- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠1موضوعات مختلفة في التربية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
العلاقة الوثيقة بين الدعاء و الاستغفار :
أيها الأخوة المؤمنون؛ يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه أنس بن مالك أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((قال الله تعالى: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرةً ))
أقرأ عليكم الحديث مرة ثانية: عن أنس بن مالك أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((قال الله تعالى: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرةً ))
أيها الأخوة الأكارم؛ على شاكلة هذا الحديث يوجد حديثان قدسيان، يقول الله تعالى:
(( من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولةً، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئةً لا يشرك بي شيئاً لقيته بقرابها مغفرةً ))
حديث ثالث على الشاكلة نفسها، يقول عليه الصلاة والسلام:
((والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم ))
في هذه الأحاديث شيئان أساسيان الاستغفار والدعاء، أو الدعاء بالاستغفار.
الدعاء أخطر ما في الدين :
أيها الأخوة الأكارم؛ لا أبالغ إذا قلت لكم: إن أخطر ما في الدين الدعاء، لأن كل المشكلات تحل بالدعاء، ولكن قبل أن نمضي في الحديث عن الدعاء، للدعاء شروطه، وللدعاء أسبابه، وللدعاء موانعه.
قبل أن نخوض في شروط الدعاء وأسبابه، ماذا تظنون أن شيئاً يمنع إجابة الدعاء؟ ما الذي يمنع إجابة الدعاء من قبل الله عز وجل؟ المعصية، مطلق المعصية، وكذلك عدم طاعة الله عز وجل، وأيضاً ألا يكون الرزق حلالاً، إذا كان الرزق حراماً، وإذا كان العبد مقصراً في أداء واجباته، منتهكاً لحدود الله عز وجل، هذه أشياء تمنع اجابة الدعاء، والرزق الحرام كذلك، إذا كان هناك رزق حرام لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
بالمناسبة قد يتوهم متوهم أن المال المسروق رزق حرام، لا، هذا بديهي، شيء صارخ، الاغتصاب؛ اغتصاب بيت رزق حرام، اغتصاب دكان رزق حرام، اغتصاب شبر من أرض رزق حرام، هذا حرام صارخ، واضح، بَيِّن، لا يختلف عليه اثنان، لكنك إذا غششت المسلمين في بضاعتهم، فالربح الذي تربحه من هذه البيعة فيه شبهة الحرام، إذا دلَّست عليهم، إذا أوهمتهم، إذا خفَّضت مستوى البضاعة، يقول لك: المادة الفعالة ثلاثون بالمئة، جعلتها خمسة عشر بالمئة، والعبوة كبيرة، خفضت المادة الفعالة ورفعت السعر، فأنت أخذت من مالهم ما ليس لك، فإذا أردنا التوسع في هذا الموضوع فالقضية دقيقة جداً، هذا هو الدين.
مثلاً، إذا كذبت في مواصفات البضاعة، هو أعطاك على أن هذه المادة مستوردة وهي مادة محلية، أعطاك هذا الثمن على أن المادة الفعالة بهذا المستوى، وكانت المادة الفعالة أقل من هذا المستوى، أعطاك الثمن على هذه الشروط، وأنت خالفتها، فإذا أردت أن تعد تجد أن التدليس، والكذب، والغش، والإيهام يسبب الرزق الحرام، هذا الذي يدفع الناس إلى اليأس من الدعاء، فالدعاء عريض، والعبارات بليغة، والأدعية مختارة، والأدعية مأثورة بصوت مرتفع، ورنَّة معبِّرة، ومع ذلك لا يستجيب الله عز وجل، لذلك:
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
طاعة الله، والبعد عن الحرام، وأداء الواجبات، الطاعة مطلقة، لكن عدم اقتراف المنكرات، عدم الوقوع في المنهيات، وعدم التقصير في الواجبات، والكسب الحلال، هذه كلها إذا كانت منعت عدم الاستجابة، سمَّاها بعض العلماء: موانع الدعاء، التقصير في أداء واجب، وارتكاب معصية، وعدم طاعة الله عز وجل بشكلٍ عام، يضاف إلى ذلك الرزق الحرام، هذه كلها من موانع الدعاء، وكذلك الشرك بالله، فالمشرك يدعو غير الله عز وجل، أما المؤمن إذا دعا الله عز وجل فدعاؤه صادق، والدليل:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾
الدعاء هو العبادة :
الآن، دققوا في بعض هذه الأحاديث، يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إن الدعاء هو العبادة ))
وربنا عز وجل قال:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
هل هناك آية قرآنية تؤكد أن الدعاء هو العبادة ؟
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾
ثم يقول الله عز وجل:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾
يستنكفون عن دعائي، هذا أسلوب قرآني..
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾
إن الذين يستكبرون عن دعائي، قال: عن عبادتي، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
" إن الدعاء هو العبادة "... ثم تلا هذه الآية:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
في حديث آخر، أربعة أحاديث مهمة جداً، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الإجابة ))
ما دام الله عز وجل قد أمرك بالدعاء، أمرك بالدعاء ليستجيب لك، يفتح عليك باب الدعاء، ويغلق عليك باب الإجابة!! قدموا طلبات، بعدما قدموا الطلبات، جاء الرد: لا توجد أية موافقة، فلماذا إذاً أمرتنا أن نقدم الطلبات؟ ما دام هناك تقديم طلبات، إذاً يوجد اختيار، ومسابقة، وتعيين، ووظيفة:
(( ما كان الله ليفتح على عبدٍ باب الدعاء ثم يغلق عليه باب الإجابة))
لأن الله عز وجل يقول لك:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
إذاً أمرك أن تدعوه ليستجيب لك.
بالمناسبة أيها الأخوة؛ الأصل أن يستجيب لك، فإن لم يستجب فلِعِلَّة طارئة، نحن عندنا قاعدة وعندنا استثناء، القاعدة أنه يستجيب لك، ما أمرك أن تدعوه إلا ليستجيب لك، فإذا لم يستجب فلعلَّةٍ ظاهرة في الدعاء، أو في حالة.
حديث آخر: يقول عليه الصلاة والسلام:
(( من أعطي الدعاء أعطي الإجابة))
لأن الله تعالى يقول:
﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
(( ما كان الله ليفتح على عبدٍ باب الدعاء ثم يغلق عليه باب الإجابة، إن الدعاء هو العبادة))
شروط الدعاء :
الآن من شروط الدعاء قال العلماء: حضور القلب، يمكن أن تدعو الله وأنت ساهٍ ولاهٍ، القلب غائب، هذا الدعاء لا يستجاب، أول شرطٍ من شروط الدعاء حضور القلب.
هذا الموضوع ينقلنا إلى موضوعٍ آخر، هو أن الإنسان قد تصيبه وساوس، وقد تأتيه كوابيس، وقد يمسه بعض الجان، وقد يقع في الحسد - أي يحسد-، وقد تأتيه مشكلات، فإذا قلت له: يا أخي ليس لك إلا أن تدعو الله عز وجل، ليس لك إلا أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول لك: والله استعذت بالله وما تغير شيء، تقول له: لابد من حضور القلب في الاستعاذة، في الاستعاذة والدعاء لابد من حضور القلب، هل تعلم أنت كيف يحضر القلب وكيف يغيب؟ تصور نفسك آلة من أعقد آلات التصوير، ومع أنها غالية جداً ولكن لا يوجد فيها فيلم، فمهما دققت في التقاط المنظر، وفي الزاوية، وفي الإضاءة، والفتحة، والسرعة، والمسافة، مهما بالغت لكن لا يوجد فيها فيلم، إذا القلب غير حاضر لا يوجد شيء، هذه نقطة مهمَّة جداً، أول شرط من شروط الدعاء: حضور القلب، إذا أردت أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، إذا أردت أن تلجأ لله عز وجل، إذا أردت أن تدعو الله عز وجل، كل هذه النصوص القطعية الواردة في القرآن والسنة شرطها الأساسي حضور القلب.
عندنا شرط آخر وهو: رجاء الإجابة. أحياناً الإنسان يصيبه مرض عضال، ويقول له الطبيب: هذا المرض لا شفاء منه، هذا الطبيب أوقعه في حالة اسمها اليأس، يقال لهذا المريض: ادع الله عز وجل، فيدعو، ولكن يدعو الله وهو يائسٌ من الدعاء، إذا رافق الدعاء يأس، أو إذا ظننت أن الله لن يجيبك لهذا الطلب، شيء منته، هكذا قال الطبيب: المرض عضال ومميت، إن لم توقن أن الله قادر على أن يستجيب لك مهما كان الأمر خطيراً، لأن قدرة الله تتعلَّق بكل شيء مهما بدا كبيراً، عندئذٍ لا يجاب الدعاء.
أول شرط: حضور القلب، بالمناسبة حضور القلب ما الذي يمنعه؟ أنت متى لا تقدر أن تكون مع الله بقلبك؟ عند المعصية، المعصية حجاب، إذا لم يكن هناك معاص بإمكانك أن تكون حاضر القلب مع الله عز وجل، الدعاء شرطه حضور القلب، الشرط الثاني: أن توقن بالإجابة، الله عز وجل على كل شيء قدير.
والله أيها الأخوة القصص التي تناهت إلى سمعي عن حالات مرضية ميؤوس منها كثيرة جداً، والله أعرف رجلاً هو صديق لي، أصابه مرضٌ عضال، فإذا باع بيته كله - وما أغلى البيت الآن - ربما وفَّى بجزء من ثمن العملية الجراحية، واحتمال نجاحها ثلاثون بالمئة، زرته مرتين أو ثلاث، وقد دمعت عيني لا لشيء لكن لأن أطفاله صغار، والخيار صعب جداً، لابد من أن يباع هذا البيت وتجرى هذه العملية في أقصى بلاد الدنيا، وكيف أن هذا المرض الخبيث تراجع ذاتياً، وشفي المريض شفاءً تاماً، وقد مضى على هذه القصة أكثر من عشر سنوات، وهو الآن حيٌّ يرزق، يتمتَّع بأعلى درجات الصحة، والله الذي لا إله إلا هو أربعة أطباء أو خمسة أشرفوا على المعالجة، وأخذوا خزعات، وذهبت هذه الخزعات إلى بلاد غربية للتحليل، أنا تناهى إلى سمعي عشرات بل بضع عشرات القصص التي تؤكِّد أن مرضاً عُضالاً تمّ شفاؤه من دون معالجة، عندئذٍ سمَّى الأطباء هذه الحالات الاستثنائية: الشفاء الذاتي.
فإذا دعوت الله عز وجل، وليس لك ثقة أن الله يقدر أن يفعل ما يفعل، الدعاء لا يجاب، لأنه أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء، أول شرط: حضور القلب، الشرط الثاني: أن توقن بالإجابة، رجاء الإجابة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
(( ادعوا الله وأنتم موقِنون بالإجابة...))
هل يعقل أن أجد بيتاً؟! نعم معقول، البيت ثمنه ملايين، وأنا دخلي محدود، متى سأتزوج مثلاً؟ الله على كل شيء قدير، يخلق من الضعف قوةً، من الضيق فرجاً، من الفقر غنىً، فما دمت تشاهد أو موقناً أن هذا الشيء الذي تدعو الله به لن يتحقق، الله عز وجل مستحيل أن يعطيك إياه، صار الدعاء ليس له قيمة، أول شرط: حضور القلب، وثاني شرط: رجاء الإجابة..
(( ادعو الله وأنتم موقنون بالاجابة، فإن الله تعالى لا يقبل دعاء من قلب غافل لاهٍ))
حديث آخر عن الشرط الثاني؛ عن الإيقان بالإجابة يقول عليه الصلاة والسلام فيما ورد في المسند عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( إن هذه القلوب أوعية، فبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاءً من قلب غافل ))
قلب غافلٍ، ساهٍ، لاهٍ، لا يوجد يقين بالإجابة، لا يوجد حضور قلب، هذا الدعاء لا يستجاب أبداً.
النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن أن يقول العبد في دعائه: "اللهم اغفر لي إن شئت"، إذا أردت يا ربي أن ترحمني فارحمني، وإذا كنت لا تريد ماذا أفعل؟ قال: هذا يوجد نهي عنه، نهى النبي عليه الصلاة والسلام العبد أن يقول في دعائه: " اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له ". لا توجد قوة أخرى، يا رب اغفر لي، وارحمني، ووفقني، وأعني، وقربني، واهدني، واهد بي، فاسأل الله، وأنت موقن بالإجابة، فإذا فتح عليكم باب الدعاء فهذا باب كبير وخير عميم، خالق الكون يقول لك: يا عبدي ادعني أستجب لك..
(( إذا كان ثلث الليل الأخير، نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من طالب حاجةٍ فأقضيها له؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟))
عندنا كذلك شيء دقيق، نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن أن يدعو الإنسان ربه، ثم ينتظر فلا يستجيب له، ثم يقول: لا يوجد أمل، دعوته فلم يستجب. هذا إنسان مستعجل، قال عليه الصلاة والسلام:
(( إن الله يحب الملحين في الدعاء ))
اسأله مرة، واثنتين، وثلاث، وخمس، وعشر، وسنة، وسنتين، لأن هذا سؤال عظيم، أما دعوت مرة، انتظرت شهراً فلم يحدث شيء، كففت عن الدعاء بحجة أنك دعوته فلم يستجب لك، الله عز وجل يحب الملحين في الدعاء.
صار عندنا أول شرط: حضور القلب، الشرط الثاني: اليقين بالإجابة، الشرط الثالث: أن تعزم المسألة، الشرط الرابع: أن تلح في الدعاء، هذه كلها من شروط الدعاء.
في الأثر: " أن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه، قال:" يا جبريل لا تعجل بقضاء حاجة عبدي، فإني أحب أن أسمع صوته " عندما وقع بمشكلة صار يصلي قيام الليل، ويدعو: يا رب ليس لي غيرك، صار هناك التجاء، صار هناك توسل، مرغ جبهته بعتبة الله عز وجل، وهذا ورد في الأثر قال: " يا جبريل لا تعجل بقضاء حاجة عبدي، فإني أحبّ أن أسمع صوته " أحياناً تكون أم مثلاً، ابنها متزوج وغائب عنها، يضطر أن يشتري بيتاً، صار يتردد، كل يوم مرة، كل يومين مرة، فالأم فرحت، الحمد لله أنه صار له حاجة عندي، صار يأتي لعندي، من حبها له تفرح بهذه الحالة، أنه صار بحاجة وبدأ يتردد عليها، فهذا ورد بالأثر:
(( أن الله عز وجل يحب أن يسمع صوت عبده اللهفان ))
ويقول الله عز وجل:
﴿وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
تحدثنا يوم الجمعة عن رحمة الله عز وجل، هذه ثمنها الإحسان.
عندنا شيء آخر وهو: من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له:
أَخلِق بذى الصَّبر أَن يَحظى بحاجته ومُدمِن القرعِ للأبواب أَن يَلِجا
***
اسأل الله عز وجل الهداية، اسأله التوفيق، اسأله زوجة صالحة، اسأله مأوى تأوي إليه، اسأله حجاً مبروراً، اسأله صلاة موصولةً، اسأله صياماً متقبَّلاً، وهكذا ورد: " مَن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له ". وفي الصحيح:
(( لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك أحد مع الدعاء ))
ما دام هناك دعاء لا يوجد هلاك، لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لا يهلك عبدٌ مع الدعاء، لذلك ورد في حديث آخر:
(( إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء ))
الله عز وجل سميعٌ مجيب، وقال لك: اسألني يا عبدي، ما عليك إلا أن تسأله، وعلى الله الباقي.
حضور القلب، واليقين بالإجابة، والعزم في الدعاء، والإدمان، والإلحاح، هذه كلها من شروط الدعاء المستجاب.
أهم موضوعات الدعاء النجاة من النار و الدخول للجنة :
مرة النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليه صحابي، فكان هناك حديث قبل أن يدخل، فقال عليه الصلاة والسلام:
(( حولها ندندن ))
الدندنة أي الدردشة باللغة العاميَّة، حول ماذا؟ قال العلماء، حول شيئين؛ النجاة من النار ودخول الجنة، فدعاء النبي عليه الصلاة والسلام حول هذين الموضوعين، حول أن ننجو من عذاب الناس، وأن يسمح لنا بدخول الجنة، الآية الكريمة:
﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾
إذاً مضمون هذا الدعاء القرآني حول ماذا؟ حول النجاة من النار، وحول دخول الجنة، هذا أهم موضوعات الدعاء.
موانع الدعاء :
عندنا نقطة دقيقة، حالات استثنائية، لو أنك دعوت الله عز وجل ولم يستجب لك ما الجواب ؟ الجواب: ما من أحدٍ يدعو بدعاءٍ إلا أتاه الله ما سأل، أو كفَّ عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم، وبالطبع إذا كان الدعاء فيه إثم أو قطيعة رحم هذا الدعاء لا يستجاب أصلاً، هناك عدم استجابة استثنائية لعلة ظاهرة، أما إذا كان الدعاء لقطيعة رحم، أو اقتراف إثم، فهذا الدعاء في الأصل لا يستجاب، أما إذا كان الدعاء مقبولاً: يا رب توفقني في هذه الدراسة، وما نجحت، فهناك علةٌ وحكمة لو كشفت لك لرضيت عن الله عز وجل، يقول عليه الصلاة والسلام:
(( ما من مسلم يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم أو قطيعة رحمٍ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته - الحالة الأولى الاستجابة - وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها، وقالوا: إذاً نكثر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: الله أكثر))
إذا لم يستجب يوجد علة، وحكمة، لكن لو أن الدعاء بقطيعة رحمٍ، أو بإثمٍ، الأصل ألا يستجاب، لأن الحديث النبوي الشريف:
(( إن الله حييٍ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما خائبتين، فاتقوا الله عباد الله فيما تدعون ))
أي ادع دعاء مقبولاً.
أفضل الأدعية الأدعية القرآنية :
لذلك أفضل الدعاء ما كان قرآنياً..
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾
مَن يذكر أدعية قرآنية ؟
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾
﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾
﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾
﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾
﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً ﴾
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي ولولدي﴾
﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾
والله شيء جميل أن نجمع الأدعية القرآنية ونحفظها، فإذا دعونا ربنا عز وجل أفضل دعاء هو دعاء القرآن، وبعده أي دعاء؟ الدعاء المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهناك كتاب الأذكار للنووي، هذا كتابٌ جامعٌ مانعٌ فيه كل أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحواله، فإذا الإنسان اقتنى هذا الكتاب، وقرأ الأدعية، واختار منها بعضها، صار هذا الدعاء أنيسه، أحياناً الإنسان لديه وقت يمضيه من دون تفكير، يقول لك: أنا يجب أن أمشي باليوم ساعة، المشي ساعة اجعلها خلوة، كيف يكون هذا المشي خلوة؟ بالدعاء والاستغفار، بالدعاء، احفظ أدعيةً رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أردت أن تنتظر إنساناً، انتظرت عند طبيب مثلاً، قال لك: انتظر ساعة، فأفضل الذكر الدعاء، أو تلاوة القرآن الكريم، أو تذكر ما حفظت من كتاب الله عز وجل .ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم:
(( اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال ))
و:
(( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ))
و:
(( اللهم إني أعوذ بك من أن أَضل أو أُضل، أو أَزل أو أُزل، أو أجهل أو يجهل عليّ))
(( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ))
(( اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل))
فإذا شخص أكرمه الله عز وجل بحج أو بعمرة، يجد أنه في أمس الحاجة إلى أدعية النبي، لكن يجب أن يحفظها عن ظهر غيب، أما أن يفتح الكتاب أثناء الطواف فيذهب كل الحال وهو يقلب صفحات الكتاب، يغلط بالدعاء فيرده شخص من خلفه، فلم يعد هذا طوافاً، أفضل شيء أن تحفظ أدعية النبي عليه الصلاة والسلام، أن تحفظها عن ظهر قلب، فلو ناداك الله كما يقولون لحجةٍ، عندئذٍ أنت متسلح بهذه الأدعية.
الدعاء شيء أساسيٌّ جداً في حياة المؤمن :
سنعيد الحديث مرة ثانية:
(( ما من مسلم يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته - يا رب ارزقني رزقاً وفيراً، ممكن أن يأتيك الرزق بشكل كبير، وممكن ألا يأتيك، يكون الله عز وجل يعلم أن الرزق الوفير لا يناسبك، فإذا كان لم يستجب، هناك الحالة الثانية - وإما أن يدخرها له في الآخرة - بعد أن تنجو من الدنيا، ومن فتنها، ومن كل بلاء، وصلت إلى الآخرة، يقال لك: كنت قد دعوتني يا عبدي برزق وفير، وها هو الرزق الوفير- وإما أن يدخرها لك في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر؟ قال: الله أكثر ))
و للحديث إضافة:
(( أو يغفر له بها ذنباُ قد سلف ))
إما أن يصرف عنه سوءاً، أو يغفر له ذنباً، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يؤتيه منها في الدنيا.
الحديث القدسي:
(( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء - وفي رواية - فلا تظنوا بالله إلا خيراً))
أحياناً الإنسان يصاب بمرض خطير يقول لك: انتهيت، لا تظن بالله إلا خيراً، لعله عرض سريع، لعل الله يرحمك، لعل الله يصرفه عنك، لا تظنوا بالله إلا خيراً.
ورد:
((يأتي الله بالمؤمن يوم القيامة فيقربه منه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق فيقول له : اقرأه؟ فيعرفه ذنباً ذنباً فيقول : أتعرف أتعرف ؟ فيقول : نعم نعم، فيلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول له الرب : لا بأس عليك يا عبدي أنت كنت في ستري من جميع خلقي وليس بيني وبينك اليوم من يطلع على ذنوبك اذهب فقد غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به، فيقول : يا رب ما هو ؟ قال : كنت لا ترجو العفو من أحد غيري فهانت علي ذنوبك))
كل هذه المغفرة لأنك لا ترجو العفو من أحد غيري، وهذا كما قال العلماء من أعظم أسباب المغفرة.
ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، دعوتني ورجوتني، لاحظوا اقتران الرجاء مع الدعاء، والحديث:
(( قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ))
هذا الحديث قاله النبي عليه الصلاة والسلام لرجل، ماذا قال هذا الرجل؟ قال:
((إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء، فذنوب العبد وإن عظمت فإن عفو الله عز وجل ومغفرته أعظم منها وأعظم، فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته ))
وفي الصحيح: أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: وا ذنوباه مرتين أو ثلاث، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(( قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندك من عملي، فقالها ثم قال له: عد، فعاد، ثم قال له: عد، فعاد، فقال له: قم قد غفر الله لك ))
مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندك من عملي، مهما كان لك عمل عظيم، رحمة الله عز وجل يجب أن تكون أرجى عندك من عملك، لأن هذا العمل لو خالطه شرك أو خالطه تيه أو عجب حرمت أجره، أما رحمة الله عز وجل فثابتة.
إذاً الدعاء شيء أساسيٌّ جداً في حياة المؤمن، بل إن الدعاء هو الإيمان، بل إن الدعاء هو العبادة.
ضرورة مرافقة الاستغفار للدعاء :
الآن يوجد شيء آخر وهو الاستغفار، الله عز وجل قال:
﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
أمر إلهي أن تستغفر الله، وقوله أيضاً:
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾
وتارةً مدح المستغفرين فقال:
﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾
وقال عز وجل:
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا﴾
وآيةٌ أخرى:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾
عندنا بهذا الاستغفار شرط أساسي، ما هو؟
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾
العلماء قالوا: شرط الاستغفار ألا تصر على ذنبك، فإذا أصررت على ذنبك بطل الاستغفار. استغفار مع إصرار على الذنب كمن يقول: أنا كلما أفعل الذنب أتوب و أستغفر الله عز وجل، هذا كالمستهزئ بربه، تستغفر وتقلع، ما دام هناك إصرار وعودة فالاستغفار نوع من أنواع الاستهزاء بالله عز وجل، إذاً مع الاستغفار عدم الإصرار.
لقمان يقول:
(( يا بني عوِّد لسانك الاستغفار، قل: اللهم اغفر لي، فإن لله ساعاتٍ لا يرد فيها سائلاً ))
سيدنا الحسن يقول: " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة ".
قال:
(( بينما رجل مستلقٍ على ظهره، إذ نظر إلى السماء وإلى النجوم فقال: إني لأعلم أن لك رباً خالقاً، اللهم اغفر لي، فغفر له ))
فالاستغفار يرافق الدعاء، وكل بني آدم خطاء وخير الخطَّائين التوابون، الله عز وجل يتوعَّد دائماً المصرين، المصر على معصية، المستكبر، العاتي، المستعلي، الذي يستكبر عن عبادة الله عز وجل، ما دام هناك خضوع، وندم، واستغفار، وعدم إصرار، فهذه كلها تسهل المغفرة.
ورد في الحديث الشريف:
((إذا أذنب العبد ذنبًا، قال: أي ربي أذنبت ذنبًا فاغفر لي، فيقول ربي: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويجازي به، قد غفرت لعبدي، ففي الثالثة أو الرابعة يقول الرب الجليل -سبحانه-: قد غفرت لعبدي))
طبعاً نبهتكم لنقطة، ذنب آخر، أما نفس الذنب فمعنى هذا أن هناك إصراراً، لكن هذه النقطة لم يكن يعرفها، عرفها فاستغفر الله منها، زل لسانه فاستغفر، فكلما أخطأت استغفر، والمغفرة مع عدم الإصرار جزاؤها الغفران، معنى استغفر أي طلب المغفرة، قال عليه الصلاة والسلام:
(( ما أصر من استغفر ))
الذي يستغفر معنى هذا أنه غير مصر، علامة المصر أنه لا يستغفر، فإذا استغفر فهو من النوع الذي لم يصر.
ومن حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً:
(( ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون ))
وبعض العلماء يقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار، أحياناً يوجد استغفار يحتاج إلى استغفار، وأحياناً يحتاج إلى إخلاص، الحديث عن الإخلاص كثيراً يذهب الإخلاص، فهناك إخلاص يحتاج إلى إخلاص، وهناك استغفار يحتاج إلى استغفار.
ملخص سريع للدرس :
لهذا الحديث إن شاء الله تتمة في دروس قادمة، ولكن أعيد على أسماعكم الحديث الأول والثاني والثالث، حتى نربط هذا الموضوع وهذا الشرح بالحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
(( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرةً ))
والحديث الثاني:
(( من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة))
(( والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم))
ملخص سريع للدرس؛ شروط الدعاء، أول شرط: حضور القلب، الشرط الثاني: اليقين بالإجابة، الشرط الثالث: العزم، لا تقل: اللهم ارحمني إن شئت، ثم الإلحاح، هذه شرط الدعاء.
موانع الدعاء: اقتراف معصية، تقصير في واجب، ارتكاب ما نهى الله عنه، ثم الزرق الحرام، هذه موانع الدعاء.
والدعاء هو العبادة، لأن العبادة في أساسها التفات إلى الله عز وجل.
الاستغفار شرطه الوحيد عدم الإصرار..
﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾
فكل شخص عنده قائمة حاجات مع الله عز وجل، له مطالب، عنده رغبات، تمنيات، عنده مخاوف، عنده مقلقات، فالدعاء هو العبادة، وأنا أفضِّل أن تحفظوا أدعية القرآن الكريم، أخ جمعها لنا وطبعها بصفحة أدعية القرآن الكريم، يوجد منها بالكتب الموجودة بالأسواق، وأدعية النبي عليه الصلاة والسلام وأذكاره نجدها في كتاب الأذكار للإمام النووي.