وضع داكن
26-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية - موضوعات مختصرة : 32 - تأدية الحقوق 1 على الشاهد ألا يأبى إذا دعي للشهادة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

على الشاهد ألا يأبى إذا دعي للشهادة :

 أيها الأخوة الكرام، درس من نوع آخر: في دروس التفسير التي أكرمني الله بها وصلنا البارحة إلى قول الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾

[سورة البقرة : 282]

 شرحت هذه الآية بفضل الله عز وجل وكان من بين فقرات هذه الآية:

﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾

[سورة البقرة : 282]

 ومن فقرات هذه الآية:

﴿ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾

[سورة البقرة : 282]

 سبحان الله؛ أخوان كريمان من مدينة تبعد عن دمشق بضع عشرات الكيلومترات، اختلفا من عشر سنين تقريباً، وكنت حكماً بينهما، واتفقا عندي على حلّ رضيهما كليهما، وكتبت ورقة بخط يدي، ووقعا عليها، ووقعت عليها كشاهد، قبل أسبوعين أو أكثر يبدو أنهما دخلا القضاء، وفي معركة حامية ظلت عشر سنوات في القضاء.
 فلما أبرز أحدهما هذه المخالصة، وهذا الاتفاق؛ فالقاضي طلبني للشهادة - و هذا واجب ديني - فذهبت اليوم إلى هذه المدينة البعيدة عن دمشق، وانتظرت مع المنتظرين، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾

[سورة البقرة : 282]

 حتى دخلت على القاضي، ووضعت كفي على كتاب الله أنني أقول الحق، قلت: هذه الورقة بخطي و هذا التوقيع توقيعي، ولكن الذي آلمني؛ قلت للقاضي: سيدنا عمر كان قاضياً في عهد الصديق، سئم حياته لأن أحداً لم يطرق بابه ؛ عامان بأكملهما ما رفع أحدهما قضية إليه، ذكرت هذه الآية فتأثر بها تأثراً كبيراً.

 

الاختلاط هو أوسع دائرة للاتصال :

 قلت له: يقول الله عز وجل:

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾

[سورة ص:24]

 قلت له: الآية فيها ملمح رائع؛ أوسع دائرة للاتصال الاختلاط؛ فالزوجان خليطان، والشريكان خليطان، والوريثان خليطان، والأقارب خليطان، والجيران خليطان:

﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ﴾

[سورة ص:24]

 الإمام الشافعي استنبط - وأنا معه في هذا الاستنباط - أن الذي يبغي على خليطه ليس مؤمنًا. قلت له: يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:

(( وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ ))

[ابن ماجه عن أنس بن مالك ]

 وهذا الحديث صحيح، وأنا مؤمن به؛ لأنه عن رسول الله و لا ينطق عن الهوى ـ

 

الدنيا تستقيم بالكفر والعدل لا بالإيمان والظلم :

 أما المسلمون اليوم فيقدرون بمليار ومئتي مليون، وليست كلمتهم هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، لماذا؟! لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾

[سورة النور:55]

 دقق في قوله تعالى: الذي ارتضى لكم، متى يمكن لهم دينهم؟ إذا كان مرضياً عنده، فإذا كان دينهم ليس مرضياً عنده؛ دينهم دين مظاهر، دين ألقاب علمية، دين مكتبات، دين مؤتمرات، دين إلقاء محاضرات، دين فصاحة، لكن لا يوجد أداء حقوق... قلت له: لو دخلت إلى المسجد، ورأيت فيه بضعة آلاف أقول لك - وأنا واثق مما أقول - قد لا يكون مقبولاً عند الله من هؤلاء إلا بضع رجال؛ الذين أدوا الحقوق؛ لأن ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام ، مشكلة المسلمين أين؟ ليست مع أقوى قوة عاتية في الغرب؛ هي قوة عاتية - القطب الذي استقطب العالم كله - وليست مع عدو صهيوني، وليست مع إنسان قوي؛ مشكلة المسلمين فيما بينهم؛ أبناء بلدة واحدة، يدينون ديناً واحداً، وأحدهما ظالم، وبقوا في القضاء عشر سنوات، مشكلتنا مع بعضنا؛ البنية التحتية فاسدة؛ كمسلمين من دين واحد، من بلدة واحدة، من جد واحد؛ والخلافات بينهم على قدم وساق، فكيف ينصرنا الله على أعدائنا؟ يقول احد العلماء: إن الله ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة، الدنيا تستقيم بالكفر والعدل، ولا تستقيم بالإيمان والظلم. لا أقول الآخرة؛ الآخرة لا تستقيم إلا بالإيمان والعدل، أما الدنيا فتستقيم بالكفر والعدل، ولا تستقيم بالإيمان والظلم.
 قلت له: أحد اكبر زعماء بريطانيا - عقب الحرب العالمية الثانية - اجتمع مع وزرائه؛ فسأل وزير الصناعة: كيف الحال عندك يا مستر فلان؟ قال له: المعامل كلها مدمرة. فسأل وزير الزراعة: كيف المحاصيل عندك يا مستر فلان؟ قال له: المحاصيل كلها محروقة. سأل وزير المالية: كيف الخزانة عندك يا مستر فلان؟ قال له: الخزانة خاوية على عروشها...كل خبر أكثر سوءاً من الثاني!! فسأل وزير العدل: كيف العدل عندك يا مستر فلان؟ قال: بخير. فقال: كلنا إذاً بخير. كلنا بخير.

 

مشكلة المسلمين اليوم مع بعضهم :

 

 الله عدل؛ فالمسلم يصلي، يلبس كلابية، يعطر بالمسك، يحمل مسبحة؛ زعبرة كلها، زعبرة وتلبسة، أدّ الحقوق أولاً، أحدهم أكل على آخر مليون ليرة، فأخبره الجمعة. فقال له: هذا وقت خلوتي مع الله، كيف خبرتني؟ قلت له: قل له: تضرب أنت وخلوتك مع الله. أدّ الحقوق أولاً، أدّ الحقوق أولاً، أما تزعبر بالخلوة ـ هذه اسمها زعبرة .
 المشكلة التي أنا أعانيها مشكلتنا مع بعضنا؛ إذا المسلم ما أدى الحق... إذاً ما قولك بإنسان ضحى بحياته، هل تتصورون إنساناً أعظم من إنسان قدم حياته هو الشهيد لإعلاء كلمة الله؟ عليه دين؛ الدين لا يغفر:

((يُغْفَرُ للشهيد كلُّ ذَنْب إلا الدَّيْنَ))

[ مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

 كان عليه الصلاة والسلام مع صاحب قد توفي؛ فهمّ ليصلي عليه، قال أعليه دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا على صاحبكم. من هذا؟ صحابي، دخل مع النبي غزوات. فقال أحد أصحابه: عليّ دينه يا رسول الله. فصلى عليه. سأله في اليوم التالي: أأديت الدين؟ قال: لا. سأله في اليوم الثالث: أأديت الدين؟ قال: لا. سأله في اليوم الرابع: أأديت الدين؟ قال: نعم، قال: الآن ابترد جلد صاحبكم. عن الأحاديث الصحيحة:

((أُتيَ بجنازةٍ أخرى، فقالوا: يا رسولَ الله، صَلِّ عليها، قال: هل ترك شيئاً ؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دَين؟ قالوا: ثلاثةُ دنانير، قال: صَلُّوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسولَ الله، وعليَّ دَيْنُه، فصلى عليه ))

[ البخاري عن سلمة بن الأكوع]

(( مات رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ووضعناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل، ثم آذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، فجاء معنا خطى ثم قال: لعل على صاحبكم دينا. قالوا: نعم ديناران فتخلف. فقال له رجل منا يقال له أبو قتادة: يا رسول الله هما علي. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء. فقال: نعم. فصلى عليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول: ما صنعت الديناران؟ حتى كان آخر ذلك قال قد قضيتهما يا رسول الله. قال: الآن حين بردت عليه جلده))

[سنن الدار قطني عن جابر بن عبد الله ]

(( أتي بجنازة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' هل على صاحبكم دين ؟ '. قالوا: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' صلوا على صاحبكم '. فقال رجل: هو عليَّ. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم))

[الطبراني عن أبي قتادة ]

الصلاة و الصيام و الحج و الزكاة عبادات لا معنى لها من دون طاعة الله :

 الصلاة فرض، ولا يستطيع إنسان في الأرض أن يقول لك: لا تصلِّ؛ فرض. لكن تأكد أن هذه الصلاة، وهذا الصيام، وهذا الحج، وتلك الزكاة؛ لا معنى لها من دون طاعة الله عز وجل؛ لذلك :

(( من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك ، قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك))

[الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب ]

 والذي أنفق مالاً مع المن والأذى يقول الله عز وجل:

﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾

[سورة التوبة:53]

 والذي صام وهو يغتاب الناس، ويتتبع عوراتهم ليس بصائم....الحديث:

(( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ))

[ابن خزيمة عن أبي هريرة]

 والنبي عليه الصلاة والسلام توج هذه الموضوعات فقال:

(( أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المفْلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع. قال : إن المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه، ثم يُطْرَحُ في النار))

[ مسلم عن أبي هريرة ]

العبادات الشعائرية لا تقبل ما لم تؤد العبادات التعاملية كاملة :

 أنا أقول هذا الكلام لتوفروا وقتكم، الله عز وجل يعلم السر وأخفى، فكر أن العبادة التعاملية إن لم تصح لا تقبل العبادة الشعائرية، الصلاة والصوم والحج والزكاة؛ الصلاة والصوم والحج هذه عبادات شعائرية، الزكاة عبادة مالية، فالعبادات الشعائرية لا تقبل ولا ترفع إلى الله عز وجل ما لم تؤد العبادات التعاملية كاملة، و النبي عليه الصلاة والسلام عندما سأله النجاشي عن الإسلام قال:

((كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لتوحيده، ولنعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء))

[أحمد عن أم سلمة أم المؤمنين ]

 هذا هو الإسلام، الإسلام بني على خمس - أقولها آلاف المرات - الخمس غير الإسلام، الخمس دعائم الإسلام، أركان الإسلام، أما الإسلام فمضمون أخلاقي، فحتى لا نخادع الله ونخادع أنفسنا:

﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾

[سورة النساء: 142]

 قبل أن تظن نفسك مؤمناً أعليك حق؟ أعليك دين؟ هل أنت منتزع أحدهم محله التجاري؟ هل لعبت على أحدهم فاغتصبت بيتاً؟ هل برقبتك حقوق؟ أنت كنت الوريث الأكبر وأخذت الأموال كلها لك و إخوتك قد عملوا لك وكالة عامة لأنهم صغار ولعبت عليهم؟ أخذت هذه السجادة تقول: من رائحة أبي، ثمنها ثمانمئة ألف، وهذه من رائحة أبي أخذتها لوحدك؛ لأنها من رائحة أبيك قبل الورثة، قبل أن تدّعي أنك صاحب دين؛ يجب أن تؤدي الحقوق، أنا أعرف أخاً مهندساً، توفى والده وتركه هو و أخت له؛ أخته متزوجة، وزوجها عنده بيت ملك وساكنة، البيت الذي تركه المتوفى بأرقى أحياء دمشق، يسكن فيه ابنه - أكثر الناس؛ أخي أريد حصتي، تعالي هذا بيت العائلة، تعالي اسكني فيه، هذا للعائلة - لقد قيّمه فارغاً، لم يقيّمه مسكوناً، قيّمه الضعف وأعطى أخته حقها. عندما يصلي الإنسان فليؤد الحقوق فيشعر أن الله يحبه.

 

الدّين اليوم حركات و طقوس لا معنى لها :

 يا أخواننا الكرام؛ مشكلة المسلمين لا مع الاستعمار، ولا مع أمريكا، ولا مع إسرائيل، و لا مع الأقوياء؛ مشكلتهم مع أنفسهم، الآن ادخل لقصر العدل؛ ثمانية آلاف دعوى، أكثرها دعاوى كيدية؛ أحد الطرفين كاذب، احد الطرفين ظالم، احد الطرفين معتد، وهم رواد مساجد، ولهم شيوخ، والله الذي لا إله إلا هو في السنتين الأخيرتين عشر قضايا؛ الأطراف بعضها ظالم ظلماً شديداً، وكل واحد له شيخ، وجالس في الصف الأول، ومحترم، وأبو فلان.... كيف هم متوازنون؟ كيف الواحد متوازن وهو آكل لمال حرام؟ معتد على أعراض وهو يدعي أنه صاحب دين؟ لو الصحابة فهموا الدين كفهمنا نحن لما خرج الإسلام والله من مكة، نحن نفهم الدين فهماً شعائرياً، فهم طقوس مثل البوذية، نحن نعمل حركات وسكنات، وانتهى الأمر فنحن أصحاب دين؛ هذه عبادات وليست طقوساً، الأديان الأرضية؛ البوذية، السيخ.....إلخ؛ عليها إقبال شديد لأنه ليس لها تكاليف، فيها حركات لا معنى لها، طقوس، كنت بأمريكا، أحد أخواننا الكرام قال لي: سأريك معبد الهندوس؛ ذهبت خارج كاليفورنيا بسبعين كيلو متر ضمن غابة، البناء لا يصدق جماله، مكلف ملايين مملينة من الدولارات، وجدت كسارة جوز هند بمدخل المعبد، قلت له: ما هذه؟ قال لي: الآلهة يحبون جوز الهند؛ فيكسرونها من أجلهم، دخلنا وشاهدنا الآلهة؛ صنم برونز صدره كله ألماس برلنت، أي ملايين الأصنام؛ ثلاثة أصنام ، دخل واحد من أتباع هذا الدين؛ كيف السجود؟ انبطاح كامل، وقال لي: هذا مثقف، ثم قال لي: هذه الآلهة يحبون الفواكه، يضعون كل يوم مساء فواكه من أغلى نوع، من يأكلهم؟ الكهنة. هذه زعبرة اسمها كلها، فالأديان الوضعية ليس لها مشكلة، سهلة جداً لأن ليس فيها تكاليف، فقط هناك مظاهر.

تخلي الله عن المسلمين لإدعائهم الكاذب بمحبته :

 أنا أقول لكم و أعني ما أقول: كاد الإسلام أن يصبح دين طقوس؛ صاحب مسبح مختلط بالشام؛ يدعو بعض خطباء المساجد لإلقاء كلمة في المولد في المسبح المختلط - وبراءة الأطفال في عينيه - مسبح مختلط، النساء يسبحن بثياب السباحة الفاضحة مع الرجال، ورزقه من هذا العمل!! صار عيد مولد، عمل عيد مولد في المسبح، و جاء الناس، وألقوا كلمات، وأثنوا عليه.
 وهناك عقد قران أيضاً، الأسرتان العريقتان التقيتان الفاضلتان عملت عرسها في الشيراتون، فيه خمور والنساء كاسيات عاريات، وعلى البطاقة" الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ" أرأيتم إلى هذا الدين الذي ما أراده الله عز وجل؟؟ ما ارتضاه لنا؟؟ لذلك لا ينصرنا الله عز وجل، أول شيء أدِّ الحقوق:

((اتَّقِ المحارِمَ تَكُنْ أَعبد الناسِ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]

 قال له: أنا بخلوة اليوم مع الله!! عليك مليون ونصف ادفعهم أولاً، ثم اعمل خلوة مع الله، ما هذه الصفاقة؟! فأنا اليوم متأثر لهذه الدعوى؛ دعوى عمرها عشر سنوات، أبناء بلدة واحدة مسلمون، أحد هذين الطرفين ظالم، أنا جلست معهم ساعات طويلة، وكتبنا هذا العقد بخط يدي ووقعت،؛ أنا شاهد، نظرت هكذا.. لماذا الله تخلى عن المسلمين؟ هذه أسباب. فنحن بحاجة نعود إلى حساباتنا مع الله .
 أخواننا الكرام: لا نحتاج لكلام كثير، أخواننا الكرام شيء مؤلم والله هناك دروس، و أشرطة؛ لو طبق واحد بالمليار منها لكنتم أصحاباً كأصحاب رسول الله. قال له: عظني و لا تطل، قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم. عن الحديث الصحيح:

((قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنه أحداً بعدك، قال: قل: آمَنْتُ بالله، ثم استقم))

[ مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي]

 قال له: أخف من ذلك؟ قال له: إذاً استعد للبلاء.
 الثاني قال له: عظني وأوجز. قال له: " ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، قال له: كفيت. قال له: فقه الرجل".
 لا تحتاج القصة لكلام كثير، نحن عندنا مناقشات؛ هذه بدعة، وهذه ليست بدعة، وهذه غير بدعة، وهذه رأي الشافعي غير رأي الحنفي...لا تحتاج كل ذلك؛ الأمور واضحة:

((إنّ الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن))

[ متفق عليه عن النعمان بن بشير]

 هؤلاء الخوارج سألوا عن دم البعوضة هل هو نجس؟ قتلوا سيدنا علي، بالتعبير العامي" يبلع الثور ويغص بالذنب" وكيف سلك الثور كله بقرنيه المتباعدين أين غص؟ بذنبه، ما استطاع أن يكمل!! هذا هو حال المسلمين.
 يا أيها الأخوة الكرام - لعل كلمتي قاسية- رواد مساجد، أبناء دين واحد، إلهنا واحد، نبينا واحد، قرآننا واحد، نأكل المال الحرام وندعي أننا نحب الله ورسوله:

تعصي الإله وأنت تظهر حبه  ذاك لعمري فـــي القياس شنيع
لو كان حبك صادقــــاً لأطعته  إن المحب لمن يحب مطيــــــع
***

 اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

تحميل النص

إخفاء الصور