بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا عِلم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

من أسماء الله الحُسنى كتمهيد الودود، فالمودةُ سلوكٌ، فعلٌ، عطاءٌ، ابتسامةٌ، مصافحةٌ، استقبالٌ، تكريمٌ، فالودُّ سلوكٌ يُعبَّر به عن الحُب، الله عز وجل قال:

الجعل يأتي بعد الخلق، الخلق كل شيء من لا شيء، الجعل شيء بعد شيء، هذا الودّ بين المؤمنين من علامة إيمانهم جميعاً.

 الودّ سلوك، الودّ ابتسامة، الودّ زيارة، الودّ تضحية، الودّ إكرام، جميع أنواع السلوك بين المؤمنين تحت عنوان الودّ، والأثر النبوي" تخلّقوا بأخلاق الله"، فالله ودود وينتظر من عباده المؤمنين أن يكون الودّ فيما بينهم، الحقيقة أنَّ سيدنا الصدّيق هذا الخليفة العظيم، عَقب موت رسول الله، قال لسيدنا عمر: مُدَّ يدك لأبايعك، فقال سيدنا عمر: أيُّ أرضٍ تُقلُّني، وأيُّ سماءٍ تُظلني، إن كنت أميراً على قومٍ فيهم أبو بكر، قال له: يا عمر أنت أقوى مني، فقال له: أنت أفضل مني، قال له: إذاً قوتي إلى فضلك، أنا بخدمتك، هذا التعاون، الحقيقة والكلمة مؤلمة جداً، الطرف الآخر يتعاونون تعاون مُذهل وبينهم خمسة بالمائة قواسم مشتركة، والمسلمون بينهم خمسة وتسعون بالمائة قواسم مشتركة ويتنافسون، والتنافس في الآخرة مطلوب أما على الدنيا مذموم، بشكل آخر، يعني أنا سأرمز للشمس بالحقّ، والباطل بالظلام، مع الألم الشديد الذي يعمل في الظلام ينتصر على النائم في ضوء الشمس، الذي يعمل في الظلام وهو الباطل، وهو البُعد عن الله، ينتصر على النائم في ضوء الشمس، مُدَّ يدك لأبايعك، قال له: أيُّ أرضٍ تُقلُّني، وأيُّ سماءٍ تُظلني، إن كنت أميراً على قومٍ فيهم أبو بكر، قال له: أنت أقوى مني، قال له: أنت أفضل مني، قال له: قوتي إلى فضلك، هذا التعاون.

الألم الثاني والمسلمون بينهم خمسة وتسعون بالمائة قواسم مشتركة، والألم الشديد 

والغرب يتفرج علينا، وكأن أهدافه  تحقّقت بِفُرقتنا.

سيدنا عمر قال أحدهم له: ما رأينا خيراً منك بعد رسول الله، تألم ألم، حدَّ البصر إليهم خافوا، واحد بالتعبير الدارج لحق نفسه، قال له: لا والله رأينا خيراً منك، قال: من هو؟ قال: أبو بكر، قال لهم: كنت أضلَّ من بعيري وكان أبو بكرٍ أطيب من ريح المسك، هذا الودّ! أقسم بالله أكاد أقول نمتحن إيماننا بالودّ بيننا، المحبّة، التواضع.

 يعني أتصور أنَّ العلماء يمكن أن يكونوا في دائرة واحدة جميعاً، لأنَّ كل واحد عنده حدّ معقول من كل فروع الدين، من تفسير، من حديث، من سيرة، لكن هذه الدائرة فلان تفوّق في الفقه الحنفي، يضعون له مثلث على الدائرة، هذا في الفقه الشافعي، هذا بالعقيدة، هذا بالسيرة، هذا بالدعوة إلى الله، كل تفوّق من عالِم ضمن الدائرة يُرمز له بمثلث، أنا مؤمن بكل خليةٍ في جسمي، وكل قطرة في دمي، أنَّ هذه المثلثات مُتكاملة فيما بينها، تنافس لا يوجد في الدين، يعني كل واحد الله عز وجل سمح له بحدّ معقول من كل فروع الدين وبتفوّق بفرع، التفوّق مُتكامل، وكل خلاف بين المسلمين له مشكلة كبيرة جداً، يعني إذا كان الهدف واضح كالشمس وله طريق واحد نحن ندَّعي أننا في هذا الطريق فلقائنا حتمي، فإن تفرّقنا يوجد واحد لا يسير على الطريق يدّعي ذلك.

فسيدنا عمر لمّا قال له: ما رأينا أفضل منك لم يتحمل، حدَّ فيهم النظر، قال له أحدهم: لا رأينا أفضل منك، قال لهم: كنت أضلَّ من بعيري وكان أبو بكر أطيب من ريح المسك، لمّا خطب بعد سيدنا الصديق ما قبل أن يقف مكانه، نزل درجة تعظيماً لسيدنا الصديق وأكمل! سيدنا عثمان لم ينزل درجة، الحقيقة مرَّ معي نص رائع جداً، أحد خلفاء بني أمية سأل وزير عنده، لِمَ عثمان لم ينزل درجة؟ قال له: والله لو فعلها لكُنت في قعر البئر.

 يعني أنا أتعلّم من الصحابة الودّ، والله أمتحن إيماني بالمحبة مع إخواني والله أمتحن إيماني كله، مهما معك من معلومات دقيقة.

 أنا اجتهادي المتواضع العالم ثلاث أثلاث، ثلث معلوماته، فهمه، نصوصه، تفسيره، تحليله، إطلاق لسانه، كل ما تريد أن تتكلم عن معلوماته وفهمه وتفسيره وتحليله كله ثلث، والثلث الثاني مواقفه هل وقف مع الظالم أم مع المظلوم؟ وقف مع الحقّ أم مع الباطل؟ مصالحه قد تكون مع الباطل أحياناً الإنسان العادي، فثُلث العالم معلومات، فهم، نصوص، تحليل، تفسير، تعليق، الثلث الثاني مواقفه في الحياة، وقفت مع القوي سقطت من عين الله، أنا أقول والله كلمة: "لأن يسقط الإنسان من السماء إلى الأرض أهون من أن يسقط من عين الله.

الثلث الثاني مواقفه، الثلث الثالث لا يقل عن الأول والثاني، حُسن تقييمه لمن حوله، معلوماته، فهمه، نصوصه، تفسيره، تعليقاته كله جانب أكاديمي، جانب معلوماتي، والثاني مواقفه، والثالث حُسن تقييمه لمن حوله، وأنا أقول: العلماء يرتقون بالتعاون ويضعفون بالتنافس، بارك الله بكم ونفع بكم.

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا عِلماً، وأرِنا الحقَّ حقّاً وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.