وضع داكن
24-04-2024
Logo
دروس جامع الأحمدي - الدرس : 062 - أدعية مأثورة - الفرق بين الخليل الماكر وبين المؤمن الصاحب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

 

قارن بين المؤمن وبين الخليل الماكر :

 أيها الأخوة الكرام, من أدعية النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذه الأدعية تنطوي على حقائق دقيقة جداً.
 يقول عليه الصلاة والسلام, في بعض أدعيته:

 

((اللهم إني أعوذ بك من خليل ماكر, عيناه ترياني, وقلبه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها, وإن رأى سيئة أذاعها))

 إن أصعب الأمور على النفس الإنسانية: أن يعيش مع عدو, ما من صداقته ود, ومن نكد الدنيا على الحر: أن يرى عدواً له, ما من صداقته ضد؛ إن كان إماماً, إن أحسنت لم يقبل, وإن أسأت لم يغفر, وإن كان صديقاً: إن رأى حسنة دفنها, وإن رأى سيئة أذاعها.
 المؤمن عكس ذلك, إن رأى حسنة أشاعها, وإن رأى سيئة غفرها؛ لا بد من أن يكون بين المؤمن وغير المؤمن مسافة كبيرة جداً, لا بد من أن يكون المؤمن صارخاً في أخلاقه, المؤمن ستير؛ إن رأى حسنة شاعها, ما شجع صاحبها, أثنى عليه, قدره, وإن رأى سيئة التمس له العذر, وغفرها, ولم يذكرها.

 

ما موقفك من ذنب فعله صديقك؟ :

 وقد ذكرت لكم من قبل: أن الذنب شؤم على غير صاحبه.
 لو أن صديقاً لك, ارتكب ذنباً ما, موقفك من هذا الذنب: إن ذكرته فقد اغتبته, وإن عيرته فقد ابتليت به, وإن أقررته على ذنبه فقد شاركته بالإثم.
 فقبل أن تذكر ذنب صديقك.
 إن عيرته ابتليت به, وإن ذكرته فقد اغتبته, وإن أقررته عليه شاركته بالإثم.
 هذا الذي لم يقترف الذنب, صديق صاحب الذنب, فكيف بصاحب الذنب؟.
 فلذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-:

 

((يستعيذ من صديق؛ إن رأى حسنة دفنها, وإن رأى سيئة أذاعها, ويعوذ من إمام سوء, إن أحسنت لم يقبل, وإن أسأت لم يغفر))

 هذا هو اللؤم بطبعه.

 

إليك الغنى الحقيقي :

 

((اللهم أغنن بالعلم, وزين بالحلم, وأكرمن بالتقوى, وجملن بالعافية))

 أيها الأخوة, الغنى غنى العلم, السبب: لأن العلم ينتج عنه عمل صحيح, والعمل الصحيح ثمن الجنة؛ لا عملاً صالحاً من دون علم, ولا جنة من دون عمل صالح, فالعلم مفتاح الجنة؛ لذلك: الغنى غنى العلم, لا غنى المال, السبب:
 أن العلم يحرسك, وأنت -أيها الإنسان- تحرس المال, والمال تُنقصه النفقة, والعلم يزكو على الإنفاق.

 

الحلم زينة الإنسان :

 

((اللهم أغنن بالعلم, وزين بالحلم:

 -الإنسان مكانته في حلمه, مكانته في هدوءه, مكانته في سمته الحسن.
 الآن في بيته: إذا كان صياحاً, صخاباً؛ يسب, ويلعن, ويشتم, ويبطش, فقد مكانته بين أهله, في عمله, إن كان بذيء اللسان, سريع الغضب, فقد مكانته في عمله, الحلم سيد الأخلاق.
 وكاد الحليم أن يكون نبياً.
 فالإنسان زينته بالحلم, والعنف لا يلد إلا العنف, في أي مجال؛ إن كنت عنيفاً, لاقيت عنفاً مقابلاً له.
 لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:

((اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعطي على مَا سِواهُ))

[أخرجه مسلم في الصحيح, وأبو داود في سننه]

 من صفات المؤمن الرفق.

 

((علموا ولا تعنفوا, فإن المعلم خير من المعنف))

 فالحلم زينة الإنسان.

 

 

من أحلم العرب الأحنف بن قيس :

 يقولون: من أحلم العرب الأحنف بن قيس.
 قال: كان قصير القامة, أسمر اللون, غائر العينين, ناتىء الوجنتين, أحنف الرجل, ضيق المنكبين, ما من صفة في الدمامة إلا وفيه, وكان مع ذلك سيد قومه؛ إذا غضب, غضب لغضبته مئة ألف سيف, لا يسألونه فيما غضب, وكان إذا علم: أن الماء يفسد مروءته ما شربه, كان حلمه إلى غير حدود.
 فالإنسان يستنبط مكانته من حلمه؛ في بيته, وفي عمله, والحليم محترم, والحليم مبجل, والحليم مهيوب, بينما الصخاب: هناك من يحاكيه, ومن يقلده.
 فالنبي -عليه الصلاة والسلام-: يعد الحلم ديناً.

 

 

من علا صياحه في البيت تجرح عدالته :

 أيها الأخوة, من علا صياحه في البيت, يجرح عدالته, من علا صياحه في بيت, في بيت هادىء, كأنه لا يوجد أحد؛ الأب متوازن, الزوجة صالحة, الأولاد نشؤوا على هذا الهدوء, في بيوت صاخبة, الجيران يعلمون كل أحوالهم؛ من صياحهم, وضجيجهم, وخصوماتهم, وسبابهم, وضربهم, وشتمهم.
 من علا صياحه في البيت, تُجرح عدالته-.

 

 

ما معنى كظم الغيظ؟ :

 وأكرمن بالتقوى: -قال:

 

﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:134]

 ثلاث درجات؛ كظم الغيظ أولاً: من الداخل مرجل, لكن ضبط أعصابه, هذا كظم الغيظ, والعفو راحة من الداخل, أما الإحسان: أن تقابل الإساءة بالإحسان, هذه أخلاق الصديقين:

﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾

[سورة فصلت الآية:34]

 وأكرمن بالتقوى: -بطاعة الله عز وجل.
 الغنى غنى العلم, والكرامة بطاعة الله, والزينة الحلم.

 

يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

 

((وجملني بالعافية))

 ما هي العافية؟ :

 

آخر شيء-: وجملن بالعافية))

 

: ما هي العافية؟.
 والله -أيها الأخوة- أقول لكم من أعماق أعماقي: إذا أحدكم استيقظ صباحاً معافى, يجب أن يسجد لله عز وجل على هذه النعمة, يعني أي اتجاه نحو المستشفى, الليلة بمئة ألف, ثلاث ليال بثلاثمئة ألف, أي سفرة لأوروبا بمليون, والنتائج غير مضمونة؛ وساعة مرنان, وساعة إيكو, وساعة تصوير طبقي محوري, وساعة دسام, ويوجد دسام أميركي بخمسة وستين ألفاً, ويوجد دسام صيني؛ يا ترى في الأردن, لما في أوروبا, لما في بيروت, لما في الشام, يدخل الإنسان بمتاهة كبيرة جداً.
 لذلك: الإنسان إذا أسرع إلى الله عز وجل, وفر إليه, كفاه الله هموم الدنيا.
 اعمل لوجه واحد, يكفك الهموم كلها.
 أنا هذا الدعاء, أدعوه دائماً:

((أغننا بالعلم, وزينا بالحلم, وأكرمنا بالتقوى, وجملنا بالعافية))

((اللهم ارزقنا العفو والعافية, والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة))

أتريد أن تعرف نعمة الصحة إليك؟ بيان ذلك :

 لنا قريبة, أصيبت بورم خبيث في مستقيمها, فاستُؤصل, الخروج من جنبها, الخروج ليس بإرادتها, لا يوجد إرادة, في كيس, ثمن الكيس ثلاثمئة ليرة, تحتاج كل يوم كيساً, جالسة, يخرج الغائط باختياره, لم يعد لك علاقة فيه إطلاقاً, والمشكلة: أحياناً يمتلىء الكيس غازات, إن ثقبته, تحافظ عليه, البيت كله ملىء برائحة كريهة, وإذا كان بدلته بثلاثمئة ليرة. فالذي مستقيمه جيد, أليست هذه نعمة؟.
 إنسان انشل مستقيمه, انشل, يعطي شخصاً عشرة آلاف ليرة, ليزيل الأقذار ببعض الأدوات البلاستيكية بيده, انشل المستقيم, القذر يبقى في الأمعاء, لا يخرج.
 يعني: أنا مستعد الآن: عدد لكم مئة مرض, كل مرض يجعل حياة الإنسان جحيماً, ويتمنى أقرب الناس إليك أن يموت, أقرب الناس إليه؛ أولاده, زوجته.
 فإذا إنسان, منحك الله نعمة الصحة, شيء لا يقدر بثمن, حافظ عليها؛ حافظ عليها بطاعة الله, حافظ عليها بتقوى الله, حافظ عليها بخدمة الخلق.

 

من عاش تقياً عاش قوياً :

 والله زرت شخصاً في العيد, والد صديقي, ولطيف, عمره ست وتسعون سنة, قال لي: والله عملنا تحليلاً من يومين, الحمد لله, لا يوجد شيء, كله طبيعي.
 ركبت سيارة من يومين, وعالم بسيارة ثانية, أنا في ذهني: عمره خمس وسبعون سنة, قال لي: مئة وأربعة, ما شاء الله!.
 من عاش تقياً, عاش قوياً.
 يعني: هذه الصحة بعد الهدى, رقم اثنان, بعد الهدى الصحة, والصحة ثمنها الطاعة, أساساً: الطاعة تعمل اعتدالاً, الطاعة لله فيها اعتدال لكل شيء, لا يوجد فيها شدة نفسية, والشدة النفسية سبب كل مرض.

 

 

من نتائج الشرك بالله :

 أيها الأخوة, الشرك من نتائجه الخوف, والخوف يضعف جهاز المناعة.
 جهاز المناعة: من أعجب الأجهزة, أخطر جهاز في الإنسان, هو الجيش الخاص بالإنسان, جيش بكل معنى الكلمة؛ كريات حمراء, كريات بيضاء مستطلعة, كريات بيضاء مصنعة للمصل, كريات بيضاء مقاتلة, كريات بيضاء منظفة, سريعة الخدمات, وقيادة, وأرشيف, يدخل جرثوم, تأتي الخلايا المستطلعة, تفك الشيفرة, تأخذها, تبلغها لعقد اللمف, حيث كريات التصنيف, تفك الشيفرة الخاص بالجرثوم, تصنع مصلاً مضاداً, تأتي الخلايا المقاتلة, تحمل السلاح, تقاتل الجرثوم؛ هذا الجهاز يقويه الحب والطمأنينة والأمن, ويضعفه الخوف والحقد والقلق.
 فلذلك: الإيمان يقوي هذا الجهاز, وإذا قوي هذا الجهاز, قضى على كل الأمراض.
 إذاً:

 

((أغنن بالعلم, وزين بالحلم, وأكرمن بالتقوى, وجملن بالعافية))

دعاء الصالحين من عباد الله :

((اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي, واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي, واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك, وإذا أقررت أهل الدنيا من دنياهم, فأقرر عيني من عبادتك))

 أهل الدنيا عندهم ممتلكات, يقول لك: آخذ البيت بثمانية وعشرين ألفاً, اليوم ثمنه ثلاثون مليوناً, يعطيها نغمة أيضاً, تقر عينه بسعر هذا البيت, آخذ أرض, تضاعفت مئة ضعف, عندي محل في شارع الحمراء, المتر بمليون ليرة؛ تقر عينه بممتلكاته, بمركزه, بوكالته, بعمله التجاري, ببيته الفخم, له إطلالة جميلة جداً.
 قال له: يا ربي, كما أقررت أعين أهل الدنيا بدنياهم, فأقرر أعيننا من رضوانك.
 المؤمن تقر عينه بطاعة الله, تقر عينه بالعمل الصالح, تقر عينه بفهم كتاب الله, تقر عينه بخدمة الخلق, لأن هذه هي ذخيرة الآخرة.

 

ما النتيجة التي نستنتجها من حياة هذين الشخصين؟ :

 أخواننا الكرام, الفقر الحقيقي: فقر العمل الصالح, إنسان يعيش لنفسه.
 ذكرت البارحة في الدرس: أن الذي يعيش لنفسه هو مرتاح, لكنه عند الله صغير, أما الذي يعيش لغيره متعب, لكنه عند الله كبير, عند الله كبير؛ فحينما تعيش للآخرين, أنت أسعد الآخرين, أسعدهم أنت, وحينما تعيش لنفسك, تفقد طعم الحياة الدنيا, طعم الحياة الدنيا بخدمة الخلق, لأنك إن خدمت الخلق, كنت قريباً من الخلق:

 

﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:56]

شخص حل مشكلة مسجد :

 في إنسان عنده معمل أنابيب حديدية, والله نحن في جامع النابلسي, نريد أن نمدد تدفئة مركزية, فنحتاج إلى نصف مليون ليرة, ثمن أنابيب للحرم, فإذا كل إنسان ......
 قال لي فلان: صاحب المعمل, يعني يوجد في قلبه رحمة, لو ذهبت معنا, ربما أعطاك حسماً عشرة بالمئة, خمسون ألفاً, نحن بأمس الحاجة إلى ..... لا يوجد.
 والله بادرت إلى الذهاب معهم, دخلت عليه, وبينت له: أن هذا الجامع, نريد أن ننشىء فيه تدفئة مركزية, ونحن بحاجة إلى هذه الفاتورة, فنظر إلى الفاتورة.
 قلت: نطمع أن تحسب لنا مبلغاً من المال, يعني ننتفع في شأن آخر, قال: لا, كل هذه الفاتورة هدية مني, والله بكلمة واحدة, كل هذه الفاتورة, وإذا في قياسات ليست عندي, خذوها من السوق, وأنا أدفع ثمنها.
 إذا وقف ليصلي, فبكى في الصلاة, شعر بالسعادة, كثيرة عليه؟ لا, حل مشكلة مسجد.
 المسجد المريح يجلب الناس, والبارد غير النظيف, غير المريح ......

 

الشيخ النابلسي من أنصار تهيئة المساجد بكل وسائل الراحة هذا ما نقل إلينا :

 أنا من أنصار تهيئة المساجد بكل وسائل الراحة؛ يعني سجاد, تحت السجاد لباد, تكييف في الصيف, تدفئة في الشتاء, نظافة, هذا بيت الله عز وجل.
 يعني أليس عاراً علينا: أن تكون الملاهي أنيقة جداً, والمساجد غير أنيقة؟ لا, المفروض: أن تكون المساجد في أعلى درجة من الأناقة, والنظافة, والترتيب:

 

﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية:56]

ما معنى هذا الدعاء: -اللهم اجعل حبك أحب ........ عندي-؟ :

((اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي, واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي))

 الإنسان يخاف من مرض, لكن لا يخاف من معصية الله, هذه مشكلة, يحب أشياء كثيرة, لكن لا يحب الله أكثر, لو أنك تحب الله أكثر من أي شيء, لما عصيته من أجل شيء.
يعني كلمة دقيقة سأقولها ......
 إذا الإنسان قال: الله أكبر, وهذه كلمة عظيمة جداً, كبَّر, يعني وأطاع مخلوقاً, وعصى خالقاً, فهو ما قالها ولا مرة, ولو رددها بلسانه ألف مرة, لأنه في الحقيقة رأى طاعة هذا المخلوق, أكبر عنده من طاعة الله.
 لو أن إنساناً أطاع زوجته, وعصى ربه, وجاء يوم العيد, قال: الله أكبر, الله أكبر, ما كبر ولا مرة, لأنه رأى رضا زوجته عنه, أفضل من رضاء الله عليه؛ فالذي أكبر عنده هو زوجته, وليس الله عز وجل, هذا كلام دقيق.

 

من هو الموفق؟ :

 

((اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلي, واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي, واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي, واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك:

 -الدنيا لا تنتهي, وكلما رتبت, وحسنت, يظهر نماذج أجمل, وأجمل, فكل شيء جديد, يغدو بعد حين قديم, والقضية لا تنتهي, ثم يأتي الموت, فينهي كل شيء, أما إذا الإنسان: هيأ نفسه لهذه الساعة التي لا بد منها, فهو الموفق-.
 وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم, فأقرر عيني من عبادتك ومن طاعتك))

دعاء حبذا لو تدعو به :

 والدعاء الذي أدعوه دائماً:

((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري, وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي, وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي, واجعل الحياة زيادة لي في كل خير, واجعل الموت راحة لي من كل شر))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

 قال لي: والدتي ننيمها على ديوان, نربطها من يديها ورجليها, قلت: لماذا؟ قال: لو أطلقنا يديها ورجليها, لأكلت غائطها, وخلعت كل ثيابها, لو أطلقت يداها, لخلعت كل ثيابها, وبدت كما خلقها الله, ولأكلت من غائطها, لذلك: يضطرون أن يربطوا يديها إلى رأسها, ورجليها إلى أسفل الديوان, والله الموت أشرف, يعني في أمراض وبيلة.
 فالإنسان المؤمن, من كرامة الإنسان عند الله: أنه يموت سريعاً, ثلاثة أيام, السنة ثلاثة أيام, أما أكثر؛ شهرين, ثلاثة, سنة, سنتين, الله يخفف عنك يقولون, هكذا يقال.
 والله أنا في أحد العمرات, كل الدعاء: الله يجعل الموت ثلاثة أيام فقط, شيء جميل جداً, إنسان بمكانته, بمحبته, يعني يقول لك: خطف خطفاً, يترك أحلى الذكرى, أما إذا كان برك عشر سنوات, يكرهونه.
فالإنسان قيمته: أن يتحرك, يقضي حاجته بنفسه؛ لا أحد يوبخه, لا أحد يعنفه.

 

قصة مرت عليها فترة طويلة من الزمن :

 أخواننا الكرام, قصة قديمة جداً, طبيب نسائي, له قلب كالصخر, يعني لا يخرج من بيت إلا بعرباية, وليرة ذهب انكليز -لم يكن في سيارة, القصة قديمة جداً-, وجمع ثروة طائلة جداً, طبيب نسائي وحيد في الشام.
 وكانوا يضطرون أن يبيعوا الفراش من تحت الزوجة, إذا ولادة عسيرة, في مشكلة, يبيعون الأدوات, يعطونه ليرة انكليز, وعرباية, عوضاً عن السيارة, يعني فعمر بناء في أحد أحياء دمشق, -الآن موجود البناء- حجر مزخرف, البناء مطل على الشام بأكملها.
 في سن مبكر, أقل من خمسين, أصيب بشلل, فزوجته قاسية جداً, ضاقت به ذرعاً, وضعته في القبو, وترشده الخادمة من حين لآخر, لتأمين طعامه, يقول لها: أين المدام؟ والله لا أعرف, قولي لها: تنزل لعندي, كل يومين, ثلاثة, تنزل وتخانقه, تضرب أنت والمدام, ماذا تريد ؟ الخادمة ..... ألست تأكل وتشرب؟ ثماني سنوات, نقلته لمكان بعيد, طلعت رائحة البناء, نقلته إلى مكان بعيد.
 الذي قلبه صخري, الله يذوقه البأس في الحياة الدنيا, وفي إنسان يموت بصحته, يموت بمكانته.

 

 

هذه كرامة العلماء عند الله :

 أيها الأخوة, كنت في تعزية, والله لا أنسى هذا الموقف: عالم جليل, جلس إلى جانبي, خرج من بيت التعزية, مشى متراً, لقي شخصاً لا يعرفه, يلبس لفة, وعمامة, وجبة ....
 قال له: تفضل أستاذ لكي أوصلك, قال له: رضي الله عنك يا بني, أوصله إلى البيت, طلع أول طابق, الثاني, بيته رابع طابق, رابع طابق, فتح, دخل, خلع العمامة, والجبة, استلقى على الفراش, سلمها, لو أحب أن يأخذ تكسي, مات في التكسي, الله سخر له إنساناً لا يعرفه, أوصله, ما مات إلا على فراشه, بين أهله, هذا من فضل الله عز وجل.

 

 

صنائع المعروف تقي مصارع السوء :

 مرة: أنا قادم على الحريقة, وجدت أمام قصر العدل جثة, فوقها شرشف, مات في الطريق, الساعة التاسعة, العاشرة, كان لي مكتب في الحريقة, جلست الساعة الثانية, كذا .... مثل ما هو, الطبيب الشرعي لم يأت بعد, لا يزال ........
 وإنسان ينام بين أولاده, بين أهله, على فراشه, محترم, يقرأ له القرآن.
 لذلك:

 

((صنائع المعروف, تقي مصارع السوء))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]

نبي يموت في بيت الخلاء؟؟!!! :

 في باكستان: رجل ادعى النبوة, وسمى نفسه عيسى المنتظر, وكان في جائحة أنفلونزا خطيرة جداً, -ليس أنفلونزا, كوليرا- فكان يقول: من علامة نبوتي: أنني لن أصاب بهذا المرض, من علائم نبوته, مات بهذا المرض في المرحاض, في المرحاض مات في هذا المرض, أي نعم.
 لذلك:

((صنائع المعروف, تقي مصارع السوء))

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]

تعليق :

 تعليقات على كلمة:

((واجعل الحياة زيادة لي من كل خير, واجعل الموت راحة لي من كل شر))

 النبي الكريم, رأى جنازة, قال:

((مستريح ومستراح منه, فقالوا: يا رسول الله! ما مستريح وما مستراح منه؟ قال: أما العبد المؤمن, استراح من عناء الدنيا, فهو مستريح, وأما الكافر, يستريح منه كل شيء))

 كان عبئاً, على كل شيء.

 

لا عيش إلا عيش الآخرة :

 قال:

 

((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 أحياناً الإنسان: يركب سيارة, يرى هكذا فيلة فخمة جداً, في المصايف, مكلفة أربعون مليوناً؛ مسابح, بساتين, شرفات, أناقة, بذخ, يرى سيارة ثمنها حوالي أربعة وعشرين مليوناً, بين ستمئة!!, والله شيء جميل يا أخي.
 إذا الإنسان رأى شيئاً فخماً؛ بيتاً جميلاً, مركبة جميلة, بستان, شيء من مظاهر الدنيا, هذا الدعاء:

((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة))

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

 لأن عيش الآخرة مستمر, أما هنا منقطع, والإنسان كلما رفه نفسه, تغدو المغادرة صعبة جداً.

 

هذه نهاية أهل الدنيا :

 شخص له عمل في الأقمشة, صار معه مرض خبيث بالثمانية والثلاثين, لم يعرف ما معه, حين عرف, صار تأتيه نوبات هيستريا, يقول: لا أريد أن أموت, ما كان يصلي إطلاقاً, وكان غارقاً مع الفنانات, والممثلات ..... حياته كلها جنس, وخمر ......
 فحينما وافته المنية, له قريب صديقي, قال لي: والله -يا أستاذ- صرخ صوتاً, لم يبق في البناء كله بيتاً, إلا وسمع هذا الصوت, حينما جاءه ملك الموت.
 معناها: إذا الإنسان وضع البيض كله في سلة واحدة, ثم فوجىء: أن البيض سرق ....
 فإذا الإنسان كل إمكاناته في الدنيا, معناها إذا قلبه وقف, أو الدم جمد في أوعيته انتهى؛ فكل آمالنا معلقة على نبض القلب, وعلى سيولة الدم فقط, كل آمالنا, والقلب قد يقف فجأة بلا سبب, والدم قد يتجمد فجأة, إذا في الدماغ.
 يقول لك: خثرة في الدماغ انتهى, انشل؛ يا شلل, يا جنان, يا فقد ذاكرة, يا فقد سمع, يا فقد بصر, إذا في الدماغ, في محل ثان.
 يقول لك: جلطة انتهى, صار قاب قوسين من الموت, أما إذا الإنسان: كان مع الله عز وجل, يكون له نهاية طيبة, والله عز وجل يمتعه بسمعه, وبصره, وقوته ما يحييه.

 

 

((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة))

 

[أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح, والترمذي في سننه]

بماذا تدوم النعم, ومتى تفقد؟ :

((اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار))

 هذه بعض أدعية النبي -عليه الصلاة والسلام- وادعوا الله بها دائماً, والدعاء مخ العبادة, والله عز وجل يستجيب لكم, فأولاً: اشكروا الله على النعم التي أنتم فيها.
 يعني العالم, يقول لك: زلزال, مئة ألف بلا مأوى, تراهم في الطريق, هو وأولاده ....
 نحن الله باركنا بأوطاننا, باركنا ببيوتنا, فهذه النعم: يجب أن نشكر الله عليها, وألا نجترىء عليه بمعصية.
 وبالشكر تدوم النعم.
 أبداً, الشكر قيد للنعمة؛ قيدتها أنت بالشكر, قيدتها بعدم الشكر طيرتها.

 

دعاء الختام :

 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور