وضع داكن
24-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 45 - وسائل فعالة في تربية الأولاد
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 مرحباً بكم شيخنا الكريم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 الله يحفظكم يا دكتور، اليوم لدينا موضوع دكتور قد يمس الكثير من الناس، له علاقة بالأولاد والأبناء، وذرياتنا، عنوان حلقتنا لهذا اليوم ابني لا يشابهني، وقد يكون هذا من أكبر ما يُؤرق الإنسان خاصة الذي يحمل هماً، إن لم يكن ابنه يحمل ذات الهم معه، نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

 شيخنا الكريم بدايةً هل الخوف من مثل هذا الموضوع تراه فضيلتك خوف في مكانه أم أنه هلعٌ دون مبرر؟

 

أكبر تجارة مع الله على الإطلاق أن تربي أولادك :

الدكتور راتب :
 هذا مكانه وأكثر من مكانه، لا يوجد إنسان على وجه الأرض يمكن أن يسعد وابنه شقي، قال تعالى:

يوجد ترابط وجودي بين الأب وابنه

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

 قال علماء التفسير: ألحقنا بهم أعمال ذريتهم، فأكبر تجارة مع الله على الإطلاق أن تربي أولادك، أعمال أولادك الإيجابية كلها في صفيحة الأب.
المذيع:
 صدقة جارية.
الدكتور راتب :
 أبداً.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾

[ سورة الطور:21]

 أكبر تجارة مع الله، الشيء الأساسي يوجد ترابط وجودي بين الأب وابنه، فإذا شقي الابن لا يمكن لأبٍ أن يسعد أبداً، ولا يوجد شعور إيجابي يفوق أن يكون ابنك قرة عين لك، أن تراه صالحاً، مؤمناً، صادقاً، له دخل معقول، ناجح بزواجه، ناجح بصحته، بأولاده، هو الموقف السلبي لا يحتمل، والإيجابي لا يقدر بثمن.
المذيع:
 شيخنا ما الذي يجري اليوم؟ لماذا كثير من الأولاد الذين لهم آباء وأمهات يحترقون ليكونوا مشاعل من نور لا يشابههم أولادهم بهذا الاحتراق؟

 

التربية من يوم الولادة حتى سن السابعة :

الدكتور راتب :
 والله القضية دقيقة، ما لم تعتنِ بابنك بدءاً من يوم ولادته، هناك مشكلة كبيرة، فإذا أهملته بالسبع السنوات الأولى، وأنت لا تنتبه سيتلقى عادات، وأفكار، ومهارات، وطباع، وأشياء لا ترضي الله، لأنه بلا توجيه، يتحرك نحو غرائزه، ونحو رفقاء السوء، فإذا وجدته انحرف عن منهجك، انتبهت بعد فوات الأوان، درسنا في الجامعة تبدأ تربية الأولاد من يوم الولادة، بكى أرضعته، بكى نظفته، الآن بكى بلا سبب، ينبغي أن لا تحمله إطلاقاً، تبدأ التربية من يوم الولادة، في السبع سنوات الأولى يتلقى كل عاداته، ومفهوماته، ومهاراته، وخبراته، وطباعه، وانضباطه في السبع سنوات الأولى هذا في علم التربية، بعد هذه السنوات العوض بسلامة الأب، يحدث تطور لكن بطيء جداً، وصعب جداً.
المذيع:
 التربية أول سبع سنوات من عمر الطفل
هذا الكلام دكتور يمكن أن يسبب إحباطاً لمن ابنه تجاوز سن السابعة، ولم يستثمر تربيته كاملة.
الدكتور راتب :
 أنا لا ألغي تأثير الأب بعد هذا السن، لكن أقول: تأثيره أصبح ضعيفاً، أخطر شيء أول سبع سنوات، تتشكل شخصية الابن.
 أحياناً يكذب الولد على أبيه، والأب لا ينتبه له، فيرى أن الكذب طريق للنجاة، أحياناً تصبح شخصيته مزدوجة، أحياناً يكون الأب قاس جداً على ولده، فيفعل الولد ما يريد في غياب والده، هناك كثير من الأمراض تأتي من قسوة الأب أحياناً، أو من ذكاء الابن أحياناً أخرى، يعرف طباع أبيه فيبعد عنه كل شيء سلبي، أصبح عنده شخصية ازدواجية، صار عنده انفصام شخصية، يرضي والده بأخلاق معينة وهو ليس مقتنعاً بها، ويفعل ما يشاء بغياب الأب، انتهت الأبوة أساساً بهذه بالطريقة، ما لم يكن هناك تدعيم لهذه القيم منذ البدايات، تنشأ هذه القيم مع طبيعته، مع بنيته.
المذيع:
 كلام جميل! الله يفتح عليكم يا دكتور.

كل أخطاء أولادنا من الآباء والمعلمين حصراً لأنهم قدوة :

الدكتور راتب :
 حسب معلوماتي المتواضعة أعلى المربين في العالم المتقدم يعملون في الابتدائي، أعلى المربين المعلم قدوة لطلابه
وكلما المرتبة، أو كلما المرحلة ارتفعت تقل قيمة المعلم التربوي، تصبح علمية فقط، في الجامعة تحتاج إلى دكتور في موضوع معين، لا يهمنا طباعه إطلاقاً، يهمنا معلوماته فقط، أما في أول مرحلة تهمنا أخلاقه، لو دخن الأستاذ أمام طلابه، أو لمحوه يدخن في الطريق، سيصبح الدخان شيئاً مألوفاً، لو غضب فتكلم بكلمة غير لائقة، فالكلام الغير لائق صار مقبولاً دون أن يشعر، الابن الصغير، هناك تعبير تربوي: كل أخطاء أولادنا شئنا أن أبينا من الآباء والمعلمين حصراً، من الآباء والأمهات والمعلمين.
المذيع:
 لأنهم يقلدوا دكتور.
الدكتور راتب :
 ذهبت مع أمها إلى عند الجيران والمدة طالت، والطبخ تأخر، جاء الأب غاضباً أين كنتم؟ قالت: لم نذهب إلى أي مكان، هذه الصغيرة كذبت أمها على أبيها أمامها، فشربت الكذب ضمن بنيتها، أكيد أقول لك: كل أخطاء أولادنا من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات، دون أن نشعر، أنت قدوة، إذا انفعلت انفعالاً حملك على أن تقول كلمة غير لائقة، أنت قدوة.
المذيع:
 لكن دكتورنا الكريم أحياناً الإنسان، إن جاز التعبير يبتلى ببعض المواقف من الأولاد لا علاقة له بها، كأن يأتي الابن للأم ويقول لها: اليوم سرقت مثلاً.

القدوة قبل الدعوة :

الدكتور راتب :
 له علاقة مع رفيق السوء، أنا أقول كلمة دقيقة وخطيرة: الأب، والأم، والجد، والجدة، والعم، والخال، وكل الأقارب، مع شيخ الجامع، مع أستاذ الديانة، مع كل جهة موجهة، مع ندوة تلفزيونية إسلامية، كل هذه المصادر الدينية تأثيرها في الشباب أربعون في المئة، ورفيق السوء ستون في المئة، فيجب أن يعلم الأب من هم أصدقاء أولاده، يعلم علم اليقين، وينبغي أن تعلم الأم من هي صديقة ابنتها، التأثير ستون في المئة، فلذلك أن تعلم يقيناً من هو صديق ابنك، ويا أختي الكريمة ينبغي أن تعلمي يقيناً من هي صديقة ابنتك، تأثير الأصدقاء ستون بالمئة، وكل المصادر التوجيهية أب، وأم، وعم، وخال، وأستاذ مدرسة، وشيخ الجامع، وندوة تلفزيونية، أربعون في المئة، لذلك قل لي من تصاحب أقل لك من أنت، والصاحب ساحب.
المذيع:
 إذاً أنت ترى شيخنا الكريم في البداية أن الابن خاصة في سن مبكرة سيتلقى من والده، ومن معلمه، أو معلمته هذه الطباع، فمعظم الأخطاء أو الخروج عن المنهج هي تقليد حتى لو لم يقصدها الأب أو الأم.
الدكتور راتب :
 الإبن يقلد الأب والمعلم في تصرفاته
إذا كان الأستاذ في مكان غير مكانه ودخن، هذا أستاذه، هذا قدوته، فالدخان أصبح شيئاً يفتخر به، دون أن تشعر، القدوة قبل الدعوة، الحقيقة التدريس اللفظي لا قيمة له القدوة قبل الدعوة ما دليلها؟

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

[ سورة الأحزاب: 21]

 نبي تكلم، كلامه يحتاج إلى تأويل، ويحتمل التأويل، أما السلوك لا يفهم إلا على وجه واحد، فالسلوك قطعي، لذلك قالوا: سنته العملية، يعني أفعاله لا تحتمل التأويل أبداً، ما صافح امرأةً، لا تحتاج لتأويل، ما أمسك شيئاً لا يرضي الله، فأخطر شيء في السيرة السنة العملية، فأنا أرجح أن نقرأ السيرة مطبقةً على حياته، أولى من أن نقرأ نصوصاً تشرح حياته.
المذيع:
 عليه الصلاة والسلام، شيخنا الكريم، يمكن أن تختار أنت زوجةً صالحة، وأنت تسعى إلى أن تكون إنساناً مستقيماً، فهنا أنت لحدٍ ما يمكن أن تضمن البيئة المنزلية، لكن هل يستطيع الإنسان أن يضبط المدرسة بكل معلميها ومعلماتها، خاصة الأطفال الذين يذهبون بسن صغيرة؟

 

تربية الأولاد أخطر قضية في حياتنا :

الدكتور راتب :
 أنا أقول كلمة هي غير واقعية؛ صغارنا هم المستقبل وهم أمل الأمة
إذا وجدت مدرسة تضمن بها انضباط ابنك، تضمن بها عقيدته السليمة، وأخلاقه العالية، فيها توجيه من أعلى مستوى، ومدرسة مجانية لكن فيها تفلت، الأولاد يدخنون، كلام بذيء، مهما كان القسط غالياً، هذا القسط الغالي تكسب منه أضعاف ما أنفقت، أنا لا أشجع أن أضع الابن بمدرسة خاصة، لكن أريد معلماً حقيقياً، أريد معلماً صاحب رسالة، لا أقبل معلماً مرتزقاً، أخطر شيء في التعليم المعلم المرتزق، لا يهمه أخلاق الطلاب، لا يهمه سلوكهم، لا يهمه القيم والمبادئ، يهمه الراتب فقط، لذلك المرتزق غير صاحب الرسالة.
المذيع:
 هل من السهولة أن نجد مثل هذه المدارس دكتور؟
الدكتور راتب :
 هذه القضية أخطر قضية في حياتنا، هؤلاء الصغار هم رجال الغد، هؤلاء هم المستقبل، هؤلاء أمل الأمة، هؤلاء مستقبل الأمة، هؤلاء قوة الأمة، فإذا تفلتوا، وانحرفوا، وتفرقوا وما تماسكوا، هناك مشكلة كبيرة.
المذيع:
 شيخنا في السن المبكرة يمكن للأهل أن يختاروا لابنهم المدرسة والرفاق، لكن ما أن يبدأ الابن يكبر ويصل مرحلة النضوج للذكور والإناث.

من الصعب وليس مستحيلاً على الأهل الإصلاح بعد سن السابعة :

الدكتور راتب :
 إذا غذي الابن في السبع سنوات الأولى، تنتقل من توجيهات إلى طباع، لو فرضنا الطفل أول ما بدء علّمه كيف يخلع ثيابه؟ لا يخلعها أمام أحد، كيف يطوي ثيابه؟ كيف يعتني بهندامه؟ السبع سنوات الأولى تمضي معه لآخر الحياة، هناك شخص مرتب، غرفته مرتبة، ثيابه أنيقة، هذا كله في البدايات، إذا أهملنا أول سبع سنوات وضعه صعب جداً، أنا أقول كلاماً مؤلماً جداً، نحن نهمل أبناءنا في هذه السنوات.
المذيع:
 لكن بعد سن السابعة لو أراد الأهل الإصلاح، المجال مفتوح دكتور.
الدكتور راتب :
 ليس مستحيلاً لكنه صعب، يوجد فرق بين مستحيل وبين صعب.
المذيع:
 نحن بحاجة إلى جهود أكبر من الأول، لتعويض التقصير.
الدكتور راتب :
 في الأول كان عجينة، كيفما تشكلها تتشكل.
المذيع:
 شيخنا كيف يمكن أن نتعامل مع الفتن والتحديات التي تحيط بأبنائنا والتي قد تخرج عن إرادتنا؟ جزء منها وصولهم لسن التكليف، هذا نتوسع به بعد الفاصل مع فضيلتكم شيخنا الكريم، سنتيح لهذا المحور وقتاً بشكل كامل.
 حياكم الله مستمعينا الكرام من جديد وعلى الهواء مباشرة عبر أثير إذاعتكم حياة FM، عدنا بحول الله تعالى لنواصل حلقتنا تحت عنوان ابني لا يشابهني، وقد يكون هذا أهم مؤرق لكثير من الناس الذين يحملون أفكاراً إيجابيةً في حياتهم لكن للأسف لم يخرج أولادهم أو بناتهم يشابهونهم بهذا الاتجاه في الحياة.
 دكتورنا الكريم مرحباً بفضيلتكم من جديد.

حاجة الابن دائماً إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم.
المذيع:
 شيخنا قبل الفاصل كنا قد طرحنا سؤالاً لنعود إليه نحن ومستمعينا، حينما يكبر الابن ويصل إلى فترة التكليف الشرعي دكتور، تصبح هنالك فتن أحياناً تخرج عن قدرة الأب والأم على السيطرة، رغبات معينة، الأصدقاء في فئة معينة، مطالب باتجاه معين، إدراكه ووعيه وحاجاته تختلف، كيف يتعامل الأهل مع هذه المعطيات؟
الدكتور راتب :
 أولاً بسم الله الرحمن الرحيم، الابن يحتاج إلى حاضنة إيمانية، الحاضنة أصدقاء مؤمنون، فإذا الأب تدخل من خلال أقربائه، من خلال معارفه، من خلال زملائه بالعمل، من خلال جيرانه، انتقى من أولاد هؤلاء الأولاد الراقين، وجعلهم أصدقاء ابنه، بذلك الابن حقق حاجته إلى صديق على مستوى عال من التربية، لم يعد هناك مشكلة.
المذيع:
 لكن وهو صغير دكتور ابنك من الممكن أن تختار له أصدقاءه، لكن عندما يكبر يريد أن يختار بنفسه.
الدكتور راتب :
 هو عندما يثبت على هذه الكمالات لا يقبل صديقاً آخر دون أن تشعر، هو بني بناءً صحيحاً، مثلاً بني على الكلام المنضبط لو اختار صديقاً كلامه بذيء لا يتكلم معه، لا يتحمله.
المذيع:
 دكتورنا هذا الطفل سيكون مثالياً، سيكون طفلاً مثالياً في هذه الحالة.

 

القيام بجلسة حوار مع الأولاد وإذا ألغيتها ألغيت وجودك :

الدكتور راتب :
 سيدي أغلى شيء في حياتنا أولادنا، لا يمكن لأب على الإطلاق أن يسعد وابنه شقي، إذا أهملته تهمل نفسك.
المذيع:
 نحن لا نريد أن نهملهم دكتور لكن قد تربي باتجاه معين، لكن يذهب إلى المدرسة ويعود بأفكار مختلفة تماماً دكتور.
الدكتور راتب :
 لابد من الحوار مع الأولاد
أنت تعلمه أن يقول لك كل شيء صار معه، لابد من جلسة حوار مع الأولاد، إذا ألغيتها ألغيت وجودك.
المذيع:
 حوار أن اليوم حصل معي كذا؟
الدكتور راتب :
 لا، تجلس معهم على الطعام، تعمل وجبة طعام ثابتة مع الكل، قد يكون العشاء، أو الظهر، العشاء أولى شيء، هذه الجلسة ليست قضية أكل، قد تستمر ساعة أو ساعتين، ونحن نأكل: ماذا سمعت يا ابني اليوم ممن حولك؟ يخبره، فتقول له: هذا ليس صحيحاً، هذا خلاف القرآن، أنت عندما تحاوره تفهم ما سمع، تفهم ما تحدث به مع رفاقه، تفهم كيف هو يفكر.
المذيع:
 وبالتالي لو كان التوجيه باتجاه الخاطئ، الأب هنا يعيد البوصلة.
الدكتور راتب :
 لكن يصحح له، إذا ما حاورت ابنك، ألست أباً؟ يقول لك: يا أخي أنا والله أعمل من أجلهم، أخرج قبل أن يستيقظوا، وأرجع بعد أن يناموا، إذاً أنت لست أباً، ما دمت تغادر البيت قبل أن يستيقظوا، وتعود بعد أن يناموا، أنت لست أباً.
المذيع:
 هو لأجل النفقة عليهم دكتور.

على الأب أن يبدأ بمحاورة أولاده بسن مبكرة :

الدكتور راتب :
 لا، هناك أولويات، أعط كل ذي حقٍ حقه، أمن الطعام، لكنه ما أمن التربية، أمن الطعام فأصبح ابنه كاذباً، أمن الطعام لكن ابنه علق بعادة لا ترضي الله.
المذيع:
 ابتداءً من أي عمر يبدأ الأب بمحاورة أولاده؟
الدكتور راتب :
 مثلاً منذ بداية حديثهم في حوار بسيط، وجد معه قلماً غالي الثمن، من أين لك هذا؟ رفيقي أعطاني إياه، غير معقول، قلم باركر لماذا يعطيك إياه؟! مستحيل، لا بد أنه أخذه بشكل ما، يجب أن تتحقق، هذا ابنك، وقع من يد رفيقه فأخذه ووضعه بجيبه، وعندما سألته قال لك: هذا رفيقي أعطاني إياه، لماذا يعطيك قلم باركر؟ يجب عليك الذهاب إلى المدرسة حتى تسأل عن القصة، إذا لم يكن عندك وقت لتربي ولدك ستجده في المستقبل متعباً جداً.
المذيع:
 فالتربية هي الأفضل منذ البداية، نستأذنكم شيخنا بإشراك مستمعينا الكرام بهذا الحوار معنا، معنا محمد تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، يعطيك العافية شيخنا، الله يعطيك الصحة والعافية، والله أنا أحبك في الله، الله يخليك يا رب، شيخنا أنا إن شاء الله مقبل على الزواج، أرى من المحيط حولي أولاد أخواتي تقريباً من جيلي، أستغرب من أسلوب الأهل في التعامل، وكذلك الأولاد خارج نطاق السيطرة تماماً، حتى أنا عندما أتكلم معهم وأنصحهم، هذا الولد، أو هذه الفتاة، أنا أعرف أنهم من داخلهم يستهزئون بكلامي، أنا متردد وخائف من هذا الشيء، أخاف أن يكون أولادي كذلك عندما أتزوج، ما هي الطريقة؟
المذيع:
 شكراً يا محمد.

أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 ابنك تغير بأفكاره وسلوكه من صحبة أبناء الآخرين، هناك مشكلة كبيرة جداً، يجب أن تتابعها، إذا لم يكن عندك وقت لابنك، ابنك لن يكون كما تتمنى، لا بد من المتابعة، إذا كان هناك متابعة فلا مشكلة.
المذيع:
 معنا أبو محمد باتصال جديد، تفضل يا أبو محمد.
المستمع:
 السلام عليكم، دكتور محمد راتب النابلسي نرحب بك، والمستمعين إن شاء الله، دكتور نسمع دائماً أن الطفل يكون مكتوب على جبينه، والله أعلم طبعاً، طفل سعيد أو طفل شقي.
الدكتور راتب :
 هذه الفكرة اركلها بقدمك.
المذيع:
 لا وجود لها دكتور؟
الدكتور راتب :
 أعوذ بالله.
المستمع:
 لا وجود لها أبداً؟!
الدكتور راتب :
 لو كانت موجودة فلا داعي للأنبياء إطلاقاً، أنبياء، ورسل، ودعاة، وقرآن، وسنة.
المستمع:
 نسمع من زمان، كبار السن يقولون ذلك، فلذلك أحببت أن أستفسر عنها.

الطفل في عمر السنتين يبني شخصيته أحياناً على الرفض :

الدكتور راتب :
 لا أصل لها، إنها تلغي الدين، هذا يدعى المنهج الجبري.
المذيع:
 شكراً لك يا أبو محمد ولمشاركتك معنا ولطرح سؤالك شكراً جزيلاً. إلى اتصال جديد، معنا محمد تفضل يا محمد.
المستمع:
 السلام عليكم، أحبك في الله شيخنا الكريم، الله يسعدك يا رب، والله شيخي الكريم أنا عندي طفلين، طفل عمره سنة ونصف، وطفل عمره سنتين ونصف، سؤالي: أنا أحياناً أحب كثيراً أن أتجاوب معهم خاصة بهذا العمر، مع العلم أنه من المبكر جداً في هذا العمر أن تتحدث معهم، ولكن تعرف أن التعليم واجب مهما يكن؟
الدكتور راتب :
 لا، أول فترة ليس لها علاقة، الطفل أحياناً في هذا السن يبني شخصيته على الرفض، لا أريد، قال: لا أريد فقط ليُظهر لك أنني لست مثلك، أول ظاهرة لظهور شخصية الطفل هو الرفض، وهو رفض بلا معنى، لا علاقة لها، أبداً.
المذيع:
 كيف يتعامل الوالدان معها دكتور حتى يقوي من سلوكه ولا يعنفوه بطريقة لا تتناسب مع صغر سنه؟

للتعنيف آثار سلبية في حياة الأولاد :

الدكتور راتب :
 والله أنا التعنيف لا أقبله أبداً، التعنيف له آثار سلبية في حياة الابن:

((علموا ولا تعنفوا ))

[الحارث عن أبي هريرة ]

 تعنيف الأولاد له آثار سلبية جدا
التعنيف له أثار سلبية جداً جداً، عود ابنك على الإقناع، أعطه مهلة يغلط مرة ثانية، وثالثة، بعد ذلك تلجأ إلى عقاب مؤلم له قليلاً، مثلاً شيء يحبه، لا تحضره له، تقول له: لأنك أحزنتني، الجأ إلى الحوار معه، بالحوار والمكافآت والعقوبات غير المؤلمة، التي لا حرمان فيها.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور! علي معنا باتصال جديد، تفضل.
المستمع:
 الله يعطيك العافية، أنا بصراحة أحب أن أشارك بقضية أن هذا الحوار الجيد، الذي تديره مع فضيلة الشيخ، حوار ممتاز، لكن بصراحة ينقصه كثير من القضايا الموجودة الآن المؤثرة على شخصية الطفل، يعني أنا أرى أنكم تخوضون في قضايا صراحة أكل عليها الدهر وشرب، في موضوع الحوار.
المذيع:
 ما المطلوب أخي حتى أنا أفهم عليك؟
الدكتور راتب :
 أعطني مثالاً؟
المستمع:
 موضوع مثل حوار الأجيال، تريد أن تحاور ابنك الآن هناك عشرات الآلاف من المؤثرات على الابن، بلاي ستيشن الموجودة في البيت تطرح فكر العنف، وفكر التطرف عند الأولاد، المنتديات الحادة الموجودة الآن في مجتمعاتنا، أنا أعرف بعض الأطفال الآن أمهاتهم من كبار المربيات لكنهم أصبحوا ملحدين، وأنا أعرف كل الوسائل التي تحدث عنها فضيلة الشيخ الله يجزيه الخير، ورثت مع هذا الشخص، لكن هذا الشخص في النهاية كان الثمرة والنتيجة أنه إنسان لا يؤمن بالله.
المذيع:
 نقطة مهمة، هو يمكن عفواً أخي علي نحن بدأنا في السن الصغيرة، والجزء الثاني من الحلقة هو عن الأكبر سناً.
المستمع:
 نحن نريد أن نترك هذا الحوار التقليدي، ونبدأ بحوار ثان.
المذيع:
 شكراً لك أخي علي الفكرة أصبحت واضحة.

 

متابعة أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 أعطني اقتراحاً لطريقة أخرى في الحوار؟
المستمع:
 نريد أن نتكلم عن مستلذات العصر بصورة تلامس الواقع.
المذيع:
 وصلت الفكرة أخي علي شكراً لك، نقطة مهمة، للتوضيح بدأنا بالحديث عن السن الصغيرة منطقياً، وننتقل بعد قليل للأكبر سناً، مع ذلك شكراً لحرصك أخي علي. دكتور نأخذ إيمان ثم نعيد الأسئلة كلها ونجيب عليها إن شاء الله، إيمان تفضلي أختي الكريمة.
المستمع:
 يعطيك العافية أستاذ، كيف حالك يا دكتور إن شاء الله تمام؟
الدكتور راتب :
 أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
 والله يا دكتور الموضوع قوي جداً، أنا أريد أن أسأل حضرتك عندما تكذب الأم كثيراً، تكذب لدرجة غير طبيعية، فكيف ستربي ابنها عندما يكون عندها ابن صغير، وكيف يستطيع الزوج أن يتغلب على كذب هذه المرأة؟
المذيع:
 شكراً لك أخت إيمان، أيضاً سؤال نطرحه. معنا نسرين بسؤال جديد تفضلي.
المستمعة:
 السلام عليكم، يعطيكم العافية، أريد أن أسأل الدكتور محمد راتب النابلسي، عندي بنت عمرها تسع سنوات، وأختها عمرها ثلاث عشرة، البنت التي عمرها تسع سنوات أحببها كثيراً بموضوع الصلاة، وأنا الحمد لله ملتزمة، لكنها تقول لي: أنا لا أريد أن أصلي، طبعاً لا أعرف لماذا؟ أحاول أن أقنعها بالأساليب الجيدة، دون أن أجبرها، أن تأتي وتصلي بجانبي تجيبني لا أريد أن أصلي، ما السبب؟ لا أعرف، أختها الكبيرة دائماً أذكرها، هل في هذا العمر يجب التذكير والتحفيز، أم أنني تأخرت على ذلك؟ أم أنه لا مشكلة.
المذيع:
 شكراً لك أخت نسرين أيضاً لطرح نقطتك، شكراً جزيلاً لك.
 دكتورنا الكريم، علنا نجيب بشكل سريع بعد إذن فضيلتكم، حتى ننتقل إلى فاصل، وإلى جولة جديدة من بعد إذن مستمعينا. أخونا محمد دكتور كان يطرح بأن أقاربه في سن المراهقة إن جاز التعبير أو التمييز مثل خالهم عندما يتكلم معهم اعمل كذا وكذا، أمامه يقولون نعم، ثم يتجاهلون، كيف يتصرف؟

النصائح لها حد دقيق جداً إن زادت عن حدها انقلبت إلى ضدها :

الدكتور راتب :
 والله إذا كان هناك تعنيف من الأب، عندها سيكذب الابن، إذا أخطأ ولم يعنفه بل أقنعه، أقنع ولا تقمع، القمع يوصل إلى الكذب، إذاً هناك مخالفة.
المذيع:
 أمامك دكتور يظهر وجهاً ومن خلفك وجهاً آخر.
الدكتور راتب :
 تقول له: هذا الشيء مثلاً لا يناسبك لمستقبلك، وأنت حر، أنت حر، أنا لا أجبرك، لكن تعطيه حرية، ولا تعنفه على خطئه، يعود بعدها ليصارحك، يصارحك تقنعه، أما إذا كان هناك تعنيف، سيصبح هناك كذب، من أين يأتي الكذب؟ أخطأ فضربه والده، هنا لا بد أن يكذب، أما مثلاً كسر قطعة غالية، بابا أنا كسرتها، خيراً إن شاء الله، في المرة القادمة انتبه فهي غالية، ما دام هناك توجيه لطيف، ما دام لا يوجد عنف، العنف يولد الكذب أخطر شيء أب عنيف، أو أم عنيفة.
المذيع:
 لكن أحياناً دكتور الطفل في سن معينة قد يظهر وجهين أمامك، أنه إيجابي، حتى يتخلص من كثرة النصائح، مثلاً قد يدخن، ويقول لك: أنا لن أدخن بعد اليوم.
الدكتور راتب :
 لا، النصائح لها حد دقيق جداً، إن زادت عن حدها انقلبت إلى ضدها، التوجيه في الأسبوع مرة، كل ثلاثة أيام مرة بكلمة واحدة، إذا التوجيهات كثرت يمل منها، لن يستمع لها أبداً، هذا التوجيه كالملح في الطعام، إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.
المذيع:
 وإذا أنا يا دكتور أوجهه على شيء، ومن ورائي يفعل عكسه، ماذا أفعل؟

التغافل قمة الذكاء :

الدكتور راتب :
 التجاهل، ارتكب من ورائك عشرة أخطاء، أحاسبه على واحد فقط، وأتعامى على البقية، هذا اسمه التغافل، والتغافل قمة الذكاء، أنا لن أحسابه على الاثنتين معاً، على غلطة واحدة، أولاً بالشرح، أقول له: هذا خلاف قيم الإنسان، خلاف مستقبله، خلاف سعادته، بعد يومين أشرح مشكلة ثانية، أما عشر ملاحظات في يوم واحد لن يسمع منك أي نصيحة، لا فائدة.
المذيع:
 دكتور إيمان طرحت فكرة إذا كان الطفل يكذب، أو عفواً الأم تكذب كثيراً، كيف نحاول تقويم هذا الشيء؟
الدكتور راتب :
 والله الكذب له أسباب، لي كلمة دقيقة: الزوج القاسي زوجته تكذب عليه، الأب القاسي ابنه يكذب عليه وهكذا، إذا كان قول الصدق لا عقاب عليه، لكن يوجد مدارسة، يوجد مناصحة، أنا ضد العنف، العنف لا يولد إلا الكذب، والعنف يولد العنف والكذب، العنف مع الصغار، والكذب مع الكبار.
المذيع:
 دكتور سنقف إلى فاصل قصير ومن بعده نجيب على الأخ علي، وعلى الأخت نسرين في قضية الجانب الديني، إذا الأولاد وصلوا مرحلة الإلحاد، أو إذا كان يرفض الصلاة كيف نتعامل معه؟ نستأذنكم مستمعينا وشيخنا الكريم، فاصل ونعود فابقوا معنا.
 من جديد وعلى الهواء مباشرةً مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي. شيخنا الكريم بدأنا بالشق الأول من الحلقة وتحدثنا بأن الأطفال يفترض على الإنسان من لحظة الولادة حتى عمر السابعة، أن يزرع فيهم القيم، والأنماط، والسلوك، فهو إذا نشأ على هذا حتى على مستوى النظافة، الترتيب، تنظيف أسنانه، فإنه سيكتسب المهارات بإذن الله بشكل دائم، تحدثنا بعد ذلك دكتور عن الفطرة التي يبلغ فيها سن التمييز، ويبدأ بالأشياء الجادة، وشخصيته بأن من الضروري أن يراعى بهذه المساحة وأن يعطى رأيه، ولكن المتابعة الدائمة من الأهل، وأن هذا هو أغلى مشروع لك في حياتك، وذكرت فضيلتك بأنه الإنسان أولاده صدقة جارية هم وأعمالهم ونجاحهم الأخروي والدنيوي في ميزان حسناته.
 دكتور عندما يكبر الأطفال هنا أنتقل لسؤال الأخت نسرين بعمر الثالثة عشرة ويرفض الصلاة، كيف يتعامل الأهل معه دكتور سواء الولد أو البنت؟

اختلاف تعامل الأهل مع الأولاد بعد سن معينة :

الدكتور راتب :
 إذا رفض الابن أو البنت أمراً لا أضخم الموضوع كثيراً، شيء طبيعي، رفض غير مقصود، رفض طبيعي، أتركه، إن رفض شيء أتركه يومين أو ثلاثة، لكن أتكلم معه في جلسة عن فوائد الصلاة، أعطيه إيجابيات، الإنسان عقل، أبين له صورة الصلاة الرائعة، علاقة المصلي مع ربه، توفيقه في دراسته، ما هي نقطة ضعفه؟ دراسته، توفيقه بصحته، توفيقه بمستقبله، توفيقه بنجاحه، أربط له الصلاة بالنجاح.
المذيع:
 ولو لم يقتنع دكتور؟
الدكتور راتب :
 لا سوف يقتنع، أنا أعطيه هذا الكلام مع التراكم يؤثر، لم يقتنع بجلسة أو اثنتين أو ثلاثة، لا أكثر من التوجيهات، من حين لآخر.
المذيع:
 لا تستطيع أن ترى ابنك دكتور بعيداً عن فرض الصلاة لعدة أيام، يتأثر الأهل أحياناً.
الدكتور راتب :
 أجل، لكن هذا اختياره، ما دام أصبح كبيراً هذا اختياره، أنا أقنعه بتغيير اختياره، ولا أقول له: قم إلى الصلاة، يصلي بلا وضوء، إذا أجبرته يصلي بلا وضوء.
المذيع:
 لا نريد أن يصل إلى هذه المرحلة؟

من احتشمت بسن مبكرة قبل التكليف أصبح التكليف سهلاً :

الدكتور راتب :
 لا، لا.
المذيع:
 يجب أن يصلي وهو مقبل على الصلاة.
الدكتور راتب :
 مقتنع بالصلاة.
المذيع:
 نفس الشيء الحجاب مثلاً دكتور للبنات، عندما تصل الفتاة إلى سن التكليف الشرعي؟
الدكتور راتب :
 احتشام البنت في الصغر يجعلها تتقبل الحجاب في الكبر
لا ، عندما تكون ثياب البنت محتشمة وهي صغيرة بعمر الثلاث سنوات، لا ترتدي تنورة قصيرة جداً، اللبس المتفلت في الصغر، يجعل تقبلها لموضوع الحجاب صعباً جداً، إذا كان لباسها محتشماً وهي صغيرة، الحجاب لم يعد قضية، أصبحت القضية سهلة، يعني نقلة بسيطة جداً، أما التفلت الكامل بسن معينة، ثم تقول لها: اليوم تحجبي، هذا صعب، عندنا حجاب تأديبي وليس حجاباً شرعياً في مرحلة ما قبل التكليف، قبل التكليف عمرها سبع سنوات، ترتدي تنورة قصيرة أمام الضيوف، هذا غلط، إذا كان لباسها محتشم بسن مبكر قبل التكليف، أصبح التكليف سهلاً.
المذيع:
 دكتور قضية طرحها يمكن الأخ علي، اليوم بعض أبناء المتدينين، وصلوا إلى مرحلة من الإلحاد، غير مقتنع بما حوله، مع أن الأهل بذلوا كل الجهود بلا نتيجة.

 

الإجبار على الإيمان لم يفعله الأنبياء أساساً :

الدكتور راتب :
 أنا لي رأي قاسي سأتكلم عنه: إذا أحب الابن أباه وهو في البيت، أحب دينه، إذا كان الأب في البيت عنيف، يكره الابن دينه، هناك آباء يتصفون بالعنف، الأب كتلة متجانسة، ي البيت رحيم، لطيف، ودود مع أولاده، فيحب الولد دينه، الدين يحب من صاحبه سيدي، وهناك أولاد يكرهون الصلاة بسبب آبائهم، لم يصلي فضربه، هذا لا يجوز.
المذيع:
 لو أن الأهل دكتور قاموا بكل الجهود الدنيوية المطلوبة منهم، وكانوا لطيفين، ورحيمين، ومقنعين، إلا وقاموا بها، والنتيجة بلا جدوى.
الدكتور راتب :
 معنى ذلك أن هذا اختيار الولد، هو أدى الذي عليه.
المذيع:
 أنا كولي أمر لا أحاسب؟
الدكتور راتب :
 لا أبداً، أنت بعد أن تؤدي الذي عليك حسن توجيه، حسن معاملة، تأمين حاجاته كلها، ونصيحته، بعد ذلك أخذ قراره هذا، وأصبح هو صاحب القرار.
المذيع:
 لكن هذا ابني دكتور، وأريد أن أنقذه من النار، هو وقع في شرك الإلحاد.
الدكتور راتب :
 سيدي الإجبار على الإيمان لم يفعله النبي أساساً، أي سيدنا إبراهيم، هناك أنبياء آباؤهم كفار، وأنبياء أولادهم كفار، هذا لم يعد اختيارك، أنت أديت الذي عليك، من حسن رعاية، وعناية، ولطف، ومودة، وإقناع، وأدلة، وبراهين، بعدها ستجد نتيجة، وإن لم تجد نتيجة فهذه حالة نادرة، ليست هي الأصلية، هذه نادرة.
المذيع:
 إذاً حتى الوقاية دكتور، حتى لا نصل أصلاً إلى هذه المرحلة التي يخرج فيها أولادنا هذا الخروج العنيف عن طريق الصواب، لا قدر الله بالوقوع بشرك الإلحاد، أو الإباحية، أو ما شابه، فأنت كما تفضلت يجب أن تربي من البداية، يجب أن تختار الأصدقاء، أن تقوّم السلوك لكن بلا عنف، بلا تحطيم، يجب على الأب أن يكون له دور ملاطفة ومداعبة هو والأم مع الأولاد حتى ينشؤوا ويحبوا الوالدين، فيحبوا دينهم.

على الآباء محاورة أولادهم لأن العنف يخلق العنف والإقناع يوصل إلى الإقناع :

الدكتور راتب :
 درسنا كتاباً في الجامعة لعالم نفس فرنسي فرانس فانون، هذا العالم له كتاب من أهم الكتب، عنوانه العنف لا يلد إلا العنف.
المذيع:
 حتى عنف الوالدين.
الدكتور راتب :
 أكبر خطأ طرد الولد من المنزل
من الولد إلى الحاكم، العنف يخلق العنف، الإقناع يوصل إلى الإقناع، وأنا لي رأي دقيق، إياك أن تواجه فكراً آخر لا تحبه من ابنك بالضرب، إياك.
المذيع:
 والحوار بالحوار.
الدكتور راتب :
 والحوار بالحوار، هو يقول لك رأيه، فهل تقوم وتضربه؟ لا هذا الفكر يواجه بفكر مع أدلة، لا تستطيع، قل لمعلم الديانة، اجمعه مع عالم، إذا الأب ليس عنده إمكانية ليقنع ابنه، ابنه ملحد، لا داعي للقسوة، يزداد إلحاداً، تنفره، ما دام عنده فكر إلحادي، أقنعه عن طريق عالم.
المذيع:
 وهنا عليه أن يصبر على وجوده بالحسنى، حتى لو كان بعيداً بهذه الطريقة.
الدكتور راتب :
 أنا لي رأي آخر أخاف منه كثيراً، إياك أن تطرد ابنك من البيت، لأنك تفقد بذلك السيطرة عليه، خرج من البيت، مشى مع رفقاء السوء، أعرف أباً طرد ابنه من بيته فسافر، وارتكب جريمة، ثم أُعدم، إياك أن تحمل ابنك على الخروج من البيت.
المذيع:
 مهما يكن يستطيع أن يسيطر عليه لعله يستجيب له.
 نختم الحلقة بالدعاء دكتورنا الكريم.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، ارضنا وارضَ عنا، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي كان حديثنا أيها المستمعين الكرام في هذه الحلقة الإذاعية من حياة FM، تحت عنوان ابني لا يشابهني، كي لا نقع في هذا نسأل الله أن يعيننا أن نكون على خير حال، أجمل تحية لكم أينما كنتم. سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور