- التربية الإسلامية
- /
- ٠6علم القلوب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من معاني الحكمة الورع :
لا زلنا في الحكمة:
﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾
من معاني الحكمة أن يكون ورعاً, فقد ورد أن:
(( ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعة من مخلط))
الورع هو الذي يبتعد عما يجره إلى معصية, الورع هو الذي يدع هامش أمان بينه وبين المعاصي؛ لأن الله عز وجل يقول:
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:
((الحلالَ بيِّن, والحرام بيِّن))
السرقة و القتل و الزنا أشياء محرمة وهي واضحة كالشمس, يغتصب مالاً حراماً, الغيبة حرام, النميمة حرام, إنسان دخله حلال, طبخ وأكل لا يسألك؛ لأنه لم يعمل شيئاً, يعمل عملاً مشروعاً, وكسبه مشروع, وماله حلال, اشترى طعاماً وأكل هو وأولاده.
ما سمعت في تاريخ الدعوة إنساناً يقول: أستاذ طبخت فاصولياء, هل في عملي شيء؟ لا أحد يسأل؛ لأن العمل حلال.
إنسان تزوج, إنسان فتح محلاً تجارياً, باع مواد غذائية, لم يكذب, لم يغش؛ فالحرام الصرف بين, والحلال الصرف واضح, ولا يختلف فيه اثنان, وليس هناك أية مشكلة, أين المشكلة؟ في الشبهات, شيء من زاوية حلال من زاوية حرام, الورع يقتضي أن تدع هذا الشيء ورعاً.
((الحلالَ بيِّن, والحرام بيِّن, وبينها أمور مشتبهات, لا يعلمهن كثير من الناس))
الأغلبية يشتبه عليه الأمر, حينما قال عليه الصلاة والسلام:
(( لا يعلمهن كثير من الناس))
أي ذلك لا يعلمه إلا قليل من الناس, هؤلاء الذين أكرمهم الله بالعلم.
أعظم الكرامات التي ليس فيها خرق للعادات هي كرامة العلم :
بالمناسبة الحديث عن الكرامات حديث كبير جداًً, الكرامات خرق العادات, العادات تخرق، معجزات الأنبياء يجوز التحدي بها, والعادات, والمألوفات, والقوانين, والسنن, والنظم تخرق للأولياء ككرامات لا ينبغي أن يتحدوا أحداً بها, ولا ينبغي أن يذكروها.
أما أجمل قول قرأته: إنه أعظم الكرامات العلم, لا يوجد به خرق للعادات.
إذا إنسان قال لك: أنا صليت في الكعبة, ورجعت البارحة, لا تعلم ماذا تقول له؟ إن صدقته مشكلة, وإن لم تصدقه مشكلة, يحرجك, ليس معصوماً, أما نبي يمسك العصا, تصبح ثعباناً, طبيعي!! لأن الله عز وجل أيده بها, لو أحداً قال له: أنت كاذب, لست نبياً, الله أيده بمعجزة, ومعنى معجزة يعجز عن فعلها البشر, إلا أن خالق البشر وحده يفعلها؛ فسيدنا عيسى أحيى الميت, سيدنا موسى جعل البحر طريقاً يبساً:
﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾
سيدنا صالح أخرج ناقة من جمل, وكل نبي له معجزة, والنبي -عليه الصلاة والسلام- الكتاب الذي بين أيدينا معجزة مستمرة.
معجزات الأنبياء السابقين كعود الثقاب, تألقت مرة واحدة, وأصبحت خبراً؛ يصدقه من يصدقه, ويكذبه من يكذبه, إلا أن القرآن الكريم معجزة حية بين أيدينا إلى يوم القيامة.
فالكرامات خرق العادات, لكن أعظم هذه الكرامات وليس فيها خرق للعادات هي كرامة العلم، فالإنسان الذي أوتي العلم الصحيح طلبه كسباً.
العلم طريق الإنسان للتفريق بين الحلال و الحرام :
عندك يقين كسبي بالأصول: إنما العلم بالتعلم, وإنما الحلم بالتحلم, وإنما الكرم بالتكرم.
وعندنا يقين إشراقي, هذا يأتي من قبل الله عز وجل, لكنه منضبط بالشريعة.
على كلٍّ؛ هذا العلم يكفيك أن تفرق بين الحق والباطل.
شخص أحب أن يشتري بيتاً جيداً, معه ثلاثة ملايين, والبيت سعره أربعة ملايين, جاء استقرض من إنسان مليوناً, قال له: أنا لا أقرض، أدخل شريكاً في البيت, قال له: حسناً, أدخله بالمليون شريكاً, كتب له الربع للمقرض, مالك البيت الأصلي له ثلاثة أرباع البيت, قال له: أريد أجرة من ثمنه بشرط ألا ينقص المليون قرشاً, وعندما يصبح معك تعطيني مليوناً, دخلنا في الشبهة, عندما ضمن له المليون صار ربا, هو في الظاهر اشترى معه كشريك وأجره, أنا لي ربع البيت من حقي أن آخذ أجرة, هذه عملية ربا كاملة, لكن تفوت على الناس, هذه شبهة, لأن ظاهرها مشاركة في الشراء, بيت وأجرة، أما حينما ضمن له المبلغ صار قرضاً, وهذه الأجرة فائدة, وكل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا, أما إذا قال له: بعد سنة, سنتين, ثلاثة, البيت نقيّمه في السوق, ما قيمته لي الربع, وأريد أجرة, يأخذها حلالاً تماماً.
هناك آلاف الحالات, تشبه الحلال من جهة, وهي حرام, هذه شبهة.
على كلٍّ هذه الشبهات لا يعلمها كثير من الناس, لكن القلة القليلة يعلمونها.
من أراد أن يعرف الله فليبحث عن إنسان يعرف الله عز وجل :
الله عز وجل قال آيتين:
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾
وقال:
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
إن أردت أن تعرف الله فابحث عن إنسان يعرف الله عز وجل, اسأله: لماذا يسوق الله المصائب للناس؟ لماذا توجد الزلازل؟ لماذا المسلمون متخلفون؟ لماذا الكفار أقوياء؟ لماذا هناك أمراض؟ لماذا هناك فقر؟ لماذا لا توجد أمطار؟ هذا شيء متعلق بالله عز وجل, العارف بالله عز وجل آتاه الحكمة, لكن؛ إذا كان هناك قضية متعلقة بالفقه اسأل فقيهاً, قضية متعلقة بالدنيا اسأل خبيراً:
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
إن كنت لا تعلم فاسأل.
مرة أحد أخواننا في ضائقة مالية جداً, وعليه ديون, يكاد يسحق, جاءه عرض ألف بيت مصحف, والمبلغ جيد, والربح جيد جداً, قال: لأن العرض جاءه من نصراني, قال: حرام, من قال لك حرام!؟
إذا شخص غير مسلم قال لك: أريد ألف بيت مصحف, -يبدو أن هذا الشيء مطلوب-, لا يوجد فيه أي شبهة.
فأحياناً الإنسان من جهله يدع الحلال, ومن جهله يرتكب الحرام, ومن جهل معظم الناس يقعون في الشبهات.
الجهل يوقع الإنسان في الشبهة :
الآن: كم من مسلم في هذا البلد مستثمر أمواله بربح ثابت؟ بالألوف, بمئات الألوف, كله حرام, إذا كان الربح ثابتاً فهذا ربا, أخي! أنا لا أدخل في حساباته يحرجني, أنا لي على المئة ألف ألفان في الشهر، ولا يحب أن يدخل بمتاهات مع الناس، هذا ربا، وعلى هذا فقس مئات الحالات, آلاف الحالات، فالورع أن تدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس.
الإمام الغزالي بالإحياء عمل أربع مراتب للورع؛ أول مرتبة ورع الفتوى: قال لك إنسان: هذه حرام, حرام, وهناك ورع من نوع أرقى إذا كان هناك شيء هو في الأساس حلال لكن ممكن أن يقود إلى حرام فدعه, وهناك مستوى أرقى و مستوى أرقى وأرقى".
لذلك:
(( ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعة من مخلط))
(( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ))
الورع يقتضي من الإنسان أن يبتعد عن كل شبهة :
أيها الأخوة, تصور أنت موظف في دائرة, والمدير العام خصك بسيارة كبيرة, وجديدة, وغالية, ومع بنزينها, وسائقها, والمدير العام له خصم في الدائرة, إذاً أنت ليس لك مصلحة أن تسلم عليه, وليس لك مصلحة أن تزوره, وليس لك مصلحة أن تقدم له أي شيء, تخاف على مكانتك عند المدير العام؛ لأنه أعطاك سيارة, مع بنزينها, وسائقها.
مثلاً: انظر في الحياة اليومية, الموظف هذا لحفاظه على مكانته عند مدير الدائرة, ولحفاظه على مكتسباته من مدير الدائرة, يبتعد عن الشبهات, يبتعد عن شخص لو زاره والخبر وصل للمدير العام, يتألم. فالإنسان لمصالحه المادية يبتعد عن الشبهات.
صدر قانون من فترة: "ممنوع التداول بالدولار, أو العملات الصعبة, مسموح الحيازة", هل هناك مواطن يقول لمسؤول: أنا معي عشرون ألفاً لكن حيازة ليس تداولاً؟ لا تتكلم ولا كلمة كي لا يفهمونك خطأ, أيضاً أبعد عن الشبهات في أمور القوانين.
أناس كثيرون يبعدون عن الشبهات, لا تقل: فرد, قل: مِثقب, سوف يستورد فرد تثقيب, إن قال فرداً سيفهم شيئاً ثانياً، اكتب مثقب لا تكتب فرداً, شخص كتب فرداً, فصار له متاعب كثيرة فنبه الناس: اكتب مثقب.
فأنت مع مسؤول, مع شخص قوي, تبتعد عن الشبهات كلها, فكيف مع خالق الأكوان!؟ الورع يقتضي أن تبتعد عن كل شبهة لكن هذا يحتاج إلى جهد؛ لأن الله عز وجل قال:
﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ﴾
أنت ترجو الله, ترجو الآخرة - الجنة- ترجو حياة أبدية سعيدة, هذه الحياة ألا تقتضي أن تدع الشبهات!؟
هناك قضايا فيها فتوى, لعلها فتوى ضعيفة؛ ابحث عن جمهور العلماء, ابحث عما اتفق عليه العلماء, ولا تبحث عن فتوى شاذة.
أنا أقول: أحياناً الموضوع خلافي, وهناك فتوى ضعيفة.
الفتوى و التقوى :
ورد عند الفقهاء أن إسقاط الجنين ممكن قبل مضي أربعين يوماً على حمله بفتوى ضعيفة, على أساس أن الحياة تبدأ في الجنين بعد أربعين يوماً, لو تعمقت تجد أن الحياة تبدأ بالتلقيح, هذه النطفة خلية حية, ولما لقحت البويضة، البويضة ملقحة فيها حياة خلوية, فإسقاط الجنين فيه شبهة, وفيه مشكلة, وإذا اعتبرت الحياة هي حركة, فهذا موضوع ثان.
أنا أقول: هناك فتوى ضعيفة لكن الأولى أن تبتعد عنها, فالمؤمن يا أخوان يبتعد عن الشبهات, لينجو بدينه، قال عليه الصلاة والسلام:
((إنّ الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينها أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرْضهِ، ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ))
الشيء الثاني: يقول لك: هل يوجد فتوى؟ نحن نريد فتوى وتقوى, إنسان ذهب إلى فرنسا, قال: أنا أريد أن أبقى أربع سنوات بلا زوجة!! أتزوج ولما أسافر أطلق, ذهب إلى مركز إسلامي, اختار واحدة, قالت له: بألفين, صار هناك عقد شرعي مئة في المئة؛ إيجاب وقبول, وشاهدان, ومهر, وهذا العقد في الأرض شرعي, ليس له مأخذ, لكن نيته توقيت.
فعند بعض الأئمة: من نوى التوقيت فهو زان.
الزواج على التأبيد, يمكن أن تتزوج وتطلق, لكن الطلاق أصبح طارئاً, هناك حقيقة لا تعلمها, فلما كشفت لك طلقتها هذا ممكن, أما حينما عقد العقد, فعقد الزواج على التأبيد لا على التوقيت.
الآن: عندنا حالة؛ حالة الفتوى والتقوى، هو عند الناس متزوج ولا شيء عليه, أما عند الله فزان؛ لأنه أراد التوقيت.
فأحياناً تجد فتوى لكل ما تريد, وأنا أطمئن المسلم أية معصية مهما بدت كبيرة فيها فتوى؛ إن كنت تبحث عن الفتوى فالفتوى موجودة, أما إن كنت تبحث عن التقوى فينبغي أن تبتعد عنها.
كل إنسان عنده مفتي صغير هو قلبه :
الآن: هناك فتوى بالربا الصريح، أن تذهب إلى بنك, وأن تودع أموالك فيه, وأن تتقاضى فائدة بشكل ربوي صارخ, وهناك فتوى لشيخ الأزهر بمصر هي:" ليست فوائد, ولكنها عوائد"، أنت أودعت مالك أمانة بمصرف, والمصرف كان لطيفاً جداً, أحب أن يعمل لك مكافأة, سماها عوائد, وأذكر أنه وضع في البنك في اليوم الثاني ثلاثة وثمانون ملياراً, و لكن سبعة وعشرين عالماً ردوا عليه.
إذا كنت تريد فتوى فبكل معصية فتوى, أنا أنصحك أن تبحث عن التقوى؛ لأنه:
((استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك ))
وكل إنسان عنده مفتي صغير هو قلبه, والنبي الكريم أعطاك مقياساً مذهلاً, قال:
((البر ما اطمأنت إليه النفس ))
(( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ))
كنت في أمريكا, السؤال الذي سئلته كل يوم مرتين أو ثلاثة خلال شهر, خرجت من جلدي, السؤال: يأتي إنسان هناك بيت سعره مئة ألف دولار, عندما يأخذ البيت تقسيطاً، يصبح بثلاثمئة ألف دولار, أي عندما يأخذ بيتاً بالتقسيط ضرائبه تنزل إلى رقم قليل جداً, لأن عليه ديناً, قسط البيت أقل من أجرته, وفوق ذلك معفى من الضرائب, لو استأجر البيت أجرته أعلى من قسطه, والضرائب تزيد, معنى هذا أن المستأجر غني.
فتجد أن أكثر الجاليات متورطون بشراء البيت بتقسيط فاحش, أي يصبح ثمن البيت ثلاثة أضعاف الثمن تقريباً، أي البيت ثمنه مئة ألف إذا اشتراه الإنسان نقداً, أما إن اشتراه بالتقسيط فيقدر سعره بثلاثمئة ألف دولار, وعلى مدى ثلاثين سنة، تجد يسألك: لماذا سأل؟ لأنه متضايق, لماذا عندما يأكل فاصولياء ورز هو وزوجته وماله حلال لم يسألك؟ لأنه واضح مثل الشمس, لم يعمل شيئاً, أما الإنسان إذا عمل شبهة فيتضايق.
البر و الإثم :
النبي قال:
((البر ما اطمأنت إليه النفس ))
(( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ))
ما دام متضايقاً يسأل, يقول لك: والله ذهبت لبيروت, أوصاني شخص على زيت, حلال أن أربح عليه؟ لا, ليس حلالاً, أنت لست تاجر زيت.
لو فرضنا, إنسان ذهب إلى عفرين, ائت لنا بتنكة زيت, لا يستطيع أن يضيف ولا قرشاً, أما لو كان صديقك تاجر زيت, وأنت اشتريت منه كتاجر زيت, فتستطيع أن تربح عليه.
أنت قلت لشخص يعمل بالزيت: نريد منك تنكة زيت, فأعطاك تنكة, سافر, وضع حمولة؛ هذا اختصاصه, عمله, مصلحته, يمكن أن يأخذ منك ربحاً, أما إنسان ليس له علاقة بالزيت, سخرته بتنكة, أنت مؤتمن, فلا تستطيع أن تضيف أي قرش.
مثلاً: شخص يبيع قطعاً, جاء صانع, قال لك: أعطني صحن دبرياج, الزبون -صاحب السيارة- غشيم, سعره في السوق ألف ليرة, قلت له: الفاتورة بألف ومئة, هذه المئة لك, لا يجوز؛ لأنه أضاف مبلغاً على السعر الطبيعي, أما إذا أنت أعطيته إكرامية, فلا يوجد مشكلة, هذا في السوق بألف, لو ذهبت إلى كل المحلات ثمنه ألف ليرة.
مثلاً: لو أنه مسعر بألف, وأنا أحببت إكرام الصانع بخمسين ليرة من ربحي لا يوجد مشكلة.
هناك قضايا كثيرة, تنشأ عندنا مشكلة شخص اشترى شيئاً, واشترط عليك أريد بالمئة واحد, اكتب بالفاتورة كذا, هذا حرام، أما أنت أكرمته من عندك, من ربحك, فلا يوجد مشكلة.
يا أخوان, إذا لم يعلم يسأل, هذا الذي امتنع عن شغل المصاحف, هذا ورع غير معقول, وعندنا بالمناسبة: ورع وسوسة.
أنواع الورع :
الإمام الغزالي ذكر في كتاب الإحياء, شخص صاد سمكة هو في أمس الحاجة إليها, وجائع, خطر في باله خاطر, لعل شخص صادها قبلي, وتملكها, ثم سقطت منه سهواً في البحر, معنى هذا لم تعد ملكي, هذه اغتصاب, هذه سماها الغزالي: (ورع وسوسة), وهناك أنماط كثيرة.
يدخل أخي يجوز أن أشتري كنزة من عمل الانكليز؟ قلت له: يجوز, قال لي: أليس حراماً؟ هؤلاء الكفار الذين عملوا الكنزة نحن نعاونهم؟ قلت له: اخلعها, وارمها في سلة المهملات.
هناك ورع وسوسة, هذا غير مطلوب, وهناك ورع حقيقي, وهناك قلة ورع.
إذا الإنسان مثلاً أحبّ أن يأخذ من كل مذهب قليلاً, يجمعهم كلهم, انظروا لي؛ أين لا توجد زكاة في الحلي؟ أين يوجد كذا؟ أين يوجد كذا؟ تصيد الرخص في كل المذاهب, وقع في شبهة التلفيق والوهن في الدين.
على كلٍّّ؛ الإنسان يسأل, ولا تظن كل سؤال له جواب, هناك حالات الآن, تشعر أنك تحتاج إلى مجمع فقهي لكل بلد، مليون علاقة؛ شيء ربوي, وشيء غير صحيح, وشيء فيه شبهات.
هات خمسمئة ألف, وخذ البيت, اسكن فيه, وبدون مقابل, ربا, وعندما يخرج من البيت, خذ خمسمئة ألف, أنت لماذا أسكنك في البيت؟ مقابل القرض, أنت قبلت مقابل القرض.
أحياناً يقول لك: أجّره سيارة, يريد أن يرجعها مثلما استلمها؛ الدواليب, والمحرك... كله كامل, أنت لما ضمنت, لا ضمان, ولا آجار, هي تستهلك, أنت مقابل أي شيء أجرتها؟ مقابل أنها ممكن أن تستهلك, أيضاً فيها شبهة؛ أما إذا كان هناك شيء من التقصير أدفعه, عدوان أدفعه, البطارية احترقت أدفعه, أما اهتراء الدواليب مثلاً, اهتراء عمر المحرك فشيء طبيعي؛ إذا المكابح عليه, والمحرك عليه, والدواليب عليه, ولم تترك شيئاً إلا وتركته عليه, وأنت ضمنت, صار هناك ضمان وآجار, لا يجتمعون سوية.
شريك وموظف عليها إشكال, أنا آتي بموظف, أعمل له نسبة بعقد واحد, لا يجوز, أساسه موظف, أحببت أن تشجعه شفهياً, أو بعقد آخر, ممكن, أما بأصل العقد شريك وموظف, فلا يعملون سوية, وعلى هذا فقس.
على كلٍّ؛ الحكمة ورع:
﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾