- محاضرات خارجية
- /
- ٠04محاضرات شواطئ النجاة - قطر
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
المنهج الذي يسير عليه الإنسان هو سرّ وجوده :
أيها الأخوة الكرام ؛ بادئ ذي بدء قال تعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
أيعقل أن يُعلّم الإنسان القرآن قبل أن يُخلق ؟ العلماء قالوا : الترتيب رتبي لا زمني بمعنى أنه لا معنى لوجود الإنسان من دون منهج يسير عليه ، فالمنهج أهم من وجوده ، لأنك بالمنهج تحقق الغاية من خلقك ، بالمنهج تعرف سرّ وجودك ، تعرف غاية وجودك ، بالمنهج تفلح ، والفلاح غير النجاح ، قد تفلح بكسب المال ، وقد تنجح باعتلاء منصب رفيع ، ولكن الفلاح أن تحقق الهدف الذي خلقت من أجله :
﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
تتبع في القرآن الكريم كلمة مفلح ، المفلح الذي حقق الهدف من وجوده ، أما الناجح فقد ينجح بجمع المال أو ينجح بالسياحة في كل أنحاء العالم ، هناك نجاحات لا تعد ولا تحصى ولكن الفلاح هو المعول عليه ، أي أن أحقق الهدف من وجودي ، هذه واحدة .
محبة الإنسان للجمال والكمال و النوال :
الإنسان ماذا يحب ؟ يحب الجمال ويحب الكمال ويحب النوال ، وكل ما في الأرض من جمال مسحة من جمال الله .
أخواننا الكرام ؛ ورد في الأثر : " يا رب أيّ عبادك أحبّ إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحبّ عبادي إليّ تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحدٍ بسوء ، أحبني وأحبّ من أحبني وحببني إلى خلقه ، قال : يا رب إنك تعلم أني أحبك وأحب من يحبك فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي . قال شراح الحديث : ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني .
فلا بد من أن يجتمع في قلب المؤمن تعظيم لله ومحبة له وخوف منه ، قال تعالى :
﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ* إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
التفكر في آيات الله الكونية و التكوينية و القرآنية :
البطولة أن تؤمن بالله العظيم أما إبليس فآمن بالله :
﴿ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾
فالعبرة أن تؤمن بالله العظيم ، وكيف تؤمن بالله العظيم ؟ قال تعالى :
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
هناك آيات كونية وآيات تكوينية وآيات قرآنية ، كونية وتكوينية وقرآنية ، الكونية خلقه ، موقف المسلم منها التفكر ، والتكوينية أفعاله ، موقف المسلم منها النظر ، والقرآنية كلامه ، موقف المسلم منها التدبر ، تفكر ، ونظر ، وتدبر ، فلذلك النقطة الدقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾
بمعنى أنه لا معنى لوجود الإنسان من دون منهج يسير عليه ، لذلك تعلمنا أن هناك جماداً ونباتاً وحيواناً وإنساناً ، الجماد شيء مادي له أبعاد ثلاثة ، النبات يزيد عليه بالنمو، والحيوان بالحركة ، والإنسان بالتفكر ، فما لم يتفكر الإنسان في خلق السموات والأرض ، ما لم يبحث عن الحقيقة ، ما لم يعلم سرّ وجوده وغاية وجوده ، هبط عن مستوى إنسانيته إلى مستوى لا يليق به ، لذلك قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾
﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ﴾
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾
قضية خيار صعب جداً لا يوجد خيار ثان ، إما أن تبحث عن الحقيقة ، وإما أن تهبط إلى مستوى لا يليق بالإنسانية كافة .
قراءة القرآن أحد وسائل محبة الله عز وجل :
أخواننا الكرام ؛ كيف نحب الله ؟ أو كيف يحبنا الله ؟ بقوله تعالى :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾
بدأ بمحبته هو ، أحبنا فخلقنا ، أحبنا فأعطانا الآيات ، أحبنا فرزقنا الطيبات ، أحبنا فجعل نظام الأسرة ، أشياء كثيرة جداً ، فلذلك قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾
أحد هذه الوسائل لمحبة الله أن تقرأ القرآن ، هذا كتاب ، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه . الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، والآن ما لم ير الناس إسلاماً يمشي أمامهم لا يؤمنوا ، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما سأله النجاشي عن الإسلام قال :
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك ، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ، ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ))
فإن تكلم فهو صادق ، وإن عاملك فهو أمين ، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف ، وما لم ير المسلمون اليوم إسلاماً يمشي أمامهم ، يرونه بأعينهم ، حديثه صادق ، تعامله فيه أمانة ، شهوته ضابطها بالعفة ، ما لم ير المسلمون إنساناً أمامهم هو الإسلام لن تسري هذه الدعوة في آفاق الأرض .
أخواننا الكرام ؛ الشيء الدقيق جداً أن القرآن الكريم أحد أكبر الوسائل أن يحبك الله عز وجل .
تلاوة القرآن حقّ تلاوته و تدبر آياته :
ولكن الله عز وجل قال :
﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾
ما حق التلاوة ؟ أولاً : كما قال العلماء أن تتلوه وفق قواعد اللغة العربية ، لذلك قال سيدنا عمر : "تعلموا العربية فإنها من الدين" .
لغتك لغة القرآن ، اللغة التي اختارها الله لكلامه ، هي اللغة الأولى بالدراسات الموضوعية ، في الجامعات الغربية تعد اللغة العربية من أرقى لغات العالم ، ولكن اللغة تقوى بقوة أهلها ، وقد تضعف بضعف أهلها .
إذاً أيها الأخوة ، التلاوة أن تحسن قراءته باللغة العربية وإن أمكن أن تتلوه مجوداً أدق ، والأكمل والأصل أن تطبقه :
(( ما آمن بالقرآن من استحل محاره ))
ثم أن تتدبره ، ما التدبر ؟ في كل آية تقرأها تسأل نفسك أين أنا من هذه الآية ؟
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾
الدين ما لم يؤخذ من جميع جوانبه لا تقطف ثماره :
أخواننا الكرام ؛ حقيقة من القلب إلى القلب ، هذا الدين ما لم تأخذه من كل جوانبه لن تقطف ثماره ، بيت فيه جميع الأجهزة الكهربائية لكن لا يوجد به كهرباء ، الإيمان هو الكهرباء ، كل جهاز يعمل عندئذ ، الزواج له معنى ، والعمل له معنى، والتفوق له معنى
الإنسان أي إنسان على وجه الأرض عنده حاجات ثلاث ، حاجة إلى الطعام والشراب حفاظاً على بقائه كفرد ، وحاجة إلى الزواج حفاظاً على بقاء النوع ، دون أن يشعر ، والحاجة الثالثة إلى التفوق حفاظاً على بقاء الذكر ، فأي إنسان عنده حاجة إلى أن يأكل ويشرب من أجل أن يبقى حياً ، وبعد أن يأخذ شهادة عليا ، ويتعين بوظيفة يبحث عن زوجة ، والزوجة تنتظر زوجاً أيضاً ، هذا حفاظ على بقاء النوع ، لا يكفي ، أكلت وشربت وتزوجت وأنجبت ، عندك حاجة ثالثة أنا أراها هي أخطر حاجة ؛ بقاء الذكر ، بقاء الذكر بالتفوق ، إن تفوقت فكنت الطبيب الأول ، المهندس الأول ، الداعية الأول ، الآن تممت الحاجات ، لذلك قالوا : تمام النعمة الهدى. النعم لا تتم إلا بالهدى ، والله عز وجل قال :
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾
قال العلماء : الكمال نوعي والإتمام عددي ، أي عدد القضايا التي عالجها الدين تامٌ عدداً ، وطريقة المعالجة كاملةٌ نوعاً .
من أجل أن يحبك الله ينبغي أن تتلو القرآن حق تلاوته ، حق التلاوة قراءته قراءة صحيحة ، إذاً تعلم العربية فإنها من الدين ، ثم قراءة مجودة إن أمكن ، ثم فهم لهذه الآيات ، ثم التطبيق :
(( ما آمن بالقرآن من استحل محاره ))
ضرورة الإتيان بالنوافل :
أخواننا الكرام ؛ الشيء الآخر الإتيان بالنوافل ، أي إذا أدى المواطن الضريبة هل يقدم له كتاب شكر ؟ لا
لأن الضريبة نفقات للدولة ، إنشاء مدارس ، إنشاء جسور ، بناء طرقات ، إنشاء جامعات ، الضريبة فرض ، أما إذا قدم بناء ليكون جامعة هدية ، يقام له حفل تكريم ، فالنوافل هكذا أنت حينما تصلي الصلوات النافلة ، حينما تؤدي فوق مالك :
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾
إما على حبّ المال ، المال شيء نفيس عند الإنسان أو على حبّ الله عز وجل :
﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾
معنى إيتاء المال على حب الله غير الزكاة ، لذلك قيل : في المال حق سوى الزكاة.
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق :
أخواننا الكرام ؛ والله الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق .
أطع أمرنا نرفـــــــــــــع لأجلك حجب نا فإنا منحنا بالرضا من أحبــنـــــــــــــــا
ولذ بحمانـــــــــــــا واحتمِ بجنــابنـــــــا لنحميك مما فيه أشرار خلقنــــــــــــــا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغــــــــــــل وأخلص لنا تلقى المسرة والهنـــــــــا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكـــن فما القرب والإبعاد إلا بأمرنـــــــــــــــــا
فيا خجلي منه إذا هــــــــو قال لي أيـــــــــا عبدنــا ما قرأت كتابنـــــــــــــــا؟
أما تستحي منا ويكفيك ما جــــرى أما تختشي من عتبنا يوم جمعنـــــا
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنظــــــــــر ما به جــــــــــاء وعدنـــــا
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهبـــــاً وما خالفوا في مذهب الحب شرعنا
فـلو شاهدت عيناك من حسننــــا الذي رأوه لمـــــــــا وليت عنا لغيرنـــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنـا خلعــــــــت عنك ثياب العجب وجئتنــا
ولو ذقت مـن طعم المحبــــــة ذرة عذرت الذي أضحــــــــى قتيلاً بحبنـــا
ولو نسمـت من قربنا لك نسمـــة لمــــت غريبــــــــــــــــاً واشتياقاً لقربنـــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعــــــى سهولتــــــــــــــــــــه قلنا له قــــــد جهلتنا
فأيسر ما في الحب بالصب قتله وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنــــا
* * *
أخواننا الكرام ؛ إذاً الإتيان بالنوافل ، إنفاق مال نافلة غير الزكاة ، وهناك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وحسن الجوار .
(( ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ ، فإذا أحببتُهُ كُنتُ سمعَه الذي يسمع به ، وبصرَه الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها، وإن سألَني أعْطَيتُه ، وإن استَعَاذَ بي أعَذْتُه ...))
لذلك دققوا في هذا الأثر القدسي : " ما من مخلوقٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيَّته ، فتكيده أهل السموات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً ، وما من مخلوقٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيَّته ، إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطَّعت أسباب السماء بين يديه ".
ضرورة القرب من الله لفهم معاني القرآن الكريم :
إذاً قراءة القرآن أحد أسباب محبة الله لك ، كلامه إذا أردت أن تناجيه فادعه، وإذا أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن
إن أردت أن تحدث الله فادعه ، إن أردت أن يحدثك الله فاقرأ القرآن ، هذا القرآن قراءته يومية ، وكل إنسان مؤمن له عدد من الصفحات لا ينسى أن يقرأها كل يوم ، القرآن ربيع المؤمن ، لا أعتقد أن إنساناً يلزم نفسه بتلاوة صفحات القرآن كل يوم إلا و يشعر بشيء لا يصدق ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾
﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ﴾
أخواننا الكرام ؛ هذا القرآن يحتاج إلى قرب من الله حتى تفهم معانيه أما إذا إنسان وقع في المعاصي والآثام فسيكون هذا حجاباً بينه وبين الله .
مطالبة الإنسان بالذكر الكثير :
أخواننا الكرام ؛ الآن الذكر ، قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾
قيل : برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله .
(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله ))
وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده ، الذكر ضروري ، الدعاء ذكر ، الاستغفار ذكر ، الاسترحام من الله ذكر ، أن تدخل البيت ، أن تحمد الله أن أنعم عليك بمأوى ذكر ، لك في البيت ذكر ، أن تحسن إلى الآخرين ذكر ، كلمة ذكر واسعة جداً تدور مع الإنسان حيثما دار .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾
أخواننا الكرام ؛ يجوز أن يسأل أحدكم المنافق : هل يذكر الله ؟ قال الله عنهم :
﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾
أنت مطالب بالذكر الكثير .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾
الآن عندنا شيء يقربك من الله ، أن تؤثر رضوان الله على رضوانك ، الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، وحج البيت ، و أداء زكاة مالك ، الآن يوجد رغائب لك ، إذا آثرت ما يرضي الله على ما يرضيك ، ارتقيت عند الله ، هذا الإيثار ؛ أن تؤثر رضوان الله على كل شيء ، ممكن أن تجلس مع أخوانك والحديث عن الدنيا لا يوجد به خطأ ، لا يوجد به غيبة ، لا يوجد به نميمة، ممكن أن يكون الحديث عن ذكر الله عز وجل ، وما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا قاموا عن أنتن من جيفة حمار .
حاول بأي جلسة أن تذكر الله عز وجل .
الدعوة إلى الله فرض عين على كلّ مسلم :
هل تصدقون أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، وهناك فرض كفاية ، التعمق والتبحر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل ، الدليل :
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ﴾
لكن الدعوة إلى الله كفرض عين :
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
فالذي لا يدعو إلى الله على بصيرة بنص الآية ليس متبعاً لرسول الله ، لكن الدعوة كفرض عين في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، كفرض عين أي مسلم سمع خطاباً يوم الجمعة زوجته في البيت ، زاره ضيف ، زاره أخوه ، زاره شريكه ، هذا الذي تأثرت به في الخطبة حدث عنه صديقك ، شريكك ، الزائر ، القريب ، هذه دعوة إلى الله فرض عين ، ويوجد شاهد قوي جداً:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
التواصي بالحق أحد أركان النجاة ، ولو تواصى بعضنا بعضاً بالحق لاتسعت دوائر الحق ، ولضاقت دوائر الباطل ، أما إذا جلسنا مجلساً لم نذكر الله فيه فيقوم هؤلاء عن أنتن من جيفة حمار .
اشتقاق الكمال من الله عز وجل عند الاتصال به :
أيها الأخوة الكرام ؛ هناك شيء آخر مما يقرب إلى الله عز وجل :
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
أنا أقول : أنا أكتب بالقلم هذه الباء باء الاستعانة :
﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
أي اتصل بالله كي تشتق من كمالاته كمالاً يكون هذا الكمال الذي اشتققته من الله أداة إقبال عليه :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك لنت لهم , فلما لنت لهم التفوا من حولك ، ولو كان الإنسان منقطعاً عن الله ، لو لم تكن متصلاً لما استقرت هذه الرحمة في قلبك ، فكنت فظاً ، فانفضوا من حولك ، هذه الآية يحتاجها كل معلم ، وكل مدرس ، وكل أستاذ ، وكل منصب قيادي في الأرض :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾
أخواننا الكرام ؛ من خلال اتصالك بالله تشتق من الله كمالاً والدليل :
(( إن محاسن الأخلاق مخزونة عند الله تعالى ، فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً حسناً ))
ابن القيم رحمه الله يقول : " الإيمان هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان ".
لذلك يا محمد :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
الذي ينعكس للناس منك الأخلاق :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
لا يوجد صراع .
الفالح هو الذي حقق الهدف من وجوده :
لذلك :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
كلمة الفلاح تعني تحقيق الهدف ، النجاح جزئي ، لا يسمى الناجح في جمع المال فالحاً ، ولا الذي أصاب حرفة راقية فربح منها كثيراً لا يسمى فالحاً يسمى ناجحاً فقط ، البطولة بالفلاح لا بالنجاح ، الفالح هو الذي حقق الهدف من وجوده ، قال تعالى :
﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾
شيء يحير ، إن حرف نفي أي ما منكم واحد إلا وسيرد النار ، كيف ؟ قال العلماء: ورود النار غير دخولها . دخولها استحقاقاً وعقاباً ، ورودها زيارة ، أي جاء وزير داخلية من بلاد راقية جداً ، وعندنا سجن مركزي حضاري نأخذه إلى هذا السجن ، هل يعد هذا الضيف اللوزير سجيناً ؟ لا ، هذا يطلع على السجن ، دقق أسماء الله الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل محقق جزئياً ، بمعنى أن الله يعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين ، ويكافئ بعض المحسنين تشجيعاً للباقين ، أما حينما الإنسان يرد النار ليرى عدل الله المطلق كل أسمائه الحسنى محققة إلا اسم العدل فمحقق جزئياً ، الحساب الختامي يوم القيامة ، ورود النار من أجل أن ترى عدل الله المطلق .
شيء لطيف جداً حينما قال الله عز وجل :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
العلماء قالوا : الخشوع في الصلاة ليس من فضائلها بل من فرائضها .
﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾
هذا هو الفلاح لذلك :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾
قد تأتي كلمة فلاح في القرآن مرتين فقط ، أي النجاح والتفوق والعقل والذكاء والانتقال إلى التألق عن طريق هذا الدين . ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحبّ إليك من كل شيء.
التفكر في خلق السموات والأرض :
أخواننا الكرام ؛ شيء آخر التفكر في خلق السموات والأرض ، هناك آية في القرآن فيها أمر ما الموقف الكامل منها ؟ أن تأتمر ، آية أخرى فيها نهي ما الموقف الكامل منها ؟ أن تنتهي ، آية ثالثة فيها ذكر لنبي كريم الموقف منها أن تتعظ ، وهناك ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون والإنسان ما الموقف منها ؟ التفكر لأن الله عز وجل يقول :
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
والآيات أنواع ثلاثة ؛ آيات كونية الكون ، تكوينية أفعال الله عز وجل ، قرآنية كلامه ، كونية تفكر ، والتكوينية نظر ، والقرآنية تدبر ، ومضة واحدة ، الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، أي جوف الشمس يتسع لمليون وثلاثمئة ألف أرض ، وبينهما مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر ، وحينما قال الله عز وجل :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
البروج جمع برج ، الأرض في دورتها حول الشمس تمر باثني عشر برجاً ، أحد هذه الأبراج برج العقرب ، أنا كنت في أمريكا دخلنا إلى قبة سماوية النجوم كما نراها في الأرض إلا أن بينها خطوطاً ، الخطوط أعطتنا أشكالها ، فعلاً هناك برج العقرب كالعقرب تماماً ، وفي هذا البرج نجم اسمه قلب العقرب ، وهذا النجم يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما. هذا الإله العظيم يعصى ؟ هذا الإله العظيم ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟
والله يا أخوان ؛ هناك ملمح في القرآن أتمنى أن يمكنني الله أن أوضحه ، الله يتعجب ؟ أنا أتعجب من جبل عال ، من شيء كبير ، الله يتعجب ! قال تعالى :
﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾
صيغة تعجب هذا الذي ينسى ربه ، يأكل المال الحرام ، يلتقي مع من يشاء ، يبني مجده على أنقاض الآخرين ، يبني عزه على إذلال الآخرين ، يبني حياته على موت الآخرين ، يبني نجاحه على إخفاق الآخرين هذا الإنسان الذي أخذ ولم يعط ، والناس جميعاً تبع لقوي أو نبي ، هنيئاً لمن كان منكم من أتباع الأنبياء . . لا بد من أن تكون تابعاً لقوي او تابع لنبي .
أخواننا الكرام ؛ قلب العقرب يتسع للشمس والأرض مع المسافة بينهما ، قال تعالى:
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾
المرأة حينما تلد ينزل مع المولود قرصاً لحمياً يسمى عند الأطباء المشيمة ، في المشيمة تجتمع دورة دم الأم مع دورة دم الجنين ، بالمناسبة عندما نعطي المريض دماً من زمرة أخرى يموت فوراً بانحلال الدم ، ولدورة الأم زمرة ولدورة دم الجنين زمرة ولا يختلطان ، كيف ؟ بينهما غشاء سماه الأطباء الغشاء العاقل ، لأنه يقوم بأعمال تفوق حدّ الخيال ، هذا الغشاء يأخذ من دم الأم الأوكسجين ، ويأخذ السكر ، والأنسولين ، ويطرحه في دم الجنين ، صار في دم الجنين أوكسجين ، وسكر ، وأنسولين ، يحترق السكر بفعل الأوكسجين عن طريق الأنسولين، تنشأ طاقة، حرارة الجنين سبع وثلاثون .
الغشاء العاقل ينقل من دم الأم لدم الجنين جميع المواد ، وقد تصل إلى ألف مادة شحوم ثلاثية على بروتينات ، على سكريات - بحث طويل- تتبدل هذه النسب كل ساعة ، وهذا الشيء لا يستطيعه إنسان على وجه الأرض .
أما الفضلات - ثاني أكسيد الكربون- فيأتي الغشاء العاقل ويأخذ هذه الفضلات من دم الجنين و يطرحه في دم الأم ، نَفَس الأم -زفير الأم - جزء منه نَفَس جنينها ، مثلاً الجنين بحاجة إلى بوتاسيوم ، تشتهي الحامل أثناء الحمل طعام فيه بوتاسيوم ، تحب هذا الطعام من أجل جنينها .
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
الآن الغشاء العاقل يأخذ من دم الأم مناعتها ، جميع اللقاحات التي لقحت بها في صغرها حتى الولادة ، أقسم لكم بالله جسم الإنسان وحده يكفي لمعرفة الله .
برأس الإنسان ثلاثمئة ألف شعرة ، لكل شعرة شريان ، ووريد ، وعصب ، وعضلة ، وغدة دهنية ، وغدة صبغية ، لكن لا يوجد بها عصب حسي ، لو كان هناك عصب حسي أين ذاهب ؟ إلى المستشفى أريد أن أحلق ، تحتاج إلى عملية تخدير ، هذه حكمة الله عز وجل .
في جسم الإنسان أشياء لا تصدق ، في العين عدسة ، اشعل شمعة وورق مقوى وحركها حتى يأتي الخيال على الورقة ، هذا اسمه محرق العدسة ، أنت تمشي في الطريق ترى سيارات تتحرك أمامك ، وتتبدل المسافات بكل ثانية ، شيء لا يصدق الذي يحصل أن هناك عضلات هدبية فوق الجسم البلوري ، إذا السيارة بعدت تضغط هذه العدسة فيزداد احتدابها ، فتراها بشكل دقيق ، أعقد عملية في الإنسان المطابقة هذه تتم قبل ستين متراً ، أجدادنا سكنوا في الصحراء ، المسافات الطويلة تريح العين ، كل حياتنا أمامنا جدر ، سياراتنا كل حياتنا فيها مطابقة ، والمطابقة تجهد العين .
شيء آخر يقولون : سيرة وانفتحت ، أينشتاين اكتشف السرعة المطلقة في الكون ، وهو عالم ألماني عاش في أمريكا ، هي سرعة الضوء ، وتاه بهذه النظرية على كل الناس ، لكن هناك رواية لطيفة طاف على ولايات أمريكا - خمس وثلاثون ولاية - وعرض لهم هذه النظرية ، معه سائق ذكي جداً حفظ النظرية عن ظهر قلب ، تمنى عليه بآخر جامعة أن يلقيها عنه ، ويقدم على أنه أينشتاين ، وكان عند أينشتاين روح دعابة فوافق . فقدم على أنه أينشتاين ، فقام دكتور في الجامعة وسأله سؤالاً عويصاً قال له : سؤالك سخيف وسوف يجيبك سائقي عن سؤالك .
أخواننا الكرام ؛ التفكر في خلق السموات والأرض شيء مهم جداً .
آخر ومضة من هذه التفكرات ، كلكم يعلم أن القمر يدور حول الأرض دورة كل شهر ، لو وصلنا خطاً بين مركز الأرض ومركز القمر، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض، لو ضربنا هذا الرقم باثنين ، لكان القطر ، لو ضربنا بالبي 3,14 لكان المحيط .
لو ضربناه باثني عشر السنة ، ضرب ألف ، ألف سنة ، نحسب كم هي المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ، المفاجأة التي قد لا تصدق أننا إذا قسمنا هذه المسافة أي ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم ، ثواني اليوم ستون بستين ، بأربع وعشرين ، لكانت المفاجأة الصاعقة أن الجواب هو سرعة الضوء الدقيقة ، 652 299 ، أي ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد . هذا البحث عرض في مؤتمر الإعجاز العلمي في موسكو .
هذه النظرية العملاقة ، ما معنى نسبية إذا إنسان مشى مع الضوء صار ضوءاً ، كتلته صفر ، حجمه لا نهائي ، هذه النظرية وردت في آية بالقرآن الكريم :
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، دينك ، دينك ، إنه لحمك ودمك، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا .
من أسباب محبة الله لك الانكسار له :
من أسباب محبة الله لك الانكسار له ، رُبّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً . أنتم بهذه البلاد عندك اثنان كيلو من اللبن ، وجاءك ضيوف نضيف الماء ، صار اللبن عيراناً دون أن يتأثر ، لو وضعت بهذا اللبن قطرة بترول لما استفدت منهم بل ترميهم ، هذا الكبر ، ينهي العمل و يفسده . لذلك الكبر يفسد العمل .
((لا يدْخُلُ الجنةَ مَنّ كان في قلبه مثقالُ حبَّة من كِبْر ))
الله كبير لا تتكبر ، والله أقول الله كبير ولا أشبع من هذه الكلمة .
أخواننا الكرام ؛ بعد الانكسار هناك خلوة مع الله ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾
عندما تستيقظ على صلاة الفجر :
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
أنت معك ضمان من الله أن يحفظك بأربع وعشرين ساعة ، بصلاة الفجر يوجد جماعة ، قال تعالى :
﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ﴾
ضرورة البحث عن حاضنة إيمانية يأنس بها المؤمن و تنصحه :
أخواننا الكرام ؛ مرة قال لي شخص : نحضر درساً نسعد ثم نعود إلى البيت بشكل عادي ، فقلت له : غيّر أصدقاءك، قال تعالى :
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
ملمح دقيق لغوي ،
﴿ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ ﴾
الله أغفله ما ذنبه هو ؟ هل تصدقون أن وزن أفعل باللغة معنى وجدناه غافلاً .
أخواننا الكرام ؛ قال تعالى :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
تحتاج إلى صديق يدلك على الخير وينهاك عن السوء ، ينصحك ، لذلك الصاحب ساحب ، درسنا بعلم النفس أن الأب والأم والعم والخال وخطيب الجامع وكل الجهات الكبيرة تأثيرها بالشاب يقدر بأربعين بالمئة ، أما صديق السوء فستون بالمئة ، يجب أن يعلم الأب من رفيق ابنه ، كل هؤلاء يؤثرون أربعين بالمئة ، ورفيق السوء يؤثر ستين بالمئة ، يجب أن تعلمي أيتها الأم من هي صديقة ابنتك ، ويا أيها الأب من هو صديق ابنك .
الآن لا بد لك من حاضنة إيمانية تحضنك ، تأنس بها وتأنس بك ، تنصحها وتنصحك ، تدلك على الخير وتدلها .
الإنسان حكيم نفسه :
آخر شيء ؛ الإنسان حكيم نفسه ، كل شيء يبعده عن الله يجب أن يبتعد عنه ، أذكر قصة مؤثرة جداً ، عندنا في الشام شارع تراثي يسمى سوق ساروجة ، وأنا ليس من عادتي ان أروي منامات لكن الآن سامحوني ، إنسان يعمل خطيباً وإمام مسجد رأى النبي عليه الصلاة والسلام ، قال له النبي في الرؤيا : قل لجارك فلاناً إنه رفيقي في الجنة ، جاره بقال إنسان بسيط جداً ، فهذا الذي يخطب على المنبر تأثرَ تأثراً سلبياً جداً ، هذه الرؤيا كان من الممكن أن تكون لي ، لماذا لهذا البقال ؟ طرق بابه ، قال له : لك عندي بشارة ، و لن أقولها لك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ فامتنع
فبعد إلحاح شديد قال له : تزوجت إنسانة ، بالشهر الخامس من زواجي كان حملها في الشهر التاسع ، واضح أن هناك خطأ مرتكباً ، قال له : بإمكاني أن أسحقها ، وأن أفضحها ، وأن أطلقها ، والشرع معي ، وأهلها معي ، والمجتمع معي ، والقانون معي ، والمحكمة معي ، لكن أردت أن أعينها على التوبة ، جاء لها بمن يولدها ، ولدت ، وحمل الجنين المولود تحت عباءته ، وتوجه إلى جامع الورد في دمشق ، وبقي واقفاً أمام الباب حتى نوى الإمام الصلاة ، قال : الله أكبر ، دخل ووضعه إلى جانب الباب والتحق بالمصلين ، فلما انتهت الصلاة بكى هذا الصغير ، تحلق المصلون حوله ، وتأخر هو حتى يكتمل تحلق المصلين حوله ، ثم اقترب ، قال : ما القصة ؟ قال : تعال انظر ! جنين مولود لقيط ، قال : أنا أكفله ، فأخذه ، ودفعه إلى أمه من أجل أن تربيه ، فاستحق هذا الإنسان أن يبشره النبي الكريم أنه رفيقه في الجنة .
لذلك قال تعالى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾
أنت مأمور بالإحسان ، والإحسان فوق العدل ، لاحظ هذه القصة ، ممكن أن تنقذ إنساناً بعفوك عنه ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾
المؤمن عزيز ، إذا غلب على ظنك أن عفوك عنه يصلحه ينبغي أن تعفو عنه والحساب عند الله ، معنى أصلح أي غلب على ظنه أن عفوه عن أخيه يصلحه .
اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا، اجعل هذا البلد سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واحقن دماء المسلمين في كل مكان وفي الشام ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .