وضع داكن
08-05-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 077 - الإحسان - الرحمة التي خصها النبي في ذبح الذبيحة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

أنت أيها الإنسان حسنة من حسنات الله, أنت مظهر إحسان الله لك :

 أيها الأخوة الكرام, في صحيح مسلم, عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

((إِنَّ الله كتبَ الإِحسانَ على كل شيء؛ فإِذا قَتَلتم فأَحسِنوا القِتْلة، وإِذا ذَبَحْتُم فأحسنوا الذَّبحَ، وليُحِدَّ أحدُكم شَفرتَه، وليُرِحْ ذَبيحتَهُ))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود والترمذي والنسائي في سننهم]

 يعني: يمكن أن يُوصف عمل الإنسان كله, في كل حياته, بكلمة واحدة: الإحسان؛ إذا كان زوجاً محسن, إذا كان أباً محسن, إذا قاض محسن, تاجر محسن, طبيب محسن, سافر في نزهة محسن, صار عنده تعزية محسن.

((إن الله كتب الإحسان على كل شيء))

 وأنت -أيها الإنسان-: حسنة من حسنات الله, أنت مظهر إحسان الله لك.

ما هو رد فعلك لخالقك الذي أحسن إليك؟ :

 الله عز وجل قال:

﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾

[سورة القصص الآية:77]

 تعريفك, وجودك, إحسان من الله. الله جل جلاله منحك نعمة الوجود, لك وجود, ومنحك نعمة الإمداد, أمدك بالهواء, بالماء, لو الهواء احتاج فواتير, عمل عظيم جداً, قطعوا الماء, هل تستطيع العيش بدون ماء؟ قطعوا الهواء, يموت رأساً الإنسان, الهواء في كل مكان, وبلا مقابل, في كل مكان؛ أمدك, تكرم عليك بالوجود, وبالإمداد, ثم هداك إليه, فأنت مظهر لإحسان الله, رد فعلك الإحسان.

ما أبعاد هذه الآية؟ :

 أخواننا الكرام, آية كريمة: أناس كثيرون لا يقف عند أبعادها, قال تعالى:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 حسناً: لم لم يقل: إن شكرتم وصبرتم, إن شكرتم وأحسنتم؟ لم قال:

﴿إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 لأن الكون مسخر لك تسخيرين؛ تسخير تعريف, تسخير تكريم.
 لو جاءتك هدية, يعني جهاز هاتف, مستواه عال جداً, له خدمات كبيرة, قُدم لك هدية من مخترعه, رد فعلك ما هذا؟.
 أولاً: قدم لك هدية, أنت ممتن, ثم قدم لك في أعلى مستوى, أنت معجب, فإذا قدمت لك هدية ثمينة جداً, ومعقدة جداً, وتُقدم خدمات عالية جداً, رد فعلك حيال هذه الهدية: الامتنان والإكبار. حسناً كل هذا الكون: مسخر لك, وأنت لا تدري.

ذلكم الله رب العالمين :

 البارحة, بدرس من دروس الموضوعات العلمية, في الأنف, في قرن الأنف: يوجد عشرون مليون عصب, كل عصب له سبعة أهداب, كل هدب مغطى بمادة مخاطية, لزجة, مذيبة, تأتي الرائحة, تتفاعل الرائحة مع المادة المخاطية, المذيبة, يتشكل شكل, رائحة الياسمين مفتاح, رائحة الورد مستطيل, هذا الشكل: حينما يتشكل, طبعاً: تتفاعل الرائحة مع المادة المخاطية, المذيبة, تفاعلاً كيماوياً, يتشكل شكل, الشكل يُرسل برسالة كهربائية للدماغ, بالدماغ: يوجد عشرة آلاف ذاكرة شمية, ماذا يفعل الدماغ؟.
 يمرر هذا الشكل المفتاح على عشرة آلاف ذاكرة شمية, تتطابق الياسمين وأنت لا تدري.
 عشرون مليون عصب شمي, كل عصب ينتهي بسبعة أهداب, كل هدب مغطى بمادة مخاطية, لزجة, مذيبة, الرائحة تتفاعل مع المادة المخاطية, اللزجة, المذيبة, يتشكل من تفاعلها الكيماوي شكلاً هندسياً؛ بين منحن, بين مستطيل, بين مربع, بين شكل مفتاح, هذا الشكل: يُرسل بإشارة كهربائية إلى الدماغ, مركز الشم في الدماغ: يتسع لعشرة آلاف رائحة, حتى تعرف ما الرائحة؟.
 أحياناً: يعطونك عطراً, تقول: هذا أراميس مثلاً, هذا ورد, كيف عرفت؟ الشكل الهندسي: مُرِّر على عشرة آلاف, بلمح البصر.
 ذلكم الله رب العالمين.

أنت أيها الإنسان مكرم عند ربك :

 أيها الأخوة, النقطة الدقيقة: أنك أنت مكرم:

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾

[سورة التين الآية:4]

 الآن: هذه المثانة, لو لم يوجد فيها عضلات, كيف يريد السائل الموجود في داخلها أن ينزل؟ لا بد من تنفيس, تريد بوري, أما بالعضلات: هذه تضغط, تفرغ محتواها بأقصى الوقت, لأن الوقت ثمين.

انظر إلى هذه الحكمة الربانية في الإنسان :

 الله عز وجل لم يضع أعصاب حس في الشعر, لو وضع أعصاب حس في الشعر, ذهبت إلى الشامي, تعمل عملية حلاقة, تريد تخديراً كاملاً, وإذا لم تعمل ....., سوف تصبح كالوحش.
 ربنا عز وجل لحكمة بالغة: شعرنا في أعصاب حس, تقصه عند الحلاق وأنت مرتاح, والأظافر لا يوجد فيها أعصاب حس, مع أن في رأس الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة, في كل شعرة وريد, وشريان, وعصب, -عصب محرك, ليس حسياً-, وعصب, وعضلة, وغدة دهنية, وغدة صبغية, في كل شعرة:

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾

[سورة التين الآية:4]

هذه قصة وقوفك على قدميك والسير بهما كيفما تشاء :

 يضعون في المحلات مجسماً, محلات الألبسة, انظر إلى القاعدة: عرضها ثمانون سانتي, حتى يقف, حسناً: أنت واقف على رجل صغيرة, لطيفة, كيف تقف؟ لا تستطيع أن تضع تمثالاً لإنسان على قاعدة صغيرة, يقع.
 قال: لأن في الأذن الداخلية في ثلاث قنوات هكذا, كل قناة ليس الستائر, القسم العلوي في أشعار, لما تميل, السائل يكون أفقياً, يمس الأشعار, تعمل هكذا ........
 لولا مركز التوازن بالأذن, لا يوجد إنسان يمشي على رجليه إطلاقاً, ولا يوجد إنسان يركب دراجة, هذا التوازن من نعم الله الكبرى, فالتوازن دقيق.
 تمشي في الطريق, سمعت صوت سيارة, تأتي على اليمين, ما معنى على اليمين؟ يعني الصوت وصل إلى الأذنين, بفارق واحد على ألف وستمئة وعشرين جزء من الثانية, يرفع الصوت ثلاثمئة وثلاثين متراً بالثانية, فالمسافة بين الأذنين: يصل الصوت إلى هنا قبل هنا, إذا السيارة من هذه الجهة, يصل إلى هنا قبل هنا, واحد على ألف وستمئة وعشرين من الثانية.
 قال: بالدماغ في جهاز, يحسب تفاضل الصوتين, ويعرف جهة السيارة, يعطي أمر للجهة المقابلة, لولا يوجد هذا الجهاز, يسمع الإنسان بوق مركبة, يأتي لأمامها يموت.
 والله مرة: قادم من حمص, يعني راكب سيارتي, وجدت قطيع غنم, أطلقت البوق, ذهبوا إلى اليسار, قلت: ليس الجهاز عندنا موجود فقط, عند الغنم موجود الجهاز, يعرف الحيوان جهة الصوت عن طريق الأذنين.

ماذا عن العين؟ :

 قال تعالى:

﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾

[سورة البلد الآية:8]

 العين فيها لوحدها عشر طبقات في الشبكية, وفيها مئة وثلاثون مليون عصية ومخروط.

ما رد فعل التعريف, وما رد فعل التكريم, ومتى يتوقف العلاج الإلهي للإنسان؟ :

 أيها الأخوة, فأنت حسنة من حسنات الله, هذا الكون مسخر لك تسخير تعريف, أنت من خلال الكون تعرف الله, ومسخر لك تسخير تكريم, ما رد فعل التعريف؟ الإيمان, ما رد فعل التكريم؟ الامتنان؛ فإذا آمنت وامتننت, إذا آمنت وشكرت, حققت المراد من وجودك, لماذا العلاج يتوقف؟ الآية دقيقة:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً﴾

[سورة النساء الآية:147]

﴿إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 لذلك: الإنسان حينما يؤمن ويشكر, يتوقف كل أنواع التأديب, لأنه حقق المراد من وجوده:

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾

[سورة التين الآية:4]

ما هي البروستات عند الإنسان؟ :

 في بروستات, تسمعون عنها كثيراً, ما هي البروستات؟ هي مثل شرط السير, واقفة عند مفترق طريقين؛ طريق الخصيتين, وطريق البول, يجتمعان في المستقيم, هو البروستات, الآن: يدر فيه البول, البول مادة حامضية, مخرشة, تفرز البروستات مادة قلوية معدلة, ليبقى مجرى البول سليماً.
 الآن: ماء الحياة يريد أن يخرج من الخصيتين, الطريق فيه بول, تفرز البروستات مادة مطهرة, ومادة معطرة, ومادة مغذية, وتفتح طريقاً, وتغلق طريقاً, خمساً وثمانين سنة, لا تكل ولا تمل, هذه البروستات, شيء خطير جداً.

من آيات الله الدالة على عظمته :

 البلعوم: أنت نائم, مرتاح, اللعاب كثر في فمك, إذا كثر اللعاب, تذهب إشارة إلى الدماغ وأنت لا تدري, الدماغ يعطي أمراً للسان المزمار, يغلق طريق الرئتين, يفتح طريق المري, تبلع ريقك وأنت نائم, أنت هل تعلم أنك بلعت ريقك, من فوق الخمسمئة مرة في الليلة؟ ليس عندك علم, بالتعبير الآلي: فل أوتوماتيك كامل, تنام مرتاحاً. في نقطة أهم:
 الآن: إذا إنسان -لا سمح الله- صار معه ثبات, فوراً يريد فرشة ثمنها ألوف, هزازة, وإلا يتفسخ لحمه, كل إنسان مصاب بالثبات, عدم الحركة, خلال أيام يتفسخ لحمه. الله عز وجل قال ..... قبل:
 الإنسان نائم على الفرشة, له هيكل عظمي, وفوق الهيكل العظمي عضلات, الهيكل العظمي + العضلات التي على فوقه, تضغط على العضلات التي تحته, اللحم يهرس, لما اللحم ينضغط, الأوعية تضيق لمعتها, تنمل الرجل, التنميل والخضران, يعني التروية ضعيفة, فصار في انضغاط.
 يوجد في العضلات مراكز الضغط, هذه المراكز حينما تُضغط الأوعية, تُعطي إشارة للدماغ, الدماغ يعطي الأمر, يقلب النائم, أنت نائم, ومستغرق في النوم, تقلب بعد ربع ساعة, انضغط القسم الثاني, يأتي أمر من الدماغ, تقلب قلبة ثانية, لكن القلبات عكس بعضهم, لو كان مع بعضهم, تقع من السرير. قال:

﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

[سورة الكهف الآية:18]

 لولا التقليب, الإنسان يتفسخ, تصوروا إنساناً نائماً, يتقلب في الليلة من ثمان وثلاثين لأربعين قلبة!!:

﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾

[سورة الكهف الآية:18]

 هذه من آيات الله الدالة على عظمته.
 لذلك: هذا الكون مسخر تسخير تكريم, ومسخر تسخير تعريف؛ فينبغي أن تعرف الله من خلال الكون, وينبغي أن تشكره وتحبه من خلال هذا الكون, فإذا كان رد فعلك الإيمان والشكر, حققت الهدف من وجودك.

إليك هذا المثال لتوضيح معنى هذه الآية :

 قال تعالى:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 أنت أب, عندك ابن, جلاؤه كله جيدات, وثناءات, وأحسنت يا شاطر, أتمنى لك النجاح, وجائزة, وتقدير, ومرحى, وهدايا, تضربه كف لابنك؛ لأنه ناجح, لأنه أديب, لأنه نظيف, لأنه مرتب؟ مستحيل. انظر الآية ما أجملها:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

 يعني: أنا -يا عبادي- أنتظر منكم: أن تؤمنوا بي وتشكروني, فإن فعلتم, أوقفت كل المعالجات.
 إذا شخص منا, يحب الله, يرفع عنه كل الضيق, وكل التعب, وكل الهم, وكل الحزن, يؤمن ويشكر, إذا فعل هذا, حقق المراد من وجوده:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾

[سورة النساء الآية:147]

ما محور هذه الآية؟ :

 أيها الأخوة, بل إن هناك آية, تملأ القلب طمأنينة:

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾

[سورة المائدة الآية:18]

 حسناً: إذا قال المسلمون, على شاكلة هؤلاء: نحن مسلمون يا أخي, نحن أبناء أمة محمد, شيء جميل والله, حسناً:

﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾

[سورة المائدة الآية:18]

 لماذا الله ينزل عقوباته علينا؟ لماذا؟ معناها: عندنا أخطاء.
 حسناً: لو أن الله أقرنا: على أننا أحبابه, لما عذبنا.
 الإمام الشافعي يقول: إن الله لا يُعذب أحبابه.
 إذا أنت محب له, مطيع, لا يعذبك.

ما مغزى هذا الحوار الذي دار بين النبي وبين معاذ بن جبل؟ :

 سيدنا معاذ: ركب خلف النبي -هذا حديث مطمئن- قال له:

((يا معاذ, ما حق الله على عباده؟ قال: الله ورسوله أعلم, سأله مرة ثانية: يا معاذ, ما حق الله على عباده؟ قال: الله ورسوله أعلم, سأله الثالثة, فأجابه النبي, قال له: حق الله على عباده: أن يعبدوه –نطيعه, هذا حق-.
فلما أجاب هذه الإجابة, سأله سؤالاً ثانياً, قال له: يا معاذ, ما حق العباد على الله, إذا هم عبدوه؟ قال: الله ورسوله أعلم, سأله الثانية, الثالثة, قال له: ألا يعذبهم))

 فالله عز وجل: أنشأ لنا حق عليه, يمكن أن نطالبه به, إذا عبدته لا يعذبك:

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾

[سورة الشورى الآية:30]

((لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم, وقفوا على صعيد واحد, وسألني كل واحد منكم مسألته, ما نقص ذلك في ملكي, إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في مياه البحر؛ ذلك لأن عطائي كلام, وأخذي كلام -دققوا الآن- فمن وجد خيراً فليحمد الله, ومن وجد غير ذلك, فلا يلومن إلا نفسه))

دعاء الختام :

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور