وضع داكن
19-04-2024
Logo
واضرب لهم مثلا - الحلقة : 02 - مثل الحياة الدنيا في القرآن .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

الدكتور بلال :
  بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، نحن مع برنامج جديد عنوانه : " واضرب لهم مثلاً " ، يقول تعالى في كتابه الكريم :

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة الحشر : 21]

 ويقول أيضاً :

﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾

[ سورة العنكبوت : 43]

 القرآن يوصل الحقائق للناس
فضرب المثل منهج قرآني أصيل ، يتبعه القرآن الكريم لإيصال الحقائق إلى الناس .
 أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات : أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، في مستهل حلقة جديدة من برنامجنا : " واضرب لهم مثلاً " ، مثل اليوم عن الحياة الدنيا في قوله :

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الدكتور راتب :
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الدكتور بلال :
 كيف حالكم سيدي ؟
الدكتور راتب :
 والله بخير ، الحمد لله .
الدكتور بلال :
 سيدي ؛ اليوم حديثنا عن مثل الحياة الدنيا في القرآن الكريم ، والآية قد بدأت بها مع الأخوة المشاهدين :

﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 هذه كلمات ثلاثة لكل منها مدلول ، نبدأ باللعب والفرق بينه وبين اللهو ؟

 

فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه :

الدكتور راتب :
 لكن لا بد من أن نبدأ بإنما ، إنما ؛ أداة قصر وحصر ، قد تقول : شوقي شاعر ، هذا لا يمنع أن يكون تاجراً ، أو عالماً ، أو كاتباً ، أما إذا شوقي شاعر فهو شاعر فقط ، حصراً ، إنما أداة قصر وحصر ، فكلمة إنما فيها ملمح عميق جداً .

﴿ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 فقط :

﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 موضوع التفاخر :

﴿ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 هذا الملخص ، هذا كلام الله ، وفضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، هذا كلام الخالق ، كلام المربي ، كلام العليم ، كلام من إلينا مصيره ، ينصحنا ، يلفت نظرنا .
الدكتور بلال :
 من إليه مصيرنا .

 

اللعب عمل لا طائل منه :

الدكتور راتب :
 الدنيا لعب لا طائل منه
يسرب إلينا حقيقة الدنيا ، يسرب - إن صح التعبير - حقيقة الدنيا أنها لعب ، أي عمل لا طائل منه ، لو فرضنا أن هذا الفريق انتصر بكرة القدم ، عندنا مآس ، عندنا مجاعات، عندنا بطالة ، عندنا مئات المشكلات ، يا ترى تحل بإدخال الكرة في المرمى ؟
الدكتور بلال :
 لا تحل ، لعب .
الدكتور راتب :
 اللعب عمل لا طائل منه ، قد يكون ممتعاً ، متعة آنية ، متعة آنية فقط ، أحياناً يكون هناك حوالي عشرين أو ثلاثين ألفاً بالمدرجات ، فإذا دخلت هذه الكرة في مكانها ، يقومون ولا يقعدون ما الذي حصل ؟! نعاني ما نعاني .
الدكتور بلال :
 ما حصل شيء ، لا زلنا في مشاكلنا .
الدكتور راتب :
 حتى تحليل عميق جداً ، أعداء الدين يشغلوننا بالكرة عن أهدافنا ، وعن بناء أمتنا ، وعن أهدافنا الحقيقية ، هذا الذي يرى واضحاً ، عملية إلهاء ، اللهو هكذا عمل لا طائل منه ، هذه النقطة الأولى .
الدكتور بلال :
 هذا اللعب ، هذا عمل لا طائل منه .

اللهو هو أن تشتغل بالخسيس عن النفيس :

الدكتور راتب :
 اللهو الانشغال بالخسيس عن النفيس
أحياناً فحص بشهادة ثانوية ، هذا صف مصيري ، أي يحدد مصيرك ، طبيب ، أو طبيب أسنان ، أو مهندس ، أو مدرس ، أو ، أو ، أو ، هذا صف مصيري يحدد مصيرك ، وعندك مادة أساسية ، وهي عليها المعول بالنجاح ، وأنت مسكت قصة تقرؤها ليلة الامتحان ، هذا منتهى الحمق ، منتهى الخسارة ، فالإنسان عندما يلهو بالخسيس عن النفيس هذا اللهو ، اللعب عمل لا طائل منه ، أما اللهو فأن تشتغل بالخسيس عن النفيس .
الدكتور بلال :
 إذاً اللهو أشد من اللعب .
الدكتور راتب :
 إنسان اشترى بيتاً كاملاً ، قلع البلاط ، قلع النوافذ ، أعاده على الهيكل ، وبدأ بكسوته كسوة استغرقت سنتين ، وبعد انتهاء الكسوة توفاه الله ، التهى ، هذا اللهو ، تنشغل بالخسيس عن النفيس ، تلهو بالدنيا عن الآخرة ، بالشهوات عن المبادئ ، بالمعاصي عن الطاعات ، فاللهو شيء خطير جداً .
الدكتور بلال :

﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 ما الزينة ؟

 

الزينة تحسينات والتحسينات لا تقدم ولا تؤخر :

الدكتور راتب :
 التحسينات والزينة لا تقدم ولا تؤخر
الزينة ؛ قد تعتني بهندسة ديكور البيت ، الأقواس ، الجبصين ، التحف ، أي بالتحسينات ، عندنا أساسيات ، وحاجيات ، وتحسينات ، الزينة تحسينات ، فالتحسينات لا تقدم ولا تؤخر ، أنت حينما تأكل طعاماً نفيساً قد يقدم لك بصحن من ذهب ، ملاعق بأعلى درجة ، هذه أشياء تحسينية ، أما الحقيقة فتتعلق بنوع الطعام ، هل هو طعام مفيد ؟ طعام جيد ؟ فالإنسان حينما يلهو بالتحسينات فقط وقع في خطأ كبير .

﴿ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 فالزينة لا تقدم ولا نؤخر ، لكنها تحسن أحياناً ، فهذا التحسين إذا كان على حساب النفع العام عاد وبالاً على صاحبه .
الدكتور بلال :

﴿ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

حاجات أساسية في حياة كل إنسان :

الدكتور راتب :
 الإنسان أحياناً يتمنى التفوق ، عنده بطبيعته الأساسية حاجة إلى الطعام والشراب ، حفاظاً على بقاء وجوده ، عنده حاجة ثانية إلى الزواج ، دون أن يشعر حفاظاً على بقاء النوع ، الآن أكل وشرب ، وتزوج وأنجب ، عنده حاجة ثالثة هي الحاجة إلى التفوق ، أن يشار إليه بالبنان ، هذا المهندس الأول .
الدكتور بلال :
 تأكيد الذات .
الدكتور راتب :
 تتألق عندما تخدم الخلق وتعمل صالحا
تأكيد الذات ، هذا تأكيد الذات داخل ضمن الدين ، اعمل أعمالاً صالحة ، اطلب العلم ، عندك مليون طريق ، وقالوا : الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، احفظ القرآن ، افهم القرآن ، ادعُ إلى الله ، اعمل عملاً صالحاً ، أسس جمعية خيرية ، ارعَ الأيتام ، ألقِ العلم ، عندك مليون طريق إلى الله كي تتألق ، أما التألق بالمعاصي والآثام فجريمة ، يوجد أناس يتألقون بمعاصيهم وانحرافاتهم ، فهذا التألق حاجة أساسية ، تريد أن تكون لك مكانتك ، هناك علماء كبار يذكرون في اليوم مئات المرات ، علماء كبار ، وأناس قدموا خدمات للإنسانية ، وأناس قادوا جيوشاً إلى النصر ، عندنا أعلام كثيرة جداً تألقوا في الدنيا وبعد موتهم .
الدكتور بلال :
 وضمن المنهج الإلهي .
الدكتور راتب :
 ضمن المنهج الإلهي ، ما من شيء تشتهيه إلا وله قناة نظيفة طاهرة ، عفواً إنسان اشتهى المرأة ، شيء طبيعي ، يوجد زواج ، يتزوج فتاة تكن له المودة والمحبة ، ينمو وإياها نمواً طبيعياً ، ينجب أولاداً أبراراً ، خصائص هذا الزواج الناجح لا تعد ولا تحصى ، يوجد أم كبرت تصبح جدة ، بكل مراحل الحياة يوجد مكانة ، أما التي أكلت من أشياء محرمة بعد أن يذهب جمالها أصبحت من سقط المتاع .
الدكتور بلال :
 سلعة .
الدكتور راتب :
 الدين كله خير ، كله بكل الأزمنة خير ، بالبداية ، والوسط ، والنهاية .
الدكتور بلال :
 سيدي ؛ الآن القرآن كله أمثال .

﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 لكن الآن نضرب مثلاً واضحاً .

﴿ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 الكفار هنا هم الزراع ، الذين يزرعون كما تفضلتم .

﴿ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً ﴾

[ سورة الحديد : 20]

بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل :

الدكتور راتب :
 أنا أتمنى من هذا المثل الرائع أن تعيش المستقبل ، خذ أهل الأرض ثمانية مليارات ، يغلب على ظني أن معظمهم يعيش الحاضر والماضي ، يقول لك : أنا مهندس ، درست في دمشق ، مثلاً ، لكن قلة قليلة يعيشون المستقبل ، ماذا يوجد في المستقبل ؟ هناك حدث خطير مغادرة الدنيا ، من قصر إلى قبر ، من زوجة وأولاد إلى قبر ، من مكانة اجتماعية إلى قبر ، من وظيفة راقية إلى قبر ، من تجارة ناجحة إلى قبر ، من سياحة ، من سفر ، من مركبات ، ولائم ، سهرات إلى قبر ، نقلة مذهلة .

الفلاح أن تعيش المستقبل وتستعد لما بعد الموت

 

(( عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت ))

 

[ ورد في الأثر ]

 فالبطولة ، والذكاء ، والنجاح ، والتفوق أن تعيش المستقبل ، هذا المستقبل فيه موت ، هذا الموت لو أدخلته في حسابك يعد ما بعد الموت أسعد حالة ، أهل الإيمان إذا جاءهم الموت يقولون : لم نرَ شراً قط .

﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة النحل : 32]

 فالبطولة أن تعيش المستقبل ، والمستقبل فيه موت ، وجنة ، ونار ، فلذلك أهل الجنة في نعيم مقيم .
الدكتور بلال :
 جزاكم الله خيراً سيدي ، تتمة الآية :

﴿ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾

[ سورة الحديد : 20]

 تبدو بحجم أكبر من حجمها ثم يفاجأ الإنسان بها .

الدنيا في بدايتها يظنها الإنسان كل شيء ثم يفاجأ بأنها لا شيء :

الدكتور راتب :
 شيء خطير جداً ، قد تجد شيئاً تظنه شيئاً كبيراً .
 أذكر مرة أن إنساناً يعمل موظفاً بمحل تجاري ، نظف المحل ووضع القمامة بعلبة فخمة ، وغلفها بغلاف رائع ، وشريط أحمر ، ووضعها على الرصيف ، إنسان نظر إليها ظنها قطعة ألماس ، شيء جميل جداً ، حملها وأسرع ، فالموظف الذي فعل هذا تبعه ، بعد تقريباً مئة متر نزع الشريط ، بعد مئة متر ثانية نزع الغلاف ، بعد مئة متر ثالثة فتح العلبة فإذا بها قمامة المحل ، أنا والله لا أبالغ الدنيا هكذا ، في البدايات تراها كل شيء ، في المنتصف شيء ، قبيل الموت لا شيء .

خاتمة و توديع :

الدكتور بلال :
 جزاكم الله خيراً سيدي هذا مثل رائع لتوضيح الحقيقة .
 أخوتي الأكارم ؛ أخواتي الكريمات ؛ في نهاية هذا اللقاء الذي طاب بمتابعتكم نشكر لشيخنا الفاضل ما تفضل به من هذه الأمثال الرائعة ، وإلى أن نلتقيكم في لقاء آخر نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

إخفاء الصور