وضع داكن
26-04-2024
Logo
دروس جامع التقوى - الجزء الثاني : الدرس 009 - خلاص العالم بالإسلام.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

كلمة الشاعر القروي عن الإسلام و نبي الرحمة :

 أخوتنا الكرام؛ عندنا شاعر لبناني مهاجر، اسمه رشيد سليم الخوري، ملقب بالشاعر القروي، مشهور جداً، مقيم في أمريكا الجنوبية بالبرازيل، وهو شاعر يدين بالمسيحية، مسيحي دُعي إلى حفل بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، أقيم في مدينة سان باولو في أمريكا الجنوبية، وطُلب منه أن يلقي كلمة في الحاضرين- كلامي دقيق- شاعر ملقب بالشاعر القروي، يدين بالديانة المسحية، يقيم بسان باولو بالبرازيل، دُعي إلى حفل بعيد المولد، فألقى كلمة، أقرأ لكم هذه الكلمة قال:
أيها المسلمون! أيها العرب! يولد النبي على ألسنتكم كل عام مرة، ويموت في قلوبكم، وعقولكم، وأفعالكم كل يوم ألف مرة، تذكرونه في السنة مرة، في عيد المولد، ويموت في كلماتكم، وأحوالكم، وتصرفاتكم، وأفراحكم، وأتراحكم، ومناسباتكم، كل يوم ألف مرة، ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه، ولكان كل واحد منكم محمداً صغيراً، ولكان العالم منذ ألف عام أندلساً عظيماً، ولالتقى الشرق بالغرب من زمن طويل، ولعقدت المادة الغربية- المادة الغربية المتفوقة- مع روح الشرق المسلم حلفاً، ولمشى العقل والقلب يداً بيد إلى آخر الحياة.
 أيها المسلمون؛ ينسب أعداؤكم إلى دينكم كل فِرية، ودينكم من بهتانهم براء، الإسلام متهم بالإرهاب، بالعنصرية، وكل التهم باطلة، ودينكم من بهتانهم براء، ولكنكم أنتم تصدقون الفرية بأعمالكم فقط، وتقرونها بإهمالكم، دققوا الآن، دينكم دين العلم وأنتم جاهلون، دينكم دين التيسير وأنتم المعسرون، دينكم دين الحسنى وأنتم المنفرون، دينكم دين النصر ولكنكم متخاذلون، دينكم دين الزكاة ولكنكم تغفلون.

نمو الإسلام نمواً عجيباً بالرغم من كل محاولات الغرب بتدميره :

 من المسلمات يا أخوان العالم الإسلامي يملك نصف ثروات الأرض، النصف بالتمام والكمال، من بترول إلى معادن إلى فوسفات، العالم الإسلامي يملك نصف ثروات الأرض، موقع الدول الإسلامية أهم موقع في العالم، يسمى موقعاً إستراتيجياً، ملتقى ثلاث قارات، أربع عواصم محتلة من فئات ضالة، وأمر المسلمين ليس بيدهم، لا يخططون، يُخطط لهم، يوجد خطط مخيفة إلى أن صار بأسنا بيننا، العالم مرتاح، آمن، مطمئن، حريات، استقرار، وعندنا حروب، وقتل، قتل يومي، يُخطط لنا، والعالم الغربي لئيم، جعل بأسنا بيننا.
أقسم لكم بالله، أقول هذه الكلمة من أعماقي: طرح أية قضية خلافية بين المسلمين جريمة بحق الإسلام، يجمعنا خمسة وتسعون بنداً، وعندنا خلافيات ثلاث، أربعة بالمئة، الغرب يكبر هذه الخلافيات.
 مثلاً هذه حقيقة مرة: العراق عاش ألف سنة مطمئناً، جاء الأمريكان، قال له: أنت آشوري، وأنت يزيدي، وأنت مسلم، وأنت شيعي، فرق، الآن العراق انتهت، انتهى نهائياً، كان دولة كبرى عظمى، العراق بتروله حوالي عشرين أو ثلاثين متراً، أعلى حقول بترول بالأرض عند العراق، عشرون أو ثلاثون متراً بترول، راح العراق، راحت مصر، هناك تخطيط مخيف، هذا العالم الإسلامي معه وحي السماء، معه الحق، ومعه الحق المقبول في العالم.
أريد ان أقول كلمة دقيقة: القطب الأعلى بالعالم هو أمريكا، شئت أم أبيت، أحببت أم كرهت، أعجبك أو لم يعجبك، هذا واقع، تحت هذا المحور الأول ثلاث دوائر، أو دائرة دول الضبط، الدول الإنكلو سكسونية، أي أستراليا، كندا، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، هذه دول إنكلو سكسونية، هذه الدول لا يسمح لإحداها أن تحل محل أمريكا، هذه أول واحدة، يوجد دائرة ثانية دول الضبط، الأولى الضغط، الثانية التحكم، أي اليابان، الصين، الهند، الباكستان، دول إفريقيا، دول أمريكا الجنوبية، هذه الدول لا يسمح لإحداها أنت تنتقل إلى الدرجة الأولى التي تحتها. الثالثة: مع الأسف الشديد؛ دول التدمير، العالم الإسلامي، لا لأنه يقع بموقع إستراتيجي، ولا لأنه يملك ثلاثة ممرات مائية خطيرة، قناة السويس، باب المندب، وهرمز، لأنه يملك ديناً لا يزال حياً، دين حيّ، وسطي، متجدد، واضح، نصوصه ثابتة، لا يوجد فيه تزوير، ولا تطوير، هذا الدين يلبي حاجة الإنسان، مقبول، هذا الدين ينمو نمواً عجيباً.
 لذلك هذا الدين إذا نما يلغي للغرب خمسة وستين بالمئة من دخله، الملاهي، والحانات، والأفلام الإباحية، دخله بالإباحيات خمسة وستون بالمئة، فمهمة الغرب نكون أو لا نكون.
 لذلك هناك حرب عالمية ثالثة على الإسلام، الحرب كانت تحت الطاولة سابقاً، اليوم فوق الطاولة، جهاراً نهاراً، أحد أعضاء الكونغرس يقول: بما أن الغرب مهيمن على الشرق لن نسمح بقيام حكم سني في الشرق الأوسط، واضح.

تولي الله عز وجل بذاته العلية حفظ القرآن الكريم :

 يا أخوان؛ المشكلة مشكلة وجود، نكون أو لا نكون، اسمع القرآن:

﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 دقق:

﴿ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

الله يصف مكرهم، الآن جبل قاسيون، تلة، العالم لو اجتمع يتمكن من إلغائه؟ الله يصف مكرهم:

﴿ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 ثم يقول لك الله جل جلاله :

﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 أقول كلمة دقيقة لكن مدروسة: زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، الذي وعدك إله.

﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾

[ سورة إبراهيم: 46 ]

 كلما كانت معنوياتك كبيرة يكون إيمانك أكبر، إله، هذا الدين لا يمكن أن يلغى لأن الله تولى حفظه، كلف أتباع الديانتين المسيحية واليهودية بحفظ كتابهما، ما الدليل:

﴿ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﴾

[ سورة المائدة: 44 ]

 أي كلفوا أن يحفظا كلام الله، أما هم قصروا فصار هناك تزوير، أما القرآن فتولى الله بذاته العلية حفظه.

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾

[ سورة الحجر: 9 ]

 هذا القرآن الذي تقرؤه الآن هو نفسه الذي أنزل في عهد النبي، لا يوجد كتاب بالأرض حفظه بشيء لا يصدق.

ديننا الإسلامي دين نجاحنا و استقرارنا و سعادتنا :

 أخواننا الكرام؛ نحن مع دين عظيم، وهذا الدين سبب نجاحنا، واستقرارنا، وسعادتنا.
 أعديها مرة ثانية لكن سامحوني: دينكم دين العلم وأنتم جاهلون، دينكم دين التيسير وأنتم المعسرون، دينكم دين الحسنى وأنتم المنفرون، دينكم دين النصر ولكنكم متخاذلون، دينكم دين الزكاة ولكنكم تبخلون.
يا محمد- هذا المسيحي يخاطب رسول الله- يا محمد، يا نبي الله حقاً، يا فيلسوف الفلاسفة، يا سلطان البلغاء، يا مجد العرب والإنسانية! إنك لم تقتل الروح بشهوات الجسد، ما ألغيت حياة الإنسان الراقية بالشهوة كما في الغرب، ولم تحتقر الجسد تعظيماً للروح، فدينك دين الفطرة السليمة، وإني موقن أن الإنسانية بعد أن يئست من كل فلسفاتها وعلومها، وقلقت من مذاهب الحكماء جميعاً، سوف لا تجد مخرجاً من مأزقها، وراحة روحها، وصلاح أمرها، إلا بالانتماء إلى أحضان الإسلام.
 كنت مرة بتركيا، أخ كريم، أطلعني على بحث، أكبر رجل مسيحي في أوروبا، الرسالة مذهلة، يقول: خلاص الأمم في الأرض بالإسلام السني، مسيحي، قس كبير، الرسالة عندي سأقرؤها مرة لكم، خلاص العالم مما هو فيه بالإسلام السني تحديداً.
 فهذا الشاعر القروي يقول: لذلك حُق لهذه الأمة أن ترفع رأسها، وتهتف ملء صدورها وبأعلى صوتها، ثم أنشد من شعر الشاعر:

عــيــدُ الــبَـرِيَّـةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِيّ
فِــي الـمَـشْرِقَيْنِ لَــــــهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِيّ
عِـيدُ الـنَّبِيّ ابـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ
شَـمْـسُ الـهِـدَايَةِ مِــنْ قُـرْآنِـهِ الـعلـوَيّ
يَـــا فَـــاتِــحَ الأَرْضِ مَــيْــدَانَـاً لِــدَوْلَــتِـهِ
صَـــارَتْ بِـــلادُكَ مَـيْـدَانَـاً لِــكُـلِّ قَـــــــوِيّ
يَـــــا حَـــبَّــذَا عَــهْــد بَــغْــدَادٍ وَأَنْـــــدَلُــسٍ
عَــهْــدٌ بِــرُوحِـي أُفَـــدِّي عَـــــوْدَهُ وَذَوِيّ
مَـنْ كَـانَ فِـي ريْـبَةٍ مِـنْ ضَـخْمِ دَوْلَـتِهِ
فَـلْيَتْلُ مَـا فِـي تَوَارِيخِ الشُّعُوبِ رُوِي
يَـــــا قَـــــوْمُ هَـــــذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ
لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِيّ
فَــــــإنْ ذَكَـــرْتُـــمْ رَسُــــــولَ اللهِ تــكــرِمَــةً  فَــبَـلِّـغُـوهُ سَـــــلامَ الــشَّــاعِـرِ الـــقَــرَوِيّ
***

 مسيحي، الحق واضح.

الإسلام نعمة لا تقدر بثمن :

 أنا سأقول لكم كلمة: لا يوجد نعمة علينا نحن المسلمين تفوق إسلامنا، ماذا أقول لك؟ تذهب إلى الشرق الآلهة أشخاص، بوذا إله، بوذا إله عندهم، نحن نعبد الله، عندي دراسة مطولة لكن ليست مناسبة الآن، هناك شعوب تعبد الجرذان، عندي الصور، شعوب تعبد المطر، الحجر، الشمس، القمر، الله عز وجل شرفنا أن نعبد خالق السماوات والأرض، والله لا يوجد نعمة تفوق هذه النعمة، هناك شعوب تعبد النار الآن موجودة، شعوب وعندي صور تعبد الجرذان، أي الجرذان تأكل أطيب الطعام لأنها آلهة عندهم، اشكر الله إلهك، هو الله الذي خلق السماوات والأرض.
 مرة ثانية:

عــيــدُ الــبَـرِيَّـةِ عِــيــدُ الـمَـوْلِـدِ الـنَّـبَـوِيّ
فِــي الـمَـشْرِقَيْنِ لَــــــهُ وَالـمَغْرِبَيْنِ دَوِيّ
عِـيدُ الـنَّبِيّ ابـنِ عَـبْدِ اللهِ مَـنْ طلعَتْ
شَـمْـسُ الـهِـدَايَةِ مِــنْ قُـرْآنِـهِ الـعلـوَيّ
يَـــا فَـــاتِــحَ الأَرْضِ مَــيْــدَانَـاً لِــدَوْلَــتِـهِ
صَـــارَتْ بِـــلادُكَ مَـيْـدَانَـاً لِــكُـلِّ قَـــــــوِيّ
يَـــــا حَـــبَّــذَا عَــهْــد بَــغْــدَادٍ وَأَنْـــــدَلُــسٍ
عَــهْــدٌ بِــرُوحِـي أُفَـــدِّي عَـــــوْدَهُ وَذَوِيّ
مَـنْ كَـانَ فِـي ريْـبَةٍ مِـنْ ضَـخْمِ دَوْلَـتِهِ
فَـلْيَتْلُ مَـا فِـي تَوَارِيخِ الشُّعُوبِ رُوِي
يَـــــا قَـــــوْمُ هَـــــذا مَــسِـيـحِـيٌّ يُــذَكِّـرُكُـمْ
لا يُـنْهِضُ الـشَّرْقَ إلاّ حُـبُّنَا الأخَـوِيّ
فَــــــإنْ ذَكَـــرْتُـــمْ رَسُــــــولَ اللهِ تــكــرِمَــةً  فَــبَـلِّـغُـوهُ سَـــــلامَ الــشَّــاعِـرِ الـــقَــرَوِيّ
***

اللذة و السعادة :

 أخواننا الكرام، هذا الدين العظيم عندما تطبقه إذا لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني أنا مسؤول عن كلامي، أي أخ حاضر، موظف، تاجر، كبير بالسن، شاب، غني، فقير، قوي، ضعيف، صحيح، مريض، إن لم تقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، لماذا؟ لأن الله عز وجل أصل الجمال، والكمال، والنوال، وأنت مع الله، وإذا كنت مع الله أنت مع الجميل، أنت سعيد، سعيد بدخل كبير، ودخل محدود، سعيد بأي سن معين، سعيد قوي أو ضعيف، صحيح أو مريض سعيد، اللذة شيء آخر.
نحن عندنا لذة وعندنا سعادة، اللذة حسية، طعام طيب، بيت واسع، أربعمئة وخمسون متراً، له إطلالة على البحر، سيارة روز رايز مثلاً، هذه اللذة للناس، سيارة فارهة، بيت فخم، زوجة جميلة، مركز اجتماعي كبير، دخل فلكي، هذه اللذة، اللذة مشكلتها، لها مشكلة، تحتاج إلى شروط ثلاث، ولحكمة بالغة بالغة بالغة تنقصك واحدة دائماً، في البداية صحة طيبة، يوجد وقت لكن لا يوجد دخل، واللذة تحتاج إلى دخل، بالأربعين بالمنتصف يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت.
 قال لي صاحب معمل: والله مدة ست وثلاثين سنة ما خرجت نزهة، أنا في المعمل لأني عندما أغيب يفلت كل شيء.
 الثالثة كبر بالسن، المعمل سلمه لأولاده، صار عنده وقت، وعنده مال، لكن لا يوجد صحة، أسيد أوريك، على فشل كلوي، حكمة الله عز وجل، هذه الأعراض الصحية السلبية بآخر الحياة، هذا معه سكر، هذا معه سلس، هذا معه، هذا معه، كأن هذه رسائل من الله لطيفة أن يا عبدي قد اقترب اللقاء، هل أنت مستعد له؟
 نحن بالتلفزيون أثناء إلقاء الدرس تظهر إشارة يقرؤها فقط المتكلم، أنه بقي عشر دقائق، ثم خمس، ثم يشير لك المخرج أن الوقت قد انتهى.
 فكل واحد منا له نهاية، أنا أقول: كل ذكائك، وبطولتك، وحيوتك، ونشاطك، أن تعد العدة لما بعد الستين، بعد الستين اقتربت من القبر، لأن:

(( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ))

[أبو يعلى وابن حبان عن أبي هريرة ]

 من بلغ الأربعين فقد دخل في أسواق الآخرة، كلام دقيق، من دخل في الأربعين دخل في أسواق الآخرة، وإذا بلغ الستين اقترب أكثر، وإذا فوق السبعين يوم آخر، هذه الحياة، يكون لك مكانة، سهرات، لقاءات، مناسف هنا بالأردن، شركة ضخمة، بيت على البحر، بيت على الجبل، سيارتان أو ثلاث، ثم إلى القبر.

(( رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت))

العاقل من يعد لساعة الموت عدتها :

 أخواننا الكرام، يروون أن شخصاً بمصر له أب يحبه كثيراً لدرجة مذهلة، توفي، سمع الحديث:

(( رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت))

ماذا يفعل؟ قصة واقعية، أراد أن يبقى شخص مع والده في القبر في الليلة الأولى لأنه سمع أن أصعب ليلة أول ليلة بصراحة.
 أنا مرة كنت بتركيا، دُعينا إلى طعام، البيت في الطابق الرابع، والله المصعد معطلاً، طلعنا على الدرج لا يوجد مشكلة، انتهينا، بعد ساعتين أو ثلاث عمل المصعد، ركبنا فيه وصلنا للطابق الثاني توقف، تعطل، أنا وأخوان عزيزان عليّ، في الخارج يوجد عشرة أشخاص واقفين، والمصعد أرضه سيراميك، وجدرانه استنالس رقم واحد، ومروحة، بأعلى درجة من الأناقة، لكنه توقف، بقينا ساعة، أخبروا البلدية، أخبروا الشركات، يوجد مشكلة كبيرة بالمصعد، أنا تذكرت وقوفي بالقبر، هنا يوجد معك اثنان تحبهم، بالقبر لا يوجد أحد، هنا يوجد أمل في أن تخرج، هناك لا يوجد أمل، وازنت بين هذا الموقف وبين القبر، أقسم لكم بالله ما رأيت أذكى بحياتي، ولا أعقل، ولا أكثر نجاحاً وتوفيقاً ممن يعد لهذه اللحظة التي لا بد منها، هذا القبر.

(( رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك ))

 فهذا عندما وضع والده في القبر وضع رجلاً ثانياً معه- القصة الآن صارت رمزية - جاء الملكان، قال الأول للثاني: عجيب! هذه أول مرة تصير معنا، من أين جاء الثاني؟ الثاني ليس ميتاً بل حياً؟ يبدو أنه حرك رجله، قال أحدهما: تعال نبدأ به، أجلسوه، هذا من فقره كان يلبس كيس قمح – خيش - فتحه من أعلاه لرأسه، ومن الطرفين ليديه، وربطه بحبل، لا يملك إلا كيس الخيش، حتى لا يوجد ملابس داخلية، الملكان بدؤوا بالحبل، هذه من أين أحضرتها؟ من البستان، كيف دخلت للبستان؟ لم يعرف أن يجاوب، ضربوه ضرباً مبرحاً، هذا الذي قعد مع أبيهم خرج من القبر و قال: أعان الله والدكم.
 تبيع مادة غذائية، هناك مادة أخواننا لن أسميها، هي في الحقيقة تصنع من الحليب، شخص معه دكتوراه بالكيمياء، استطاع أن يصنعها من مواد كيماوية رخيصة جداً، نفس الطعم لكن بمهارة عالية جداً.
 مرة اشترى أقربائي عصيراً، أرقى عصير بالعالم، قرأنا التعليمات لا يوجد فيه أية مادة غذائية، كله كيمائي، الآن التقنية عالية جداً.
 فهذا يبيع المادة الغذائية الأولى، كان ثمن الكيلو مئة وعشرين، كلفته عشر ليرات، ربح أرباحاً طائلة وقصته معروفة ما مات إلا مجنون، كان يمشي في الطريق عارياً تماماً، الله كبير، هذه الكلمة لا أشبع منها، إياك، غلطة بجسمك توضع في مشفى الأمراض العقلية.
 شخص اشترى بيتاً، وفرشه، وزينه، الرخام، السيراميك، الستنالس، بعدما انتهى اختل عقله، وضع في مشفى الأمراض العقلية، أنت ما دام بعقلك يوجد غلط البيت لم يعد لك، لم يعد بيدك شيء، فأنت في قبضة الله، بلمحة تخسر كل شيء، فكلما كنت أقرب من الله، تستقيم على أمره، هناك ضمانة معك من الله.

(( عبدي رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت ))

مكافأة بر الوالدين في الدنيا قبل الآخرة :

 الله وفي، ما دمت أنت في طاعة الله لك شيخوخة راقية جداً، أقول لك كلمة أدق من هذا؟ البطولة ليست أن تكون قوياً بالأربعينات، إذا ابنك غلط تسحقه سحقاً، بالسبعينات ضعفت، وأولادك شباب

طوال ما كنت أنت مع الله جيداً، الله يسخر لك أعداءك ليخدموك، إذا الله غضب يترك أقرب الناس إلك يتفنن بإذلالك، وإذا أنت كنت مع الله يسخر لك العدو يخدمك، فإذا كنت مع الله كان الله معك، والبطولة ليست وأنت شاب، البطولة بعد الستين والسبعين والثمانين، هنا تضعف، صار هناك شيبة وكهولة، فإذا كنت مربياً الأولاد تربية عالية بخدمتك كلهم.
 والله أعرف آباء عاملوا الأولاد معاملة تفوق حدّ الخيال، كان باراً بأبيه، وهذه قضية دين ووفاء.

(( بروا آبائكم تبركم أبناؤكم ))

[الحاكم عن أبي هريرة]

 دين ووفاء، وفي الدنيا قبل الآخرة.
 بالمناسبة؛ أخواننا الكرام؛ بر الوالدين المكافأة في الدنيا قبل الآخرة، وكل واحد له أم وله أب، أو له عم أو خال، هؤلاء من رائحة والده ووالدته، فلذلك أخواننا الكرام موضوع بر الوالدين الله قال:

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾

[ سورة الإسراء: 23 ]

 بارك الله بكم، ونفع بكم، وحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، وأولادكم، وصحتكم، ومالكم، وبلدكم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور