وضع داكن
25-04-2024
Logo
واضرب لهم مثلا - الحلقة : 20 - ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، نحن مع برنامج جديد عنوانه : "واضرب لهم مثلاً" ، يقول تعالى في كتابه الكريم :

 

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

 

[ سورة الحشر : 21]

 ويقول أيضاً :

 

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

 

[ سورة العنكبوت : 43]

 فضرب المثل منهج قرآني أصيل ، يتبعه القرآن الكريم لإيصال الحقائق إلى الناس .
 أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات ؛ بتحية الإسلام نحييكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
 نحن معاً في حلقة جديدة من برنامجنا : " واضرب لهم مثلاً " ، ضيفنا الدائم في هذه الحلقات المباركة فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، نرحب به بصحبتكم السلام عليكم ورحمة الله .
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبارك الله بكم .
الدكتور بلال :
 وبكم سيدي ، جزاكم الله خيراً ، سيدي الآية في سورة الأنفال تضرب مثلاً بقوم هؤلاء قال :

 

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

 

[ سورة الأنفال : 21]

 كيف سيدي قالوا : سمعنا وهم لا يسمعون ؟

 

طبيعة الإنسان إدراك فانفعال فحركة :

 

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
 كأن هذه الآية قانون قننه الله ، الإنسان طبيعته إدراك ، انفعال ، حركة ، رأى في البستان أفعى ، بحسب دراسته ، درس الأشياء بالابتدائي ، والعلوم بالثانوي ، وكان عنده متحف رأى بعض الثعابين المصبّرة ، بحسب معلوماته ومعارفه يدرك أن هذا ثعبان ، ولسعته قاتلة ، تميع الدم كلياً ، عندما أدرك اضطرب .
الدكتور بلال :
 هذا الانفعال .
الدكتور راتب :
 أدرك فانفعل ، فلما انفعل هرب أو قتله .
الدكتور بلال :
 غالباً يهرب سيدي .
الدكتور راتب :
 يهرب أفضل .
 فأي إنسان أصابه شيء ولم ينفعل معنى هذا أنه لم يعرف ما الذي أصابه ، قال له الطبيب : فشل كلوي ، ظنه وجع رأس ، توقفت الكلية ، معنى هذا انتهى ، إدراك ، إن لم يكن هناك انفعال لا يوجد إدراك ، وإن لم تكن هناك حركة لا يوجد انفعال ، قانون : إدراك ، انفعال ، حركة .
فأنت تستمع إلى آية قرآنية ، ولم تتأثر بها ، أو لم تنطلق إلى تطبيقها كأنك ما سمعتها إطلاقاً .
 أقرب من هذا ؛ قلنا لشخص : على كتفك عقرب شائلة ، بقي هادئاً ، مرتاحاً ، ابتسم، وقال لك : أنا شاكر لك على هذه الملاحظة ، وأسأل الله أن يمكنني أن أكافئك عليها .
الدكتور بلال :
 لم يسمع .
الدكتور راتب :
 ما فهم ما قلت له إطلاقاً ، أما لو فهم ما قلت له ينطلق ، ينتفض ، يخلع ثيابه فجأة .
 فهذه القاعدة مهمة جداً ، وهذه القاعدة قانون ؛ إدراك ، انفعال ، سلوك ، فإن لم تتحرك لم تنفعل ، وإن لم تنفعل لم تدرك ، أبداً .
 فأنا عندما أسمع خطبة جمعة ، أو درس علم ، وكنت أثناء الخطبة أشتغل بخواطر لا علاقة لها بالخطبة ، لا أتأثر ، أما لو علمت أن هناك موتاً ، من بيت إلى قبر ، تحاسب عن كل شيء .

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر :92 ـ93 ]

 تنفعل ، وبعد الانفعال يوجد توبة ، فلذلك تمتحن انفعالك بالحركة ، وتمتحن انفعالك بالفهم ، تفهم ، تنفعل ، تتحرك ، هذا قانون .
 فالإنسان ممكن أن يستمع للحق ، بدرس علم ، بخطبة جمعة ، بجلسة فيها عالم ، فإذا أنت لم تكن معه ، وكنت مع حظوظك وشهواتك وخواطرك كأنك لم تسمع شيئاً .
الدكتور بلال :

 

﴿ سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

 

[ سورة الأنفال : 21]

الدكتور راتب :

﴿ وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 21]

 إطلاقاً .
الدكتور بلال :
 سيدي ؛ الخوف من الله انفعال ؟ الخوف هو حالة انفعال ، إذا كان الإنسان أحمق لا يخاف من الله إذاً هو غير مدرك .

 

الخوف هو حالة انفعال و هو علامة إدراك :

الدكتور راتب :
 مرة قال لي طالب : أنا لا أخاف من الله ، يبدو أنه ملحد ، قلت له : أنت معك حق لا تخاف ، قال : لماذا ؟ استغرب ! قلت له : الخوف إدراك ، إذا لم يوجد الإدراك لا يوجد خوف طبعاً .
 كطفل يرى ثعباناً بالبستان يضع يده عليه ، لا يعلم ما هذا ، شيء طويل ، وألوانه جميلة ، يضع يديه عليه ، فإذا لم يوجد الإدراك لا يوجد خوف ، فالخوف علامة الإدراك ، علامة إيمانك تخاف منه ، علامة إدراكك أن هناك موتاً ، وقبراً ، من بيت إلى قبر ، من زوجة، أولاد ، أصهار ، كنائن ، سهرات ، لقاءات ، سفريات ، سياحة ، سفر ، وجاهة ، مكانة ، إلى قبر .

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))

[ ورد في الأثر ]

 أنا أتصور أن الناس في معظمهم يعيشون حاضرهم ، وماضيهم ، وقلّما تجد واحداً منهم يعيش مستقبله ، لماذا ؟ المستقبل فيه مغادرة الدنيا .
 مرة دخلت لبيت معزياً ، ما شاء الله ! ثريات لا توصف من جمالها ، سجاد إيراني ، أثاث مذهل ، أثناء التعزية أسأل نفسي : من اختار هذه الثريات ؟ المرحوم .
الدكتور بلال :
 تحت أطباق الثرى .
الدكتور راتب :
 من اشترى السجاد ؟ المرحوم ، من اختار هذا الديكور ؟ المرحوم ، أين المرحوم ؟ فالبطولة أن تعيش الآخرة .

 

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 

[ ورد في الأثر ]

 كنت مرة في المغرب ، دخلت لشارع ضيق جداً ، في مكناس محل تجاري صغير مكتوب : صلّ قبل أن يصلى عليك .
الدكتور بلال :
 أدرك نفسك ، سيدي ؛ إذاً الخوف علامة إدراك ، أيضاً الصبر سيدي ، عندما يصبر الإنسان أليس هذا علامة إدراك أيضاً ؟

 

علاقة الصبر بالإدراك علاقة وثيقة :

الدكتور راتب :
 طبعاً ، عفواً أذكر أن شخصاً جالساً دخل الجامعة ، الآن الدراسة صعبة ، المعنى أنه لم يدرك النتائج ، أما هو لو عاش النتائج فيأخذ الليسانس ، ثم الدكتوراه ، بدخل معقول .
الدكتور بلال :
 يصبر عندما يدرك .
الدكتور راتب :
 بيت ، وزوجة ، وأولاد ، وسيارة ، أي تصور المستقبل مع العلم ، فالإنسان إذا ما فكر بالمستقبل يجد الدراسة متعبة .
الدكتور بلال :
 لا يصبر عليها .
الدكتور راتب :
 أنت افهم الشيء بنتائجه ، لا بواقعه .
 عفواً ؛ أذكر شخصاً كان طموحه أن يكون متفوقاً بالدراسة ، رفض أن يذهب مع أهله أي نزهة طوال السنة ، لا مع أصدقائه ، ولا مع أهله ، أخذ المرتبة الأولى ، وأخذ أعلى مقام ، فدائماً يوجد نتائج ، ومقدمات ، فأي إنسان يتوقع نتائج باهرة بمقدمات تافهة يكون أحمق .
الدكتور بلال :
 أيضاً سيدي ؛ تضربون مثلاً على كرسي طبيب الأسنان ، الكبير يصبر.
الدكتور راتب :
 الراشد ، يوجد ألم ، يقول له : أنت سنك فوق السبعين ، لا تتحمل المسكن ، أو المخدر أبداً ، فهذا لمصلحته ، قد يمسك طرفي الكرسي ولا يصرخ ، أما الطفل فيصرخ ، الطفل ما أدرك أن هذا العمل لصالحه .
الدكتور بلال :
 فالصبر إدراك .
الدكتور راتب :
 الكبير صبر ، الصبر له علاقة بالإدراك .
الدكتور بلال :
 أيضاً سيدي ما دمنا نتحدث عن هذا القانون ؛ إدراك ، انفعال ، سلوك ، أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( الندم توبة ))

[أخرجه البزار وابن حبان والحاكم عن أنس بن مالك]

 الندم أليس انفعالاً ؟

 

التوبة النصوح ندم إقلاع و عزم :

الدكتور راتب :
 والله الحقيقة أنه يوجد عندنا منظومة من ثلاث فقرات ، ندم ، إقلاع ، عزم ، من هو التائب ؟

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾

[ سورة التحريم : 8]

 ما معنى التوبة النصوح ؟ أن تندم على ما فعلت حقيقةً ، وأن تقلع فوراً ، وأن تعقد العزم على ألا تفعل هذا مرة ثانية ، هذه التوبة .

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾

 

[ سورة التحريم : 8]

الدكتور بلال :
 إذاً الندم هو الإدراك ، أدرك أنه على ذنب فندم على ما كان منه .
الدكتور راتب :
 أدرك فندم .
الدكتور بلال :
 فتحرك .
الدكتور راتب :
 ترك الذنب ، وعقد العزم ، وتحرك .
الدكتور بلال :
 هذه التوبة النصوح .. نعم سيدي ؛ لو عندنا إلى الآية :

﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾

[ سورة الأنفال : 21]

 كأن هذا نهي من الله تعالى أن نكون مثل هؤلاء القوم .

 

الابتعاد عن المجاملة التي قد تنقلب إلى نفاق :

الدكتور راتب :
 سمعنا ؛ جاملوك ، ما شاء الله ! جلسة فيها كلمة حق ، ما شاء الله ! والله شيء رائع، لكن لا يفكر إطلاقاً أن يغير ، دخله فيه شبهة ، علاقاته ، حفلاته ، أوقات فراغه ، سفره ، سياحته ، هناك أشياء غش بمعمله ، بعمله ، فإذا الشخص لم يتحرك معنى هذا أنه لم يفهم ، لكن يوجد أناس أذكياء يجاملون ، هذه المقدمة لا تقدم ولا تؤخر .
الدكتور بلال :
 وفي الدين قد تنقلب إلى نفاق ، سمعنا ، ثم يمضي حياته كما يريد دون أي تغيير .
الدكتور راتب :
 الآن الإنسان بذكائه يجامل من يدعوه إلى الله لكن لا يطبق منهجه .

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال :
 لن يستفيد شيئاً .
 جزاكم الله خيراً سيدي ، وأحسن إليكم .
 أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات ؛ في نهاية هذا اللقاء أشكر لكم حسن المتابعة كما أشكر لشيخنا ما تفضل به وأجاد ، أسأل الله تعالى أن نلتقيكم دائماً على خير وأنتم في أهنأ حال مع الله ، ومع خلقه ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور