بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، ولكن في حدود ما يعلم ومع من يعرف، والدليل:
﴿ قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى وَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ(108)﴾
فالذي لا يدعو الله على بصيرة، -وقيل في البصيرة: الدليل والتعليل-، ليس متبعاً لرسول الله.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31)﴾
[ سورة آل عمران ]
هذا دليل أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، ولكن في حدود ما يعلم ومع من يعرف، دليل آخر:
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَفِى خُسْرٍ (2) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ(3)﴾
هذه أركان النجاة عند الشافعي، فالتواصي بالحق أحد أركان النجاة؛ هذه كفرض عين، أما فرض كفاية تحتاج إلى تفرّغ، و إلى تبحّر، وإلى تعمّق.
﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ(104)﴾
(مِّنكُمْ) من للتبعيض، هناك فرق أن تكون الدعوة إلى الله فرض عين، وأن تكون فرض كفاية، فرض كفاية يحتاج إلى تعمق، وتبحر من أجل أن يستطيع أن يرد على كل شبهة في الإسلام، هؤلاء الذين وقعت عندهم الشبهات من لهم غير العلماء؟! فهناك علم تبحر يوجد معه، إذاً الدعوة إلى الله فرض عين، لذلك ممكن إنسان إن سمع حديثاً بجامع نقله لزوجته، لأولاده، لشريكه بالعمل، هذا شيء ميسور، وكل إنسان:
(( بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. ))
[ أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو ]
ولو آية واحدة، فأنا أقول: الإنسان عندما يحضر خطبة، جلسة، مثلاً ندوة كتب بعض الكلمات جاء إلى البيت زوجته و أولاده، لو جعل هذا الحديث فيما بينه وبينهم، بعض ما سمعه من الدعاة يكون قد نقل هذا العلم إلى من حوله، أما فرض كفاية تحتاج إلى تفرغ، وإلى تعمق، وإلى تبحر حتى يتمكن الداعية أن يرد على كل شبهة، وأن يجلّي كل قضية في الإسلام.
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الملف مدقق