- محاضرات خارجية / ٠27ندوات مختلفة - فرنسا
- /
- ندوات مختلفة - فرنسا
وجوب أن يكون التعامل مع الغرب يليق بديننا و إنسانيتنا :
أيها الأخوة، هؤلاء القوم الذين يسكنون أوروبا، قال النبي الكريم عنهم:
(( تَقُومُ السَّاعَةُ والرُّومُ أكْثرُ النَّاسِ ، إنَّ فيهم لَخِصالا أربعا، إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة، وأسْرَعُهُم إفَاقَة عند مُصِيبة، وأوْشَكُهُم كَرَّة بعد فَرَّة، وخَيْرُهُم لِمسْكِين ويَتيم وضَعيف، وخَامِسَة حسنة جَميلة: وأمْنَعُهُم منْ ظُلْمِ الْمُلُوك ))
هذا كلام سيد الخلق وحبيب الحق، فإذا كان النبي الكريم يتحدث في هذا الحديث الذي رواه الإمام المسلم وهو من أصح كتب الحديث عن إيجابيات هؤلاء القوم، ينبغي أن يكون التعامل معهم يليق بإسلامنا، يليق بديننا، يليق بإنسانيتنا، يوجد كلمة دقيقة جداً: المقيم في هذه البلاد ما قرأ القرآن، ولا قرأ سنة النبي العدنان، ولا قرأ السيرة، ما الإسلام عنده؟ أنتم، إن رأوكم صادقين متقين تتحلون بقيم أخلاقية الإسلام كبر في عينهم، لذلك ما معنى قوله تعالى- والله الآية أخطر آية:-
﴿رَبَّنا لا تَجعَلنا فِتنَةً لِلَّذينَ كَفَروا ﴾
أنا حينما أخطئ معهم يعتقدون أن الدين الذي هم عليه هو الدين الصحيح، أنا أقنعتهم بدينهم، إذا قدمت تصريحاً كاذباً - سامحوني - أنا درت معظم دول أوروبا يكفي أن تكتب تصريحاً أنك لا تعمل لتتقاضى مبلغاً كبيراً باليورو في ألمانيا، وهم يعلمون أن كل هذه التصريحات كاذبة، هم بحاجة إلى يد عاملة، هل يمكن أن تقنع أحداً بالإسلام في هذه البلاد؟ قدمت تصريحاً كاذباً، أنا أضع يدي على الجرح، أنت في قوم، النبي أثنى عليهم، فهؤلاء يقدمون أحياناً أشياء لا يتمتع بها الإنسان في بلاده، صحيح؟ إذاً لابد من أن نقف موقفاً إيجابياً منهم، أعيد الحديث مرة ثانية الذي رواه الإمام المسلم في صحيحه:
(( تَقُومُ السَّاعَةُ والرُّومُ أكْثرُ النَّاسِ، إنَّ فيهم لَخِصالا أربعا، إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة، وأسْرَعُهُم إفَاقَة عند مُصِيبة، وأوْشَكُهُم كَرَّة بعد فَرَّة، وخَيْرُهُم لِمسْكِين ويَتيم وضَعيف، وخَامِسَة حسنة جَميلة: وأمْنَعُهُم منْ ظُلْمِ الْمُلُوك ))
افتح معجم الأحاديث بالأنترنيت واكتب كلمة الروم، تجد الأحاديث الشريفة عن الروم ويأتي معك هذا الحديث، فأنا أريد أن أنقل لكم بعض ألمي، حين أرى موقفاً غير معقول، غير منضبط، غير إسلامي، من هؤلاء الذين أنتم عندهم، لأن الإسلام ممكن أن تقنعني به، لكن لغة العمل أبلغ من لغة القول، لأن الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، لذلك: القدوة قبل الدعوة أي موقف أخلاقي من الجالية الإسلامية في هذه البلاد يزيل الغبش الذي يقدمه البعض.
يوجد الكثير من القصص المؤثرة جداً جرت في هذه البلاد بسبب خطأ، قال لي شخص: والله عشرة بالمئة منا يشوهون سمعة المسلمين كلهم في هذه البلاد، تصرف خاطئ واحد، فأنت مسلم.
التمسك بالاستقامة و الأمانة و عدم تشويه الدين :
الآن أنا أقول لكم كلاماً دقيقاً، أنت في هذه البلاد تحمل رسالتين؛ رسالة تنقل بها الإيجابيات في هذه البلاد إلى بلادك الإسلامية، يوجد تكافؤ فرص، أحياناً القانون فوق الجميع، يوجد الكثير من الإيجابيات، وأنت تنقل عظمة الإسلام، ونقاء الإسلام، وعقيدة الإسلام، وبطولة المسلمين، ورحمة المسلمين إلى هذه البلاد فأنت تنقل إيجابيات الإسلام إلى هنا، وإيجابيات هذه البلاد إلى بلادك، لكن والعياذ بالله هذا الذي ينقل أسوأ ما في هذه البلاد من تفلت، من إباحية، ويراها حضارة ينقلها إلى بلاد المسلمين، ويذكر المسلمين لا بخير بل بشر، يكون قد أساء إساءة بالغة جداً.
الآن دققوا في هذا الحديث: أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين فلا يؤتين من قبلك، إياك أن تكون سبباً في تشويه الدين، أنت باستقامتك، بصدقك، بأمانتك، بأمورك المنضبطة، ترفع سمعة المسلمين، وإلا هناك من يقول ويقول ويقول، ويوجد شيء صحيح، ومعظم الأخوة الذين يقيمون في هذه البلاد أتوا لكن يوجد أقلية تشوه سمعة الأكثرية.
كلمة قالها لويس ملك فرنسا أنقلها لكم حرفياً قال: لا يمكن الانتصار على المسلمين في الحرب وإنما ننتصر عليهم باتباع ما يلي: إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين، عدم تمكين البلاد الإسلامية أن يقوم فيها حكم صالح، إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء، الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه يضحي في سبيل مبادئه وقيمه، العمل على الحيلولة دون قيام وحدة إسلامية في المنطقة، العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية.
هذا ما قاله الويس التاسع عشر ملك فرنسا قبل سبعمئة عام، والأشياء كلها محققة، الآن نعرف كيف نتحرك، هذه أسباب التأخر، وهذه أسباب التقدم.
وجوب طلب العلم :
أخواننا الكرام؛ هذا اجتهاد مني أقول لكم بعض البنود الخطأ. خطأ المسلم في بلاد المسلمين ينسحب على صاحبه فقط.
يقال: فلان أخطأ، فلان نقض عهده بالتجارة، فلان رفع السعر بشكل غير معقول، أما مسلم مقيم في هذه البلاد إذا أخطأ فينسحب الخطأ على الدين الإسلامي، وعلى المسلمين، الفرق كبير بين أن تخطئ في بلاد المسلمين فيشار إليك فقط، وبين أن تخطئ في بلاد أخرى فيشار إلى الإسلام كدين، وإلى المسلمين جميعاً.
أنت جالس ببلد فيه حرية، لكن يقابلها أنفاسك محسوبة عليك، أخذت موقفاً غير معقول هكذا الإسلام؟ ينسى اسمك، أخذت شيئاً ليس لك هكذا الإسلام؟ فخطؤك في بلاد المسلمين يشار إليك فقط، يحسب عليك فقط، أما الخطأ هنا فيحسب على دينك الإسلامي وعلى أمة الإسلام.
بارك الله بكم، أنت في بلادك الإسلامية- الشرق الأوسط- قل ما تضطر للدفاع عن الإسلام، لكنك هنا قد تضطر إلى أن ترد الاتهامات الموجهة للإسلام في اليوم عدة مرات، إذاً لابد من التسلح بالعلم، أنت تمثل الإسلام شئت أم أبيت، والأخ الكريم المقيم في هذه البلاد -الفرنسي- لم يقرأ عن الإسلام، ولم يقرأ القرآن، ولم يقرأ سنة النبي العدنان، لم يقرأ شيئاً، الإسلام عنده أنت، فإن وجد شبهة رواها أعداء الدين و سألك و كنت لا تعرف فهذه مشكلة، لا تعرف في بلادك هناك من يجيب عنك، هناك علماء يجيبون، أما هنا جارك مقيم فرنسي سألك هذا السؤال: ما حكمة التعدد؟
أنا مرة كنت بألمانيا بمالبورن هذه مدينة الجامعات، فيها تسعون ألف طالب جامعي، وكلها جامعات، فجمعوا عمداء الكليات أصبح هناك مناقشة، يوجد أخت كريمة هي عميدة كلية قالت لي: أنتم لستم منصفين، قلت لها: لم؟ قال أنتم تتزوجون امرأة غير مسلمة لكن لا تعطون المرأة المسلمة لزوج كتابي، قلت لها: الجواب سهل جداً، أنا حينما أتزوج امرأة غير مسلمة - مسيحية - هي تؤمن بسيدنا عيسى، وزوجها المسلم يؤمن بسيدنا عيسى، تؤمن بالإنجيل وزوجها المسلم يؤمن بالإنجيل، أما العكس فصعب جداً، زوجها لا يؤمن بمحمد ولا بالإسلام، يوجد تناقض، عندما سمح الإسلام للمسلم أن يتزوج كتابية لأن الكتابية مبادئها الكبرى واردة ضمن القرآن، إذاً أنت تضطر مرتين أو ثلاث باليوم هنا أن ترد على الأسئلة.
أخواننا الكرام؛ هذه الصخرة ماذا يوجد فيها؟ صخرة، هذه الصخرة ليس لها وزن؟ لها حجم؟ لها أبعاد ثلاثة؟ طبعاً، حسنا هذه خصائصها جسم مادي يشغل حيزاً من الفراغ، له أبعاد ثلاثة، النبات جسم مادي يشغل حيزاً في الفراغ، له أبعاد ثلاثة إلا أنه ينمو، أضيف النمو، حسناً الحيوان جسم مادي يشغل حيزاً في الفراغ له وزن، وله حجم، وله أبعاد ثلاثة، وينمو كالنبات إلا أنه يمشي، بقي الإنسان، جسم مادي يشغل حيزاً في الفراغ، وله أبعاد ثلاثة، وينمو كالنبات، ويتحرك كبقية المخلوقات، لكنه يفكر، تميزت أنت أيها الإنسان عن كل المخلوقات بالتفكير.
أي أعطاك الله قوة إدراكية، هذه القوة الإدراكية ما لم تلبّ بطلب العلم، أخواننا الكرام سامحوني طلب العلم ليس وردة تضعها أو لا تضعها، ليس فاكهة غالية جداً تأكلها أو لا تأكلها، يوجد أفوكادو تعرفونه؟ إذا شخص لم يأكل الأفوكادو هل يموت؟ لا، أما إذا لم يستنشق الهواء فسيموت.
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت فقط :
حينما تؤمن أن الدين هواء تستنشقه ليس لك خيار به، لك خيار بمليون موضوع، مليار موضوع، مثلاً أنت معك خيار رفض هذا البيت لم يعجبك لا تشتريه، هذه الفتاة بلغك أن أخلاقها غير سوية رفضت الزواج منها، أتتك وظيفة ببلد ثان الجهد كبير والدخل قليل رفضت، أي أنت معك خيار الرفض بمليون موضوع، لكن بالإيمان لا يوجد معك خيار رفض، السبب: أكفر كفار الأرض فرعون الذي قال:
﴿فَقالَ أَنا رَبُّكُمُ الأَعلى﴾
والذي قال:
﴿ ما عَلِمتُ لَكُم مِن إِلهٍ غَيري ﴾
حينما أدركه الغرق قال:
﴿ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ ﴾
فخيار الإيمان خيار وقت فقط، إما أن تؤمن في الوقت المناسب وتنجح وتنجو و وتسعد في الدنيا والآخرة أو أن يأتي الإيمان بعد فوات الأوان.
يبدو أنكم كلكم شباب، كلكم طلاب مدارس، إذا طالب لم يدرس أتى للامتحان، هذا السؤال لم يقرأه إطلاقاً قدم الورقة بيضاء، ماذا يعطونه علامة على هذه الورقة البيضاء؟ ينال الصفر بجدارة، رجع إلى البيت فتح الكتاب فهم الدرس، قال تعالى:
﴿ يَومَ يَأتي بَعضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفسًا إيمانُها لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت في إيمانِها خَيرًا ﴾
قضية الدين قضية مصيرية :
لذلك أخواننا الكرام، الدين قضية خطيرة أو مصيرية، أنت بالتعليم الثانوي تنجح من العاشر إلى الحادي عشر إلى الثاني عشر، الآن علاماتك في البكالوريا يحددون فرع الجامعة، مئتان و ثلاثون طب، تحتهم طَب، تنزل بعدها إلى فرع يضم خمسة آلاف شخص ليس لهم عمل، فالشهادة الثانوية فيها قرار مصيري، بأوروبا لا أعلم.
قصة أخرى؛ نحن بلادنا تعرفونها جميعكم، عندنا دمشق حمص، إذا أنت لك مبلغ بحمص، تاجر كبير وعدك يوم السبت أنه سوف يعطيك المبلغ، ركبت سيارتك وتوجهت لحمص، بعد أن قطعت دمشق باثنين كيلو متر رأيت لوحة كتب عليها: الطريق إلى حمص غير سالك بسب تراكم الثلوج في الطريق، ماذا تفعل؟ ترجع، ما الذي حكمك؟ خمس كلمات، أنت ومشروعك ومبلغك الضخم وسيارتك الغالية جداً والطريق بعد الشام لا ثلج فيه والشمس موجودة، لكن بالنبك يوجد ثلوج قطعت الطريق، فأنت عندما ترجع حكمك النص، وإذا كانت دابة تمشي إلى حمص أين تقف؟ عند الثلج، ما الذي حكم الدابة؟ الواقع، لا تقل: أنا واقعي، قل: أنا نصي، أنت عاقل.
قرأت مقالاً عن الدخان يوجد ثلاثة آلاف مادة سامة في الدخان- أنا عضو بجمعية مكافحة التدخين - قرأت الموضوع ألغيت الدخان، أما يوجد شخص يلغي الدخان لكن بعد فوات الأوان، قالوا: العقل ان تصل إلى الشيء قبل أن تصل إليه.
أخواننا الكرام؛ بفن القصة عندنا كلمة رواية أي حوالي ألف صفحة، القصة مئة صفحة، الأقصوصة عشر صفحات، الحكاية صفحة، يوجد ثلاث حكايات واحدة وقعت في الشام والثانية بلندن والثالثة في أمريكا.
أما حكاية الشام أحد أخواني مهندس كبير ومحسن في بلادنا، أراد إنشاء مسجد في جنوب دمشق، وجدوا أرضاً مناسبة جداً، مربعة أحد أضلاعها باتجاه القبلة بحثوا عن صاحبها، صاحبها إنسان مستخدم في مدرسة ابتدائية، يسكن في غرفة واحدة وعنده ثمانية أولاد، و دخله خمسة آلاف لا يكفيه ثمن خبز، له عم مات بحادث، ورث عنه هذه الأرض التي يقدر ثمنها بخمسة ملايين، فرأوها مناسبة جداً لبناء جامع، فأتوا وفاوضوا صاحبها وقبِل بأربعة ملايين، كتبوا شيكاً بمليونين، قال لهم: وباقي المبلغ؟ قالوا له: عند التنازل، قال لهم: لم التنازل؟ قالوا له: تذهب إلى الأوقاف وتوقع تنازلاً عن الأرض ونعطيك المليونين لأنها سوف تكون مسجداً، هذا مستخدم وغير متعلم، قال: أنا أبيع أرضاً سوف تكون مسجداً والله أستحي من الله، أنا أولى أن أقدمها لله منكم، يقول هذا الغني: ما صغرت في حياتي كما صغرت أمام هذا الإنسان، وإذا شخص أتى للشام من طريق درعا قبل دمشق باثنين كيلو متر يوجد جامع أطول مئذنة مئذنته، هذه أرض قدمها شخص فقير جداً لا يملك شروى نقير، ورثها من قريبه، وقريبه مات بحادث وقدمها لوجه الله، هذه بالشام.