وضع داكن
16-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 098 - الاقتصاد في الطاعة.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ما ينبغي أن تكون عليه :

 أيها الأخوة الكرام:
 باب جديد من أبواب رياض الصالحين, وهو الباب الرابع عشر, وعنوانه: باب الاقتصاد في الطاعة.
 الحقيقة الأولى: لا خير في الإسراف, ولا إسراف في الخير, ولا خير في الإسراف, أما الإسراف في الخير, لا يُسمى إسرافاً إطلاقاً, ولكن يُخشى أن يسرف الإنسان في الخير, فيمله ويدعه, هذه نفسها, إذا بقي متوازناً, معتدلاً, أعطى كل ذي حق حقه, هذا أعون على دوام المنهج؛ العبرة الاستمرار, العبرة الثبات, العبرة الدوام, العبرة أن ينشأ ما يُسمى بالأثر التراكمي, أما الطفرة والهمود, الإقبال والإدبار, الصعود والهبوط, هذا يُنشىء في النفس عقدة: هي اليأس والنكسة, لذلك منهج النبي -عليه الصلاة والسلام- منهج متوازن.

من منهجية النبي عليه الصلاة والسلام أنه متوازن :

((أشدكم لله خشية أنا؛ أنام وأقوم, وأصوم وأفطر, أتزوج النساء, هذه سنتي, فمن رغب عنها فليس من أمتي))

 فكل إنسان ادعى أنه يحب الله كثيراً, وأنه سيعبده عبادة فاقت السنة المطهرة, هذا إنسان أحمق أولاً, وإنسان يدعي شيئاً مستحيل المنال, ليس في الأرض كلها من هو أعلم بالله من رسول الله, ولا من هو أحب إلى الله من رسول الله, ولا من هو أشد خشية لله من رسول الله, ومع ذلك قال:

((أنام وأقوم, وأصوم وأفطر, أتزوج النساء, هذه سنتي, فمن رغب عنها فليس من أمتي))

من الجهد المكلف في عنق الإنسان :

 الشيء الدقيق: أن التصرف سهل, أما التوسط صعب, الاعتدال يحتاج إلى جهد, أما أن تترك الدنيا كلياً, أو أن تنكب عليها كلياً, حالتان سهلتان, أما أن تأخذ منها, بقدر أن تأخذ منها بلغة للآخرة, أن تأخذ منها وتوظفه في الآخرة, فهذا يحتاج إلى جهد كبير.
 لذلك -أيها الأخوة-, حينما قال عليه الصلاة والسلام:

((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

 يعني: مؤمن له حرفة, له صنعة, عنده اختصاص, يحمل شهادة, أو له خبرة؛ يعمل, يجهد, يكسب قوت يومه, ينفق على أهله, وعلى عياله, وعلى أولاده, وعلى أمه, وعلى أبيه, وهو يرقى عند الله, هذا خير, أما أن يأتي الإنسان, يتسكع على أبواب الأغنياء, ويبذل ماء وجهه لهم, ويتضعضع أمامهم.

((ومن تضعضع لغني, ذهب ثلثا دينه))

إشراقات من السنة :

 أيها الأخوة الكرام, يوجد في السنة المطهرة أشياء مشرقة.
 النبي -عليه الصلاة والسلام-: أمسك بيد عبد الله بن مسعود, وكانت خشنة, أمسكها ورفعها, وقال:

((إن هذه اليد يحبها الله ورسوله))

 يد العمل.
 يُروى: أنه سئل رجل يصلي في المسجد: من يطعمك؟ قال: أخي يطعمني, قال: أخوك أعبد منك.
 الذي يطعمك أعبد منك.

محور هذا الدرس :

 فمحور هذا الدرس: التوازن؛ يجب أن تخطط لمستقبلك, يجب أن تتقن عملك, يجب أن تكسب رزقك, بعرق جبينك, بكدك وعرق جبينك, يجب أن تؤدي العبادات, يجب أن تطلب العلم, يجب أن تجمع بين الدنيا والآخرة, لأن الدنيا مطية للآخرة, ولأن الدنيا فيها سلعة الآخرة, تعمل, تكسب المال الآن تنفقه, تتعلم تُعلم, تتسلم منصب رفيع تنصر الضعيف.

((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف))

 توازن, أما الذي يحمله عمله الدنيوي على معصية الله, هذا اختل توازنه, والذي تحمله عبادته على إهمال بيته, وإهمال زوجته, وإهمال أولاده, هذا أيضاً وقع في التطرف والغلو, لا بد من التوازن.

من أمثلة التوازن في الإسلام :

 يوجد في الإسلام كلية عقائدية, كلية سلوكية, كلية جمالية, لا بد من أن تجمع بين العلم والعمل, وبين كسب الرزق وبين العمل الصالح.
 لذلك عن عائشة -رضي الله عنها-, أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: دخل عليها وعندها امرأة, قال:

((مَنْ هَذِهِ؟ قالت: هي فلانة, تذكر من صلاتها الشيء الكثير, قال: مَهُ، إن الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا، وكان أحب الأعمال إليه, ما داوم عليه صاحبُهُ))

 رأيت التوازن؟ خط صاعد صعود هابط, أما في أشخاص يصعدون هكذا, يسقطون هكذا؛ لا نريد صعوداً حاداً, وسقوطاً مريعاً, لا نريد صعوداً هادئاً مستمراً, هذا يحتاج إلى توازن.

((إن لجسمك عليك حقاً, وإن لأهلك عليك حقاً, وإن لأولادك عليك حقاً, وإن لزوجك عليك حقاً, فأعط كل ذي حق حقه))

 هذا هو الصواب -أيها الأخوة الكرام- قال:

((مه, إن الله لا يمل حتى تملوا, وكان أحب الأعمال إليه, ما داوم عليه صاحبه))

لك هذا :

 أيها الأخ الكريم, أنت هذا الدرس تحضره, احضره دائماًً, لك صلاة فجر في المسجد اجعلها دائماً, لك صدقة تدفعها كل شهر ادفعها دائماً, الدوام على الأعمال ينشىء تراكم, يحقق ﺇنجازاً كبيراً.
يعني: لو ألقينا في قعر برميل خمس قطرات ماء, تجف بعد حين خمس قطرات, تجف بعد حين خمس قطرات تجف, أما إذا فتحنا الصنبور, دائماً يمتلىء البرميل, لا يمتلىء إلا بالعطاء المستمر.

((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل))

هذا ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام :

 كان -عليه الصلاة والسلام- عمله مستمر, لكن ما دام مستمراً, يجب أن تقيم توازناً, لو كان قضية دورة مكثفة شهرين, لا توجد حاجة للتوازن, هذا دين, هذا رفيق العمر. فالإنسان ما دام شيء مستمر؛ لا بد من التوازن, لا بد من وقت لأهلك, وقت لعملك, وقت لربك.

واقعة حصلت في زمن النبي عليه الصلاة والسلام :

 وعن أنس -رضي الله عنه- قال:

((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها –رأوها قليلة- قالوا: فأين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ –نحن شيء آخر- قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً, وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أُفطر, وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً, فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم, فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله, وأتقاكم له, لكني أصوم وأفطر, وأصلي وأرقد, -أرقد, رقد يرقد, يعني نام ينام, ركد يركد, هدأ يهدأ, ركض يركض, عداوة أسرعها ثلاث كلمات, أصلي, أرقد- وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والنسائي في سننه]

قصة وقعت في زمن عمر بن الخطاب :

 في قصص كثيرة: سيدنا عمر -رضي الله عنه- جاءته امرأة تتحدث عن زوجها, قالت: يا أمير المؤمنين! إن زوجي صوام قوام –سر كثيراً-, قال لها: بارك الله لك فيه, صائم في النهار, قائم في الليل, سيدنا علي أو أحد الصحابة قال: يا أمير المؤمنين! إنها لا تمدحه, قال له: هكذا فهمت؟ إذاً: احكم بينهما, فوجد أنه من حق الإنسان: أن يتزوج أربعة, وافترض هذا القاضي أن له أربع زوجات, نصيبي واحد من أربعة, فقال له: يوم لها, وثلاثة أيام لله عز وجل, أعجب سيدنا عمر بهذا الحكم, عينه قاضي البصرة.

امرأة تشكو أمرها إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام؟ :

 سيدنا عثمان بن مظعون, صحابي جليل, أيضاً: كان صواماً قواماً, جاءت امرأته إلى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانت متبذلة –يعني لم تهتم بنفسها- رأتها السيدة عائشة, قالت لها: مالك يا امرأة ابن مظعون!؟ قالت: ﺇن زوجي صوام قوام, لا يلتفت إلي إطلاقاً, ليله قائم, ونهاره صائم, ذكرت هذا للنبي -عليه الصلاة والسلام- والنبي استدعاه, قال له: يا عثمان, أليس لك بي أسوة؟ قال له: بأبي أنت وأمي, قال له: إن لجسدك عليك حقاً, ولزوجك عليك حقاً, ولزورك عليك حقاً, فأعط كل ذي حق حقه.
 هذا الصحابي الجليل, يبدو أنه استمع لوصية النبي, وجلس مع أهله, -يعني جلس معها, وعاملها كما تعامل الزوجة-, في اليوم التالي: جاءت امرأة ابن مظعون إلى بيت النبي -هكذا تروي الروايات- عطرة نضرة, عطرة نضرة, قالوا لها: ما حالك يا امرأة ابن مظعون؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس.
 فهذا نوع من العبادة: أن تعتني بأهلك, أن تعتني بأولادك, أن تعتني بصحتك, أن تعتني بهندامك, أن تعتني ببيتك, لأن الله عز وجل جعل المؤمن سفيراً للمؤمنين, أنت تمثل هذا الدين, فلا بد من أن تكون معتنياً بكل شيء, أنت على ثغرة من ثغر الإسلام, فلا يُؤتين من قبلك.

ما هي العبادة المطلقة؟ :

 هناك رأي في العبادة رائع جداً: العبادة المطلقة, في عبادة مقيدة, وعبادة مطلقة؛ المطلقة: أن تعبد الله فيما أقامك, بماذا أقامك؟ لو أن امرأة أقامها امرأة, أول عبادة لها: أن تحسن تبعل زوجها, وأن تربي أولادها, أقامك رجلاً غنياً, أول عبادة: أن تنفق من مالك, أقامك عالماً, أول عبادة: أن تعلم الناس من علمك, أقامك قوياً, أول عبادة: أن تنصف المظلوم.

إليكم هذا المثال على العبادة المطلقة :

 هذه القضية دقيقة جداً: الورع حسن لكن في العلماء أحسن, التوبة حسن, -أول عبادة الشاب: غض البصر, يُؤخذ من هنا-, التوبة حسن لكن في الشباب أحسن, الحياء حسن لكن في النساء أحسن, -أول عبادة المرأة: ألا تفتن الناس بها, بنفسها, تكون محجبة, وأن تعتني بزوجها, الآن بالعكس: لا تعتني بزوجها أبداً, لكن كل أناقتها, وزينتها في الطريق, للضيوف, للأقرباء, كل ما عندها من شيء منفر لزوجها, هذه لا تعبد الله.
 الصحابية الجليلة: كانت تستأذن زوجها, لتصلي قيام الليل, قبل أن تصلي تقول له: يا فلان, ألك بي حاجة؟ ألك بي حاجة؟ فإن قال: نعم, عبادتها: أن تقضي حاجة زوجها, عبادتها الأولى, الأولى.
 فالمرأة أن تحسن تبعل زوجها, وأن تربي أولادها-, الحياء حسن لكن في النساء أحسن, -أن تكون حيية, أن تكون محجبة, الشاب أن يكون تائباً, مستقيماً, العالم أن يكون ورعاً-, الورع حسن لكن في العلماء أحسن, -الغني- السخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن, -القوي- العدل حسن لكن في الأمراء أحسن.
 -الآن الإمام عدل, عالم ورع, غني سخاء, فقير صبر-, الصبر حسن لكن في الفقراء أحسن. امرأة حياء, شاب توبة, هذه العبادة المطلقة.

لون آخر للعبادة المطلقة هو :

 والعبادة المطلقة لها لون آخر: أن تعبد الله فيما أقامك -الآن- وفي الظرف الذي وضعك فيه.
 أقامك امرأة, العبادة الأولى: حسن تبعل الزوج, أقامك غني, العبادة الأولى: إنفاق المال, أقامك عالم, العبادة الأولى: تعليم العلم, أقامك قوي, العبادة الأولى: إنصاف المظلوم.
 الآن: وفي الظرف الذي وضعك فيه: والدك مريض -لا سمح الله-, أول عبادة: العناية بوالدك.
 عندك ضيف, أول عبادة: إكرام الضيف, عندي ضيف, والله أنا لي ساعتان ذكر, الآن مشغول, أضعه لوحده في الغرفة, وأجلس أذكر الله, هذا ضيف, هذا يريد أن تؤمن له طعاماً, تؤمن له نومة, تؤانسه, عبادتك الأولى: إكرام الضيف, فالفهم للعبادة بهذه المرونة, يجعل المسلمون متعاونون.

من هو المتنطع؟ :

 وعن ابن مسعود -رضي الله عنه-, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((هَلَكَ المُتَنَطِّعُون))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه]

 المتنطع: هو المتشدد, في غير موضع التشدد, تشدد بلا معنى.
 النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:

((من كانت ناقته حَرُوم فلا يصحبنا بالجهاد, في صحابي غلب عليه حبه للجهاد, وناقته حروم, فعصى رسول الله, ركب على الناقة وألقته من على ظهرها, فنزل ميتاً, فالنبي أبى أن يصلي عليه))

لمن هذا التوجيه النبوي؟ :

((هَلَكَ المُتَنَطِّعُون))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه]

 هذا الذي يحمل نفسه ما لا يطيق, وإن كان الدرس لا يناسب العصر أبداً, لأنه الآن الناس لا يوجد أي تشدد, حتى يخففوا قليلاً, لا يوجد سرعة أبداً, أخي خفف السرعة, السيارة واقفة, لا يقال لهذه المركبة الواقفة: خفف, ماذا يريد أن يخفف؟ الرجل واقف, يعني فقط كونوا ..... تأتي بتسلسل, أما وكل زمان له درس؛ هذا في أيام التألق الديني, في أيام الزهد, في أيام العبادات, في أيام الذكر, في أيام قيام الليل, في أيام أداء الصلوات, تقول له: اعتدل, اعتدل.

((هَلَكَ المُتَنَطِّعُون))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه]

ما نقول في عصرنا هذا :

 أيها الأخوة, أما الآن يجب أن نقول عكس ذلك: لا إسراف في الخير, لا خير في الإسراف, ولكن لا إسراف في الخير.
 كنت أصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم-, فكانت صلاته قصداً, وخطبته قصداً.
 أي بين الطول والقصر, لا هي طويلة, ولا هي قصيرة.
 في بعض الخطباء ساعتان ونصف طويلة, في خطيب دقيقتان.
 في جامع السيرنجية بالشام, دقيقتان الخطبة بالضبط, لا يقول: الحمد لله, أقم الصلاة, انتهت, يعني لأنه كل الزبائن, السيارات جاهزة؛ فيها الفحم, واللحم المشوي, وزوجته بالسيارة, يريد أن يصلي الركعتين, ويلحق يطلع على السيران, فيبحث عن هذا الجامع, هذا خطأ أيضاً, هذه عبادة أسبوعية, هذه العبادة أساسها الخطبة.
 المفسرون يقولون:

﴿يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله﴾

 أجمع المفسرون: على أن ذكر الله هي الخطبة.
 أنت الآن أمام عبادة تعليمية, أنت أمام إنسان سيذكرك بالله, سيذكر لك أمره ونهيه, حلاله وحرامه, يذكر لك الخير والشر, الدنيا والآخرة, فلا بد من أن تستعد, يعني وإن كان شيء طريف.

هذا هو المسلم المقصر :

 أنا لي أصدقاء كثيرون, يعني يسكنون في المهاجرين, والدنيا شتاء, وبرد شديد, يوم الجمعة يحمي السيارة ربع ساعة, يذهب للميدان, يحصل على فول, كيلو فول, يرجع, من أجل كيلو فول, انتقل من المهاجرين, للميدان, أما خطبة الجمعة الأساسية: أقرب جامع؛ الخطيب أعجبه, أو لم يعجبه, يريد أن يصلي الركعتين, يعني دينه أرخص عليه من كيلو فول.
 أنا لا أبالغ, أعرف أشخاصاً, يعرفون بائع فول بالميدان, فولاته طيبون جداً, يوم الجمعة يحمي السيارة, ينتقل من حي, لحي, لحي, حتى يحصل على كيلو فول, أما وقت الجمعة, لا يختار مسجداً؛ مقتنع بخطيبه, في فائدة بالخطبة, خطبة عميقة, متوازنة, فيها أدلة منظمة, فيها صدق, فيها إخلاص, أبداً, يريد أقرب جامع, يقول لك: الحمد لله, أدركنا آخر ركعة, أدركنا الجمعة, أيضاً: شاكر الله على التقصير.

ما جاء في بيان خطبة الجمعة وصلاتها :

 قال تعالى:

﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 أي إلى صلاة الجمعة, إلى خطبة الجمعة:

﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾

[سورة الجمعة الآية:9]

 والحديث معروف:

((الذي يأتي قبل ساعة, في الساعة الأولى فكأنما قرب بدناً, والذي يأتي في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة, والذي يأتي في الساعة الثالثة فكأنما قرب شاة, والذي يأتي في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة, والذي يأتي في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة, وبعد الساعة الخامسة: إذا صعد الخطيب المنبر طويت الصحف))

 نحن يصعد المنبر, ويبدأ بالخطبة, وينهي الخطبة, يبدأ بالثانية, ينهي الثانية ...... يقول: أقم الصلاة, ويصلي أول ركعة, حتى أخونا بالله يأتي ليصلي, يقول لك: أدركت الجمعة, والله ما أدرك منها شيء.

((ومن ترك الجمعة ثلاث مرات بغير عذر, نكتت نكتة سوداء في قلبه, ثم يكون الران))

المشقة في الإسلام لا تُطلب لذاتها أبداً:

 النبي -عليه الصلاة والسلام-: بينما يخطب, إذا هو برجل قائم, فسأل عنه, فقالوا:

((إنه نذر أن يقوم في الشمس, ولا يقعد, ولا يستظل, ولا يتكلم, ويصوم, فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: مروه, فليتكلم, وليستظل, وليقعد, ولِيُتِمَّ صومه, فإن الله غني عن تعذيب هذا نفسه))

 هذا له معنى دقيق جداً الحديث, معنى هذا الحديث: أن المشقة في الإسلام لا يجب, أو لا يمكن أن تُطلب لذاتها.
 يعني الآن: إذا إنسان ذهب إلى الحج مشياً, له أجر؟ لا, لكن في طيارة, في سيارة, دقق, لم يكن في طيارة, وسيارة, له أجر كبير, أما ذهب إلى الحج, في طيارة, صار في ازدحام بالطواف, له أجر المشقة التي تُفرض عليه مرحباً بها, أما المشقة التي أختارها أنا حباً بالمشقة لا أجر عليها, ديننا عظيم, المشقة في الإسلام لا تُطلب لذاتها أبداً.
 وقف في الشمس, لم يستظل, لا يأكل, صائم, قال:

((مروه فليتحول عن الشمس, ولا يعذب نفسه, فإن الله غني عن تعذيب هذا نفسه))

 يعني أحياناً: ترى في الحج أشخاصاً, يعني أمرهم عجيب, يبحثون عن المشقة بحثاً, غير مطلوب هذا الشيء أبداً.

النقطة الفاصلة في هذا الدرس :

 يعني محور الدرس: التوازن؛ التوازن: من أجل التراكم والاستمرار, التوازن: من أجل الاستمرار, من دون توازن في نكسة, أنا أريد خطاً بيانياً صاعداً هكذا .... لا أريد صعوداً حاداً, سقوطاً مفاجئاً, هذا لا يكون, والحمد لله رب العالمين.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور