وضع داكن
26-04-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 25 - حوار مفتوح 3
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، يا ربنا صل وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، مرحباً مستمعينا الأكارم على الهواء عبر أثير إذاعتكم حياةFM مع فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، مرحباً لفضيلتكم شيخنا.
الدكتور راتب:
 بارك الله بكم، وحفظ لكم إيمانكم، وأهلكم، وبلدكم، ومن يلوذ بكم.
المذيع:
 اللهم آمين، أكرمكم الله يا دكتور، مرحباً بكم دائماً، وأبداً مستمعينا الكرام في برنامجكم الأسبوعي حوارٌ مفتوح، مع مستمعينا الكرام في شهر رمضان المبارك، لذلك نرحب باتصالاتكم معنا مباشرةً على أن تكون مشاركاتكم حول رمضان، وتزكية النفس والإيمان بعيداً عن الأسئلة الفقهية والفتاوى، لتخصص برنامج آخر بالإذاعة بها.
 دكتورنا الكريم، العشر الأواخر بدأت، والله سبحانه وتعالى أكرمنا وأنهينا نصفها، كيف يمكن للمسلم أن يغتنم هذه الأيام المتبقية والمعدودة؟

رمضان نقلة نوعية في علاقتك مع الله :

الدكتور راتب:
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 في الأصل رمضان شهر القرآن، نقرأ القرآن جميعاً، لكن أتمنى أن أضيف إلى القراءة التعبدية، قراءةً تدبرية، يعني أنت تقرأ القرآن؟

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾

[سورة التوبة: 119]

 كلما قرأت القرآن اسأل نفسك أين أنت من كل آية
استقيموا، أين أنت من هذه الآية؟ هناك من يقرأ القرآن قراءةً صحيحة، وفق قواعد اللغة، هناك من يقرأ القرآن قراءةً مجودة هذا أفضل، الإدغام، والإظهار، والإقلاب، والإخفاء، إلى آخره، هناك من يبحث عن معاني القرآن بدقةٍ بالغة، هذا أرقى وأرقى، هناك من يتدبر القرآن مع كل آيةٍ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً﴾

[سورة التحريم: 8]

 أين أنا من هذه الآية؟ هل توبتي نصوح؟ هل توبتي من كل الذنوب؟ هل توبتي موسمية، أم دائمة؟ هناك شيء أتمنى أنه يكون واضحاً جداً جداً، إنسان في رمضان ترك الغيبة، والنميمة، وترك المعاصي، والآثام جميعها، وعاد بعد رمضان إلى ما كان عليه، صدق ولا أبالغ، كأنه ما صام رمضان، أراد الله من رمضان أن يكون نقلة نوعية في علاقتك مع الله، نقلة نوعية في صلاتك، نقلة نوعية في قيامك، نقلة نوعية في غض بصرك، نقلة نوعية في ضبط الشاشة، نقلة نوعية في ألف قضية حولك، لا بد من ضبطها، وإلا إذا لم تضبط، عاد الإنسان بعد رمضان، إلى ما كان عليه.
 لا أقول حقيقة وإنما هي طرفة، أحمد شوقي قال:

رمضان ولى هاتها يا ساقي  مشتاقةً تسعى إلى مشتاق
***

 فالذي يعود بعد رمضان إلى ما كان عليه قبل رمضان، وهي حقيقة مرة، وأرجو أن تكون أفضل ألف مرة من الوهم المريح، الله ما أراد أن تصوم لتعود كما كنت قبل الصيام، أراد أن يكون نقلة نوعية، وكأنه درج، في كل رمضان هناك قفزة، في صلاتك، في قيامك، في غض بصرك، في ضبط لسانك، في محاسبة نفسك، رمضان الثاني درجة ثانية أعلى، فصار الدرج صاعداً، أما أن نعود بعد رمضان إلى ما كنا قبل رمضان، كأننا ما صمنا رمضان.
المذيع:
 بارك الله بكم يا دكتور، نبدأ بمشاركات مستمعينا الكرام، معنا أخونا خالد من العراق، تفضل يا خالد.
المستمع:
 السلام عليكم، السلام عليكم دكتورنا.
الدكتور راتب:
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المستمع:
 قبل كل شيء إذا أمكن هاتف حضرتك هل أستطيع أخذه من الكونترول؟ وأوجه سؤال لفضيلتكم: كيف لنا أن نميز بين أمة الهدى وأمة الضلال، خصوصاً وأن حال الجميع بالإضلال المبطن قد أخذ بالزيادة؟ هذه أولاً، ثانياً: كيف لنا أن نتعامل معهم؟

أي أمرٍ أمرك الله به فطرك على محبته وأي شيء نهاك عنه فطرك على كراهيته :

الدكتور راتب:
 دقق، الله عز وجل قال:

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾

[سورة الروم: 30]

 المعاصي يتبعها كآبة بسبب الفطرة
دقق ولا أبالغ، أي أمرٍ أمرك الله به، جبلك وفطرك على محبته، وأي شيء نهاك الله عنه، جبلك وفطرك على كراهيته، فهذا الحساب خاص، الإنسان إذا خالف منهج الله، يحس بكآبة، هذه الكآبة هي الرد الإلهي على المعصية، لو أن إنساناً عصى الله عز وجل، بغير علم، يحس بكآبة، الإحصاء الدقيق بالعالم الغربي، عالم التفلت، تجد مئة واثنان وخمسون كآبة، أي مئة إنسان معهم كآبة، واثنان وخمسون معهم كآبتين، الكآبة ارتباط الفطرة بالمنهج، فالإنسان خالف المنهج، فطرته انخدشت، هذه حالة يسمونها فقدان التوازن، والإنسان عندما يفقد توازنه أحياناً يلجأ لحالات مرضية، فيعمم الكل هكذا، وهناك حالات صحية يتوب فيها لله.
المذيع:
 بارك الله بك يا خالد، شكراً لك، وسنواصل الإجابة على أسئلتك، نأخذ عماد باتصال جديد، تفضل أخي عماد.
المستمع:
 السلام عليكم، كيف الحال يا سيدي؟ ما أخبارك؟ أنا مسرور بسماع العلامة الدكتور محمد راتب النابلسي.

الصيام تهذيب للنفس :

الدكتور راتب:
 بارك الله بك، أهلاً وسهلاً.
المستمع:
 نشكر إذاعتكم الحبيبة على هذا اللقاء الطيب.
المذيع:
 بارك الله فيك، تفضل أخي عماد.
المستمع:
 نحن نعلم أن الصيام هو تهذيب للنفس، واستقامة، ولكن يوجد سؤال معالي الدكتور محمد، خارج موضوع الصيام، إن أمكن؟
المذيع:
 لكن نرجو ألا يكون فتاوى أو أسئلة فقهية أخي.
المستمع:
 لا، هو الماء الذي غُسّل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، أين ذهب؟
المذيع:
 شيخنا، شكراً لك عماد، وصلت الفكرة، أنت تريد أن أعرف لك المنهج في الإجابة على هذه الأسئلة، الماء الذي غُسّل فيه النبي عليه الصلاة والسلام عند وفاته، أين ذهب هذا الماء؟

الابتعاد عن الجزئيات التي لا جدوى من البحث عنها :

الدكتور راتب:
 والله لا أعلم، جزئية صغيرة جداً، لا تقدم ولا تؤخر، هناك منهج، هناك افعل ولا تفعل، هناك أمر، هناك نهي، هناك حرام، هناك حلال، هناك قربة إلى الله، هناك صيام، هناك مساعدة المساكين، هناك قضية تاريخية، لو فرضنا أن هذا الماء جرى على التراب أو لم يجرِ على التراب، ماذا ينبني على هذه القضية؟ هناك نقطة مهمة جداً، أي قضية في الدين، كائنةً ما تكون، إن لم يبنَ عليها حكم شرعي لا جدوى من الحديث عنها.
 لاجدوى من البحث والتعمق بالجزئيات التي لا تفيد
مثلاً في رواية كان طول آدم ستين متراً، سواء أكان ستون، أو سبعون، أو حتى متراً واحداً، ماذا تقدم لنا هذه المقولة؟ لا شيء، وقتنا ضيق، والعمر قصير، والعطاء كبير، والجنة كبيرة، إذا استهلكنا أنفسنا بجزئيات لا جدوى من البحث عنها، أي أن معرفتها لا تنفع، وجهلها لا يضر، هذه الموضوعات لا تقدم ولا تؤخر.
المذيع:
 بارك الله بكم يا دكتور، لهذا التنويه، معنا اتصال جديد من أم عبد الله، تفضلي يا أم عبد الله.
المستمع:
 السلام عليكم، شيخنا الصادق رزقكم الله الصحة والعافية، وأطال في عمركم إن شاء الله، سؤالي هو بسم الله الرحمن الرحيم:

﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾

[سورة الفلق: 5]

 الشر يعني الأذى الذي سوف يصيب الإنسان، خصوصاً أني أشعر دائماً أنني أتأثر جداً بعين الحسود، أي منذ كنت صغيرة، وأمي رحمها الله كانت تقول أعيذوها لأنها تتأثر بالحسد، بالرغم من القرآن والأذكار، حاولت أكل تمر يومياً في الصباح كوقاية.
المذيع:
 بارك الله بك يا أم عبد الله، إن شاء الله نجيبك، أم عبد الله كانت معنا من العراق وننتقل إلى الأخت سمية من الجزائر، تفضلي يا أخت سمية.
المستمع:
 السلام عليكم، مرحباً والدي الصادق، أطال الله بعمرك يا سيدي، شيخنا الفاضل عندي سؤال، ولكن أنا مضطرة، أنا منذ ثمانية أشهر وصديقة لي تعرض عليّ الزواج من رجل يعمل معي، بطريقة غير مباشرة، وأنا كنت مقتنعة مئة بالمئة بأن الرد سيكون إيجابي ولكن ما حدث كان عكس ما توقعت، وانصدمت صدمة كبيرة، سؤالي كيف أصل للرضا، وأتجاوز هذا الشخص، وأعيش في سلام داخلي؟ لأني أشعر أني أسيرة لهذا التعلق، وأخاف إن كان في قلبي شيء لغير الله، فهذا ذنب، فكيف أصل إلى الرضا والسكينة، أكرمكم الله، وأتخلص من هذا التعلق؟ والسلام عليكم.
المذيع:
 بارك الله بك أختي وشكراً جزيلاً لك دكتورنا الكريم، نعيد إجابة الأسئلة من البداية، أخونا خالد سأل فضيلتكم دكتور كيف يميز المسلم بين أئمة الهدى وأئمة الضلال؟

برمجة كل إنسان على الفطرة :

الدكتور راتب:
 ما من أمرٍ أُمِرت به إلا وبُرمجتَ عليه، فأنت الفطرة التي أودعت فيك كافية، أنت تعرف ابتداءً من دون تكلف، من دون دراسة، إن كان هذا الكلام مقبول أم غير مقبول، والدليل:

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ﴾

[سورة الروم: 30]

 عندما يتصرف الإنسان بالفطرة هذه الحاسة السادسة
أن تقيم وجهك للدين حنيفاً، هذا ما فطرت عليه، وجبلت عليه، وولفت عليه، هذه تسمى الحاسة السادسة، اسمها الحدث، اسمها الشعور البديهي، الأولي، أنت حينما تفعل خيراً، مثلاً لو أن أحداً عاد للبيت الساعة الواحدة ليلاً، فطلبت منه والدته دواء، قال لها: الصيدليات كلها مغلقة، فسكتت، لكن هو يعرف أنه يوجد صيدليات مناوبة، ومعه سيارة، لا ينام مرتاحاً، الأم لم تعلق على نفيه ولا كلمة، ينام غير مرتاح، هذه هي الفطرة، لو أنه ذهب إلى هذه الصيدليات المناوبة، والدواء لم يجده، دقق، الدواء في الحالتين لم يؤخذ، لكن في الحالة الأولى هناك لوم نفسي، وفي الحالة الثانية هناك راحة نفسية.

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾

[سورة الروم: 30]

المذيع:
 اليوم شيخ أحياناً يتقدم أو يتصدر المنابر بعض الأئمة، وصار الأمر يختلط على الناس، من يقول الهدى ومن يقول الضلال؟ كيف أميز أنا كمسلم؟

الإنسان مبرمج على منهج الله وعندما ترتاح نفسه يكون عمله صحيحاً :

الدكتور راتب:
 أنت في الدين لا تقبل شيئاً إلا بالدليل، لماذا؟
 "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك".
 دينك استقامتك، دينك سلامتك، دينك سعادتك، دينك نجاحك في عملك، دينك نجاحاً في بيتك، نجاحاً مع أولادك، مع زوجتك، مع من حولك، مع والديك، مليون نتيجة رائعة للمتدين.
 "ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا".
 أنت مبرمج على منهج الله، عندما ترتاح نفسك يكون عملك صحيحاً.
المذيع:
 لو الإنسان ميز أن هذا الداعية هو من أئمة الضلال، يدعو إلى عكس ما جاء في الشريعة، كيف يفترض أن يتصرف مع أئمة الضلال؟
الدكتور راتب:
 أنت قد تنتفع من طبيب، ولا تعنيك استقامته إطلاقاً، تنتفع من محامي، ولا تعنيك استقامته، تنتفع من مهندس، ولا تعنيك استقامته، لكن لا يمكن أن تنتفع من رجل الدين وحده، إلا إذا تأكدت أن ما يقوله يفعله، يحتاج رجل الدين إلى مصداقية، أي بيته إسلامي، عمله إسلامي، علاقاته إسلامية، تمضية وقت فراغه إسلامي، رحلاته إسلامية لا اختلاط فيها، فإذا كان المسلم مطبقاً للإسلام بكل تفاصيل حياته، بدءاً من فراش الزوجية، وانتهاءً بالعلاقات الدولية، ألا يعد مسلماً؟ لكن نحن عندنا وهم خاطئ، يصلي الصلاة عبادة شعائرية، والصيام، والحج، والزكاة، أما العبادة الأساسية هي التعاملية، إن حدثك فهو صادق، إن عاملك فهو أمين، إن استثيرت شهوته فهو عفيف.
المذيع:
 يا سلام! بارك الله بكم يا دكتور، أم عبد الله من العراق شيخنا كانت تسأل عن قضية الحسد، كيف تقي نفسها؟

الحاسد مهما كان قوياً لا يؤثر بإنسان موصول بالله :

الدكتور راتب:
 أنا أطمئنها لا يستطيع حاسد مهما كان قوياً أن يحسدها، أن يؤثر في إنسان موصول بالله عز وجل، هذه بديهية، الحاسد ينفذ إلى الإنسان من خلال غفلته عن الله، في غفلة الحاسد يصل، أما في صحوة، في صلة، الحاسد لا يقدم ولا يؤخر، هذه مُسَلَّمة في الإسلام.
المذيع:
 الحسد شيخنا موجود في الدنيا؟
الدكتور راتب:
 

الحاسد لا يصل إلى الموصول بالله

موجود أقر، ولكن هل يؤثر أم لا؟! مثلاً هذه السيارة ضد الرصاص سواءً أطلق عليها الرصاص أو لم يطلق سواء، إن أطلق فهي ضد الرصاص.
المذيع:
 نرجو التوضيح شيخنا ما هو الحسد أصلاً؟
الدكتور راتب:
 تمني زوال النعمة عن أخيك وأن تتحول إليك، هذه درجة من الحسد، هناك درجة أسوء وهي أن تزول عن أخيك دون أن تأتي إليك، فهناك درجتان.
المذيع:
 هذا القلب السيء، حسد الآخرين، ما المقصود في الآية الكريمة:

﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾

[سورة الفلق: 5]

 ما المقصود بالشر؟

المقصود بالشر :

الدكتور راتب:
 إذا كان المحسود غافل، عينه تصيب المحسود.
المذيع:
 جميل، كيف يستطيع الإنسان أن يقي نفسه دكتور من هذا الشر؟
الدكتور راتب:
 بالإستعاذة بالله.

﴿وَمِنْ شَرِّ﴾

[سورة الفلق: 5]

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾

[سورة الفلق: 1 ـ 2]

المذيع:
 هل من نصائح دكتور، مثلاً المعوذات.
الدكتور راتب:
 الإستعاذة مطلقة، يا رب ليس لي غيرك، قني من شر هذا الحاسد.
المذيع:
 بعض الأشخاص أصبحت لديهم وسوسة دكتور، مثلاً إذا جاءه طفل يخفيه عن الناس خوفاً من أن يحسدوه.
الدكتور راتب:
 لا هذه مبالغة، وكل شيء غير طبيعي مبالغة، وحالة مرضية.
المذيع:
 لكن هل أنت مع الإنسان أن يظهر النعم التي لديه دكتور؟

على المؤمن أن يبرز النعم المشتركة وأن يبتعد عن التفاخر :

الدكتور راتب:
 لا، إذا أظهرها من أجل أن يفتخر، وقع في مشكلة كبيرة، مثلاً اشتريت بيتاً مساحته أربعمئة متر، زارك ما يقارب عشرين شخصاً، ثمانية منهم ليس عندهم بيوت، وخمسة منهم بيوتهم صغيرة، هل تريهم الصالون، وغرفة الضيوف، والمرافق العامة، والإطلالة على مكان جميل، والمسبح الملحق بالمزرعة؟ ما فائدة هذا الشيء؟ لذلك النقطة الدقيقة: إبراز النعم المشتركة، نعمة الهواء، نعمة الماء، نعمة الصحة، نعمة الإيمان، نعمة هذا الدين العظيم.

﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾

[سورة الضحى: 11]

 احرصوا على أن يكون الطيبون للطيبات
أي نعمة، النعم المشتركة، طبعاً النعم لها بحث طويل، لكن أعظم نعمة على الإطلاق؛ نعمة الهدى، أن تعرف ربك، تعرف أن هناك آخرة، وموت، وشرع، وحلال، وحرام.
المذيع:
 الأخت سمية من الجزائر دكتور، صديقة لها حاولت أن تعرضها للزواج على أحد الأشخاص، بدون أن تذكر اسمها، ذلك الرجل لم يوافق، فهي الآن يبدو أن في قلبها شيء من التعلق نحو ذلك الإنسان، كيف تتخلص منه، حتى يبقى قلبها لله؟
الدكتور راتب:
 سيدي، إذا الله عز وجل قال:

﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾

[سورة الأنعام: 59]

 سقوط ورقة من شجرة يعلمها الله، أخطر حدث بحياة الأنثى أو الرجل، الزواج، ألا يعلمه الله؟ هذا أخطر حدث، الله عز وجل قال:

﴿وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾

[سورة النور: 26]

 لا يعني قدراً، دعوةً، احرصوا أن يكون الطيبون للطيبات، ابنتك غالية عليك إن جاءك شخص غني لكن دينه ضعيف، لا تفرط فيها، المؤمن إن كان غنياً يكرمها إكراماً بالغاً، وإن لم يكن غنياً لا يظلمها.
المذيع:
 شيخنا لم يتم النصيب بينهما، لكن هي ما زال قلبها معلقاً بذلك الرجل.

اللجوء إلى الله بالدعاء :

الدكتور راتب:
 ستنساه بعد حين.
المذيع:
 ماذا تفعل؟
الدكتور راتب:
 النقطة الدقيقة: إذا كان الشيء فيه صلاحٌ لي في ديني ودنيايَ وعاقبة أمري، فقدره لي، وإلا فاصرفه عني، واصرفني عنه، هذا إكرام من الله.
 مثلاً بيت فخم جداً، أو فتاة بارعة الجمال، خطبتها ولم يوافق أهلها، الدعاء اصرفها عني، ما دمت أنت يا ربي غير موافق فاصرفني عنها.
المذيع:
 أي أن عليها أن تلجأ إلى الله بالدعاء، فكرة أن تقوم البنت بإرسال مرسال إلى الرجل، بمعنى أنها تريد أن تصبح زوجته، هل تؤيدها فضيلتك؟ هي ليست مستساغة كثيراً في مجتمعاتنا.
الدكتور راتب:
 ليست مستساغة في عاداتنا، لكن مستساغ:

﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾

[سورة القصص: 27]

 قرآن، مثلاً أب عنده فتاة صالحة، حافظة لكتاب الله، محجبة، رأى شاباً مؤمناً ومستقيماً، قال له: أنا عندي بنت تناسبك، هذا عرض مقبول.

﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾

[سورة القصص: 27]

المذيع:
 أي إذا كان العرض من طرف الفتاة أو أهلها بما يحفظ كرامتها فهو يوافق الشرع.

دور المؤمن أن يدل على الخير دون أن يتعمق بالتفاصيل :

الدكتور راتب:
 من طرف الأهل أبداً لا يوجد مشكلة، سيدي عفواً، أغلى شيء في حياة الرجل صهره، لأن ابنه هو قدره، أما صهره يريده أن يتناسب مع العائلة، مع القيم، مع المبادئ، فالإنسان عندما يجد شاباً مناسباً لابنته، ويقول له: عندي بنت تناسبك، أرسل أهلك ليشاهدوها، إن أعجبتك فأنا موافق، لا مشكلة في هذا الشيء أبداً، بالعكس هذا من الدين.
المذيع:
 نعم، بارك الله بكم يا دكتور.
الدكتور راتب:
 أيضاً نقطة دقيقة، نحن عندنا كلمات للعوام، هي كلام الشيطان، امش في جنازة ولا تمشي في زواج، دقق: من كان سبباً في زواج رجل بامرأة، كان له بكل كلمة قالها، وبكل خطوةٍ خطاها، عبادة سنة قام ليلها وصام نهارها.

((وإن من أفضل الشفاعات: أن تشفع بين اثنين في نكاح))

[الطبراني عن أبي رهم السمعي]

 أما من يقول: لا شأن لنا، هذا كلام شيطان، لماذا لا شأن لنا؟ هذا شاب مؤمن بحاجة إلى زوجة صالحة، عندك بنت تناسبه، بلغه، إن لم تناسبه لا مشكلة اطلاقاً.
المذيع:
 إذاً دورنا أن ندل على الخير، دون أن نتعمق بالتفاصيل، الله يفتح عليكم يا دكتور.
 دكتورنا الكريم يكثر الكلام حول ليلة القدر، من أراد أن يصيبها يقيناً، وأن يكسب الأجر الذي وصفه ربنا بقوله:

﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾

[سورة القدر الآية: 3]

 ماذا يفعل؟

الأعمال الصالحة في رمضان يرتفع مستواها النوعي والكمي في العشر الأخير :

الدكتور راتب:
 والله العشر الأخير فيه اجتهاد استثنائي، أي كثرة الصلاة، والقرآن، والتفكر في خلق السموات والأرض، والعمل الصالح، الأعمال الصالحة التي كانت في رمضان يرفع مستواها النوعي والكمي في العشر الأخير، وهذه الأيام من أفضل الأيام في تاريخ الإنسان هناك اجتهاد عبادي استثنائي في العشر الأخير من رمضان
العشرة أيام الأخيرة في رمضان يكون القرب قوي من الله، العمل الصالح مقبول، الصدقة لها أجر مضاعف، غض البصر، ضبط اللسان، ضبط الشاشة الآن، ما لم تضبط الشاشات رمضان لا يؤتي ثماره إطلاقاً، أنا أتألم ألماً لا حدود له حينما ينقلب رمضان لشهر ولائم ومسلسلات، المسلسلات لها أثر خطير في حياة الإنسان، لماذا؟ لأنها تطرح قيم مناقضة للدين، غير الإثارة، الإثارة موضوع آخر، حتى لو لا يوجد إثارة فرضاً، تريك إنساناً بعيداً عن الدين، بعيداً عن الفرائض كلها، هناك انفتاح كامل، تفلت كامل، تريك إنساناً له اتجاه ديني، ويسكن بغرفة واحدة، أولاده في الطريق، وزوجته عند الجيران، هو لم يقدم شيئاً عن الإسلام، لكن أعطاك أسوأ صورة عن المسلم، هذا الإعلام الحديث، هذا اسمه الإعلام الحديث، مهمته تفجير الدين من الداخل.
المذيع:
 بارك الله بكم يا دكتور، على مشاركات مستمعينا الكرام، أم مالك تفضلي.
المستمعة:
 السلام عليكم، كل عام وأنت بخير أخي الكريم، أنت وحضرة الشيخ محمد، لو سمحت أريد أن أسأل سؤالاً تعقيباً على السؤال الذي سأله أخي المذيع لحضرتك قبل قليل عن الفتاة، أنا قبل ثلاث سنوات، تقدم لي شاب للزواج، ولسبب أو لآخر رب العالمين ما شاء أن يجمع بيننا، وراحت القصة، لكن بقي شيء بنفسي تجاه هذا الشاب، لجأت للصلاة والدعاء، والتقرب لربنا، على نية أن يعود لي، لكن لم يحدث ذلك، أقسم بالله ذهبت مرتين للعمرة والتزمت أحسن التزام، وقلت له: يا رب العالمين اصرفني عنه واصرفه عني، وبأي طريقة، وطهر قلبي، واملأ قلبي بحبك يا رب العالمين، لم أعد قادرة على التحمل، أقسم بالله أنا صادقة بدعائي، وصادقة بمناجاتي لرب العالمين، أنا بحاجة هذا الشيء، أنا قلت له: يا رب إن كان ما أنا فيه مرض فأسألك الشفاء منه، انصحني يا دكتور، انصح ابنتك، ماذا يجب أن أفعل؟

على المؤمن أن يشغل نفسه بالأعمال الصالحة :

الدكتور راتب:
 إذا خالق الأكوان يقول:

﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة: 216]

 لو فرضنا هذا الشاب كان من نصيبك، وكان متفلتاً مثلاً، أو أصيب بمشكلة كبيرة، أنتِ لا تعلمين المستقبل لكن الله يعلم، ثقي بالله عز وجل، والله من لوازم إيمانك أن ترضي عن الله.
المستمعة:
 أنا راضية، لكني أريد أن أصرفه عن تفكيري، أنا أريد أن أرتاح.
الدكتور راتب:
 حسناً، لدي حل، نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بشيء آخر، يجب عليكِ أن تعملي عملاً صالحاً، فكري بالدعوة، فكري بفهم القرآن، عندما يكون لديك عمل إيجابي في حياتك هذا يمحي السلبيات، أما إن لم يكن عندك غير الهم فهذا شيء صعب جداً.
المذيع:
 إذا وجدت فراغاً في وقتها دكتور ستفكر بالموضوع، إذا شغلت وقتها بشيء.
الدكتور راتب:
 بشيء مجد، عمل صالح، فهم القرآن، دعوة لله متواضعة.
المذيع:
 دكتورنا الكريم، ما تسأل عنه الأخت الكريمة، جزاها الله خيراً، يبدو أنه يصيب كثيراً من الفتيات، هو التعلق في القلب، فهي عقلياً توافق.

الله يحاسب على العمل و الكلمة و الفعل :

الدكتور راتب:
 لا تحاسب على التعلق إطلاقاً، الله يحاسب على العمل، على الكلمة، على الفعل.
المذيع:
 أما تعلق القلب لا حساب عليه.
الدكتور راتب:
 لا يحاسب أبداً عليه.
المذيع:
 لكنه متعب نفسياً دكتور.
الدكتور راتب:
 متعب لكن مع الزمن يُنسى.
المذيع:
 والحل من عند فضيلتكم مثلاً أن يُشغل نفسه ووقته بشيءٍ يفيده.
الدكتور راتب:
 إذا كان الشاب لا يرغب بهذا الارتباط، فالتعلق به نوع من الخطأ.
المذيع:
 هذا التعلق لا إرادي دكتور.
الدكتور راتب:
 أي يا رب:

((اللهم هذا قَسْمي فيما أملك. فلا تَلُمني فيما تَملك ولا أَملك))

[أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها]

المذيع:
 بارك الله فيك للتوضيح، أكرمك الله شيخنا، شكراً لك أختي الكريمة، لننتقل إلى سعادة باتصال جديد، تفضل.
المستمع:
 سلام الله عليكم، تقبل الله الطاعات، دكتور محمد أنا أحبك في الله، أكرمك الله، معك أخوك سعادة، الله يعطيك العافية، دكتور لو سمحت أنا عندي مداخلتين، المداخلة الأولى بخصوص القطيعة بين الناس، أنا أبادر، لكن مبادرة من دون فائدة، خصوصاً أنه شهر فضيل، وهدفك الإصلاح.

العبادة الأولى بعد العبادات الشعائرية صلة الأرحام:

الدكتور راتب:
 أنت إذا بادرت أديت الذي عليك، وانتهى الأمر، بادر باتصال هاتفي، بزيارة، بادر بصلة، تبدأ بهاتف، تمر بزيارة.
المستمع:
 حتى لو صدوك، وأساؤوا إليك؟
الدكتور راتب:
 لا تأبه، لا تأبه، أدِّ الذي عليك، واطلب من الله الذي لك، أنت عند الله بريء، عندما تتصل هاتفياً وتقول: أرغب بزيارتكم، ويجيبوك: لا، لا تأتي، انتهى الأمر.
المذيع:
 هل العيد القادم دكتور، هو مجبر أيضاً أن يتصل مرة أخرى؟
الدكتور راتب:
 ليس مجبراً، هذا عمل صالح.
المذيع:
 في الرحم دكتور أقصد، هل يؤاخذ أمام الله؟
الدكتور راتب:
 العبادة الأولى، بعد العبادات الشعائرية، صلة الأرحام.
المستمع:
 طيب دكتور بالنسبة لموضوع ثاني، نفس الشيء صلة الأرحام الأولى يسموه بالمكافئ أنا كنت بدي أعرف أنه المكافئ، لأنه بصراحة إذا بدك تروح تزور.

على المؤمن أن يبادر بالصلح إن أراد الأجر :

الدكتور راتب:
 المكافئ هو من إن زارك تزره، قدم لك هدية تقدم له هدية، هذا المكافئ، أما قاطعك هو فأنا أسأله: أخي لِمَ قاطعتني؟ والله أنا أحبك، نحن أخوة.
المذيع:
 لا تزر فقط من يزورك.
الدكتور راتب:
 لا، لا ذلك هو المكافئ، يجب أن تكون المبادرة منك، هذا الذي قاطعك، يوجد مشكلة بيننا نجد لها حلاً، إن أخطأت بحقك أعتذر منك.
المذيع:
 لنفترض دكتور أنني زرت هذا القريب في العيد وهنأته، والعيد القادم أيضاً، لكنه لم يزرنِ في يوم من الأيام، هل أبقى؟
الدكتور راتب:
 لا، انتهى، ثلاث مرات وكفى.
المذيع:
 وإن لم تجد مودةً من الطرف الآخر؟
الدكتور راتب:
 عندها لك مكانتك، ولك كرامتك أيضاً، لك كرامة، ذهبت أول مرة صدك، والثانية صدك، والثالثة صدك، انتهى الأمر.
المذيع:
 حسناً، لو استقبلني دكتور، لكنه لم يزرنِ في بيتي لاحقاً.
الدكتور راتب:
 لا يوجد مشكلة، ما دام استقبلك، ورحب بك، فلا مشكلة.
المذيع:
 لا مانع من أن توده وتزوره دائماً، أما من يصدك ولا يقبل أن يراك، ولا يرد على الهاتف لعدة مرات.

بعض أسئلة المستمعين :

الدكتور راتب:
 هذا مريض مرضاً شديداً، دعه.
المذيع:
 معنا اتصال جديد من منذر تفضل.
المستمع:
 السلام عليكم، يعطيك العافية أخي، نريد أن نتكلم مع فضيلة الدكتور.
المذيع:
 تفضل أخي.
المستمع:
 يعطيك العافية فضيلة الدكتور، بارك الله بك، ويعطيك العافية، دكتور عندي سؤالين إذا تكرمت، السؤال الأول: أنا بقيت سنة كاملة وأنا أصلي استخارة، من أجل علاقة زوجية، هناك فتاة أردت الارتباط بها، والحمد لله الآن هي زوجتي، وأعيش معها أجمل الأوقات، ومر على زواجي سنة، لكنني دعوت الله لسنة كاملة وأنا أستخير، وبعد ذلك الأمور تيسرت على أحسن ما يكون، لكن تلك الفترة كانت طويلة والله وشاقة.
الدكتور راتب:
 لكنها مضت وانتهت.
المستمع:
 الأمور على أحسن حال، الفضل لله.
المذيع:
 سؤالك الثاني سريعاً يا منذر.
المستمع:
 الأشخاص الثلاثة الذين أغلقت عليهم الصخرة، فيما مضى، هل يمكن في أيامنا أن يكون للإنسان قرب من الله عز وجل، وأن يضع هدفه في هذه الأمور.
المذيع:
 نعم، بارك الله فيك. أنتقل من منذر إلى وجيه باتصال جديد، تفضل يا وجيه.
المستمع:
 السلام عليكم، يعطيكم العافية، دكتورنا سؤال: دائماً تتحدث عن حكمة الله المطلقة عز وجل، لكني أريد من وقتك دقيقة واحدة، من سقوط الدولة العثمانية إلى الآن ونحن نعيش في ضنك، وفي دمار، والعالم الإسلامي من سيء إلى أسوأ، هل هذا فعلاً بسبب معاصينا؟

تعلق إرادة الله بالحكمة المطلقة :

الدكتور راتب:
 هذا ورد في نصوص.
المستمع:
 أكمل دكتور، نحن تحت الاستعمار منذ مئة وعشرين سنة، بالمجمل، مثلاً إخواننا في سوريا قدموا تضحيات، وفي فلسطين قدموا تضحيات، في مصر قدموا تضحيات، والآلاف الكثيرة تعتمر، وتحج، وتزكي، وتتصدق، بيننا عصاة، لا بد أن نكون كلنا مثل الصحابة حتى يعود الوضع إلى ما كان عليه؟
المذيع:
 شكراً لك أخي وجيه، الفكرة واضحة، دكتور نبدأ من حيث انتهى أخي وجيه، لماذا وضع الأمة هكذا؟
الدكتور راتب:
 كل شيء وقع، في الخمس قارات من آدم إلى يوم القيامة، كل شيء وقع أراده الله، معنى أراده لا تعني أنه رضيه، ولا تعني أنه أمر به، بل تعني أنه سمح به لحكمة بالغة.
 للتقريب: أب تزوج لم ينجب، عشر سنوات لم ينجب، ثم أنجب ولداً آية في الجمال، تعلق به تعلقاً مذهلاً، ثم اكتشف الأب الطبيب أن ابنه عنده التهاب زائدة، هذا الأب الولهان بابنه هل يسمح بإجراء عملٍ جراحي؟ لا، قبل ذلك هناك تخدير، وآلام، ثم استئصال الزائدة.
 كل شيء وقع أراده الله، دقق، مقابلها، وكل شيء أراده الله وقع، الثالثة وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، أي الذي وقع لو لم يقع لكان الله ملوماً.
المذيع:
 حتى لو كان الظاهر دكتور، أن فيه شر للأمة الإسلامية.

الشر المطلق لا وجود له في الكون لأنه يتناقض مع وجود الله :

الدكتور راتب:
 أبداً ليس عندنا شر مطلق، عندنا شر نسبي، الشر المطلق لا وجود له في الكون لماذا؟ لأنه يتناقض مع وجود الله، هناك شر موظف للخير.
المذيع:
 ما سأل عنه أخونا وجيه دكتور هل ما يحصل للأمة بسبب ذنوبها؟
الدكتور راتب:
 ما نزل بلاء إلا بذنب.
المذيع:
 سيأتي من يقول لك مثلاً أهل سوريا تعرضوا لكرب، هنالك دول عربية أكثر معصيةً، لكن لم يتعرضوا؟
الدكتور راتب:
 لكن دائماً هناك تسلسل، الله عز وجل يعاقب جهة لتتعظ الجهة الأخرى، هذه حكمة بالغة.
المذيع:
 إذاً لا يشترط أنه عقاب لأهل بلد معين، حكمة الله.
الدكتور راتب:
 هو امتحان أو عقاب.
المذيع:
 شيخ في نصف دقيقة متبقية معنا، سؤال أخونا سعادة، من قصص الثلاثة الذين فرج الله كربهم في الغار، هل لو قام الإنسان بعمل صالح اليوم، ودعا الله، يمكن أن يستجاب ببركة هذا العمل الصالح؟

من عظمة هذا الدين أنه دين فردي وجماعي :

الدكتور راتب:
 إن طبقت الدين وحدك ستقطف ثماره كاملة
من عظمة هذا الدين أنه دين فردي وجماعي، فردي أن الله يعاملك وحدك، أنت كفرد تُستثنى من إجراء عام، والدليل:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء: 147]

 أنت إنسان بين ملياري مسلم، إذا أنت وحدك طبقت منهج الله، تقطف ثماره كاملةً، لكن ثماره الفردية وليست الجماعية، أما الأمة إن طبقت هذا المنهج تنتصر.

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾

[سورة الأنفال: 33]

المذيع:
 لو قام الإنسان دكتور بعمل صالح، ودعا الله أثناء هذا العمل، هل هذا ما دعاه سيكون سبباً لإجابة الدعاء؟
الدكتور راتب:
 طبعاً.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 جميل، الله يفتح عليكم يا دكتور، جزاك الله كل خير شيخنا الكريم، وطيب الله أنفاسكم، إلى هنا مستمعينا نصل معكم إلى ختام برنامجنا مع الدكتور محمد راتب النابلسي فجزاكم الله كل خير، وتقبل الله الطاعات.
 سبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، طيب الله أوقاتكم.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور