المذيع:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة، وأكمل التسليم على سيدنا ومولانا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم صلّ على سيدنا محمد بقدر حبك فيه، وزدنا يا مولانا حباً فيه، بجاهه عندك فرّج عنا ما نحن فيه، برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحباءنا المشاهدين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، وأهلاً ومرحباً بكم مع حلقة جديدة من برنامجكم فاسألوا أهل الذكر، اسمحوا لي في بداية هذه الحلقة أن أرحب بضيفي فضيلة الأستاذ الدكتور العلّامة محمد راتب النابلسي، الداعية الإسلامي الكبير، أهلاً ومرحباً بك.
الدكتور راتب:
بارك الله بكم، ونفع بكم، وعلّا قدركم.
المذيع:
جميعاً إن شاء الله، أعزائي المشاهدين الكرام، الدعوة إلى الله من فروض الكفاية، وينبغي أن نكون جميعاً دعاة إلى الله، وأحد أسباب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى مع المتعلمين المثقفين، وحتى غير العرب من الناس التي تهتم بالعلوم الحديثة، هي أن نتحدث عن هذا الكون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى، وجعله دليلاً على وجوده، ووحدته، وحكمته، سبحانه وتعالى.
حول هذا الموضوع سنتحدث مع فضيلة الشيخ، ولكن نسأل في البداية ما هي أبرز معالم الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؟
الدكتور راتب:
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم:
قبل كل ذلك: قال تعالى:
﴿ قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ وَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ(108) ﴾
فالإنسان إن لم يدعُ إلى الله ليس متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم، ولكن في حدود ما يعلم، ومع من يعرف، سمع من خطيب تفسير آية تأثر بها، نقلها لزوجته، سمع تفسير حديث في سهرة مع بعض إخوانه، نقلها لإخوانه، فالدعوة إلى الله تكون أحياناً فرض عين، في حدود ما تعلم، ومع من تعرف، الدليل: (قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى) في نص هذه الآية الذي لا يدعو إلى الله على بصيرة، ليس مُتَّبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، صُنِّفت هذه الدعوة كفرض عين على كل مسلم، ولكن بشرط دقيق: في حدود ما تعلم، ومع من تعرف، حضرت خطبة الجمعة، جاء الخطيب بحديث ترك بنفسك أثراً كبيراً، قُلْه لصديقك في اليوم التالي، انقله لزوجتك، فالدعوة كيف أن الصلاة فرض، يوجد نوع من الدعوة فرض عين على كل مسلم، في حدود ما يعلم، ومع من يعرف.
هذه الدعوة كفرض عين على كل مسلم، أقول لإنسان أحياناً: لمَ تصلي؟ يقول: الصلاة فرض أستاذ، والدعوة إلى الله في حدود ما تعلم، ومع من تعرف فرض عين على كل مسلم، ليس بحاجة إلى لغة، ولا إلى تحضير، سمع من خطيب شرح لحديث شريف تأثر به، فحكاه لزوجته، حكاه لأصدقائه، في سهرة قلته لمن حولك، فهذه الدعوة إلى الله فرض عين في حدود ما تعلم، ومع من تعرف.
لكن الدعوة التي تحتاج إلى تبحُّر، وتعمُّق، وتثبُّت، هذه فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، لذلك (قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى) هذه فرض عين:
﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ(104) ﴾
(مِّنكُمْ) ليس الكل، من للتبعيض، فالدعوة الاحترافية تحتاج إلى تبحُّر، وإلى تعمُّق، وإلى تثبُّت، وإلى تطبيق هذه فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل.
المذيع:
إذاً ما هي أهم وأبرز معالم الدعوة إلى الله باختصار؟.
الدكتور راتب:
أبرز معالم الدعوة إلى الله:
الحقيقة باختصار شديد: إذا عرف الإنسان الآمر ثم عرف الأمر تفانى في طاعة الآمر، وإذا عرف الأمر ولم يعرف الآمر تفنّن في التفلّت من الأمر، هذا من الآخر.
إذا قلنا لماذا هناك مرحلة مكيّة؟ في المكية لا يوجد تشريع، يوجد التعريف بالله، الآيات المكية تتحدّث عن الإيمان، والدار الآخرة فقط، فلما ألغينا من حياتنا المرحلة المكية، سأعيدها مرة ثانية: إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر، تفانيت في طاعة الآمر، أما عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر، تفنّنت في التفلّت من الأمر.
مثال: يعني مثل بسيط من حياتنا: راكب سيارتك والإشارة حمراء، لماذا تقف؟ الذي وضع قانون السير وزير الداخلية، علمه يطولك من خلال هذا الشرطي سابقاً، والآن من خلال هذه الكاميرا، علمه يطولك، وقدرته تطولك، وضح الأمر، تمام؟
المذيع:
قادر.
الدكتور راتب:
لذلك حينما تؤمن أن الآمر فعل كذا فأنت تأتمر، لكن الآن إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر، تفنّنت في التفلّت من الأمر، كأنني وضعت يدي على مشكلة المسلمين الأولى، المرحلة المكيّة تعريف بالآمر، آيات كونية، تكوينية، قرآنية، أصول الدين في المرحلة المكية، التشريعات في المدنيّة، فإذا أُلغيت المرحلة المكيّة من حياتنا، بقي معك الأمر، قد تأخذ به، أو قد لا تأخذ به، هذه المشكلة الكبيرة، فإذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر، تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر، تفننت في التفلّت من الأمر.
المذيع:
جميل، لكن يحدث بعض الأحيان دكتور بين الدعاة أنفسهم مشاكل، يتحدثون عن بعضهم، وعن سقطاتهم ويصورون بعضهم، ويأخذون صوراً للشاشة، وينشرون لبعضهم فيديوهات وأحياناً قد تكون مُركّبة أو مجتزأة، يا إخوان نحن في سبيل واحد وفي طريق واحد (هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ) كيف نُزيل مثل هذه الأمور التي لا تليق؟
الدكتور راتب:
إذا تعاون الدعاة تعاوناً إيجابياً، وتبادلوا النصائح، وأخذ كل منهم ما عند الآخر من إيجابيات، إذا تعاونوا ارتقَوا جميعاً عند الله، وعند الناس، فإذا تنافسوا، وتراشقوا التهم- والكلمة قاسية- سقطوا جميعاً من عين الله، ثم من عين الناس، فالتعاون حضارة، الطرف الآخر، الآخر الذي يعادي المسلمين يتعانون تعاوناً مذهلاً، وبينهم 5% قواسم مشتركة، والمسلمون مع الأسف الشديد، والحقيقة المُرّة أفضل ألف مرة من الوهم المريح، لا يتعاونون، بل يتنافسون، بل يتقاتلون، وبينهم 95% من القواسم المشتركة، فلذلك كلما تعاون العلماء ارتقوا جميعاً عند الله، وعند الناس، وكلما تراشقوا التّهم، وتنافسوا، وكل واحد غمز من قيمة الآخر هذه مشكلة كبيرة، والآخر العدو مصلحته الأولى التفرقة بين العلماء، يعني قطر عربي كبير، عاشوا خمسين سنة في تفاهم، فالغرب أراد أن يفرّق بينهم أنت تركي، أنت آشوري، أنت كذا، أنت كذا، لذلك:
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ(4) ﴾
فالتفرقة الطائفية هي الورقة الوحيدة الرابحة بأيدي الطغاة (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا)
المذيع:
الذين يعززون هذه الطائفية وهذه الانقسامات هم يخدمون المشروع الآخر.
الدكتور راتب:
أبداً، قطعاً.
المذيع:
يعني ننبغي أن نحافظ على وحدة المسلمين، ووحدة الصف هي مقصد شرعي.
الدكتور راتب:
أحياناً الإنسان لا ينوي أن يفعل هذا.
المذيع:
نعم، أكيد.
الدكتور راتب:
ولكن عندما يبني دعوته على النقد.
المذيع:
الانتقاص.
الدكتور راتب:
مشكلة كبيرة جداً
المذيع:
بما أننا نتحدث عن الدعوة، وعن العلم في نفس الوقت نريد نماذج من العلوم ونماذج من تلك الآيات التي يستطيع الإنسان أن يستعملها من خلال دعوته.
الدكتور راتب:
أنا حينما أحمل الرسالة، الإنسان قد يكون محترف، وهناك إنسان يحمل الرسالة، رسالتي نقل الدين، والخلاف بين العلماء 3% فقط، 5% كحد أقصى ، وعنا 95% قواسم مشتركة، نحن إذا اعتمدنا المُتّفق عليه شيء مهم جداً، فبهذه الطريقة نجمع الناس جميعاً إلينا، أذكر أن بعض المشاريع لي التي تمت كسواعد الإخاء العلماء كانوا من كل أطياف المجتمع، أن يرونا على مودة بالغة فيما بيننا أصبحت أكبر رسالة، يبدو في الخمسينيات كان هناك تراشق بين العلماء، تراشق التهم، انتهت هذه الفترة، وأصبح هناك تعاون.
المذيع:
إلى حد ما.
الدكتور راتب:
قبل قليل، الآخر يتعاون تعاوناً مذهلاً، وبين أطيافه 5% قواسم مشتركة، وهذا ذكاء منه.
المذيع:
لا شك.
الدكتور راتب:
ونحن لا نتعاون، بل نتنافس، بل نبالغ بذلك وبيننا 95% قواسم مشتركة.
المذيع:
إذاً أمثلة سيدي، لو تحدثنا عن أمثلة علمية ربما يستعملها الدعاة إلى الله.
الدكتور راتب:
الدعوة إلى الله هي الحقيقة:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ(33) ﴾
قرآن، ليس في الأرض كلها إنسان أفضل عند الله ممن دعا إلى الله، بلسانه، بخطابه، بنشاطه، بتجارته، بحرفته، (دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ) .
(وَعَمِلَ صَٰلِحًا) : حركته في الحياة، كسب ماله، إنفاق ماله، اختيار زوجته، تربية أولاده، خروج بناته، علاقته مع الأقوياء، مع الضعفاء، الحقيقة هذه العبادة التعاملية آلاف البنود.
الشعائرية: الصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، وهذه العبادات الشعائرية يوجد أحاديث خطيرة جداً:
(( عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً". قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: "أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" ))
(( قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))
(( مَنْ حَجَّ بمالٍ حرامٍ فقال : لَبَّيْك اللَّهُمَّ لَبَّيْك ، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ له : لا لَبَّيْك ولا سَعْدَيْك ، وحَجُّك مردودٌ عليك))
﴿ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَٰسِقِينَ(53) ﴾
العبادات الشعائرية خمسة، إن لم تُرَافقها عبادة تعاملية، تفاصيل حياتنا من كسب المال، لإنفاق المال، اختيار الزوجة، تربية الأولاد، خروج البنات، علاقته مع من حوله، مع جيرانه، مع والديه، مع الأقوياء، مع، مع، الموضوع طويل يبدأ من أخص خصوصيات الإنسان من العلاقات الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، هذه العبادة التعاملية إن لم تصح لا يمكن أن نقطف ثمار العبادة الشعائرية.
المذيع:
بعض الناس دكتور يقتصر على العبادة الشعائرية، ويظن أن هذه الشعائرية من صلاة، وصيام إذا صلى في الصف الأول ضَمِنَ الجنة، ولكن إذا خرج لا مانع أن يغش، وأن يرتشي، وأن يسرق، هذا كله مسموح، بما أنه يصلي فالحسنات يُذهبن السيئات، ما الرسالة لمثل هؤلاء الأشخاص؟
الدكتور راتب:
نحن لدينا عبادات شعائرية وتعاملية، الأصل أن الشعائرية لا تُقطَف ثمارها إلا إذا صحّت التعاملية، فلما يكون هناك كسْب حرام، يوجد مال له إشكال كبير، يوجد بضاعة مغشوشة، إذا أحدهم لديه معلّبات كثيرة جداً، هناك معمل يأخذ المعلبات بغير تاريخها، هذه جريمة.
المذيع:
يُمرِض الناس.
الدكتور راتب:
أنا كنت أظن أنه إذا انتهى مفعولها لا تفيد، لا، هي تضر، الآن هناك معامل تأخذ كل المعلبات الكاسدة، تمحي التاريخ الأول، وتضع تاريخاً جديداً. فالإسلام ليس قضية صوم، وصلاة، وحج، وزكاة، الإسلام أعمق بكثير، تفاصيل حياتك، بنود لا تنتهي، لا من باب التعقيد، من باب الواقع، إذا احدهم لديه بضاعة من أصل معيّن، فكلّف المعمل بالصين أن يكتب: صُنع في ألمانيا، فباعها بخمسة أضعاف، فلما كتب صُنع في ألمانيا بخط درجة أولى، وهي بضاعة من بلد درجة عاشرة صناعياً، فالحقيقة الإسلام يدخل في بيعك، وشرائك، واختيار زوجتك، وتربية أولادك، واختيار عملك، وتفاصيل العمل، هناك الكثير من الأشياء.
مثلاً: إذا أحدهم معه مرض معين، ولم يعقم يديه قبل استخدام العجين، ممكن أن يصيب ثلاثمائة إنسان من هذا الفرن.
المذيع:
على الأقل.
الدكتور راتب:
على الأقل، فالإسلام دين الحياة، دين التطبيق، دين التفاصيل، هذا اسمه الإسلام العملي، لدينا العبادات الشعائرية: الصلاة، الصوم، الحج، الزكاة، لدينا العبادات التعاملية: أنا إيماني والله بكل خلية بجسمي، وكل قطرة بدمي، إن لم تصح العبادات التعاملية لا تُقطَف ثمار العبادات الشعائرية، يعني سيدي هناك حقيقة مُرة نحن نملك نصف ثروات الأرض كمسلمين، النصف بالتمام والكمال بدقة بالغة، ونحتل أهم موقع استراتيجي في الأرض، ملتقى القارات الثلاث، ونملك ممرات مائية الأصل في التجارة الدولية، ممكن أن أتكلم ساعة بهذا الموضوع، ومع كل ذلك نعاني كما ترى وتسمع، فلذلك القضية لا بد من أن نطبق هذا الدين كمنهج إلهي بكلياته وتفاصيله، فإذا طبقنا:
﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ(55) ﴾
هي الأصل في هذا اللقاء الطيب (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) قانون (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ) هذا الدين مُمَكّن الآن؟ والله يواجه حرب عالمية ثالثة، كانت من قبل تحت الطاولة، اليوم من فوق الطاولة (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى) .
المذيع:
نقف عند (يَعْبُدُونَنِى) والعبادة رأس مال الإنسان. نخرج لفاصل ثم نعود إلى حضراتكم.
عدنا إليكم ثانية فأهلاً ومرحباً بكم أحبائي المشاهدين الكرام، أرحّب ثانية بضيفي فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي الداعية الإسلامي الكبير، أهلاً ومرحباً دكتور.
الدكتور راتب:
بارك الله بكم ونفع بكم.
المذيع:
وبكم يا سيدي، كنا نتحدّث عن الدعوة إلى الله، بما أن العلم يدعو إلى الإيمان، نحن نتحدث عن الدعوة، ما هو المنهج الأمثل في الدعوة إلى الله كونك صاحب تجربة كبيرة في الدعوة؟
الدكتور راتب:
المنهج الأمثل في الدعوة إلى الله هو المنهج المُستَنبَط من الكتاب والسنة، من القرآن الذي:
﴿ لَّا يَأْتِيهِ ٱلْبَٰطِلُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِۦ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍۢ(42) ﴾
ومن السنة، قال الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰٓ(3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَىٰ(4) ﴾
التعريف بالآمر قبل الأمر:
لدينا وحي متلوّ هو القرآن، ووحي غير متلو هو سنة النبي العدنان، أو ما صح من سنة النبي العدنان، هذه الدعوة ملامحها التعريف بالآمر قبل الأمر، إن عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، وإن عرفت الأمر ولم تعرف الآمر، تفنّنت في التفلّت من الأمر.
والأصول قبل الفروع، يوجد أصول للدين، يعني شخص أسلم في مصر على يد شيخ، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر، هذا لم يتعلم الوضوء بعد، فخرج من الدين، التقى مع الإمام محمد عبده قال له الماء الذي تشربه توضأ منه، فنحن بحاجة إلى تبسيط وعقلنة وتطبيق.
إذاَ النقطة الدقيقة التعريف بالآمر قبل الأمر، والأصول قبل الفروع.
والقدوة قبل الدعوة: الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، لو فرضنا أب ما ضُبِط من أولاده أنه كذب على أمهم، ولا خلع ثيابه أمام أولاده، ولا ضُبط بشاشة لا ترضي الله، استقامة الأب ولو لم يتكلم بكلمة واحدة
المذيع:
كافية.
الدكتور راتب:
القدوة دعوة:
(( أقيموا الصَّلاةَ وآتوا الزَّكاةَ وحجُّوا واعتمروا واستقيموا يُستَقَمْ بكم ))
إذاً التعريف بالأمر قبل الآمر، والأصول قبل الفروع، والقدوة قبل الدعوة، يعني الصحابة كانوا قدوات كبيرة، الآن معلومات دقيقة، كتب، مدارس، فضائيات، مؤلفات، مؤتمرات، وليست كلمتنا هي العليا، وللطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل، لذلك (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ) لسنا مستخلَفين (كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ) ديننا غير مُمَكّن (وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى) .
والعبادة في بعض التعاريف: طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تُفضي إلى سعادة أبدية. طاعة طوعية ليست قسرية، الذي خلقنا حياتنا بيده، الموت بيده، الصحة بيده، المرض بيده، الغنى بيده، الفقر بيده، ومع كل كل كل ذلك، ما قبل أن نعبده إكراها، قال:
﴿ لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256) ﴾
طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية: ما عبدَ الله من أحبه ولم يطعه، وما عبدَ الله من أطاعه ولم يحبه، أساسها معرفة يقينية، يقينية كلمة دقيقة، مصداقية الكلام: 30% وهم، 50% شك، 70% ظن، 90% غلبة ظن، 100% قطع، مقطوع بها.
والقدوة قبل الدعوة والإحسان قبل البيان: املأ قلب من تدعوه بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، فالإحسان مُمَهّد، فالأنبياء كانوا مُثُلاً عليا، أما لما واحد فصيح، طليق اللسان، معه نصوص جميلة، ولكنه لا يُطبق، هذه المصداقية سيدي، يعني:
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ﴾
آية مخيفة
﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)﴾
الصفة قيد، بالله الناس كلها مؤمنة بالله، لكن بالله العظيم شيء آخر، لأن الإيمان بالله العظيم يعني لايمكن أن تعصيه، أما الإيمان بالله إيمان تقليدي فيه غش، وانحرافات، وبضاعة فاسدة تُباع على أنها جيدة، يعني سلبياتنا لا تُعد ولا تُحصى، والجميع يصلون، أين وعود الله عز وجل؟
(( خيرُ الأصحابِ أربعةٌ وخيرُ السرايا أربعُمائةٍ وخيرُ الجيوشٍ أربعةُ آلافٍ قال : وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لنْ يُغلبَ قومٌ عنْ قلةٍ يبلُغون أنْ يكونوا اثني عشَر ألفًا ))
نحن مليارا مسلم، ونملك نصف ثروات الأرض، ومعنا ثلاث ممرات مائية أصل التجارة العالمية، ومعنا أمور أحتاج إلى ساعة للتحدث عنها، ومع ذلك للطرف الآخر علينا ألف سبيل وسبيل.
المذيع:
بما أننا وصلنا إلى أهم ركائز الدعوة إلى الله فلنعد إلى العلم، ما هي الأمثلة العلمية؟
الدكتور راتب:
سيدي لدينا طاولة لها وزن، وحجم، وطول، وعرض، وارتفاع، هذه جماد، النبات يزيد عليه بالنمو، والحيوان يزيد عليهما بالحركة، والإنسان من الجماد: وزن، حجم، طول، عرض، ارتفاع، من النبات: النمو، كان طفلاً صار شاباً، ومن بقية المخلوقات: الحركة، يمشي، بماذا تميز الإنسان؟ بقوة إدراكية أودعها الله فيه، القوة الإدراكية يعني العقل، فهذه القوة تُلبّى بطلب العلم، فإن لم يطلب العلم، والله شيء مخيف، قرآن كله، وصف الله هؤلاء بأنهم أموات غير أحياء:
﴿ أَمْوَٰتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍۢ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(21) ﴾
ميت ولكن نبضه 80 والضغط 8/12 مثالي، عند الله ميت، هذه قصة ثانية، ومن القرآن أيضاً
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ(4) ﴾
والثالثة:
﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا(44) ﴾
﴿ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَىٰةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًۢا ۚ بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ۚ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ(5) ﴾
خمسة أوصاف من كتاب الله لمن عزَفَ عن طلب العلم:
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلْأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَٰنُ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(72) ﴾
في عالم الأزل قبل عالم الصُّور، لمّا قبل الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رُتبة، والمُكرَّم، والمُكلَّف، والمحاسَب، والمعاقَب، لذلك رُكِّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، رُكِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فالإنسان فوق الملائكة إن عرف الله.
كما لو كان هناك أب غني كبير، وعنده عشرة أولاد، خصّ كل ولد ببيت، وسيارة، وألف دينار بالشهر، لكن قال لهم إن أحدكم حصل على الدكتوراه من بلد بعيد، أعطيه نصف المعمل، وإن لم يحصل عليها أجعله كالمتسول.
رُكّب الملك من عقل بلا شهوة، ورُكِّب الحيوان من شهوة بلا عقل، ورُكِّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، فلذلك الإنسان الشرع، عظمة الشرع ما منعك من الطعام والشراب، تزوّجْ وأنجِب واشترِ بيتاً...إلخ، ولكن منعك من أشياء محددة، بالطعام والشراب: الخمر والخنزير فقط، يعني ما من شهوة أُودِعت في الإنسان إلا جعل الله لها قناة نظيفة، طاهرة، تسري خلالها، فلا يوجد حرمان في الدين أبداً، لكن مثلاً وأنت أقود سيارتي أريد أن أدخل لشارع على اليمين، فوجدت لوحة مكتوباً عليها: حقل ألغام، ممنوع الدخول، هل هذه اللوحة وُضِعت حدّاً لحريتي أم ضماناً لسلامتي؟
المذيع:
ضماناً لسلامتك.
الدكتور راتب:
هذه هي كل القصة، المَنهيّات ضمان لسلامتك، لأنه خبير:
﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍۢ (14) ﴾
خلقنا ليرحمنا، والآية تقول:
﴿ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ(119) ﴾
خلقهم ليرحمهم، هذه الآية تُلغي ألف معنى بخلافها.
المذيع:
بما أننا نتحدث عن الخلق الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَٰهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ(30) ﴾
الدكتور راتب:
لا إله إلا الله. سيدي أنواع الأجناس: لدينا مادة صلبة: صخرة، ولدينا مادة سائلة: ماء، ولدينا غازية، الأنواع الثلاثة بالحرارة تتمدد، وبالتبريد تنكمش، قانون عام، مطلق على الجمادات، والسوائل، والغازات، إلا الماء فيه حالة عجيبة جداً، هذا الماء حرارته أربعين، ويغلي وصل لحرارة 35، 30، 25، 20، 15، 10، 5، زائد 4، تنعكس الآية، فتقلّ كثافته، فيطفو، ولولا هذه الآية لما كان هذا اللقاء، ولما كانت الأردن، ولا الشرق الأوسط، لأنه لو تجمّد الماء، وزادت كثافته، هبط، بعد حين تتجمد البحار، تنعدم الأمطار، يموت الزرع، يموت الحيوان، يموت النبات، خاصة استثنائية بالماء فقط، لولاها لا يوجد حياة.
المذيع:
عند زائد 4؟
الدكتور راتب:
بالضبط، أنت أحضِر قارورة، وأحْكِمها إحكاماً كاملاً، وضعها بالثلاثة تنكسر، إذا أراد الماء أن يتمدد لا توجد قوة تقف أمامه، حتى أمس كانوا يريدون أن يخلعوا صخرة، يثقبون أربع ثقوب ويضعون ماء ويبرّدونها فتُخلَع الصخرة، إذا أراد الماء أن يتمدد لا توجد قوة تقف أمامه،
لولا هذا القانون لَما كان هناك حياة، ولَمَا كان هناك قارات ولا طعام ولا شراب، لأنه لو أن الماء عندما تجمّد زادت كثافته هبط، الثانية، الثالثة البحار تجمّدت، انعدم التبخّر، توقفت المطر، مات النبات، مات الحيوان، مات الإنسان ، معقول أن الحياة كلها مبنية على استثناء بخاصة بالماء، هذه واحدة منهم سيدي.
المذيع:
سبحان الله، حسناً، أيضاً لنتحدث بما أنه موسم الذبائح والأضحيات.
الدكتور راتب:
الإنسان فيه القلب ينبض 80 نبضة، يتلقّى الأمر من القلب نفسه، لأنه من غير المعقول مشفى جراحية مربوطة بالشبكة العامة، لو قطعوا الكهرباء يموت المريض، يجب أن يكون في المشفى مولدة خاصة، لأن القلب أخطر عضو في الإنسان، فيه ثلاث مولدات كهربائية، أول بطارية والثانية، والثالثة، لو تعطلت الأولى عملت الثانية، لو تعطلت الثانية الثالثة تعمل، يوجد ثلاثة، كهرباء القلب مشهورة جداً، أحياناً المريض يضع بطارية في قلبه، فيوجد ثلاثة مراكز كهربائية،
إذا مشى شخص في الطريق وشاهد ثعبان، هذه المراكز الثلاث يعطون 80 نبضة فقط، يريد القلب 180 نبضة يجب أن يأتي أمر من الدماغ، و أنا أمشي في البستان شاهدت أفعى، طُبعَت صورتها على الشبكية، واضحة تمام؟
المذيع:
نعم.
الدكتور راتب:
في الشبكية لا تُقرأ الصورة، تنتقل إلى الدماغ، والدماغ يريد الغدة النخامية لأن عندها ملفات الأفاعي، وسمع كذا قصة من جدته، وقرأ كتاباً عن هذه الأشياء، وشاهد في المتحف ثعباناً، المشاهدات والقراءات والدراسات شكلوا ملف الثعابين هنا، وهذه الصورة لن تُقرأ في العين، تنتقل للدماغ، في الدماغ قُرئت، هذا الدماغ، الغدة النخامية تعطي رسالة كيميائية، وليست كهربائية لعضو فوق الكلوة اسمه الكظر، أن هناك خطر تدخّل.
المذيع:
الغدة الكظرية.
الدكتور راتب:
الكظرية، الكظر يعطي أمراً للقلب ليرفع النبض، فالخائف 180 نبضة، أمراً للرئتين يزداد الوجيب فيها، أمراً للكبد: اصرف سكراً إضافياً، سكر الخائف 180، الطبيعي: 90، شيء لا يُصدّق، هرمون تجلُّط، لو جُرِح بسكينة في موضع ما يذهب دمه كله، ولكن مكان الجرح يتجلّط كله،
سبع أوامر بثوانٍ تُنفّذ، يد مَن؟ علم مَن؟ قدرة مَن؟ حكمة مَن؟ الكظر سيدي، الكظر فوق كل كلوة يوجد رأس صغير، يرفع النبض، يرفع وجيب الرئتين، يضاعف السكر، هرمون التجلّط، ويعطي أمراً للأوعية فتضيق، الخائف يصفرّ لونه،
يقل الدم، شيء لا يُصدّق.
المذيع:
الله أكبر، كلها تنطق بوجود الله، ووحدته سبحانه وتعالى، جزاكم الله خيراً شيخنا العلامة، الأستاذ، الدكتور محمد راتب النابلسي، كما أشكركم أحبائي المشاهدين الكرام على حسن المتابعة، وإلى أن نلتقي بحلقة جديدة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الملف مدقق