- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠50ندوات مختلفة - قناة الأقصى
مقدمة :
الأستاذ أحمد :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سلام الله عليكم أيها الأخوة المستمعون والمستمعات، في لقاء خاص ومتميز مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة في المعاهد والكليات الشرعية، والداعية الإسلامي المعروف، أهلاً وسهلاً بكم سيدي.
الدكتور راتب :
بكم أستاذ أحمد جزاكم الله خيراً .
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم في هذه الأيام تمر علينا الذكرى الأولى لحرب الفرقان، معركة غزة، والنصر الذي ثبت الله عز وجل به المجاهدين، لكن هذه الأمة كما هو حالها في كل عصر وآن، تبتلى بأناس مثبطين، وأناس متخاذلين، يستكثرون على المجاهدين وعلى المؤمنين أن تفرح قلوبهم، وأن ترتسم البسمة على وجوههم بنصر أيد الله عز وجل به أهل الإيمان وأهل الإسلام، فما إن انتهت معركة غزة، وأعلن بيان النصر من أخينا أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام في قطاع غزة، حتى سنّ أولئك أقلامهم، وشحذوا ألسنتهم، وكتبوا المقالات يهولون فيها ويضخمون حجم الدمار الذي حصل في قطاع غزة، ليس ذلك رأفة منهم فيما نزل وهو كثير ومؤلم وشديد على أهل غزة، لكن حتى يصرفوا الأنظار عن النصر إلى إشاعة جو الهزيمة، والنكسة، والنكبة، استكثروا على أهل غزة أنهم من عام ثمانية وأربعين إلى عام ألفين وتسعة أن يكون وتكون مدينة غزة أول مدينة فلسطينية تتحرر من العدو الصهيوني بشبابها، برجالها، بثبات نسائها، بحجرها، بشجرها، وشاعوا في ذلك الإشاعات، ما يود أن يستمعه أخوانكم عبر فضائية الأقصى من أحباب القدس وفلسطين وغزة العزة من شيخ لطالما وضع يده على مكامن النظر، والبحث، والتمحيص، وقراءة ما بين السطور، أن الذي حدث في غزة هل هو نصر حقيقي، حق لأهلها أن يفخروا فيه أم ماذا؟
أخطر شيء تصاب به الأمة أن تهزم من الداخل :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته وأصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، هذا التشكيك من الوهم، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم.
أستاذ أحمد بادئ ذي بدء: مع الأسف الشديد الشديد، من خلال التاريخ المعاصر الذي عاشه المسلمون تسربت إلى نفوسهم ثقافة اليأس، وثقافة الإحباط، وثقافة الطريق المسدود، لكن الذي حصل أن الله عز وجل تفضل علينا بجرعات منعشة، أحد هذه الجرعات انتصار أخوتنا المقاومين في غزة، هذه الجرعة أعادتنا إلى ديننا، هذه الجرعة أعادتنا إلى ماضينا، هذه الجرعة تصورنا أنه بالإمكان أن ننتصر على أعدائنا، ثقافة اليأس خطيرة جداً، أخطر شيء تصاب به الأمة أن تهزم من الداخل، قد نخسر معركة أو معركتين، ولكن الهزيمة من الداخل ورم خبيث يصيب الأمة، لذلك جاء أخوتنا المقاومون في غزة، وانتصروا على أعتى جيش في المنطقة، بل انتصروا على أول جيش في العالم من حيث تنوع الأسلحة، بل انتصروا على رابع جيش في العالم، مقاومون يملكون إيمانهم، ويملكون عزمهم، وإرادتهم، وإباءهم، وعزتهم، هؤلاء المقاومون استطاعوا أن يهزوا كيان العدو، وكأن العدو أراده أعداء الأمة أن يكون عصاً غليظة في المنطقة، ليؤدب بها كل من قال لا لهم، هذه العصا كسرت مرتين، كسرت في عام ألفين وستة، وكسرت في عام ألفين وثمانية، هذا الكسر الحقيقة زلزل كيان الأعداء.
نصر المقاومين في غزة جرعة منعشة من الله تعالى :
لكن بادئ ذي بدء: كان هذا النصر من الله جرعة منعشة، وكأن الله عز وجل يقول لهؤلاء المسلمين الذين يأسوا من رحمة الله وتصورا أن أعداءهم لا يهزمون، كأن الله يقول لهم: أنا معكم يا عبادي والأمر بيدي، وفي أية لحظة أقلب لكم موازين القوى، بل إنني والله لا أبالغ إن المبادئ النظرية للحروب في العالم قد أصابها اضطراب شديد بعد انتصار أخوتنا في غزة، جيش عرمرم، المدرعات، والطائرات، والتقنية الحديثة، والإعداد والتدريب، والعالم كله معهم
هؤلاء القلة القليلة من المناضلين، والمجاهدين، والمخلصين، هزوا كيان العدو لذلك لا يشك أحد على وجه الأرض إلا إذا فقد عقله أن هذا الذي حصل أحدث جرعة إيمانية منعشة في المنطقة.
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم هذا الذي حصل، عندما يستهلك سلاح الجو الصهيوني نصف ذخيرته من حمم، وقنابل، وصواريخ، يلقيها على ثلاثمئة وخمسة وستين كيلو متر مربع، وهي مساحة غزة، بينما الشباب المقاومون الذين تتحدث عنهم لا يملكون من السلاح إلا ما صنّعوه بأيديهم، من مواد أولية بسيطة، أو هربوه ليقاتلوا به أعداء الله عز وجل، هذا النصر الذي أجراه الله عز وجل على أيديهم، وتصبح بعد ذلك معركة غزة، وتفاصيل إدارة المعركة، والكر والفر فيها، واستدراج العدو إلى مكان ضعف له، أصبحت تدرس هذه النظريات في الكليات العسكرية العالمية، ثم بعد ذلك يقول بعض المتحذلقين كلاماً ما أنزل الله عز وجل به من سلطان، بأن الذي حصل لم يكن نصراً، لو أردنا أن نسير وإياك في مركب نضع فيه يدنا على دلائل عملية، وبراهين واضحة لهذا النصر الذي أثبته الله عز وجل على أيدي المجاهدين، كيف نبدأ ؟
دلائل عملية وبراهين واضحة على نصر المقاومين في غزة :
1 ـ عدم تحقيق العدو أهدافه من هذه الحرب :
الدكتور راتب :
أولاً: أقسم لك بالله أن معظم الجيوش بدأت تراجع خططها، وتراجع فيما يسمى بالمصطلح العسكري عقيدتها العسكرية، كيف أن هؤلاء المقاومون استطاعوا أن يهزوا كيان هذا الجيش، والحقيقة أن الجيش اعترف بنفسه أنه لم ينتصر.أول شيء: أحد أنواع النصر ألا تحقق أهداف العدو، أنا أعتقد أن العدو كان يتصور أنه في الأربع والعشرين ساعة الأولى سينتصر وتنتهي القضية ويستسلم المقاومون، و فيما علمت ضرب ثمانمئة موقع في أول يوم، أما أن يمضي فوق العشرين يوماً ولم يتحقق أي بند من أهدافه، هذا بحدِّ ذاته نصر كبير، أنا أبدأ و أقول: إن لم يستطع العدو تحقيق أهدافه فهذا أول نوع، وأول مظهر من مظاهر النصر.
2 ـ فقدان العدو للحسم :
لكن كما طلبت مني تريد تفاصيلاً، العدو بعد هذه المعركة فقد شيئاً خطيراً كان يتمتع به، إنه الحسم، كان هو يبدأ المعركة وهو ينهيها كما يريد بساعات، أو بأيام، بدأ المعركة وكان يملك إنهاءها، وكان يملك حسمها
الآن العدو يبدأ المعركة ولا يزال العدو قوياً، وأنا أقول دائماً: الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، لكن الحقيقة الصارخة أن العدو فقد الحسم، الآن يعد للمليون قبل أن يبدأ حرباً ثانية مع المقاومة، أنا أتصور أن هذه العصا كسرت في عام ألفين وستة، أراد بضرب غزة أن يثأر لهزيمته السابقة، فكانت ضربته أقسى مما يتصور، كان قاسياً لدرجة أن العالم شُده أمام الإفراط في استخدام القوة، ومع ذلك كسرت هذه العصا مرة ثانية، فقد مبرر وجوده في المنطقة، له مهمة واضحة جداً هذه المهمة لم تتحقق في مرتين، والمرة الثانية أقسى، المرة الأولى كان هناك أبعاداً كثيرة للمقاومين في لبنان بأكمله، سوريا، إيران، هناك أبعاد كبيرة جداً، جبال، ومداخل، يوجد عمق، هنا لا يوجد عمق أبداً، منطقة سهلية، محاطة من كل جانب، ومع الأسف الشديد أيضاً شارك في الحصار أناس منا، هذه مشكلة أكبر، أنا أرى أن أول مظهر من مظاهر النصر أن العدو فقد الحسم، الآن يبدأ لكن ليس بيده إنهاء المعركة.
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم أعلن العدو شروطاً وأهدافاً للحرب على غزة، كان منها إنهاء حركة المقاومة الإسلامية حماس، وإيقاف إطلاق الصواريخ منها، واستعادة الجندي الأسير شاليط، ووضع في نهاية الحرب شروطاً، يحفظ بها ماء وجهه عند بعد الوسطاء، ومن سمسر مع المجاهدين في فلسطين، أن يتوقف المجاهدون أولاً عن إطلاق الصواريخ، ثم سيوقف هو الحرب، حتى إن هذا البند لم يوافق عليه المجاهدون واضطر راغماً رغم أنفه إلى أن يتوقف هو.
3 ـ توازن الرعب :
الدكتور راتب :
والله لا يشك أحد أن النصر محقق، فأول بند: عدم تحقيق أهداف العدو من حربه يعد نصراً، البند الثاني: أن العدو فقد الحسم، أما البند الثالث كما أتصوره، أن الرعب، والخوف، والدخول للملاجئ، والقلق، كان من نصيب المسلمين فقط، أما الآن هناك ما يسمى بتوازن الرعب، نخاف ويخافون، نقصف ويقصفون، وندخل الملاجئ ويدخلون، هذا إنجاز لم يكن من قبل، كانت الحرب عندهم نزهة، يبلغون ضباطهم الطيارين أن الحرب نزهة، أما الآن الحرب مخيفة، تراجع قدرات القتال عند العدو سببها الخوف، الخوف عند أهل الدنيا أشد إيلاماً من الخوف عند أهل الدين.
الأستاذ أحمد :كيف إذا كان الله عز وجل قد دلنا على مكان ضعفهم فقال:
﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾
4 ـ همّ اليهود الأول كان الأمن الآن همهم الأول البقاء :
الدكتور راتب :
رقم ثلاثة من مظاهر النصر أنهم كانوا يخوفوننا وحدنا الآن يخافون معنا، إذاً هذا ما يسمى بالمصطلح المتداول توازن الرعب، هذا مظهر ثالث من مظاهر النصر.
المظهر الرابع هذا الكيان العدواني الاستيطاني، في تصور كل الأطراف أنه وجد ليبقى، لكن كان يحلم بالأمن، فهدف هذا الكيان من أول نشأته حتى قبيل هذه الحرب كان هو الأمن فقط، لكن بعد هذا الأمن من تتبع أقوال الصحف، وأقوال المفكرين، وما ينهل به المثقفون، يجد أن الهدف تغير من الأمن إلى البقاء، وهذا إنجاز يفوق حدّ الخيال، أصبح في هاجس كل إنسان جاء لهذه المنطقة ليقيم فيها وقد أوعد بالنعيم، والرفاه، والخيرات، أصبح قلقاً، وهناك تقرير للـ " سي أي أ "، قرأته بنفسي وذكرته في بعض الندوات أنهم يقدرون عمر هذا الكيان لعشرين عاماً قادمة.
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الراحل غير المأسوف عليه بوش، يعلنها صراحة ويدعوهم للتفاؤل، وكان مدى تفاؤله الأقصى أنهم باقون إلى عام ألفين وعشرين للميلاد.
الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين :
الدكتور راتب :
نعم هناك شيء آخر أريد أن أقول صراحة: حينما تأتي شظية وتقتل مقاوماً، ويلقى الله عز وجل هذا في القرآن الكريم يعد نصراً، والدليل أصحاب الأخدود، هؤلاء حرقوا جميعاً، وماتوا جميعاً، ووصفهم الله بأنهم هم الفائزون
هذا وصف من الواحد الديان، من خالق السماوات، فأنا حينما أموت حتف أنفي، أموت موحداً، أموت طائعاً لله، أموت عابداً، أستاذ أحمد مما يلفت النظر، أن كل اللقاءات الصحفية مع المواطنين في غزة عقب الحرب ما سمعت واحداً وصف الذات الإلهية بما لا يليق بها، ما سمعت إلا الحمد لله، وهذا إيمان كبير جداً، يقول الإمام علي رضي الله عنه: "الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين".
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم كانت رائحة الموت تفوح في كل مكان، والدمار يغطي كل الأرجاء، ومع ذلك مظهر السبابة التي ترفع موحدة شاهدة لله عز وجل، كان المظهر الطاغي على كل فضائيات العالم، بل حاولت بعض الفضائيات التي تترصد أن يتذمر الناس تذمراً من الصواريخ التي تطلقها المقاومة، بحثوا في أرجاء غزة وتحت الدمار لكن الله عز وجل ردهم بكيدهم خائبين، لم ينالوا شيئاً، ولن يستطيعوا أن يجدوا في غزة إنساناً، أو طفلاً، أو كبيراً، تذمر من الجهاد، ومن المقاومة، على العكس كان المشهد مشهداً تفاؤلياً.
من أحسن الظن بالله و رضي بقضائه و قدره سينتصر لا محالة :
الدكتور راتب :
والله أنا التقيت في الكويت بأستاذ جامعي زار غزة، والتقيت بأناس كثيرين زاروا غزة، والله المفاجأة الصاعقة، أنهم ذهبوا لرفع معنويات أهل غزة، فإذا بأهل غزة يرفعون لهم معنوياتهم، هذا سمعته كثيراً، قال لي هذا الأستاذ الجامعي نفسه:
كنت أظن أن أهل غزة محاصرون فإذا نحن المحاصرون، نحن المحاصرون بشهواتنا ومصالحنا، أنا ما سمعت إنساناً ذهب إلى غزة إلا رجع وقد امتلأ إعجاباً بأهلها، على كلٍّ يبدو أن الله عز وجل حينما يأخذ من المسلم بعض ما يتمناه يعوض عليه آلافاً مؤلفة من القرب من الله عز وجل، وإذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟ هذا ما يسمى بالسكينة، يسعد بها الإنسان ولو فقد كل شيء، ويشقى بفقدها ولو ملك كل شيء، إذاً هؤلاء الذين استشهدوا من أخوتنا الكرام، هؤلاء تمتعوا بما يسمى بالنصر المبدئي، مات موحداً، طائعاً، يحسن الظن بالله، راضياً بقضاء الله وقدره، هذا منتصر ورب الكعبة.
بل عهدنا أشياء ما نعلمها من ثقافة المسلمين الأخيرة، أي هذا الذي دلّ على بيت وزير الداخلية وقتل، و تدفع أمه الناس لتصل إليه، ماذا تتوهم؟ تبكي لقتله، فإذا هي تضع رجلها على رأسه وتقول: لا ردك الله أيها الكلب، هذا شيء لم نعهده في ثقافة المسلمين، قلب الأم معروف حينما يبلغ الوعي قلوب الأمهات، حينما يرفض أي إنسان في غزة أن يستقبل معزياً لا يستقبله إلا مهنئاً، وحينما نقول: إن كل بيت في غزة فيه شهيد، أو حافظ لكتاب الله، هذا شيء ما عهده المسلمون في عصرهم الآن، أنا أقول والله دائماً إن أهل غزة نابوا عن المسلمين جميعاً في الدفاع عن الإسلام.
الأستاذ أحمد :
سيدي الكريم أعلنها رئيس الوزراء، الإمام خطيب الجمعة، الشيخ المجاهد إسماعيل هنية، فقال: كنا نطلق على القطاع قطاع غزة واليوم نقول إنه قطاع الحفظة، الصيف الماضي رأيتم كيف أن الآلاف من الحفظة لكتاب الله عز وجل الذين تحولت بيوتهم مع أهلهم إلى خلايا نحل في حفظ كتاب الله، قال: سيتحول هذا القطاع قطاع غزة إلى قطاع الحفظة.
5 ـ حماية الله عز وجل أهل غزة من الدمار و الموت :
الدكتور راتب :
لعل هؤلاء القوم الذين آمنوا بالله، وبذلوا من أجله الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، سيكونون قدوة للمسلمين، هناك مظهر آخر من مظاهر النصر، أن الله عز وجل حينما يحمي قلة قليلة من الصواريخ والمدرعات والطائرات "f16" والأباتشي، من الدمار، من الأسلحة الكيماوية، والفسفورية، حينما يحفظهم هو يحبهم، وهذا نصر دعا أحد الصحفيين في الـ "bbc" أن يقول: هذه عناية الله، أي بحسب الذي يراه من هذه القنابل، وهذا القصف، ينبغي أن تدمر غزة عن آخرها، لكن الذي كان أن الله حفظ هؤلاء، فحفظ المؤمنين في أي حرب يعد جانباً من جوانب النصر، خطط لإبادة أهل غزة الذي كان أن الله حفظهم مع أن القنابل قد ألقيت لأول مرة، معظم الأسلحة كانت تلقى لأول مرة بعد تصنيعها، ومع ذلك هذا الذي سمعناها ما دخل في روع أهل غزة، ولا غيّر من إيمانها بربها، بل إن حفظ الله لها أكّد لها قربها من الله عز وجل.
6 ـ إعجاب العالم ببطولة و صمود أهل غزة :
هناك شيء آخر: هناك نصر معنوي، العالم بأجمعه يتحدث عن بطولات أهل غزة، وعن صدقهم، وعن تعلقهم بوطنهم، وعن شجاعتهم، وعن تضحيتهم، وعن صبرهم، الروايات التي نسمعها ممن زاروا أهل غزة، تكاد هذه لا تصدق، من استسلامهم لله، وتعاونهم، وتآلفهم
فهذا نوع من النصر، رايات المسلمين في غزة رفرفت في أنحاء العالم كله، رفرفت مديحاً وثناءً على صمودهم، مما يضاعف هذا الصمود تخلي أخوانهم عنهم، هذه مشكلة كبيرة جداً مع التخلي هم وحدهم تحت هذه الصواريخ والقنابل، بقوا وحدهم تحت هذه القنابل، وهذه الحرب الشرسة، اللئيمة، القاسية، عفواً أستاذ أحمد هل تسمي بطلاً بالمصارعة أمسك طفلاً رضيعاً وضربه بطلاً؟ شعب غزة الأعزل هذا يقابل "f16"، والأباتشي، والمدرعات الميركافا، هل يعد هذا نصراً؟ إذا ضرب إنسان مصارع رضيعاً نصفق له؟ يكون الذي صفق أحمقاً، فهذا ليس نصراً، فأحد مظاهر النصر أن العالم كله أعجب ببطولة هؤلاء، وبصمود هؤلاء، وبصبر هؤلاء، وبتعاون هؤلاء، وبتنظيم هؤلاء، هناك تنظيم، أنا سمعت كلمة من الأخ خالد ـ جزاه الله خيراً ـ هذه الحقيقة دقيقة جداً مبنية على إيمان، قال: يا رب أعددنا ما نستطيع بقي أن تنصرنا، لأن الله عز وجل قال :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة، كلفنا أن نعد القوة المتاحة.
خاتمة و توديع :
الأستاذ أحمد :
منتهى التسليم لكن مع الإعداد، سيدي الكريم أتمنى أن أستكمل وحضرتكم بقية الشواهد، والدلائل، والمظاهر، على أن نصر غزة كان نصراً حقيقياً، وحُق لأهل غزة أن يفرحوا، وأن يفخروا، بما قدموه للعالم العربي والإسلامي، من تجربة نسأل الله أن تكون ملهمة لمن سلم وسالم ورضخ لواقع أليم مؤلم، أن تكون تجربة ملهمة له في أن ينفض عنه غبار الخذلان و الهوان، لكن الوقت يتداركنا في هذا اللقاء المبارك، جزاك الله خيراً.
على أمل أن ننهي هذا الجزء من حوارنا الخاص مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي، ونعد الأخوة المشاهدين والأخوات المشاهدات، في جزء حلقتنا القادم بإذن الله تعالى أن نستكمل وشيخنا الجليل بقية الشواهد، التي تدل على النصر الحقيقي الذي أكرم الله عز وجل أهل غزة، ونضيف عليه أيضاً معرفة أسباب النصر، ومقوماته، وأنواعه، إلى أن نلتقي نشكر فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته