وضع داكن
19-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 29 - المشاعر في الإسلام
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مرحباً بكم مستمعينا الأكارم، على الهواء مباشرةً، ضمن البث الفوري لإذاعة حياة FM في مجلس العلم والإيمان مع فضيلة العلامة الداعية الإسلامي الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله أستاذنا، وشيخنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 الله حياكم يا دكتور، المشاعر في الإسلام، بين مشاعر الحب، ومشاعر الخوف ومشاعر الكره والحقد، تدور حلقتنا مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، نبدأها بقول الله سبحانه وتعالى، في سورة الرعد، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد: 28]

 وأيضاً قد ورد عن سيدنا أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر به رجل آخر، فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فأشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أأعلمته؟ فقال: لا، قال، أعلمه، قال: فلحقه، فقال لرجل: إني أحبك في الله، فرد عليه: أحبك الذي أحببتني له، فذلك كان أثبت للمودة بينهما كما جاء في رواية أخرى.
 شيخنا الكريم هل للمشاعر مكانةٌ في الإسلام؟

 

الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك :

الدكتور راتب :
 لها أكبر مكانة، لكن لابد من مقدمة.
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 الحب في الله يرقى بالقلب
من التعريفات الجامعة، المانعة، القاطعة للإنسان: أنه عقل يدرك، وقلب يحب، وجسمٌ يتحرك، فإذا غذينا عقله بالعلم، وغذينا قلبه بالحب الذي يسمو به، وغذينا جسمه بطعامٍ وشرابٍ اشتري بمالٍ حلال، تفوق، أما إذا اكتفينا بواحدة تطرف، وفرقٌ كبير بين التفوق وبين التطرف، غذينا عقله بالعلم، والعقل غذاءه العلم، وغذينا قلبه بالحب، والقلب غذاءه الحب الذي يسمو به، أن تحب الحقيقة، أن تحب الله، أن تحب المؤمنين، أن تحب أنبياء الله جميعاً، أن تحب الصحابة كلهم من دون استثناء، أن تحب التابعين، تابعي التابعين، أن تحب العلماء الربانين. لذلك قالوا: هناك حبٌ في الله، وحبٌ مع الله، الحب في الله عين التوحيد، تحب الله، تحب أنبياءه، رسله، تحب سيد الأنبياء والمرسلين، تحب الصحابة الكرام بأكملهم من دون استثناء، تحب التابعين، تابعي التابعين، تحب العلماء الربانين، تحب العمل الصالح، تحب المساجد، تحب خدمة الخلق، يتفرع من هذا الحب مليون فرع، الحب في الله عين التوحيد أما الحب مع الله، إن أحببت جهةً منعتك أن تعبد الله، منعتك أن تصلي، منعتك أن تؤدي زكاة مالك، الحب مع الله عين الشرك، فلذلك البطولة أن يكون حبك في الله، الحب في الله عين التوحيد، الحب مع الله عين الشرك.
 الآن الإنسان قد يمتلئ عقله علماً، وقد يخلو قلبه من الحب، غير متوازن، غير كامل في أفكاره ومشاعره، قد يكون عقله ممتلئ بالعلم، وقلبه بالحب، لكن يده سفلى، لا.

(( اليدُ العليا خير من اليدِ السُّفْلى ))

[البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك عن عبد الله بن عمر]

 له عمل يكسب منه رزقه، يأخذ المال بعزةٍ وإباء، لا بتذللٍ واستجداء، لذلك قالوا: من جلس إلى قويٍ، أو غنيٍ، فتضعضع لهم، يعني تمسكن، ذهب ثلثا دينه، لذلك قالوا:

(( اليدُ العليا خير من اليدِ السُّفْلى ))

[البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك عن عبد الله بن عمر]

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :

 لابد من تنويه لموضوع خطير جداً، الحقيقة أنه:

(( المؤمن القويُّ ))

[مسلم عن أبي هريرة]

 قوي بعلمه، عالم كبير، أو قوي بماله، غني كبير، قوي بعلمه أو بماله أو بإمكاناته المهنية.

(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 لكن النبي جبار خواطر قال:

(( وفي كلّ خير))

[ مسلم عن أبي هريرة]

 لماذا؟ لأن علة وجودك في الدنيا العمل الصالح، ما الدليل؟ يقول الإنسان إذا شارف الموت:

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً ﴾

[ سورة المؤمنون: 99 ـ 100]

 ولِمَ سمي العمل صالحاً؟ لأنه يصلح للعودة إلى الله، ومتى يصلح؟ إذا كان خالصاً وصواباً، لذلك العمل الصالح علة وجودنا الأولى.

 

العبادة الحقيقية هي الخضوع لمنهج الله :

 للتقريب، لك ابن أرسلته إلى باريس، لينال الدكتوراه من السوربون، نقول لك: علة وجود ابنك الوحيدة في باريس، مدينة كبيرة، عملاقة، فيها مسارح، فيها دور لهو، فيها دور سينما، فيها جامعات، فيها متاجر، فيها حدائق، فيها أسواق، علة وجوده الوحيدة الدراسة، فإن لم يدرس لا معنى لبقائه في باريس، فالعلة الوحيدة هي العبادة والدليل:

﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[ سورة الذاريات: 56]

 العبادة منهج التزام كامل
والعبادة تتوهم توهماً خاطئاً، أنها فقط صلاة، صوم، حج، زكاة، هذه عبادات شعائرية، العبادة الحقيقية أن تخضع لمنهج الله بدءاً من أخص خصوصياتك، من فراش الزوجية وانتهاءً بالعلاقات الدولية، منهج كامل، كسب مالك، إنفاق مالك، علاقاتك بوالديك، بأقربائك، بزوجتك، بأولادك، بعمالك، بمساعديك، بمن حولك، بمن فوقك، بمن دونك، شبكة علاقات، كل علاقة لها منهج، لها آية، لها حديث، أن تخضع لله في التفاصيل، في شؤون المعاملات، ما دليلها؟ عندما سيدنا جعفر التقى بالنجاشي، قال له: حدثني عن الإسلام، قال له:

(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

 هذه الجاهلية.

(( حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

 أي إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف، ويأتي النسب تاجاً على هذه الفضائل.

(( فدعانا إلى الله ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

 الآن بدأت العبادة التعاملية.

(( لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

ارتباط تحقيق النصر للمؤمنين بالعبادات الشعائرية والتعاملية معاً :

 الآن بدأت العبادة التعاملية.

(( بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ))

[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب]

 معنى ذلك عندنا عبادة شعائرية، صوم، صلاة، حج، زكاة، نطق بالشهادة، عندنا عبادة تعاملية، صدق، أمانة، إخلاص، حكمة، إلى آخره، فإذا أدينا العبادات الشعائرية، كالفرائض الخمس، والتعاملية كالصدق، والأمانة، وحسن الجوار، وصلة الرحم، طبعاً مسلسل طويل جداً، الآن قطفنا ثمار الدين، كنا أمة قوية حققت فينا أسباب النصر.
المذيع:
 جميل، في ظل هذا الكلام دكتور، أين يمكن أن نضع المشاعر، حينما نتحدث عن هذه الانطباعات، أو هذه الافتراضات الداخلية في القلب؟
الدكتور راتب :
 قلنا: عقلٌ يدرك معلومات، وقلب يحب.

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد: 28]

 أقول لك كلمة: أرجو ألا تعد مبالغة، إن لم يقل المؤمن المستقيم على أمر الله، المطبق لمنهج الله، بصرف النظر عن مساحة بيته، قد تكون ستين متراً، وعن دخله، قد يكون قليل جداً، إن لم يقل بسبب إيمانه، ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، عنده مشكلة مع الله.
المذيع:
 أو مشكلة في إيمانه، ليس مستقيماً.

 

الإنسان لا يُحاسَب على الأحاسيس والمشاعر التي تنتابه :

الدكتور راتب :
 طبعاً، أنت مع من؟ مع الخالق، مع الرب، مع المسير، مع الرحيم، مع العليم، مع القوي، مع الجبار.
المذيع:
 حسناً دكتور، هذه الأحاسيس والمشاعر التي تنتاب الإنسان هل يحاسب عليها؟
الدكتور راتب :
 بالأحوال:

(( لو بقيتم على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة ))

المذيع:
 صلى الله عليه وسلم.
الدكتور راتب :
 أنت عندك حال، الحال إقبال على الله، سعادة في الله، طمأنينة، سكينة، سمها ما شئت.
المذيع:
 لكن ليس كل الحال أو المشاعر، دكتور، هي إيجابية لهذا الحجم.
الدكتور راتب :
 الأحوال سميت أحوال لأنها تتبدل.
المذيع:
 هل نحاسَب شرعاً دكتور، على مشاعرنا، وأحوالنا في الداخل؟
الدكتور راتب :
 أبداً، لا تحاسب إلا على فعل فعلته.
المذيع:
 أما الإحساس في الداخل فلا حساب عليه.

 

إذا تحول الإحساس عند الإنسان إلى سلوك أو قول يُحاسَب عليه :

الدكتور راتب :
 لو إنسان، جاءه شك بوجود الله، لا يحاسب عليه، يحاسب على معصية ارتكبها، من أجل أن نطمئن الأخوة المستمعين.
المذيع:
 أي إذا تحول الإحساس إلى سلوك، أو قول، يُحاسَب.
الدكتور راتب :
 غض البصر يحمي الإنسان من الزلل
لكننا نخاف أن نخاطر، خاطر سلبي ارتحت إليه، وتابعته، وتصورت بعض تفاصيله، أن ينقلب لعمل، في الأساس عندنا آلية دقيقة جداً، تصور أن هناك شيئاً تفكر به، تهتم به، ثم دون أن تشعر تتحرك نحوه، دائماً الإسلام يتخذ احتياطات.
 مثلاً، نهر عميق يمشي على شاطئه شخص لا يحسن السباحة، له شاطئ صلب مستوي، وشاطئ مائل زلق، لو مشى على الشاطئ الزلق المائل، احتمال سقوطه بالمئة خمسون، فالبطولة أن أمشي على الشاطئ المستوي الجاف.
المذيع:
 نتحدث عن المشاعر التي تأتينا في القلوب، كمشاعر الحب، ومشاعر الإعجاب خاصةً بين الطرفين الذكور والإناث، نتحدث دكتور، عن مشاعر الكره، والحقد، والغضب، حينما يسيء أحد من الناس، هل نحاسب عليها؟ كيف نديرها ونتعامل معها من ناحية شرعية؟ هذا حديثنا مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي. حياكم الله شيخنا، وأستاذنا.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 شيخنا الكريم، المشاعر موضوعنا، بدأنا بتوضيح الفكرة الشرعية في خلق الإنسان وربط المشاعر في العبادات، نتحدث الآن دكتور، عن المشاعر التي تنتاب الإنسان لا إرادياً، حدث موقف، مثلاً إنسان أساء له فجأة، فشعر بمشاعر سلبية تجاهه، غضب، حقد، حزن، أيحاسب بها؟

الابتلاء علة وجودنا الوحيدة في الدنيا :

الدكتور راتب :
 أنا اعتقادي، وأغلب الظن صحيح، المشاعر لا تحاسب عليها إطلاقاً، لكن لو أنك تابعتها، ونميتها، ربما انقلبت إلى سلوك، عندئذٍ تحاسب على سلوكك، مثل هذه المشاعر ينبغي أن تبعدها عن نفسك.
المذيع:
 الله يمتحننا ليرى صبرنا
كيف؟ إذا إنسان دكتور أساء لي، أو جرحني، لا يمكن للإنسان أن يتجرد بسهولة من ألمه الشخصي.
الدكتور راتب :
 قالوا: ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، ألا ترى مع الله أحداً، كيف الله سمح له؟ ما معنى لا إله إلا الله، لا حركة، ولا سكنة، ولا إيذاء، ولا إكرام، ولا عطاء، ولا منع، ولا أي شيء، ضم لها مليون بند، لا إله إلا الله، مادام الله قد سمح له، فهناك حكمة، قد يريد أن يمتحن صبري، أو يمتحن حلمي، أو ليمتحن إحساني له، رغم إساءته لي أكرمته، وربما ليمتحن ضعف إيماني، فهو:

﴿ إِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنين: 30]

 علة وجودنا الوحيدة في الدنيا الابتلاء، الابتلاء أن تؤكد ذاتك، أن تعبر عن خباياك، أن تعبر عن مضمونك، أن تعبر عن ذاتك.
 مثلاً، الكهرباء انقطعت في مدينة في أمريكا، ارتكبت في هذه الليلة مئتا ألف سرقة، معنى ذلك كان عندهم انضباط إلكتروني، يوجد كاميرات، والأسرع إذا لم تدفع ثمنها، يصدر صوت أثناء الخروج كبير جداً، يجب أن تدفع ثمنها، يلغى الصوت، فالجميع دفع ثمنها، جميعهم مؤمنين؟ لا ليسوا كلهم مؤمنين، لكنهم يمسكون نظاماً قوياً جداً، وأنت تقود سيارتك إن كنت فوق سرعة معينة تكشف.
المذيع:
 ليست رقابة ذاتية.

 

الصبر شعور طبيعي :

الدكتور راتب :
 لا قيمة لها اطلاقاً، رقابة إلكترونية، فلما قطعت الكهرباء في مدينة في أمريكا، تمت مئتا ألف سرقة بيوم واحد.
المذيع:
 شيخنا هذه المشاعر عندما تنتاب الإنسان، أنا مثلاً، إنسان شتمني، أساء لي، تصرف بطريقة لا تليق معي، لا يستطيع الإنسان بسهولة.
الدكتور راتب :
 شيء طبيعي جداً أن تتألم.
المذيع:
 ألا يحاسب على هذا الشعور؟
الدكتور راتب :
 أبداً، الصبر ليس معناه ألا تتألم، الصبر لا ينفي ألمك، ولا ينفي إحساسك بالمهانة من كلام قاس، ولا ينفي ضيقك.

﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 97]

 إله يخاطب سيد أنبيائه المرسلين.

﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 97]

 ممكن.
المذيع:
 إذاً هذا شعور طبيعي.
الدكتور راتب :
 لا تحاسب عليه.
المذيع:
 يحاسب إذا تحول إلى سلوك.


كل إنسان يغض بصره الله كفيل ألا يوقد فيه الشهوة :

الدكتور راتب :
 سلوك، تطور إلى سباب، ضرب، شتيمة، لكن المشاعر الداخلية، إذا استرسلنا فيها وولدناها سيصبح هناك مشاعر أخرى، هناك خواطر قد تنقلب لعمل.
المذيع:
 غض البصر يطفئ الشهوة
جميل، في المقابل دكتور، المشاعر الإيجابية مثلاً، إنسان دكتور، شاب أعزب في الجامعة، رأى فتاة أعجب بها، أو سُرَّ بها، ولكنه ليس بمرحلة مناسبة للزواج، حتى يتقدم إليها، يشعر بمشاعر داخلية ليست ملكه، قد يكون مستقيماً، وغاضاً للبصر، لكنها مشاعر.
الدكتور راتب :
 بما أنك قلت له: غض بصرك، أنا هذا إيماني، كل إنسان يغض بصره، الله كفيل ألا يوقد فيه الشهوة، أخذ منهج الله، أول نظرة لا تؤثر إطلاقاً، الثانية عليك، الأولى لك، مثلاً إنسان يمشي في طريق، وكان هناك منعطف حاد، فوجد امرأة أمامه، وجميلة جداً، غض بصره الأولى لك، لا تحاسب عليها أولاً، ولا تترك أثراً سلبياً ثانياً، أما الثانية عليك.
المذيع:
 لكن المشاعر دكتور أحياناً، قد لا يكون لها مبرر علمي بل سلوكي، إنسان يشعر بمشاعر معينة نحو أحد الأشخاص في هذه الحياة.
الدكتور راتب :
 لا يحاسب عليها.
المذيع:
 كيف يتعامل مع هذه المشاعر، مشاعر الإعجاب والمحبة دكتور، شرعاً كيف نتعامل معها؟

مطالبة الشباب بغض البصر والنساء بالاحتشام الكامل :

الدكتور راتب :
 المرأة مطالبة بالاحتشام الكامل
مثلاً أنا عندما أرى شخصاً لا يدرس، لكن يقضي وقته بالنزهات، وعنده أكثر من سيارة، وكل يوم في مطعم، عندما يموت والده، ليس معه شهادات، دفع الثمن باهظاً، انظر إلى مستقبله، سترى مصير هذا السلوك، بينما إنسان يدرس، له مستقبل، نال شهادة عليا، توظف، اشترى بيتاً، اشترى سيارة، عاش حياة جيدة.
المذيع:
 عفواً دكتور، أنا أتحدث بموضوع حساس، مدى انتشاره واسع بين الشباب، الآن دكتور لو أنّ شاباً أحس بمشاعر إعجاب نحو فتاة، مثلاً من أقربائه، من زميلاته في الجامعة، لكنه يحاول أن يكون مستقيماً دكتور.
الدكتور راتب :
 أنا عندي سيدي منهج شرعي، ما دام يوجد أمر إلهي في القرآن، أي ليس أمراً في السُّنة، والحديث غير قوي، ضعيف.
المذيع:
 لا نقاش فيه، من القرآن.
الدكتور راتب :
 قرآن.

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾

[ سورة النور: 30]

 من للتبعيض، الأم لا يوجد مشكلة، الأخت، العمة، الخالة، بنت الأخ، بنت الأخت هذه كلها محارم، لكن للزوجة لا يوجد قيود، أما سوى ذلك لباس الخدمة، مثلاً قبة مرتفعة، نصف كم، عند الركبة، هذه تسمى ثياب الخدمة، وهي تُرتدى مع النساء المحارم، أما مع الزوجة لا يوجد أي قيد.

﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾

[ سورة البقرة: 187]

المذيع:
 إذاً الشباب مطالبين بغض البصر، والنساء بالاحتشام الكامل.

 

المؤمن وقاف عند حدود الله :

الدكتور راتب :
 وغض البصر.

﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾

[ سورة النور: 31]

المذيع:
 دكتور، مع طبيعة الحياة اليوم، وخروج الناس من البيت، أحياناً يكون العمل فيه اختلاط، فيه نوع من أنواع الاحتكاك، لكن هذا ليس قلة دين أو ابتعاد عن غض البصر، وإنما مع طبيعة الاحتكاك بهذه الحياة، الانفتاح في وسائل التواصل، أصبح هناك احتكاك دكتور، هذا قد يولد مشاعر إعجاب لدى أحد الطرفين، كيف يتعامل المسلم معها، حتى لا يقع في الحرام؟
الدكتور راتب :
 المؤمن وقاف عند حدود الله.
المذيع:
 ما معنى هذا دكتور؟
الدكتور راتب :
 مثلاً لا يستطيع أن يتصل هاتفياً بفتاة ويقول لها: اشتقنا لكِ، هذا لا يقال لفتاة غريبة.
المذيع:
 حتى لو شعر بهذا الشعور.
الدكتور راتب :
 طبعاً.
المذيع:
 لا يترجمه إلى شوق.

 

على المرأة الانتباه لكلامها عند التعامل مع أجنبي :

الدكتور راتب :
 طبعاً، لا يوجد اشتقنا لك أبداً، لا يجب أن تتحدثي مع بائع مثلاً: لماذا قلبك قاسٍ علينا؟
المذيع:
 التبسط بالقول.
الدكتور راتب :
 أبداً، أعوذ بالله، لماذا قلبك قاسٍ علينا؟ يطمع فيها، انظر إلى دقة الآية؟

﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 32]

 لا يجوز أن تقولي: يا أخي حفظك الله، نحن زبائنك القدامى، لماذا قلبك قاسٍ علينا؟ هذا الكلام لا يجوز إطلاقاً، السعر أعجبك اشترِ، لم يعجبكِ امشِ.

﴿ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾

[ سورة الأحزاب: 32]

المذيع:
 إذاً المشاعر دكتور.
الدكتور راتب :

(( فما تركت بعدي فتنة أضَرَّ على الرِّجالِ من النساء ))

[مسلم والنسائي عن أبي سعيد الخدري]

المذيع:
 ما المقصود بهذا الحديث دكتور؟

 

ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرةً :

الدكتور راتب :
 أي أن الإنسان جُبِل على حب الأنثى.
المذيع:
 والأنثى جبلت على الاهتمام بالرجل.
الدكتور راتب :
 عندما نرضي شهواتنا بالحلال نرقى بعين الله
بكل كيانه، وبكل ذرة بجسمه، وبكل قطرة بدمه، جُبل على محبة الأنثى، دعني أشرح بدقة: ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرةً تسلك فيها.
 لنأخذ مثلاً صفيحة البنزين، هذا سائل متفجر، إن وضعت هذه الصفيحة في المستودع المحكم، وسال هذا البنزين في الأنابيب المحكمة، وانفجر في الوقت المناسب، والمكان المناسب، ولد حركةً نافعة، أقلتك في العيد إلى العقبة أنت وأهلك، كلها انفجارات، الصفيحة نفسها إن صبت على السيارة، وجاءتها شرارة، أحرقت المركبة ومن فيها.
 فلولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات، الشهوات قوى دافعة أو مدمرة، في الإسلام لا يوجد حرمان، فما من شهوةً أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً، طاهرةً، تسري خلالها.
 أريد قول كلمة أدق: مرة جاءنا كمبيوتر، غالٍ جداً، ثمنه حوالي خمسين مليوناً، تضع نقطة دم عليه، يعطيك على الشاشة ثمانية عشر تحليلاً، تضغط الزر فينطبعوا، مئة زبون وكل زبون عشرة دنانير، يأتيك ملايين، جهاز حديث جداً، تحليل دم كامل، إذا الشركة نسيت أن ترسل لك التعليمات، هل تستطيع تشغيله لوحدك؟ تعطبه، أذكر مرة انتظروا شهراً حتى جاءت التعليمات.
 البطولة انطلاقاً من حبك لذاتك، انطلاقاً من أنانيتك، انطلاقاً من حرصك على سلامتك، انطلاقاً من حرصك على سعادتك، ينبغي أن تتبع تعليمات الصانع، والله هو الصانع، لأن الصانع هو الجهة الوحيدة والخبيرة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها.
المذيع:
 جميل، إذاً دكتور، الفكرة أن أية مشاعر تتولد في القلب، إن كان الإنسان يسير في طريق مستقيم، وغض بصره، فلا يُسأَل عنها.

مشاعر الإعجاب إن لم تتحول لسلوك وقول لا حساب عليها :

الدكتور راتب :
 إن لم تنقلب إلى عمل.
المذيع:
 مثلاً قد يتلفظ بعبارات فيها خضوع القول، أما ما يبقى في القلب لا حساب عليه.
الدكتور راتب :
 انظر إلى دقة الآية:

﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ﴾

[ سورة الأحزاب: 32]

 أن تقول للبائع: لماذا قلبك قاس علينا في البيع والشراء؟
المذيع:
 إذاً تلفظ أي ذكر أو أنثى بعبارات غير مقبولة، أو لم يلتزم بغض البصر، أو حولها على سلوك، هنا يبدأ الحساب، أما مشاعر الإعجاب التي ليست بيدنا، وولدت في قلوبنا إن لم تتحول لسلوك وقول لا حساب عليها.
 معنا أخونا عزيز من سويسرا، تفضل أخي عزيز.
المستمع:
 السلام عليكم أخ نديم والدكتور، أريد أن أشكرك بداية على أسئلتك الدقيقة والتي تأتي في الصميم دائماً، الله يعطيك العافية دكتور، أنا أعيش في الغرب، مثلاً مُدَرِّستي في المدرسة تدرسنا ثلاث أو أربع ساعات، داخلياً ليس عندنا مشاعر سيئة تجاهها، أو من يعمل مع نساء لأربع أو خمس ساعات، وأحياناً ثمانِ ساعات، لكن داخلياً ليس عندنا مشاعر سيئة تجاههم، هذا هو الموضوع.

 

كيفية غض البصر :

الدكتور راتب :
 والله هناك حالة، بين غض البصر كلياً، وبين إطلاق البصر جزئياً، أي أنك تستطيع أن تتوجه نحوها لكن دون تأكيد، دون تدقيق بملامح جسدها، بدون نظرة شهوانية.
المذيع:
 شيخنا اسمح لي، لتدقيق أهمية النقطة، مثل أخينا عزيز، إذا كانت مُدرسة، وفي دولة غير إسلامية، أي أنها غير مسلمة، وغير محتشمة، وهي تُدَرِّسه، هل من مانع إذا نظر لها من باب التواصل؟ لكن نظرة كما تفضلت، ليست تدقيق.
الدكتور راتب :
 مقياسه هو، إن شعر أنها حركت فيه شيء يغض بصره، إذا حركت فيه شيء.
المذيع:
 إذا كانت من بعيد، نظرة تواصل.
الدكتور راتب :
 من الممكن أن يكون فيها رقة.
المذيع:
 ليس المقصود بغض البصر، أن تقف على اليسار، فأنا أنظر إلى اليمين، ليس هذا المقصود، المقصود ألا تنظر تجاهها نظرة فيها أي نوع، أقصد نظرة الذكور إلى الإناث.
الدكتور راتب :
 مقياسه معه، إذا تحرك جسده من تأكيده على مفاتنها، يجب غض البصر بآية قرآنية.
المذيع:
 مثلاً لو كان يحجب بصره وينظر بعد فترة من باب الاحترام في الكلام، ودون مشاعر.

المسلم يشعر بالفخر إن أظهر تعاليم دينه :

الدكتور راتب :
 أي من حين لآخر.
المذيع:
 إن شاء الله تكون قد استفدت يا عزيز.
الدكتور راتب :
 فخر لنا أن نطبق تعاليم ديننا
تستطيع ألا تشعرها أنك تغض بصرك عنها، فمن الممكن ألا تؤكد النظر تجاهها، أحياناً تجد تدقيقاً، وأحياناً نظرة شمولية واسعة.
المذيع:
 بارك الله فيك شيخنا الكريم، شكراً لك أخ عزيز لاتصالك، وبالعكس المسلم يشعر بالفخر دكتور، لو أظهر تعاليم دينه، وأظهر أنه رجل ويغض بصره، يشعر بالفخر.
الدكتور راتب :
 يا سيدي، جاءتنا وزيرة النفط إلى بلدنا، واستقبلها وزير النفط في المطار، وإلى جانبه أربعة موظفين كبار، الموظف الثالث امتنع عن مصافحتها، الوزير انزعج انزعاجاً يفوق حد الخيال، انزعج منه كثيراً، قال له: لا تأتي على الغداء، وكان الغداء في أفخر مطعم، فبينما هم في المطعم سألت الوزير: هناك شخص لم يصافحني، أين هو؟ أُحرج الوزير وقال لها: اعتذر عن المجيء، قالت: أريده حالاً، اتصلوا بهذا الشخص وطلبوا منه الحضور، قالت له: لِمَ لم تصافحنِي؟ قال: لأنني مسلم، وديني يمنعني أن أصافح امرأة أجنبية، و أنتِ امرأةٌ أجنبية، فقالت للوزير: لو أن المسلمين أمثال هذا الرجل، لكنا تحت حكمكم.
المذيع:
 بارك الله بكم يا دكتور.

من يتب إلى الله يُلقي في روعه أنه يحبه :

الدكتور راتب :
 قال له: سودت وجهك، فأجابه: بيضت وجهي.
المذيع:
 أبو قصي تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، شيخنا جزاك الله كل الخير، وأطال الله في عمرك، حياك الله يا شيخ، شيخنا نحن، الحمد لله رب العالمين، لا يوجد بيننا وبين أي إنسان أي عداوة، والحمد لله نريد الخير لكل إنسان، لكن نحن من الشباب التائبين حديثاً، نسأل الله القبول، كيف نعرف أن ربنا تقبل توبتنا بإذن الله وأحبنا؟ كيف السبيل لذلك إن شاء الله يا شيخنا؟
المذيع:
 سؤال مهم، تقبل الله منك، وفتح عليك، شكراً يا قصي.
الدكتور راتب :
 هل يعقل أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً ثم لا يطمئنك الله، بأن يلقي في روعك بأنه يحبك.
المذيع:
 حسناً أعطِه مثال دكتور لأبي قصي، كيف يعرف أن الله ألقى في روعه أنه قبل التوبة؟

المودة والمحبة مع الله شعور كل تائب :

الدكتور راتب :
 أي أن الله يشعره بذلك قطعاً، إذا عملَ عملاً صالحاً مثلاً، سأضرب مثلاً دقيقاً، قالت له أمه عند الواحدة ليلاً أريد هذا الدواء، قال لها: الجميع أغلق، فسكتت، لا يستطيع أن ينام مرتاحاً، سيركب سيارته ويذهب، سأل أربع صيدليات لكنّ الدواء غير موجود، سيعود وينام مرتاحاً، في الحالتين الدواء لم تأخذه أمه، لكنه بذل جهداً، لذلك هناك حساب نفسي دقيق جداً.
المذيع:
 الآن التائب دكتور سيشعر في قلبه بالمودة والمحبة مع الله.
الدكتور راتب :
 كنت في مكان مع صديقك وأخذت كيلوين تفاح مشترك، فأخذ الكبيرة منها هل يرتاح؟!
المذيع:
 صاحب الضمير لا يستطيع فعل ذلك.
الدكتور راتب :
 والله لا يقدر، الحساب شيء دقيق جداً.
المذيع:
 إذاً ستشعر بشيء في قلبك، ولذة في عبادتك يا أبو قصي.

أكبر عقاب إلهي للمؤمن الحجاب عن الله :

الدكتور راتب :
 أكبر عقاب إلهي للمؤمن أن يحجبه عنه
سأضرب مثلاً آخر، تبيع أقمشة فمرت امرأة جميلة الوجه، فملئت عينيك من محاسنها وقلت لها: هذا اللون يليق لكِ، نوع من الغزل اللطيف، وأذن الظهر وذهبت للصلاة، هل تحس أن الطريق سالك إلى الله؟ هل معك خط ساخن إلى الله؟
المذيع:
 لن يحرم الصلاة دكتور، سيصلي لكن لن يشعر بها.
الدكتور راتب :
 انتهى يا سيدي، لن يجد التجلي.
المذيع:
 هذا هو الحجاب عن الله.
الدكتور راتب :
 أكبر عقاب إلهي للمؤمن الحجاب.

﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾

[ سورة المطففين:15]

 وأكبر عطاء معك خط ساخن مع الله، الطريق إلى الله سالك، لأنه لا يوجد معصية.
المذيع:
 دكتور نلملم الأفكار التي كانت قبل الفاصل، بأن ربنا سبحانه وتعالى خلق الإنسان وله عقل يدرك، وله قلب يستشعر، يحب، طالما المشاعر دخلت إلى الإنسان بطريقة صحيحة فهو لا يُسأل، ولا يحاسب شرعاً عنها، يبدأ الحساب إن وصلت بطريقة الحرام كعدم غض البصر، أو إن ترجمها إلى فعلٍ أو قول، عدا ذلك مشاعر القلب لا حساب عليها.
 جميل، شيخنا الكريم، كيف يحاول الإنسان أن ينقي مشاعره، إذا شعر بمشاعر الحسد، الغضب، عدم تمني الخير لغيره من الناس؟

 

البيئة المؤمنة تساعد الإنسان على ضبط مشاعره :

الدكتور راتب :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 يحتاج إلى حاضنة إيمانية، يحتاج إلى سهرة مع مؤمنين، إلى نزهة مع مؤمنين، يحتاج إلى مجتمع مؤمن.

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 كأن هناك معنى مضمر، إن لم تستطيعوا، الجواب:

﴿ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 عش مع المؤمنين، تعامل معهم، طبعاً عندنا علاقات عمل، هذه لا علاقة لها، أياً كان مدير العمل، هذه علاقات عمل، أما أهم شيء العلاقات الحميمة، النزهة، السفر الطويل، كل العلاقات الحميمة، لا بد أن يكون معك مؤمن، هناك حدود يقف عندها، وحدود تقف عندها، يوجد حدود.

(( الإِيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ))

[أبو داود عن أبي هريرة ]

المذيع:
 إذاً البيئة المؤمنة دكتور، تساعد الإنسان على ضبط مشاعره.

 

حاجة الإنسان إلى حاضنة إيمانية تعينه على الثبات :

الدكتور راتب :
 آية واضحة كالشمس:

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 الآية الأوضح.

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾

[ سورة الكهف: 28]

 أي وجدناه غافلاً.

﴿عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف: 28]

 المشكلة الكبرى، نحتاج فوق فهمنا للدين، إلى حاضنة إيمانية.
المذيع:
 تعيننا على الثبات عليه، جميل، حتى لا تتحول هي المشاعر، إلى أي سلوكيات أو تصرفات محرمة.

 

الانعزال يكون عن فعل الحرام وليس عن الأفراد :

الدكتور راتب :
 عندي مقياس دقيق جداً، اسمه لعبة شد الحبل، بأي سهرة، بأي مكان، بأي نزهة، شعرت أنهم شدوك إليهم، إلى إهمال الصلاة، إلى الغيبة والنميمة، ابتعد عنهم، ابتعد دون عنف، انسحب، وأي جهة جلست معهم ازداد إيمانك، أو ازداد إيمانهم بك، ابقَ معهم، لعبة شد الحبل، إن شددتهم إليك ابقَ معهم، إن شدوك إليهم ابتعد عنهم، ابتعد دون عنف، دون أي كلام غير لائق.
المذيع:
 الابتعاد يكون دكتور عن فعل الخطأ، أم عن الأشخاص ككل؟
الدكتور راتب :
 لا، هذه الجلسة التي لا انضباط فيها.
المذيع:
 أي نبتعد عن الجلسة المرفوضة، نقطع كل صداقتنا معهم.
الدكتور راتب :
 نجد على الشاشة أشياء لا ترضي الله، غيبة، نميمة، وصف للنساء، وصف مثير.
المذيع:
 إذا كان في اليوم الثاني انضباطاً سمعياً، وخال من المحرمات، ننعزل عن فعل الحرام وليس عن الأفراد.
 بارك الله بكم يا شيخنا، نختم هذه الحلقة بالدعاء، ونسأل الله تعالى القبول.

الدعاء :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسينا ذكرك أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارضَ عنا، واجعل هذا البلد الأردن آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، لهذه الكلمات الطيبة.
 كانت حلقتنا عن المشاعر في الإسلام، وما أفادنا به فضيلة الدكتور بأن الإنسان عليه إن يسعى ألا تصل مشاعر سلبية كعدم غض البصر، أو حقده على الآخرين، ولكن ما كان في القلب لا حساب عليه، ويبدأ الحساب إن ترجم إلى سلوك أو قول.
 سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
 والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور