- موضوعات متنوعة
- /
- ٠4موضوعات متفرقة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
لابد أن يكون النجاحُ شاملا لنواحي الحياة:
أيها الإخوة الكرام، آثرت في هذا الدرس أن أعالج قضية أراها من أهم القضايا، هذه القضية هي أنه ليس في الحياة نجاح جزئي، فلا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، وأكبر مشكلة أنا مطلع عليها بحكم عملي في الدعوة أن إنساناً قد ينجح نجاحاً رائعاً في المسجد، وليس زوجاً ناجحاً، وقد ينجح نجاحاً رائعاً في العمل، وليس زوجاً ناجحاً، وقد يكون زوجاً ناجحاً إلى أعلى درجة، وفي عمله ليس ناجحا، وقد ينجح في بيته وفي عمله، لكن مع ربه ليس بناجح، وقد ينجح في بيته وعمله ومع ربه، ومع صحته ليس بناجح، فإن أردتم النصيحة والحقيقية والمفهوم الحضاري للنجاح فإنه لا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا شمل علاقتك بربك، وعلاقتك بزوجتك وأولادك، وأهلك، وعلاقتك بعملك، وعلاقتك بصحتك، وأي خلل في واحدة من هذه الأربعة ينسحب على الثلاثة، هذه حقيقة صارخة.
قد تكون العلاقة مع الله ليست طيبة، وفي البيت نكد، وهذا عقاب من الله، الزوجة لا تهابك تتطاول عليك، ترد عليها بقسوة فتذهب إلى بيت أهلها، البيت مضطرب، تنطلق إلى عملك منزعجا، البيت فيه اضطراب، والأولاد من دون أم، البيت ما فيه طعام، ما فيه تنظيف ولا عناية، فما صرتَ طبيعيا في عملك، بدأت مع الله، وانتقلت إلى الأهل، ثم إلى العمل، وجدت قلبك يخفق زيادة على العادة، فذهبت إلى طبيب القلب، فلما لم تكن علاقتك مع الله عز وجل صحيحة انعكست على بيتك، وعلى عملك، وعلى صحتك.
الإنسان رائع جداً، لكن لا يعرف شيئًا عن الصحة، أكله غير منظم، يأكل ما يشاء بلا تقنين، لا يهتم بصحته، أصبحت صلاته صعبة، يصلي بتثاقل، لما أهمل صحته انتقلت المشكلة إلى علاقته مع ربه، أهمل صحته فلم يجد النشاط، أهمل صحته فاضطر إلى الأدوية قبل الأكل، وبعد الأكل، على الريق، من دون ريق، في أثناء الطعام، وبعد الطعام، هذه ممنوعة مع هذه، دخل في متاهة الأدوية، أهمل صحته فانعكست على بيته، وهناك مشاكل كبيرة جداً.
أركان النجاح في الحياة:
1 ـ نجاحُ العبدِ في علاقته بربِّه:
صدقوا وآمنوا أنه لا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا كان شمولياً، التفوق بأن تلبي واجبك تجاه ربك، فإن لله عبادة في النهار لا يقبلها في الليل، في النهار عمل، وإن لله عبادة في الليل لا يقبلها في النهار.
1 – لابدّ من رفعِ الشبهات ودفعِها:
أنا أبدأ علاقتك مع الله، أحياناً يغفل الإنسان فيقصر، وينتكس أحياناً، عنده شبهة ما حلها، شبهة في الدين أربكته، ما دام هناك شبهة فابحث عن حلها، لماذا الله خلق الناس هكذا ؟ أين الله ؟ المسلمين في قهر، وفوق القهر زلازل، وفوق الزلازل فيضانات، وحروب أهلية، الدول الكافرة الغارقة في الكفر تتمتع، هذه شبهة، اسأل العلماء فإن لهم جوابا رائعا جداً.
أنا أقول دائماً: الجواب الرائع: إن رجلا معه التهاب معدة، الطبيب الرحيم يشدد عليه تشديدا غير معقول، تتناول الحليب فقط، وإذا كان يحبه أو كان قريبه، وأكل أكلة ثانية يقيم عليه النكير، كيف تشدد ؟ لأنه مصابٌ بالتهاب المعدة قابل للشفاء، فبالحمية فقط يعالَج، هذا الطبيب الرحيم الفهيم له مريض آخر معه ورم خبيث في الأمعاء منتشر، بقي له شهر حتى يموت، قال له المريض: ماذا آكل ؟ قال له: كل ما شئت.
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
إذا كان عندك شبهة حلها، اسأل، كيف يعلم الله عز وجل ؟ لماذا خلقه ما دام كافرا ؟ شبهة ثانية اسأل عنها، لها جواب رائع جداً.
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) ﴾
لا تترك عندك شبهة، لأن الله عز وجل له امتحانات صعبة، أزِل الشبهات.
2 – التعامل مع الشهوات بالسبل الشرعية:
الآن الشهوات: ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، ليس في الإسلام حرمانٌ أبداً، اشتهيت المرأة تزوج، اقرأ الحديث:
(( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ ؛ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَاف َ))
هذا الكلام للشباب، لك عند الله حق، اطلب العفاف فقط، يا رب، هب لي زوجة صالحة، تسرني إن نظرت إليها، وتحفظني إذا غبت عنها، وتطيعني إن أمرتها.
غض بصرك، فإنّ غض البصر مثل المطمورة التي يخبَّأ المال فيها، كلما تغض بصرك عن امرأة لا تحل لك تضع فيها ليرة ذهب، هذه تفتح يوم العرس، والله عز وجل يكافئك على ضبط نفسك قبل الزواج، ولابد من غض البصر بعد الزواج أيضاً، وإياك أن تظنه فقط للزواج، واللهُ يكافئك على غض البصر بزوجة صالحة، وهي جنة الدنيا.
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾
وحسنة الدنيا المرأة الصالحة، هذا تفسير الآية:
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾
حسنة الدنيا الزوجة الصالحة التي تسرك إن نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، وتطيعك إن أمرتها.
3 – المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المسجد:
عندك موضوع في صلاة الفجر، نم باكرًا، أين إرادتك ؟ أين إدارة وقتك ؟ كل المواعيد تنتهي الساعة 11، أو 10، 11، تجد نفسك مع أذان الفجر مثل الحصان، صلِ في الجامع، اقرأ قرآن، اذكر الله عز وجل، تجد يومك قطعة من السعادة، والتوفيق، والسداد، وقوة حجة، ونظر ثاقب، وقرار حكيم، وكل شيء ميسر.
(( من صلى الغداة ـ أي الفجر ـ كان في ذمة الله حتى يمسي ))
ما قولك ؟ نم باكرا، يا أخي اكتب، ضع خطة، الاستيقاظ كذا، في ربع ساعة تفكر، في ربع ساعة ذكر، في ربع ساعة صلاة، تلاوة القرآن 6 صفحات، أدِّ أورادك، التفت إلى عملك، هيئ أعمالك، اضبط المواعيد، وجدول الأعمال، لا تجعلها كلها في الذاكرة حتى تقول: والله نسيت سبحان الله، لماذا تقول: نسيت ؟ اكتب.
(( قَيَّدُوا الْعِلْمَ بِالْكتَابَةِ ))
الآن تريد حلاًّ لمشكلاتك مع الله، عندك صلاة الفجر، طبعاً تقول لي: أنت مؤمن، لا تقتل، ولا تزني، لا سمح الله، ولا تشرب الخمر، هذه الكبائر لا تضعها في بالك نهائياً، نحن مشاكلنا في الصغائر فقط، لكن الصغيرة مثل الكبيرة، كيف ؟
أنت راكب سيارة على طريق عريض 60 مترا، على اليمين وادٍ سحيق، وعلى اليسار وادٍ سحيق، الكبيرة حرف المقود 90 درجة فجأة، على الوادي رأساً، هذه الكبيرة، الصغيرة سنتيمتر واحد وثبته على الوادي، لو ثبت الصغيرة تنقلب إلى كبيرة.
(( لاَ صَغِيَرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ ))
أما الـ90 درجة في طريق عرضه 60 مترا، أخطأتَ فوراً أرجعه، ولا يحصل شيء الـ 90 درجة تصلَّح في ثانية، أما السنتيمتر الثابت فلا يصلح، بل يجرك إلى الوادي.
4 – ضبط البيت وحمايتُه من المخالفات والمعاصي:
لذلك لابد مِن ترتيب، لاحظ بيتك، هل فيه معاصٍ، هل أنت راضٍ عن خروج زوجتك ؟ لم تقدر عليها، عندك شعور مستمر أن الله غير راضٍ عنك، أنت زوجها، يا ترى بناتك خروجهم جيد ؟ أم خروجهم في ثياب تصف أعضائهم بادية، ويمشون معك ؟ خروج زوجتك معقول ؟ زوجتك محجبة ؟ بناتك محجبات ؟ هل تقام الصلوات في البيت ؟ بيتك إسلامي ؟ هل عملك في بضاعة محرمة ؟ تبيع النرد.
(( من لعب بالنردشير فكأنما غَمَسَ يده في لحم خنزير ودمه ))
هل في عملك مخالفة أو بضاعة محرمة ؟ هل فيه علاقة محرمة ؟ هل لك سعران بحسب الزمن، هذه أصبحت شبهة، عملك فيه محرم، البضاعة محرمة، يا ترى إذا دخلت امرأة هل تغض البصر أم لا، راقب عملك، وبيتك، وحافظ على صلاتك، وأذكارك، وتلاوتك، وغض بصرك، أقم بيتك بالإسلام، وليس طول النهار بالأغاني، وأنت مسلم، الغناء حرام، ولا أقول لك: النغم مطلوب، والله هناك أناشيد وابتهالات تبكي بها، ولا مانع من سماعها، أناشيد ترفع الهمم، النغم مسموح في الأناشيد فقط والقرآن الكريم، وعندك شاشة كبيرة، أنت مسلم ومن رواد المساجد، وعندك مئتا محطة مفتوحة، والأولاد يقلبون عليها ليلا ونهارا، عندك خلل خطير، خلل مخيف، هذه الشاشة لا تبقي أبا في البيت، بل يلغى الأب، لا تترك أم، ولا القرآن، ولا تترك صلة بالله عز وجل، أين تسير ؟ لا أقول: يجب أن تضبطها، الضبط ممكن، وهناك بلد إسلامي والله أنا معجب به، هناك محطة ولا مخالفة فيها، ولا امرأة، ولا موسيقى، ولا شيء، وهناك أجهزة لا تظهر إلا هذه المحطة فقط، كل شيء فيها إسلامي.
إذا أرادنا الاستقامة فهي ممكنة، اضبط هذا البيت، يا ترى عندك شرفة مطلة على الجيران ؟ عندك شباب وعند جارك شابات، ضع بلورا حاجبًا، لا تضع منافذ للمعصية وللشيطان، اضبط علاقتك مع الله عز وجل، علاقتك مع الله أولاً، عقيدتك لا يكون في شبهات، كيانك لا يكون فيه شهوات محرمة، العقيدة لا يكون فيها شبهات، والسلوك لا يكون فيه شهوات.
ببيتك ما فيه معاصٍ، زوجتك، وبناتك، وأولادك، عملك ما فيه مخالفات، ضبطت عقيدتك، وسلوكك، وبيتك، وعملك، صار الطريق إلى الله سالكا، فتخشع في الصلاة، لعدم العقبات، ولا سوء ظن بالله عز وجل، ولا حجاب بذنب أو بعيب.
والله قد تدخل بيتًا لمسلم فتجد الغناء لا يتوقف إذا ما عنده ضيوف، ولما يأتيه ضيوف يطفئون الراديو، أليست معصية هذه ؟ نحن مسلمون والحمد لله، واللهُ عز وجل كل وعوده مجمّدة.
أين ؟
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾
هل نحن مستخلفون ؟ لا والله.
﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ﴾
هل نحن ممكنون ؟ لا والله.
﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾
هل نحن آمنون ؟ لا والله.
إنّ شابًا سمع من شيخه هذا الحديث:
(( يا بني، إن لكل سيئة عقاباً ))
فغلط مع الله، انتظر العقاب فلم يأته عقاب، صحته، بيته سيارته، فناجى ربه، وقال له: يا رب، لقد عصيتك فلم تعاقبني، فوقع في قلب هذا الشاب: أنْ يا عبدي، قد عاقبتك ولم تدرِ، ألم أحرمك لذة مناجاتي ؟ ألا تكفيك هذه ؟ إذا صليت لم تبكِ، صار القلب مثل الصخر، وإذا قرأت القرآن لا تبكي، بل تملّ، ولا تجد انشراحا، فإذا قرأت القرآن، وما شعرت بشيء إطلاقاً، أو صليت وما شعرت بشيء، أو ذكرت الله وما شعرت بشيء فاعلم أنه لا قلب لك، هناك مشكلة، ولا يوجد محرك.
أول ركن من أركان النجاح أن تنجح في علاقتك مع الله، عقيدتك ما فيها شبهات، الحركة ما فيها شهوات ولا معاصٍ، ولا آثام، الصغائر تتوب منها فوراً.
(( لاَ صَغِيَرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ ))
ببيتك ما فيه مخالفات، ما فيه بنت متفلتة.
استوقفني أحدُهم في الطريق منذ يومين قال لي: ابنتي أطول مني ولا تتحجب، والله هذه مشكلة كبيرة، هناك إهمال في التوعية، إهمال في التنقيب، وهي صغيرة، إهمال في التأديب، فلم يؤدبها.
بيتك ما فيه ولا مشكلة، ولا معصية، كله منضبط، لا فيه شاشة متفلتة، ولا أصوات لا ترضي الله عز وجل.
في عملك، البضاعة كلها حلال، الأسعار مدروسة، العلاقات كلها واضحة، المحل هذا فيه ورع، وحياء، وعفة، هذه هي علاقتك مع الله.
2 ـ نجاحُ العبدِ في علاقته مع زوجته:
الآن مع الزوجة: أنت تهتم بسمعتك أمام الناس كلها، فهذا مثلا لابد أن تعتذر منه، وهذا تقدم له هدية، وهذا كلمته بكلمة قاسية فاعتذرت منه، لماذا مع الناس كلهم تمشي على الطريق الصحيح، وهذه الزوجة التي في البيت شريكة حياتك تعكِّر صفو حياتها ؟ فلا تعتذر لها إطلاقاً، وتتفنن بالسخرية من أهلها، فتكرهه، ولا تتجاوب معه، فلا يكون بينهما حب.
(( وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ ))
كل زوج يدخل إلى البيت يقول لزوجته: الله يعطيك العافية، أنا أسعد الناس بك، والله لتخدمك مئة ضعف وهي ممنونة.
إن أخوات كثيرات تقول لي على الهاتف: زوجي ثماني سنوات اشتهيت أن يقول لي كلمة طيبة، يأكل، ويقرأ الجريدة، ثم ينام، هذه امرأة أمامك، تنتظرك ثماني ساعات، ما لها منك شيء أبداً ولا نظرة ؟! ولا شكر ؟! ولا كلمة طيبة ؟!
إنّ علاقتك مع زوجتك أحد أركان نجاحك في الحياة، لها كرامتها، لك أهل، ولها أهل، لماذا إذا تكلمتْ كلمة على أمك تقيم عليها النكير، وتقول: هذه أمي، وهي أمها أيضاً، لستَ منطقيًا، بل أنت عنصري، أمك لها أخطاء، وأمها لها أخطاء، احترمها، واحترم أمها، احترم أباها، واعلم أنّ لك أبا أنجبك، وأبت زوّجك، هذا أبوك، لأنه اعتنى بابنته 18 سنة، اعتنى بحجابها وثقافتها، ومعها بكلوريا شرعية، وأخلاقها عالية، ما عندها كلمة نابية، ثم قدمها لك هدية، وبعد ذلك يريد أن يغيظه، هذا وحش، صهرُك والدك، وامرأة وحماتك والدتك، فلما تجد منك حبًّا لأبيها وأمها تذوب محبة لك، وأحيانا لا تذهب الزوجة إلى أهلها، لماذا ؟ يقول: لا أريد أن أعوّدها ذلك، لا، إذا كنتَ تقدر أن تتركها تزور أهلها في الشهر مرة فهذا أفضل، فلماذا أنت تكون عند أمك كل يوم، وهي لا تجد ذلك ؟ وهي في الشهر مرة، كن منطقيا، عامل الناس كما تحب أن يعملوك.
قد تدخل البيت فتجد المشاكل، لماذا العلاقة مع الزوجة سيئة ؟ لماذا العلاقة مع أولادك سيئة، لماذا تهرب البنت إلى غرفتها عند رؤيتك ؟ لأنه جاءها خاطب مؤمن فقير صاحب دين، وأنت تريده غنيا، فحطمتها، هي أحبته، ورأته مناسبا لها.
والله من يومين حدث مثل هذا مع دكتور ودكتورة، لأنه ساكن خارج الشام لم يقبل أبوها، هو مناسب جداً، ومن اختصاصها، لا يزوجه لأنه لا يسكن في الشام، من أنت ؟ ما هذا التعصب ؟ أنا هذا إيماني، يجب أن تحسن علاقتك مع زوجتك، مع أولادك وبناتك، بطولتك إذا دخلت البيت أن يصير دخولُك عيداً، وإذا كنت أبا سيئًا ـ لا سمح الله ـ يكون العيد لما تخرج من البيت، لأن وجودك ثقيل، وتكثر من الكلام البذيء.
والله هناك بيوت جنة، السلام عليكم، أهلاً وسهلاً، الكل يرحّب بالأب، ويأتي الأولاد ليقبّلوا يدك، أنا لا أتكلم من فراغ، بل من قصص أسمعها، فتجد الرجل ألطف خارج البيت، وداخله كالوحش والعياذ بالله.
﴿عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10)﴾
ابنك هذا مَن له غيرك ؟ أنا أريد بيتك جنة، ولا علاقة لحجم البيت ومساحته، والأكل ليس مشكلة، واللبس ليس مشكلة، والبيت ليس مشكلة، المشكلة في الحب، أن يكون الحب في البيت، في ود علاقتك مع الله، علاقتك مع زوجتك وأولادك.
3 ـ نجاحُ العبدِ في عملِه:
بقي عملك: لك مكانتك كمؤمن، ولك شخصية، دائما تتأخر عن عملك ساعة، المدير أسمعك كلاماً أهانك: أنت مدرّس يا أستاذ، ما هذا الإهمال ؟ يقول هذا أمام طلابك، ما هذا التقصير ؟ أين دوامك ؟ كل مكانتك في البيت ذهبت أدراج الرياح، وأنت عند المدير، لأنك تأخرت، المدير معه حق، والطلاب في سنة البكالوريا وتتأخر ساعة، فعملك نزع علاقتك مع الله، فلا تصلي الظهر براحة أيضاً، لأنك تضايقت، وأهانك المدير، ولا تعود إلى البيت مسرورا، فركّز وقتك، ومواعيدك، عليك واجبات لا بد أن تؤدّيَها، إذا كان لك مكانة في عملك فأنت مرتاح، لك مكانة في بيتك أنت مرتاح، لك مكانة عند الله أنت مرتاح.
4 ـ نجاحُ العبدِ في صحته:
أن تكثِر من الأكل ولا تمارس الرياضة فهذا غير معقول، لأن عُشر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياء، وتسعة أعشار ما نأكله يكفي لبقاء الأطباء أحياء.
قد تأتي بسمن نباتي، هل تدري من أي شيء مصنوع ؟ الآن التقنية الغذائية في أوجّها، بقايا المسلخ، أمعاء، عيون، قرون، يضعونها، ويصنعون منها السمن النباتي، يقال لك: سمن بقري صاف، ما نوع الدسم الذي تأكله ؟ انظر إلى الأكل الذي تأكله، الأكل الصحي رخيص، يا ترى أنت قرأتَ عن الأغذية ؟ هل عندك ثقافة غذائية ؟ يجب أن يكون عندك كتاب تغذية في البيت لتكسب ثقافة غذائية، لأن هناك أكلا قاتلا وغاليا جداً.
(( البِطْنة تُذْهِبُ الفِطْنَة ))
انظر ماذا تأكل، هناك ألبان، وفواكه، الفاكهة رخيصة والحمد لله، نحن نعيش بنعم الله، لو تدورون العالم كله، الخمس قارات، ما من مدينة في العالم تفتح الحنفية فتشرب منها إلا الشام.
والله مرة دخلت بيتا فوجدت فيه مدخلا مثل المربع، هو مستودع ماء، فيه نباتات كلها متفسخة، وروائح، ولونه أخضر، هذا الماء للبناء والتنظيف.
فأنت عندك مدينة فيها ماء، رتب أمورك، اقرأ عن التغذية، يجب أن يكون الأكل صحيا، هذه الأكلة لا تناسب، هذه الأكلة تؤذي، هذه الأكلة فيها مواد مسرطنة، هذه فيها الصوديوم بكثرة، لابد أن يكون في البيت كتاب صحي، كتاب أغذية.
أيها الإخوة، الرز فيه 600 حريرة، الموالح 1200 حريرة، الذي له سن معينة يجب أن لا يزيد وزنه، يجب أن يكون عنده قوائم ممنوعة، وقوائم مسموحة، وقوائم باعتدال، الابن له أكل خاص حتى ينمو، والأب يحتاج إلى أكل خاص حتى لا يزيد وزنه، وهذا الأكل بهذه التقاليد والعادات يقتل.
إننا ندفع نصف دخلنا ثمنا للأدوية، ومن إهمالنا للأكل والشرب، وقد ذكرت هذا اليوم في الخطبة، عن موضوع الأمراض، ما عندنا وعي صحي، ما رأيناه نشتريه، لا، هناك شيء يشترى، وشيء لا يشترى، شيء يجوز، وشيء لا يجوز.
الأجانب من خبثهم يضعون في بعض المواد الغذائية مادة تعين على الإدمان، متى ما شرب هذا الابن المشروب الغازي يدمن عليه كل يوم، فلا تعوّده، عوده على الشراب الطبيعي، عوّده على اللبن، عوده على الليمون، عوده شيئًا طبيعيا، هذا الشيء المستورد له إشكال كبير جداً.
أنا لا أدخل في تفاصيل الموضوع، لكن لا بد أن يكون في البيت كتاب صحي، كتاب في التغذية، كتاب بالفيتامينات، كيف تأكل، كيف تشرب، شيء يؤكل، شيء لا يؤكل، شيء يؤذي المعدة، شيء يؤذي الأمعاء، شيء يؤذي القلب، لا بد من حد أدنى للوعي الصحي.
الملخَّص:
إن النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شمولياً.
تقول: وجدتُ عملا خارج سورية، كم سنة ؟ سنة بأكملها، ما هو الفرق ؟ الفرق ضعف راتبي، براتبك هذا خسرت زوجتك وأولادك سنة بأكملها، فلا أب يردع أبناءك، الأم لا تربي، والله شيء مؤلم جداً، أناسٌ ذهبوا إلى بلد أجنبي ليعملوا، فزوجته أخطأت في غيابه، هل ربح شيئًا ؟ ما ربح، فلا يعد النجاح نجاحاً إلا إذا كان نجاحاً شمولياً، يغطي علاقتك مع الله أولاً، وعلاقتك مع أهلك وأولادك ثانياً وعلاقتك مع عملك ثالثاً، وعلاقتك مع صحتك رابعاً، هذا النجاح.
اضبط أمورك، تأمل، عندك مشكلة اكتبها في دفتر خاص، مشكلة تأخر الأولاد عن البيت، عالجها، يأتي الساعة الثانية في الليل، أين كنت يا بني ؟ عند رفيقي، فصدقته، هو ما كان عند رفيقه، كان في الإنترنت في مواقع إباحية، ما تصلي ؟ لا يريد أن يصلي، أي صلاة ؟ لأنك ما تابعته لاحق مواقع إباحية، فدخل في عالم آخر غير الدين، إنه عالم الجنس، وهذه مشكلة كبيرة جداً.
لذلك الذي أتمناه، إذا كنتَ قبل خمسين سنة بحاجة إلى جهد قليل لتربية أولادك فأنت بحاجة الآن إلى عشرة أضعاف الجهد في ضبط أولادك، اضبط أولادك، وبناتك، وزوجتك وبيتك، وعملك، وصحتك، وعلاقتك مع الله عز وجل.