمله))

[ مسند الشهاب عن أنس بن مالك]

 أخواننا الكرام؛ الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، اشتريت سيارة جديدة، وغالية جداً، ونفعها كبير، ورائعة جداً، أنت تقودها تألق ضوء أحمر بلوحة البيانات، إذا فهمته ضوءاً تزيينياً احترق المحرك، وقد يكلفك مئة ألف، إن فهمته ضوءاً تحذيرياً وقفت، صببت كيلو زيت، سلم المحرك.
 الجهة الوحيدة بحياتك التي تعلم ما ينفعك وما يضرك الله عز وجل، فاتباع تعليمات الصانع حب للذات، إن أحببت نفسك اتبع تعليمات الصانع، إن أحببت نفسك اقرأ القرآن، هناك شيء محرم، وشيء غير محرم، إن أردت تعليمات الصانع اقرأ السنة النبوية، أي إذا لم يكن عندك وقت لتقرأ القرآن والسنة حياتك لا طعم لها.

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف: 103ـ 104]

الفرق بين الكسب و الرزق :

 ماذا تملك أنت مثلاً؟ جوبز معه سبعمئة مليار، بيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً، أحدهما على فراش الموت ماذا قال؟ قال: هذا المبلغ لا يعني عندي شيئاً، اسمع الكلام الدقيق:

(( وهَلْ لَك يا بْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))

[مسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 والباقي ماذا يسمى؟ هذا رزق.

(( وهَلْ لَك يا ابْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))

[مسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه]

 أما الكسب؛ ثلاثة وتسعون ملياراً لبيل غيتس، وسبعمئة مليار لجوبز، تحاسب عليها درهماً درهماً ولم تنتفع بها.

ألصق شيء بحياتك شيئان؛ زوجتك وحرفتك :

 أعرف شخصاً متفلتاً، ترك سبعين مليوناً، شاهد صديقه ابنه فسأله: إلى أين أنت ذاهب يا بني؟ قال له: أريد أن أشرب الخمر على روح والدي.
 إذا تركت للأولاد مالاً كبيراً و لم تربهم يا لطيف! يرتكبون الكبائر، والمعاصي، والفحشاء، فتربية أولادك ليست قضية سهلة، يحتاجون إلى وقت منك، إلى حوار، إلى تعليم، هذه حرام يا بابا، هذه الثياب لا تجوز، هذه تصف حجم عظامك، النبي يقول – لم يأت بكلمة مثيرة-: هذه الثياب تصف حجم عظامك، فإذا أنت لست مهتماً بأولادك، ببناتك، بدخلك، ببيتك، بعملك، مادة مسرطنة، لا تدقق، يضعون بالمعلبات بنزوات الصوديوم، مادة حافظة، مسموح بثلاثة بالألف، إذا كان الموضوع ثلاثة بالمئة فنسب السرطان عشرة أضعاف الآن، حتى يضمن أن هذه العلبة الغذائية لا تفسد بوقت مبكر يرفع نسب المواد الحافظة، وهذه مادة مسرطنة.
 أنا كنت بفرنسا الأسعار مباحة، يضع أي سعر، يدخل إنسان لا تعرفه أنت، مواطن عادي، يشتري خمس علب، هذه وهذه، تقع تحت التحليلات الحكومية، إذا كان مضمون العلبة مطابقاً تماماً للمكتوب عليها لا يوجد مشكلة و إن كان سعرها مرتفعاً، هناك تنافس، بالتنافس يكون السعر طبيعياً وإذا كان هناك خطأ يغلق المعمل كله، يوجد نظام.
 فيا أخ؛ أحبب نفسك إن لم تحب أحداً، بتعبير غير مقبول كن أنانياً، هذه السهرة لا ترضي الله، هذه الصفقة لا ترضي الله، هذه الحرفة كلها لا ترضي الله، يقول لك: حلاق نسائي، تأتي المرأة بأبهى زينة، كيف ترضى هذه المصلحة؟ ليست كل المصالح مقبولة.
 أقول لكم كلمة دقيقة؟ ألصق شيء بحياتك شيئان، زوجتك، وحرفتك، البيت تغيره، تبيعه، السيارة إن لم تعجبك تبيعها، أما الزوجة فالطلاق ليس سهلاً، يوجد أولاد، ذرية، زوجتك وحرفتك، شخص له حرفة لا ترضي الله داوم عندي، قال لي: تبت خمسين مرة ثم رجعت لا يوجد عندي غير هذه الحرفة، مشكلة كبيرة جداً، فأنت انتبه لحرفتك وزوجتك، وانتبه لأولادك، الحرفة والزوجة ألصق شيء بحياة الإنسان.

الحياة ضبط و استقامة :

 أخواننا الكرام؛

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ رواه البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

 أخواننا الكرام؛ معلومة دقيقة جداً: خمسة وستون بالمئة من دخل الغرب من المعاصي والآثام، دور البغي، والانحراف، والمسارح، والأفلام الإباحية، خمسة وستون بالمئة من دخلهم مبني على إفساد البشر، هذه الشاشة إذا لم تضبطها لا يمكن لابنك أن يتربى، ابنك بينه وبين الزواج حوالي عشرين سنة قادمة، بكبسة زر يرى كل شيء، انتهى، وقع بالانحرافات، إذا الشاشة ما ضبطت بالبيت لا تتأمل من ابنك الخير أبداً، أنت رب منزل، كل شيء مفتوح، ليس معقولاً، ممكن أن تنضبط على إخباريات، على بث قناتين معقولين، ليس أكثر من هذا.
 فيا أخوان؛ الحياة كلها ضبط، الحياة كلها استقامة، ما لم تستقم على أمر الله لن تقطف من ثمار الدين شيئاً، نحن مليارا مسلم، النبي يقول:

(( لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ))

[التَّرمِذِي وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما]

 مليارا.

إن لم نعبد الله فالله في حلّ من وعوده الثلاث :

 عدة عواصم محتلة، الأمر ليس بيدنا، بيد طرف آخر، الحالة هذه، أين وعود الله بالنصر؟ كلها معطلة، اسمع الآية:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة النور: 55]

 نحن لسنا مستخلفين، هذه حقيقة مرة، لا تقبل إلا الحقيقة المرة.

﴿ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾

[ سورة النور: 55]

 لسنا مستخلفين، ولسنا ممكنين، ولسنا آمنين، صحيح؟ أين الجواب؟ كلمة واحدة:

﴿ يَعْبُدُونَنِي ﴾

[ سورة النور: 55]

 فإن لم نعبده فالله جلّ جلاله في حلّ من وعوده الثلاث، كما ترون بأسنا بيننا، في بلاد مليون قتيل، والعالم كله يتفرج، ولا كلمة، ولا حركة، فلذلك هان أمر الله علينا، فهنا على الله، احفظوا هذه الكلمة: هان أمر الله علينا فهنا على الله.

عظمة الدين أن دين فردي و جماعي :

 والإسلام عظمته دين فردي ودين جماعي، فردي أي إذا أنت وحدك أيها الشاب طبقته من ملياري مسلم تقطف أنت وحدك ثماره كلها، الفردية طبعاً، توفيق بالعمل، بالزواج، سعيد، لك مكانة اجتماعية، عندك طموحات، الله يحفظك، الله يدافع عنك، حياة أخرى، لا تظن أن المؤمن يصلي فقط، يتلقى من الله مليون ميزة، هذا عبدي، أما إن ترك الدين تحت مليون ضغط، ومليون شيء لا يحتمل، كما ترى الناس، الناس في شقاء، هو يهمه بيته فقط، ومركبته، وسيارته، أما إن كان هناك اختلاط، و بغيابه زوجته استقبلت أصدقاءه، وقد لبست لباساً متفلتاً، لا يوجد مشكلة عنده، لا تعقدها، هذه كلمات العوام.

الدين منهج تفصيلي :

 أخواننا الكرام؛ هذا منهج يبدأ من فراش الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، منهج وليس فقط صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، قريب من خمسة آلاف بند، كسب مالك، إنفاق مالك، إدارة بيتك، إدارة بناتك، زوجتك، أخوانك، علاقتك بوالديك، يوجد أكثر من خمسة آلاف بند، هذا الدين منهج تفصيلي، هان أمر الله علينا فهنا على الله، لذلك:

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل علي منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم نادتيه من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

 القضية خطيرة، القضية مصيرية، معنى مصيرية إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفذ عذابها، ليس قضية عادية، فأنت انتبه لمصيرك، انتبه لسعادتك، انتبه إلى رضا الله عنك، انتبه لمنهج الله مطبق في بيتك، أم كله لا تدقق، هذه كلمة حديثة لا تدقق.
 فأنا أرجو الله عز وجل أن ننتفع جميعاً بهذا القرآن العظيم، بهذا المنهج القويم، بهذه السنة المطهرة، بهذا الإسلام العظيم، هذا منهج الخالق، منهج السعادة، والسلامة، والاستقرار، والأمن، والتفوق، والتألق، هذا كله من نواتج دينك العظيم.
 أرجو الله عز وجل أن يحفظ لكم إيمانكم جميعاً، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، واستقرار بلادكم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور