وضع داكن
29-03-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 094 - المجاهدة - 2 - ماذا أعددت ليوم رحيلك؟
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ما معنى هذا الحديث: (يتبع الميت ثلاث: أهله .......)؟ :

 أيها الأخوة الكرام:
 لا زلنا في باب المجاهدة, ومع حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, عن أنس -رضي الله عنه-, عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

((يَتْبَعُ الميتَ ثلاث: أهلُه، ومالُه، وَعَمَلُه، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهلُه ومالُه، ويبقى عَمَلُه))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 يعني: قد يركب أولاده بسيارته, ويمشون وراء جنازته, أليس كذلك؟ فسيارته تصل إلى باب المقبرة, أولاده يصلون إلى شفير القبر, فإذا دُفن, يرجع أولاده بسيارته إلى البيت, ويبقى هو وحيداً في القبر مع عمله فقط, فإن كان هذا العمل كريماً أُكرم, وإن كان لئيماً أُسلم.
 الإنسان –أحياناً- يتصف بالذكاء أو الغباء, ويتصف بالكمال أو بالنقص, دعك من الكمال والنقص؛ قمة الذكاء: أن تستعد لهذه اللحظة التي لا بد منها, قمة الذكاء: أن تستعد لهذه اللحظة التي لا بد منها, قد تمتلك ملايين مملينة, وتنتهي إلى قبر, تحت أطباق الثرى, وقد تصل إلى أعلى منصب في العالم, ولا بد من أن تُدفن تحت أطباق الثرى, وقد تستمتع استمتاعاً لا حدود له.

 

ما محور هذه الفقرة؟ :

 أيها الأخوة, دققوا في هذا المثل: لو جئنا بإنسانين, أطعمنا الأول أطيب طعام في اللبن وأغلاه, وأطعمنا الثاني أخشن طعام وأرخصه, ثم عرضناهما على تعذيب شديد, الذي أكل أطيب الطعم: هل يخف عذابه؟ أبداً, الاستمتاع ليس له مستقبل؛ الاستمتاع, الانغماس في الملذات, الاسترخاء, النوم, الراحة, هذه ليس لها مستقبل.
 إذا الإنسان درس, بعد ما انتهى دراسة, صار طبيباً, هذا العمل نقله إلى مرتبة علمية, إذا عمل صالحاً, صار له عند الله مقعد صدق عند مليك مقتدر, في أعمال ليس لها مستقبل, في أعمال لها مستقبل؛ الراحة ليس لها مستقبل, الانغماس في الملذات ليس لها مستقبل.
 تجد مؤمناً صغيراً؛ وقته كله في طاعة الله, وقته كله في الدعوة إلى الله, وقته كله في خدمة الخلق, وقته كله في العمل الصالح, يموت, له مستقبل لا يعلمه إلا الله. فالعبرة: أن تعمل عملاً له أثر مستقبلي, لأن الزمن منقطع, هذا المعنى دقيق.

قصة وعبرة :

 شخص مثلاً ....
 لي صديق, سهرنا معه, -هكذا- خلال سنة, أو سنتين, كل خميس عملنا سهرة, رجل يعني صالح, -أنا لا أزكي على الله أحداً-؛ لكن منغمس في عمله, في تجارته, عنده معمل, في رحلاته, في نزهاته, في سفره إلى أوروبا, أذواقه رفيعة جداً, توفي, فاتصلوا بي, ذهبت لتشييع جنازته, أحد علماء دمشق يبدو أنه سبقني لتشييع هذه الجنازة, فألقى كلمة, وهو في النعش في المسجد, أنا صعقت, بالضبط قال, قال: أخبركم: أخوكم كان مؤذناً ترحموا عليه, يعني لم يستطع أن يتكلم كلمة ثانية.
 قلت: حسناً: يحكى عن بيته في هذا الوقت؟ مساحة بيته مثلاً؟ تزيينات بيته؟ الجبصين في بيته؟ نوع الأثاث؟ أنواع الأطعمة التي كان يأكلها؟ الرحلات التي كان يقوم بها؟ سفرياته الرائعة؟ أنواع سيارته؟ كل هذا لا قيمة له عند الموت.
 تجد شخص يموت, تهتز له الأرض, يقول لك: ترك بصمات في الدعوة إلى الله, فسر القرآن, نشر الحق بين الملايين مثلاً.
 حسناً: اثنان ماتوا, لكن شخص ترك مستقبلاً عظيماً, شخص لم يترك مستقبلاً, أقول: لم يعص الله جيد, لكن لا يوجد عمل يُذكر به.

هذا ما أقوله :

 فأنا كنت أقول: اعمل عملاً, إذا الإنسان وضعوه في النعش, وأحب شخصاً أن يؤبنه, يتكلم فقط دقيقة, ستين ثانية, يتكلم ستين ثانية فقط, أو يتكلم دقيقة, أو يتكلم ربع ساعة, فالإنسان عند الموت لا ينفعه إلا عمله الصالح.
 فلذلك الحديث متفق عليه:

((يَتْبَعُ الميتَ ثلاث: أهلُه، ومالُه، وَعَمَلُه، فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يرجع أهلُه ومالُه، ويبقى عَمَلُه))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

((عبدي رجعوا وتركوك))

قف عند هذه النقطة :

 لعل أحدكم عزَّى ميتاً, حسناً: هذا البيت الأربعمئة متر؛ هو اشتراه, هو كساه خلال ثلاث سنوات, هو زينه, عمل صالونات, غرف طعام, غرف ضيوف, حسناً: أين هو صاحبه الآن؟ صاحبه الذي أشاده, وزينه, وأنفق عليه, أين هو؟ في مثواه الأخير, حسناً: هذا أليس مثوى؟ لا, هذا مثوى موقت.

ماذا نستنتج من هذا المثال؟ :

 أخواننا الكرام, يعني مثل لكن رائع جداً, ودقيق جداً, هو مثل تخيلي: أنت تصور إنساناً, مستأجر بيت في بلد, نظامها, نظام هذا البلد: أن مالك البيت يطرد المستأجر, بلا إنذار, وبلا سابق أعلام على أي خاطرة, تجعله في الطريق, هكذا النظام, يعني المستأجر ليس له ولا حصنة, ليس له ولا حق بالبقاء في البيت ولا دقيقة, بعد ما يعطي أمر مالك البيت.
 تصوروا دولة, هذا نظامها في الإيجار, مالك البيت هو كل شيء, والمستأجر بأول الشهر, منتصف الشهر, خمس وعشرون بالشهر, الساعة الثانية في الليل: اخرج, يجب أن يخرج, هذا النظام.
 تصور إنساناً, مستأجر بيت في البلد, وفق هذا النظام, وله دخل كبير, فجاء وكسا البيت كسوة جديدة؛ خلع البلاط, عمل بلاطاً جديداً, عمل سيراميك للحمامات, عمل جبصين, كل شيء يأتيه, أحاطه بهذا البيت, له بيت ملك شخصي, لكن بمكان بعيد, على العظم, كل دخله وضعه في البيت المستأجر, هذا البيت المستأجر؛ على كلمة, على حرف: اخرج, يريد أن يخرج, حسناً: أنا دافع ثلاثة ملايين تجديد الكسوة, لا يوجد لك شيء عندنا, امش, امش, حسناً ...... هذه مثل السعودية امش, هيا.
 حسناً: يجوز إنسان عاقل, إذا كان وضع دخله كله في بيت مستأجر, مهدد بالطرد منه في أي ثانية؟ ذلك البيت الأصلي على العظم؛ لا في نوافذ, ولا في كهرباء, ولا في ماء, ولا في بلاط, ولا في تدفئة, ولا في طعام, ولا في أثاث, أما العقل يقتضي أن آخذ هذا الدخل, وأضعه في البيت الذي أملكه, ولا يستطيع أحد أن يخرجني منه.
 والله هذا المثل مع أنه مضحك, هذا ما يفعله معظم الناس, كل إمكاناته؛ عمل فيلة, وعمل مسبح, وعمل حجر خشن, ورتب الأمور, وحدائق, بعد ما استكبرت, تفضل, جاء ملك الموت, يعني قضية المغادرة هي أخطر شيء.

هل فكرت في هذه اللحظة؟ :

 أنا أقول لكم كلمة دقيقة: أخطر حدث بعد أن أوجدك الله المغادرة.
 إنسان يسافر, تجده يفتح خزاناته؛ ثيابه, أحذيته, حاجاته, مكتبه, مكتبته, مقتنياته, لأنه راجع, راجع, أما الميت لا أحد يخطر في باله: أنه سوف يرجع.
 الآن: إنسان مات, أبوهم دفنوه الساعة الثانية عشرة, تأخر, لماذا لم يأت إلى الآن؟ انتهى, لم يعد يرجع, الخروج بلا عودة.
 هذه, هذه اللحظة يا أخوان, لحظة الخروج بلا عودة, ماذا أعددتم لها؟ بيت واسع, القبر ضيق, البيت مبلط.

هذا مثوى الإنسان الأخير :

 يوجد أخ من أخواننا -رحمه الله- يعني أنيق, نظيف, يعني إذا يوجد في غرفة نومه أي خطأ لا يتحمل, لا ينام, شهدت وفاته, ودفنه, يعني سبحان الله! لحكمة أرادها الله, وضع البلاطة, بقيت فتحة منها, البلاطة على الحفرة لم تغلق, أتى بالمجرفة, أهال التراب على هذا المحل, يمكن سقط من هذه الفتحة, حوالي خمسة كيلو تراب فوق رأسه, هكذا ..... هنا مصيره, هذا المصير.
 يعني: سيدنا عمر يقول: كفى بالموت واعظاً يا عمر.
 يجب أن تهيىء نفسك للجواب, هذه اللحظة الحرجة, هذه اللحظة.

بماذا تذكرنا هذه الآيات؟ :

﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾

[سورة المدثر الآية:8]

﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾

[سورة المدثر الآية:9]

﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾

[سورة المدثر الآية:10]

﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾

[سورة الفجر الآية:24]

﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾

[سورة الفجر الآية:25]

﴿وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾

[سورة الفجر الآية:26]

ماذا أعددت ليوم رحيلك من هذه الحياة؟ :

 يا أخوان, الإنسان إذا عاش الحاضر يخسر, عش المستقبل, هذا المستقبل ......
 الآن: أنا نحن اليوم تسع وثمانون, تسعون, واحد وتسعون, اثنان وتسعون, يا ترى أنا متى أجلي؟ تسع وتسعون, ألفان وواحد, ألفان واثنان, معنى بقي سنوات, كل واحد له نهاية, حسناً: وهذه السنوات تمضي.
 الآن: تجد عاماً كلمح البصر؛ الصيفية انتهت, الشتوية انتهت, جاء رمضان, ذهب رمضان, جاء الصيف, ذهب الصيف, هكذا .....
 فما دام العمر يمضي سريعاً, ماذا أعددت لهذه المغادرة التي لا عودة منها؟.
 هذا معنى الحديث:

((يَتْبَعُ الميتَ ثلاث: أهلُه، ومالُه، وَعَمَلُه، فيرجع اثنان، ويبقى واحد ، يرجع أهلُه ومالُه، ويبقى عَمَلُه))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

الموت أقرب إلى أحدكم من شراك نعله :

 وفي حديث: عن ابن مسعود -رضي الله عنه-, عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

((الجنةُ أقربُ إلى أحدكم من شِراكِ نعْلِه))

 كل شخص منكم, وأنا معكم, يوجد في حياتنا وفاة مفاجئة من أقربائنا, مفاجئة, ثانية واحدة.
 أخ من أخواننا الكرام, عنده أرض بصيدنايا, قال لي: أنا أدعوك أنت ومن تحب, عشرة معك, قلت له: والله هذه, بارك الله بك, فأنا اخترت عشرة من أخواننا, كان على رأسهم قاض شهير, عضو محكمة بسورية عليا, أنا أحبه, ويلزم الدروس كلها, وضعته في رأس القائمة, الدعوة السبت الظهر, فالجمعة مساء توفي هذا المدعو, السبت الظهر دفناه في باب الصغير, وخرجنا إلى الدعوة ننقص واحداً, السبت الظهر دفناه في باب الصغير, وخرجنا إلى صيدنايا, كان اسمه أول اسم بالمدعووين, لم يأكل معنا. أمثلة كثيرة جداً ......
 من حوالي شهرين, ثلاثة, بجامع النابلسي, أثناء الخطبة: أحد أخواننا جالس انتهى, خرج مشياً, رجعوه محمولاً, أبداً.
 من شهر: طبيب أجرى عملية لطفل, انتهت, غسل يديه, دخل لمكتبه قلب ومات.
 من فترة: شخص ترك ألف مليون, أحد أقربائه نصيبه من الورثة تسعين مليون, لماذا العمل, والتجارة ......؟ ترك, وانتبه للمالية؛ براءات الذمة, ومعاملة الإرث, الورثة, ستة أشهر, دوامه كل يوم بالمالية ستة أشهر, دخل للحمام قلب ومات, لم يأخذ قرشاً, كل يوم يوجد قصة مثل هذه.
 الموت أقرب إلى أحدكم من شراك نعله.

هذا ما غفل عنه الإنسان :

 جلست مع مدير ثانوية, يعني في ساعة فراغ عندي, ضيفني كأس شاي, قال لي: أستاذ, أنا أريد أن أسافر للجزائر, وقتها كان في إعارة بالجزائر, قال لي: أمكث خمس سنوات, قال لي: لم أزر سورية صيفاً؛ أعمل سنة بأوروبا, سنة بإيطاليا, وسنة ببريطانيا, وسنة بإسبانيا, تشبع عينك من هذه البلاد؛ أرى مساحتها, أرى ريفها, أرى آثارها, أرى عادات أهلها, قال لي: أرجع, أقدم استقالتي, أتقاعد, أفتح محل تحف, قال لي: هذه ليس لها تموين, ليس لها إشكالات, أضع أولادي بالمحل أيضاً, كمل ...... يمكن تكلم إلى عشرين سنة قادمة, والله لا أبالغ, يتكلم, أنا أسمع له, والله انتهت الساعة, قبلني الرجل, وذهبت إلى صفي, وانتهى التدريس, ذهبت إلى البيت, تناولت طعام الغداء, وعندي ساعات تدريس مساء في مدرسة بالمدينة, فنزلت إلى المدرسة, درست, وأنا راجع إلى بيتي مشياً, -بيتي كان بالعفيف-, رأيت نعوته على الجدران, والله في اليوم نفسه, في اليوم نفسه.

((الجنةُ أقربُ إلى أحدكم من شِراكِ نعْلِه، والنارُ مثل ذلك))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

هذا الذي حصل في هذا المسجد :

 عُقد, يعني أُقيم احتفال مولد بجامع الحنابلة, دُعيت يوم الأحد, عندي درس بجامع النابلسي, قلنا: بعد الدرس نذهب, انتهى الدرس, مشيت مع بعض الأخوات, وصلنا على باب الجامع, استقبلني أحد أعضاء اللجنة استقبالاً حاراً, وعانقني, وقبلني, ورحب بي, ودخلت جلست, جلست حوالي دقيقتين, وجدت وضع, صار في مشكلة بالجامع, وضع مضطرب, ألقيت كلمة وانتهيت, ماذا حصل؟ قال: مات الذي استقبلك, وقع ومات, الآن: قبل دقيقتين, ذهبنا على مستشفى أمية منته, لا يوجد ..... طبعاً: استلقى؛ بثيابه, وحذائه ..... هذه الحوادث يومية.
 فيا أيها الأخوة الكرام؛ قمة الذكاء, وقمة العقل, وقمة النجاح, وقمة الفلاح: أن تستعد لهذه اللحظة التي لا بد منها, يعني لا تنفد منها, لو كنت ملكاً؛ ملك, نبي, أغنى أغنياء العالم.

قصة مطعم :

 دخلت إلى مطعم في أمريكا, قال: هذا أعظم مطعم بالأسماك, أغنى مطعم بالفرويد, له قصة: صاحبه يعني قدم سمكاً للناس خلال أربعين سنة, بالصيف أحب أن يعمل نزهة بحرية مع زوجته بفلوريدا, عنده يخت ضخم, ركب اليخت وذهب, وصل ....... انقطعت أخباره كلياً؛ أخباره, وأخبار زوجته, وأخبار اليخت, فقال الناس وقتها: أطعم الناس أربعين عاماً سمكاً, فأكله السمك.
 أكلوه, انتهى, انتهت العملية, فيلم وانتهى.

قصة رجل :

 يوجد رجل -لا أزكي على الله أحداً, أحسبه صالحاً-, له محل مكتب في الحريقة, كان صالحاً, لم يدخل لمكتبه إنسان يطلب مساعدة, أو يطلب جمعية خيرية, أو بناء مسجد, يقول له: افتح الصندوق, وخذ ما شئت, ولا تعلمن, هذه من يفعلها؟ خذ ما شئت, عمل مسجداً صغيراً, وكان صالحاً, صار معه مرض في دمه, فذهب للاتحاد السوفييتي, عمل فحوصات, وينتظر بعض النتائج بالهاتف, له قريب هناك, في بيته خمسة, ستة هواتف, جالس هو, رن الهاتف, رفع السماعة, فابنه سبقه وتكلم, هو يسمع, قال له: أبوك ثلاثة أيام منته, ولا يوجد أمل إطلاقاً -القصة غريبة- يبدو في أمور دقيقة جداً, حسابات دقيقة جداً, قال له: الأربعاء الساعة الواحدة ينتهي, حسب نظام الجسم, قال: سمعها بأذنه, -فسبحان الله, قصة غريبة جداً, يبدو كان صالح-, اتصل بأحد أصدقائي, قال له: يا أبا فلان, تعال إلى عندنا, قال له: أنا انتهيت, أول يوم أنهى كل علاقاته المالية, قال له: الصفقة الفلانية أنت تأخذها, وتبيعها, وتعطي ربحها لأولادي, الصفقة الفلانية ما دفعت حقها ألغها, قل له: صاحبها قد دنا أجله, الصفقة الفلانية ........ أنهى له كل علاقاته المالية, ثاني يوم استقبل كل أقربائه؛ بناته, وأصهاره ...... ودعهم, ثالث يوم: له شيخ في الشام –الآن: خارج البلد, رده الله بالسلامة-, خبر شيخه, جاء شيخه, فتغسل بيده, الحمام راكز تمام, بنفسه تحمم حماماً درجة أولى, واستلقى على فراشه, وجاء الشيخ, عملوا تهليلة حوالي ساعة زمان, لا ﺇله إلا الله, الساعة الواحدة سلمها.
 لكن أغرب قصة هذه: أن عمله الطيب, جعله يستقبل الموت استقبالاً طيباً.

انظر إلى هذه الآية ما أخطرها :

 انظر الآية ما أخطرها:

﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾

[سورة الجمعة الآية:6]

﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾

[سورة الجمعة الآية:7]

 هذا أكبر مقياس لعملك الصالح, إذا كان عملك صالح مئة في المئة, تتمنى الموت, وإذا كان عملك غير صالح, تخاف الموت خوفاً لا حدود له.
 أيها الأخوة:

((الجنةُ أقربُ إلى أحدكم من شِراكِ نعْلِه، والنارُ مثل ذلك))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

 فجأة صار من أهل النار.

انظر إلى عاقبة هذين الرجلين :

 حدثني أخ  قبل أن يموت بأسبوع, يصيح صياحاً غير معقول, يعني صاروا يشعلون موسيقا عسكرية, حتى الصوت لا يصل من الاستغاثة والخوف, يعني يقول كلمات غير معقولة: في نار, الﺇطفائية يأتون يشمون: والله لا يوجد نار يا سيدي, ألا تطفئون النار؟.
 فالعبرة: أن الإنسان ساعاته الأخيرة, تلخص حياته كلها.
 في رجل صالح, جاءه ملك الموت بصفة صديق حميم, أولاده جالسون: يا بني ألا تسلمون على عمكم؟ هذا صديقنا الحميم, هذا الإنسان المحب.

((يبعث الله ملك الموت للمؤمن, بصفة أحب الناس إليه -بنعومة-, والكافر -والعياذ بالله- بصفة أخوف الناس إليه))

 هذه قضية الموت من أهم القضايا في حياتنا. قال:

﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾

[سورة الملك الآية:2]

 والحمد لله رب العالمين.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور