- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠50ندوات مختلفة - قناة الأقصى
مقدمة :
المذيع :
أيها الأخوة الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأهلاً وسهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الإسلام والحياة .
لك الحمد مولانا على كل نعمة ، ومن جملة النعماء قولي لك الحمد .
مشاهدينا الكرام ، الأمة الإسلامية القوية كانت قوية عندما كانت متمسكة بكتاب الله سبحانه وتعالى ، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن ابتعدت أمتنا عن الطريق السليم ، وعن السبيل القويم ، ما كان لها إلا أن تعيش في هذا الضعف ، وفي هذا الوهم ، وفي هذا التكالب من الأمم عليها ، و بعد أن ابتعدت عن قول الله سبحانه وتعالى :
﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾
عوامل تفرق ، أو عوامل اتحاد الأمة وأسباب تفرقها ، هذا عنوان حلقتنا هذا اليوم في برنامج الإسلام والحياة بإذن الله تعالى .
ترحيب حار بالدكتور محمد راتب النابلسي :
ضيفنا في هذه الحلقة إنسان وعالم تميز في علمه وغزارته ، وأبدع في المجالات كلها ، وكان من المتميزين ، والعلماء العاملين ، وهو الذي تحدث في أسماء الله الحسنى ، وتحدث في تفسيرها ، وتحدث كذلك في مدارج السالكين ، وتهذيب النفس ، وتحدث كذلك في العديد من الموضوعات الإسلامية ، الإخلاص ، والصدق ، والاستقامة ، والحياء ، ضيفنا بإذن الله تعالى في هذه الحلقة من برنامجنا الإسلام والحياة هو الداعية الإسلامي الكبير ـ بإذن الله تعالى ـ الدكتور محمد راتب النابلسي ، طبعاً معنا عبر الأقمار الصناعية من دمشق عالمنا الجليل .
أهلاً وسهلاً بك عالمنا ، وشرفتنا .
الدكتور راتب :
بكم أخي الكريم بارك الله بك ونفع بك ، ونفع الأمة أيضاً .
المذيع :
نعم حياكم الله ، طبعاً بداية نرحب بك شيخنا من غزة التي تستمع لصوتك الندي الشجي كل صباح ، وتمضي على ما تردده من تعاليم إسلامنا الحنيف .
الآن شيخنا الحبيب ، كيانات منفصلة ، وخلافات ، ومنازعات ، وتفرق ، وتشرذم حلّ بالأمة الإسلامية ، مع أن الأمة الإسلامية أستاذنا ودكتورنا تمتلك المقومات التي ربما لا تمتلكها أمة غيرها ، بداية كيف وصلنا لهذا الحال شيخنا الجليل ؟
حينما نتعاون ونصطلح مع الله لا بدّ من أن يحب بعضنا بعضاً :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين أمناء دعوته ، وارضَ عنا عنهم يا رب العالمين .
أخي الكريم جزاك الله خيراً ، هذا السؤال يحتاج إلى شرح ، ذلك أن في القرآن الكريم قوانين ، هذه القوانين هي حقائق ، وعلاقات ثابتة ، فحينما قال الله عز وجل :
﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
إذا أنا طبقت منهج الله عز وجل ، وطبق الذي معي منهج الله عز وجل ، لا يمكن أن نختلف ، أما حينما نبتعد عن منهج الله عز وجل ، وعن تطبيق دقائق هذا المنهج ، نختلف، لذلك :
((مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا))
﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
هذا قانون قطعي الثبوت ، مضطرد ، وشامل .
فنحن حينما نتعاون ، وحينما نصطلح مع الله ، وحينما نعود إلى منهج الله ، وحينما نُحكم شرع الله ، وحينما نبتغي وجه الله ، لا بدّ من أن نتعاون ، وأن يحب بعضنا بعضاً .
الدنيا تفرق والآخرة تجمع :
هناك نقطة فرعية ، الدنيا تفرق ، والآخرة تجمع ، الدنيا محدودة ، المكاسب محدودة ، المصالح محدودة ، يجري عليها تنازع كبير قد يؤدي إلى إسالة الدماء ، لكن الآخرة تجمع الجميع ، وسقفها مرتفع ، بل هي بلا سقف ، كل طموحات البشر يمكن أن تحقق في الآخرة ، لذلك حينما نبتغي الآخرة علينا أن نجتمع ، ونتعاون .
ذلك أن في الإنسان طبعاً ومعه تكليف ، طبعه فردي ، والتكليف تعاوني ، فالإنسان حينما لا يتعاون مع أخيه الإنسان بقدر بعده عن الله ، بقدر معصيته ، بقدر تفلته ، مادام الإنسان مطبقاً لمنهج الله ، مقبلاً على الله ، يبتغي وجه الله ، التعاون ، والتحابب والتناصر شيء طبيعي وحتمي وتحصيل حاصل .
(( وجبت محبتي للمتحابين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نُور ، يغبِطهم عليها النبيُّون يوم القيامة ))
ثمن الجنة تناقض الطبع مع التكليف :
لمجرد أن نتوب إلى الله ، وأن نصطلح مع الله ، وأن نقبل على الله ، وأن نحكم شرع الله في حياتنا ، لمجرد أن نبتغي الدار الآخرة ، نجتمع ونتعاون ، في الإنسان طبع ومعه تكليف ، الطبع يتناقض مع التكليف ، وثمن الجنة من تناقض الطبع مع التكليف ، الطبع فردي والتكليف تعاوني ، الطبع فردي يريد أن يعلو على أنقاض الآخرين ، والتكليف جماعي ، فالإنسان إذا كان مطيعاً لله هو مع التعاون ، ومع التناصر ، ومع التعاضد ، ومع إنكار الذات، ومع التنازل لأخيه الإنسان ، أما إذا كان مع طبعه فالطبع يتناقض مع التعاون .
فلذلك ثمن الجنة من تناقض الطبع مع التكليف ، الآية الكريمة :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾
عن طبعه .
﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
حينما نعود إلى الله نتعاون .
المذيع :
كنت سألتك شيخنا عن أسباب الفرقة الحقيقية الظاهرة والباطنة ، التي يعانيها العالم العربي والإسلامي ؟
انطلاق المؤمن من العطاء و غير المؤمن من الأخذ :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن المؤمن ينطلق من العطاء ، وغير المؤمن ينطلق من الأخذ ، فالمؤمن يعطي ، يسعد بالعطاء ، والعطاء يسبب المودة والمحبة ، العطاء يجعل التعاون واقعاً ، أما حينما يعود الإنسان إلى طبعه ـ كما قلت قبل قليل ـ يتمنى أن يأخذ ، وكأن البشر جميعاً على نموذجين ، نموذج يعطي هم المؤمنون ، ونموذج يأخذ هم غير المؤمنين ، فإذا بني المجتمع على العطاء ، والتضحية ، كان التعاون والتناصر ، وكان الوضع الذي يغيظ الأعداء.المذيع :
الآن شيخنا هل هناك أزمة والخلل في العقول والنفوس أم أن الأزمة تتولد من المناهج والأفكار ؟ أم أن هناك خللاً في تطبيق هذه المناهج ؟.
الحياة لا تصلح إلا إذا عدنا إلى الله عز وجل فالبر صلاح الدنيا والتقوى صلاح الآخرة :
الدكتور راتب :
والله الموضوع أعقد من أن يعزى إلى جهة واحدة ، الموضوع كبير جداً ، هناك تفرق في التفكير ، وفي المبادئ ، وفي القيم ، هذا التفرق يساوي التبعثر ، والتشرذم ، وهناك ضعف في الإرادة ، لو أن الإرادة قوية ، والمعلومات واضحة ، والمنطلقات سليمة ، الإرادة القوية مع المنطلقات السليمة تؤدي إلى نتائج إيجابية ، لكن إرادة ضعيفة مع تبعثر وتشرذم هذا من شأنه أن يبين سبب ضعفنا جميعاً .
الحقيقة الأمة تقوى بالتعاون ، والتعاون حضارة ، التعاون فضيلة ، التعاون أمر إلهي ، وكل أمر إلهي يقتضي الوجوب ، قال تعالى :
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
والبر صلاح الدنيا ، والتقوى صلاح الآخرة ، فأي أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، فإذا قال الله عز وجل :
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
معنى ذلك أنا ينبغي أن أضع حظوظي الشخصية تحت قدمي من أجل المصلحة العامة ، فالانتماء للمجموع دين ، وحضارة ، وتقدم ، والانتماء الفردي تبعثر ، وتشرذم ، أنا حينما أنتمي إلى مصالحي تتعارض هذه المصالح مع مصالح الآخرين ، لذلك يكون الشحناء ، والبغضاء ، وقد يكون التلاسن ، وقد تسيل الدماء ، أما حينما أجعل مرضاة الله عز وجل ، وطاعته نصب عيني شيء طبيعي جداً أن يكون المجتمع متماسكاً جداً ، والمجتمع المتماسك نتيجة التوحد الذي جعله يتحرك باتجاه واحد ، أما التبعثر ، والتشرذم ، والتفرق ، وضعف الإرادة ، يؤدي إلى الفرقة التي نعانيها ، أي لا تصلح الحياة إلا إذا عدنا إلى الله عز وجل .
مشكلات العالم الإسلامي تحل في القرآن الكريم بكلمتين ؛ الصبر و التقوى :
الحقيقة الدقيقة جداً قال تعالى :
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
تصور أن الإله العظيم يصف مكر الطرف الآخر بأنه يزيل الجبال ، ثم يقول الله عز وجل :
﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾
شيء آخر : صدق ولا أبالغ مشكلات العالم الإسلامي تحل في القرآن الكريم بكلمتين :
﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾
﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً ﴾
والذي حدث في حرب غزة أن هذا يعد كسراً لهذه العصا الغليظة التي أقامها الغرب في هذه المنطقة ، ويعد هذا الكسر لهذه العصا تطبيقاً لمنهج الله عز وجل الذي وعد المؤمنين بالنصر .
المذيع :
الآن دكتور الطبيعة البشرية دائماً مختلفة الأفكار ، والعقول ، والأشكال لماذا لا نقول إن هذا الاختلاف في البشر يأتي ضمن السياق الطبيعي في هذا الاختلاف ، أي نستطيع أن نقول بأن الاختلاف موجود في الأشكال ، وفي الأفكار ، طبيعة بشرية وهي في هذا السياق.
الاختلاف في البشر ليس في العقائد ولا في المنطلقات النظرية إنما الاختلاف في المناهج :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن الاختلاف ليس في العقائد ، والاختلاف ليس في المنطلقات النظرية ، والاختلاف ليس في الأهداف ، الأهداف واضحة ، والآلام واضحة ، والآمال واضحة ، أما الاختلاف في المناهج هذا ممكن ، هذا هو التنافس ، هناك اختلاف يعد طبيعياً مع نقص المعلومات ، هناك اختلاف يعد قذراً ، هؤلاء الذين اختلفوا من :
﴿ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾
هذا اختلاف حسد ، اختلاف تنافس ، أما الاختلاف الطبيعي اختلاف تنافس ، أنا أرى أن الحل في تقوية الأمة ، و في تصنيع ثرواتها ، و في تعليم أبنائها .
الاختلاف الثالث محمود ، اختلاف تنافس ، هناك اختلاف قذر أساسه الحسد والبغضاء ، و اختلاف طبيعي أساسه نقص المعلومات ، فاختلاف نقص المعلومات طبيعي جداً حينما تتضح المعلومات يزول هذا الخلاف ، أما اختلاف الحسد والبغضاء ،
﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾
﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ﴾
خلاف بغي ، أما الاختلاف الطبيعي اختلاف تنافس ، نحن في العالم الإسلامي نحن في مجال الدعوة إلى الله ، هذا يؤلف الكتب ، هذا يلقي الدروس ، هذا يؤلف القلوب ، هذا ينشئ الجمعيات ، هذا اختلاف تنافس ، هذا محمود ، هذا يعين على التقدم والتفوق ، فالشيء الطبيعي الذي تفضلت به هو اختلاف التنافس ، أما اختلاف المبادئ والمنطلقات هذا لا ينبغي أن يكون في الأمة .
المذيع :
كثيرة هي النصوص الشرعية التي تنبأت بالأحوال المستقبلية للأمم وللبشر ، الآن يقول بعض الناس إن هذا القدر قد كتب علينا ، ماذا تقول ؟.
الإنسان مخير و يحاسب على عمله :
الدكتور راتب :
في أية لحظة الإنسان مخير .
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
الآيات التي تتحدث عن أن الإنسان مخير كثيرة جداً ، وفي اللحظة التي نتوهم بها أن هذا قدرنا ولا حول لنا ولا قوة نكون قد ألغينا الدين ، وألغينا الثواب والعقاب ، وألغينا المسؤولية ، وألغينا التكليف ، وألغينا حمل الأمانة ، الإنسان مخير يحاسب ،
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾
نختلف اختلاف تنافس ، نختلف اختلاف تطلع إلى مستقبل أفضل ، أما في المنطلقات الأساسية ينبغي أن نكون على حبل متين واحد .
المذيع :
ماذا عن تأثير الدور الخارجي المحيط بالأمة الإسلامية في تأثرها وتفرقها ؟ .
العدو لا يستطيع أن يفعل شيئاً مع أمة متماسكة متعاونة و متناصرة :
الدكتور راتب :
لا أصدق أن نفاجأ أن العدو يحبنا ، أن العدو يريد لنا المجد والسؤدد ، لا أصدق أبداً أن العدو يعمل لمصلحتنا ، شيء طبيعي جداً أن العدو عدو ، لكن أحياناً العدو لا يستطيع أن يفعل شيئاً مع أمة متماسكة ، الخطأ منا ، من أين جاء علو الجبل ؟ من الوادي الذي إلى جانبه ، لو الثاني جبل آخر ما كان عالياً ، يأتي علو الجبل من وادٍ إلى جانبه ، فالعدو يستغل ضعفنا ، يستغل تفرقنا ، يستغل خصوماتنا ، عندئذٍ يقوى العدو ، أما حينما نتماسك العدو لا شأن له معنا إطلاقاً ، والله عز وجل موجود ، وموضوع النصر موضوع دقيق جداً ، الله عز وجل :
﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
الله عز وجل بيده الأمر كله فإذا كنا معه كان معنا :
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن الأمر كله عائد إليه ، لا يمكن أن يخلق الله الأقوياء ويطلقهم كيفما شاؤوا على حساب حقوق الضعفاء ، فلذلك :
﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
والأحداث التي جرت في غزة تؤكد هذه الحقائق ، هم يتوقعون أن تنتهي المعركة بيوم واحد ، أسابيع ثلاثة لم يتحقق من أهدافهم شيء ، معنى ذلك الله عز وجل بيده الأمر كله ، فإذا كنا معه كان معنا .
كن مع الله ترَ الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
* * *
المذيع :
الآن أستاذنا ودكتورنا الفاضل ، الآن لو تحدثنا عن أثر هذا التفرق الذي يخيم على الأمة الإسلامية على القضايا المصيرية ، كقضايا العراق ، والقدس ، والصومال ، والقائمة ربما يطول ذكرها .
تفرقنا وضعفنا وعدم إخلاصنا وانتماءنا لذاتنا هو الذي سبّب فرقة هذه الأمة :
الدكتور راتب :
أخي الكريم الأمة العربية والإسلامية تشغل ربع سكان الأرض ، مليار وخمسمئة مليون تتربع على أهم منطقة في العالم ، معها ثروات لا يعلمها إلا الله ، لكن تفرقنا ، وضعفنا، وتشرذمنا ، وعدم إخلاصنا ، وانتماءنا لذاتنا ، هو الذي سبب هذه الفرقة ، العلة فينا، لكن الله سبحانه وتعالى حبانا بأرض واسعة ، بأرض شاسعة ، بأبعاد لا تنتهي ، حبانا بثروات طائلة ، حبانا بمشتركات ، تاريخ مجيد ، وآلام ، وآمال ، وتطلعات ، لكن حينما تكون الفرقة عندئذٍ يعتصر القلب ألماً ، القضية قضية تقصير من المؤمنين والمسلمين ، تقصير كبير جداً أنا لست متشائماً الأمر يتحسن كثيراً ، والأمر في طريق صاعد وأنا أقول :
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وجنودهما مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
مستحيل وألف ألف مستحيل أن يتخلى الله عنا ، لكنه يعالجنا ، لكنه يؤدبنا ، لكنه يدفعنا إلى أن نعود إلى ديننا .
المذيع :
كذلك أستاذنا ودكتورنا الفاضل ، كيف ساهم وجود الملل الكثيرة ، والفرق المذهبية والطوائف في التفرق والتشرذم في الأمة الإسلامية ؟.
مفهوم التعايش والمواطنة يحل مشكلة اختلاف الملل والنحل في المجتمع :
الدكتور راتب :
والله حينما كان النبي الكريم في المدينة ، قال كلمة تأخذ بالألباب ، قال :" أهل يثرب أمة واحدة " .
من في يثرب ؟ أوس وخزرج ووثنيون ، وهناك أوس وخزرج مسلمون ، وهناك يهود ، و نصارى ، و أعراب ، و موالي ، هذا المفهوم مفهوم المواطنة ، مفهوم الوحدة الوطنية ، مفهوم التعاون ، هذا شيء ممكن ، لكنه يحتاج إلى إنصاف ، وإلى عدل ، لا إلى نفسية تريد أن تأخذ كل شيء ، وأن تدع الآخر بلا شيء ، حينما ننطلق من تعاون هذه الألوان والأطياف في المجتمع لا قيمة لها كثيراً ، لأن كل إنسان له علاقة مع أخيه الذي يسكن في وطن واحد ، لكن العبرة أن يكون مع منهج الله عز وجل مطبقاً ، وموحداً لهذا الإله العظيم ، فاختلاف الملل والنحل في المجتمع لا يشكل مشكلة كبيرة لأن مفهوم التعايش والمواطنة يحل هذه المشكلة .
المذيع :
الآن التعاون كما أسلفت شيخنا الفاضل هو أساس الوحدة ، وهو أساس الالتقاء ، كيف عالجت الشريعة الإسلامية بأدلتها التفصيلية مسألة الاختلاف بين أفراد الأمة ومسألة الاجتماع ؟.
تحكيم منهج الله عز وجل شيء أساسي عند الاختلاف فيما بيننا :
الدكتور راتب :
الحقيقة هو أن التعاون أمر إلهي ، وكل أمر يقتضي الوجوب ، قال تعالى :
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
والبر ـ كما قلت قبل قليل ـ صلاح الدنيا ، والتقوى صلاح الآخرة ، هذا المنهج ، هذا الذي أُمرنا به ، أما عند الخلاف لا بدّ من تحكيم منهج الله عز وجل بيننا .
﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾
أما أن نستعين بالآخر ليحل مشكلاتنا ، يأخذ كل ثرواتنا ، ويحتل أرضنا ، وينهي كل إمكاناتنا .
المذيع :
الآن لو اتحدنا وانتقلنا إلى الدور الملقى على كاهل العلماء في كلا الصعيدين تجمع الأمة أو تفرقها ؟.
على العلماء أن يكونوا مع منهج الله عز وجل متحررين من كل مصلحة ومن كل هوى :
الدكتور راتب :
والله العلماء لهم دور خطير ، لهم دور المبيّن ، العالم مكلف بأمانة التبيين ، الأنبياء كلفوا بأمانة التبليغ ، والعلماء كلفوا بأمانة التبيين ، والله عز وجل يقول :
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾
هؤلاء الذين يبلغون رسالات الله لهم آلاف الصفات ، أغفلها الله جميعاً ، وذكر صفة واحدة ، هذه الصفة تسمى عند علماء البلاغة صفة مترابطة مع صفة الموصوف ترابطاً وجودياً بمعنى إذا ألغيت هذه الصفة ألغي الموصوف .
نقول : طائرة كبيرة ، والباخرة كبيرة ، طائرة غالية الثمن ، واليخت غالي الثمن، أما الطائرة تطير لو ألغينا طيرانها أُلغيت الطائرة .
العلماء الذين ندبهم الله إلى تبليغ رسالاته قال عنهم :
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾
فلو أنهم خشوا غير الله لسكتوا عن الحق خوفاً ولتكلموا بالباطل تقرباً ، انتهت دعوتهم .
لذلك العلماء ينبغي أن يكونوا مع منهج الله عز وجل متحررين من كل مصلحة ومن كل هوى .
قال له : يا أبا حنيفة لو تغشيتنا ، قال : ولِمَ أتغشاكم وليس لي عندكم شيء أخاف عليه ، وهل يتغشاكم إلا من خافكم على شيء ؟
المذيع :
الآن بعد الحديث عن الفرقة ؛ الاختلاف والأسباب التي أدت إلى هذا الأمر كيف يمكن لنا شيخنا الحبيب أن نجمع شتات الأمة ، ونوحدها ، وهل هذا كما يقول البعض أمر مستحيل ؟.
أسباب النصر الذي نطمح إليه هي :
1 ـ الإيمان :
الدكتور راتب :
هذا ليس مستحيلاً ، بادئ ذي بدء هذا النصر الذي نطمح إليه جميعاً ، قال تعالى :
﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
هذا النصر المفرح الذي يتطلع له المسلمون في شتى بلادهم ، هذا النصر له أسباب ، أول سبب يأتي في قوله تعالى :
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
من هم المؤمنون ؟ الذين حملهم إيمانهم على طاعة الله ، الإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله لا قيمة له إطلاقاً ، إبليس قال ربي :
﴿ فَبِعِزَّتِكَ ﴾
أي آمن بالله عزيزاً ورباً ، قال :
﴿ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
آمن بالآخرة ، قال :
﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ ﴾
آمن بالخالق ، ومع ذلك فهو إبليس اللعين ، لأنه ما طبق الذي يعرفه عن الله عز وجل ، فأي إيمان لا يثمر استقامة ، والتزاماً ، وانضباطاً ، أن يراك الله حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك ، لا قيمة له إطلاقاً ، أما الإيمان شرط لازم غير كافٍ للنصر .
2 ـ الإعداد :
والشرط الثاني الإعداد ، قال تعالى :
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
جاءت القوة نكرة ، و التنكير شمولي ، ففي عهد النبي عليه الصلاة والسلام القوة رباط الخيل ، بعد حين القوة المنجنيق ، بعد حين المدافع ، بعد حين المدرعات ، الآن الطائرات ، ثم الإعلام ، كل قوة ينبغي أن نسعى إليها .
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
لا بدّ من الإعداد لأن الله رحمنا ، ما كلفنا أن نعد العدة المكافئة ، كلفنا أن نعد القوة المتاحة فقط ، وهذا الذي حدث في غزة ، فئة قليلة مؤمنة استطاعت أن تقف في وجه رابع جيش في العالم ، وأول جيش من حيث تنوع الأسلحة ، والجيش الذي يتوهم أصحابه أنه لا يقهر ، لكنه قهر .
أخطر شيء بحياة المسلمين أن يهزموا من الداخل لا من الخارج :
الحقيقة قوانين الله قائمة ،
﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
أخطر شيء بحياتنا أن نهزم من الداخل لا من الخارج ، من الداخل أن نيأس ، لذلك اقترب المسلمون من ثقافة الطريق المسدود ، من ثقافة الإحباط ، من ثقافة اليأس ، أعطانا الله جرعة منعشة في حرب غزة ، هذه جرعة منعشة لعل الله سبحانه وتعالى يتابع نصره لنا ، لكن لا بدّ من طاعة له ، لا بدّ من طاعة إليه ، لا بدّ من إقبال عليه :
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
إذاً الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، ثم الإعداد بقدر ما تستطيع ،
﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
ما كلفنا أن نعد القوة المكافئة ، كلفنا أن نعد القوة المتاحة إذا تحقق هذان الشرطان ، النصر بيد الله ، الآيات دقيقة جداً.
﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾
زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾
وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾
فإذا أخلّ الفريق الثاني ـ هم عباد الله ـ بعبادة الله فالله جلّ جلاله في حلٍّ من وعوده الثلاثة ، ومرة ثانية زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ،
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي ﴾
هذه الآية أصل .
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، نحن معنا وحي السماء ، معنا كلام خالق السماوات والأرض ، والله موجود
﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾
المذيع :
الآن دكتور نعود إليك ونتحدث ، لو سمحت لنا ما الخطوات العملية لاستعادة النصر، ولاستعادة الوحدة الإسلامية للأمة الإسلامية .
أنواع النصر :
1 ـ النصر الاستحقاقي :
الدكتور راتب :
لا بدّ أيها الأخ الكريم بارك الله بك من أن نتحدث عن أنواع النصر هناك نصر استحقاقي ، كما نصر الله الصحابة الكرام في بدر .
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
هذا نصر استحقاقي ، لذلك الإنسان إذا قدم لله عز وجل أسباب النصر ومقومات النصر من إيمان يحمل على طاعة الله ، ومن إعداد للقوة المتاحة ، يكون قد قدم أسباب النصر ، شيء طبيعي جداً أن يكرمه الله بالنصر .
فهذا النصر إذا بني على تقديم أسباب النصر ومقوماته ، يسمى نصراً استحقاقياً.
2 ـ النصر التفضلي :
لكن الله جلّ جلاله من حين لآخر له نصر تفضلي ، قد لا يملك المسلم أسباب النصر ، لكن الله سبحانه وتعالى يتفضل عليه فينتصر ، يؤكد هذا المعنى قوله تعالى :
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾
نحن أحياناً نقول : يا رب ، إن كنا لا نستحق نصراً استحقاقياً فانصرنا نصراً تفضلياً ، هذا نوع آخر من النصر .
3 ـ النصر الكوني :
هناك نوع ثالث حينما يكون المتحاربان بعيدين عن الله كلياً ، و بعيدين عن منهج الله فالذي ينتصر هو الأقوى فقط ، وهذا النصر اسمه نصر كوني .
4 ـ النصر المبدئي :
أما حينما تأتي شظية فتقتل مؤمناً طاهراً مستقيماً ، صحت عبادته ، وصحت عقيدته ، هذا انتصر مع أنه قُتل ، هذا نصر مبدئي ، فنحن بين النصر الاستحقاقي الذي انتصر به أصحاب النبي الكريم في بدر ، وبين النصر التفضلي الذي قال الله عنه :
﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ﴾
وبين النصر الكوني الذي ينتصر الأقوى ، من يحمل السلاح الأكثر جدوى ، الأكثر دقة في الإصابة ، الأكثر بعداً في المجال ، هذا الذي يحمل السلاح القوي ينتصر إذا كان المتحاربان بعيدين عن الله .
الحرب بين حقين لا تكون وبين حق وباطل لا تطول وبين باطلين لا تنتهي :
لذلك قالوا : الحرب بين حقين لا تكون ، لأن الحق لا يتعدد ، فبين نقطتين لا يمر إلا مستقيم واحد ، ولو رسمنا آلاف المستقيمات تأتي فوق بعضها بعضاً ، الحق لا يتعدد لذلك الحرب بين حقين لا تكون ، وبين حق وباطل لا تطول ، لأن الله مع الحق ، وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ وبين باطلين لا تنتهي ، الشيء الذي يخيف أن تكون المعركة بين باطلين ، قوتنا بإيماننا ، قوتنا بالتزامنا ، قوتنا بطاعة ربنا ، قوتنا بإخلاصنا ، قوتنا بإقبالنا على ربنا ، الحرب بين حقين لا تكون ، وبين حق وباطل لا تطول ، وبين باطلين لا تنتهي .
فلذلك النصر الاستحقاقي نرجو أن نكون أهلاً له ، و إلا نرجو الله أن ينصرنا نصراً تفضلياً ، أما حينما نبتعد جميعاً عن منهج الله الأقوى ينتصر ، أما حينما يستقيم عمل الإنسان الضعيف و تصح عقيدته ، و تصح عباداته ، وتأتيه شظية ، فيموت شهيداً هذا انتصر كما انتصر أصحاب الأخدود ، وقد أحرقهم الملك لكنهم انتصروا .
هذه أنواع النصر ، والنصر دائماً شيء محبب للنفس ، ولكن الله تعالى سبحانه وتعالى جعل له هذين القانونين الأساسيين .
المذيع :
الآن دكتور لو تحدثنا عن الواجب على الأمة الإسلامية ، ما هو الواجب الملقى على الأمة الإسلامية حتى تهيئ وسائل وأسباب النصر ؟.
ذروة سنام الإسلام الجهاد و أنواعه هي :
1 ـ جهاد النفس و الهوى :
الدكتور راتب :
الجهاد :
(( ذروة سنام الإسلام الجهاد))
من لم يجاهد ، أو من لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من النفاق ، ولكن للجهاد أنواع ، الجهاد الأول أنا أسميه الجهاد الأساسي ، كالتعليم الأساسي ، الجهاد الأول جهاد النفس والهوى ، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة ، متى تنتصر ؟ حينما يكون الله معك ، متى تشعر أن الله معك ؟ حينما تستقيم على أمره ، الجهاد الأساسي جهاد النفس والهوى .
قال بعض الصحابة بعد غزة من الغزوات : " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ".
جهاد النفس والهوى لا بدّ من أن نضبط بيتنا ، أن نضبط دخلنا ، أن نضبط إنفاقنا، أن نضبط بناتنا ، أن نضبط علاقاتنا ، لا بدّ من أن نستقيم على أمر الله ، الدين كله بلا استقامة ثقافة ، شعور إسلامي ، فكر إسلامي ، أرضية إسلامية ، خلفية إسلامية ، تطلعات إسلامية ، مشاعر إسلامية ، زخرفة إسلامية ، أقواس إسلامية ، من دون استقامة لن نقطف من ثمار الدين شيئاً ، ما قولك أن يقول النبي الكريم :
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
فكيف إذا كانوا مليار وخمسمئة مليون ؟ ليست كلمتهم هي العليا ، وليس أمرهم بيدهم ، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل .
إذاً جهاد النفس هو كالتعليم الأساسي ، جهاد النفس والهوى ، من لم يجاهد ومن لم يحدث نفسه بالجهاد مات على ثلمة من النفاق ، الجهاد :
(( ذروة سنام الإسلام الجهاد))
الجهاد أن تضبط أمورك وفق منهج الله ، هذا الجهاد الأول الأساسي ، الذي لا بدّ منه ، أما أن ينتقل الإنسان من مخالفات ، وشرود ، ومعاص ، وآثام إلى الجهاد الذي يتوهمه ذروة سلام الإسلام فهذا مستحيل .
2 ـ الجهاد الدعوي :
شيء ثان : الجهاد الثاني الجهاد الدعوي ، قال تعالى :
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ﴾
بالقرآن :
﴿ جِهَاداً كَبِيرا ﴾
ما ذُكر جهاد بالقرآن ووصف بأنه كبير إلا الجهاد الدعوي ، كيف نعرف الله ؟ كيف خُلقنا في الدنيا ؟ ماذا بعد الموت ؟ لماذا ابتلانا الله بهؤلاء الأعداء ؟ ما الحكمة من ذلك؟ يجب أن نعرف الله ، حينما نعرف الله ، نعرف قوانينه ، نعرف سننه ، نعرف سرّ وجودنا ، وغاية وجودنا ، هذا جهاد دعوي ، قال تعالى :
﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيرا ﴾
3 ـ الجهاد البنائي :
أما الجهاد الثالث هو الجهاد البنائي ، أنا لا أنسى كلمة قيلت قبل حرب غزة قال أحدهم : يا رب لقد أعددنا ما نستطيع ، هذا الذي بأيدينا ، لا أنسى هذه الكلمة لأنها تعبر عن منهج ، أنا أعد لعدوي ما أستطيع وعلى الله الباقي ، فينبغي أن نعد أطفالنا ، وشبابنا ، وشاباتنا ، أن نعدهم علمياً ، ونفسياً ، واجتماعياً ، وأن نعد كل قدراتنا ، وأن نستخدمها في سبيل قوتنا ، لذلك :
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
هذا الجهاد البنائي ،
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ ﴾
الآية دقيقة جداً ،
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾
أن تبذلوا كلما تستطيعون
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
الإعلام قوة ، المعلومات قوة ، التماسك قوة ، الأسلحة قوة ، التعاون قوة ، جاءت الكلمة نكرة ، والتنكير شمولي ، لتغطي كل أنواع القوة إلى يوم القيامة ، لكن وقتها الصحابة الكرام ، قال :
﴿ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾
هذا عطف الخاص على العام ، كي تتضح معنى القوة ، الآن الإعلام قوة ، الآن التعاون قوة ، الآن أن تصنع ما عندك ، والسلاح قوة ، لكن
﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
ينبغي أن يكون عدوكم عدواً لله ،
﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
هذه الآية أصل .
إذاً هذا الجهاد الثاني ، الجهاد البنائي الثالث .
4 ـ الجهاد القتالي :
إذا نجحنا إن شاء الله في الجهاد النفسي ، وفي الجهاد الدعوي ، وفي الجهاد البنائي يُنتظر أن ننجح في الجهاد القتالي هذا منهج ، الله عز وجل لا يتعامل معنا تعاملاً مزاجياً ، والله الذي لا إله إلا هو لو تحدثنا عن النصر آلاف المرات ولم نقدم لله أسباب النصر لا ننتصر ، أنت حينما تتعامل مع الله على أن هناك سنناً وقوانين لا تتبدل ولا تتغير أنت على الطريق الصحيح .
الصحابة الكرام ، وفيهم سيد الأنام في حنين أشركوا قال :
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
لم ينتصروا ، فلذلك الإنسان مع قانون دقيق ، تقول الله فيتولاك ، تقول أنا باختصاصي ، بمكانتي ، بمالي ، بعلمي ، بعلاقاتي ، بتحالفاتي يتخلى الله عنك ، الله عز وجل يتولى أو يتخلى ، إذا قلت الله يتولاك ، فالصحابة الكرام قمم البشر وفيهم سيد البشر في بدر قالوا الله فانتصروا ، هم أنفسهم ، وفيهم سيد الخلق ، في حنين قالوا نحن فلم ينتصروا .
البطولة أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء :
لذلك البطولة أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، سهل جداً أن تأخذ بالأسباب ، وأن تنسى الواحد الديان ، إن أخذت بالأسباب و اعتمدت عليها كلياً وقعت في الشرك ، و إن لم تأخذ بها وقعت تواكلاً في المعصية ، البطولة أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
هذا شيء دقيق جداً ، دائماً التطرف سهل ، ألا تأخذ بها سهل ، أن تأخذ بها وتنسى الله سهل أيضاً ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، بل الله سبحانه وتعالى لم يوفر صحابة نبيه من التأديب ، في أُحد كان هناك معصية ، لو أنهم انتصروا في أُحد لسقطت طاعة رسول الله ، وفي حنين معصية قلبية ، شرك خفي .
(( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ ))
فلو انتصروا لسقط التوحيد ، لذلك ربنا عز وجل يتعامل معنا بالقوانين ، هذه القوانين في القرآن الكريم .
المذيع :
شيخنا الآن في الوقت الحالي ، وغزة التي تحبكم ، وتلتمس طيفكم ، وتقتبس نوركم ، وربما صوتكم يصدح في سمائها كل صباح وما زلتم ، وما زال صوتكم الذي يتردد في صداها يعلمنا الدين ، ويعلمنا صعود المستحيل ، الآن شيخنا في ظلّ الحصار التي تمر به غزة ، وفي ظل موت الكبار ، والصغار بين أسوار هذا الحصار الذي ربما يقتل رجالنا ، وأطفالنا ، ونساءنا ، ماذا تقولون لغزة التي تحبكم ؟.
كلمة الدكتور راتب إلى غزة التي يحبها و تحبه :
الدكتور راتب :
أولاً أقول لها ، تفضلت وقلت : إنها تحبني ، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يكون هناك حب من طرف واحد ، كما أنها تحبني والله أحبها ، هذه واحدة .
الشيء الثاني ، الله عز وجل قال :
﴿ لَّقدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
من نحن أمام سيد الخلق وحبيب الحق الذي حوصر ، الحصار شيء أراده الله ليرفع مقاماتنا إن شاء الله ، والله الذي لا إله إلا هو كُشف لأهل غزة ماذا ينتظرهم بصبرهم ، وثباتهم ، وطاعتهم لربهم مع هذا الحصار الذي لا يحتمل .
والله كنت في بلد عربي ، أحد الدكاترة زار غزة ، ألقى فينا كلمة أبكانا جميعاً ، ماذا قال ؟ قال : أقسم بالله العظيم نحن المحاصرون لا أهل غزة ، قال : نحن المحاصرون بشهواتنا ، هؤلاء تحرروا .
والله نتابع أخباركم كل يوم ، بل كل ساعة ، ونعتز بكم ، والله لقد دافعتم عن الإسلام كله ، والله لقد جعلتم من البطولات شيئاً كأنه إحياء لما مضى لهذه الأمة من بطولات، أنا والله أتطلع إلى انتصاركم إن شاء الله في أقرب وقت ، والله عز وجل لن يتخلى عنكم لأنكم أنتم معه إن شاء الله .
المذيع :
شيخنا هل ترى بشائر النصر تلوح في الأفق ، وهل ترى إرهاصات النصر قادمة في ظل الانتصار ؟ الفئات القليلة تنتصر على الفئات التي تدعي بأنها لا تقهر ، والشباب المؤمن الطاهر يزلزل الاحتلال الغاصب ، يزلزل الذين كبرونا بأسلحتهم ، كيف ترى بشائر النصر ؟.
كل الأحداث التي تقع تؤكد عظمة هذا الدين و هذا من بشائر النصر :
الدكتور راتب :
سأقول لك هذه الكلمة ، إن صحّ أن هناك سطحاً عليه المبادئ والقيم في الأرض، قبل خمسين عاماً كان هناك الشرق والغرب ، الغرب الذي آمن بالفرد ، الشرق الذي آمن بالمجموع ، الشرق تداعى من الداخل وانتهى الأمر ، بقي على الساحة الغرب والإسلام ، أنا أقول لك كلاماً موضوعياً : الغرب قوي جداً ، وذكي جداً ، وغني جداً ، وطرح سابقاً قيماً رائعة جداً ، طرح قيمة الحرية ، وحقوق الإنسان ، وتكافؤ الفرص ، وحق التقاضي ، والعولمة ، واحترام جميع الأديان ، الغرب كان منافساً لهذا الدين العظيم ، كان حضارة فأصبح بعد الحادي عشر من أيلول قوة غاشمة ، ولم يبقَ على ساحة المبادئ والقيم إلا الإسلام .
لذلك عالم أمريكي اهتدى إلى الإسلام ، وزار الجالية الإسلامية في بريطانيا وقال : " أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب ، على الأقل في المدى المنظور لاتساع الهوة بينهما ، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين ، لا لأنهم أقوياء ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام ".
قبل شهر أُغلقت النوادي الليلية في روسيا ، قبل انهيار الاتحاد السوفيتي حُرم الخمر ، انهيار النظام العالمي في الغرب دعا فرنسا ، والفاتيكان ، ودول كثيرة إلى دراسة النظام الإسلامي .
عندنا نعمة كبيرة جداً أنا أسميها الأمن العقدي ، لن يحدث حدث في الأرض يزلزل ديننا ، بل إن كل الأحداث التي تقع تؤكد عظمة هذا الدين ، والله الذي لا إله إلا هو إن أسهم الدين الإسلامي في الأرض في الأوج بعد انهيار النظام العالمي المالي ، بعد حرب غزة هذه الحروب التي كُسرت بها العصا الغليظة ، هذه العصا وضعت في المنطقة لتؤدب أي دولة شرق أوسطية تفكر أن تقول لا للغرب ، هناك من قال لا ، وهناك من كسر هذه العصا، وهذه جرعة منعشة لنا والله ، الله عز وجل يرحمنا ، لئلا نقع في اليأس ، لئلا نقع في الإحباط، لئلا نصل إلى طريق مسدود ، انتصرتم أنتم في غزة ، ونصركم الله ، والله أنا أقول: والله لو دفعنا المليارات الممليرة كي نعري العدو لما استطعنا لكنه عرى نفسه بنفسه في حرب غزة هذا شيء ليس بالقليل .
أنا والله متفائل ، متفائل ، هناك بشائر للنصر ، هناك قوى يستحيل أن تواجه هذا الذي أراه .
خاتمة و توديع :
المذيع :
بارك الله بك شيخنا الحبيب ، ومر الوقت سريعاً وبعلمكم الذي يعلمنا كل شيء ، بارك الله في شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي ، كان معنا عبر الأقمار الصناعية من دمشق شكراً لك ، وبإذن الله تعالى نستضيفك في حلقات قادمة .
الدكتور راتب :
إن شاء الله ، شكراً جزيلاً ، بارك الله بكم ونفع بكم .
المذيع :
جزيتم كل خير ، حياكم الله ، مشاهدينا الكرام في نهاية حلقتنا نشكر ضيفنا الفاضل العلامة الجليل، الداعية الإسلامي الكبير الدكتور محمد راتب النابلسي ، الذي أمتعنا في هذه الحلقة بعلمه ونَفَسه الطيب ، وكما نشكركم جزيل الشكر لأنكم استمعتم وشاهدتمونا ، ونسأل الله تعالى أن يكرمنا ويكرمكم بالنصر القريب ، سرنا أن نظرتم إلينا ، والتمسنا جزءاً من طيفكم ، واقتبسنا شيئاً من نوركم .
مشاهدينا الكرام كان معكم سامح المدون ، وإلى اللقاء في حلقة جديدة دمتم في رعاية الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
والحمد لله رب العالمين