- الحديث الشريف / ٠1شرح الحديث الشريف
- /
- ٠2دروس جامع الاحمدي
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
محور الدرس :
كل عام وأنتم بخير:
﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾
محور الدرس اليوم: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته؛ فهو أرحم الخلق بالخلق, وهو أولى بنا من أنفسنا, وهو أرحم بنا من أنفسنا.
هذا ما نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر :
أيها الأخوة, طائفة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة التي تبين حرص النبي عليه الصلاة والسلام على أمته من بعده.
عن أبي ذر رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً, وﺇني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ))
((إني أراك ضعيفاً))
في إنسان قوي, حازم, يفعل ما يريد, يُنفذ أمره, يُثبت وجوده, يقيم أمر الله, الإنسان الضعيف: إذا كان الإنسان يأنس من ضعفه ضعفاً, يستحي كثيراً, لا يقوى على تنفيذ أمره, لا يستطيع أن يحق الحق, يضعف أمام القوي, هذا الضعف لا يليق أن يكون ولياً لأمر المسلمين.
((يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً, وﺇني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ))
سيدنا عمر رضي الله عنه قيل له:
((إن الناس هابوا شدتك, فبكى طويلاً, وقال: والله يا أبا ذر! لو علموا ما في قلبي من الرحمة, لأخذوا عباءتي هذه؛ ولكن هذا الأمر لا يناسبه إلا كما ترى))
الإنسان إذا تولى أمر اثنين, أو أربعة, أو ثلاثة ..... يجب أن يكون حازماً, قوياً, فلذلك:
سيدنا عمر امتحن أحد الولاة, قال له:
((ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟ قال: أقطع يده, قال: إذاً: فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل, فسأقطع يدك, إن الله قد استخلفنا عن خلقه, لنستر عورتهم, ونسد عورتهم, ونوفر لهم حرفتهم, فإن وفينا لهم ذلك, تقاضيناهم شكرها, إن هذه الأيدي خلقت لتعمل, فإذا لم تجد في الطاعة عملاً, التمست في المعصية أعمالاً, فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية))
يعني: الإنسان لا ينبغي أن يتمنى أن يكون في مكان يقود الناس فيه, له حساب شديد؛ هل عدل أم ظلم؟ هل سكت عن الحق أم نطق بالحق؟ هل حاب أقرباءه أم أنصفهم؟ هل ظلم أم لم يظلم؟.
فلذلك:
((يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً, وﺇني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ))
((من ولي أمر عشرة فلم ينصحهم, فقد خان الله ورسوله))
((من ولي أمر عشرة فلم ينصحهم, فقد خان الله ورسوله))
أحكام فقهية تتعلق بمال اليتيم :
((ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ))
الفقهاء قالوا:
((مال اليتيم؛ إن أردت أن تستثمره, لك أن تستثمره, ولكن بشرط: إن كنت غنياً, عليك أن تستعفف))
يعني: أن تثمر له المال, وأن تعطيه الربح كله, دون أن تأخذ شيئاً, أما إذا كنت فقيراً, ينبغي أن تأخذ من ماله بالمعروف, هذا المعروف الذي شرحه الفقراء, أن تأخذ حاجتك, أو أجر المثل, أيهما أقل؟.
دقيقة: معك مئة ألف ليتيم, شغلتهم, ربحوا عشرة آلاف, لك خمسة, وله خمسة, أنت يلزمك في الشهر عشرة, الربح طلع خمسة, لك الربح, شغلت مليون, ربحوا مئة ألف, لك خمسون, أنت تحتاج إلى عشرين, تأخذ العشرين فقط, أجر المثل أو الحاجة, أيهما أقل؟ هذا معنى:
﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾
الشيء الدقيق في التجارة: أن أشخاصاً كثيرين معهم رأس مال شخصي, هذا الرأس المال: يضعونه في البضاعة المضمون ربحها, أما إذا جاءهم مال آخر, مال غريب, يضعونه في بضاعة لا يعلمون مصيرها, أتربح أم لم تربح؟ كأنهم امتحنوا السوق بمال اليتيم.
النبي عليه الصلاة والسلام: أشار إلى هذه الناحية, فقال:
((ولا تجعل مالك دون ماله))
((لا تجعل مالك دون ماله))
يعني: أنت مستورد أقمشة, في نمر بيعها قطعي, وربحها ثابت, في نمر جديدة, لا تعرف ما إذا كانت تربح أو لا تربح, قلت: ما دام هكذا, سنأخذ أموال اليتامى, نشتري بهذا المال هذه الصفقة, فإن ربحت صحة على قلبك, وﺇن لم تربح ترتيب سيدك.
((ولا تجعل مالك دون ماله))
لا تستخدم ماله لجس نبض السوق, لا تستخدم ماله لفحص رواج هذه السلعة؛ يجب أن تضع ماله في أروج السلع, في أقوى السلع, في أقوى البضائع.
خلاصة هذه الأحكام بشكل مجمل :
كلمة: (ولا تولين مال يتيم): هي أربعة أحكام؛ أول حكم: إن كنت غنياً عليك أن تستعفف .
2-إن كنت فقيراً عليك أن تأكل بالمعروف: معنى أن تأكل بالمعروف: أن تأخذ نصيبك من الربح, أجر المثل أو حاجتك, أيهما أقل.
ربحنا مئة, الاتفاق نصف بنصف, لي خمسون, أنا أحتاج إلى عشرين, آخذ عشرين, ربحنا عشرة آلاف, لي خمسة, أنا بحاجة إلى عشرين, آخذ خمسة, آخذ أجر المثل أو الحاجة, أيهما أقل, على ألا أجعل مال اليتيم دون مالي, أن أجعل مالي في حرز حريز, في بضاعة رائجة, وأن أجعل مال اليتيم في بضاعة مجهولة, لا أعرف مصيرها, هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:
((يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً, وﺇني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ))
إذا أنت طبيعتك في التجارة, تأخذ, تضع في الجيبة, حسابات لا يوجد عندك, لا تستطيع أن تأخذ قرشاً من إنسان, سوف تحاسب حساباً دقيقاً, فإذا عندك حسابات دقيقة جداً, وجرد جيد جداً, وحساب متاجرة جيد, وحساب أرباح وخسائر جيد, ممكن أن تأخذ مال اليتيم ؟ أما أن تأخذ مال اليتيم, والحسابات غير منضبطة, والجرد غير صحيح, وتأخذ من الدرج تضع في الجيب, هذا لا يجوز, كل إنسان يوجد معه مال ليس له, عليه أن يسجل القرش, الليرة, إذا محلك, ورأس مالك, لا يوجد معك شريك, افعل ما تشاء, فخزنك عبك, افتح من الدرج, ضع في الجيبة, من دون حساب مالك هذا, أما إذا كان معك ليس لك, والله تحاسب عن كأس عصير تشربه مع صديق لك, لا علاقة له بالمحل, الذين وضعوا معك المال, من أجل أن تشرب العصير مع صديق لك, لا علاقة له بالعمل التجاري, لا تحاسب على كل شيء.
هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام:
((يا أبا ذر! إني أراك ضعيفاً, وﺇني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ))
الإنسان أحياناً: يتكلم كلمة, يشعر لها رنين, لها صدى رائع, أن فلان مسؤول, دقق في معناه: مسؤول؛ سوف يُسأل, سوف يُحاسب, إياك أن تغتر برنين هذه الكلمة, مــسؤول, سوف تُسأل: لم فعلت؟ لم لم تفعل؟ لم أعطيت؟ لم منعت؟ لم غضبت؟ لم رضيت؟ لم وصلت؟ لم قطعت؟ نعم.
هذا ما نهى النبي عليه الصلاة والسلام به أمته :
عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
((قال عليه الصلاة والسلام: لا ترجعوا بعدي كفاراً, يضرب بعضكم رقاب بعض))
يعني: خصومات بين أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الخصومات, والمشاحنات, والعداوات, والبغضاء, والطعن, والغمز, واللمز, ثم القتل, هذا سماه النبي عليه الصلاة والسلام كفراً, من أين أخذ هذا المعنى؟ من الآية الكريمة:
﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾
لما الصحابة اختلفوا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام, وكادوا يقتتلون الأوس والخزرج في المدينة, وخرج عليهم النبي عليه الصلاة والسلام غاضباً, قال:
((أتفعلون هذا, وأنا بين أظهركم!؟ نزل قوله تعالى:
﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾
من أين جاء النبي بكلمة: لا ترجعوا بعدي كفاراً؟.
أرأيت إلى أن كلمة الكفر, وُصف بها من يقيم عداوة بين المؤمنين, من يقيم العداوة والبغضاء, من يفرق بين المؤمنين, من يفرق دين الله إلى أديان متعددة:
﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾
من يبني مجده على أنقاض الآخرين, هذا الذي يفعل هذا, سماه الله كفراً, وسماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً, فأنت مؤمن؛ عليك أن تجمع وألا تفرق, عليك أن توحد وألا تشتت, عليك أن ترأب الصدع, وأن تلم الشمل, وأن تقرب وجهات النظر, وأن تكون همزة وصل لا همزة قطع, نعم.
هذا ما قاله أبا ذر :
وعن أبي ذر رضي الله عنه, قال عليه الصلاة والسلام:
((إني أرى ما لا ترون, وأسمع ما لا تسمعون))
وهذا الإنسان المتميز؛ يرى ما لا يراه الآخرون, يسمع ما لا يسمعون, يفكر بما لا يفكرون, يخاف ما لا يخافون, يرجو ما لا يرجون, هذا التميز, المؤمن واحد كألف, وعامة الناس ألف كاف, المؤمن واحد كألف؛ متميز, متفوق, في خصائص عالية جداً, يرى ما لا يراه الآخرون, كيف؟.
الآخرون قد يرون كسب المال الحرام مغنماً؛ يطربون, ويفرحون, ويرقصون, إذا كسبوا مالاً حراماً, أما المؤمن يضجر, ويتألم, ويخاف أن يأكل قرشاً حراماً, رؤيته غير رؤيتهم, غير المؤمن يفرح بالملذات المادية, التي يقتنصها من أي طريق كان, بينما المؤمن لا يطرب, ولا ترتاح نفسه إلا بالذي سمح الله له به:
﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
((إني أرى ما لا ترون, أسمع ما لا تسمعون))
أحس بما لا تحسون.
يعني: كمؤمن متميز, لك رؤية يفتقر إليها الآخرون, لك إدراك لا يملكه الآخرون, لك إحساس, لك شعور, لك طموح, لك أهداف, لك وسائل, لك مخاوف, لك رجاء, إن لم تكن متميزاً فلست مؤمناً, متميز؛ رؤيتك, وإدراكك, وطموحك, وأهدافك, ووسائلك, وبواعثك, وقيمك, ومنظومات مبادئك.
قف عند هذه الأحاديث :
((أطت السماء وحق لها أن تئط -أي تشققت- ما فيها موضع أربعة أصابع, إلا وملك واضع جبهته لله ساجداً, والله لو تعلمون ما أعلم, لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً, لو تعلمون ما أعلم))
لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((ألا يا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا, جائعة عارية يوم القيامة, ألا يا رب مقيم لنفسه وهو لها مهين, ألا يا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم, ألا يا رب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً))
من أقوال سيدنا عمر, يقول:
((عجبت لثلاث؛ لمؤمل والموت يطلبه))
شخص طلع عن أربعين:
((معترك المنايا بين الستين والسبعين))
وقل من يجوز ذلك, ويوجد بالخمسين, وسبع وأربعين, والآن في جلطات بالثلاثينات, اسألوا الأطباء, بالثلاثين في جلطة, معنى ذلك: أن الإنسان كيف يضحك بالأخير؟ كيف يتأمل في الحياة الدنيا؟ وقد يأتي الموت فجأة.
هذا ما كلفوني به :
لي جار, له ابن أرسله إلى الحجاز ليعمل, عمره اثنتان وعشرون سنة, جاء الخبر اليوم: أنه مات بحادث, كلفوني أن أتصل أهله لأنبئهم هذا الحادث, لعل وقع الألم يكون قليلاً, ذكرت لهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما توفي ابنه إبراهيم, دمعت عيناه, فقالوا:
((أتبك؟ وقال: إن العين لتدمع, وﺇن القلب ليخشع, ولا أقول إلا ما يرضي الرب, وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون))
علامات الإيمان: أن الإنسان يتلقى قضاء الله وقدره بصبر جميل.
هذا ما ينبغي أن تجهد إليه :
((أطت السماء وحق لها أن تئط, ما فيها موضع أربع أصابع, إلا وملك واضع جبهته لله ساجداً, والله لو تعلمون ما أعلم, لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً))
يعني: إذا شخص يركب سيارة, وتنزل على المئة وأربعين, بطريق شديد الانحدار, وهذا الطريق ينتهي بمنعطف حاد, درجة تسعون درجة, ولا يوجد معه مكابح, لكن هو لا يعلم؛ هواء لطيف, مناظر جميلة, يضحك, نقول: لو علم هذا السائق, أن مركبته ليس فيها مكابح, لضرب نفسه, وقال: رحنا, أليس كذلك؟.
((الناس في غفلة))
يجب أن نجهد في أن نعلم ما يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نتوازن, لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً.
هذا ما تعجب به النبي صلى الله عليه وسلم!!:
((عجبت لثلاث؛ لمؤمل والموت يطلبه, وغافل وليس بمغفول عنه, وضاحك ملء فيه, ولا يدري أساخط عنه الله أو راض؟))
هذا الذي يضحك حتى يقع على قفاه, ولا يدري ما إذا كان الله راضياً عنه أو ساخطاً, هذا إنسان غافل, والغفلة من أخطر أمراض النفس.
قال:
((ولبكيتم كثيراً, ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله, لوددت أني شجرة تعضد))
بماذا طلب سفيان بن عبد الله الثقفي من نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؟
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال:
((يا نبي الله, حدثني بأمر أعتصم به, قال: قل: ربي الله ثم استقم, -هذا الدين كله, قل ربي الله ثم استقم:
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾
قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف علي؟ -النبي عليه الصلاة والسلام لم يجبه, بل أشار إليه, قال:- فأخذ بلسان نفسه, ثم قال: هذا))
الغيبة باللسان, النميمة باللسان, البهتان باللسان, السخرية باللسان, الكذب باللسان, الكفر باللسان, الضلال باللسان, النفاق باللسان, التملق باللسان, المداهنة باللسان.
الإمام الغزالي: عد من آفات اللسان سبع عشرة آفة, لذلك:
((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه, ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه))
من علامات الإيمان: ضبط اللسان.
كان عليه الصلاة والسلام: يخزن لسانه.
ما هما الخصلتان اللذان أحبهما النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث؟ :
((فيك يا فلان خصلتان يحبهما الله ورسوله, قال: ما هما يا رسول الله؟ قال: الصمت وحسن الخلق))
الصمت: الصامت في سلام, والمتكلم: إما له أو عليه, أنت لا تندم إذا سكت, ولكنك تندم إذا تكلمت:
احفــظ لسانك أيها الإنسان لا يلــــدغنك ﺇنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه كـانت تهاب لقاءه الشجعان؟
اضبط لسانك.
هذا ما ترويه الكتب :
((قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة))
تروي الكتب: أن امرأة توفيت, والمغسلة وهي تغسلها, التصقت يدها بجسمها, شيء ليس له حل, ماذا نفعل؟ ساعة, ساعتان, ثلاثة, عشرة, ماذا نفعل؟ أنقطع من لحم الميتة, لنرفع يد المغسلة؟ أم نقطع يد المغسلة, ونبقي على لحم الميتة؟ ماذا نفعل؟.
وقع الناس في حيرة, وكان الإمام مالك, إمام دار الهجرة, والمقولة:
((لا يُفتى ومالك في المدينة))
فلما عرضوا عليه هذه القضية, قال:
((لعل المغسلة وهي تغسل هذه المرأة, اتهمتها بقلبها بالزنا, اضربوها ثمانين جلدة))
ضربوها ثمانين جلدة, في الضربة الثمانين, فكت يدها عن جلدها.
احذر أن تخوض في قذف محصنة :
((قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة))
أحياناً: لا تقذف محصنة, فقط تعمل هكذا ....... لا نعرف, هذا اسمه: قذف محصنة, حركة القميص: قذف محصنة؛ قبل أن تخوض في أعراض الناس, قبل أن تتهم نساءهم من دون بينة, من دون دليل, من دون تحقيق, هذا عمل كبير جداً, فلذلك:
عن سفيان بن عبد الله الثقفي, قال:
((يا نبي الله, حدثني بأمر أعتصم به, قال: قل: ربي الله ثم استقم, قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف علي؟ قال: فأخذ بلسان نفسه, ثم قال: هذا))
يعني الآن: معظم المسلمين لا يشربون خمراً, المعظم, ولا يقتلون, ولا يزنون, أما معظمهم يغتابون, ويتحدثون فيما لا يعنيهم, ويفترون, ويحلفون كذباً, ويبالغون, وينافقون, هذه أمراض المسلمين, أكثرها من اللسان.
ما هو الدعاء الذي كان يكثر النبي عليه الصلاة والسلام من قوله؟ :
عن أنس بن مالك قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))
سيدنا يوسف؛ نبي عظيم, نبي كريم, هو الكريم, ابن الكريم, ابن الكريم, ابن الكريم, ومع ذلك: قال ربي:
﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾
ما اعتد بنفسه, افتقر إلى الله.
هذا ما ورد في بعض الأحاديث :
ورد في بعض الأحاديث: قال عليه الصلاة والسلام:
((ألا أنبئكم بتفسير لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول عن معصيته إلا به, ولا قوة على طاعته إلا به))
لا تستطيع أن تبتعد عن معصية إلا بمعونة الله, ولن تستطيع أن تفعل طاعة إلا بمعونة الله, لذلك:
((جمع القرآن بالفاتحة:
﴿ولقد آتينكم سبعاً من المثاني والقرآن العظيم﴾
وجمعت الفاتحة في:
﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾
وقد ألفت كتب كثيرة, مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين, ملخص ملخص الملخص: إياك نعبد ونستعين على عبادتك بك؛ فلذلك:
كان عليه الصلاة والسلام, يكثر أن يقول:
((اللهم ثبت قلبي على دينك, فقال رجل: يا رسول الله! تخاف علينا وقد آمنا بك, وصدقناك بما جئت به؟ فقال: إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل, يقلبها حيث يشاء))
هذا حال الأنبياء والمؤمنين :
الإنسان لما يستقيم, يجب أن يشكر الله عز وجل, لأنه نبي كريم, هو أبو الأنبياء, قال: رب:
﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾
سيدنا يوسف قال: رب:
﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾
﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ﴾
-رسول الله-:
﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾
﴿إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾
﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾
﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾
ببعض المعارك, قيل للنبي عليه الصلاة والسلام:
((يا رسول الله! مثل بهم, لقد مثلوا بأصحابك, فقال عليه الصلاة والسلام: لا أمثل بهم فيمثل الله بي, ولو كنت رسولاً))
لاحظتم, خوف من الله.
((لا أمثل بهم فيمثل الله بي, ولو كنت رسولاً))
لذلك سيدنا عمر: كان وقافاً عند كتاب الله:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
المؤمن بعد أن عرف الله, شغله الشاغل أن يتقصى أمر الله عز وجل, وأن يقيمه في حياته.
هذا ما أخاف النبي عليه الصلاة والسلام على أمته :
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن أخوف ما أخاف على أمتي: كل منافق عليم اللسان))
يعني: مشكلة اللسان مشكلة, لأن المنافق ينطوي نفاقه على بعض المسلمين, هو في الداخل منحرف عن منهج الله, أما في اللسان يتكلم فيرضي:
﴿وﺇن تقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة﴾
لذلك:
((أخوف ما خاف على أمتي: كل منافق عليم اللسان))
انظر عمن تأخذ به دينك :
((إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم))
((ابن عمر, دينك دينك, ﺇنه لحمك ودمك, خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا))
((إن هذا العلم دين, فانظروا عمن تأخذون دينكم))
قضية مصيرية.
الآن: أنت عندك بيت, تريد أن تبيعه, خرجت من الباب, وجدت دلال في وجهك, قلت له: أريد أن أبيع هذا البيت, قال لك: مقداره ثمانية ملايين, تبيعه إياه رأساً؟ تسأل خمسين دلال, تسأل, لماذا لتبيع بيعاً؟ تتحرى الدقة, وتأخذ الآراء كلها.
بشراء سيارة, تعرضها على عشرة خبراء؛ على ميكانيكي, على كهربجي, على إنسان مختص بالهيكل, لماذا حريص؛ حريص على هذا المال, ألا يلقى جزافاً؟ هل يعقل أن تكون مركبتك أغلى عليك من دينك؟.
سيدنا الغزالي له كلمة رائعة, قال:
((يا نفس, لو أن طبيباً حذرك من أكلة تحبينها, لا شك أنك تمتنعين, أيكون الطبيب أصدق عندك من الله؟ إذاً: ما أكفرك! أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله؟ إذاً: ما أجهلك!))
فالذي ......
خاتمة القول :
قال عليه الصلاة والسلام:
((علموا ويسروا ولا تعسروا, وإذا غضبت فاسكت –دقق الآن- وإذا غضبت فاسكت, وإذا غضبت فاسكت))
لما تغضب سوف تخطئ, لما تغضب, سوف تتكلم كلاماً قاسياً, سوف يحملك الغضب على السباب, على الطعن, على التجريح, هذه نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
((إذا غضبت فاسكت))
ينطفئ الشر, أما إذا تكلمت, لعل شراً يتفجر من هذه الكلمة.
أكثر شيء مع الزوجات, غضبت, اسكت, أغضبت, اسكت, كلمة لكلمة, بالطلاق بالثلاثة رأساً, اقعد وقف على أبواب المشايخ رأساً.
يعني: أكثر مشكلة يعاني منها العلماء: موضوع الطلاق التعسفي, ساعة غضب.
((إذا غضبت فاسكت))
لم تتمكن, اخرج من البيت, إذا كنت جالس اجلس, جالس اضطجع, غضبت توضأ, ما لم تتمكن اغتسل, لم تستطع اخرج من البيت, لكن دائماً كن صامتاً, الشر يتحاصر, يتطوق, أما إذا كان في غضب, وفي مع الغضب كلام, الآن كلامك غير موثوق, الآن كلام في تجريح, في سباب, في طعن, في اتهام.
جاءت ثلاث مرات:
((إذا غضبت فاسكت, وإذا غضبت فاسكت, وإذا غضبت فاسكت))
في حديث:
((لا تغضب))
والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا, وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.