وضع داكن
03-05-2024
Logo
الفتوى : 02 - ما هو تفسير الآية ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ؟. وكذلك ( ويداه مبسوطتان )؟.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

سؤال:

 فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 قال الله تعالى في آيات كثيرة مخاطبا النبي ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وكيف يغفر له وهو لم يرتكب ذنبا في حياته وهو معصوم عن الخطا ولذلك يحتج بعض المغرضين بان الرسول ليس معصوم وانه ارتكب ذنوبا كبيرة وبدليل هذه الآية وغيرها ليغفر لك إذا لو لم يكن له ذنب لما احتاج ان يغفر له ؟.
 ما هو الرد على من يقول أن الله له يدان لقوله بل يداه مبسوطتان وان له رجلا وضعها في النار لما قال لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد ما هو الرد عليهم وأين الحقيقة.
وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب:

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد.
الأخ الكريم
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 إجابة على سؤالكم، نفيدكم بما يلي:
 مسألة عصمة الأنبياء التي تسأل عنها مسألة خلافية منذ القديم.وفيها طرفان ووسط. أما الطرفان ,فبين قائل بالعصمة المطلقة للأنبياء ,وأنهم لايذنبون ولايخطئون...واضطر أصحاب هذا الرأي إلى تأويل القرآن ,مثل قوله تعالى

﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾

 ورد بعض الأحاديث الصحيحة المخالفة لمذهبهم.وقائل بعدم العصمة مطلقا وهو مردود مرفوض...والوسط وهو الحق إن شاء الله عز وجل أن الأنبياء معصومون بالكامل فيما يبلغون عن الله وفي كل مايتعلق بالشرع والدين ,أما في أمر الدنيا والمعاش والاجتهاد فغير معصومين وإن أخطأوا لايقرهم الله على خطأ بل يبين ذلك حتى لايُظَنَّ من الدين ,ومثال ذلك حديث تأبير النخل وهو في الصحيحين.أما الذنب فذنوبهم من نوع اللمم (صغير الذنب ) , وسببها الاجتهاد وليس المعصية.لذلك قال الله لنبيه (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) وقال

﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾

 إلى قوله

﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾

وقوله

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾

 وعلى ضوء ذلك تفهم الآية المسؤول عنها والله أعلم.
 وأما سؤالك عن (يداه مبسوطتان ) وحديث (... فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله قدمه عليها فتقول: قط قط فهنالك تمتلئ و ينزوي بعضها إلى بعض فلا يظلم الله من خلقه أحدا....)وهو في الصحيحين وغيرهما ,فيدخل ذلك في بحث عقدي طويل وخلاف فيه قديم , وهو موضوع أسماء الله وصفاته ,هل هي على ظاهرها وحقبقتها ,أم أنه لابد من تأويلها...والمقام لايتسع للبحث الطويل.لكني أعطيك قواعد تعينك في بحثك وتنير سبيل فهمك أجعلها بشكل أسئلة:
 1ـ هل في الخلق أحد أعلم بالله وصفاته وأسمائه منه تبارك وتعالى بنفسه..؟
 2ـ هل في الخلق كلهم من هو أعلم بالله وأسمائه وصفاته ,من رسوله الذي يوحى إليه ولاينطق عن الهوى..؟
 3ـ هل يستطيع العقل البشري أن يحيط بالله وأسمائه وصفاته ,فيقول في ذلك قولا أصدق أو أحسن أوأليق بالله مما جاء في الوحيين..؟
 

﴿ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ﴾

﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ﴾

 من هذه التساؤلات انطلق أهل الحق , أهل السنة والجماعة ,فأدركوا أن هذا الأمر دين وغيب ,لاحكم فيه إلا لما قال الله ورسوله.ووضعوا لذلك القاعدة العظيمة (نثبت لله ما أثبته لنفسه في كتابه وفي سنة نبيه ,من غير تمثيل , ولاتكييف , ولاتشبيه , ولاتأويل, ولاتعطيل ,

﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾

.والله أعلم.
الدكتور محمد راتب النابلسي

تحميل النص

إخفاء الصور