وضع داكن
25-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 46 - تعظيم شعائر الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
  يا ربنا صل وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مستمعينا الكرام، هذا مجلس علمٍ نلتقي فيه نحن وإياكم على يدي فضيلة العلامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، نتذكر فيه فضل العلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

(( لا يَقْعُدُ قومٌ يذكرون الله عزَّ وجلَّ إِلا حَفَّتْهُم الملائكةُ، وغشيتهم الرحمةُ، ونزلت عليهم السكينةُ، وذكرهم الله فيمن عنده))

[مسلم والترمذي عن الأغر عن أبي مسلم رحمه الله]

 يا رب اجعلنا من أولئك القوم الذين لا يشقون بعدها، فضيلة الدكتور أهلاً ومرحباً بكم.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أكرمكم الله دكتور، حلقتنا لهذا اليوم شيخنا الكريم، نتحدث فيها عن تعظيم شعائر الله، نبدأ حلقتنا بقول الخالق عز وجل:

﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾

[ سورة الحج: 30]

 وفي قوله عز وجل:

﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

[ سورة الحج: 32]

 حينما نتحدث دكتور ونقول: تعظيم حرمات أو شعائر الله، ما المقصود بهذا المصطلح بدايةً؟

الإيمان الذي لا يحملك على طاعة الله لا يقدم ولا يؤخر :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
آيةٌ دقيقةٌ جداً.

﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة الحاقة: 30 - 32]

 إبليس آمن بالله.

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾

[ سورة ص: 81 ]

 الإيمان الحق يقودك إلى طاعة الله
لكن ما آمن بالله العظيم، كلام دقيق جداً، معظم الناس يؤمنون بوجود الله، لكن ما طبقوا منهجه، ما التزموا بأمره، ما انتهوا عما نهى عنه، ما فعلوا ما أمروا به، أن تؤمن بالله هذا إبليس آمن بالله، والآية واضحة، لكن إبليس ما آمن بالله العظيم، أي أن الإيمان الذي لا يحملك على طاعة الله لا يقدم ولا يؤخر، الإيمان الذي لا يحمل صاحبه على طاعة الله، والائتمار بما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر، لا يقدم ولا يؤخر، إيمان تقليدي، إيمان شكلي، إيمان ورثناه من آبائنا وأجدادنا، إيمان البيئة فرضته علينا، أما الإيمان الذي ترقى به، تسمو به، تسلم به، تسعد به، تنجز أعمالك به، الإيمان مبني على تفكر، الله ماذا قال:

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾

[ سورة البقرة: 191]

 فعل مضارع، والمضارع يعني استمرار.

﴿ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة البقرة: 191]

 أخي الكريم ومضة واحدة، الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، أي يدخل في جوف الشمس مليون وثلاثمئة ألف أرض، بينهم مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر، والله قال:

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾

[ سورة البروج: 1]

 أي أن الأرض في دورتها حول الشمس تمر باثني عشر برجاً، أحد هذه الأبراج برج العقرب، كنت في أمريكا دخلت إلى متحف فلكي، هذا البرج موجود في قبة دقيقة جداً، وصلوا بين نجومه خطوط، كالعقرب تماماً، يوجد نجم صغير جداً أحمر اللون متألق اسمه قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما، هذا الإله العظيم يعصى، ألا يخطب وده؟ ألا ترجى جنته؟ ألا تخشى ناره؟ الدليل:

﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾

[ سورة الحاقة: 32]

المذيع:
 ليس فقط لا يؤمن.

 

من آمن بالله ولم يعظمه فهناك خلل في إيمانه :

الدكتور راتب :
 بالله العظيم، ضع تحتها خمسة خطوط.
المذيع:
 معنى ذلك دكتور إذا آمن بالله لكن لم يعظم الله فهنالك خلل في الإيمان؟
الدكتور راتب :
 أبداً، والإيمان لا يجزأ، ولا تقطف ثماره، مثلاً: لو أنك زرت أحد أقربائك في العيد، ابنهم الصغير قال لك: أنا معي مبلغ عظيم، كم تقدر هذا المبلغ العظيم في الأردن؟ مئة دينار، أخذ من أخواله، من أعمامه، فإذا قال مسئول كبير في البنتاغون: أعددنا لهذه الحرب مبلغاً عظيماً، مئتي مليار، فإذا قال ملك الملوك، ومالك الملوك.

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113]

 هناك فوز عظيم، مكانة عظيمة عند الله وفوز عظيم.

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلى بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي، من أقبل علي منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ حديث قدسي]

الفرق بين الآلاء والنعم :

 شيء دقيق جداً: يا رب كيف أكون عند حسن ظنك؟

(( قال: ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))

[ حديث قدسي]

 الآلاء هي الآيات الدالة على عظمة الله
بآلائي: كي يعظموني، وبنعمائي: كي يحبوني، وببلائي: كي يخافوني.
المذيع:
 وما الفرق بين الآلاء والنعم دكتور؟
الدكتور راتب :
 الآلاء الآيات الكونية، الشمس، القمر، النجوم، القلب، الرئتين، الدماغ، الآلاء: الآيات الدالة على عظمة الله.

(( ذكرهم بآلائي ))

[ حديث قدسي]

 هو أصل النص.

(( يا رب ))

[ حديث قدسي]

 إنسان ناجى ربه.

(( أي عبادك أحب إليك؟ حتى أحبه بحبك؟ ـ وقع في قلبه ـ إن أحب عبادي إلي، تقي القلب، نقي اليدين، لا يمشي إلى أحد بسوء، ـ دقق ـ أحبني، وأحب من أحبني وحببني إلى خلقي، قال: يا رب، تعلم أنني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ قال: ذكرهم بآلائي ))

[ حديث قدسي]

 بالآيات الكونية، والتكوينية، والقرآنية.

(( ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))

[ حديث قدسي]

 بآلائي؛ كي يعظموني، بنعمائي؛ كي يحبوني، ببلائي؛ كي يخافوني.
المذيع:
 سبحان الله إذاً دكتور حتى نعظم شعائر الله، النقطة الأولى أن يعظم الإنسان الخالق سبحانه وتعالى، فيعظم في عينه، فتعظم شعائر الله، حينما نقول دكتور مصطلح شعائر الله ما المقصود به؟

 

العبادات الشعائرية :

الدكتور راتب :
 المسالك إلى الله، سبل الوصول، مثلاً جامعة ما شعائرها؟ الطريق إليها، الطريق منوع، أن تحمل شهادة ثانوية توجيهية، أن تدفع القسط، أن تتأدب بآداب طالب الجامعة، أن تأتي في الوقت الصحيح، أن تنتبه للمدرس، أن تؤدي التكليف، أن تؤدي الامتحان، سبل الوصول إلى الله.
المذيع:
 إذاً كل الطرق والعبادات والمنهج الذي يوصل إلى الله.
الدكتور راتب :
 العبادات التعاملية والشعائرية.
المذيع:
 كلاهما من شعائر الله.
الدكتور راتب :
 الشعائر: الصوم، والصلاة، والحج، والزكاة، والشهادة، العبادات الشعائرية: الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، لكن لابد من وقفةٍ متأنية سريعة.

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل يا رسول الله جلهم لنا ، قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ))

 الصيام:

(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ))

[البخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ]

 الزكاة:

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 53]

 الحج:

(( من حج بمال حرام ووضع رجله في الركاب وقال: لبيك الله لبيك، ينادى أن لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك ))

 الشهادة:

(( من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها، قال: أن تحجبه عن محارم الله ))

 هذه عبادات شعائرية: صلاة، صوم، حج، زكاة، شهادة.

 

العبادات التعاملية :

 أما التعاملية: عندما سيدنا جعفر قابل النجاشي ملك الحبشة، قال حدثني عن الإسلام:

(( قال: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا))

[ ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 الآن العبادة التعاملية.

(( بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء))

[ ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]

 هذه عبادة تعاملية، والكلام الدقيق جداً: العبادات الشعائرية كالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية.

(( ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط ))

[الجامع الصغير عن أنس]

المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، شيخنا الكريم، مستمعينا الكرام، سنتوقف إلى فاصل قصير، ومن بعده نعود لنواصل هذه الحلقة المباشرة مع فضيلة العلامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، وعنوان نقاشنا بها تعظيم شعائر الله، فاصل وابقوا بالقرب.
 شيخنا الكريم الله يجزيكم الخير للمقدمة الجميلة، وللمعاني الراقية التي انتقلنا إليها قبل الفاصل، الآن دكتورنا عندما نتحدث ونقول: تعظيم شعائر الله، المقصود فيها أن تعظم كل ما يوصل إلى الله، بالسبل التي تصلك إلى الله عز وجل، هل جزء من هذا التعظيم الأمور الدينية مثلاً كالقرآن الكريم، والمساجد؟

 

العمل الصالح علة وجودنا الوحيدة في الدنيا :

الدكتور راتب :
 كلمة دقيقة جامعة مانعة قاطعة: الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق كسب التاجر الصادق أطيب كسب
أن تكون أباً صالحاً طريق إلى الله، أن تكوني أماً صالحة الطريق إلى الله، أن تكون ابناً صالحاً، بنتاً صالحةً، صديقاً صالحاً، قريباً صالحاً، تاجراً صالحاً، إن أطيب الكسب كسب التجار، من هم؟ الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان لهم لم يعسروا وإذا كان عليهم لم يمطلوا.
 سبع صفات، الحِرَف كلها طرق إلى الله عز وجل، أنت بإمكانك أن تتقرب إلى الله بكل شيء، بحياتك الخاصة، بأهلك، بأولادك، بجيرانك، بأقربائك، بزبائنك، بالمرضى إن كنت طبيباً، بصاحب المشكلة إن كنت محامياً، البناء إن كنت مهندساً، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، خلقنا للعمل الصالح، النقطة الدقيقة جداً؛ علة وجودنا الوحيدة في الدنيا العمل الصالح، الدليل يقول إنسان يوم القيامة:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 إذاً العمل الصالح علة وجودنا أي سبب وجودنا، والعمل الصالح لمَ سمي صالحاً؟ لأنه يصلح للعرض على الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً؛ ما ابتغي به وجه الله، وصواباً؛ ما وافق السنة.
المذيع:
 شيخنا أحياناً نتحدث ونقول: تعظيم شعائر الله، نحن لا يرتبط في بالنا المقصود فيها تعظيم شعائر الله إذا ما رفع الأذان أن تنصت بأدب، إذا ما كان القرآن أن تضعه فوق باقي الكتب، إذا ما كنت في المسجد.

 

إتقان العمل من شعائر الله :

الدكتور راتب :

﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾

[ سورة الأعراف: 204]

المذيع:
 هل هذا هو تعظيم شعائر الله، أم هذا جزءٌ منها دكتور؟
الدكتور راتب :
 الشعائر جمع شعيرة؛ وهي السبيل إلى الله.
المذيع:
 اتقان العمل من شعائر الله
إذاً هل الفهم السابق الذي ذكرته دكتور يستقيم تحت بند تعظيم شعائر الله، أم هو أمر منفصل؟
الدكتور راتب :
 العبادة شعيرة، والصدق شعيرة، والأمانة، إتقان العمل.
المذيع:
 كلها توصل إلى الله.
الدكتور راتب :
 صحابيٌ توفي دُفن، الذي حفر القبر ترك فرجةً، فقال النبي الكريم:

(( وإن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه ))

[أبو يعلى عن عائشة أم المؤمنين ]

 إتقان العمل من شعائر الله، قال: إنه ميت لا يضره، قال له: يؤذي الحي.
المذيع:
 الله أكبر، دكتور قضيتك تركز في موضوعنا على تعظيم شعائر الله، على التعامل، على العلاقة التي تربطك بالله، أكثر من بعض العبادات الشعائرية، بمعنى مثلاً أن تكون مؤدباً في المسجد.

 

مصطلح تعظيم شعائر الله :

الدكتور راتب :
 الآخرون أنت لهم وغيرك لهم، أما أهلك من لهم غيرك، لذلك الأبوة الصالحة من شعائر الله، البنوة الصالحة، الزوجة الصالحة.

(( أول من يمسك بحلق الجنة أنا، فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة ربت أولادها ))

 الأم الصالحة لها طريق إلى الله
الأم الصالحة لها طريق إلى الله، والله أنا لي في التعليم أربعون سنة تقريباً، حينما أرى طالباً أنيقاً، نظيف الثياب، مؤدباً، مجتهداً، متفوقاً، أعتقد يقيناً أن وراءه أماً صالحة، هذه آثار الأم الصالحة.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

 قال علماء: ألحقنا بهم أعمال ذريتهم، أعمال ابنها مهما كبرت، وتوسعت في صحيفتها، فأكبر تجارة أن تكون مع الله.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور:21]

المذيع:
 جميل! القصد دكتورنا الكريم فضيلتك تؤكد، وتركز في مصطلح تعظيم شعائر الله، على شيء أنا شخصياً يختلف عما كنت أفترضه سابقاً، أنت تركز دكتور على العبادات مع الله، والتعاملات مع الناس، أكثر من تركيزك إن جاز التعبير دكتور على المظاهر.
الدكتور راتب :
 دقق سيدي؛ سيدنا عيسى ماذا قال عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام؟

﴿ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ ﴾

[ سورة مريم:31]

 اتجاه إلى الله؟
المذيع:
 الصلاة.

 

الحب نوعان؛ حبّ في الله وحبّ مع الله :

الدكتور راتب :
 وإحسان للخلق؟
المذيع:
 الزكاة.
الدكتور راتب :
 ضغطنا الدين كله بحركتين، حركة نحو الله معرفةً، وعبادةً، وطاعةً، وتقرباً، وحركة نحو الخلق إحساناً، وإتقاناً.

﴿ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً ﴾

[ سورة مريم:31]

المذيع:
 هذا أعظم بند في تعظيم شعائر الله، أكثر دكتور من المظاهر الإسلامية بمعنى أن يكون الاهتمام بالزينة.
الدكتور راتب :
 مثلاً؛ لو فرضنا محلاً تجارياً يضع لوحة عليها آية الكرسي، ولوحة أخرى بسم الله، ما الفائدة من وضع هذه اللوحات ما دام يوجد غش في البيع والشراء، كل هذه المظاهر لا قيمة لها، صدق ولا أبالغ، هناك شعائر إذا فعلناها ولم نكن باستقامة، الآية تقول:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾

[ سورة فصلت: 30]

 كلمة دقيقة جداً، لا تخافوا في المستقبل، لا تحزنوا على الماضي، لذلك هناك حبٌ في الله وحبٌ مع الله، أن تحب الله، أن تحب أنبياءه جميعاً، أن تحب رسله جميعاً، وعلى رأسهم سيدنا محمد، أن تحب الصحابة كلهم من دون استثناء، أن تحب التابعين، أن تحب تابعي التابعين، أن تحب العلماء الربانيين، أن تحب المساجد، العمل الصالح، أن تحب بر الوالدين، رعاية الأولاد، العمل الصالح، الاستقامة، يتفرع عن محبة الله مليون فرع، هذا الحب في الله عين التوحيد، أما الحب مع الله فعين الشرك، أن تحب جهةً ترضيها بمعصية الله.
المذيع:
 دكتورنا الكريم البعض يستنبط في بعض القضايا المرتبطة في ديننا العظيم مثلاً القرآن الكريم قد يوضع في أي مكان، ويوضع مع أي شيء من الكتب ما رأي فضيلتكم في هذا؟

 

فضل كلام الله أكبر من باقي الكلام :

الدكتور راتب :

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الحج: 30]

 كلام الله يوضع فوق الكتب جميعا
هذه الآية، القرآن كلام الله، يوضع فوق الكتب جميعاً.
المذيع:
 فضل كلام الله، أكبر من باقي الكلام.
الدكتور راتب :
 لا يوضع، مثلاً تكون أنت نائم بهذه الجهة لا يوضع نحو الجهة المقابلة لك، بل نحو رأسك.
المذيع:
 ولا نحو القدم.
الدكتور راتب :
 أبداً ولا نحو القدم، بل نحو رأسك.
المذيع:
 ولا يوضع فوقه كتبٌ أخرى، القرآن هو أعلاها.
الدكتور راتب :
 أبداً هو أعلى كتاب.

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الحج: 30]

المذيع:
 بعض الأشخاص دكتور قد يرمي شيئاً في المسجد، أو في باحاته، قد يشرب كوباً من ماء فيرميه، هل هذا فيه انتهاك لهذا المصطلح؟

 

على المؤمن تعظيم شعائر الله :

الدكتور راتب :
 انتهاك لشعائر الله، هذا بيت الله.

زوار المساجد عمارها

 

(( إن بيوتي في الأرض المساجد، وإن زوارها هم عمارها، فطوبة لعبدٍ تطهر في بيته ثم زارني، وحق على المزور أن يكرم الزائر ))

 

المذيع:
 بما في ذلك دكتور تعظيم الباحات، والساحات، وكل ما يرتبط بالمسجد.
الدكتور راتب :
 الباحات والساحات لا يكون فيها اضطجاع، ما رؤي النبي الكريم ماداً رجليه قط، قد تكون جالساً وشخص يمد رجليه، إن كان معذوراً فهذا موضوع ثان، أما بلا سبب، ما رؤي النبي الكريم ماداً رجليه قط.
المذيع:
 البعض دكتور أيضاً إذا ما ذكر الله عز وجل، فإنه لا يستخدم الكلمات، كأن يقول لك: الله هكذا تكلم، محمد كذا.
الدكتور راتب :
 الله جل جلاله، ربنا العظيم، هكذا يجب أن تتكلم.

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الحج: 30]

المذيع:
 كذلك حينما نتحدث عن النبي أو أي نبيٍ آخر، سيدنا عيسى، سيدنا موسى علينا أن؟

 

أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب :
 نقول: عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
المذيع:
 على كل أنبياء الله، هذه من القضايا المهمة في تعظيم شعائر الله، الله يكرمك دكتور، مرام تفضلي أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً.
المستمعة:
 السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، والله يجزيك كل خير يا دكتور محمد، دكتور موضوع الحلقة تعظيم شعائر الله، فسؤالي:

﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 285]

 نحن نطيع الأنبياء لأنهم يعلمونا كيف نعظم شعائر الله، نقول: من أولي العزم من الرسل؟ خمسة أنبياء، لماذا هم الوحيدين الذين ذكروا من أولي العزم، وعندك أن سيدنا عيسى هو الوحيد المسيحي عيسى بن مريم، ولماذا لم يذكر سيدنا آدم الذي هو أبو الأنبياء من أولي العزم؟
المذيع:
 شكراً لسؤالك مرام، السؤال واضح تماماً، شكراً جزيلاً لك، دكتور مرام تسأل لما أنتقي؟
الدكتور راتب :

(( آدم تحت لوائي ولا فخر ))

[الحارث عن عائشة أم المؤمنين]

 سيدنا آدم، سيدنا محمد، سيدنا عيسى، سيدنا موسى، هؤلاء أنبياء.

﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾

[ سورة البقرة: 253]

 كل واحد منهم له مقام، لكن جميعهم يدعون إلى شيء واحد.

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 الأنبياء جميعاً، والرسل جميعاً، دعوتهم واحدة.

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 كلمتين:

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 التوحيد:

﴿ فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 للعبادة، التوحيد عقيدةً، والعبادة سلوكاً.

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الأنبياء: 25]

 أما كل رسول له مقام عند الله، له مقام معلوم.
المذيع:
 ما هو المطلوب مني كمسلم دكتور لأعظم شعائر الله في احترامي لأنبيائه؟

 

الآداب التي يجب على المؤمن القيام بها تعظيماً للأذان :

الدكتور راتب :
 أن أؤمن بهم جميعاً من دون استثناء، أن أعظمهم جميعاً، أن أتبع نبيّ الله خاتم الأنبياء والرسل.
المذيع:
 وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، دكتورنا ونصلي ونسلم على كل أنبياء الله؟
الدكتور راتب :
 أبداً.
المذيع:
 عليهم الصلاة والسلام، شيخنا الكريم أنتقل مع فضيلتك إلى زاوية أخرى في تعظيم شعائر الله، الأذان هو النداء الذي يذكرنا بالله تبارك وتعالى، ويدعونا إلى الصلاة، ما هي الآداب التي يمكن أن نقوم بها تعظيماً له؟
الدكتور راتب :
 بعضهم قال:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾

[ سورة فصلت: 33]

 من بعض معاني هذه الآية: المؤذن، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الاستماع للأذان، وأن تردد قول المؤذن.
المذيع:
 يفترض بالإنسان إذا كان عنده شيء ما أن يتركه، وأن ينصت إلى الأذان قدر استطاعته، إذا كان يتابع تلفاز، إذا كان في مجال عمله.
الدكتور راتب :
 إلا إذا كان في أمر، مثلاً طبيب جراح مثلاً، يردد كلام المؤذن بقلبه.
المذيع:
 لن يتفرغ له؟

 

علينا أن نعرف الشرين ونفرق بينهما ونختار أهونهما :

الدكتور راتب :
 لا، لأنه لا يقدر.
المذيع:
 لكن لو كان شيء بسيط، شيء ترفيهي؟
الدكتور راتب :
 هذا الموضوع تحكمه قضية دقيقة جداً، ليس بخيركم من عرف الخير، ولا من عرف الشر، بل من عرف الشرين، وفرق بينهما، واختار أهونهما، هل يعقل جراح يتوقف عن الجراحة؟ لكن يذكر كلام الله في قلبه.
المذيع:
 لكن لو إنسان يشاهد تلفاز، يتحدث، يضحك، إذا استطاع أن يتفرغ؟
الدكتور راتب :
 لا أقول إذا استطاع، يجب أن يستمع للأذان.
المذيع:
 يتركه، يتوقف عن الكلام، يتوقف عن هذا الشيء.
 معنا أم أحمد باتصال جديد، تفضلي يا أم أحمد.
المستمعة:
 السلام عليكم، يعطيكم العافية، أنا أريد أن أقول إن ختم القرآن تعظيم لشعائر الله، هذا أكيد، لكن بالنسبة للذي لم يختم القرآن ما وضعه؟

 

من حق تلاوة القرآن :

الدكتور راتب :
 لا، توقفي قليلاً، الله قال عز وجل:

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 121]

 دققي:

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 121]

 تلاوة القرآن تشمل قواعد اللغة والفهم والتطبيق
ومن حق تلاوته أن نقرأه قراءةً وفق قواعد اللغة العربية، يقول سيدنا عمر: تعلموا العربية فإنها من الدين، ثانياً أن نقرأه إن أمكن قراءةً مجودة، ثالثاً أن نفهم معانيه، رابعاً أن نطبقها، هذا معنى:

﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾

[ سورة البقرة: 121]

 قراءةً صحيحةً مجودةً مع فهمٍ، مع تطبيق.
المستمع:
 أكيد يعني دكتور.
الدكتور راتب :
 لحظة، إذا إنسان معه مرض جلدي، علاجه الوحيد التعرض لضوء الشمس جلس في غرفة قميئة، مظلمة، فيها رطوبة، قال: ما أعظم ضياء الشمس! يا لها من نجمٍ ساطع! مهما تفاصح ومدح الشمس يبقى مريضاً، لا بد من التطبيق، لا بد من التعرض، لذلك البطولة في الاتباع.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، تفضلي يا أم أحمد إذا لديكِ شيء آخر.
المستمع:
 أنا فقط كنت أريد أن أقول: أنني مشغولة بحفظ القرآن، الحمد لله ربنا وفقني بهذا المجال، لكن أنا لا أستطيع ختمه، وإن شاء الله نبذل جهدنا في تطبيقه.
المذيع:
 الفكرة واضحة يا أم أحمد.

 

الأصل في حفظ القرآن تطبيقه :

الدكتور راتب :
 أنا أقول لك كلاماً دقيقاً: الأصل تطبيق القرآن، يفضل حفظه، أما لو أن شخصاً حفظه ولم يطبقه؟!
المذيع:
 لا، هي سؤالها هل تنشغل في حفظه ومراجعته أكثر من ختمه، الختمة الدورية من الفاتحة حتى الناس؟
الدكتور راتب :
 لا يوجد مشكلة أبداً.
المذيع:
 لا حرج، أبو أسامة باتصال جديد تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، مساكم الله بالخير إن شاء الله تعالى، الله يعافي دكتورنا إن شاء الله، الله يكرمك يا دكتور، دكتور الآن من تعظيم شعائر الله، لنتكلم عما نلاحظه في بيوت العزاء، أقول: كفى بالموت واعظاً، نجد في بيت العزاء من يدخن، من يقهقه، ومن يضحك، ومن يتحدث على الهاتف، فتشعر وكأنك لست في بيت عزاء، ولكن هل هذا يعتبر من شعائر الله؟
الدكتور راتب :
 والله العبد الفقير في بلاد معينة، التعزية فيها قرآن كريم، فيها صمت، فيها استماع، أما الدخان، والسوالف، والتحدث غير واردة إطلاقاً.
المذيع:
 وإذا وضع القرآن أصبح الناس كالجالسون، بارك الله فيك يا دكتور، شكراً لك يا أبو أسامة للنقطة المهمة التي أشرت لها. خالد تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، يعطيك العافية، دكتور محمد أنا أحبك في الله.

أكبر تعظيم لشعائر الله أن نتبع سنة نبيه :

الدكتور راتب :
 أهلاً وسهلاً ومرحباً، وأنا كذلك.
المستمع:
 الله يسلمك، نسألك سؤالاً: هل تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه هي من شعائر الله؟
الدكتور راتب :
 طبعاً.
المستمع:
 وما أهم تعظيم شعائر الله، أهم شيء نعظمه ما هو، قل لنا عنه؟
الدكتور راتب :
 أنا رأيي الشخصي أن نتبع سنته، أكبر تعظيم أن نتبع سنته، أما نضع لوحة محمد رسول الله، هذا جيد جداً وليس غلط، نأتي بأشياء كلها شكلية، أما له سنة، لابد من تطبيقها، أعظم تعظيم للنبي أن تطبق سنته، دقيقة:

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف:108]

 فإذا ما طبق السنة، ما اتبع رسول الله.
المذيع:
 أكرمكم الله دكتور، نستأذنكم إلى فاصل قصير، وكذلك مستمعينا الكرام ومن بعده نعود لمواصلة هذا الحوار مع فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي، وحلقتنا بعنوانها تعظيم شعائر الله. مرحباً بكم شيخنا الكريم، نأخذ مجموعة مشاركات مستمعينا.
الدكتور راتب :
 قبل.
المذيع:
 تفضل دكتور.

 

منهج الله ما لم تطبقه لن تقطف ثماره :

الدكتور راتب :
 إنسان زار طبيباً، الطبيب عالجه، وفحصه، قاس له ضغطه، كتب له وصفة، هذا المريض مؤدب جداً، صافح الطبيب، أثنى على علمه، شكره شكراً كثيراً، ودفع له مبلغاً معيناً حسب طلب الطبيب، عندما لم يشترِ الدواء، لم يعظمه، لم يقتنع بدوائه، فالتعظيم يتجاوز الاحترام، والتبجيل، والشكر، والامتنان، إلى تطبيق التعليمات.

﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾

[ سورة الحج: 32]

 يطبقها:

﴿ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

[ سورة الحج: 32]

 هذا المنهج ما لم تطبقه، لن تقطف ثماره.
المذيع:
 الله يفتح عليك يا دكتور، أحمد تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، الله يعطيكم العافية، نشكر الدكتور محمد راتب النابلسي، ما شاء الله الله يجزيه كل خير، ما شاء الله عليه.
الدكتور راتب :
 الله يبارك فيك.
المستمع:
 الله يحفظك دكتورنا، أريد أن أسألك هل من الممكن أن يبدأ تعظيم شعائر الله من القلب أو النية؟ هل يمكن أن يبدأ من القلب والنية، قبل التطبيق؟

 

تعظيم شعائر الله يبدأ بالقلب ثم يمر باللسان وينتهي بالأفعال :

الدكتور راتب :
 التعظيم بالأساس قلبي، سأقول لك كلمة دقيقة: عندك حال، وعندك مقال، وعندك سلوك، الحال شعورك أن الله أكرمك، زوجك، صحتك طيبة، عندك عمل تقتات منه، له دخل يكفي، الله أكرمك بزوجة صالحة، عندك أولاد أبرار، ما عندك ولا مشكلة، لك سمعة جيدة، هذا أول شيء امتنان قلبي، شعور داخلي، هناك امتنان من الله يبدأ تعظيم شعائر الله من القلب
مثلاً إذا أب أخذ لابنه بيتاً وزوجه، وأعطاه سيارة، هذا الابن ممتن من والده امتناناً لا حدود له، الآن يبدأ الحال قلبي، ثم قولي، تقل: يا رب لك الحمد، أكرمتني، أطعمتني، أسقيتني.
المذيع:
 ثم الفعل.
الدكتور راتب :
 الآية تقول:

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾

[ سورة سبأ: 13]

المذيع:
 إذاً دكتورنا تعظيم شعائر الله.
الدكتور راتب :
 يبدأ في القلب.
المذيع:
 ثم الشكر باللسان.
الدكتور راتب :
 ثم يمر باللسان، ينتهي بالأفعال، أنت إذا خدمت عباده، هذا أعظم تعظيم.
المذيع:
 بالفعل، الله يكرمك يا دكتور.

 

المؤمن بحاجة إلى حاضنة إيمانية لتطبيق شعائر الله :

الدكتور راتب :

﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾

[ سورة سبأ: 13]

المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، أبو عبد الله تفضل باتصال جديد.
المستمع:
 السلام عليكم، أولاً أحب أن أمسي على فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي الله يجزيه الخير، حياك الله، دكتور نريد نحن المستمعين منك كلمة تساعدنا على تطبيق شعائر الله.
الدكتور راتب :
 أنت بحاجة إلى حاضنة إيمانية، الدليل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 أنت بحاجة إلى صديق مؤمن، إلى سهرة مع مؤمن.

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

 لكن في علاقات عمل مقدسة، لا يهمك وضع رب العمل، عليك أن تأتي بدوام صحيح، بعمل متقن، ببذل جيد.
المذيع:
 لكن في العلاقات الشخصية؟

تعظيم شعائر الله يأتي من التفكر :

الدكتور راتب :
 هذه اسمها علاقات العمل لا علاقة لها بالموضوع، في علاقات حميمة، تسهر مع من؟ تذهب للنزهة مع من؟ للساعة الثانية ليلاً مع من؟ لابد من أن تكون مع المؤمنين.

(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))

[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري ]

المذيع:
 التفكر يضعك وجها لوجه أمام عظمة الله
شيخنا نحن في الدقيقة الأخيرة من البرنامج، سؤالين السؤال الأول دكتور: لمن لا يعظم شعائر الله، كيف يبدأ تعظيمها؟ ماذا يفعل؟
الدكتور راتب :
 أن يعرف الله، أن تعرفه، لأنه التعظيم يأتي من التفكر.

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

[ سورة البقرة: 191]

 التفكر يضعك وجهاً لوجهٍ أمام عظمة الله.
المذيع:
 جميل، السؤال الثاني دكتور من يعظم شعائر الله، ما جزاؤه عند الله؟
الدكتور راتب :
 الثاني أن تكون مع المؤمنين، هذه حاضنة إيمانية.
المذيع:
 ما جزاء من يعظم شعائر الله؟
الدكتور راتب :
 السعادة في الدنيا والآخرة، قبل السلامة، والسعادة، والتفوق في الدنيا والآخرة.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، نختم حلقتنا بالدعاء.

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، ارضنا وارضَ عنا، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 بارك الله بكم يا دكتور، الحمد لله رب العالمين، مستمعينا الكرام وصلنا معكم إلى ختام هذه الحلقة مع فضيلة العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي، كانت حلقتنا بعنوان تعظيم شعائر الله، جعلنا الله وإياكم من أهلها.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
 والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور