وضع داكن
19-09-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 093 - المجاهدة - 1 - متى تنتهي المجاهدة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

هذه طبيعة الحياة الدنيا :

 أيها الأخوة الكرام:
 عقد الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه رياض الصالحين, باباً سماه: باب المجاهدة.
 والحقيقة: أن الإنسان في الدنيا في جهاد, لأن الله جعل طبيعة الحياة الدنيا طبيعة مجاهدة, أودع فيك شهوات, أعطاك منهج, فثمن الجنة ضبط هذه الشهوات, ضبط الشهوة مجاهدة.
 يعني: إنسان يمشي في الطريق, امرأة سافرة, متبذلة, كيانه غرائزه, طبعه يقتضي أن يملأ عينيه منها, والتكليف أن يغض بصره عنها, في دافع نحو النظر, وفي تكليف بغض البصر.
 الإنسان أمام مبلغ من المال, أودع فيه حب المال, غريزته تقتضي أن يأخذ هذا المبلغ, لكن هذا المبلغ فيه شبهة, والتكليف ينبغي ألا يأخذه.
 فهذه العملية دافع؛ غريزة, رغبة, طبع, ردع, تكليف, حرام, لا يجوز, العملية هذه ثمن الجنة كلها, تدخل جنة عرضها السموات والأرض إلى أبد الآبدين, إذا نجحت بهذه العملية.

إليك هذه الآيات :

 قال تعالى:

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾

[سورة النازعات الآية:40]

﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾

[سورة النازعات الآية:41]

 وأنت وحدك, لا أحد مطلع عليك, تصورت عظمة الله عز وجل, فكففت عن الحرام, خفت مقام الله عز وجل:

﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾

[سورة يوسف الآية:23]

 فهذا الذي يخاف مقام ربه, ونهى النفس عن الهوى, فإن الجنة هي المأوى.

متى تنتهي المجاهدة, وماذا أعد الله لمن يدخل الجنة؟ :

 فلسفة الحياة: أنك في وقت, تُعد نفسك لدخول الجنة عن طريق ضبط الشهوات, حب المال يُضبط بالكسب المشروع, وحب النساء يضبط بالزواج, وحب العلو في الأرض يُضبط بالطاعات, فنحن في مجاهدة, أما حينما يأتي الموت, وحينما يصل المؤمن للجنة, انتهت المجاهدة بالجنة:

﴿لَهُمْ مَا يَشَاؤونَ﴾

[سورة ق الآية:35]

 لا يوجد تكليف, حرام لا يوجد, مشادة مع النفس لا يوجد, صراع لا يوجد, رغبة تكبحها لا يوجد:

﴿لَهُمْ مَا يَشَاؤونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾

[سورة ق الآية:35]

﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾

[سورة الحاقة الآية:23]

 أي خاطر يخطر على بالك تراه أمامك, حتى ولو خاطر ثانوي.
 إنسان من المؤمنين, وهو في الجنة: تذكر صديقاً له كان كافراً. قال:

﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾

[سورة الصافات الآية:51]

﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾

[سورة الصافات الآية:55]

 نظرة.
 فهذه الجنة التي خلقنا من أجلها, ثمنها هذه الدنيا, الضبط؛ أن تضبط شهوتك, أن تضبط دخلك, أن تضبط إنفاقك, أن تضبط عينك, أن تضبط سمعك, أن تضبط لسانك, أن تضبط يدك, أن تضبط رجلك, فهذه المجاهدة: أن تبذل جهداً يُعد ثمناً للجنة, أبداً.

انظر واستنتج :

 يوجد أمثلة قريبة .......
 تجد إنساناً, يعني أنا لا أُقر ذلك, لكن إنسان يحمل شهادة عليا, يحمل بورد, يحكي بالمسائيل, إذا زار إنساناً, ألفين, ثلاثة آلاف, إذا مريض وقف أمامه, ألف, ألفين, يوجد عنده الإيكو, وعنده تحاليل, وعنده دخل كبير جداً, وأنيق جداً, حسناً: هذا ما يبدو لك من نعيم يعيش فيه, هذا ثمنه ثلاث وثلاثون سنة دراسة؛ رفاقه يلعبون بالطاولة, رفاقه ينامون, رفاقه في البساتين, هو فوق الكتاب.
 هذا الجهد الذي بذله حتى نال أعلى شهادة, الآن من حقه يستمتع بالحياة, من حقه يحتل مركزاً اجتماعياً, ويحتل مركزاً علمياً, ويكون دخله كبيراً, ويرفه نفسه, هذا مثل واضح.
 طالب لم يعبأ بالدراسة؛ من بستان إلى بستان, من زقاق إلى زقاق, من سهرة إلى سهرة, آخرته يعمل عملاً شاقاً, عملاً متعباً, والدخل قليل, هذا الذي تعب, يبذل جهداً قليلاً, والدخل كبير, هذا الفرق.

هذه هي المجاهدة :

 فلذلك: المجاهدة ...... قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾

[سورة العنكبوت الآية:69]

 يعني أن تجلس في المسجد لسماع درس علم هذه مجاهدة, أن تؤدى الصلوات في أوقاتها هذه مجاهدة, أن تضبط لسانك هذه مجاهدة, يوجد أكثر من عشرين معصية للسان.
 الناس يمزح, يسخر, ينتقد, يهمل, ينمم, يغتاب, مرتاح, أطلق للسانه العنان, يسمع ما شاء, أي مبلغ يهمجه همجاً؛ حق, باطل, حلال, حرام, هات, هذا عمل النار.

((إن عمل النار سهل بسهوة))

 قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾

[سورة العنكبوت الآية:69]

العبادة من سن التكليف حتى يأتيك اليقين :

 وقال تعالى:

﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾

[سورة الحجر الآية:99]

 العبادة من سن التكليف حتى يحين الحين.
 حتى يأتيك اليقين: أي حتى يأتيك الموت؛ الدنيا دار عمل, الدنيا دار جهد, الدنيا دار ضبط, الدنيا دار إنفاق, الدنيا دار تعبد, هي حقيقتها؛ إن فهمتها دار راحة, تعبت في الآخرة كثيراً.

اقرأ بتمعن :

 يعني: من حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً, كان حسابه يوم القيامة يسيراً.

((ألا يا رب نفس طاعنة ناعمة في الدنيا, جائعة عارية يوم القيامة))

((ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا, طاعنة ناعمة يوم القيامة))

((ألا يا رب مكرم لنفسه, وهو لها مهين))

((ألا يا رب مهين لنفسه, وهو لها مكرم))

 قد تهينها لتكرمها, وقد تكرمها لتهينها.

ما معنى التبتل في هذه الآية, وما المطلوب؟ :

 والآية الثالثة:

﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾

[سورة المزمل الآية:8]

 التبتل: هو الانقطاع.
 يعني الإنسان في زحمة الحياة, استيقظ على المحل, تناول طعام الغداء, نام, اجتماع, سهرة, نام, استيقظ على المحل, تناول طعام الغداء, سهرة, اجتماع, استيقظ ....... مثل دولاب, لا بد من أن يقف هذا الدولاب, وأن تجلس مع نفسك للتأمل, لا بد من أن تخلو مع نفسك, تقرأ القرآن, أن تفكر من أين جئت؟ وإلى أين؟ ولماذا؟.
 لا بد من درس علم تحضره, لا بد من تلاوة تتلوها, لا بد من تفكر تتفكر به, لا بد من طلب علم تطلبه, وإلا ..... آخر شيء النعوة.

من هو العاقل؟ :

 يعني أنا أقول: الناس يولد؛ يفرحون ظهر أسنان اللبن, يفرحون مشى, يفرحون نظف, يفرحون دخل حضانة, يفرحون قال: ماما, قال: بابا, بعد ذلك يدخل مدرسة ابتدائية يتخرج, يدخل إعدادي, يدخل ثانوي, بعد ذلك حصل على طب في الجامعة, يدخل, أنهى الجامعة, أثناء الجامعة؛ الامتحانات, والدكاترة, والأسئلة, والتفوق, انتهى جامعة, يريد أن يكمل دراسات عليا, كمل دراسات عليا, يريد أن يتزوج, تزوج, يريد بيتاً, اشترى بيتاً, يريد عيادة, اشترى عيادة, يريد أولاده, يعلم أولاده, علمهم, يريد أن يزوجهم, زوجهم, يريد أصهار لبناته, زوج كل بناته, بدأ جسمه, معه لهتة, معه وجع مفاصل, يحتاج -الآن- إلى تنكة أدوية, بعد ذلك تأتي النعوة, بالتسلسل, الناس جميعاً, ونحن معهم:

﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ﴾

[سورة الانشقاق الآية:19]

 ممر إجباري, فالدنيا تمشي هكذا, أما المؤمن انتبه, فعمل في حياته الدنيا عملاً ينفعه بعد الموت, أبداً, هذا الموت أيها الأخوة, لا يوجد حدث يهز كيان الإنسان كالموت.

هذا هو القبر :

 يدخل الإنسان إلى بيته؛ غرفة ضيوف, غرفة نوم, صالون, غرفة للأولاد, براد, فريزة, مكيف, مروحة, غسالة, ميكروويف, هذا ظهر جديداً أيضاً, من أجل التسخين السريع, كل شيء فيه.
 تصور القبر مترين بنصف متر؛ هنا بلاط لا يوجد, سيراميك لا يوجد, تريا لا يوجد, مروحة لا يوجد, ترك كل شيء في ثانية, يمشي على قدر يسير, وقف انتهى, عظم الله أجركم, تنمو الخلايا, مشيت -هكذا- سرطان الدم, سائل جمد, جلطة, انتهى.

أنواع الجهاد :

 هذه الحياة بين أيديكم, العقل يقتضي أن نفكر: لماذا خلقنا في هذه الأرض؟ خلقنا لنعبد الله عز وجل, لنعرفه, لنستقيم على أمره, هذه المجاهدة.
 لذلك: يوجد عندنا ثلاثة أنواع من المجاهدة؛ يوجد عندنا جهاد غير متاح لنا الآن؛ طبيعة الحياة, طبيعة العلاقات الدولية, طبيعة ... غير متاح: الجهاد القتالي, أما الجهاد الدعوي: متاح.
 قال عليه الصلاة والسلام:

((خيرُكمْ من تعلّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ))

[أخرجه البخاري في الصحيح, وأبو داود والترمذي في سننهما]

 هذا جهاد, بل إن هذا الجهاد, الله عز وجل: وصفه بأنه جهاد كبير. قال تعالى:

﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً﴾

[سورة الفرقان الآية:52]

 جهاد كبير؛ أن تتعلم وأن تعلم, في جهاد أساسي؛ جهاد النفس والهوى: المهزوم أمام نفسه, لا يمكن أن ينتصر على غيره.
 إذا الإنسان هُزم أمام شهواته, هذا الإنسان لا يستطيع أن يقول كلمة للناس, بالأساس هو مهزوم.
 إذاً: يوجد عندنا جهاد النفس والهوى رقم واحد, إن نجحت في هذا الجهاد, أمامك جهاد متاح, وهو الجهاد الدعوي, تعلم وعلم.

محور الدرس :

 فهذا الدرس اليوم عن المجاهدة. قال تعالى:

﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾

[سورة المزمل الآية:8]

 وقال تعالى:

﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:7]

﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾

[سورة الزلزلة الآية:8]

 وقال تعالى:

﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾

[سورة المزمل الآية:20]

 وقال تعالى:

﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾

[سورة البقرة الآية:273]

 يعني أنت موجود في الدنيا من أجل الجهاد, جهاد النفس والهوى, ثم الجهاد الدعوي, جهاد العمل الصالح, في جهاد العمل الصالح, جهاد الدعوة, جهاد النفس والهوى, هذه أنواع ثلاثة, متاحة لكل إنسان, ولا أحد يسائلك, ولا أحد يوقفك, مهزول.

احذر من أن تعادي ولياً لله :

 يقول عليه الصلاة والسلام:

((إن الله تعالى يقول: من عاد لي ولياً فقد آذنته بحرب.

 -يعني إذا إنسان له دعوة, له عمل صالح, ابتعد عنه, بمعنى: لا تنتقده, هذا له عمل, إذا أنت زعزعت ثقة الناس فيه, تكون خربت, وقد تكون فكرتك غير صحيحة, قد تكون فكرتك ليس لها أصل, فأنت صرت مخرباً.
فإذا إنسان, الناس ينتفعون منه, دعهم ينتفعون منه, لا تشوش عليه, هذا من السنة.
 فمن عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب.
 الآن: أكثر الناس أستغرب بمجالسهم, لا يوجد عندهم موضوع يتسلون به إلا العلماء؛ هذا كذاب, وهذا غير فهيم, وهذا الله أعلم ما نيته, وهذا تزوج امرأة ثانية, وهذا عمل, وهذا عطس, وهذا سعل ...... هذا الشيء يجري في البيوت.
 أنت مالك ولهم!؟ أنا لا أدافع عنهم الآن, لكن اعمل عملاً ايجابياً, هذا عمل سلبي, أنت ماذا قدمت؟ هم قدموا, ويوجد أخطاء عندهم, أنت ماذا قدمت؟ ماذا قدمت للأمة؟ ما الآثار التي تركتها؟.

قف هنا :

 أنا أقول لكم:

((الورع حسن, لكن في العلماء أحسن.

 -يعني أكمل شيء في العالم الورع, وأكمل شيء ........
 قال له: يا سيدي, لي سيد يظلمني –عبد زار شيخ سيده, زاره, رأى سيده, احترمه احتراماً ليس له حدود-, قال: يا سيدي, لو أن شيخه قال له: يا بني! أعتق هذا العبد, أعتقه رأساً, فجاء إلى عند الشيخ, قال له: يا سيدي, لو طلبت من سيدي أن يعتقني لوجه الله, قال له: أفعل إن شاء الله, مضى شهر, شهران, ثلاثة, أربعة, لا يوجد حركة, فقام الشيخ وزار التلميذ, والعبد يرى احترام سيده لشيخه, قال له: يا سيدي, ذكرتك في المرة الماضية أن تأمره أن يعتقني, قال له: أفعل إن شاء الله, مضى شهر, شهران, ثلاثة, أربعة, بعد سنة الشيخ قال له: يا بني! أعتقه, فأعتقه فوراً, قال له: يا سيدي, عجبت لك!! إذا الأمر يتم بكلمة, لماذا أخرتها سنة؟ -كلمة منك .....- قال له: لقد حملتني فوق ما أطيق يا بني, أنا وفرت من مصروف البيت مالاً, أعتق به عبداً, وبعدها أمرت سيدك أن يعتقك.
 حتى يكون في مصداقية: قبل أن يأمره أن يعتقك, أعتقت عبداً لنا, وفرت من مصروفي اليومي, ما يساوي قيمة عبد, فلما أعتقت عبداً, أمرت سيدك أن يعتقك-

فالورع حسن لكن في العلماء أحسن, والسخاء حسن لكن في الأغنياء أحسن, والحياء حسن لكن في النساء أحسن, والتوبة حسن لكن في الشباب أحسن, والصبر حسن لكن في الفقراء أحسن........))

ما الشيء الذي يحبه الله من العبد, ومتى يحب الله العبد؟ :

 إذاً-: وما تقرب إلي عبدي بشيء, أحب إلي مما افترضته عليه:
 -يعني أعظم عمل: أن تؤدي العبادات, قبل أن تؤدي النوافل أد العبادات, الصلوات الخمس؛ صوم رمضان, حج البيت, غض البصر, صدق اللسان, حفظ الأمانة, العفة, هذه الأوامر الأساسية, فاضبط جوارحك, واضبط عباداتك, هذا أعظم عمل-.
 وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه: -صلى الضحى, صلى قيام الليل, أنفق من ماله فوق الزكاة-.
 وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته.
 -يعني لو سألت أخواننا الكرام: أعظم شيء وصله إنسان على الإطلاق؟ في منصب إداري, رئيس أمريكا, هذا أعلى منصب, -مع أنه ظل بالوحل- أعلى منصب إداري.
 أنشتاين: أعلم علماء الأرض بالفيزياء, أونسيف: كان أغنى أغنياء العالم.
 حسناً: في منصب مالي, في منصب إداري, في منصب علمي, أما أنا أقول لكم:
 أعلى شيء تصل إليه: أن يحبك الله, أن يحبك خالق الكون, والشيء المؤلم: أن محبته بإمكانك, ضمن إمكانياتك؛ أمرك أن تعبده, أمرك أن تكون صادقاً, أمرك أن تكون عفيفاً, أمرك أن تكون أميناً, أمرك أن تصلي له, أمرك أن تفي بوعدك, أن تنجز العهد, ووفاء الوعد, ما كلفك فوق طاقتك:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾

[سورة البقرة الآية:286]

 لمجرد أن تطيعه أحبك الله, لأن الله:

﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾

[سورة المائدة الآية:54]

 والله مرة كنت في عقد قران, وقف خطيب ألقى كلمة, الذي قاله أعرفه؛ لكن ساعة إشراق .......
 سيدنا رسول الله, التفت إلى سيدنا معاذ, قال له:

((يا معاذ, إني لأحبك يا معاذ))

 سماه باسمه: والله إني لأحبك.

انظر هنا :

 انظر الآن: أنت في محلك؛ ما كذبت أبداً, ما غششت مسلماً, ما نظرت لامرأة, كنت عفيفاً, نصحت كل زبون, دخلت إلى البيت؛ كنت أباً رحيماً, أباً كاملاً, عشت لأولادك, أكرمت زوجتك, أكرمت جيرانك, يحبك الله, الأمر سهل جداً؛ كن صادقاً, كن أميناً, كن محسناً في بيتك, في الطريق, وفي عملك فقط, هذا دين الإنسان.

ما معنى هذا الجزء من الحديث: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به)؟

 قال-: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع بها: -تسمع بنور الله, تسمع قصة ترفضها, هذه خلاف القرآن, عندك ميزان, عندك فلتر, هذه لا تصلح, هذه خرافة, تسمع شيئاً منكراً, تقول: معاذ الله! لا أجلس معكم, صار عندك ميزان, صار عندك رؤية صحيحة, تقيس بها كل كلام؛ ما كل كلام تقبله, ما كل كلام تصغي إليه, ما كل كلام تسمعه-.
 كنت سمعه: -تسمع من خلال معرفتك بالله عز وجل, هذه قصة لا تُسمع, هذا الكلام غير مقبول, الحقيقة غير صحيحة؛ هذا شرك, هذا كفر, هذا ضلال, هذه إثارة فتن, صار عندك ميزان دقيق, صارت أذنك تصطفي الحق, وترفض الباطل, أما الكافر مثل الجبانة, كل شيء يفوت, كله يسمعه, كله يتكلم فيه.

((وبحسب المرء من الشر: أن يحدث بكل ما سمع))

 أحياناً قصة: لا تليق, يوجد أولاد صغار جالسون, سمعها, تضحك, حلوة جداً, قضية جنسية؛ لكن في بنات, في شباب صغار, في أطفال عندهم حياء, ليس فاهماً القصة, إذا تكلم ........

((بحسب المرء من الشر: أن يحدث كل ما سمع))

شرح ما تبقى من هذا الحديث :

 وبصره الذي يبصر به: -ترى بنور الله.
 لو رأيت إنساناً اغتصب مالاً حراماً, واشترى بيتاً جميلاً جداً, لا تقل: هنيئاً له, إذا قلت: هنيئاً له, رؤيتك غير صحيحة, تقول: الويل له, قد تحترم مؤمناً فقيراً, ولا تحترم غنياً منحرفاً.

((من جلس إلى غني فتضعضع له, ذهب ثلثا دينا))

 أبداً. الله جعلك عزيزاً, ارفع رأسك.
 كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يتبصر به, ويده التي يبطش به.
 ممكن مؤمن يضرب؟ يضرب.
 قال له:

((عندي يتيم أفأضربه؟ -سؤال محرج للنبي: عندي يتيم أفأضربه؟- قال له: مما تضرب به ابنك))

 إذا ابنك ارتكب المعصية, تضربه اضربه, إذاً: اضربه, لا يمد يده إلا بالحق, للخير-.
 ورجله التي يمشي بها: -أين يمشي؟ للجامع, لإصلاح زوجين, للدعوة إلى الله عز وجل, للتوفيق بين شريكين, لحل مشكلة, للإصلاح بين الناس, لكن ليس على الملهى, ليس على قبو, ليس على نادي, تقوده رجلاه إلى الطاعات, ويستعمل يده في الأعمال الصالحة, ويستعمل لسانه في ذكر الله, ويستعمل عينه في التفكر في خلق الله.
 الآن: مرتبة المحبة. قال-: وإن سألني أعطيته, ولئن استعاذني لأعيذنه))

 

في درس آخر: إن شاء الله نتابع هذا الموضوع.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور