- محاضرات خارجية / ٠06 لقاء مع الشيخ الشعرواي - مصر
- /
- ٠1اللقاء الأول مع الشعراوي
الحكمة من ورود النص الظني الدلالة :
سيدي ... النصوص الدينية - كما تعلمون - من قرآن وسنَّة ، منها ما هو قطعي الدلالة ، ومنها ما ظنّي الدلالة ، والنصوص الظنية في دلالتها هي سبب اختلاف العلماء ، وتعدُّد المذاهب ، فما الحكمة التي ترونها من ورود النص ظني الدلالة ؟..
كل نصوص القرآن قطعية الثبوت ، لكن أصول الأشياء التي يريد اللّه من الناس ألا يختلفوا فيها جعلها قطعية الدلالة ... والنص الظني الذي يحتمل مدلولات عدة إنما أراد الشارع أن يُفهم على كل مدلولاته ، وجميع احتمالاته ، ولو أراد اللّه للنص أن نفهمه على لون واحد ، ودلالة واحدة ، لجعله قطعي الدلالة . فآية الوضوء مثلاً :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
ما قال في الوجه شيئاً لأنه لا ختلاف في مدلول الوجه ، أما حينما ذكر اليد فقد قيَّدها بقوله إلى المرافق ، لأن اليد مختلفة في مدلولها، فاليد تُطلق على الكف ، وعلى الساعد، وعلى المرفق، وهو يريدها على وجه خاص ، فجاء النص قطعي الدلالة ، وحينما ذكر الرأس قال :
﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ﴾
والباء صالحة لكل هذا ... إذاً يعدُّ اجتهاد أي مجتهد في معنى الباء صالحاً ومقبولاً، إن للتبعيض أو للإلصاق أو زائدة . ولو أراد الله من المسح أحد المعاني قصراً لقال: امسحوا ربع رؤوسكم ... وهكذا .