بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد الصَّادق الوعد الأمين.

مرة كنت عند طبيب الأسنان وانتظرت دوري، فإذا على الطاولة مجلة لا علاقة لها بالدين إطلاقاً، مجلة تصدرها وزارة التموين، قرأت مقالة فيها أعجبتني، عنوان المقالة (التدخل الإيجابي في السوق) أي وزير التموين بدل أن يرسل موظفيه لكتب التقارير والضبوط وإغلاق المحلات، ينشئ مؤسسة استهلاكية يبيعون فيها أفضل بضاعة بأرخص سعر بأطيب معاملة، وبهذا يجلب إلى هذه المؤسسة كل الزبائن، هؤلاء التجار الفاسدون إن لم يقلدوه تقف مبيعاتهم، تعلمت أن هذه المقالة لها علاقة بالدعوة، فالتدخل إيجابي في السوق، لا تهاجم إنسان ولا طبقة ولا طائفة، أنت اعرض الإسلام عرضاً منطقياً مع أدلة صحيحة بأسلوب لطيف فقط، فأنا أذكر أنه بحياتي الدعوية كلها لم أدخل برنامجاً أهاجم شخصاً ولا فئة ولا جهة، رأيت أن هذه المقالة (التدخل الإيجابي بالسوق) منهج في الدعوة؛ قدّمْ الإسلام بشكل واضح، أعطِ الأدلة الكافية؛ الأدلة العقلية، والنصية، وطبّقه أنت في حياتك، أنت ممكن تنتفع من طبيب ما يهمك سلوكه، تريد علمه معه بورد بالجهاز الهضمي، ممكن أن تنتفع بمهندس، تنتفع بأي عالم، عالم جولوجيا يرى التربة، إلا أن عالم الدين لا يمكن أن تنتفع منه إلا إذا رأيت تطابقاً تاماً بين أقواله وأفعاله، وقد زرت الإمام الشعراوي في مصر مرتين ، وقد سألته في المرة الثانية- رحمه الله- نصيحة للدعاة، فأجابني بجواب مختصر:" ليحذر الداعية أن يراه المدعو على خلاف ما يدعوه، و انتهى الأمر"، وكنت أظن أنه سيتكلم كلاماً طويلاً.

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.