- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (052)سورة الطور
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
قسم الله عز وجل يدل على أن المقسم به شيءٌ عظيم:
أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس الأول من سورة الطور.
﴿ وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)﴾
هذه الصيغة صيغة قسم:
الله جلّ جلاله هو العظيم، ولا عظيم سواه، أما إذا جاءت واو القسم مع كلمات في فواتح السور فهذه الكلمات تعني أنها أشياء يجب أن نفكر فيها.
معنى الطور:
1 ـ الجبل:
الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَالطُّورِ﴾ والطور في أصل اللغة الجبل الأخضر، الجبل المشجر، إما أنه آية من آيات الله الدالة على عظمته، أو أنه الجبل الذي كلم الله موسى عليه السلام عنده، إما أنه آية كونية، وإما أنه مكان مقدس.
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2)﴾
الهدف من وجود الجبال:
نحن مخيرون بين أن نفهم الطور كآية كونية دالة على عظمة الله، والجبلُ من الآيات التي أشار القرآن إليها، هذا الجبل الذي نراه بأعيننا ثلثه فوق الأرض، وثلثاه تحت الأرض، وهذه الجبال تارة أوتاد، وتارة رواسٍ، وتارة مستودعات للمياه، وتارة تزيد مساحة الأرض، وتلطف الجو، هناك أهداف كثيرة جداً، وحكم بالغة من خلق الجبال لا يعلمها إلا الله، ويعلم بعضها المتخصصون، أوتاد تربط طبقات الأرض بعضها ببعض، ورواسٍ تعين على ثبات حركة الأرض، لأن الأرض من دون هذه الجبال تضطرب في دورانها، جعلها رواسيَ، تجعل دورانها مستقراً، والجبال مستودعات ضخمة للمياه، فالأنهار التي تزيد كثافتها عن ثلاثمئة ألف متر مكعب في الثانية أين مستودعاتها؟ فالجبال مستودعات، والجبال أوتاد، والجبال رواسٍ، والجبال تلطف الأجواء في الأرض، الجبل متنفس بالصيف، والجبل يزيد مساحة الأرض، والجبل يعد مَصَداً للرياح، فهناك أهداف كبيرة من الجبال، مناخات الأرض تتحدد بحسب الجبال، اذهب إلى الشمال تجد في حمص رياحاً عاتية تنفذ إليها من فتحة نحو البحر، أما قبل حمص وبعد حمص فهناك سلاسل جبلية تمنع حركة الهواء الحادة إلى الداخل، فحكم خلق الجبال لا يعلمها إلا الله، ولكن الجبل يُعد آية من آيات الله الدالة على عظمته.
الجبال من آيات الله الدالة على عظمته:
هذه الكتلة من الصخور، أحياناً ترى مقالع أحجار من الجبال منذ خمسين عاماً، ولم يتأثر شكل الجبل، فكم في هذا الجبل من صخور! كم فيه من رمال! كم فيه من كتل لا يعلم حجمها إلا الله عز وجل!
2 ـ المكان المقدس:
أما إذا أخذناه مكاناً مقدساً، كلم الله عنده موسى عليه السلام، فهذا معنى آخر، من آيات الله الدالة على عظمته أيضاً أنه أوحى إلى أنبيائه، أنه لم يدع الناس بلا رسالة، لم يدعهم بلا تنبيه، بلا إرشاد، بلا تحذير، بلا توضيح، من رحمة الله عز وجل أنه خلق الخلق وأرشدهم إليه، كما يُشق الطريق وتوضع العلامات، هنا منزلق خطر، هنا منعطف حاد، هنا جسر، هنا طريق رئيسي، هنا تقاطع خطر، هذه الإشارات بعد شقّ الطرقات مفيدة جداً، فالله سبحانه وتعالى خلق الأرض ونوّرها، نوّرها بالوحي، فأنت تعلم لماذا أنت مخلوق، ما الهدف من وجودك؟ ماذا بعد الموت؟ لماذا المرض؟ لماذا الخوف؟ لماذا الفقر؟ لماذا الدنيا قصيرة؟ لماذا الآخرة أبدية؟ فالله سبحانه وتعالى نوّر الأرض بالوحي، وضّح لعباده سرّ وجودهم وغاية وجودهم، فكأن الجبل يدل على الله، لكن الوحي يدلنا على طريقة عبادته، بالجبل نتعرف إليه، وبالوحي نتعرف إلى منهجه، بالجبل نعرفه وبالوحي نطيعه، بالجبل نعرفه وبالوحي نعبده، فإذا أردت الجبل كآية تدل على عظمته، وإن أردت الجبل كمكان مقدس عنده كلّم اللهُ موسى تكليماً، معنى ذلك أن رحمة الله عز وجل تقتضي أن يُنزل على أنبيائه كتباً، وأن يوحي إلى صفوة خلقه، وأن يبلِّغهم ماذا ينبغي أن يبلغوه للناس.
لا يوجد أب في قلبه ذرة رحمة إلا ويملأ أذن ابنه نصائح، وتوجيهات، وتحذيرات، وبيانًا، وتفصيلاً، وإعلاماً، وتحذيراً، وتبشيراً، فالأب الكامل فضلاً عن أنه هيأ لابنه بيتاً، وغرفةً، ومدرساً، وأعطاه مالاً، وأعطاه كل حاجاته، أهم من كل هذا توجيهات الأب، نصح الأب، تعليم الأب، هذا أهم من الأشياء المادية.
الجبل رمز لمعرفة الله أو عبادته:
الجبل إما أنه آية تدل على عظمة الله، وإما أنه مكان يشير إلى نزول الوحي من السماء، إلى أن الخالق العظيم لا يدع خلقه بلا أمرٍ ولا نهي، بلا بيانٍ، بلا تحذيرٍ، بلا تبشيرٍ، بلا تعريفٍ، القرآن الكريم يدور كله حول ماذا؟ حول التعريف بخالق هذا الكون؛ إنه موجود، وهو واحد لا شريك له، وهو كامل، التعريف بقصص الأنبياء السابقين، التعريف بالمنهج التفصيلي، التعريف بمصير البشرية، بحال الإنسان بعد الموت، فبالكون نعرفه وبالشرع نعبده، والجبل رمز إلى معرفة الله أو إلى عبادته، إذا قلنا: الجبل الأخضر آية دالة على عظمة الله، إذا قلنا: مكان مخاطبة الله عز وجل لسيدنا موسى دليل الوحي، وأن الله لرحمته بخلقه، وحرصه على هداهم، والأخذ بيدهم إلى سعادة الدارين، أوحى إلى أنبيائه ليبلغوا الناس.
وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ: للكتاب عدة معان:
منهج الله لعباده في الأرض:
على كل هناك طور، وهناك:
﴿
وفي آية ثانية يقول:
﴿
كأن الكون كله في كفة، وكتاب الله في كفة، كما أنه خلق أوحى، خلق وأرشد، خلق ونوّر، خلق وبيّن، خلق ووضّح.
الكتاب هو المصدر الأول في الدين الإسلامي:
الله سبحانه وتعالى قال:
(( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. ))
خير جهاد تجاهده أن تتعلّمه وأن تعلِّمه، والدليل:
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ
القرآن، منهج خالق السماوات والأرض، كل كلمة قاعدة، كل حرف نظام، أحياناً الحركة لها معنى، الحرف له معنى في كتاب الله، هذا ليس كلام بشر، فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه، هذا هو الكتاب المقرر، طالب على مشارف الامتحان، والامتحان تخرج، والشهادة عليا، ويُعلق هذا الطالب على تخرجه آمالاً عظاماً، وبقي للامتحان ساعات، أيقرأ غير الكتاب المقرر؟ يكون أحمق عندئذٍ، هناك ألفُ كتاب وكتاب، ما يُطبع في اليوم من كتب في العالم لا يمكن أن تقرأه في مئة عام، ما يُطبع في اليوم من كتب في القارات الخمس لا يمكن أن يقرأه إنسان في مئة عام، لا يعمل إلا القراءة، هذه كلها كتب كتبها أشخاص فيها الخطأ والصواب، فيها الحقائق والأوهام، فيها الحق والباطل.
القرآن الكريم كتاب محكم من عند الخالق:
لكن الكتاب الذي لا باطل فيه، ولا وهم فيه، ولا ظن فيه، كله محكم من عند الله عز وجل:
﴿ الر
هو كلام الله، هذا كتابنا المقرر، يجب أن نقرأه صباحاً ومساء، ليلاً ونهاراً، يجب أن نفهم أبعاده، مراميه، مُحكمه، مُتشابهه، ناسخه ومنسوخه، حلاله وحرامه، أمره ونهيه، وعده ووعيده، غيبه الماضي، غيبه الحاضر، غيبه المستقبل، هذا كتابنا المقرر، كلام الله عز وجل، والله لا أعجب إلا من إنسان قرأ كلام الله ثم استهواه شيء آخر، لك أن تقرأ أي شيء، ما دام هذا الشيء يقربك من كتاب الله، لك أن تقرأ بحثاً علمياً يوضح لك آية كونية، لك أن تقرأ بحثاً فقهياَ يوضح لك آية فقهية في كتاب الله، تقرأ له ومن أجله، ومن أجل معرفته.
الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ هو:
1 ـ الكعبة المشرفة:
2 ـ بيت على سمت الكعبة في السماء:
ورد في بعض الأحاديث أن البيت المعمور هو بيت على سمت الكعبة في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك.
3 ـ الأرض:
وقالوا: البيت المعمور هي الأرض لأن فيها كل شيء، كل حاجات الإنسان في الأرض موجودة.
4 ـ الحرم المكي الذي نزل فيه جبريل على سيدنا محمد:
لك أن تفهم البيت المعمور هذا البيت المقدس الذي نزل فيه الوحي، كيف أن الطور هو الجبل الذي كلم الله فيه موسى تكليماً، وكأن هذا المكان المقدس إشارة إلى هذا الوحي العظيم، كذلك البيت المعمور هو الكعبة المشرفة، أو الحرم المكي الذي نزل فيه جبريل الأمين على قلب سيدنا محمد سيد المرسلين بهذا القرآن العظيم، هذا هو البيت المعمور، إما أنه بيت تدخله الملائكة في السماء ليعبدوا الله فيه، وقد ورد هذا في بعض الأحاديث، وإما أنه بيت الله الحرام يؤمُّه الحجاج، معمور بالحجاج، وإما أنه مطلق الأرض، لأن فيها كل شيء،
السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ هو السماء التي خلقها تعالى:
لا زلنا في مفردات القسم:
﴿
ورد في تفسير هذه الكلمة بأنها هي السماء، السماء بناء، إذا كان بالسماء مليون مليون مجرة، وفي المجرة الواحدة مليون مليون كوكب ونجم، وهذه الكواكب والنجوم كلها في حركة دائمة، في مسار مغلق حول بعضها بعضاً، أحجامها متفاوتة، مساراتها متفاوتة، جاذبيتها متفاوتة، كتلها متفاوتة، أبعادها متفاوتة، ومع ذلك هناك استقرار عام؛ التوازن الحركي، الحركة المتوازنة، هي استقرار، دليل علم الله عز وجل:
السماء من آيات الله الدالة على عظمته:
أليست السماء آية؟ انظر إلى السماء وهي زرقاء اللون، صافية في النهار، متلألئة في الليل، من بناها؟
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾
فالسماء أيضاً من الآيات الدالة على عظمة الله، لو توقفت حركة النجوم لأصبح الكون كله كتلة واحدة، انجذب إلى بعضه، هناك نظام تجاذب عجيب، لكن حركات النجوم كلها تَخلق -إن صح التعبير-حركة نابذة قوة نابذة تكافئ القوى الجاذبة، القضية في منتهى الروعة؛ أن القوى الجاذبة تعادلها قوى نابذة فالمحصلة استقرار.
الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ: المسجور إما الممتلئ أو المشتعل:
البحار يوم القيامة تصبح لهيباً لا ينطفئ:
لو الله عز وجل أشار يوم القيامة أجرى تعديلاً طفيفاً لأصبحت البحار كلها لهيباً لا ينطفئ، نحن إذا احترق بئر نفط يقول لك: صار لنا خمسون يوماً أو أربعة أشهر وهو مشتعل، وتأتي دول من أقصى الدنيا، مع خبرات عالية جداً، مع تكنولوجيا تفوق حد الخيال لإطفاء البئر بعد شهر أو شهرين مثلاً، فكيف لو اشتعلت البحار؟
البحر آية من آيات الله الدالة على عظمته:
لا زلنا في القَسم:
أنثى الحوت تُرضع وليدها ثلاثمئة كيلو، ثلاثمئة كيلو في الرضعة الواحدة، ثلاث رضعات تعادل طناً حليباً، إذا جاع الحوت وأراد أن يأكل يفتح فمه ويسير فيلتقم أربعة أطنان من الأسماك، أي شطيرة قبل الطعام، أحياناً الحوت يجر سفينة، فقد جرّ مرة سفينةً 48 ساعة وهي تُعمل محركاتها بعكس اتجاه الحوت، من حيوان عملاق إلى أسماك زينة رائعة جداً، بعضها شفاف، بعضها فسفوري، في البحر أشياء لا يعلمها إلا الله، القنديل نوع من كائنات البحر الحية، المرجان، الأصداف، المحار، اللؤلؤ، هذا اللؤلؤ هو المحار حيوان، إذا شعر أن في داخله جسماً غريباَ ولو أنها ذرة رمل، أفرز عليها مادة كلسية فسفورية، إلى أن تصبح لؤلؤة، اللؤلؤ وسيلة من وسائل دفاع هذا الحيوان عن نفسه، اللؤلؤ وُجِد من أجل الإنسان، أي الكائنات البحرية شيء لا يوصف.
محاسبة الله للإنسان يوم القيامة:
قرأت مقالة عنها يوماً فإذا هي تزيد عن مليون نوع، هذا:
و:
الإنسان مسؤول عن كل عمل يقوم به:
أي هذا الذي خلق الكون لن يحاسبك؟
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)﴾
هذا الذي خلق الكون لن يسألك أبداً؟
﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8)﴾
الذي خلق العينين لا يبصر؟
﴿ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16)﴾
على الإنسان أن يحاسب نفسه حساباً عسيراً قبل لقاء ربه:
الإنسان مسؤول، الذي خلق الكون سيسأله، وسيحاسبه، عن ماله من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ عن شبابه فيمَ أبلاه؟ عن عمره فيم أفناه؟
(( عَنْ أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾
إخواننا الكرام؛ أحيانًا نقرأ الآيات لا نعيشها، لما ربنا عز وجل يقول:
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾
هذا كلام مَن؟ كلام خالقنا، كلام رب العالمين:
العاجز من يتعامل مع الله بالتمنيات:
لذلك يجب أن نحاسب أنفسنا حساباً عسيراً، حتى يكون حسابنا يوم القيامة يسيراً، انظر إلى قول النبي:
(( عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
الكيس أي العاقل، من دان نفسه-ضبط، ضبط بيته، ضبط عمله، ضبط دخله، ضبط إنفاقه، ضبط جوارحه-من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، هذا عاجز، أحمق، هذا الذي يتعامل مع الله بالتمنيات، التمنيات بضائع الحمقى.
نفي الظلم عن الله عز وجل:
﴿
لم يقل سبحانه: وسعى لها، لو قال: وسعى لها، لكان أيُّ سعي مقبولاً، قال:
﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
هذه قواعد الدين الكبرى.
الإنسان يوم القيامة يأتي ربه فرداً:
﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)﴾
بالأرض يصدر حكم قضائي لا ينفَّذ أحياناً، يكون المحكوم قوياً، أحياناً هناك من يدافع عنك، هناك من يخلصك، هناك من يشفع لك، هناك من يُجمد هذا الحكم، هناك من يطوي هذه الضريبة، هذا في الدنيا، أما عند الله عز وجل:
العمل الصالح ثمن الجنة:
هذا جواب القسم يا أيّها الإخوة، أحياناً تجد عظمة بالكون، هذه العظمة هل تعني أن الإنسان مخلوق سدى؟ الإنسان حتى ينضج في الأربعين، ثم يموت في الستين وسطياً، بين نضجه وبين موته ثلث حياته فقط، لولا الآخرة الحياة غير معقولة، لولا أن الله سبحانه وتعالى خلقنا لجنَّة عرضها السماوات والأرض، ونحن في دار إعداد، في دارٍ دنيا هي إعدٌاد لدارٍ عليا، لولا هذا المعنى الحياة ليس لها معنى إطلاقاً، لذلك الإنسان من دون دين في ضياع، هناك عنده ألف سؤال وسؤال بلا جواب، هذا يسبب لامبالاة، سؤال بلا جواب، سؤال بلا جواب، سؤال بلا جواب، يجعل الإنسان في ضياع، في تيه، ثم ينتقل هذا إلى وضع اسمه: اللامبالاة، ليس عنده جواب، لكن ربنا عز وجل بيّن قال: هذه حياة إعدادية لحياة أبدية، العمل الصالح هو ثمن الجنة، قال سبحانه:
﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ
نظام الدنيا نظام عمل ونظام الآخرة نظام إكرام:
نظام الحياة الدنيا نظام كدح، لكن نظام الحياة الآخرة نظام إكرام.
﴿
هنا:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)﴾
في الدنيا:
﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)﴾
أما في الآخرة:
﴿ فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42)﴾
أيُّ خاطر يأتي مخيلتك ترَاه أمامك، هذا منتهى الإكرام.
النية خلف أي عمل يقوم به الإنسان:
لذلك:
عذاب الله يكون عند اضطراب السماوات والأرض:
﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)﴾
تنظر إلى السماء الآن فتجدها وديعة، في ليل صيف مقمر، أو في ليلة غير مقمرة، تتلألأ النجوم، تتألق، لكن ما قولك لو رأيت النجوم تتهاوى ويصطدم بعضها ببعض؟ وأصوات لا تحتمل، أحياناً صوت الرعد يُصم الآذان، صواعق مخيفة جداً، هذا اليوم يوم القيامة:
﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (10)﴾
الجبال تمشي، جبل بأكمله يمشي وكأنه ريشة في مهب الريح.
الدنيا دار عمل وكد والآخرة دار جزاء:
﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)﴾
نحن في الدنيا في بحبوحة كالطلاب في العام الدراسي، كلهم يرتدي ثياباً، ويأتي إلى المدرسة، بعضهم يدرس، بعضهم لا يدرس، بعضهم يمضي وقتاً بلا جدوى، بعضهم ينتبه، بعضهم لا ينتبه، بعضهم يكتب، بعضهم لا يكتب، لكن عند الامتحان ويلٌ للكسالى، نحن الآن في بحبوحة، الناس كلهم يأكلون ويشربون، إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه، ولكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، حالُ المؤمن الآن لا يبدو صارخاً، واحد من هؤلاء الناس، يسكنُ في بيت مستوًر، لكن حوله أناساً متفلتين، حوله أناس عصاة، وحوله أناس جاحدون، وحوله أناس يقترفون الآثام ويأكلون المال الحرام، ويتحدون السماء وخالقها، ومع ذلك الله يرزقهم.
وعزتي وجلالي؛ عبدي خلقت لك السماوات والأرض، ولم أعيَ بخلقهن أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين؟ لي عليك فريضة، ولك عليّ رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً، أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.
النجاة الحقيقية أن ينجو الإنسان من عذاب الله:
لذلك:
﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)﴾
البطولة أن تنجو من هذا اليوم، أحياناً الإنسان ينفد من ضريبة، يحسب نفسه بطلاً، ينجو من مشكلة، ينجو من مؤاخذة، ينجو من شيء مخيف، النجاة الحقيقية أن تنجو من عذاب الله، الغنى الحقيقي بعد العرض على الله، الغنى والفقر بعد العرض على الله، الدنيا لا قيمة لها، عَرض زائل يأكل منها البر والفاجر، والآخرة وعد صادق يحكم فيه ملِك عادل.
النار عاقبة المتفلت من منهج الله عز وجل:
﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12)﴾
خوضُ مخاضة، أي تصوراتهم عن الكون سخيفةٌ جداً، أحد الشعراء الجاهليين قال:
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي فدعني أبادرها بما ملكت يدي
* * *
أي ينطلق في فلسفته للحياة أن يستمتع بشهواتها إلى أقصى حد.
هموم أهل الدنيا شهوانية مادية:
لو جلست مع أهل الدنيا، مع أهل الغفلة، مع أهل الجهل لوجدت في أفكارهم العجب العجاب، تصور سخيف للحياة، تصور سخيف للكون، تصور سخيف للإنسان، تصورٌ سخيف للجزاء والعقاب، اللهُ عز وجل سمى هذه التصورات: خوضاً، مخاضة أي وَحَل، كلام لطيف جداً، مُعبّر، أفكاره، معتقداته، تصوراته، مبادئه، قيمه كالوَحَل تماماً، مبدؤه المصلحة، يتلون ألف لون ولون بيوم واحد، من أجل مصلحته، ليس عنده شيء مقدس أبداً، يقدِّس ذاته فقط، يقدِّس المال، يعبده من دون الله، مستعد أن يقول أي شيء من أجل أن يبقى في مكانه، وفي عمله، وفي دخله الكبير، هذا خوض، ليس عنده مبدأ، ولا قيمة ثابتة، لا يعادي ولا يسالم، يسالم لنفسه، ويعادي لنفسه فقط، هذا الله عز وجل سماه خوضًا، مخاضة، وحَلاً، تصوراته كالوحل، الآن اهتماماته كالوحل، ما عنده همّ مقدس، كل همومه أرضية، هُّمه ملذاتُه، همه طعامه، شرابه، بيته، همُّه رفاهه، همه استمتاعه بالحياة، همه استعلاؤه على الناس، همه افتخاره بما عنده، همه أن يكون مسيطرًا مثلاً، أن يكون مستمتعًا، همومه كلها صغيرة، هموم مادية، هموم شهوانية، هموم مصلحية.
هموم أهل الآخرة مقدسة:
أما المؤمن الذي عرف الله عز وجل فهمومه مقدسة، يسعى لهداية الناس، يسعى لنشر الحق، يسعى لخدمة الخلق، يسعى لمرضاة الله عز وجل، يسعى لجنة عرضها السماوات والأرض، يسعى لحياة أبدية، يسعى ليكون:
﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)﴾
همومه مقدسة، لأن معتقداته مقدسة، عالية، لو عرضت أفكار غير الإسلاميين على محك البحث لوجدت فيهم الشيء الذي لا يصدق، فالله عز وجل سمى معتقدات هؤلاء، أو تصورات هؤلاء، أو مبادئ هؤلاء سماها خوضاً، وهم يلعبون فيها كالصغار، وسمّى اهتماماتهم التي تشغلهم، التي تنصب عليها همهم، التي تعنيهم سماها خوضاً أيضاً.
اهتمامات ومعتقدات الكافر ما هي إلا خوض في وحل:
رجل جلس مع شخص في بلد غربي حدثه عن الإسلام، بعد حديث ممتع، دقيق، عميق، مدعّم بالأدلة والشواهد الحسية، والعقلية، والواقعية، والفطرية، أخرج هذا الشخص الآخر من جيبه دولارًا وقال: هذا ربي أعبده من دون ربك.
أنا التقيت مرة مع شخص مندوب شركة؛ قال لي بالحرف الواحد بعد أنْ حدثته عن الله قليلاً، قال: هذا الموضوع لا يعنيني، ولا أهتم به، ولا ألتفت إليه، يعنيني بيت، وامرأة، وسيارة فقط، خوض، في الوحل يعيشون، فالكافر اهتماماته سخيفة، ومعتقداته سخيفة، الله سمّى الاعتقادات والاهتمامات سماها وحلاً:
الفرق بين اللهو واللعب:
اللعب عمل لا جدوى منه أولاً، لعب، وهناك اللهو، اللهو أخطر، اللهو أن تشتغل بالخسيس عن النفيس، أن تشتغل بالأصداف عن اللآلئ، أن تشتغل بالقشور عن اللباب، هذا هو اللهو، أما اللعب عمل بلا جدوى، ليس له أي أثر مستقبلي، شخص لعب النرد حتى الساعة السابعة صباحاً ماذا قدم للأمة؟ لو قرأ كتاباً لاستفاد منه وأفاد، لو نام لأراح واستراح، لو أكل لَتَقَوّى على طاعة الله، لو جلس إلى أخ يحدثه عن الله عز وجل لأفاده، لو وجّه أولاده لأفادهم، فاللعب لعب، عمل بلا طائل، وكلما ابتعدت عنه رأيته حقيراً، ألا تنظر إلى طفل صغير يأخذ بعلبة يتوهمها سيارة يحركها على الطاولة ويعطي صوتاً معها، هذا لو صورته صورةً متحركة ملونة وأريته إياها بعد أن صار طبيباً، أو مهندساً، ألا يستصغر اهتمامه وسخافة تعلقه بهذه العلبة؟ اللعب من شأنه إذا ابتعدت عنه رأيته صغيراً تافهاً، اللعب يتناقص لا يتنامى، اللعب ليس له أي أثر مستقبلي.
دفع الكافر بإهانة يوم القيامة لمعتقداته السخيفة:
الله عز وجل بكلام موجز بليغ سمّى معتقدات الكفار واهتماماتهم خوضاً، وحركتهم في هذا المجال أنهم يلعبون، حركة عشوائية بلا هدف، العمل الذي لا جدوى منه، العمل الذي لا طائل منه، العمل الذي ليس له أثر مستقبلي، هذا هو اللعب، أمّا الويل فهو الهلاك.
﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً(13)﴾
دَعَّه؛ أي دفعه على ظهره بقسوة، وإهانة:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
المؤمنون يذهبون إلى الرحمن والمجرمون يُحشرون إلى جهنم:
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)﴾
﴿ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً (13) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14)﴾
بربكم لنأخذ مئة شخص، عيِّنة عشوائية، كم واحدًا منهم يصدِّق بجهنم؟ ويتقيها فعلاً؟ ليست داخلة في حسابات الناس أبداً، ولو كانوا مسلمين، يُصلون لكن يوجد مال حرام، يأخذون الأموال الحرام بالملايين ولا يعبؤون، شاطر، موكل محامٍ، أما المؤمن فيخشى درهما ًحراماً، ليرة.
تحذير الله عز وجل لعباده من نار جهنم:
الإمام أبو حنيفة رَضِي اللَّه عَنْه كان واقفاً في ظل بيت مرهونٍ عنده فتحول إلى الشمس، لماذا؟ ظل، قال له: هذا البيت مرهون عندي، وأنا أكره أن أنتفع بظله، هذه جهنم من الذي أدخلها في حسابه اليومي؟ من الذي ترك مبلغاً من المال خوفاً من النار؟ من الذي ترك نظرة إلى امرأة خوفاً من النار؟ من الذي ترك سهرة خوفاً من النار؟ ما أُدخلت في حسابات الناس، بشكل واقعي، بشكل جاد، إله يقول لك: هناك نار جهنم لا تحتمل:
أحيانا يصدر تصريح من وزير الاقتصاد، يسمح بموجبه باستيراد سيارات فيهبط سعر السيارات خمسمئة ألف، على أربع كلمات في الجريدة مثلاً.
إلهنا، وربنا، وخالقنا، وهذا كلامه، ويحذرنا من النار، ولا نتقيها؟ واللهِ هناك حمق معنى هذا بالإنسان، حمق، يجب أن تقول: معاذ الله! إنني أخشى نار جهنم.
عدم إيمان الكافر بالوعيد الإلهي:
كلام الله وكتابه هل هو سحر أم حقيقة؟
لذلك يوم القيامة يقال لهؤلاء العصاة:
﴿ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15)﴾
قاضي طُرق باب بيته، جاءه الغلام فقال: إن بالباب رجلاً أعطاني طبقاً من الرطب، وكان القاضي معروفاً في المدينة أنه يحب الرطب في بواكيرها، قال: من قدمه لك؟ قال رجل، قال: صفه لي؟ قال: صفته كيت وكيت، فعرفه أنه أحد المتخاصمين عنده، قال له: أعطه الطبق وردّه إليه، بعد أيام قابل الخليفة ليعتذر من منصب القضاء، قال له: ولمَ وأنت من القضاة النزيهين؟ قال: والله قُدم لي طبق رطب من أحد المتخاصمَين ورددته، وفي اليوم التالي وقد وقفا بين يدي تمنيت أن يكون الحق مع الذي قدم الطبق مع أني لم آخذه فكيف لو أخذته؟! هكذا كان ورعهم، لأنهم آمنوا أن هناك ناراً حامية، إذا عصى الإنسان ربه سيدخلها:
﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا
كلامه سحر.
﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ
فهذا القرآن الذي وصف النار، وأنتم في الدنيا:
الصبر على تحمل العقاب لا معنى له إطلاقاً:
﴿ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)﴾
هنا سؤال دقيق: كيف سَوّى الله بين الصبر وعدمه؟ مع أن الصبر:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ
ما جواب ذلك؟ الصبر في الدنيا مفيد، أما الصبر على إيقاع العقاب لا يفيد، اصبر أو لا تصبر.
أي إذا ارتكب إنسان جريمة وحكم بالإعدام، وصُدق الحكم وسيق إلى المشنقة، يُحب أن يضحك فليضحك، يحب أن يبكي فليبكِ، لابد من تنفيذ الحكم، الآن الصبر لا معنى له، الصبر على تحمل العقاب لا معنى له إطلاقاً:
وصف الكفار لكلام الله بأنه سحر:
الآية دقيقة جداً:
﴿ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)﴾
والحمد لله رب العالمين