الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
مخاطبة الله تعالى الناس عامةً بأصول الدين والمؤمنين بفروع الدين:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الواحد والتسعين من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثانية والثمانين بعد المئتين، وهي آية الدَّيْن، وهي أطولُ آيةٍ في القرآن الكريم، وقد صُدِّرت بقوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)﴾
بادئ ذي بدء الله عز وجل خاطب الناس عامةً بأصول الدين:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)﴾
وخاطب المؤمنين بفروع الدين، فإذا قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي يا من آمنتم بي، يا من آمنتم بوجودي، ووحدانيّتي، وكمالي، يا من آمنتم بأني خالق هذا الكون، وربُّه، ومُسيِّرُه، يا من آمنتَ بعلمي، وقدرتي، وحكمتي، وقوتي، افعل ولا تفعل، فالله عز وجل خاطب المؤمنين في ثمان وتسعين آية، ولم يخاطب الكفار ولا بآية، إلا في آيةٍ واحدة في اليوم الآخر:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)﴾
القرض الحسن والقرض الربوي:
كل آية موجهة إلى المؤمنين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي يا مَن آمنتم بي؛ آمنتم بعلمي، وحكمتي، آمنتم بأنني أنا الخلّاق ذو القوة المتين افعلوا هذا الأمر، فالله عز وجل خاطب عامة الناس بأصول الدين، وخاطب المؤمنين خاصةً بفروع الدين، وهذه الآية من فروع الدين.
ولكن لماذا أتت هذه الآية بعد آيات الربا؟ ذكرت لكم أن الربا أساسه أن المال يَلِد المال، فإذا وَلَد المالُ المالَ، تجمَّع المال في أيدٍ قليلة، وحُرِمت منه الكثرة الكثيرة، هذا الفارق الطبقي بين الأغنياء والفقراء وراء كل الانحرافات، وراء كل المشكلات التي يعاني منها البشر، الأصل أن يكون هذا المال متداوَلاً بين الناس، فإذا وَلَدَ المالُ المالَ تجمَّع المال في أيدٍ قليلة، وحُرِمت منه الكثرة الكثيرة. الربا يُشيع البطالة، يرفع الأسعار، يجعل الأموال في أيد قليلة، وراء كل الانحرافات، وراء كل المشكلات، وراء كل الثورات.
بديل الربا، البديل، الربا قرض ربويٌّ، أي قرض مأجور، أما البديل القرض الحسن، أما المشكلة إذا وازنت بين قرضٍ حسن وبين قرضٍ ربويٍّ، القرض الربوي على الآلات الحاسبة أربح، إذا وازنتَ بين القرض الحسن وبين القرض الربوي، القرض الربوي أعلى وأعود فائدةً على الآلات الحاسبة، ولكن يجب أن تكون الموازنة لا بين قرضٍ وقرض، ولكن بين سَخَط الله ورضوانه، بين دنيا محدودة مُنقطعة وبين آخرةٍ أبدية، بين نعيمٍ مُقيم وبين مُتَعٍ سريعة الزوال، فربنا عز وجل جعل القرض الحسن عملاً صالحاً، وفضلاً عن ذلك:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)﴾
هناك ثوابٌ في الدنيا مُعَجَّل، وثواب في الآخرة مُؤَجَّل، القرض الحسن يربو، وكأنه صدقة، والقرض الربوي يُمحق ماله، وكأنه مال السحت.
الذي يرجو الدار الآخرة يُؤثر القرض الحسن وبيع السَّلم:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إذاً البديل القرض الحسن، الآن أقف وقفةً متأنية؛ أحياناً يساعد البائعُ المشتري، يُحْسِن إليه بجعل هذا المبيع تقسيطاً من دون زيادة، وأحياناً يُساعد الشاري البائع ببيع السلَم، إنسان عنده قطيع غنم، والموسم جفاف، وليس معه ثمن العلف، فجاء مَن يشتري صوف هذا الغنم بعد حين، بعد ستة أشهر، أو بعد سنة، ودفع له ثمن هذا الصوف مُقدَّماً، هذا بيع السلَم، بيع السلم: معاونة الشاري للبائع، التقسيط غير الربوي معاونة البائع للشاري، كلاهما عملٌ صالح، ربحك فيه في الدار الآخرة، أما الذي يرجو الدار الآخرة يؤثر القرض الحسن وبيع السَّلم، والذي يُؤثر الدنيا يُؤثر القرض الربوي والبيع الربوي.
إذاً الله عز وجل حرَّم الربا، وجعل الربا أصل الفساد الاقتصادي، حيث تُجمَّع الأموال في أيدٍ قليلة، وجعل الربا خطراً منتشراً، وهدَّد عليه بحرب من الله ورسوله، وما من معصيةٍ على الإطلاق هدَّد الله مرتكبيها بحربٍ منه إلا معصية الربا: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ ذلك أن المال قوام الحياة، ذلك أن التكليف أن يكون المال بين أيدي الناس جميعاً، كل الناس في بحبوحة، كلهم يسكنون بيوتاً مريحةً، يأكلون طعاماً مُغذياً، يُربون أولادهم، يعالجون مرضاهم، أما حينما يُستخدم الكسب الربوي مكان الكسب المشروع، حينما تُجَمَّع الأموال في أيدٍ قليلة تنشأ المشكلات التي لا تنتهي، والمشكلة أن الإسلام ليس مسؤولاً عن آلاف المشكلات التي تفجَّرت من عدم تطبيقه، أعداء الإسلام ماذا يفعلون؟ يُعزون المشكلات التي تفجَّرت عن عدم تطبيق الإسلام إلى الإسلام، ويَعدُّونها مآخذ عليه، تماماً لو أن إنساناً قال: أنا لا أعبأ بالمهندسين، بنى بيتاً من دون علم، وضع إسمنتاً قليلاً، وحديداً قليلاً، فانهار البناء أو مالَ البناء، تعالوا أيها المهندسون أصلِحوا لي هذا الخلل، لا، المهندس لا يرضى إلا أن يهدم البناء ليشيده على أسس علمية، فكلما وجدنا مشكلة ناتجة عن مخالفة الدين نعزوها بمكرٍ وخبثٍ وحقدٍ إلى الدين، ثم نريد أن ننهي هذا الموضوع.
أيها الإخوة الكرام؛ المال قِوَام الحياة:
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)﴾
قياماً؛ تقوم الحياة بالمال، المال إذاً له ضوابط كثيرة في كسبه وفي إنفاقه، فإذا نما المال بالمال هذه قضية ربوية، نما المال بالأعمال قضية مشروعة، لمجرَّد أن ينمو المال بالأعمال يُوزَّع بين أيدي الناس جميعاً، ذكرت هذا كثيراً في درس سابق.
لمجرد أن تفتح مشروعاً زراعياً، صناعياً، تجارياً، لابدّ من أن تستخدم آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو غير مباشر، دون أن تشعر ثلث هذا الرأسمال وُزِّع كمصاريف لأناسٍ كثيرين، أي هذا المال توزع، أما لمجرد أن تضع المال في المصرف، وأن تتقاضى عليه أرباحاً، ولم تستخدم أحداً، وأرباحك مضمونة، فهذه طريقةٌ لا ترضي الله عز وجل، أما من يقول: هذا المصرف يُقيم مشاريع صناعية!! نقول: ماذا يمنع أن يأخذ المصرف أموال الناس بالحق وأن يوظفها بمشاريع إنتاجية رائعة جداً وأن يُوزِّع أرباحها على الموزعين؟ صار مصرفاً شرعياً، لا يوجد مشكلة، إذا وزعت هذه الجهة المالية أرباح المشاريع على المودعين، القضية شرعية مئة بالمئة، ولكن هذا لم يحدث، وإذا وُصِفت بعض المصارف بأنها ذات صفة إسلامية فهذا للاستهلاك وليس الواقع.
إذاً البديل: البيع والشراء والقرض الحسن، كسب المال عن طريق البيع والشراء، أو عن طريق الأعمال، والإحسان ليس مأجوراً، الله جلّ جلاله يدَّخر لك أجره في الآخرة، فالمؤمن يرجو رحمة الله، بدل أن يُقرِض قرضاً ربوياً يُقرِض قرضاً حسناً، لا يوازن بين قرضٍ وقرض، بين قرض ربوي وقرض غير ربوي، يوازن بين دنيا وآخرة، بين سخط الله ورضوانه، بين مُتَعٍ رخيصة وشيكة الزوال وبين جنة عرضها السماوات والأرض، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ .
الدَّين حاجة أساسية في العلاقات الاجتماعية:
أتمنى على كل واحد منا إذا قرأ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أن يشعر أنه مُخَاطب من قِبَل الله عز وجل، أي يا من آمنتم بي، آمنتم بحكمتي، بعلمي، آمنتم برحمتي، بكمالي، هذا منهجكم في الحياة، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ لا يغيب عن أذهانكم أن (إذا) تفيد تحقق الوقوع، بينما (إنْ) تفيد احتمال الوقوع، قال تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)﴾
لابد من أن يأتي، هذه سُنَّة الله في الكون، لابد من أن يأتي ولو بعد حين، إذا، أما:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
قد يأتي، وربما لا يأتي، هنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ معنى ذلك أنّ الدَّين حاجة أساسية جداً في العلاقات الاجتماعية، أبداً.
كل إنسان يستقرض ولا يرد فهو يمنع الماعون:
لذلك قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ أي تُقرضه ويُقرضك، تُعينه ويُعينك، تأخذ بيده ويأخذ بيدك، ذلك أن الله عز وجل قهرنا على أن نأكل ونشرب، قيام أجسامنا يحتاج إلى طعام وشراب، نحن مقهورون بالطعام والشراب، وهذا الطعام والشراب يحتاج إلى مال، نحن مقهورون بالعمل، وهذا العمل يحتاج إلى جماعة، تُتقن حاجةً، وأنت محتاج إلى مئة ألف حاجة، لابدّ من أن تكون مع الناس؛ تشتري رغيفَ خبز، مئة ألف إنسان ساهم في هذا الرغيف، بدءاً من زراعته، وتنميته، وسقيه، وتسميده، وحصاده، وتجفيفه، وطحنه، وخبزه، تشتري خبزاً، تشتري قميصاً، تستخدم مَن يعالجك، مَن يُعَلِّم ابنك، تتقن حاجة، وأنت محتاجٌ إلى مئة ألف حاجة، أنت مقهور بالطعام والشراب، مقهور بالعمل، مقهور أن تكون في جماعة، وأنت في جماعة تُمتحن هنا؛ إما أن تصدق وإما أن تكذب، إما أن تُخْلِص وإما أن تخون، إما أن تستقيم وإما أن تنحرف، إما أن ترحم وإما أن تقسو، إما أن تُعطي وإما أن تأخذ، هنا الامتحان، فجزء أساسي من علاقاتنا قضية الدَّين.
مَن هذا الذي يمنع الماعون؟ الذي يمنع الماعون هو الذي يستدين ولا يوفِّي، الآن الناس كفروا بالدَّين، تجده يطلب الدَّين برِقَّة بالغة، بأدبٍ جَم، فإذا تملَّك المال لا يسأل، ولا يُلقي لك سلاماً، ولا يعتذر، أبداً، كل إنسان يستقرض ولا يرد يمنع الماعون، تروي الكتب أن رجلاً يركب فرساً في الصحراء في أيام الحر الشديد، وتحت أشعة الشمس المحرقة، رأى رجلاً ينتعل رمال الصحراء المحرقة، رقَّ له، دعاه إلى ركوب الخيل، ولم يكن يدري أن هذا لصٌ من لصوص الخيل، ما إن اعتلى ظهر الخيل حتى دفع صاحبها، وألقاه، وعدا بالفرس لا يلوي على شيء، ناداه صاحب الفرس: يا هذا، لقد وهبت لك الفرس، ولن أسأل عنها بعد اليوم، ولكن إيَّاك أن يشيع هذا الخبر في الصحراء فتذهب منها المروءة، وبذهاب المروءة يذهب أجمل ما فيها.
القرض الحسن هو مُطْلَق العمل الصالح:
لأن الناس أقرضوا وما استوفوا كفروا بالدَّين، مثل آخر مشابه: هناك طريقة مشروعةٌ جداً لاستثمار المال، وحاجة استثمار المال حاجةٌ أساسيةٌ جداً، طفلٌ يتيم، امرأةٌ أرملة، شيخٌ كبير، موظَّف متقاعد، هناك نماذج كثيرة جداً بحاجةٍ ماسَّة إلى استثمار أموالها، هؤلاء الذين جمعوا أموال الناس ليستثمروها فأكلوها، ماذا فعلوا؟ منعوا الخير، وسَفَّهوا الدين، وقوّوا مركز البنك، ما الذي قوَّى مركز البنوك الربوية؟ جامعو الأموال الذين جمعوها وأكلوها، فالإنسان حينما يخطئ في الشيء المشروع يكون مجرماً بحقّ هذا الدِّين، وحقّ هذه الأمَّة.
فالله عز وجل جعل الدَّين أساساً في العلاقات الاجتماعية، الإنسان بحاجة للمال، قد لا يكون فقيراً، لكن يوجد عنده ظرف طارئ، فالذي لا يردّ الدين يمنع الماعون،
(( فعَنْ جَابِرٍ قَال: تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ ثُمَّ أَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: تُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَخَطَا خُطًى ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قُلْنَا: دِينَارَانِ، فَانْصَرَفَ فَتَحَمَّلَهُمَا أَبُو قَتَادَةَ فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: الدِّينَارَانِ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُحِقَّ الْغَرِيمُ وَبَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ، قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَاتَ أَمْسِ، قَالَ فَعَادَ إِلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَقَالَ: لَقَدْ قَضَيْتُهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ. ))
[ مسند الإمام أحمد: صحيح ]
متى ابترد؟ لا مع الضمان، ولكن بعد الوفاء، إذاً ما قولك بإنسان قدّم لله أثمن ما يملك على الإطلاق، قدَّم روحه، استشهد في ساحة المعركة لإعلاء كلمة الله، هل هناك من عملٍ على سطح الأرض من آدم إلى يوم القيامة أعظم من أن تُقدِّم أثمن ما تملك ومع ذلك يُغفر للشهيد كل شيءٍ إلا الدَّين، الدَّين لا يُغفر، ذلك أن حقوق العباد مبنيةٌ على المشاححة، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة.
هذا الدَّين الذي يحلّ مشكلات المجتمع لا القرض الربوي، القرض الحسن، بل إن الله عز وجل جعل كل عملٍ صالحٍ على الإطلاق قرضاً حسناً، قال:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)﴾
إن أطعمت هرَّة فهو قرضٌ حسن لله، إن أعنت مسكيناً، إن أعنت أرملةً، إن رعيت يتيماً، إن أطعمت جائعاً، إن أرشدت ضالّاً، إن أعنت امرأةً في حمل أثقالها فهذا قرضٌ لله عز وجل، بل إن القرض الحسن هو مُطْلَق العمل الصالح، لذلك الدَّين يَحل مشكلات المجتمع ولكن الناس كفروا بالدَّين، لأنه يأخذ بأعلى درجة من اللطف، أما إذا طالبته قلب لك ظهر المِجَن، والله مئات بل آلاف القصص دين من خمس وعشرين سنة، من ثلاثين سنة، من عشر سنوات، لا يوجد أمل أبداً أن تستردها، قدَّمت هذا القرض بنية عالية صالحة، فصار هذا المقترض متفرمساً مستعلياً، مماطلاً إلى أن تيأس منه.
الموازنة لا بين قرضٍ ربوي رابح وقرضٍ حسنٍ خاسر ولكن بين الدنيا والآخرة:
القرض الحسن بديل القرض الربوي، على الآلة الحاسبة القرض الربوي أربح، أما في ميزان القرآن: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ الموازنة لا بين قرضٍ ربويٍّ رابح وقرضٍ حسنٍ خاسر، ولكن بين الدنيا والآخرة، بين سخط الله ورضوان الله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ أي ﴿تَدَايَنْتُمْ﴾ فيها معنى المشاركة، لو أن إنساناً استقرض منك مبلغاً، وشعر بضعفه أمامك، فقلت له: حباً وكرامة، والله حينما أكون بحاجةٍ سأستقرض منك، هذا يرفع من معنوياته، الحياة تعاون، أخذ وعطاء، تُقرضني وأُقرضك، ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ فيها فعل مشاركة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ العلماء الفقهاء لهم تعريف دقيق للدَّين: كل معاملةٍ كان أحد العِوَضين فيها نقداً، والآخر في الذمة نسيئة، أي عِوَضان.
العدالة والضبط صفتان أساسيتان في المسلم:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ قال: أُمِرْنا بالكتابة كي لا ننسى، وأُمرنا بالإشهاد كي لا نُنكر، في احتمال النسيان أو الإنكار، تكتب كي لا تنسى، وتُشْهِد كي لا تُنكر، فلذلك اكتبوه؛ أي اكتبوا الدَّين، مقدار الدَّين، وأَجَل الدَّين، وأَشْهِدوا على الدَّين، تكتب كي لا تنسى، وتشهد كي لا تُنكر، ﴿فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ قال: هذه الـباء متعلقة بكلمة فليكتب بالعدل، دون أن يزيد ودون أن ينقص، والـباء متعلقة بالكاتب، يجب أن يكون الكاتب عدلاً.
وتعلمون أيها الإخوة؛ أن في الإنسان صفتين أساسيتين؛ الضبط والعدالة، الضبط صفةٌ عقلية، والعدالة صفةٌ نفسية، ولا يتمتَّع المسلم بحقوقه إلا إذا كان ضابطاً عَدْلاً، فالعدالة: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو من كَمُلت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحَرُمت غيبته.
هذه العدالة، لو عاملهم فظلمهم، وحدَّثهم فكذبهم، ووعدهم فأخلفهم سقطت عدالته، انتهى، لكن هناك أشياء لا تُسقِط العدالة ولكنها تجرحها؛ فأكل لقمةٍ من حرام يجرح العدالة، تذوق لقيمة تبلغ ربع أوقية، بكم الكيلو؟ ولم يشتر، أكل لقمة من حرام تجرح العدالة، تطفيف بتمرة يجرح العدالة، مَن مشى حافياً جُرِحت عدالته، مَن بال في الطريق جُرِحت عدالته، مَن أطلق لفرسه العنان، السرعة العالية تجرح العدالة، مَن قاد برذوناً مخيفاً تُجرح عدالته، مَن تنزَّه في الطريق ليملأ عينيه من محاسن النساء، أو مقاهي الرصيف تُجرح عدالته، مَن صَحِب الأراذل تُجرح عدالته، مَن علا صياحه في البيت تُجرح عدالته، مَن تحدَّث عن النساء، وعن أشكالهن، وألوانهن، وأطوالهن، وطباعهن، وكان مُغرماً بهذا الحديث تُجرح عدالته، فلذلك العدالة والضبط صفتان أساسيتان في المسلم، الضبط صفة عقلية، والعدالة صفة نفسية.
على الكاتب أن يكون عدلاً وإذا كتب فينبغي أن يكتب بالعدل:
﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ﴾ يجب أن يكون الكاتب عدلاً، الآن وإذا كتب ينبغي أن يكتب بالعدل، فالباء باء بالعدل متعلقة تارة بيكتب، ليكتب بالعدل، وتارة كاتب بالعدل، ﴿كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ الذي ينبغي أن يُملي هو الذي عليه الحق، ﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ الكاتب يكتب، هو عدلٌ، يكتب من دون زيادة، ومن دون نقصان، ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ﴾ إذا دُعِيَ الكاتب إلى الكتابة ينبغي أن يكتب، وإذا دُعِي الشاهد إلى الشهادة ينبغي أن يشهد، هذا واجب ديني.
الكاتب ممنوع أن يأبى والشاهد ممنوع أن يأبى الشهادة:
لكن يقول الله عز وجل بعد حين: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ﴾ إنسان يرتزق يوماً بيوم، تدعوه لأداء شهادةٍ في مكانٍ بعيد لابد من أن تُعطيه تعويضاً، الكاتب ممنوع أن يأبى، والشاهد ممنوع أن يأبى أن يشهد، الطرف الثاني عليه ألا يضر كاتباً ولا شاهداً، ﴿فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ﴾ السفيه الذي اختلّ عقله، أو الصغير، أو الذي لا يُحْسِن أن يتكلم، أو الأخرق، أي إذا كان هناك مانع صحي، أو مانع بنيوي من أن يُملي، قال: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ ولي هذا السفيه يُملي مكانه، ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ هذا كلام خالق الكون، وهناك مَن يعترض على هذا الحكم، من باب السَّفَه، ومن باب عدم الوعي.
الإنسان يطمئن بالكتابة لأن بنية الإنسان تحب التوثيق والتأكيد:
لكن نُقِل إليَّ أن هناك بحثاً علمياً دقيقاً حول شهادة المرأة، وشهادة الرجل، الآن لا يحضرني تفاصيل هذا البحث، ولكن إن شاء الله حينما يقع تحت يدي أعرضه عليكم، هناك بُنية خاصة في المرأة، هي في مجال متفوقة جداً، وفي مجال أقلُّ تفوقاً، والرجل في مجال متفوق جداً، وفي مجال أقلّ تفوقاً، إنهما متكاملان، واحدٌ يقوم بمهمته خارج المنزل، يحتاج إلى قوة إدراك، إلى قوة إرادة، إلى شخصية قوية، إلى بصيرة ثاقبة، إلى حزم، إلى علم، هي تُربّي أولادها وترعى زوجها، تحتاج إلى عاطفة جيَّاشة، إلى انفعاليَّة عالية، تحتاج إلى وفاء، إلى ود، فهي لها دور لا تُنافس فيه الرجل، وهو له دور لا ينافسها فيه، على كل إن شاء الله في القريب العاجل أضع بين أيديكم ملخص هذا الموضوع.
﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ﴾ سبحان الله! الإنسان بالكتابة يطمئن، الدليل قال تعالى:
﴿ إِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)﴾
الله لا يكتب لكن يطمئننا، القضية مكتوبة، إنسان يشتري بيتاً من دون عقد، شفهي، يبقى قلقاً، متى يرتاح؟ حينما يكتب عقداً يوقّعه، يوثّقه، فبنية الإنسان تحب التوثيق، تحب التأكيد، والشيء المكتوب آكد وأقوى، فربنا عز وجل من أجل انتظام العلاقات الاجتماعية قال: هذا الدَّين من أعظم أبواب الخير، فإذا دُفِع الدَّين ولم يُكْتَب ولم يؤدَّ اضطرب هذا الحبل، ومع اضطرابه تفسد العلاقات الاجتماعية، عندئذٍ لابد من التعامل بشكل آخر ربوي، فمن أجل ضمان هذا العمل الصالح، ضمان هذه الحاجة اليومية للمجموعة البشرية كانت آية الدَّين.
﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِه ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ أنا لا أبالغ، مئات ألوف الحوادث؛ اغتصاب الأموال، اغتصاب الشركات، الخلاف بين الشركاء أساسه عدم الكتابة، حدَّثني أخ قال لي: اشتريت مشروعاً تجارياً أنا وشخص مناصفةً، بمبلغ بسيط جداً، ثم نمت قيمة هذا المشروع إلى أن بلغت مئة ضعف تقريباً، هو أعطاني دفعات، وعدّها من رأسمالي، وأخرجني من الشركة، صار المشروع قيمته بضع مئات من الملايين، وبدأ برقم رمزي جداً، قال لي: اتفقنا، لكن لم نكتب، فردّ لي أقساطاً ظننتها أرباحاً، هي من رأسمالي، ردّ لي رأس المال، وقال لي: لا علاقة لك بالمشروع.
فكل إنسان لا يكتب يدفع الثمن باهظاً، اكتب لئلا تنسى، وأشهد لئلا يُنكِر، يقول سيدنا معاوية رضي الله عنه سأل عمرو بن العاص وكان من دُهاة العرب قال: يا عمرو ما بلغ من دهائك؟ قال له: والله ما دخلت مُدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، قال له: لست بداهية، أما أنا والله ما دخلت مُدخلاً أحتاج أن أخرج منه.
أقول لكم هذه الحقيقة: أنت اتفقت مع شخص بعقد تجاري ما سجلته، كتبته ما وقعته، وقعته ما وثقته، وثقته ما ثبَّته بالمحكمة البدائية، أنت تعطي الطرف الثاني حرية حركة، تغويه أن يأكل لك مالك، تغريه دون أن تشعر، فإذا أغريته وأكل هذا المال حراماً، هل تصدِّق أنك أنت هو السبب، أنت السبب، أنت ما حصَّنته بعقد، لو أنك حصنته بعقد ما فعل هذا، تماماً لو واحد أحضر موظفاً وجعل المال بين يديه من دون حساب، شيء مغرٍ أن يأكل من هذا المال، مَن يصدق أن الذي يُتيح لإنسان أن يسرق يُعاقب هو كسارق، لأنه سبّب فساد إنسان، فلماذا الكتابة؟ للتوثيق، أنا لا أبالغ هناك مئات ألوف الحالات المؤلمة جداً؛ اغتصاب بيوت، على شركات، على علاقات، على قروض، على ديون، على حقوق أدبية، كل هذا بسبب عدم الكتابة، إله يقول لك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا﴾ .
وفي درسٍ قادمٍ إن شاء الله نتابع هذه الآية الطويلة: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ .
الملف مدقق