وضع داكن
08-05-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 089 - اليقين والتوكل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

دعاء الاستفتاح :

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

من الآفات التي تهلك الإنسان :

 أيها الأخوة الكرام:
 عقد الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه رياض الصالحين, باباً سماه: باب اليقين والتوكل.
 مشكلة الإنسان: في عدم اليقين, وفي طول الأمل, آفتان خطيرتان تُهلكان الإنسان؛ صعف اليقين, وطول الأمل, وإن أردنا أن نضيف إليهما شيئاً ثالثاً خطيراً: ضعف التوحيد, ضعف اليقين, وضعف التوحيد, وطول الأمل, هذه ثلاثةٌ مهلكات؛ ضعف اليقين: ليس متأكداً, الإنسان لا يتحرك إلا إذا أيقن.

 

ما الحل الذي نصل إليه من جراء هذه الأمثلة؟ :

 إنسان يدخن, يقرأ في سرطان رئة, في سرطان شفتين, في جلطة, في احتشاء عضلة قلب, في مرض الغرغرين, يعني ليس متأكداً أن هذه الأمراض تنتظر المدخن, متى يقلع عن التدخين حتماً؟ إذا أصيب بجلطة, وتأكد أنها من الدخان, الآن دخل باليقين؛ اليقين: يحملك على العمل, ضعف اليقين: يجعلك متردداً.
 الآن: إذا أنت أيقنت كتاجر, يوجد بضاعة سوف ترتفع أسعارها, لأنك رأيت مسودة مرسوم تشريعي لمنع استيراد هذه المادة, هناك من يبيع بيته, ويشتري هذه البضاعة, دخل باليقين, أما كإشاعة, يقول لك: اعمل نصف عاقل, نصف مجنون. متى تتحرك؟ إذا أيقنت المشكلة في ضعف اليقين.
 هؤلاء الناس؛ مؤمن مؤمن, في آخرة في آخرة, في جنة في جنة, في نار في نار, حسناً: لماذا تقترف المعاصي؟ يقول لك: الله يتوب علينا, لا يوجد عنده يقينيات.
 إنسان من بني البشر قوي, إذا قال له: تعال لأسألك يوم الخميس الساعة العاشرة, تعال إلينا, واصطحب معك الهوية, ثلاثة أيام لا ينام الليل, إنسان من بني البشر: لأنه موقن وراء السؤال في مشكلة, وقد يدخل ولا يخرج.
 حينما تتعامل باليقين, تُحل كل مشكلاتك, يقينيات الدين وصلت إليها, أما كل المسلمين؛ في آخرة, وفي جنة, وفي نار, وفي حوض, وفي صراط, وفي موت, وفي قبر, وفي الحنش الأقرع بالقبر, كله كلام؛ لكن لا يوجد يقين, لو يوجد يقين: لا تنام الليل.

 

((والله لو تعلمون ما أعلم ما أنتم عليه بعد الموت؛ ما أكلتم طعاماً عن شهوة, ولا دخلتم بيتاً تستظلون فيه, ولذهبتم إلى الصعدات تبكون على أنفسكم))

 

 قضية اليقين, إذا أنت ذهبت إلى بيروت, ورأيت تفتيشاً يفوق حد الخيال, وتُفتش السيارة مكاناً مكاناً, هل تشتري أغراضاً من بيروت؟ مستحيل, صار الغرض عبئاً, لم يعد مكسباً, صار مغرماً.
 أنت لاحظ نفسك؛ حينما تصل في حياتك الدنيا إلى يقينيات, اليقينيات تحملك على الحركة.

متى يدخل الإنسان في اليقين؟ :

 قلت في درس سابق: إنسان يسكن بيتاً في الطابق الرابع؛ يعمل له جبصين, يعمل له شرفات, يعمل له ألمنيوم برونز, يعمل بحراته رخام في الأرض, يزينه تزييناً مذهلاً, يقول لك: كل بلاطة تصورت أين مكانها, إذا صار معه مشكلة في قلبه, وقال له الطبيب: هذا الدرج كالمنشار لك, ثاني يوم يضعه في الدلال, دخل باليقين. أنا أقصد ما أقول:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 إنسان راكب سيارة في طريق هابط؛ جنائن على الطرفين, نسيم عليل, وسيارة فخمة, مرتاح, معه أهله, يمزح, ويضحك, فإذا أيقن فجأة: أن المكبح معطل, والانحدار شديد, والمنعطف حاد, في النهاية يولول, كان يضحك, يقول لك: متنا, دخل في اليقين.

هل أنت موقن بمصداقية هذه الآيات؟ :

 أنا ألح على اليقين, الآيات القرآنية: هل أنت موقن من مصداقيتها؟.
 لما ربنا عز وجل قال:

﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾

[سورة الحجر الآية:92]

﴿عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

[سورة الحجر الآية:93]

 تغتصب بيتاً تعود؟ تضع شريكاً في الطريق؟ تضحك عليه؟ تطلق زوجتك طلاقاً تعسفياً وأنت ظالم لها؟ تدلس في البيع والشراء؟ تغش؟ توهم الشاري أن هذه البضاعة من مصدر معين وهي ليس كذلك؟ ادخل باليقين وانظر, تصبح إنساناً مستقيماً, اليقين يحملك على الاستقامة:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

من أمثلة اليقين :

 مرة كنا مع طبيب قلب جراح في سهرة, قدموا طعاماً طيباً؛ حلويات في القشطة, ما ذاق قطعة منها, كُلْ: أنا أرى كل يوم الشريان التاجي مسدود من هذه الأكلات, أحبها؛ ولكن لا أتناولها. يوجد عنده يقين.
 مرة قادم من حلب في الشتاء, أمطار غزيرة كأفواه الكرب, وجدت إنساناً في العدوي, يجري رياضة, قلت: خمسة ملايين في دمشق, كلهم في بيوتهم وراء المدافىء؛ يأكلون, ويشربون, كم في ذهنه من اليقين: أن الجري مفيد تحت المطر؟:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

هل تريد أن تحرر هذه المفاهيم الخاطئة؟ إليك ذلك :

 أخطر آفة تُهلك الناس: ضعف اليقين, ليس متأكداً؛ في آخرة؟ في آخرة, حسناً: أين العمل لها؟ يقول لك: الله يتوب علينا, في جنة؟ في جنة, حسناً: أين الطاعات؟ أين الإنفاق؟.
 يدفع ملايين على عرس, ويضن بمئة ليرة على فقير, الأولى ظاهرة؛ لأنه في تصوير, وفي بطاقات, وفي أخبار, وأمام الناس, أما هذه الهدية ليست ظاهرة, ليس موقناً: أن الله يعلم أنه أنفق, ليس متأكداً.
 نريد أن نحرر هذه المفاهيم الخاطئة, هذا التصور المريض:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

الإيمان ليس في العبادات الشعائرية وإنما في الاستقامة :

 أنت موقن: إذا ظلمت إنساناً سوف تدفع الثمن باهظاً؟ لست موقناً, تظن نفسك مجتهداً.
 تجد محامياً, يأتيه موكل غشيم, يقول له: اعتبرها في جيبك, الدعوى منتهية, ويعلم علم اليقين أمل النجاح صفر, يعمله بقرة حلوب لثماني سنوات, بعد ذلك يتهم القاضي: أنه ارتشى من خصمه, ماذا يظن نفسه؟ .
 ذكياً, مجتهداً, يعني بعلمه استطاع أن يحصل دخلاً كبيراً, أخذ عشرين ألفاً, وراء عشرين, وراء ثلاثين: انتبه, القاضي بطنه كبير, وخصمك ليس بقليل, مثل ما تريد؛ يخوفه, يريد خمسين, هذه خمسون, وهو موقن أن الدعوى خاسرة, يسحب منه مئة, مئتين, على ثماني سنوات, يعطيه معلومات كلها خاطئة, بعد ذلك يفاجئه: أن القاضي قبض الخصم, أنا نصحتك, لم تقبل معي, الخمسون لا تكفي كان, يقول له, هذا البلد كله هكذا يمشي؛ تجد سرطان, حادث, مشكلة, مرض خبيث:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 الإيمان ليس بالصلاة, الصلاة سهلة, أنشط في الصيف, والصيام سهل, يعمل الإنسان ريجيم, والحج سياحة, أما الإيمان في الدرهم والدينار, في الاستقامة التامة؛ الصلاة فرض, والصيام فرض, والحج فرض, من دون استقامة: تُفرغ هذه العبادات من مضمونها.

هل يجرؤ صيدلي إذا كان يعلم علم اليقين أن يبيع الدواء بعد انتهاء مدة صلاحيته؟ :

 قال تعالى:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 هل يجرؤ صيدلي إذا كان يعلم علم اليقين: ينفي الصلاحية؟ الدواء منته من جمعة, ثمنه ثمانمئة ليرة, شيفرة, الصلاحية يحكها, انتهى, يبيعه.
 أنا كنت أظن سابقاً, كنت أظن: أن الدواء الذي انتهت صلاحيته لا يفيد, ليته لا يفيد, في دراسات دقيقة جداً, يُضر ضرراً كبيراً, هذه المواد حينما تتفكك, تصبح سامة أحياناً, هو أمن بيع الدواء بثمانمئة ليرة, وصلاحيتها منتهية:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 في أكثر الحرف ........

واقعة :

 زارني طبيب, قال لي: أنا معي ثلاثة بوردات, أهلاً وسهلاً, بعد ما حضر خطبة الجمعة, وجلس في غرفتي بعد الخطبة, قال لي: أنا خرجت عشرين جيلاً من الأطباء, طبيب مشهور جداً, ويعني عمره من فوق الثمانين سنة, لكن ما شاء الله كأنه شاب, قال لي: أنا أحب المرضى, كأنهم أولاده, حكى كلاماً طيباً, وأنا صدقته, يعني مخلص.
 قال لي: جاءتني امرأة معها سرطان في الثدي, ممتد للكتف, منتهية, فانفرد بزوجها, قال له: أنت في حقها مجرم, قال له: لماذا؟ قال له: هذا المرض يجب أن تكشفه أنت, أو يكشفه طبيب قبل سنتين, على قدر الحمصة, على قدر الجوزة, يُستأصل, يُعالج بالأشعة, واحتمال النجاح مئة في المئة, أما الآن: لا يوجد أمل, قال له: لا, نحن كنا عند طبيب فلان, لم يقل لنا: سرطان, بقينا عنده سنتين, بقينا عنده سنتين, لم يقل: سرطان, أعطانا كورتزون, وأعطانا مضادات التهاب, ومسكنات, فماذا قال لي الطبيب؟.
 قال لي: والله طالب طب صف ثالث, يعلم أنه سرطان, لكن هذا الطبيب؛ لكن لو قال: سرطان, تحولوا عنه إلى غيره, فأوهمهم أنه غير سرطان, بدأ يبتز أموالهم خلال سنتين.
 قال لي: لما الزوج عرف الحقيقة, قال له: نحن عند فلان, لم يقل سرطان, قال له: هذا, لم يعرف هذا سرطان, قال له: طالب طب يعرفه, طالب طب صف ثالث, قال لي: الزوج فجأة تذلل على الأرض, ودعا, قال له: يا رب, إذا كنت موجوداً تنتقم منه -ربط الانتقام منه بوجود الله-.
 قال لي: بعد ستة أيام ماتت المرأة, أنا الموضوع نسيته, بعد أحد عشر شهراً, جاءه شاب أنيق, قال لي: جلس مكان زوج المريضة على المقعد, وجلس متهالكاً, قال له: خير؟ قال له: أنا زميلك, الاسم الكريم؟ قال له: فلان, نفسه, سرطان في الصدر, قال لي: والله يا أستاذ, والله بحسب خبرتي, عمر السرطان أحد عشر شهراً, من وقت ما تذلل الزوج, قال له: يا رب, إذا كنت موجوداً انتقم منه.
 هذا لو كان الطبيب, يعلم علم اليقين: ما فعلها, قال له: أخي مع زوجتك مرض خبيث, اذهب إلى طبيب أشعة, أنا انتهت عندي؛ لكن ما كان يعلم علم اليقين, ظن نفسه ذكياً, يعمل المريض بقرة حلوب:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

ما فحوى هذه النقطة؟ :

 هل يجرؤ سمان عنده تنكة زيت بلدي, وقعت فيها فأرة يبيعها؟ لو كان يعلم علم اليقين: لا يجرؤ أن يبيعها, يستخدمها للصابون, أما للبيع مستحيل, يخاف من الله, أما إذا لا يوجد عنده علم يقيني, يقول لك: لا تدقق, من يراك؟ قل: الله ولا تخاف, هكذا, هذه اسمها تلبسة, يبيعها, يأتي ربنا يبعث له موظف تموين, بركه شهرين سجن, والله لست فاعلاً شيئاً, وتنكة الزيت!؟ كيف لست فاعلاً شيئاً!؟:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 أخواننا الكرام, شيء مخيف, ربنا عدل, عدله مطلق؛ كلما ازددت علماً به, ازددت طاعة له, وازددت خوفاً منه, سلامة الإنسان ......

ما رأيك؟ :

 زرت شخصاً, قال لي: أنا عمري ست وتسعون سنة, التحليل مئة في المئة, صحيح, كله طبيعي, قال لي: ما تناولت قرشاً حراماً في حياتي, ولست فاعلاً حراماً في حياتي, الحرام لا يعلمه:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 هذا دين, إله؛ مطلع عليك, على نواياك, على البواعث النفسية, على الأهداف, على السلوك, كله الله مطلع عليه, أنت مكشوف عنده:

﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾

[سورة الحاقة الآية:18]

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾

[سورة الأنفال الآية:24]

 علم ما كان, وعلم ما يكون, وعلم ما سيكون, وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.

قف عند هذه المحطة :

 أيها الأخوة الكرام, ولا أبالغ: أكثر مشكلات الناس ناتجة عن ضعف اليقين, ليس متأكداً , لا يخاف.
 يعني تصور إنساناً على كتفه عقرب, قلنا له: يوجد على كتفك عقرب, بقي هادئاً, مرتاحاً, ابتسامة على شفتيه, قال لك: والله أنا شاكر لهذه الملاحظة, وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يمكنني من أن أكافئك عليها, أرأيت ماذا قلت له؟ ما دام بقي هادئاً, وأعطاك كلاماً معسولاً, ما سمع ماذا قلت له, لو سمع ماذا قلت له, لخرج من جلده خوفاً, لكن لم ينتبه.
 الله عز وجل قال:

﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾

[سورة فاطر الآية: 22]

﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:21]

﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:22]

﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾

[سورة الأحزاب الآية:22]

هكذا قال هذا الشخص :

 أخ من أخواننا, اشترى سيارة, لكن فخمة جداً, يابانية من أحدث موديل, بيضة, بثلاثة ونصف, من خوفه عليها تأمين كامل, سألني, قلت له: التأمين كامل حرام, أما الإجباري ضريبة, هذا ليس ..... له ثقة بي, رفع التأمين, بعد ثلاثة أيام حادث, كلفه مئة وثمانون ألفاً, أنا شعرت بالحرج, قال لي: أستاذ, كنا ما رفعنا التأمين, ما صار معنا هكذا, سألناك: حرام؟ قلت لنا: التأمين, تفضل ..... ماذا أريد أن أقول له؟ -طبيب, والله طبيب أسنان, لكن لامع جداً- قلت له: والله هذا الشرع, والله لن يضيعك, صلحها, وباعها, كره السيارة, باعها بوقت كان أسعارها في صعود, باعها بمليون وأربعمئة ألف, بعد أربعة أشهر, السوق كر للمليون ونيف, مليون إلا, ربح أربعمئة ألف, اشترى بيتاً بدمر, باعه, ربح أربعمئة ألف.
 قال لي: والله -يا أستاذ- بفضل الفتوى, ربحنا ثمانمئة ألف, أولها صعب, رفعنا التأمين مئة وثمانين ألفاً, قال لي: ثمانمئة ألف جاءني لما ضربت, وبعتها بسعر غال, وأخذت بيتاً وبعته بسعر غال:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

قصة زائر من السعودية :

 زارني رجل, يعني استأجر بيتاً جانب الجامع, سعودي, يعني حضر درس الجمعة, ودرس السبت, ودرس الأحد, ودرس الاثنين, والخطبة, والفجر, والظهر, أحب الدروس جداً, لزمها جميعها, والله أنا أحببت ..... تعال زورنا, زارني, ماذا تعمل –حضرتك- في السعودية؟ قال لي: عندي ستون سيارة, مئة وعشرون؛ ستون مارسيدس, وستون ليموزين للتأجير, قلت له: مؤمن عليهم؟ قال: لا والله, قال لي: والله ثماني سنوات ولا حادث, أيقن بحفظ الله: أنا أؤدي الزكاة, وأستقيم على أمر الله.

ما سبب مشكلاتنا؟ :

 في أخ كان يؤمن بأن لا إله, ليس لا إله إلا الله, لا إله فقط, وقف, لا يكمل, لا إله, يعني ملحد, أحد أخوانه التزم في الجامع, -والأخ الذي يلتزم في الجامع, ويستقيم في الجامع, ويتمنى الهداية لأصدقائه القدامى, أنا أقدسه, أكثرهم ملحدين-.
 فهذا ...... النتيجة استجاب بعد جلسات طويلة جداً, استجاب, وصلى, أما مؤمن على السيارة تأمين كامل, قال لي: والله تأمين كامل, وأدفع كل سنة أربعين, خمسين زيادة, خلافي مع شركة التأمين, قال له: ارفع التأمين الاختياري, وابق على الإجباري, فطبقها, مضى سنة, اثنا عشر شهراً لا يوجد فيها ولا عيب, عمل لنا عشاء على نية ......
 قال لي: غير معقول! كل عمري أؤمن تأميناً كاملاً, وأدفع فوقه أربعين, خمسين ألف, السنة ولا حادث, أنت تعامل الله عز وجل, تعامل خالق الكون:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

 ضعف اليقين يا أيها الأخوة, ضعف اليقين وراء كل مشكلاتنا.
 أنت لاحظ نفسك في أمور الدنيا .......

الدين استقامة :

 مرة من باب الطرفة يعني .......
 قديماً كان في أزمات تموينية, من حوالي عشر سنوات, -الله أكرمنا الآن, كل شيء مؤمن- والإنسان موظف, دخل إلى بيته الساعة الثالثة, من تعبه ميت, خلع, ولبس بجامته, وجلس, فقال له ابنه خمس كلمات, لبس, وخرج من البيت, قال له: المؤسسة الآن جاءها زيت بلدي, والتنكة ثمنها ثمانمئة, في الخارج ثمنها ألف وثمانمئة, وأنت قابض معاشك, ولا يوجد عندنا زيت, ولا يوجد ازدحام, انظر كم شرط؟ لا يوجد ازدحام, والوجبة الآن جاءت, وتوفر ألف ليرة, ونحن لا يوجد عندنا زيت, وقابض معاشك الآن, يسرع, يصعد يجلب الأموال ويرجع, هذا اليقين, في توفير ألف بهذه العملية, وجانب البيت المؤسسة, ولا يوجد عندهم زيت, ومعه ثمن التنكة, وتوفير ألف, ولا يوجد ازدحام, والوجبة الآن جاءت, يأتي بها رأساً, هو دخل باليقين, ادخل باليقين وانظر, لا تنام الليل, لا تأكل قرشاً حراماً.
 يلف محركات, أما محرك محروق, شرط خمسة آلاف, فتحه, وجده محروقاً, في إطار خارجي مقطوع, لحمه خمس دقائق بالكاوي, بعد جمعة: يا ولد شغل, شغل, خمسة آلاف أخذهم, عرف الله, علم علم اليقين, جاءته حالة مشابهة, فتحه, ليس محروقاً, لحمه بالكاوي, جاء صاحبه, قال له: خمس وعشرون ليرة, قال له: عجيب!! قلت: خمسة آلاف! ما فيه شيء.
 قبل أن يعلم علم اليقين: أكل المال الحرام, بعد أن علم علم اليقين .....
 هذا الدين أخواننا, الدين لا يحتاج لعياً كثيراً, لا يحتاج إلى –هكذا- تشعيبات, وخلافيات, الدين استقامة.

هذا هو الدين :

 قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها, قال له: ليست لي, قال له: قل لصاحبها: ماتت أو أكلها الذئب, قال له: ليست لي, قال له: خذ ثمنها, قال له: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها, ولو قلت لصاحبها: إنها ماتت, أو أكلها الذئب لصدقني, فإني عنده صادق أمين؛ ولكن أين الله؟.
 هذه لا يوجد لها حل, هذا الدين, الدين: أن تقول: أين الله؟ فقط.

إن الله يدافع عن الذين آمنوا :

 أخ كريم من أخوانكم -يمكن الآن حاضر معنا- قال لي: عندي موظف من خمس وعشرين سنة, أمين, قال لي: من يومين, أحسب الصندوق, ينقص خمسمئة ليرة: يا فلان في نقص خمسمئة ليرة, قال لي: انقلب وجهه مثل التوت, قال لي: والله لا أعرف, لعل شخص طلب أصرف له خمسمئة, أخذتهم من الصندوق, وضعت خمسمئة في جيبي, لعل هكذا, قال لي: أخذتها, وضعتها .... بعد ربع ساعة, زبائن لبنانية أتوا, اشتروا من عنده, أخذوا خمسمئة ثانية.
 الله دافع عنه بعد ربع ساعة, لأنه أمين, هو أمين, لا يأكل شيئاً ليس له:

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾

[سورة التكاثر الآية:5]

﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾

[سورة التكاثر الآية:6]

دعوة رجاء :

 أنا أرجو الله سبحانه وتعالى: أن نصل إلى اليقين, باليقين: مثل إذا إنسان مستورد, والبيان الجمركي نسخة منه للمالية, يخفي البيان في حسابات المالية, وإلا تهدر كل حساباته, هذا العمل لا يوجد معه لعبة, يفرض عليه ضرائب كبيرة, لأنه موقن البيان نسخة منه للمالية, يكتب الحسابات.
 هذا الموضوع: أن تعلم علم اليقين؛ إن علمت علم اليقين, استقمت على أمر الله عز وجل, فإذا استقمت نجوت, وهذا كل الدين أساساً.

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور