- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠2برنامج حياة المسلم 2-مدارج السالكين
مقدمة :
المذيع:
السلام عليكم سلامٌ إيمانيٌ مستمعينا الكرام، أين ما كنتم عبر أثير إذاعة حياة fm في مجلس علمٍ وإيمان، مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نرحب بكم شيخنا وأستاذنا الكريم، أهلاً وسهلاً بفضيلتكم.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
الله يكرمكم يا دكتور محمد، نتحدث اليوم تحت عنوان الإنسان والشيطان، لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الشيطان، وجعله جزءاً من حياة الإنسان، نبدأ حلقتنا نحن وإياكم مستمعينا الكرام، بقراءة شيءٍ من آيات الله سبحانه وتعالى، في حديثنا عن موضوع الشيطان، فيقول الله سبحانه وتعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾
ويقول الله تعالى سبحانه وتعالى:
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾
شيخنا الكريم فضيلة الدكتور محمد، هل لنا أن نوضح المفهوم والمصطلح كما جرت العادة، من هو الشيطان؟
السماوات والأرض مصطلحٌ قرآني يعني الكون :
الدكتور راتب :
لا بد من مقدمات، كان الله ولم يكن معه شيء، أراد الله عز وجل أن يخلق الكائنات، الكائنات نفوس قبل أن تكون صور، نفوس قبل أن تكون صور.
المذيع:
لنوضح ماذا يعني هذا دكتور؟
الدكتور راتب :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
السماوات والأرض مصطلحٌ قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله، فأي شيءٍ تراه عينك هو نفس، النبات نفس، الجماد نفس، أي شيء تراه عينك هو نفس، فالأمانة عرضت على هؤلاء المخلوقات جميعاً.
﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
يقول سيدنا علي: ركب الملك من عقل بلا شهوة، ركب الحيوان من شهوة بلا عقل الحيوان غير مكلف، ليس معه منهج، والملك ليس عنده شهوة، وركب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
أي خير ما برأ الله.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾
في نهاية الآية:
﴿ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾
ثمن الجنة هو العمل الصالح :
الإنسان بين أن يكون فوق الملائكة، وبين أن يكون دون أحقر مخلوق، ركب من عقلٍ بلا شهوة الملك، والحيوان من شهوة بلا عقل، الإنسان من كليهما، فالإنسان معه شهوات لأنه أختار أن يحمل الأمانة، الأمانة لها مقومات، أول شيء الكون هذا الثابت الأول، كل ما في الكون يدل على وجود الله، ووحدانيته، وكماله، الثابت الثاني النفس البشرية، الله قال:
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
الفلاح له معنى عميق جداً، الفلاح غير النجاح، ومع الشيء الذي يلفت النظر، لم ترد كلمة نجاح إطلاقاً.
المذيع:
لم ترد في القرآن دكتوري صحيح؟
الدكتور راتب :
الفلاح شمولي، أنا أرى أن الفلاح أن تنجح مع الله معرفةً، وطاعةً، وعبادةً، وتقرباً، وأن تنجح مع نفسك أن تعرفها بالله، أن تنجح في بيتك، وفي عملك، فإذا نجحت مع الله أولاً، ومع ذاتك ثانياً، ومع بيتك ثالثاً، وفي عملك رابعاً، أصبحت فالحاً، ولم يرد النجاح.
مثلاً أبل يملك سبعمئة مليار، وبيل غيتس يملك ثلاثة وتسعين ملياراً، الأول على فراش الموت قال: هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً، هذا ينقلنا إلى كلمتين الكسب والرزق.
(( وهَلْ لَك يا ابْن آدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا ما أكلتَ فأفْنَيتَ، أو لَبِستَ فأبْلَيْتَ، أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))
فالطعام يفنى، واللباس يبلى، يبقى الكسب، يبقى العمل الصالح.
((أو تصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ))
أما الكسب فمالٌ كبير، حجمٌ ماليٌ كبير لم تنتفع به إطلاقاً، وسوف تحاسب عليه بدقةٍ بالغة، فالرزق المستهلكات، طعامك رزق يفنى، لباسك رزق يبلى، عملك الصالح رزق.
الآن دخلنا بسؤالكم، علة وجودك الوحيدة في الدنيا دفع ثمن الجنة، دفع ثمن الجنة العمل الصالح.
المذيع:
يعني أفهم من هذا الكلام دكتور أن الإنسان أصلاً خُلِق ليكون للجنة وليس للنار، وحضرتك تفضلت الإنسان وليس المسلم.
الإنسان إما أن يكون فوق الملائكة أو دون أحقر حيوان :
الدكتور راتب :
الدليل:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
المذيع:
أي لرحمته.
الدكتور راتب :
هل هناك أوضح من ذلك؟ خُلِق للجنة.
المذيع:
كل البشر دكتور؟
الدكتور راتب :
أبداً، لكن هذه الجنة مادام معها أمانة، فهناك تفوق كبير.
تصور أباً عنده عشرة أولاد، قال: كل ولد من أولادي له بيت، وسيارة، ودخل شهري كبير، لكن من يأتي بدكتوراه من أمريكا في إدارة الأعمال، أعطيه نصف المعمل وإلا ليس له شيء إطلاقاً. لذلك أصبح الإنسان بين أن يكون فوق الملائكة، أو دون أحقر حيوان.
المذيع:
وكيف يصبح فوق الملائكة رتبةً؟
الإنسان والجان كلاهما قبلا حمل الأمانة :
الدكتور راتب :
الإنسان يعلو ويعلو ولا ترى علوه يتضاءل أمامه كل عظيم، يسقط ويسقط ولا ترى سقوطه يتعاظم عليه كل حقير، هؤلاء الطغاة في العالم يبنون مجدهم على أنقاض البشر، حياتهم على موت البشر، قوتهم على إضعاف البشر، أمنهم على إخافة البشر هؤلاء في أسفل سافلين. لذلك الحياة مدرسة وفيها امتحان، الآن هؤلاء من الذين قبلوا حمل الأمانة؟
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾
والسماوات والأرض كنايةٌ عن الكون، والكون ما سوى الله، أي مخلوق حتى ذرة الجماد هي نفس، في دراسات دقيقة جداً بهذا الموضوع، نفوس، حتى النبات منها من يضعف نموه، ومنها من يقوى نموه، موضوع طويل إن شاء الله نعالجه بوقت ثانٍ.
﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
لما قبل الإنسان والجان حمل الأمانة، كان الإنسان المخلوق الأول عند الله.
المذيع:
سأعيد جملة حضرتكم شيخنا، الإنسان والجان كلاهما قبلا حمل الأمانة.
الدكتور راتب :
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾
كلاهما قبل حمل الأمانة.
المذيع:
من حملها بحقها ارتقى عند الله رتبةً.
الشيطان هو جن فاسق :
الدكتور راتب :
إلى أعلى عليين.
المذيع:
فوق الملائكة، ومن لم يؤد الأمانة حقها؟
الدكتور راتب :
دون أحقر مخلوق.
المذيع:
جميل، الآن دكتور الشيطان ما هو، هل هو بندٌ من بنود الجان؟
الدكتور راتب :
﴿ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ﴾
هو الجن.
﴿ فَفَسَقَ ﴾
باختياره:
﴿ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
الله لم يخلقه شيطان.
﴿ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ﴾
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾
المذيع:
إذاً الشيطان هو جنٌ فاسق؟
الدكتور راتب :
نعم.
المذيع:
هكذا التسمية صحيحة دكتور؟
الشهوة غير المشروعة هي حجابٌ بين الإنسان و ربه :
الدكتور راتب :
﴿ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
المذيع:
وهنالك من الجن من هو مسلم؟
الدكتور راتب :
نعم، طبعاً.
المذيع:
هذا الشيطان دكتور لماذا هو موجود في حياة الإنسان؟ الملائكة فيما نعرفه هي خارج حياة الإنسان، قد يأمرها الله بحماية الإنسان، أو بتنفيذ أمرٍ لله، لكن بالعموم الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
الدكتور راتب :
كلام دقيق أتمنى أن أجيب عليه، يوجد في الإنسان شهوة إن كانت هذه الشهوة غير مقبولة عند الله محرمة، هي حجابٌ بينه وبين الله، حجاب قطعي، الشهوة غير المشروعة، مثلاً إنسان يتزوج والزواج مشروع، ويتم لقاء زوجي، ويقوم على قيام الليل فيبكي بالصلاة، ما فعل شيئاً بخلاف المنهج، تمام؟ أما عندما هذه الشهوة هي شهوة الجنس مثلاً، سمح الله لنا بها في الحلال، ليس عندك ولا مشكلة، بلقاء زوجي تكرر أم لم يتكرر، لا مشكلة، عندما يكون هناك زنى هذا خرج عن الشرع، سمح لك بالزواج.
﴿ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾
لكنه اختار الزنى، اختار أن يفسد إنسانة كانت عفيفة، أغراها أصبحت مومس، هذه تنجب أولاداً منحرفين أحياناً، فهذا العمل السيء كل نتائجه المتفاقمة في صحيفة الفاعل الأول.
المذيع:
في صحيفة سيئاته؟
الشهوات إما أنها قوة دافعة إلى الخير أو قوة مدمرة :
الدكتور راتب :
السيئات طبعاً، الصفيحة السوداء ليست البيضاء، فالشهوة سيدي حيادية، الشهوة تماماً كصفيحة البنزين في السيارة، سائل متفجر، إن وضع في المستودع المحكم وسال هذا البنزين في الأنابيب المحكمة وانفجر في المكان المناسب، والوقت المناسب، ولّد حركة نافعة.
إخواننا الكرام في الأردن يذهبون في العيد إلى العقبة، هذا الانفجار في المحرك نقلك إلى العقبة، أقصد هذه الصفيحة وضعت في المستودع المحكم، وكان سيلها في أنابيب محكمة، وانفجارها في مكان مناسب، ووقت مناسب، الصفيحة نفسها صبها على السيارة وفيها خمسة ركاب، أعطيها عود ثقاب تحرق المركبة ومن فيها، فالشهوات إما أنها قوة دافعة إلى الخير، أو قوة مدمرة.
المذيع:
شيخنا إذاً قرار الإنسان كيف يتحكم ويوجه هذه الشهوات الفطرية باتجاه الخير كما تفضلتم أو باتجاه الشر؟ سنتوقف لفاصل دكتورنا الكريم، وكل الوقت لحضرتكم بعد الفاصل.
الآن أين يقع دور الشيطان في حياة الإنسان، هل هو الذي يؤثر على اتخاذه للقرار؟ نتوسع في الإجابة عن هذه المسألة مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، ومعكم مستمعينا الكرام نتمنى أن تبقوا بالقرب.
شيخنا الكريم فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي مرحباً بكم من جديد، أهلاً وسهلاً يا دكتور.
الدكتور راتب :
بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
حياكم الله يا دكتورنا، حديثنا متواصلٌ على العلاقة التي تربط الإنسان بالشيطان، قبل الفاصل شيخنا وضحتم غاية خلق الإنسان، وما كان قبل أن تبدأ هذه الحياة البشرية، وأن الإنسان والجان كلاهما اختار حمل الأمانة عند الله سبحانه وتعالى، فمن حملها بحقها ارتقى فوق الملائكة، وإلا كان دون الشياطين لمن فسق بها، الآن دكتور وضحتم أيضاً قبل الفاصل بأن الإنسان إذا ما تملكته الشهوة، واختار الطريق الحرام، فقد وقع في معصية.
العقل قوة إدراكية أودعها الله في الإنسان :
الدكتور راتب :
هناك معالجة عالية جداً.
المذيع:
نعم، الآن ما دور الشيطان في هذه المعادلة دكتور؟
الدكتور راتب :
الإنسان حينما خلق، خلق كائناً متحركاً، ليس سكونياً، هذه الطاولة ساكنة، تبقى آلاف السنين كما هي، يوجد في الكون جماد، طول عرض ارتفاع وزن حجم، سكوني، يوجد نبات يضاف على خصائصه طول عرض ارتفاع وزن حجم نمو، هناك صنف ثالث الحيوان كالجماد طول عرض ارتفاع وزن حجم، وله مثل النبات نمو لكنه يمشي ويتحرك، الآن الإنسان من الجماد وزن حجم طول عرض ارتفاع، من النبات النمو، من بقية المخلوقات الحركة، لكن الله أودع فيه قوةً إدراكية، هذه القوة يتميز بها وحده، أودع فيه قوةً إدراكية، هي العقل، هذه القوة تلبى بطلب العلم، فإن لم يطلب الإنسان العلم، فقد هويته، بماذا وصف في القرآن:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
عند الله ميت، مع أن نبضه ثمانون، ضغطه مثالي، عند الله ميت، الله قال:
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
أو:
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
خشبة، أو:
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ﴾
دواب أو:
﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾
فاختيار الإيمان هو اختيار لتأكيد إنسانية الإنسان، وإلا هبط عن مستوى إنسانيته، الآن الله عز وجل رب العالمين، مربي، لو إنسان شرد عنه، ماذا يفعل به؟ عنده شهوات كامنة، الشهوات الكامنة حجابٌ بينه وبين الله.
المذيع:
ماذا تعني الشهوات الكامنة دكتور؟
الشهوات الكامنة :
الدكتور راتب :
شهوة الجنس مثلاً.
المذيع:
لا، مصطلح الشهوات الكامنة ماذا يعني؟
الدكتور راتب :
مودعة في كيانه، أي إنسان في الأرض عنده شهوة الجنس.
المذيع:
هذه شهوات فطرة دكتور؟
الدكتور راتب :
لا، هذه الشهوة غير الفطرة سيدي، الفطرة مقياس.
المذيع:
ألم يفطر على حبها دكتور؟
الدكتور راتب :
هو فطر وجبل على محبة المرأة.
المذيع:
وعلى محبة المال مثلاً.
الشهوات ثلاثة أنواع :
الدكتور راتب :
المال والعلو في الأرض، الشهوات ثلاثة أنواع، أول قسم يلبي حاجة جسمية بقاء الفرد، الطعام والشراب، والشهوة الثانية بقاء النوع هي شهوة الجنس، النوع كيف يبقى، لولا هذه الشهوة لما رأيت إنساناً في الأرض الآن، هذه الشهوة تضمن بقاء الجنس، أكل وشرب، وتزوج وأنجب، الآن عنده حاجة ثالثة إلى بقاء الذكر، العلو في الأرض، التفوق، الطبيب الأول، المحامي الأول، المهندس الأول، العامل الأول، عندنا ثلاث شهوات، شهوة الحفاظ على بقاء وجودك كفرد، الطعام والشراب، وشهوة دون أن تشعر للحفاظ على بقاء النوع هي الجنس، وشهوة ثالثة، بعد أن أكلت وشربت، وأنجبت وتزوجت، شهوة التفوق من أجل التنافس.
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
هذه الشهوات لها قنوات نظيفة طاهرة تسري خلالها، الإنسان إذا أراد هذه الشهوات من طريق آخر، يريد امرأة عن طريق الزنى، هنا لزم العقاب، هذا المنهج الإلهي.
المذيع:
وما دور الشيطان في هذه المعادلة دكتور؟
الدكتور راتب :
النقطة دقيقة لكنها تحتاج للقليل من الصبر، هذه الشهوة الموجودة حجاب بين العبد وربه، الخير كله عند الله، أصل الجمال، والكمال، والنوال، والعطاء، والسعادة، والتوفيق، وكل شيء، هذه الشهوة حجاب، هاك حاجة إلى أن تنقلب إلى عمل، يليها عقاب، تليها طهارة من هذه الشهوة، الشيطان هذا دوره:
﴿ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾
يزين لهم الزنى يزني، يأتي العقاب يتوب، شفيَ عن هذا الطريق شفيَ.
المذيع:
نعيدها للتوضيح.
الشهوة حيادية :
الدكتور راتب :
هذه الشهوة ما دامت قائمة هي حجاب بين العبد وربه، إلى أن تروى، إن رويت من منهج إلهي لا مشكلة أبداً، وقلت لك قبل قليل: قد يتم لقاء زوجي، ويتم بعده قيام ليل، وبكاء في الصلاة، فعل وفق المنهج، كأن الشهوات مئة وثمانون درجة، مسموح مئة وأربعون درجة، والأربعين الباقيات محرمة، أنت ما دمت في كل الشهوات تسير وفق المنهج لا شيء عليك، تشتري بيتاً وتتزوج وتنجب أولاداً.
المذيع:
هل شيخنا تطبيق الشهوة بالحرام هو الحجاب بينه وبين الله، أم وجود الشهوة بحد ذاتها؟
الدكتور راتب :
لا الشهوة حيادية، الشهوة بنزين يوضع في السيارة إما قوة دافعة، أو قوة مدمرة.
المذيع:
الإنسان دكتورنا خلق وفطر وهو يحب المال، لديه شهوة الوصول للمال، لديه طريقٌ حلالٌ، وآخرٌ حرام.
الدكتور راتب :
هذه هي القصة كلها، من هو المؤمن؟ يتحرك، يتبع شهواته وفق منهج الله.
المذيع:
جميل، فإذا جاءه مالٌ بالحرام يصده، أي طريق بالحلال يسير فيه، ما دور الشيطان هنا دكتور؟ أن يزين له؟
دور الشيطان أن يزين للإنسان المعصية :
الدكتور راتب :
أن يزين للإنسان المعصية، المعصية إذا كان عنده شهوة مستحكمة ولم تلبَ بالطريق الحلال، بالمعصية قد تلبى، لكن بعد المعصية يوجد عقاب، بعد العقاب هناك توبة، فكأن الله طهره بهذه الطريقة، عن طريق الشيطان.
المذيع:
أعيدها للتوضيح، إذاً شيخنا أنا كإنسان خلقت أحب المال، إذا تمكن حب المال من قلبي أكثر من اللازم فأنا لا بد لي أن أحصل عليه.
الدكتور راتب :
لكن بطريق حرام، إذا تمكن أكثر مما ينبغي صار حرام، والحرام مرض يعالج به، كيف يعالج؟ بأن يسمح له أن يتصرف بهذه الشهوة بخلاف المنهج، يأتي العقاب، تأتي بعده التوبة، هل أصبحت الفكرة واضحة؟
المذيع:
أريد أن أعيدها بعد إذن فضيلتكم كما فهمتها، وحضرتك قوّم لي شيخنا.
الدكتور راتب :
﴿ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾
عندما زينها لهم فعلوها، وعندما فعلوها بالحرام استحقوا العقاب، وعندما عوقبوا تابوا.
المذيع:
إذاً دكتور من لديه فطرة إذا كانت ضمن الإطار الطبيعي كحبه للمال الوضع طبيعي، من غرق بالدنيا فتمكنت منه هذه الحاجة للمال أكثر من اللازم، إما أن يصل لها بالحلال وبالتالي قضيت، وإما أن يصل لها بالحرام بسبب تزيين الشيطان فتتمكن هذه الحاجة من السيطرة النفسية عليه، فيعاقبه الله، فإن استغفر وتاب عاد إلى استقراره النفسي.
على المؤمن ألا يجعل الشهوة تتملكه أكثر من اللازم :
الدكتور راتب :
شفي، ماذا قال الله:
﴿ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴾
المذيع:
إذاً هي عندما تتملكنا دكتور إما نطبقها بالحلال، أو يأتي الشيطان ليعينك على أدائها بالحرام إن جاز التعبير، حتى تتخلص من تملكها منك، لكن البطولة الآن دكتور ألا تتملك الإنسان أكثر من اللازم، لكن من بقي يفكر في الدنيا وقع.
الدكتور راتب :
من هو المؤمن؟ يتحرك، يلبي شهواته وفق منهج الله.
المذيع:
جميل، إذاً دور الشيطان عفواً دكتور، هو الإغواء إن صح التعبير.
الدكتور راتب :
يزين له المعصية، فإذا عصى عوقب، فإذا عوقب تاب، فلما تاب شفي من هذه المعصية.
المذيع:
في قول الله تعالى دكتور:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
ماذا تعني كلمة:
﴿ لَأُغْوِيَنَّهُمْ ﴾
الإنسان بين إلهام الملك ووسوسة الشيطان :
الدكتور راتب :
أغريهم بالمعصية، الإغواء: إغراء.
المذيع:
يغريهم أي يحبب المعصية إليهم ليقعوا فيها، هل معنى هذا دكتور أن الشيطان يشعرني أنها ليست معصية، أم أنه يسهل عليّ الوقوع بها؟
الدكتور راتب :
لا بالعكس هذا شيء عام، هذه حاجة أساسية، العالم كله هكذا، طبعاً يزين له بأقوال، بأعمال، بشواهد.
المذيع:
حتى يقع فيها، وكيف يكون تواصل الشيطان مع الإنسان؟
الدكتور راتب :
خمسة وستون بالمئة، هذا رقم أكاديمي، من دخل الغرب بالإباحيات، فإذا استقاموا فقدوا خمسة وستين بالمئة من ثروتهم.
المذيع:
شيخنا كيف يغوي الشيطان الإنسان، هل هي وسوسة، هل هو شعور؟
الدكتور راتب :
يوسوس، أنت بين إلهام الملك ووسوسة الشيطان.
المذيع:
إذاً هنالك شيطانٌ معي دائماً دكتور؟
دور الشيطان مع الإنسان :
الدكتور راتب :
حتى تكون كائناً متحركاً تحتاج إلى حركة، إما أن تستجيب لإلهام الملك بغض البصر عن طريق إغلاق الشاشة، تنقية الشاشة من كل شيء إباحي، من ضبط اللسان، ضبط السهرة، لا يوجد سهرة مختلطة، عندما ضبطت شهواتك، يمكنك أن تتمتع بكل الشهوات بطريقة حلال، أقسم لك بالله استمتاع المؤمن بالشهوة المباحة ألف ضعف عن الشهوة التي هي معصية، في الدين لا يوجد حرمان.
المذيع:
سيدنا أنا أفهم على فضيلتكم، أن الإنسان وكأن ملكاً وشيطاناً يعيش معه.
الدكتور راتب :
الملك يُلهم.
المذيع:
للخير.
الدكتور راتب :
والشيطان يوسوس.
المذيع:
للشر.
الدكتور راتب :
أنت حر.
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ َ﴾
دقق الآن:
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾
مثلاً شخص يرتدي بذلة بيضاء غالية جداً، وحذاء غال، ويوجد حفرة فيها مياه آسنة سوداء، فهذا الذي يرتدي هذه الثياب الفاخرة جداً، وقع في هذه الحفرة، فذهب يشتكي على شخص، قال له القاضي: لِمَ تشتكي عليه، هل حملك وأوقعك؟ قال له: لا والله، هل دفعك؟ قال: لا والله، قال لي: انزل فنزلت، هذا أحمق.
المذيع:
هذا دور الشيطان مع الإنسان دكتور.
دور الشيطان ينتهي عند الوسوسة والإغواء :
الدكتور راتب :
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ﴾
أبداً ليس لي عليكم.
﴿ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ َ﴾
المذيع:
إذاً دور الشيطان ينتهي عند الوسوسة والإغواء، لكن لا يوجد شيطان يدخل في جسمك ويتصرف عنك، هذا كلام.
الدكتور راتب :
مستحيل هذا موضوع ثان، ذاك كان في غفلة كبيرة جداً، سنتحدث عنها في درس آخر.
المذيع:
سنتحدث عنها، لكن أقصد في قضية وسوسة الشيطان دكتور، في الآية الكريمة دكتور في قول الله تعالى:
﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾
كيف نفهمها في ظل هذا السياق دكتور؟
الدكتور راتب :
من بين أيديهم: أمامهم، يقول لك: أنت أمامك مستقبل، يجب أن تروي شهواتك قبل الزواج، مثلاً هي أمامهم.
المذيع:
﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾
الشيطان خلق كما خلق الإنسان واختار أن ينشق عن طريق العبادة والصواب :
الدكتور راتب :
من خلفهم، العرب عندما تخلفوا، عندما لم يكن عندهم إباحية كان لا يستطيع أن يوسوس، لكن الآن يوسوس لهم.
المذيع:
أيضاً يدور في فلك الإغواء، الشيطان يوسوس.
الدكتور راتب :
أبداً إغواء، عن أيمانهم، مثلاً يجب أن تكون صلاتك جيدة، يجب أن تقضي الشهوة مثلاً، فهو عن أيمانهم يجرب بالأشياء الإيجابية، وعن يسارهم بالمعاصي، لكن ليس من فوقهم، من فوقهم الله عز وجل، ولا من تحتهم، تحتهم الافتقار إلى الله، أنت تنجو إن عرفت الله في عليائك، أو دفعت الشهوة في تواضعك لله عز وجل، عندنا ست جهات: يمين، شمال، أمام، خلف، يوجد شيطان، أعلى لا يوجد، وأدنى لا يوجد، بالافتقار لا يوجد شيطان، يا رب إني تبرأت من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين، بالافتقار لا يوجد شيطان، ومع الله لا يوجد شيطان.
المذيع:
ونعم بالله، إذاً الشيطان دكتور خلق كما خلق الإنسان، واختار بطوعه أن ينشق عن طريق العبادة والصواب.
الدكتور راتب :
﴿ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
المذيع:
الآن دوره عندما أعطاه الله سبحانه وتعالى هذا الدور أن يوسوس، وأن يحاول أن يغوي ويغري الإنسان، أكثر من ذلك لا وجود له.
من لا يستجب لغواية الشيطان فهو في عناية الرحمن وحفظه :
الدكتور راتب :
لا يملك سلطاناً.
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ َ﴾
المذيع:
الله أكبر! حتى الشيطان يتبرأ من فعله القبيح يوم القيامة، دكتور من لا يستجب لغواية الشيطان؟
الدكتور راتب :
في عناية الرحمن، في حفظ الرحمن.
﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾
المذيع:
يا سلام! نستأذن فضيلتكم شيخنا إلى فاصل قصير، ونعود لنواصل هذا الكلام بإذن الله.
متواصلين نحن وإياكم في هذه الحلقة والتي نتحدث فيها عن الشيطان والإنسان شيخنا الكريم فضيلة الدكتور محمد مرحباً بفضيلتكم.
الدكتور راتب :
كلمة واحدة.
المذيع:
تفضل دكتور.
معنى صفدت الشياطين :
الدكتور راتب :
ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرةً تسري خلالها، الملخص ليس في هذا الدين حرمان، فيه تصعيد، فيه توجيه، فيه اختيار.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، في قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((إذا دخل رمضان فُتِّحَتْ أبوابُ السماء، وأُغلقت أبوابُ جهنم، وسُلْسِلت الشياطين))
وفي رواية وصفدت الشياطين، ما معنى هذا دكتور في رمضان؟
الدكتور راتب :
أنت حينما صمت ليس عن المعاصي والآثام، بل عن الحلال الطعام والشراب، فأنت أصبحت مع الله، قوتك جاءت من قربك من الله، الشيطان لا يقترب من إنسان له صلة بالله، أنت ما تركت الزنى لا سمح الله، والمعاصي، والسرقة، تركت الطعام والشراب الحلال، تركت ما أُبيح لك، فأنت بأعلى درجة من القرب، تارك الطعام والشراب، يعني إنسان في البيت لوحده، والصيف شديد، والحرارة مرتفعة، وفي البراد ماء بارد، ولا أحد في البيت، لا يوجد قوة تكشف إفطاره إلا الله فهذا الصيام عبادة الإخلاص.
المذيع:
لكن ما هو المعنى دكتور بأن الشياطين تصفد، هل الشيطان يلغى وجوده في حياة البشر في رمضان؟
تعطيل عمل الشيطان مجرد توبة الإنسان توبة نصوحة :
الدكتور راتب :
هو عندما تاب توبة نصوحة، عطل عمل الشيطان.
المذيع:
لكن الشيطان موجود؟
الدكتور راتب :
موجود.
المذيع:
ويغوي؟
الدكتور راتب :
أبداً.
المذيع:
لكن أنت أصبحت قوياً، بمناعةً إيمانية.
الدكتور راتب :
الله قواك على الشيطان.
المذيع:
هذا هو المقصود فيها.
الدكتور راتب :
أقصد كأن الشيطان دعا إنساناً إلى طعام فاسد، وإلى جواره على اليمين طعاماً طيباً، شيء بديهي.
المذيع:
شيخنا في قول الله تعالى:
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
ماذا يعني نزغ الشيطان؟
عند الإستعاذة بالله الشيطان يحترق فوراً :
الدكتور راتب :
خاطر سلبي، خاطر معصية، خاطر مخالفة شرعية.
المذيع:
والحل؟
الدكتور راتب :
﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
عند الإستعاذة بالله الشيطان يحترق فوراً.
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ ﴾
إذا خطر على بالك معصية.
﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
انتهى الأمر.
المذيع:
هل المقصود فيها فقط قول: أعوذ بالله، أم أن المقصود معنى أشمل؟
الدكتور راتب :
لا، إنما قول مع حضور قلب، هناك فرق، يوجد قول، ويوجد قول مع حضور قلب.
المذيع:
هل يمكن أن توضحها لنا دكتور؟
الدكتور راتب :
أنت عندما تتوجه إلى الله، يا رب أنا ضعيف، قوّي في رضاك ضعفي، مثلاً لنأخذ سيدنا يوسف هذا النبي العظيم.
﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾
فأنت قوي بالله، ضعيف مع شهوتك، من دون استعاذة بالله أنت ضعيف.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتورنا، نستأذنك شيخنا بجولة من مشاركات مستمعينا الكرام.
أسئلة المستمعين :
الدكتور راتب :
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾
إذا كنت مع الله كيد الشيطان يكون ضعيفاً، عند البعد عن الله كيده قوي.
المذيع:
الله يفتح عليك يا دكتور، دكتور معن أهلاً بك معنا تفضل.
المستمع:
أجمل تحياتي، السلام عليكم.
المذيع:
وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل يا دكتور معن بسؤالك، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
تحياتي إلى الدكتور محمد راتب النابلسي، ومقدم البرنامج محمد نديم حسن، أطال الله عمرك يا محمد راتب النابلسي، في سبيل نشر هذا الدين العظيم، والله أنا بالنسبة لسؤالي أن الإنسان إذا تقدم من فاحشة هل يدخل الشيطان في هذه الفاحشة؟
الدكتور راتب :
طبعاً.
المستمع:
وبعد ذلك؟
﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ﴾
ما معنى تفسير هذه الآية؟
لا يستطيع أي شيطان أن يغوي إنساناً له صلة بالله :
الدكتور راتب :
أنت إذا كنت مع الله ضعفت قيمته، إذا كنت مع الله ضعف الشيطان أمامك.
المذيع:
شكراً لك يا دكتور معن، معنا جواد باتصال جديد، تفضل يا جواد.
المستمع:
السلام عليكم، كيف الصحة أستاذي، أستاذ محمد كيف حالك؟
الدكتور راتب :
الحمد لله، تفضل.
المستمع:
زادك الله فضلاً، أريد نصيحة منك لأي إنسان يوسوس له الشيطان، وغير قادر على الابتعاد عنه.
الدكتور راتب :
﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لكن بقلبٍ حاضر، لن يبقَ هناك شيطان، أنت معك سلاح فتاك، سلاح ينهيه بكلمة منك.
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، شكراً لك جواد لاتصالك. شيخنا في قول الله تعالى من سورة النور:
﴿ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾
هل الشيطان له خطوات؟
خطوات الشيطان :
الدكتور راتب :
طبعاً، الشيطان ذكي، لا يطلب من الإنسان أن يزني، انظر إليها، هذا جمال إلهي، تحدث إليها، كن لطيفاً، لا تكن متوحش، يدخل خطوة خطوة.
المذيع:
ومن يقع بهذه الخطوات؟
الدكتور راتب :
كل خطوة تنقل لخطوة أشد، إلى أن يفاجأ أنه وقع في الزنى.
المذيع:
دون أن يشعر.
الدكتور راتب :
أبداً، لا بد من ترك هامش أمان بينك وبين المعصية، هامش أمان.
المذيع:
شيخنا في قول الله تعالى بسورة النحل:
﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
ما معنى هذا دكتور؟
الدكتور راتب :
واضحة كالشمس، لا يستطيع أكبر شيطان أن يغوي إنساناً له صلة بالله، أبداً.
المذيع:
إذاً القريب من الله يقويه الله على شيطانه، في قول الله تعالى:
﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ﴾
الاتصال بالله يجعل في القلب نوراً :
الدكتور راتب :
حينما تزل قدم الإنسان انقطع عن الله، عندما انقطع أصبح في ظلام، ظلام المعصية، لأن كل معصية تجلب معصية أكبر منها، عندما انقطع عن الله فقد الصلة بالله، الصلة بالنور الإلهي.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ﴾
دقق:
﴿ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾
المؤمن يستنير بنور الله، مثلاً هذه العين لا قيمة لها من دون ضوء، لو يملك الإنسان عينين بأعلى درجة ستة على ستة، ويدخل لغرفة مظلمة ليس لهم عمل، فكما أن العين تحتاج إلى ضوء يتوسط بينها وبين المرء، والأمور الدينية تحتاج إلى نور إلهي، الاتصال بالله يجعل في القلب نوراً.
﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾
المذيع:
والاستجابة لوسوسة الشيطان؟
تأثير الصديق على الإنسان :
الدكتور راتب :
﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾
المذيع:
الله يفتح عليكم يا دكتور، أبو أحمد تفضل معنا باتصال جديد، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، أريد أن أسأل الشيخ سؤالاً خارج موضوع الحلقة.
المذيع:
أستأذنك يا أبو أحمد لضيق الوقت، نحن مضطرين أن نبقى في الموضوع، معذرة منك يا أبو أحمد بعد الحلقة. مرام تفضلي باتصال جديد، أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، دكتور ربي يعطيك العافية، ويجزيك كل خير.
الدكتور راتب :
الله يعافيكِ وينولك مرادك.
المستمع:
والله إني أحبك في الله يا دكتور، أنت نفحة من نفحات الله، الله بعثك لنا.
الدكتور راتب :
حفظ الله لكِ إيمانك إن شاء الله وأهلك.
المستمعة:
جزاك الله خيراً يا دكتور، دكتور أريد أن أسألك أنا بنت بعمر العشرين، أحياناً يأتيني أحد يدلني على الطريق الغلط، ويقول لي: إن لم تعملي كذا لن يتحقق ما تريدين، أنا أريد أن تصبح وسوسة الشيطان كالخيال، هل أستطيع أن أمنع نفسي عن هذا الشيء؟
الدكتور راتب :
أولاً.
(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا ))
ولا تصاحبي إلا مؤمنة، أهم شيء الصديق، أختي الكريمة كلام علمي دقيق جداً الأب، والأم، والعم، والخال، والأخ الأكبر، وشيخ الجامع، وكل شيء ديني تأثيره على الشباب أربعون في المئة، ورفيق السوء ستون في المئة، أكبر عمل للأب أن يعرف من هو صديق ابنه، أكبر عمل للأم أن تعرف من هي صديقة ابنتها، تأثير صديق السوء ستين في المئة، أما الأب، والأم، والعم، والخال، وشيخ الجامع، فكلهم أربعون في المئة، وصديق السوء ستون في المئة.
المذيع:
بارك الله بكم يا دكتور، شيخنا نختم حلقتنا بالدعاء، نسأل الله القبول.
الدعاء :
الدكتور راتب :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا أخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، ارضنا وارضَ عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.
تلخيص لما سبق :
المذيع:
الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي شيخنا الكريم إذاً حتى نلخص الأفكار التي طرحت في الحلقة لمستمعينا الكرام، في عالم الأزل قبل بداية الحياة البشرية، اختار الإنسان والجان حمل الأمانة، الجان من فسق منهم فكان الشيطان، أذن له الله تعالى أن يكون له دور في حياة الإنسان بأن يوسوس وأن يغري الإنسان بالوقوع في الخطأ، الإنسان مطلوبٌ منه إذا ما شعر بشهوةٍ وهي فطرةٌ أن يستجيب لها بالحلال أو ألا يفكر كثيراً بها.
الدكتور راتب :
أو أن يستعيذ بالله من هذه الوسوسة.
المذيع:
نعم، لكن إن تملكته الدنيا وفكر فيها كثيراً كان دور الشيطان أن يغويه فيقع فيها، فيتخلص من سيطرتها النفسية عليه.
الدكتور راتب :
وعندئذٍ يتوب فيشفى.
المذيع:
ويعود مستقيماً مع الله تبارك وتعالى، الإنسان دكتور في أي موقف يحدث معه وكأن له ملكٌ يعينه، ويذكره بالخير.
الدكتور راتب :
يلهمه الخير.
المذيع:
وشيطانٌ يوسوس بالشر، وهو يختار، وهو يتحمل اختياره أمام الله.
تجنب خطوات الشيطان :
الدكتور راتب :
أبداً.
﴿ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي ﴾
المذيع:
الشيطان دكتور لا يأمر الإنسان بالفاحشة مرةً واحدة، وإنما له خطوات، وأُمرنا أن نتجنب خطوات الشيطان.
الدكتور راتب :
﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾
خطوة خطوة.
المذيع:
بارك الله بكم يا دكتور، والإنسان إذا ما شعر بشرٍ أو برغبةٍ بأداء الشر، يستعيذ بلسانه، وبقلبه، وبأصدقاء الخ
الاستماع للدرس
تحميل النص
إخفاء الصور
