وضع داكن
27-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 091 - المبادرة إلى الخيرات 1 - التنافس المحمود.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

تمهيد :

 أيها الأخوة الكرام:
 الباب العاشر من رياض الصالحين, باب: المبادرة إلى الخيرات.
 إن وظفت في الدنيا كانت بلاء كبيراً, أما إذا وظفت في الآخرة كانت خيراً كثيراً.
 سباق الدنيا طريق طويل, ينتهي مقاطع هكذا, مئة متر, وفي أسفل هذا .......
 فالطريق ........ كبيرها وصغيرها, جديدها وقديمها, قويها وضعيفها, سباق أحمق, لا معنى له.
 فالإنسان إذا بلغ قمة النجاح في المال, يأتي الموت فينهي هذا النجاح, وإذا بلغ قمة نجاحه في المجد والشأن بين الناس, يأتي الموت فينهي هذا النجاح, وإذا بلغ نجاحه في علم دنيوي, يأتي الموت فينهي هذا كله, لذلك الإنسان مفطور على التنافس, أما التنافس حيادي.
 التنافس تسميه الغيرة ممكن, تسميه الحسد ممكن, تسميه التنافس ممكن, المسمى واحد, أما الأسماء متنوعة, هذا التنافس حيادي؛ أنت قد توظفه في الخير, وقد توظفه في الشر.

هذا التنافس المحمود :

 قال تعالى:

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾

[سورة المطففين الآية:26]

﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾

[سورة الصافات الآية:61]

﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾

[سورة يونس الآية:58]

((ولا حسد إلا في اثنتين -كما قال عليه الصلاة والسلام-: رجل آتاه الله علماً فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار, ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار))

 هذا الرجلان حققا الهدف من وجودهما, إذاً: تنافس مطلوب, بل مشكور, بل مرغوب, ولكن في الآخرة, أما في الدنيا تنافس أحمق, لأن هذا السباق ليس فيه فائدة.

دقق في معنى هذه الآيات :

 دقق في قوله تعالى:

﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:205]

 -متعناهم-:

﴿ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ﴾

[سورة الشعراء الآية:206]

 مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾

 

[سورة الشعراء الآية:206]

﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾

[سورة الشعراء الآية:205]

﴿ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ﴾

[سورة الشعراء الآية:206]

﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾

[سورة الشعراء الآية:206]

هذه قصة أهل الدنيا وأهل الآخرة :

 يعني أعلى رقم سمعته عن عرس, كلف خمساً وثمانين مليون.
 جاءني شاب, قال لي: أنا مضطر أن أتزوج, ولا صبر لي عن الزواج, أعمل في شركة, موظف, وليس معي إلا هذا الراتب, وهو يكفيني بصعوبة, عند والدتي أرض في الغوطة, يلزمني ثمن مواد خمسة وخمسون ألف, يعني أنشىء غرفة ومنافعها, وأتزوج فيها.
 فقسمت خمسة وثمانين مليوناً على مئة ألف, ثمانمئة وخمسون شاب, قريب ألف شاب نزوجهم, ونزوج -طبعاً- الفتيات, هذا إذا إنسان زوج حوالي ألف شاب أحسن, لما ينفق الخمس وثمانين مليون في ليلة واحدة, ويلعنه الله, والملائكة, والناس أجمعون؟.
 هذه في المنافسة, يعني: نحن, الورود جاءت بالطائرة .....
 يعني تعرفون مواد التنافس, الراقصة الفلانية خمسون ألف دولار نصف ساعة مثلاً, يتنافسون على الدنيا, المؤمن يتنافس على الآخرة, هذه القصة كلها.

لك قضية الاختيار :

 فالتنافس جبلة بالإنسان, هذه الجبلة حيادية؛ إما أن توظف في الخير, وإما أن توظف في الشر.
 إنسان له صوت رائع؛ إما أن يوظف هذا الصوت في القرآن الكريم, يصبح قارىء قرآن كريم كبير جداً من ثلاثين سنة, وتسجيلاته تملأ الآفاق, أو يكون مغنياً كبيراً, يموت وتسجيلاته تملأ الآفاق.
 الشيء عجيب بالحياة, كل شيء حيادي؛ اللسان, طلاقة اللسان حيادية, يمكن أن توظف في الحق, كما يمكن أن توظف في الباطل, وسامة الإنسان حيادية, يمكن أن تشكر الله على هذه الوسامة:
 اللهم كما حسنت خَلقي, فأحسن خُلقي.
 ويمكن أن تُغوي بها الفتيات, قوة الإنسان حيادية, هذه القوة توظف في الحق, كما توظف في الباطل, المال حيادي.

المال حيادي لك أن توظفه في الحق ولك أن توظفه في الباطل :

 دعينا مرة إلى افتتاح مسجد في الصبورة, الذي أنشأ هذا المسجد, دعا كل علماء دمشق, استقبلنا واحداً واحداً, وابتسامته إلى هنا, كادت نواجذه تظهر, وأطعمنا, وأكرمنا, وأقيم احتفال رائع, خرجت من هذا المسجد, فإذا أمامي ملهى على الطرف الثاني, صاحبه بناه, وجلب إليه كل الموبقات, التي لا يتخيلها الإنسان, وبعد افتتاحه بأسبوع مات.
 إنسان عمر مسجداً, يسعد به إلى أبد الآبدين, إنسان أنشأ ملهى, يشقى به إلى أبد الآبدين.
 كل شيء حيادي, المال حيادي؛ ممكن تستخدم مالك, قوتك, ذكاءك, طلاقة لسانك في الحق, أو في الباطل.

السباق جزء من طبيعة الإنسان :

 هذه الغيرة, أو حب التنافس, أو تأكيد الذات, أو حب التفوق, أو الحسد, الحسد مشكور كما قال النبي:

((لا حسد إلا في اثنين))

 مشكور: إذا كان في الآخرة, ومذموم أشد الذم: إذا كان في الدنيا ......
 إذاً: السباق جزء من طبيعة الإنسان.

هل قرأت هذه الآية؟ :

 الآن في آلاف الأشخاص, تجاوزوا كسب الرزق, الآن يجمعون؛ يعني الهم الكبير, الجمع, والتنافس على أكبر رقم حفظه في عام.
 ربنا عز وجل قال:

﴿وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:157]

﴿وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:157]

تمعن في هذه الآية :

 قال تعالى:

﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:158]

 فإنسان ألقينا القبض عليه, وسقناه إلى أمه؛ كل الرحمة, والحب, والخير عند أمه:

﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:158]

هذا يقينك :

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ﴾

[سورة آل عمران الآية:169]

 بل: حرف إضراب:

﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾

[سورة آل عمران الآية:169]

﴿فَرِحِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:170]

 الفرح, والرزق, والحياة.
 لذلك: خطأ أن تقول: فقيدنا الغالي؛ الميت ما افتقده أحد, يحيا حياة صارخة؛ إما في مقدمات الجنة, أو في مقدمات النار.

هذا حال آل فرعون في القبور :

 قال: وفرعون:

﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾

[سورة غافر الآية:46]

 قال: فرعون مضى على موتهم –تقريباً- ستة آلاف عام, كل عام ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً, كل يوم مرتين غدواً وعشياً, والخير للأمام:

﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾

[سورة غافر الآية:46]

 والمؤمن يغدو قبره روضة من رياض الجنة.

كن مع المؤمنين وتنافس معهم :

 قال تعالى:

﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 يعني: لا بد من أن تكون مع المؤمنين, ولا بد من أن تتنافس معهم, يعني في أولويات الاستباق, في أولويات, ممكن تستهلك وقتك في جزئية من الدين, وأنت عند الناس صاحب دين, لكن ما اخترت الأعمال العالية.
 إنسان غاص إلى أعماق البحر, فهذا الغواص خاطر, وضحى, وغامر في قاع البحر, في لؤلؤ, وفي أصداف, تحمل المخاطرة, واحتمال أن يأكله سمك القرش, واحتمال أن ينشأ عنده مشكلة بالضغط, غاص وغاص, جاء بالأصداف, وترك اللآلىء, وهذا هو اللهو؛ اللهو: أن تشتغل عن النفيس بالخسيس, اللهو: أن تشتغل عن النفيس بالخسيس, إذاً: جزء من إيمانك: أن تعرف ما هو النفيس؟.
 دخلت إلى غرفة, فيها ألف قطعة من الذهب, مئة قطعة؛ عيار 24, ومئة 21, مئة 18, مئة 11, مئة نحاس مطلي ذهب, مئة نحاس ملمع, مئة تنك, قلنا لك: اختر, أنت بحاجة إلى مقياس إلكتروني, تفحص الألف قطعة, تأخذ المئة تبع 24, تكون ذكياً جداً, أما لو أخذت المعدن الخسيس, هذا هو الغباء بعينه. فأنت:

﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 يجب أن تكون مع المجموع, والإنسان من دون مجموع لا يغار.
 لو إنسان عاش وحده, يعني تأتيه خواطر مضحكة, يقول لك: هذه ليست حراماً, أنا لست قانعاً أنها حرام, حسناً: أنت من؟ أنت مشرع؟ معك علم من الله؟ معك تشريع؟ أوحى الله إليك؟ ألقى في روعك؟.
 الإنسان حينما ينفرد, وينعزل, يفكر تفكيراً مضحكاً, لأنه لا يوجد ضوابط. قال لك:

﴿فَاسْتَبِقُوا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 يعني: كونوا مع المؤمنين, وتنافسوا معهم.

أنواع الاختلاف :

 قال تعالى:

 

 

﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا﴾

[سورة يونس الآية:19]

 أول خلاف طبيعي: خلاف نقص المعلومات:

﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾

[سورة البقرة الآية:213]

 الآن في خلاف ثان:

﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية:19]

﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾

[سورة البقرة الآية:213]

 أول خلاف طبيعي, أساسه: نقص المعلومات, ثاني خلاف قذر, أساسه: التنافس, والتحاسد, والدنيا:

﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾

[سورة البقرة الآية:213]

 التنافس الثالث شريف: تنافس على أحسن.

قف هنا :

 يعني: شخص -مع احترامي غير المتناهي لمن يتقن أحكام التجويد-, أمضى كل حياته بإتقان أحكام التجويد فقط, هذا عمله الوحيد, نقول له: جيد؛ لكن هناك أعمال, يعني تفوق هذا العمل بالملايين.
 فأنت مكلف بعد أن آمنت: أن تبحث عن الأفضل, عن الأحسن, عن الأعظم, عن الأكثر أجر, عن الأكثر سعادة, هذا معنى: فاستبقوا.
 لا تستطيع أن تكتفي: أنني -والله أنا- أصلي, وأصوم, وأحج, وأزكي, وانتهى الأمر, لا, يجب أن تتنافس. يقول الله لك:

﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 وآية ثانية:

﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:133]

﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾

[سورة آل عمران الآية:133]

 المسارعة: المسابقة.
 صار في آيتين؛ معناها الزمن, لو كان الزمن ممتد: لا يوجد مسارعة.
 بالتعبير العامي: الذي في بيت أهله على مهله.

هذا معنى السباق والمسارعة :

 أما أنت لاحظ نفسك في الامتحان, الذي قدم فحص امتحان جامعة, معك ثلاث ساعات, ممكن بثلاث ساعات يخطر في بالك تنظف ساعاتك؟ والله هذه غير نظيفة, ممكن هذه الثلاث ساعات المصيرية, التي ستحدد نجاحك, وستحدد مستقبلك, ممكن بثلاث ساعات -مثلاً- تأخذك غفوة؟ مستحيل, لا يوجد طالب ينام أثناء الامتحان, ممكن بثلاث ساعات تلعب لعب خمسات مثلاً؟ ممكن؟ ممكن في هذه الساعات الثلاث تعمل خطاط, ترسم رسمات معينة؟ لما كل طاقاتك, وكل ذكائك, وكل ذاكرتك بالامتحان.
 ففي مسابقة هنا, يوجد عندك أسئلة, وعندك إجابات دقيقة جداً, والوقت محدد.
 لو كان قال لك: اجلس كما تريد, للغد, عال, ممكن أعمل أعمالاً أخرى, لكن الوقت محدد, وكل إنسان له عمر, ينبغي أن يفعل في هذا الزمن المحدود كل شيء, ليصل إلى كل شيء. هذه معنى:

﴿فَاسْتَبِقُوا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

﴿وَسَارِعُوا﴾

[سورة آل عمران الآية:133]

 في زمن محدود, والمهمة كبيرة.

ما وراء هذا المثل :

 لاحظ, لما الإنسان -لا سمح الله ولا قدر- يقولون: يجب أن تغادر هذه البلاد خلال أربع وعشرين ساعة, دون أن تعود إليها, ولك أن تحمل معك, ما وزنه ألف كيلو فرضاً, عندك بيت أربعمئة متر؛ في برادات, في فريزرات, في غسالات, في مكيفات, في مراوح, في كمبيوتر, معك ألف كيلو, ماذا تأخذ؟ تأخذ طقم الكنباة؟ مستحيل, غرفة النوم؟ مستحيل, تأخذ الصيغة أولاً, الكمبيوتر, إذا في أجهزة غالية جداً تأخذها, تختار من كل الأثاث حوالي ألف كيلو؛ تختار أغلى شيء, وأخف شيء, ما غلى ثمنه, وقل وزنه, هذه, نفس المثل:
 أنت في الدنيا, كم سنة الإنسان؟ بضعة أيام, يجب أن تعمل في هذه الأيام شيئاً, له عند الله أجر كبير, ويحتاج إلى وقت قليل, غير معقول تبذل جهداً كبيراً على أجر قليل, هذه معنى:

﴿فَاسْتَبِقُوا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 الاستباق؛ في اختيار الاستباق, في أولويات الاستباق, في سلم أولويات.

من معاني هذه الآية أيضاً :

 الآن: إذا إنسان في الامتحان؛ في سؤال واضح جداً, في سؤال وسط, في سؤال لم يعرف فيه شيء إطلاقاً, ماذا يفعل؟ يمكن يقضي ساعتين ونصف بالسؤال الثالث الذي لم يعرفه إطلاقاً, والأول يعلمه علم اليقين. الطالب الموفق ماذا يفعل؟
 يكتب السؤال الذي يعرفه, يقول لك: آويته, أمنت علامته, السؤال الأقل صعوبة, يترك آخر سؤال, الذي لم يفهمه, يجلس يفكر, أو يبحث عن جيرانه, أول شيء يؤمن السؤال, الذي يعجز عنه يدعه إلى الأخير.
 وكل شخص إذا لا يوجد عنده سلم أولويات, تسلسل, يقع في ضياع شديد. هذا معنى:

﴿فَاسْتَبِقُوا﴾

[سورة البقرة الآية:148]

 معنى:

﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:133]

من ملامح آخر الزمان :

 وقد حدثنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ملامح آخر الزمان ......
 قال عليه الصلاة والسلام:

((بادروا بالأعمال الصالحة, فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا؟.

 -كل شخص منا له عمر, ممكن يستيقظ إلى ما شاء الله دون جديد؟ مستحيل, كل يوم تستيقظ ما فيك شيء؟ أبداً, إلى متى؟.
 أنت الآن بالأربعين, إلى متى؟ للألفين؟ لا, غير معقول, للمئة؟ غير معقول, في يوم يوجد محل يؤلمك, -لا سمح الله ولا قدر-, هل لاحظت على الإنسان يوماً ما وقف؟ طبعاً لأنه مرض الموت, الله يريد أن ينهي الأجل عن طريق مرض معين, ممكن إنسان يستيقظ إلى ما شاء الله, كما هو في الماضي؟ مستحيل. قال لك إذاً-:

هل تنظرون إلا فقراً منسيا, –فقر فجائي-, فقراً منسياً, أو غنى مطغياً, أو مرضاً مفسداً, أو هرماً مُفَنداً, أو موتا مُجْهِزاً, أو الدجال فشر غائب يُنتظر, أو الساعة والساعة أدهى وأمر))

 كل شخص منا له أقرباء سبقوه إلى الدار الآخرة, أين هو الآن؟ غير موجود؛ فكرة, حديث صار, كان رجلاً, صار حديثاً, صار خبراً.

من مشاهد التاريخ :

 كنت مرة في مصر, زرنا القلعة, يوجد قاعة كبيرة جداً, محاطة من أربع جهاتها بمقاعد خشبية, فالدليل رفع أحد المقاعد, ظهر صندوق, -والله غريبة- فتحه, خشب صندوق, حدثنا عن هذه المقاعد.
 أحد حكام مصر, دعا المماليك إلى طعام نفيس في هذه القاعة, فلما جاؤوا جميعاً, واستقروا, وأكلوا, افتتحت هذه المقاعد, فيها أسلحة, وذبحهم واحداً واحداً, نجا واحد فقط.
 فالدليل يحدثنا عن هذه القصة, قلت: سبحان الله! قال تعالى:

﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾

[سورة سبا الآية:19]

اسمع هذا القول :

 وأنا أقول لكم الآن: الحياة مسرحية, فيها مقاعد مشاهدين, فيها خشبة مسرح, المستقيم: له مكان مع المشاهدين؛ يرى, ويسمع, وغير المستقيم: سيجر إلى خشبة المسرح, وسيضرب ضرباً مبرحاً, وسيغدو قصة.
 لذلك الدعاء: اللهم لا تجعلنا عبرة لأحد من خلقك.
 ألا نكون نحن قصة.
 اللهم أعوذ بك أن يكون أحد أسعد مما علمتني منه.

سائل يسأل النبي عليه الصلاة والسلام :

 جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- رجل, قال:

((يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرا؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح, -هو على فراش الموت, والمرض عضال, ولا يوجد أمل, وجاءت سكرة الموت بالحق, قال لهم: مليون لفلان, مئة ألف لفلان.

 طبعاً: المال لم يعد له قيمة في هذا الوقت, أما وأنت شاب, قوي, المئة ألف لها عندك معنى كبير؛ دفعتها لمعهد شرعي, لإنشاء ميتم, لطلبة علم-.

أن تصدق وأنت صحيح شحيح؛ تخشى الفقر, وتأمل الغنى, ولا تُمهل, حتى إذا بلغت الحلقوم, قلت لفلان كذا, ولفلان كذا, وقد كان لفلان))

محور الدرس اليوم :

 أيها الأخوة, محور الدرس اليوم: المسابقة, فقه الأولويات, والمسابقة, وأن تكون مع الجماعة.
 فاستبقوا: يعني أنت ضمن جماعة, وسارعوا: ضمن جماعة, أن تكون مع الجماعة.

((ومن شذَّ شذَّ في النار))

((عليكم بالجماعة, وإياكم والفرقة, فإن الشيطان مع الواحد, وهو من الاثنين أبعد, وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية))

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور