- محاضرات خارجية / ٠01دروس صباحية - جامع التقوى
- /
- دروس صباحية جامع التقوى - الجزء الثاني
عظمة النبي صلى الله عليه وسلم :
عيد المولد؛ أنا أردت أن أجعل المحاضرة المتعلقة بعيد المولد خطاباً لرسول الله، فقلت في هذا المحاضرة: يا سيدي يا رسول الله، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ.
كتعليق: على رأس الهرم البشري يوجد زمرتان، الأقوياء والأنبياء، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، والأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأنبياء ملكوا القلوب، والأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، الأنبياء يمدحون في غيبتهم، والأقوياء في حضرتهم، والناس جميعاً تبع لقوي أو نبي.
أين بطولتك؟ أن تكون من أتباع الأنبياء لا من أتباع الأقوياء.
يا سيدي يا رسول الله، يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله، ورعيت قضية الإنسان، يا من زكيت سيادة العقل، ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحداً بين الجميع، يا من أعطيت القدوة، وضربت المثل، وعبدت الطريق، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، ومشكلات الناس عبادتك، هو المخلوق الأول عند الله.
يا سيدي يا رسول الله، يا من كان لسان حالك يقول: المعرفة رأس مالي، والعقل رأس ديني، والحب أساسي، والشوق مركبي، وذكر الله أنيسي، والثقة كنزي، والحزن رفيقي، والعلم سلاحي، والصبر ردائي، والرضا غنيمتي، والزهد حرفتي، واليقين قوتي، والصدق شفيعي، والطاعة حسبي، والجهاد خُلقي، والجهاد خلقي، وجعلت قرة عيني في الصلاة.
يا سيدي يا رسول الله، أشهد أن الذين بهرتهم عظمتك لمعذورون، وأن الذين افتدوك بأرواحهم لهم الرابحون، أي إيمان؟ وأي عزم؟ وأي مضاق؟ وأي صدق؟ وأي طهر؟ وأي نقاء؟ وأي تواضع؟ وأي حب؟ وأي وفاء؟
يوم كنت طفلاً عزفت عن لهو الأطفال، وعن ملاعبهم، وأسمارهم، وكنت تقول لأترابك إذا دعوك إلى اللهو: أنا لم أُخلق لهذا.
ويوم جاءتك رسالة الهدى، وحملت أمانة التبليغ، قلت لزوجتك خديخة، وقد دعتك إلى أخذ قسط من الراحة، قلت لها: انقضى عهد النوم يا خديجة.
ويوم فتحت مكة التي آذتك، وأخرجتك، وكادت لك، وائتمرت على قتلك، وقد ملأت راياتك رايات النصر الأفق ظافرة عزيزة، وقد قلت لخصومك بعد انتصارك عليهم، وكان بإمكانك أن تلغي وجودهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ويوم دانت الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتصرت على الجزيرة كلها، صعدت المنبر، واستقبلت الناس باكياً وقلت لهم: من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليشتمه.
ولا تخشى الشحناء؛ المجادلة، فإنها ليست من شأني ولا من طبيعتي، من يقولها؟ شخص بعد انتصاره الرائع، الجزيرة كلها ملكه، وبإمكانه أن يلغي وجود هؤلاء المعارضين.
ويوم دخلت على ثوبان، غلام فقير، رأيته يبكي، فسألته: ما يبكيك يا ثوبان؟ يا رسول الله إنك إن غبت عني أشتاق إليك، فتبكي عيناي، فإن تذكرت الآخرة وأنني لن أكون معك في الجنة حيث أنت في أعلى عليين يزداد بكائي، عندئذٍ لغلام صغير، هبط جبريل الأمين- سيدنا جبريل- على قلب سيد المرسلين بقرآن كريم، يقول الله عز وجل:
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ﴾
وحي ينزل لطفل!
ويوم أقبل عليك رجل فظ، غليظ القلب، لم يكن قد رآك من قبل، غير أنه سمع أن محمداً يسب آلهة قريش، فحمل سيفه، وأقسم ليسوين حسابه مع محمد، ودخل عليك، وبدأ حديثه عاصفاً مزمجراً، وأنت تبتسم، وتنطلق مع بسماتك أطياف نور ساطع، وما هي إلا لحظات حتى انقلب الغيظ الغاضب حباً، يكاد من فرط الوجد والحياء أن يذوب، وانكفأ عليك، ودمعه ينهمر من عينيك، فلما أفاق وقال لك: يا محمد والله دخلت وما على وجه الأرض أبغض إليّ منك وإني لذاهب عنك وما على وجه الأرض أحبّ إلي منك.
لقد أشرقت على هذا الرجل أنوار الحق والنبوة، لأن محبة الخلق الكامنة في قلب سيدنا محمد الشريف فعلت في قلب هذا الرجل فعل السحر، إنها النبوة الحق، إنها الرسالة العظمى.
ويوم غضبت صلى الله عليك من غلام كلفته في عمل فتأخر في تلبيته، فقلت له: والله لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك، معه كان سواك- اللهم صلّ عليه- لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك
ويوم كنت مع أصحابك في سفر وأرادوا معالجة شاة ليأكلوها، فقال أحدهم: عليّ ذبحها، وقال الثاني: وعليّ سلخها، وقال الثالث: وعليّ طبخها، فقلت يا رسول الله: وعليّ جمع الحطب، فقال أصحابك: نكفيك ذلك يا رسول الله، قال: أعلم أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه.
حاجة البشرية إلى هدي النبي الرباني :
يا سيدي يا رسول الله، نحن بأمس الحاجة إلى هديك الرباني، الذي لا تزيده الأيام إلا رسوخاً، وشموخاً، ونحن بأمس الحاجة إلى سنتك المطهرة التي هي المنهج القويم، والصراط المستقيم التي لا تزيدها الأيام إلا ثباتاً وانتشاراً، ونحن في أمس الحاجة إلى أخلاقك العظمى التي لا يزيدها التأمل والتحليل إلا تألقاً ونضارة وظهوراً، ونحن في أمس الحاجة إلى كل ذلك، لقد كنت بحق بين الرجال بطلاً، وبين الأبطال مثلاً، قلت لابنتك فاطمة الزهراء، ابنتك، فلذة كبدك: يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فأنا لا أغني عنك من الله شيئاً، لا يأتيني الناس بأعمالهم، وتأتوني بأنسابكم، من يبطئ به عمله، لم يسرع به نسبه.
ما هذه الموضوعية! ما من كلمة تقال في شمائلك أبلغ من كلمة سيدنا جعفر بن أبي طالب، ابن عمك، قال للنجاشي:
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف ))
كما تسمعون، والله القوي يستطيع أن يوقف قتل مليون، بحدود بلدنا مليون، والله بهاتف، لا تحتاج إلى طيران، هاتف، توقف، يتوقف، بهاتف يحقن دماء مليون، ولا يفعل.
أنا سمعت خطاباً لرئيس أمريكي قبل انتهاء ولايته بأربعة أيام، بأذني سمعتها، قال: لقد تمّ قتل ثمانمئة ألف في راوندا، الرقم دقيق جداً، أكبر مجزرة، لقد تمّ قتل ثمانمئة ألف في راوندا، وكان بإمكاني أن أحقن دماء أربعمئة ألف، لكني لم أفعل، النص عندي، والصوت عندي، لقد تمّ قتل ثمانمئة ألف في راوندا، وكان بإمكاني أن أحقن دماء أربعمئة ألف، لكني لم أفعل، وهذه الحروب الذين تسمعونها تنتهي باتصلال هاتفي، صار مقتول مليون شخص عندنا، بهاتف.
لذلك جهنم حق، فقال سيدنا جعفر:
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))
فخاطبه ربه فقال:
﴿ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ﴾
صفات من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم :
يا سيدي يا رسول الله لقد دعوت إلى الله، وتلوت على قومك آيات الله، وعلمتهم الكتاب والحكمة، زكيت الذي آمنوا بك، وساروا على نهجك، حتى صاروا أبطالاً ـ دققوا ـ هذه كلها صفات قرآنية، رهباناً في الليل، فرساناً في النهار، يقومون الليل إلا قليلاً.
﴿ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾
﴿ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾
﴿ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾
﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً﴾
هم تائبون، عابدون، حامدون، سائحون، راكعون، ساجدون، آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، حافظون لحدود الله، يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون في الله لومة لائم، هم:
﴿ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾
﴿ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾
﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾
﴿ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾
كانوا:
﴿ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾
﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾
أحبوا الله وأحبهم، ورضوا عنه ورضي عنهم.
قيمة الوقت في حياة الإنسان :
لقد عرفت يا رسول الله قيمة الوقت في حياة الإنسان، فجعلته ظرفاً لبطولات تعجز عن صنعها الأمم والشعوب، حتى أقسم الله بعمرك الثمين، فقال تعالى:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
﴿ لَعَمْرُكَ ﴾
هذه لام القسم.
﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
رحمته صلى الله عليه و سلم بأمته :
يا سيدي يا رسول الله، ما أحوج المسلمون اليوم إلى أن يصطلحوا مع ربهم، ويخلصوا له دينهم، ويهتدوا بهديه القويم، وصراطه المستقيم، ويتبعوا سنته المطهرة، ثم يدعون بدعائه، لعل الله يخرجهم من الظلمات التي هم فيها إلى النور، يكشف عنهم الغمة، وينصرهم على أعدائهم وما أكثرهم.
يا سيدي يا رسول الله، يا ذا القلب الذكي، يا من لا تفلت منك شاردة ولا واردة من آمال الناس وآلامهم إلا لبيتها، ورعيتها، وأعطيتها من ذات نفسك كل اهتمام وتأييد.
يا أيها العابد الأواب، يا من تقف في صلاتك تتلو سوراً طويلة من القرآن، في انتشاء وغبطة، لا تقايض عليها ملء الأرض ذهباً، ثم لا تلبث أن تسمع بكاء طفل صغير رضيع، كانت أمه تصلي خلفك في السمجد ينادي أمه ببكائه، فتضحي بغبطتك الكبرى، وحضورك الجياش، وتنهي صلاتك على عجل رحمة بالرضيع.
يا من سويت نفسك مع أصحابك، في بعض الغزوات الرسول العظيم، النبي الكريم، زعيم الأمة، قائد الجيش، أعطى أمراً، الرواحل ثلاثمئة، والصحابة ألف، قال: كل ثلاثة على راحلة، قال: وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة، زعيم عظيم، قائد جيش، يسوي نفسه مع أقل صحابي، ركب النبي وانتهت نوبته، فلما جاء دوره في المشي، دققوا؛ توسل صاحباه أن يبقى راكباً، فقال له: ما أنتما بأقوى مني على السير، ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر.
يا سيدي يا رسول الله، يا من كنت ترتجف حينما ترى دابة تحمل على ظهرها ما لا تطيق، رأيت ناقة، سألت عن صاحبها، قال لك أحدهم: أنا، قلت له: ألا تتقي الله في هذه الناقة التي شكت إلي أنكّ تجيعها وتتعبها؟
النبي رحمة للعالمين :
يا من أرسلك الله رحمة للعالمين، فقال:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾
يا من زكى الله عقلك فقال:
﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾
وزكى لسانك فقال:
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾
وزكى شرعك فقال:
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
وزكى جليسك فقال:
﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾
وزكى فؤادك فقال:
﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾
وزكى بصرك فقال:
﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾
وزكى أخلاقك فقال:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
وأقسم مرة ثانية بعمرك الثمين فقال:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
يا سيدي يا رسول الله نشهد أنك أديت الأمانة، وبلغت الرسالة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، ومحوت الظلمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.
النبي الكريم رحمة مهداة ونعمة مجزاة :
اللهم صلّ وسلم وبارك على سيد البشر، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، الذي رباهم تربية حملت أحدهم على أن يقول: والله لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وحمل الآخر على أن يقول: لو علمت أن غداً أجلي ما قدرت أن أزيد في عملي، إذا شخص ركب سيارته ومشى على المئتين، قالوا له: أسرع، قال: هذا آخر شي، والله هذه أقصى سرعة أمشي فيها.
لو علمت أن غداً أجلي ما قدرت أن أزيد في عملي.
ونحن نقول كما قال أبو سفيان بعد أن أسلم: يا سيدي يا رسول الله، ما أعقلك! وما أرحمك! وما أوصلك! وما أحكمك! جزاك الله يا سيدي يا رسول الله خير ما جزى نبياً عن أمته، لقد كنت رحمة مهداة، ونعمة مجزاة، يا سيدي يا رسول الله، لقد أديت الأمانة، وبلغت الرسالة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.
***
حكم الاحتفال بعيد المولد النبوي :
يوجد موضوع فقهي لدقائق فقط، عندنا مشكلة كبيرة في عالمنا اليوم، هناك قضية خلافية، حكم الاحتفال بعيد المولد، هناك من يقول: بدعة، ويشدد عليها تشديداً غير معقول
أنا أقول والله المستعان: إقامة الزينات، توزيع الحلويات، لا شيء فيه، موضوع خلافي، يسمى في عالم السياسة مثيراً للجدل، أن نجتمع في أي يوم من أيام العام- كلامي دقيق كلمة كلمة- في بيت، أو مسجد، أو صالة، أو ملعب، ونتحدث عن رسالة النبي، عن أخلاقه، عن شمائله، عن كمالاته، هذا لون من ألوان الدعوة إلى الله، ولا شيء فيه إطلاقاً، واضح؟ بجامع، بملعب، ببيت، بمكان، بسهرة، الحديث عن شمائله، عن أخلاقه، عن أدبه، عن كماله، رضي الله عنه لا شيء فيه إطلاقاً.
أما أن نسمي هذا النشاط عيداً فهذا بدعة، إن سميته دعوة لا شيء عليك إطلاقاً، بأي مكان، بجامع، ببيت، بمدرج، بجامعة، بسهرة، لا شيء عليك إطلاقاً، وشرح أخلاقه، وشمائله، وكمالاته، جزء من الدين، لأن الدين كلمتان: لا إله إلا الله محمد رسول الله، الحديث عنه شطر الدين، أما إذا سميت هذا النشاط دعوة فهذا لون من ألوان الدعوة إلى الله لا شيء فيه إطلاقاً، إن سميته عيداً فهذا بدعة، لأن وحي السماء لا يضاف عليه، ولا يحذف منه، واضحة تماماً؟ وحي السماء لا يضاف عليه، ولا يحذف منه، فقط موضوع تسمية فقط، إن سميته عبادة فهو بدعة، إن سميته دعوة إلى الله لا شيء فيه، لأن أصول الدين الأصل فيها الحظر، والأشياء الأصل فيها الإباحة.
التجديد هو أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه :
دعكم من الدين الآن، كان هناك دابة، إلى فرس، إلى قطار، إلى سيارة قديمة أنا أذكرها، سيارة تعمل من الأمام، أنا أعرفها عندنا بالشام قديمة جداً، هكذا كانت السيارة، من سيارة قديمة إلى حوامة الآن، إلى طائرة، إلى طائرة ركاب رأيتها بسيدني، راكب واحد، طائرة ركاب واحدة، القائد راكب، رأيتها بالمتحف بسيدني، رحلة إلى سيدني بطائرة من طابقين تتسع لثمانمئة راكب، كل الركاب درجة أولى، المقعد سرير كامل، يعطونك ملابس نوم وحذاء، تنام حوالي عشر ساعات، الأشياء تتطور، أما الوحي فثابت.
الآن إذا أضفنا على هذا الدين ما ليس منه، اتهمناه ضمناً بالنقص، وإذا حذفنا منه وما هو بالضرورة اتهمناه بالزيادة، هذا دين الله شيء مطلق، لا يضاف عليه، ولا يحذف منه، أين التجديد؟ قالوا: بالخطاب الديني، خطاب ديني عصري، يوجد معطيات حديثة، معالجة للمشكلات نعاني منها، هذا الخطاب الديني، الخطاب الديني يجدد.
لذلك عندنا بناء بالشام مشهور، تسمعون عنه، المحطة الحجازية، هذه عمّرها سلطان عبد الحميد، أنا أراها سوداء اللون من تقادم العصور، والغبار، ودخان السيارات لونها أصبح أسود، جاءت المحافظة ضربتها بالرمل رجعت بيضاء، هذا التجديد.
أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه، هذا التجديد فقط، إن كان هناك خزعبلات، ترهات، أباطيل لم تكن من قبل، أضيفت إلى الدين، البطولة الآن أن تنزع عن الدين كل ما علق به مما ليس منه.
أخواننا الكرام؛ موضوع الاحتفال بعيد المولد أن تجمع الناس في بيتك، في المسجد، في مكان عام، بصالة، أن تحدثهم عن هذا الدين، عن هذا النبي الكريم، عن هذا المنهج القويم، لا شيء فيه إطلاقاً، لكن إذا سميته عبادة فهو بدعة، لأن الأصل في العبادات الحظر، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة.