- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠02برنامج واضرب لهم مثلاً - قناة ندى
مقدمة :
الدكتور بلال :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، نحن مع برنامج جديد عنوانه : " واضرب لهم مثلاً " ، يقول تعالى في كتابه الكريم :
﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
ويقول أيضاً :
﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾
فضرب المثل منهج قرآني أصيل ، يتبعه القرآن الكريم لإيصال الحق إلى الناس .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم ، وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخوتي الأكارم ؛ أينما كنتم بتحية الإسلام نحييكم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
معاً في حلقة جديدة من برنامجنا :" واضرب لهم مثلاً " ، نستضيف فيها كالمعتاد فضيلة شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، السلام عليكم ورحمة الله سيدي .
الدكتور راتب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الدكتور بلال :
سيدي آية اليوم من سورة النساء ونريد أن نوضحها بمثل :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً ﴾
رحمة الله واسعة جلّ جلاله ، وقد يتساءل بعض المشاهدين ، لماذا لا يغفر الله تعالى أن يشرك به ؟
الدكتور راتب :
أي كما تفضلت ضربت المثل .
الدكتور بلال :
نعم سيدي ، واضرب لهم مثلاً .
بطولة الإنسان أن يكون هدفه الدار الآخرة :
الدكتور راتب :
نعم ، إنسان تاجر له مبلغ كبير جداً في مدينة ، بعيدة عن مدينته مئة كيلو متر ، وهناك قطار ، ركب هذا القطار ، قطع درجة أولى ، أخطأ والتحق بعربة من الدرجة الثالثة ، هذا خطأ كبير ، هناك خطأ ثان في هذه الغرفة - المركبة - شباب تائهون ، وشرسون ، ضحك وصياح ، ودفع بالأيدي ، فانزعج منهم كثيراً ، وفي القطار عربة طعام من أعلى درجة ، ودرجته أولى ، عندما دخل للدرجة عادية لم يعد له طعام ، أيضاً فقد الطعام الطيب ، حدث ما شئت عن خطئه الكبير الذي وقع فيه ، لكن في النهاية هذا القطار سيصل إلى المدينة ، والذي عليه الدين جاهز للدفع ، فمع كل هذه الأخطاء التي لا تحتمل القطار في طريقه إلى هذه المدينة ، والمبلغ جاهز ، أما لو ركب قطاراً لجهة معاكسة ، ولو كان بالدرجة الأولى ، وأكل أنفس الطعام لكن لا يوجد مبلغ ، لن يصل .
فالبطولة أن يكون هدفك واضحاً ، هدفك الدار الآخرة ، هدفك تحقيق نبوة رسول الله بسنته الطاهرة ، هدفك الإيمان ، هدفك الاستقامة ، هدفك العمل الصالح ، هدفك زوجة صالحة وليس امرأة لا تحل لك مثلاً ، هدفك لقاء مع مؤمنين ، ليس مع منحرفين ، هدفك جمع المال من طريق مشروع ، وليس من طريق غير مشروع ، فأنت حينما تعرف الله ، هذه المعرفة تنعكس على دخلك ، وإنفاقك ، وزواجك ، وكل نشاطاتك بالحياة ، منهج تفصيلي ، يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية .
الدكتور بلال :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾
هذا الشرك الجلي .
الشرك نوعان ؛ خفي و جلي :
الدكتور راتب :
الجلي عفواً ، الشرك نوعان ، الشرك الجلي ؛ أن يعبد بوذا ، لكن لا يوجد ببلاد المسلمين إطلاقاً ، ليس هناك شرك جلي من فضل الله ، لكن هناك شرك خفي ، والحديث الرائع الدقيق :
(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية . قلت : يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : نعم، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً ولكن يراؤون بأعمالهم . والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه))
هذا هو الشرك الخفي ، أي شهوة ، أحياناً تكون هذه المرأة لا تحل لك ، نسهر سهرة طويلة ، وهي بثياب متفلتة ، ما ارتكب فاحشة ، لكنه ارتكب مخالفة ، مادام في حياتنا مخالفات، بكسب أموالنا ، بإنفاق أموالنا ، بلقاءاتنا ، بسهراتنا ، بأعيادنا ، بسفرنا ، بسياحتنا ، انحجبنا عن الله .
أنت تصور بيتاً فيه جميع الأدوات الكهربائية من أعلى مستوى ، أما التيار الكهربائي فمقطوع ، عندما قطع كل هذه الأجهزة توقفت ، القطع لو كان ميليمتراً أو متراً مثل بعض ، انقطع التيار .
فالإنسان إذا انقطع عن الله فهناك خطأ ، فهو في ظلام ، وضلال ، وهناك شهوة تحكمه ، وعادات وتقاليد ، ومطامح مادية ، وضغوط يستجيب لها ، اختلف أمره .
الدكتور بلال :
للتوضيح سيدي :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ﴾
أي ما لم يتب الإنسان ، قبل موته ، قبل أن يلقى الله .
الدكتور راتب :
طبعاً ، إذا مات على الشرك ، هذا المعنى الدقيق الدقيق القطعي ، لو مات مشركاً أما التوبة النصوح فتنهي كل شيء .
الدكتور بلال :
﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً ﴾
ما الضلال البعيد ؟
الضلال البعيد :
الدكتور راتب :
سيدي إنسان يركب سيارته ، وهناك لوحة على عرض الطريق أن المدينة ...
الدكتور بلال :
التي يقصدها .
الدكتور راتب :
متابعة ، فدخل بطريق فرعي ، البعيد مشى فيه مئة كيلو متر .
﴿ ضَلَالاً بَعِيداً ﴾
الدكتور راتب :
المبين ؛ اللوحة واضحة ، أحياناً تكون اللوحة على عرض الطريق ، إما على اليمين، أو في الأعلى ، المدينة من هنا الضلال المبين ؛ لوحة واضحة ، الآن أخطأ دخل بهذا الطريق، لو عرف بعد كيلو متر أو اثنين القضية سهلة ، فهناك :
﴿ ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
و:
﴿ ضَلَالاً بَعِيداً ﴾
الدكتور بلال :
هذا المشرك :
﴿ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً ﴾
ذهب في الضلال .
الدكتور راتب :
أي بنى زواجه على خلاف منهج الله ، حرفته فيها معصية كبيرة ، ولقاءاته فيها اختلاط ، وكسبه فيه حرام ، ضلال بعيد ، بدءاً من زواجه ، إلى علاقاته ، إلى نشاطاته ، إلى حرفته .
الدكتور بلال :
سيدي مثل قرآني في موضوع الشرك :
﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾
طاعة الله تضمن للإنسان السلامة و السعادة :
الدكتور راتب :
والحقيقة كما قلت قبل قليل :
(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك))
نحن الآن بالعالم الإسلامي ، لا يوجد شرك جلي ، مشكلتنا بالشرك الخفي ، أي إنسان قوي أمرك بمعصية ، فأطعته خوفاً منه ، أنت مشرك بهذه العملية ، أنت رأيت أن الله ليس له علاقة بهذا الموضوع ، الآمر ضامن ، الذي أمرك أن تطيعه يضمن لك السلامة والسعادة ، الآمر ضامن ، الذي أمرك أن تطيعه هو إله .
﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا ربي ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
الدكتور بلال :
إذاً هذا المشرك سيدي:
﴿ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ﴾
فليس له شيء يأوي إليه .
بطولة الإنسان أن يحسن التوجه إلى الله عز وجل :
الدكتور راتب :
أبداً ، في العراء ، وفي الخطر ، وفي الضياع ، أقول لك كلمة : الشقاء جميعه في البعد عن الله ، والسعادة بأكملها بالقرب من الله ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ من يجرؤ من أهل الأرض حتى الأقوياء أن ينالوا منك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ يتطاول على الإنسان أقرب الناس إليه ، وإذا كان الله معه يخدمه عدوه ، ولا أبالغ يسخر عدوه لخدمته إذا كان الله معه ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ من يجرؤ أن ينال منك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ أقرب الناس إليك يوقعون الضرر بك .
الدكتور بلال :
إذاً بطولة الإنسان سيدي أن يحسن التوجه إلى الله .
الدكتور راتب :
تتمتها : ويا ربي ماذا فقد من وجدك ؟ لم يفقد شيئاً ، وماذا فقد من وجدك ؟ لم يجد شيئاً ، هذا ملخص الملخص .
الدكتور بلال :
إذاً البطولة أن يكون على طريق التوحيد ، أن يسلك الطريق الصحيح .
التوحيد فحوى دعوة الأنبياء والرسل :
الدكتور راتب :
وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، دقق ، الله عز وجل لخص فحوى دعوة الأنبياء جميعاً ، والرسل قال :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ﴾
هذه من لاستغراق أفراد النوع .
﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ﴾
الآن الله عز وجل سيلخص فحوى دعوة الأنبياء والرسل بكلمتين :
﴿ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾
العلماء قالوا : نهاية العلم التوحيد ، ألا ترى مع الله أحداً ، ونهاية العمل العبادة ، أن تعبد الله وحده .
الدكتور بلال :
نختم سيدي :
(( يا بنَ آدم إِنَّكَ لو أتيتني بِقُرابِ الأرض خَطَايا ثم لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَة ))
الشرك أخطر شيء بحياة الإنسان :
الدكتور راتب :
الشرك الحقيقة أخطر شيء ، والأخطر منه الخفي ، لا يوجد شرك جلي ، الشرك الخفي هذا الذي يقع به المسلمون .
خاتمة و توديع :
الدكتور بلال :
ينبغي أن نحذره .
جزاكم الله خيراً سيدي ، وأحسن إليكم .
أخوتي الأكارم ، لم يبقَ في نهاية هذا اللقاء الذي سعدنا فيه بصحبتكم ، وبصحبة شيخنا الجليل جزاه الله عنا خيراً إلا أن نسأل الله أن نلتقيكم دائماً وأنتم في أسعد حال ، إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته