- ندوات تلفزيونية
- /
- ٠26ندوات مختلفة - قناة الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صاحبته الغر الميامين ، ومناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة :
أيها الأخوة الأكارم ، الإنسان هو المخلوق الأول رتبة لقوله تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
لأنك إنسان أنت عند الله المخلوق الأول ، لأنه في عالم الأزل حينما عرض الله الأمانة على كل المخلوقات ، المخلوقات جميعاً
﴿أبَيْن أنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
وقال أنا لها يا رب ، الآية تقول :
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
لابدّ من توضيح : أب كريم عنده أولاد كُثر ، عرض عليهم دخلاً محدوداً ، وبيتاً ، وزواجاً ، أما الذي يأتيه بأعلى شهادة من بلاد بعيدة عرض عليه أن يعطيه المعمل كله ، أحد أولاده قال : أنا لها يا أبتِ هل يعد هذا الابن الطموح ظلوماً جهولاً ؟
يمكن أن نقرأ الآية
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
حينما قبل حمل الأمانة ، وحينما طمع أن يكون في أعلى مرتبة ، فإن جاء إلى الدنيا ونسي الأمانة ، ونسي التكليف ، وانشغل بشهواته ، يأتي التقرير
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
حينما قبل حمل الأمانة لم يكن ظلوماً جهولاً ، أما حينما قصر في حملها ، ونسيها
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
الأمانة نفسك التي بين جنبيك فإن عرّفتها بربها وحملتها على طاعته سعدت إلى الأبد :
ما الأمانة ؟ أجمع العلماء على أن الأمانة هي نفسه التي بين جنبيه ، الدليل :
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
إله يقول
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾
النجاح كل النجاح ، والفلاح كل الفلاح ، والذكاء كل الذكاء ، والتفوق كل التفوق ، والتوفيق كل التوفيق ، في أن تزكي نفسك أي أن تؤهلها لجنة عرضها السماوات والأرض ،
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
فالأمانة نفسك التي بين جنبيك ، ذاتك التي هي أنت ، أما هذا الجسم وعاء عند الموت ينفصل عن النفس ، والروح القوة المحركة كالكهرباء ، الروح قوة محركة والجسم وعاء ، أما أنت الذات البشرية التي تؤمن أو تكفر ، ترقى أو تسفل ، تشكر أو لا تشكر ، تسمو أو تنحط ، هي النفس الإنسانية التي هي بين جنبيك
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾
من عرّفها بربها ، وحملها على طاعته ، وجعلها تتقرب إلى الله بالعمل الصالح ، عندئذٍ يسعد إلى أبد الآبدين .
الغنى والفقر بعد العرض على الله عزّ وجل :
أيها الأخوة ، أنا في جامعة ، واحد في الأرض وأصفار إلى الشمس ، كل ميلي صفر ، ما هذا الرقم ؟ ثلاثة أصفار ألف ، ثلاثة أخرى مليون ، ثلاثة ثالثة ألف مليون ، ثلاثة رابعة مليون مليون ، كل ميلمتر صفر لمئة و ستة و خمسين مليون كيلو متر هذا الرقم ضعه صورة ، وضع مخرجه لا نهاية قيمته صفر ، فالدنيا صفر .
(( ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ))
الغنى والفقر بعد العرض على الله ، لا يسمى الغني غنياً في الدنيا ، ولا الفقير فقيراً لأنه :
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴾
البعوضة من آيات الله عز وجل الدالة على عظمته و إعجازه :
لكن كاستطراد سريع :
(( ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ))
ما البعوضة ؟ ورد ذكرها في القرآن الكريم :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾
بعد صنع المجهر الإلكتروني وضعت البعوضة تحت المجهر ، فإذا في رأسها مئة عين ، وعرضت الصور في الفضائية السورية ، في فمها ثمانية و أربعون سناً ، وفي صدرها قلوب ثلاثة ، قلب مركزي وقلب لكل جناح ، كل جناح له قلب ، وقلب مركزي ، وفي كل قلب أذينان ، وبطينان ، ودسامان ، والبعوضة تملك جهازاً لا تملكه الطائرات ، تملك جهاز استقبال حراري ، أي أنها ترى الأشياء لا بأشكالها ، ولا بألوانها ، ولا بأحجامها ، ولكن ترى الأشياء بحرارتها فقط ، حساسية هذا الجهاز واحد على ألف من الدرجة المئوية والبعوضة تملك جهاز تحليل دم ، ما كل دم يناسبها ، تحلل ثم تأخذ الدم ، ينام أخوان على السرير يستيقظ الأول وقد ملئ بلسع البعوض ، والثاني لم يصب بشيء ، معها جهاز استقبال حراري ، معها جهاز تخدير ، تخدر الطفل لئلا يقتلها أثناء الامتصاص ، أما إذا ضرب يده من لسعتها تكون هي في سقف الغرفة تضحك عليه ، انتهى مفعول التخدير ، جهاز تخدير ، جهاز تحليل ، جهاز استقبال حراري ، معها جهاز تمييع للدم ، دم الإنسان سمج أحياناً ، تميع الدم ثم تمتصه ،
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾
أما في خرطوم البعوضة ست سكاكين ، أربع سكاكين لإحداث جرح مربع وسكينان تلتئمان على كل أنبوب لامتصاص الدم ، وفي أرجل البعوضة مخالب إذا وقفت على سطح خشن ، ومحاجم على الضغط إذا وقفت على سطح أملس ، والبعوضة في القرآن الكريم من الإعجاز العلمي ، بعد اكتشاف المجهر الإلكتروني نعرف ما البعوضة ، ومع ذلك :
(( ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ))
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ :
لذلك أيها الأخوة ،
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ﴾
وعنوان المحاضرة :
﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾
قبل حملها ، قال : أنا لها يا رب
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
حينما قبل حملها ؟ لا ، أما إذا قبل حملها ، وتوانى في حملها ولم يؤدِ الواجب
﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾
أيها الأخوة ، النفس هي الأمانة
﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾
من عرفها بربها ، ومن حملها على طاعته ، ومن جعلها تتقرب إلى الله بالعمل الصالح ،
﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
جعلها غافلة منحطة .
البشر على اختلاف مللهم ونحلهم وانتماءاتهم لا يزيدون عند الله عن نموذجين :
لذلك البشر ستة آلاف مليون على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتماءاتهم ، وأعراقهم ، وأنسابهم ، وطوائفهم ، وجنسياتهم ، لا يزيدون عند الله عن نموذجين ، نموذج عرف فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، ونموذج آخر غفل عن الله ، وتفلت من منهجه ، فهلك وشقي في الدنيا والآخرة ، لذلك الآية الكريمة :
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
صدق أنه مخلوق للجنة ، بناء على ذلك اتقى أن يعصي الله ، وجعل أساس حياته العطاء "يعطي" ، والثاني استغنى عن طاعة الله ، وجعل أساس حياته الأخذ ، لأنه كذب بالحسنى أي بالآخرة ، الله عز وجل سمى الجنة هي الحسنى :
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾
إذاً التقسيم الإلهي للبشر مؤمن وغير مؤمن ، مؤمن عرف الله ، وانضبط بمنهجه ، أحسن إلى خلقه ، سلم وسعد في الدنيا والآخرة ، وغير مؤمن غفل عن الله ، تفلت من منهجه ، أساء إلى خلقه ، شقي وهلك في الدنيا والآخرة ، والآية تؤكد ذلك
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
تسخير ما في السماوات و الأرض للإنسان حينما قَبِل حمل الأمانة :
أيها الأخوة ، حينما الإنسان قبل حمل الأمانة سخر الله له :
﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
بنص القرآن الكريم :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾
المسخر له أكرم من المسخر ،
﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾
النباتات ، الأطيار ، الأسماك ، الحيوانات المجرات ، السماوات ، الأراضين ، كل ما في السماوات والأرض مسخر لهذا الإنسان ، فأنت المخلوق الأول رتبة ، لو أن الإنسان يدرك من هو .
أتحسب أنك جرم صــــغير وفيك انطوى الـــــعالم الأكبر
* * *
فلو شاهدت عيناك مـن حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لــغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب وجئتنــا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة لمت غريباً واشتياقاً لقربنــــا
ولو لاح من أنوارنا لك لائح تركت جميع الكائنات لأجلنــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعى سهولته قلنا له قد جهلتنــــا
* * *
تزويد الله عز وجل الإنسان بمقومات التكليف و منها الكون :
أيها الأخوة ، الآن ندخل في التفاصيل ، لأن الإنسان قَبِل حمل الأمانة ، وطمع أن يكون المخلوق الأول في الكون ، الله عز وجل أعطاه مقومات هذا التكليف ، هو قَبِل ، وتمنى ، وتطلع أعطاه الله مقومات هذا التكليف ، المقوم الأول هو الكون ، الكون قرآن صامت والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي ، هذا الكون هو المقوم الأول ، اجلس مع كل البشر ، مع كل أطيافهم ، مع كل اتجاهاتهم ، مع كل مذاهبهم ، مع كل أديانهم ، اجلس معهم الشمس قاسم مشترك ، والقمر ، والنجوم ، والمجرات ، والنبات ، والحيوان ، والإنسان ، هو كتاب الله المفتوح ، كتاب الله المتلو ، هو القرآن الكريم ، كتاب الله المنظور هو الكون .
فلذلك أنا أنصح الأخوة الطلبة الكرام ، أنا عملت في الجامعة ثلاثين سنة ، في كلية التربية بجامعة دمشق ، أنصح أخوتي الطلاب لا تحاور الطرف الآخر بالغيبيات حاوره بالعلم ، هذا العلم يخضع له كل إنسان .
بعض اللقطات عن الكون :
1 ـ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم :
الكون : أقدم لكم بعض اللقطات ، بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب عدا الشمس أربع سنوات ضوئية ، والضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كم ، في الدقيقة ضرب ستين ، في الساعة ضرب ستين ، في اليوم ضرب أربع و عشرين ، في العام ضرب ثلاثمئة و خمسة و ستين ، أربع سنوات ضرب أربع ، يعني شخص منكم بدقائق على آلة حاسبة يحسب هذه المسافة ، هذه المسافة بين هذا النجم القريب جداً أقرب نجم ملتهب وبين الأرض ، لو أن هناك سيارة وهناك طريق افتراض علمي ، ركبت هذه المركبة ، قسم هذه المسافة على مئة ، كم ساعة تحتاج ؟ قسم على أربعة و عشرين ، كم يوم ؟ قسم على ثلاثمئة و خمسة و ستين ، كم سنة ؟ من أجل أن تصل إلى أقرب نجم ملتهب تحتاج إلى خمسين مليون عام ، من أجل أن نصل إلى أقرب نجح ملتهب ، السؤال الآن متى نصل إلى نجم القطب يبعد عنا أربعة آلاف سنة ، الأربع سنوات خمسين مليون عام ، الأربعة آلاف سنة ؟! متى نصل إلى المرأة المسلسلة ؟ مجرة تبعد عنا مليوني سنة ضوئية ، متى نصل إلى أحدث نجم اكتشف حديثاً يبعد مسافة تقدر بأربع و عشرين ألف مليون سنة ضوئية ، الآن نقرأ القرآن الكريم :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
لذلك :
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
العلماء وحدهم ولا أحد سواهم يخشى الله ، لكن بالآية كلمة لو قرآها عالم فلك لخرّ ساجداً لله عز وجل ، كلمة مواقع ، كان النجم كان هنا طلق ضوء ، بقي الضوء يمشي في الفضاء الخارجي أربع و عشرين ألف مليون سنة ، النجم كان هنا أطلق الضوء ، الضوء سرعته ثلاثمئة ألف كم بالثانية ، بقي يمشي أربع و عشرين ألف مليون سنة ، والنجم سرعته 240 ألف كم ، أي هنا الآن ؟ أطلق الضوء وتابع سيره ، هذا المكان ليس نجماً ، هذا المكان موقع النجم ، لو الله قال افترضاً فلا أقسم بالمسافات بين النجوم ليس قرآناً ، الآية
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
آيات الإعجاز العلمي في القرآن والسنة تخبر أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن .
2 ـ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ :
أيها الأخوة الشباب ، والشابات ، ريح الجنة في الشباب ، ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ، وشابة تائبة طبعاً ، إن الله ليباهي الملائكة بالشاب المؤمن والشابة المؤمنة ، يقول انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي .
أيها الأخوة ، هذه آية :
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
آية ثانية ، بين الأرض والشمس 156 مليون كم يقطعها الضوء في ثماني دقائق الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة ، يعني جوف الشمس يتسع لمليون وثلاثمئة ألف أرض ، الآن السؤال : الله عز وجل يقول :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾
الأرض في دورتها حول الشمس تمر باثني عشر برجاً ، أحد هذه الأبراج برج العقرب ، يوجد بهذا البرج نجم صغير اسمه قلب العقرب ، الآن استعدوا للصدمة ، هذا النجم الصغير الأحمر المتألق ، الذي اسمه قلب العقرب ، يتسع للأرض والشمس مع المسافة بينهما أهذا الإله العظيم ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟.
إلى متى أنت باللذات مشغول وعن كل مـا قدمت مسؤول
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته إن المحب لمـن يحب يطيع
* * *
3 ـ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ :
أيها الأخوة ، الكون لقطتان ، لقطة ثالثة ، هذا العالم الكبير الفيزيائي أنشتاين الذي ملأت سيرته الآفاق ، والذي اكتشف أن الكون محدب ، الخطوط في الكون منحنية كلها والذي كشف سرعة الضوء ثلاثمئة ألف كيلو متر بالثانية ، هذا العالم الذي جاء بالنسبية أي أن الجسم إذا سار مع الضوء أصبح ضوءاً ، إذا سبق الضوء تراجع الزمن ، افتراضاً لو ركبنا مركبة أسرع من الضوء لرأينا موقعة بدر ، وأُحد ، والخندق ، واليرموك ، والقادسية ، هذا العالم أنشتاين نظريته العملاقة التي غيرت مفهومات الفيزياء والكيمياء بالعالم مدرجة بسطر بالقرآن الكريم ، الموضوع ثمانون صفحة ، عُرض في مؤتمر الإعجاز العلمي الخامس الذي عُقد في موسكو ، أنا كنت مندوب سورية بالسادس ببيروت ، الله عز وجل يقول :
﴿ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
العرب تعد السنة القمرية ، والقمر يدور دورة حول الأرض كل شهر ، إذا في طلاب أو طالبات على إلمام بالرياضيات لو أخذنا مركز القمر ومركز الأرض ووصلنا بينهما بخط ، ما هذا الخط ؟ من مركز القمر إلى مركز الأرض ، هذا الخط نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض ، ما طوله ؟ نأخذه من نصف قطر الأرض مضافاً إليه نصف قطر القمر مع المسافة بينهما ، نصف القطر ضرب اثنين القطر ، ضرب 3،14 " البي " ، المحيط ، فنحن بحساب بسيط نعرف نصف القطر ، والقطر والمحيط تماماً ، ضرب 12 بالسنة ، ضرب ألف بألف سنة ، لو حسبنا عدد الكيلو مترات التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ، وقسمناه على ثواني اليوم ستين بستين بأربع وعشرين ، المفاجأة الصاعقة الناتج سرعة الضوء ، يعني ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد ، أنشتاين اكتشف السرعة المطلقة للضوء ثلاثمئة ألف ، أما الناتج السرعة الدقيقة 299752 هذه سرعة الضوء تأتي من حساب المسافة التي يقطعها القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام مقسمة على ثواني اليوم .
الإنسان من آيات الله الدالة على عظمته ودلائل هذه العظمة :
1 ـ العينان :
لو نزلنا إلى بعض آيات ربنا في الإنسان ، الله عز وجل قال :
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
هذه آلات التصوير احترافية ، ورقمية ، و ديجيتل ، فيها بكل مليمتر عشرة آلاف مستقبل ضوئي ، أما العين فيها بالمليمتر مئة مليون مستقبل ضوئي ،
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾
العين البشرية تفرق بين ثمانية ملايين لون ، العين البشرية بالقرنية ، طبقة شفافة شفافية تامة لأن هذه الطبقة تتميز بأنها تتغذى عن طريق الحلول لا الأوعية الدموية ، لو أنها كسائر النسج بالأوعية الدموية لرأينا ضمن شبكة ، لكن دقة صنع الله عز وجل تجعل هذه القرنية شفافة شفافية تامة إلا أن الخلية الأولى تأخذ غذاءها وغذاء جارتها ، ينتقل الغذاء عبر الغشاء الخلوي .
الآن شخص ذهب إلى فلندا ، الحرارة تسع و ستون درجة تحت الصفر ، في بعينه ماء ، لابدّ من تجمد العين ، تضع قبعة هناك ، معطف صوف ، ألبسة صوفية ، جوارب صوفية ، أما العين ينبغي أن تبقى مكشوفة ، معنى مكشوفة تلامس هواء حرارته 69 تحت الصفر ، إذاً كل إنسان عاش هناك يفقد بصره ، الله أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد ، هذه العين .
2 ـ الشم :
الشم : عشرون مليون عصب شمي ، ينتهي كل عصب بسبعة أهداب ، الهدب مطلي بمادة تتفاعل مع الرائحة تتشكل بشكل هندسي تشحن للدماغ ، بالدماغ يوجد الذاكرة الشمية ، هذه الرائحة تعرض على عشرة آلاف بند ، بلمح البصر أين وجد التوافق بين الشكلين تقول يوجد بالأكل نعنع ، يوجد بالأكل كمون .
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
هذا عصب ، تمشي بالطريق ، سيارة أطلقت بوقها ، تأتي نحو اليسار ، ما الذي حدث ؟ هناك أذنان ، دخل الصوت في اليمنى قبل اليسرى ، بتفاضل يساوي واحد على ألف وستمئة و عشرين جزءاً من الثانية ، الجهاز بالدماغ أدرك التفاضل ، فقرر أن السيارة على اليمين يعطي أمراً للأرجل نحو اليسار .
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
* * *
3 ـ اللعاب :
أنت نائم ، غارق بالنوم ، يتجمع اللعاب بفمك ، تذهب رسالة من الفم إلى الدماغ اللعاب كثر ، يأتي أمر من الدماغ وأنت نائم لسان المزمار يغلق القصبة الهوائية يفتح المريء تبلع ريقك .
4 ـ الهيكل العظمي :
وأنت نائم ، الهيكل العظمي ما فوقه من عضلات يضغط على ما تحته من عضلات ، الوزن يضغط ، الأوعية الدموية تضيق لمعتها ، لما تضيق تضعف التروية تذهب رسالة من مراكز الضغط في الدماغ ، لأن هناك أوعية أغلقت ، ماذا نعمل ؟ يأتي أمر من الدماغ إلى الجسم ننقلب ، الله عز وجل قال :
﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾
5 ـ الثقب بين الأذينين :
الطفل ببطن أمه الدورة الدموية مختصرة ، ما في دورة نحو الرئتين لأنه لا يوجد هواء ، الله فتح ثقباً بين الأذينين ، فالدم ينتقل مباشرة ، عند الولادة تأتي جلطة تغلق هذا الثقب لو لم يغلق لما وجد إنسان على سطح الأرض ، يد من ؟ .
6 ـ آلية المص عند الطفل :
الطفل الآن ولد ، تأتي إصبع الممرضة أمام شفتيه يمصها فوراً ، المص آلية معقدة جداً ، يعني إحكام الشفتين حول حلمة الثدي وسحب الهواء ، هل هناك قوة بالأرض تعلم الطفل كيف يمص ثدي أمه ؟ يا بابا الله يرضى عليك ، من أجل أن تعيش ، لا يوجد قوة بالأرض تعلمه يمص ثدي أمه ، العلماء سموا هذا المنعكس منعكس المص ، آلية معقدة جداً ، مزود بها الطفل ، لو لم يوجد منعكس المص ما كان في هذه المحاضرة ، ولا كان في الكويت ، ولا سورية ، ولا العالم .
أنا عندي أحد أخواني بالشام جاءه ابن لا يمص ، مات ، لا أحد يعيش ، لولا منعكس المص .
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
* * *
7 ـ المشيمة و الغشاء العاقل :
المرأة حينما تلد الطفل ينزل الطفل ومعه مشيمة ، قرص لحمي ، بالقرص اللحمي يجتمع دم الأم مع دم الجنين ولا يختلطان ، لو اختلطا لماتت الأم والجنين فوراً ، لو أعطينا إنساناً دم من زمرة أخرى يموت فوراً بانحلال الدم ، هذا القرص اللحمي يجتمع فيه دم الأم مع دم الجنين ولا يختلطان ، بسبب غشاء بينهما ، اسمه الغشاء العاقل ، سماه الأطباء الغشاء العاقل لأنه يقوم بأعمال يعجز عنها العقلاء ، ماذا يفعل ؟
وظيفة الغشاء العاقل :
الغشاء العاقل يأخذ الأوكسجين من دم الأم ، يضعه في دم الجنين ، قام هذا الغشاء بدور جهاز التنفس ، ثم يأخذ السكر من دم الأم ، يضعه في دم الجنين ، قام بدور جهاز الهضم ، ثم يأخذ الأنسولين من البنكرياس يضعه في دم الجنين ، صار عند الجنين ، أوكسجين ، وسكر ، وأنسولين ، يحترقون فيولدون حرارة ، الجنين حرارته 37 ، من أين جاءت ؟ من السكر ، والأوكسجين ، والأنسولين .
الآن الغشاء العاقل يأخذ عوامل مناعة الأم كلها ، جميع الأمراض التي أصيبت بها الجنين محصن منها ، بل لو أن الأم تسممت بمادة سامة السم لا ينتقل للجنين ، هذا الغشاء العاقل يمنع وصول السم إلى دم الجنين .
الآن الأم عندها غذاء بدمها ، هذا الغشاء العاقل يعرف كم يحتاج الجنين كل ساعة من البروتين ، والسكريات ، والشحوم الثلاثية ، كل هذه الحاجات ينقلها الغشاء العاقل إلى الجنين ، يحدث بدم الجنين ما يسمى بالاستقلاب ، فضلاته حمض البول ، الغشاء العاقل يأخذ هذا الحمض من دم الجنين يضعه بدم الأم ، الذي يقوم بأعمال مذهلة ، فإذا كانت الأم لا تأكل طعاماً معيناً ، واحتاج الجنين هذا الطعام فتشتهيها الأم وهي حامل ، شهوة الأم الحامل حاجة الجنين
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
تكليف الإنسان بعبادة الله عز وجل بعد أن زُوِد بمقومات التكليف :
أيها الأخوة :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾
ما كلفنا أن نعبده ، والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية ، ما كلفنا الله أن نعبده إلا وأعطانا مقومات التكليف الكون والعقل ، والفطرة ، والشهوة ، والحرية ، والوقت .