- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠2برنامج حياة المسلم 2-مدارج السالكين
مقدمة :
المذيع :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، يا ربنا صلّ وسلم ، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، السلام عليكم مستمعينا الأكارم ، عبر أثير إذاعتكم حياة fmنحييكم فأهلاً ومرحباً بكم معنا ، يسعدنا أن نرحب بفضيلة العلّامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله شيخنا وأستاذنا .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع :
حفظكم الله دكتور ، وجزاكم كل خير .
في أيام العشر من ذي الحجة المباركة ، وعلى عتبات يوم عرفة العظيم ، نكون نحن وإياكم في حلقتنا : "يوم عرفة" ، لنتحدث أكثر عن هذا اليوم الجميل ، وهذا اليوم العظيم ، نبدأ حلقتنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن صيام يوم عرفة فقال :
(( يكفِّر السنَّةَ التي قبله والسنةَ التي بعده ))
وأيضاً قوله صلى الله عليه وسلم :
(( وأفْضَلُ الدُّعاءِ : دُعَاءُ يومِ عَرَفَةَ ))
وفي فضل عرفة يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ))
فهل فضل عرفة لمن يقف حاجاً على صعيد عرفة أم لكل المسلمين أينما كانوا ؟ وكيف للإنسان أن يستثمر هذا اليوم العظيم ألا وهو يوم السبت بعد غد بحول الله تعالى ؟ هذا موضوعنا وأسئلتنا ونقاشنا مع شيخنا الدكتور محمد راتب النابلسي .
شيخنا الكريم يوم عرفة هو يوم التاسع من أيام ذي الحجة ، لماذا فضل بهذه الفضائل الكثيرة والعظيمة ؟
منهج الله منهج تفصيلي يطبق في كل مكان و زمان :
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
بسم الله الرحمن الرحيم ، لي اجتهادٌ شخصي ، وأرجو أن أكون على صواب ، ملخص هذا الاجتهاد ؛ الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، أحياناً المجتمعات الإسلامية دون أن تشعر ، وعن غير قصدٍ ، يصبح الإسلام عندهم جغرافياً وموسمياً .
جغرافياً ؛ مرة كنت في بلدٍ تؤدى به مناسك الحج ، امرأةٌ محجبة حجاباً كاملاً ، فلما ركبت الطائرة خلعت كل هذا الحجاب ، وكأن الحجاب مفروضٌ فقط في مكانٍ معين ، صار هذا إسلاماً جغرافياً .والشيء الثاني مضى رمضان ، عاد الناس بعد رمضان إلى ما كانوا عليه قبل رمضان ، فكأنني أستنبط من هاتين الحادثتين أن هناك فهماً خاطئاً للإسلام ، أنه جُعل دين موسمي في رمضان ، ودين جغرافي في مكان معين ، الإسلام إسلام في كل مكانٍ وزمان ، منهج الله منهجٌ كامل ، يغطي المكان والزمان معاً ، فلذلك الإنسان عندما ينتقل من مكان إلى مكان ، يغير استقامته ، يغير منهجه ، ليس هذا هو الإسلام ، صار مصلحة ، مصالح ، صار مراعاة للظروف المعينة ، هذه نقطة مهمة جداً ، فالإسلام منهج تفصيلي ، يبدأ من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، ويجب أن يطبق في كل مكانٍ وزمانٍ في أنحاء الأرض ، هذا هو المنهج ، فنحن إذا احتفلنا بموسم ديني كرمضان ، أو احتفلنا بمكان مقدس كبلاد الحج والعمرة ، ليس هذا هو الإسلام ، الاستقامة بكل مكان ، والمنهج يطبق في كل مكان ، لا يوجد مانع أبداً أن نرفع مستوى العبادة في هذا المكان ، لا على أن تلغى خارج هذا المكان ، لا على أن نعود بعد رمضان إلى ما كنا عليه قبل رمضان ، من كذبٍ ، وغيبةٍ ، وانحرافٍ ، أكبر مشكلة أن المسلمين بالعالم كله في رمضان يوجد التزام طبعاً ، لكن هذا المنهج الإلهي يطبق من أخص خصوصيات الإنسان ، من فراش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية ، يطبق في كل مكانٍ وزمانٍ، هذا هو الأصل ، لكن يوجد مواسم ، مثل الحج موسم ، موسم عبادة كبير ، رمضان موسم لا مانع أن أرفع مستوى عبادتي ، في موسم رمضان ، وفي موسم الحج ، أما أن ألغي العبادة خارج رمضان .
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق
***
هنا الخطأ ، المنهج يطبق في كل مكانٍ وزمان ، لكن يوجد مواسم ، المواسم دورات مكثفة ، دورات استثنائية ، شهر رمضان موسم عبادة ، موسم قراءة قرآن ، موسم إنفاق الزكاة .
المذيع :
وكذلك عشر ذي الحجة دكتور ؟
الدكتور راتب :
والحج كذلك ، هذه مواسم ، أما أنه خارج هذه المواسم ، أنا إنسان متفلت ، أفعل ما أشاء ، لا يوجد ضوابط ، لا بالسهرات ، ولا باللقاءات ، ولا بالحفلات ، فهذا شيء مستحيل ، هذا الذي أضعف المسلمين .
المذيع :
إذاً نفهم من كلام فضيلتكم ، المسلم على استقامة كاملة ، والاستقامة كما ذكرتم دكتور هي طاعةٌ لأمر الله ، وتجنب للمعاصي .
الدكتور راتب :
في كل مكانٍ وزمان .
المذيع :
ولكن في أيام المواسم يزيد من هذه العبادات .
الدكتور راتب :
وفي كل عصر ومصر أما في المواسم فيرتفع مستوى العبادة .
المذيع :
لكن أن تقتصر العبادة على المواسم ، ومن ثم تستبدل بالمعاصي طوال العام فهذا تفريغ للدين .
انقلاب أعظم شهر عبادة إلى شهر ولائم و مسلسلات :
الدكتور راتب :
عفواً ، أحياناً أنا أذكر الحقيقة المرة ، لا حباً بذكرها لا والله ، أما أن ينقلب أعظم شهر عبادة إلى شهر ولائم ، ومسلسلات ، هذا الواقع
فأعظم شهر عبادة بالإسلام صار كله مسلسلات للسحور ، والمسلسلات يا أخي الكريم فيها شيء خطير جداً ، لا يظن أحد أن خطر المسلسلات يكون في بعض المشاهد المثيرة ، لا ، لا ، هذه أقل ما فيها ، تطرح فكراً يناقض الدين ، أي المسلسل قد يريك إنساناً غارقاً بالعاصي والآثام ، يوجد بار ببيته ، وأنيق ، ورشيق ، وبيته واسع ، ويملك سيارتين أو ثلاث ، وعنده انفتاح كامل ، لا يوجد عنده شيء محرم ، هذا يعيش ببحبوحة تفوق حدّ الخيال ، ثم يريك شيخ القرية إنسان أفقه ضيق ، غرفته صغيرة ، أولاده بالحارة ، زوجته عند الجيران ، يعطيك أسوأ صورة عن رجل الدين ، هو لم يهاجم الدين لكنه أنهى الدين ، المسلسل خطورته لا بالمشاهد المثيرة ، أخطر بكثير ، يطرح قيماً تناقض الدين ، أمور الدين انتهت ، كلامي دقيق وأتمنى أن يكون واضحاً ، الإنسان عنده خطوط دفاع ، خطوط دفاع ، مسلم ، السرقة حرام ، الزنا حرام ، الخمر حرام ، هذه خطوط دفاع ، يستطيع المسلسل أن يخترق خطوط دفاعك ، ترى شخصاً غنياً ، يملك سيارتين أو ثلاث ، مكانة اجتماعية ، لقاءات راقية ، بيت على البحر ، بيت على الجبل ، بيت بالعاصمة ، وعنده بار بالبيت ، هذا البار نقض الدين كله ، الخمر حرام ، لقاءات مختلطة ، نساء كاسيات عاريات ، عندما يعطيك شخصاً ناجحاً جداً في الدنيا ، وغنياً كبيراً ، وفهيماً ، ويحمل دكتوراه أحياناً ، وله منصب رفيع ، ولا يوجد عنده قيد ديني إطلاقاً ، ترى بمسلسل آخر رجل الدين أفقه ضيق ، زوجته وزنها حوالي مئة و خمسين كيلو ، أولاده بالحارة ، لا يوجد منطق عنده ، هم لم يعملوا شيئاً أنهوا الدين بهذه الطريقة ، خطورة المسلسل لا بالمشاهد المثيرة هذا أقل ما فيه ، بل بالطرح المناقض للدين ، المسلسل يخترق خطوط دفاع الإنسان ، المسلسل الشيء المحرم عند الإنسان يراه سهلاً جداً ، سيدي خطط ذكية جداً .
المذيع :
يصبح مع الوقت مألوفاً في حياته .
الدكتور راتب :
مألوفاً عادياً .
المذيع :
شيخنا الكريم ، وهذا كلام دقيق ومهم للغاية ، إذاً إذا الإنسان شمر وشدّ المئزر في هذه الأيام الفضيلة ، لكنه بقي على العبادة ، ممتنعاً عن الحرام ، مؤدياً للفرائض فهو بخير ، أما إذا اجتهد في العبادة ثم قصر بعدها فكأنه يقدم تعويضاً نفسياً لتقصيره عن الأيام الباقية فأنت تحذر من هذا دكتور .
الامتناع عن التقصير بعد أداء العبادات بشكل متقن :
الدكتور راتب :
طبعاً هذا شيء ، الإنسان عنده بقية عقيدة ، كلامي دقيق ، عنده بقية عقيدة ، عنده بقية حياء من الله ، في هذا الموسم الكبير التزم الشرع ، جيد ، أنا لا أنتقض هذا الإنسان، لكن البطولة أن هذا رمضان ، الذي تركته في رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان ، لا أن تعود كما كنت ، مثل شخص حصّل درجة ممتاز، بعدما انتهى رمضان رجع إلى مكانه الأول ، أما رمضان مثل درج وليس درجة ، كل سنة رفعت مستواك .
المذيع :
جميل ، شيخنا الكريم يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ))
هل هذه الفضائل تقتصر على من زار الديار المقدسة ضيفاً للرحمن ، حاجاً لبيته أم تشمل المسلمين في كل العالم ؟
الحج عبادة راقية ليس لها ثواب إلا الجنة :
الدكتور راتب :
عفواً ، إنسان ترك بيته ، ترك عمله ، ترك زوجته ، ترك أولاده ، ترك متجره ، ترك سهراته ، ترك مقعداً وثيراً في بيته ، ترك طعاماً طيباً ، ترك ألف قضية ، وجاء إلى بيت الله الحرام ، قد يسكن في خيمة ، قد يكون الجلوس تحت خيمة ، هذا الإنسان دفع ثمن هذه العبادة، هنا جاء إلى الله ، جاءه ضيفاً ، جاءه زائراً ، ضيفاً في الحج ، زائراً في العمرة ، فهذا له معاملة خاصة ، أي هذا عبر عن محبته ، وعن شوقه ، وعن خضوعه لمنهج الله ، لا أن يعبد الله في بيته ، وفي دائرة وجوده ، ولا في عمله ، بل ترك كل شيء ليتقرب إلى الله ، أي جاء الله زائراً في العمرة ، وجاء الله ملبياً في الحج ، عبادة تتجاوز البيت ، والعمل ، ومكان إقامتك ، عبادة راقية جداً ، لذلك ليس له ثوابٌ إلا الجنة .
المذيع :
إذاً من ذهب إلى الديار المقدسة حاجاً له هذه الأجور الكبيرة ، ماذا عن المسلمين دكتور الذين يملكون في قلوبهم شغفاً ونية لأداء المناسك ولكن لم يتمكنوا من تحصيل ذلك ؟
الأعمال بالنيات :
الدكتور راتب :
والله وكأنهم حجوا ، لأن الإنسان عندما يصوم يوم عرفة كأنه شارك الحجاج حجهم دون أن يشعر ، الإنسان عندما يكون قادراً على طاعة معينة له أجر كبير ، و الذي ليس قادراً ويبكي أسفاً على عدم قدرته له مثل أجر الذي حج .
المذيع :
أي من ينوِ الحج دكتور ولم يمكن لمال أو لفيزا فأجره كأجر الحجيج وإن كان في بيته ؟
الدكتور راتب :
هذا إيماني والله .
المذيع :
بنيته الصادقة ، سبحان الله .
الدكتور راتب :
((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))
المذيع :سبحان الله ، ونعم بالله رب العالمين .
شيخنا الكريم في أيام عشر ذي الحجة ونحن لازلنا فيها .
الدكتور راتب :
لكن دقيقة ، الحقيقة أن الحج على من فرض في الأساس ؟
المذيع :
﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً َ﴾
الدكتور راتب :
على المستطيع ، المستطيع معه مال والمال مشغلة ، ومفتنة ، حينما يأتي إلى بلاد الله الحرام كأنه يبتعد عن دنياه ، أما الفقير فيعيش حياة خشنة في بلده ، أي هو أقرب إلى الله من الغني ، لأنه لا يوجد عنده شيء يلهيه عن الله عز وجل ، فكأنه حينما فرض الحج على المستطيع ، معنى ذلك أن هذا عنده دخل كبير ، والمال يُفتن أحياناً ، فهذا إذا غادر بلده ، غادر بيته ، ترك سيارته ، وترك مكتبه الفخم ، ترك مكانته ، وقصد بيت الله الحرام ، وطاف مع الطائفين ، نام تحت خيمة ، كأنه قطعت عنه دنياه إلى حين ، والله أذاقه في هذا العمل لذة القرب من الله عز وجل ، فذاق طعم الإيمان .
المذيع :
ونعم بالله ، شيخنا الكريم ماذا يمكن للمسلم أن يفعل في يوم عرفة إضافةً إلى الصيام ، كما تفضلتم لغير الحجيج ، أي من استطاع الصيام فله أجرٌ كبير بالإضافة إلى ماذا؟
ما يجب على المسلم فعله يوم عرفة :
الدكتور راتب :
وتلاوة القرآن .
المذيع :
سنتوسع بعد إذن فضيلتكم في هذه العبادات المقترحة ، بعد فاصلٍ قصير مستمعينا الكرام نعود على الهواء لنواصل هذه الحلقة مع الدكتور محمد راتب النابلسي ، والتي نسعى نحن وإياكم فيها لنسير في الأثر العلمي طلباً إلى رضوان الله تعالى .
شيخنا الفاضل دكتور محمد راتب النابلسي مرحباً بفضيلتكم من جديد .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم .
المذيع :
يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
(( ما مِنْ يوم أكثرُ من أن يَعْتِقَ الله فيه عبيدا من النار من يوم عَرَفَة ))
لماذا؟
رفع مستوى العبادة أيام المواسم كموسم الحج لنيل أرفع الدرجات :
الدكتور راتب :
أولاً : أنت تعبد الله بثلاثمئة و خمسة و ستين يوماً ، وكل يوم بأربع وعشرين ساعة ، يوجد صلاة قيام الليل ، صلاة الفجر ، الظهر ، العصر ، المغرب ، العشاء ، أي العبادة مستمرة
لكن الله تفضل علينا ، أعطانا مواسم استثنائية ، رمضان موسم ، والحج موسم، هذه المواسم ترفع مستوى العبادة ، ترفع نوعيتها ، ترفع أجرها ، مواسم استثنائية ، يسمونها دورات مكثفة ، هناك دورة للفيزياء لطلاب الشهادة الثانوية ، أسبوعان فقط ، تعطى أدق الموضوعات ، أدق المعضلات بالفيزياء ، دورة مكثفة للعبادة ، لكن أنت تعبد الله بثلاثمئة و خمسة و ستين يوماً ، لكن في هذين الموسمين ، موسم زمني كرمضان ، وموسم مكاني بالحج ، يوجد عبادة مكثفة ، بالحج تركت بيتك ، تركت أسرتك ، تركت أصحابك ، تركت لقاءاتك الدولية، تركت الأشياء المباحة ، عندك مقعد وثير في البيت ، كرسي هزاز ، قعدت على الأرض بالخيمة ، تركت كل إيجابيات حياتك ببلدك ، وجئت بيت الله الحرام ، والازدحام لا يحتمل .
مرة في أحد أيام الحج ، أذكر أن في هذا العام لم ينضبط العدد ، أيام الحج كلها صدر لظهر ، كتف لكتف أبداً ، كأس الماء لو تدفع مليوناً الماء ساخن ، الله يضعك بظرف لا تريده ، الله جعل الحج :
﴿ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾
لو كان الحج بسويسرا لا تعرف الحاج من السائح يختلطون عليك ، أما :
﴿ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾
لا يوجد جبل مشجر أبداً ، إلا في عرفات الآن أحدثوها ، هذا شيء جديد ، لكن بلاد الله جعلها بعيدة عن الجمال الطبيعي ، حتى لا يختلط الحاج مع السائح ، وبأيام يوجد حر ثم ازدحام يفوق حدّ الخيال ، أي أربعة ملايين مثلاً بمكان واحد ، ثم يوجد خدمات لهم والله كبيرة جداً .
المذيع :
شيخنا الكريم ، الله لا يحتاج تعبنا ، ولا عبادتنا ، فلماذا كانت كل هذه المشقة تجتمع في موسم الحج ؟
الحج تهذيب للنفس و تجرد الإنسان من رغباته :
الدكتور راتب :
يمتحننا ، الإنسان عندما يكون الدين متوافقاً مع شهواته لا تعرف التقي من الورع ، أما هنا قاعد ببيتك ، لا يوجد عندك أية مشكلة ، سيارتان أو ثلاث على بابك ، لقاءات أسبوعية، ضيافة راقية ، والله شيء جميل ، هنا أمرك الله تعال إليّ ، الإسلام كله يطبق في بيتك ، وفي متجرك ، وفي مصيفك ، وفي أماكن وجودك ، إلا الحج تعال إليّ ، أنت الآن زائر، أنت مدعو بالحج وبالعمرة زائراً ، وعلى الداعي كرامة الضيف ، إكرام الضيف ، لك أجر كامل، عفواً ، أنت تصلي في بيتك ، و أولادك أمامك ، زوجتك أمامك ، تصلي في محلك التجاري الزبائن موجودون ، هنا لا تعرف أحداً ، قاعد بخيمة ، خيمة على الأرض ليست شيئاً سهلاً .
المذيع :
إذاً هي لتهذيب النفس ، فيتجرد الإنسان من رغباته .
الدكتور راتب :
أبداً ، ثم المبالغة بالرفاه بالحج يتناقض مع علة الحج ، المبالغة ، الآن يوجد أماكن أسعارها تفوق حدّ الخيال ، أي تجلس بفيلا كلما رفهت نفسك بالحج ضعفت قيمة الحج ، ضعفت حكمة الحج ، ضعفت المشقة بالحج ، المشقة غير مطلوبة ، عفواً ، لو أن هناك ماء بارداً ، وماء حاراً ، ليس لك أجر في شرب الماء الحار ، هناك ماء بارد ، لكن هنا أحياناً يكون الحج فيه رفاه يتجاوز الحد المعقول ، أي هذا الحج صار سياحة .
المذيع :
الله يفتح عليكم ، اسمح لنا شيخنا ننوه لمستمعينا الكرام الراغبين بالمشاركة معنا بالاتصالات الهاتفية في موضوعنا لهذا اليوم عن فضل يوم عرفة ، بعيداً عن الأسئلة الفقهية .
شيخنا من لم يذهب إلى الحج ، وكان قلبه تواقاً ليكون ضيفاً من ضيوف الرحمن في ردائه الأبيض ، وكان في بيته ، في محله ، في مكان عمله ، كان في تجهيزه لليلة العيد هل يمكن أن يؤجر في أدائه لمناسك يوم عرفة في بيته ؟
محاسبة كل إنسان على رغباته :
الدكتور راتب :
والله هناك حقيقة مطلقة بما سأقول : الذي لم يتح له الحج ، وهطلت من عينه دمعة شوقٍ لأن يكون مع الحجاج ، والله عند الله كأنه حج ، هذا إيماني ، هو الإنسان يحاسب على رغباته .
المذيع :
ماذا نفعل في يوم عرفة دكتور؟
الدكتور راتب :
في الحقيقة أقدس ليلة في حياة المسلم ليلة القدر ، وأقدس يوم في حياة المؤمن يوم عرفة ، يوم صيام ، يوم قراءة قرآن ، يوم أعمال صالحة ، يوم دفع زكاة ، يوم أعمال صالحة منها إنفاق المال ، منها ترك الطعام والشراب ، منها رعاية الأهل والأولاد ، هذا يوم عبادة ، وأقول مرة ثانية : أقدس ليلة في حياة المسلم ليلة القدر ، وأقدس يوم في حياة المسلم يوم عرفة .
المذيع :
جميل ، هل تنصح شيخنا بالتسوق بهذا اليوم ؟ أي الذي يذهب لتأمين احتياجات العيد أم مثلاً يذهب مساءً ؟
التفرغ للعبادة في يوم عرفة :
الدكتور راتب :
والله أتمنى أن تؤمن قبل يوم عرفة ، هذا يوم عبادة .
المذيع :
يتفرغ فيه للعبادة .
جميل ، ماذا عن متابعة صور الحجيج دكتور والتلبية معهم عبر التلفاز ؟
استغلال الإنجازات العلمية إيجابياً و ليس سلبياً :
الدكتور راتب :
والله كأنك معهم ، الآن حقيقة ماذا أقول لك ؟ مثل آخر : أنا عندي آيباد أتصل بأحد أولادي وهو في أمريكا ، على حجم الشاشة أحدثه ويحدثني ، والله يوجد إنجازات الآن مذهلة ، كأني معه ، الآيباد الكبير على حجم الشاشة وجهه ، وابتسامته ، وملامح وجهه ، هناك إنجازات الآن مذهلة ، فإذا أنت يوم عرفة جلست وراء الشاشة ، رأيت إقبال الحجاج في عرفات، دعاءهم في عرفات ، توسلهم إلى الله في عرفات ، والله كأنك معهم ، الإنجازات الآن يجب أن تستغل إيجابياً وليس سلبياً ، أي في الأفلام .
المذيع :
تزيد من روحانية الإنسان .
الدكتور راتب :
الشاشة وليس الأفلام دخلت للحج هي لم تكن متاحة في حياتنا كلها .
المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور .
الدكتور راتب :
أتمنى من الأخوة المستمعين ، والمشاهدين ، أن يكون هذا اليوم يوم عطلة ، اترك النشاط التجاري بهذا اليوم ، لا تتركه نهائياً ، لكن تابع هذه المشاهد الرائعة جداً .
المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور ، نستأذنكم بجولة من مشاركات مستمعينا الكرام معنا على هواتف الإذاعة ، معنا ماهر باتصال ، تفضل أخي ماهر .
المستمع :
السلام عليكم .
المذيع :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلاً ومرحباً .
المستمع :
جزاك الله خيراً ، أنا أريد أن أسأل الشيخ إذا كان الصيام يوم السبت هل هو مكروه؟
المذيع :
نحن أخي ماهر نستأذنك ، جميع الأسئلة الفقهية نحن بعيدون عنها لوجود برنامج آخر متخصص في الإذاعة فيها .
المستمع :
جزاك الله كل خير .
المذيع :
أكرمك الله ، نتحدث عن فضائل يوم عرفة ، كل الشكر والتقدير لك أخي ماهر .
إذا كان لكم فقط إرشاد سريع شيخنا ، هل من حرج في صيام يوم السبت لأنه سبت ويكون يوم عرفة ؟
النهي عن صيام يوم السبت مفرداً إن لم يكن هناك مناسبة لذلك :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن السبت منهي عنه مطلقاً ، أما إذا كان فيه عرفة فانتهى الأمر ، التغى الأمر ، صار هناك موجب له .
المذيع :
أي ينتهي النهي هنا و يصام ، حتى لو أراد أن يفرده ؟
الدكتور راتب :
أبداً ، لو شخص أحبّ أن يفرد الصيام أي يصوم السبت فقط فهذا منهي عنه .
المذيع :
أما فيه يوم عرفة فالقاعدة مختلفة .
الدكتور راتب :
صار له مناسبة ثانية أقوى .
المذيع :
شكراً لك شيخنا الكريم ، شكراً لك أخي ماهر .
إياد تفضل .
المستمع :
السلام عليكم ، كل عام وأنتم بخير ، الفكرة في يوم عرفة ، والحجيج vip يقدم لهم البوظة ، والطعام الشهي ، و هذا لا علاقة له بالحج .
المذيع :
لكن هذه لا يوجد بها مخالفات شرعية ، فيها رفاهية صح ؟
المستمع :
نعلم أن المشقة في الحج لنكون قريبين من الله في عملنا ، وليست الرفاهية الموجودة حالياً ، والذي نراه عند الزعماء ، والرؤساء ، والتجار ، والشيوخ الكبار .
المذيع :
نستمع إلى توجيه من الشيخ أخي إياد ، شكراً لك ، ولطرحك معنا ، شكراً جزيلاً .
معنا أبو سيف ، تفضل أبو سيف .
المستمع :
السلام عليكم ، يعطيكم العافية ، أريد أن أسأل عن خطبة يوم عرفة ، ولكل أمانة أنا لا أسمعها ، للأمانة العلماء الذي يخطبون خطبة يوم عرفة الآن لم يعد هناك تخصص في الخطبة .
المذيع :
دعنا بالفكر العامة أبو سيف دون تحديد الأسماء .
المستمع :
بدون أسماء ، هذه خطبة ، يجتمع بالصلاة مليون ، أو مئة مليون ، أو مئتا مليون على التلفاز كي يستمعوا لهذا اليوم ، وهو يوم عظيم ، أو لهذه الخطبة ، الخطبة في مضمونها من الأمانة يمكن أن تؤذي المسلمين .
المذيع :
أيضاً نستمع إلى توجيه من فضيلة الشيخ للموضوع ، شكراً لك أبو سيف .
شيخنا الكريم ، بعجالة من لطفك قبل أن نخرج للفاصل ، أخونا إياد يطلب تعليقك على الرفاهية الزائدة لبعض المخيمات vip في الحج .
حكم الرفاهية الزائدة لبعض المخيمات في الحج :
الدكتور راتب :
والله الطعام والشراب ما دام مباحاً ، شخص وضعه المادي جيد جداً ، لا يوجد مؤاخذة عليه ، أي إذا أراد أن يأكل طعاماً درجة أولى ، هو دخله كبير ، لا يوجد مانع .
المذيع :
لا يتناقض مع الحاج .
الدكتور راتب :
لا يوجد مانع ، لكن عندما يقصد هو الرفاه ، يقصده بالذات لدرجة غير معقولة ، هذا القصد لرفاه بدرجة غير معقولة يتناقض مع حكمة الحج .
المذيع :
إذاً قصد فضيلتكم شيخنا إذا كان نيته أن يرفه عن نفسه ، وكأنها رحلة سياحية هنا الخلل ، أما النية فلله ، لكن ظرفه المالي يسمح له بخدمات .
الدكتور راتب :
يسمح له أن يكون ساكناً بغرفة بفندق .
المذيع :
لا مانع بهذا ، إذاً المشقة ليست مطلباً ؟
الدكتور راتب :
لا لا .
المذيع :
لكن المبالغة فيها يعتبر خروجاً عن منهج الله .
الدكتور راتب :
أما حينما تكون المشقة أداةً وحيدةً لأداء منسك الحج فمقبولة ، حينما تكون المشقة أداةً وحيدةً فريدةً ، أي الطواف ليس سهلاً ، لكن هذا لا يوجد له حل ثان ، السعي فيه ازدحام ، المشقة إذا كانت مقصودة لذاتها مرفوضة ، أما إذا كانت شرطاً أساسياً لأداء منسك بالحج فمقبولة .
المذيع :
فعليه بها ، لكن في أيام أخرى مثلاً يوجد خيمة مكيفة ، خيمة كذا ، لا مانع أن يستفيد الإنسان من هذه النعم .
أخونا أبو سيف يطلب أيضاً تعليقاً من فضيلتكم حول خطبة عرفة ، ما الذي يفترض أن تحتويه كخطبة تجمع مسلمين العالم ؟
مضمون خطبة عرفة لمسلمي العالم :
الدكتور راتب :
أنا من باب حسن الظن في العمر المديد ، الخطبة عامة تكون دائماً ، يجوز بظروف معينة استثنائية يوجد فقرة منها خاصة وليس كلها ، لا تعمم .
المذيع :
ما هو توجيه فضيلتكم ، ماذا يفترض أن تضم خطبة عرفة لمسلمي العالم ؟
الدكتور راتب :
دعوة إلى المسلمين في الأرض ليعودوا إلى الله عز وجل ، دعوة إلى مسلمي الأرض ، أنا معلوماتي المتواضعة سابقاً وإلى عهدٍ قريب الخطبة عامة ، كلها عامة ، لكن في ظروف استثنائية صار هناك قسم منها خطبة خاصة ، قسم وليس كلها .
المذيع :
بارك الله بكم مستمعينا الكرام ، فاصل قصير ونعود بعده لمواصلة حوارنا مع فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي ، والمزيد من مشاركاتكم على هواتف الإذاعة بإذن الله .
شيخنا الكريم ، قبل الفاصل كنت تحث الناس على يوم عرفة ، أن يسعى الإنسان ما استطاع إلى تفرغ ، بعيداً عن التسوق ، أو العمل ، إن كانت ظروفه تسمح له بذلك ، القرآن، الصلاة ، مشاهدة الحجيج علّ القلب يرق معهم ، الأعمال الصالحة ، صلة الأرحام ، من العبادات التي حثثت الناس عليها ، لو كانت طبيعة عمله دكتور سائقاً ، أو بائعاً في محل ، وهذا يوم مفصلي في عمله ، كيف يستثمر العبادة في هذا اليوم ؟
كيفية استثمار العبادة في يوم عرفة :
الدكتور راتب :
معذور عند الله .
المذيع :
كيف يكسب الأمرين معاً دكتور ؟
الدكتور راتب :
الآن يوجد آيباد صغير ، تتابع كل شيء .
المذيع :
صور الحجيج .
الدكتور راتب :
هناك هاتف صغير تتابع كل شيء .
المذيع :
هل يمكنه وهو يقود السيارة أن يكون ذاكراً أو مسبحاً ؟
الدكتور راتب :
نعم .
المذيع :
ويؤجر في ذلك دكتور لو لم يجلس متفرغاً للعبادة كاملة ؟
الدكتور راتب :
الذكر يدور معك في كل مكان ، وفي كل زمان ، وفي كل حال ، الذكر .
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
في كل مكان ، وفي كل زمان ، وفي كل حال .
المذيع :
سبحان الله ، جميل ، شيخنا الكريم أيضاً في قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أَفْضَلُ الدعاء دُعاء يومِ عرفةَ ))
وفي رواية :
(( وأفضل ما قلتُ أنَا والنَّبِيُّونَ من قَبْلي : إِله إِلا الله وحده لا شريك له))
إلى تتمة الحديث النبوي الشريف ، لماذا خير الدعاء دعاء يوم عرفة ؟
الحكمة من أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة :
الدكتور راتب :
وقت قرب من الله ، خير الدعاء وأنت ساجد ، السجود أقرب حالة للإنسان مع ربه، أفضل دعاء يوم عرفة ، أقرب يوم إلى الله عز وجل ، هي مواسم ، يوجد مواسم ظرفية ، ومواسم زمانية ، الظرفية السجود ، الزمانية يوم عرفة .
المذيع :
هل كل عرفة دكتور خير أم فيه أوقات محددة يستحب الدعاء فيها ؟
الدكتور راتب :
بعد العصر أكثر شيء ، بعد العصر .
المذيع :
من بعد العصر إلى المغرب هل هي أيضاً تتوافق معه ؟
الدكتور راتب :
لأن اليوم طويل ، يقول شخص : دعاء مركز مدة أربع و عشرين ساعة مستحيل، أما هو فيبدأ من بعد العصر إلى غياب الشمس ، الشيء المركز ، وأتمنى من أخواننا الحجاج أن يخرجوا من الخيمة ، لماذا ؟ لأن بالخيمة يوجد مجتمع ، الإنسان يناجي ربه أحياناً يبكي بالمناجاة ، يطلب منه أشياء خاصة ، أتمنى أنك بهذا الوقت تأخذ مكاناً تناجي ربك وحدك من دون أن يسمعك أحد ، المناجاة المسموعة تعمل حرجاً .
المذيع :
الإنسان سواء كان صوته مسموعاً أو في داخله لا حرج المهم أن قلبه موصول بالله .
الدكتور راتب :
أنا من خلال خبرتي بالحج ، مادمت أنت مع جمع غفير في يوم عرفة لا تستطيع أن تتذلل لله عز وجل أمام جمع كبير ، أنت بحاجة أن تكون تحت شجرة ، وراء خيمة ، أن يكون لك وقت خاص لا أحد يسمعك ، ناج الله واطلب منه حاجاتك كلها .
المذيع :
وعن غير الحجيج دكتور أيضاً يدعون في هذا الوقت مثل الأشخاص في الأردن ما بين العصر والمغرب .
الدكتور راتب :
نعم .
المذيع :
دكتور قد يجتمع فضل لمن هم ليسوا في عرفة ألا وهو الصيام ، أي للصائم دعوة لا ترد كما ورد في حديث النبي :
(( أَفْضَلُ الدعاء دُعاء يومِ عرفةَ ))
الدكتور راتب :
الدعاء والصيام .
المذيع :
فهل يمكن أن يكون هنا فضل عرفة و فضل الصيام ليكون الدعاء مستجاباً أكثر من غيره في هذا اليوم ؟
الدكتور راتب :
طبعاً ، هي مواسم .
المذيع :
بماذا ندعو دكتور؟
على الإنسان أن يسأل الله من خيري الدنيا و الآخرة عند الدعاء :
الدكتور راتب :
والله أنا أدعو بالحفظ ، والسلامة ، والعمل الصالح ، والحفظ من مرض خبيث ، من مرض عضال ، من شقاق زوجي أحياناً ، من ابن عاق ، من إنسان غير متوقع مثلاً ، هذه أشياء دقيقة جداً ، الحفظ ، والسلامة من مرض ، من شيء .
المذيع :
إذاً يدعو الإنسان من خير الدنيا والآخرة ، للأمرين معاً ، جزاك الله خيراً .
معنا أبو أنس باتصال جديد تفضل أبو أنس ، أهلاً ومرحباً بك معنا .
المستمع :
كيف حال الدكتور إن شاء الله تماماً ؟
الدكتور راتب :
الحمد لله .
المستمع :
الحمد لله رب العالمين ، يشهد الله أني أحبك في الله دكتور ، رفع الله قدرك يا رب، أريد أن أسألك سؤالاً شخصياً إذا ممكن .
المذيع :
إذا كان حول موضوع الحلقة .
المستمع :
موضوع الحلقة ، أريد برنامج الدكتور في يوم عرفة ؟
عرفة فرصة للعبادة وقراءة القرآن :
الدكتور راتب :
والله أنا ببيتي أصوم و أدعو والله ، ما عندي شيء .
المستمع :
ما عندك أي برامج دكتور أو أي شيء مخصص ؟
الدكتور راتب :
لا والله أبداً ، هذا يوم تفرغ سيدي ، يوم تفرغ .
المذيع :
شكراً لك أبو أنس ، بارك الله بك وشكراً جزيلاً لك .
إذاً الإنسان دكتور لا يحتاج في هذا اليوم أن يخرج عن روتين حياته اليومي ويكون وكأنه هو في منهج جديد ، ومختلف ، يوم عادي كباقي الأيام .
الدكتور راتب :
ذكر الله .
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
هذا الذكر وأنت تقود سيارة تذكره ، وأنت تجلس في بيتك مع أهلك تذكره ، هذا الذكر يدور معك ، بكل أحوالك ، وبكل أوقاتك ، وبكل ظروفك .
المذيع :
لكن إذا استطاع كما تفضلتم شيخ الإنسان أن يتفرغ في هذا اليوم فهو فرصة لمزيد من الوقت للعبادة وقراءة القرآن .
الدكتور راتب :
لا أستطيع أن أتكلم هذا الكلام لأنني على الإذاعة ، هناك محلات تجارية كل عملها يوم عرفة ، لا أستطيع أن أمنعه من البيع والشراء ، هذا موسم بالنسبة له ، لكن هو مع الله دائماً ، مع الله في متجره ، مع الله في قيادة سيارته ، مع الله في بيته ، مع الله في عمله ، مع الله في المستشفى لا سمح الله ، كن مع الله تر الله معك .
المذيع :
ونعم بالله رب العالمين ، الله يفتح عليكم دكتور .
شيخنا الكريم يوم عرفة يأتي بعده يوم النحر ، ألا وهو أول أيام عيد الأضحى المبارك ، في العيد دكتور تختلط مشاعر العبادة ، باعتبار أنه لازال من أيام عشر ذي الحجة ، وأحياناً بعض أجواء الفرح والتي قد يشوب بعضها بعض المخالفات الغير مقبولة ، ما هو توجيه فضيلتكم في أيام العيد ؟
توجيهات خاصة بيوم العيد :
الدكتور راتب :
العيد يوم فرح شئت أم أبيت ، مهما كان هناك مصاب كبير بالأمة ، بلد محتل يجب أن تفرح .
﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾
وأفرح الصبيان ، إذا كان هناك مأساة عامة بالأمة ، بلد محتل مثلاً ، تلغي العيد ؟ّ العيد لا يلغى ، هذا العيد موسم فرح .
﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾
لام الأمر ، افرح بالمناسبة للصغار ، هذا ينتظر العيد من عام إلى عام ، ينتظر العيدية ، ينتظر هذه الهدية ، هذا الثوب الجديد ، يوجد باب بالجنة باب الريان ، لمن يفرح الصغار ، هذا باب بالجنة خاص بالصغار ، لمن يفرح الصغار ، ثوب جديد للطفل يغير حياته كله ، أحياناً يكون الأب ليس مقتنعاً ، لكن عليك أن تمشي مع قناعة ابنك ، وهناك دليل دقيق : "من كان له صبي فليتصاب له" ينزل لعقله ، أحياناً لعبة للبنت لا تنام من فرحها ، لعبة صغيرة، والنبي سمح باللعبة مع أنها هي مجسم لإنسان ، أو لامرأة ، سمح باللعبة استثناءً ، منهج تفصيلي .
المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور لهذا التوجيه ، إذاً مهما كان هناك مصاب في الأمة هذا لا يعني أن الإنسان لا يفرح ، ولا يدخل الفرح إلى قلبه .
الدكتور راتب :
الفرح واجب ، والله قال :
﴿ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾
هذا يوم فرح ، لو كان هناك مأساة عامة ، لو كان البلد محتلاً يجب أن تفرح .
المذيع :
ولا يعني هذا الفرح أنه تخلى عن همه في الأمة ، أو دعائه للأمة ، وإنما يفصل بين الأمور في مناسبة العيد ، جميل .
ماذا عن الأضحية دكتور ، كثير من الناس يسعى لها في هذه الأيام ، تحث الناس على الأضاحي ، والتمسك فيها لمن يستطيع مالياً أداءها ؟
الأضحية هي تعظيم لله بإرهاق الدم وتوحيد الكل :
الدكتور راتب :
المشكلة أن اللحم شيء ثمين جداً ، الأضحية توزع وهي مادة أساسية ، مثلاً موظف ليس من المعقول أن يشتري دابة أضحية بنصف معاشه ، أما حينما تضحي أنت وتوزع على أقاربك ، فأجمل شيء بالأضحية أنها توزع على الأقارب ، وقد يكونون من الأغنياء ، وعلى الجيران ، وعلى الفقراء .
المذيع :
هي ليست فقط للفقراء ؟
الدكتور راتب :
لا ، لا أبداً .
المذيع :
هدفاً للإطعام .
الدكتور راتب :
لمن حولك ، للجيران ، للأقارب .
المذيع :
وتأكل أنت وأهل بيتك منها ، كذلك للفقراء نصيب .
الدكتور راتب :
أبداً ، ولو أكلتها كلها لا يوجد مشكلة أبداً ، أطعمت الأولاد لحماً ، اللحم مادة أساسية .
المذيع :
إذاً الفكرة فيها تعظيم الله بإرهاق الدم ، وتوحيد الكل .
الدكتور راتب :
تعظيم الله وإطعام اللحم .
الدكتور راتب :
اللحم مادة أساسية ، اللحم سيد الطعام .
المذيع :
الله يفتح عليكم دكتور ، إذاً إذا الإنسان استطاع أن يحيي هذه المفاهيم فهو يكسب الدنيا بسعادة ، ويكسب الآخرة بنيةٍ توصله إلى الله ، ولو كان في بيته ، أجره كأجر الحاجين .
الدكتور راتب :
هناك ملاحظة بسيطة ، الأضحية يجب أن تكون في بلدك ، إذا إنسان مقيم ببلد ، وبلده الأصلي فيه جوع يفوق حدّ الخيال ، أنا أفتي بهذه الحالة هي أن تظل الأضحية بالبلد المصاب ، بلد فيه نزوح ، فيه خيم ، فيه مجاعة ، أنا أفتي بأعماقي ، وأنا واثق من صحة الفتوى ، الأضحية توزع هناك .
المذيع :
للمسلمين هناك ، الله يفتح عليكم دكتور ، نختم هذه الحلقة بالدعاء ، ونسأل الله القبول .
الدعاء :
الدكتور راتب :
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمن مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك ، أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضَ عنا ، اجعل هذا البلد سالماً مسلماً من كل سوء ، واجعل أهله بكل خير إن شاء الله ، وكل عام وأنتم بخير ، معايدة مسبقة لعيد الأضحى المبارك .
خاتمة و توديع :
المذيع :
أكرمكم الله ، وأنتم بألف خير فضيلة الشيخ العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، شكراً لكم على هذه الكلمات الطيبة ، إلى هنا نصل معكم إلى الختام مستمعينا الكرام على أمل اللقاء يوم الخميس المقبل بذات الموعد .
سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته