وضع داكن
23-11-2024
Logo
الدرس : 47 - سورة البقرة - تفسير الآيات 138 – 141 الفطرة والصبغة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 

انسجام الفطرة مع معرفة الله والإيمان به وطاعته:


أيها الإخوة المؤمنون؛ مع الدرس السابع والأربعين من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثامنة والثلاثين بعد المئة وهي قوله تعالى: 

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)﴾

[ سورة البقرة ]

كلمة الصبغة نمهد لها بالحديث عن الفطرة، الفطرة طبيعة النفس البشرية، خصائص النفس البشرية، الجِبِلَّة التي جُبِلَت عليها النفس البشرية، النفس لها خصائص، يا داود ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جُبِلت على حبِّ من أحسن إليها.
الإنسان يحب الأكمل، يحب الأجمل، يحب النوال، فهناك خصائص للنفس البشرية، الذي يعنينا من هذه الخصائص أن هذه النفس البشرية مجبولةٌ ومفطورةٌ وبالتعبير الحديث مبرمجةٌ وفق الشرع تماماً، الذي خلق النفس الإنسانية هو الذي أنزل الكتاب وكلَّف النبي بشرحه وتبيين ما فيه، تطابق النفس البشرية مع منهج الله تطابقٌ تام.
من فطرة النفس البشـرية أنها تحب الكمال، تحب الرحمة، تحب العدل، تحب الجمال، تحب النوال، فالإنسان حينما يصطلح مع الله، ويطبق منهج الله، يهتدي إلى فطرته، وينسجم في سلوكه مع فطرته، الله عزَّ وجل أودع فيك حبّ العدل وأمرك أن تعدل، فإن عدلت توافق سلوكك مع فطرتك، أودع فيك حبّ الرحمة وأمرك أن ترحم، أودع فيك حبّ الكمال وأمرك أن تكون كاملاً، أودع فيك حبّ الإحسان بأن تكون محسناً، أمرك وحبب إليك هذا في أصل فطرتك، هذا هو الانسجام بين الفطرة وبين التكليف، الفطرة منسجمة مع معرفة الله والإيمان به وطاعته.

  إقامة وجهك للدين حنيفاً هو عينه جبلتك وفطرتك:


إذا ابتعد الإنسان عن الله ابتعد عن فطرته فشعر بالغُرْبَة، وشعر باختلال التوازن، وشعر بالوَحْشَة، وشعر بالعُزلة، وشعر بالضيق، وشعر وكأن الدنيا مقفولةٌ عليه، وكأن الأبواب كلها موصدةٌ في وجهه، لذلك الشعور الذي ينتاب المؤمن حينما يتعرف إلى الله ويصطلح معه شعورٌ لا يعرفه إلا من ذاقه، لأنك أنت مفطور على أشياء والشرع أمرك بهذه الأشياء تماماً، تطابقت الفطرة مع الأمر الإلهي فارتاحت النفس، هذا أدق معنى، قال تعالى: 

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)﴾

[ سورة الروم ]

أي أقم وجهك بكل ما أوتيت من قوة، بكل ما أوتيت من فهم، بكل ما أوتيت من طاقات، اجعل وجهك نحو الدين، توجه إلى الله، توجه إلى منهجه، أطعه، تقرَّب إليه، ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً﴾ أن تقيم وجهك للدين حنيفاً هو نفسه ما أنت مفطورٌ عليه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ أي إقامة وجهك للدين حنيفاً هو عينه جبلتك وفطرتك، أي هذه المركبة مصممة لتمشي على طريقٍ مُعَبَّد، أما المدرعة فهي مصممة لتمشي على طريقٍ وعر، المركبة المصممة لتمشي على طريقٍ معبَّد، حينما تمشي بها على طريقٍ وعر تُكَسِّرها، أما إذا سرت بها على طريقٍ معبدة تختفي الأصوات وترتاح النفس، أنت استعملتها وفق أصل تصميمها.
الآن أنت مفطور على حبّ الكمال، على حبّ العدل، على حبّ الإحسان، على حبّ الرحمة، فإذا عدلت وأحسنت ورحمت ماذا فعلت؟ اهتديت إلى فطرتك، صار هناك انسجام، صار هناك راحة، لذلك من أسباب السعادة التي يشعر بها الإنسان أنه اهتدى إلى فطرته فانسجم معها، لذلك المؤمن يشعر بشيء لا يوصف، ما هذا الشيء؟ أنه مرتاحٌ من داخله، أنه متوازن من داخله، أن خط بيانه صاعد صعوداً مسـتمراً.
 

الفرق بين الفِطرة والصِّبغة:


إلا أن الفطرة شيء، والصبغة شيءٌ آخر، الفطرة أنت مفطورٌ على حبّ الكمال، على حبّ الجمال، على حبّ النوال، على حبّ الإحسان، على حبّ العدل، على حبّ العطاء، أنت مفطور هكذا، لذلك الإنسان مهما كان انتماؤه، مهما تكن هويته، مهما يكن تقصيره يحب العدل، بل إن اللص مع رفاقه إذا سرقوا يُصرِّحون بأنه لابد من اقتسام هذا المال بالعدل، لأن هذه فطرة، أي إنسان حتى لو كان كافراً، حتى لو كان مُلحداً، هكذا مفطور على حبّ العدل، على حبّ الإحسان، على حبّ الرحمة، على حبّ العطاء، على حبّ الكمال، على حبّ الجمال، على حبّ النوال، إلى آخره، لكن الفرق الدقيق بين الفطرة والصبغة، الإنسان في أصل فطرته صفحةٌ بيضاء مبرمجةٌ على حبّ الإحسان والعدل والرحمة والإنصاف والكرم إلى آخره، أن تحب العدل شيء، وأن تكون عادلاً شيءٌ آخر، أن تحب الرحمة شيء، وأن تكون رحيماً شيءٌ آخر، أن تحب الإحسان شيء، وأن تكون محسناً شيءٌ آخر، أن تحب أن تعطي شيء، وأن تعطي حقيقةً شيءٌ آخر، ما الفرق بين الفِطرة والصبغة؟ أي إنسان كائناً من كان، وفي المناسبة حينما تأتي كلمة إنسان معرفةً بأل فهو أصل الإنسان، الإنسان قبل أن يعرف الله، قبل أن يتصل به، بالتعبير الصناعي خامي، حالته الخامية، قبل أن يُصَنَّع هو مفطورٌ على حب الكمال، أما إذا عرف الله عزَّ وجل، واتصل به، واشتق من كمالاته، انتقل من الفطرة إلى الصبغة، كان يحب العدل فأصبح عادلاً، كان يحب الحلم فأصبح حليماً، كان يحب الرحمة فأصبح رحيماً، كان يحب العطاء فأصبح معطياً، لذلك أي إنسان قد خلق وفق فطرة الله، كل مولودٍ يولد على الفطرة أبداً، حتى لو كان مجوسياً، هذا من خلق الله عزَّ وجل.
لذلك اذهب إلى أي مكان في العالم، اذهب إلى عُبَّاد الأوثان، إلى عُبَّاد النار، إلى عُبَّاد الأصنام، أحسن إليهم يحبونك أبداً، هذه فطرة الإنسان، ولا أدل على ذلك من الطفل الصغير، الأطفال في العالم كله يتشابهون، لأنهم فطرة الله التي فطر الناس عليها.
إلا أن هذه الفطرة أيها الإخوة قد تنطمس بالشك، تنطمس بالشرك، تنطمس بطاعة الكُبراء، تنطمس باتباع الشهوات، يعلو على هذه الفطرة ما يسمَّى بالران، لكن الفطرة تذبل ولا تموت، تكمن ولا تزول، الشدائد أحياناً تزيل عنها هذه الطبقة الغريبة وتعود إلى أصل كمالها.
 على كل موضوع الفطرة موضوع مهم جداً، لأن أصل ديننا دين الفطرة: 

﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)﴾

[ سورة الشمس  ]

 

أكبر ثمرة من ثمار الإيمان حينما تتوافق حركتك في الحياة مع أصل فطرتك:


النفس البشرية مجبولة ومصممة على أنها تعلم أنها فاجرة إذا فجرت، وتعلم أنها متقيةٌ إذا اتَّقت: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ يقول الله عزَّ وجل: 

﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ(11)﴾

[ سورة عبس ]

ما معنى تذكرة؟ أنت ذهبت إلى بيروت ورأيت صخرة الروشة، فلما اُطْلعت على صورتها تذكرت المشاهدة السابقة، القرآن كله تذكرة يذكرك بأصل فطرتك، لذلك أيها الإخوة يعيش المؤمن بحالة من السعادة لا توصف، أساسها هذا الانسجام مع فطرته، الإنسان يحب العفَّة، فإذا كان عفيفاً فعلاً شعر بالراحة، الإنسان يحب الإنصاف، فإذا كان منصفاً يشعر براحة، كل السعادة التي تتأتى للإنسان أساسها أنه تحرَّك وفق فطرته، انسجم مع فطرته، اهتدى إلى فطرته.
مثلاً: إذا أُعطي الإنسان وردة ذات رائحة فوَّاحة يطرب لها، هناك بعض الحيوانات تأكل النجاسات، الإنسان يكره رائحةً ويحب رائحة، هناك حيوان على عكس الإنسان يحب رائحة لا يحتملها الإنسان، معنى ذلك هناك تصميم، هناك مخلوقات تعيش في المجاري، تطرب لما فيها من روائح كريهة، إذاً هي مبرمجة برمجة أُخرى، والإنسان مبرمج برمجة ثانية، أنت حينما تشم وردةً ذات رائحةً فواحة، وتطرب لها، لا لأنها فوَّاحة بل لأن أصل فطرتك مبرمج على هذه الرائحة، فصار هناك انسجام، وحينما تشم رائحةً كريهة، لماذا هي كريهة؟ لأنك مبرمجٌ على عكسها، من أين تأتي الراحة ويأتي النفور؟ من أصل الفطرة، لو أن الإنسان مبرمج على الظلم وظَلَم يرتاح، العكس تصوروا، لو كان مبرمجاً على الظلم فكلما ظلم يرتاح، لو أنه مبرمج على أن يكون قاسياً، فكلما قسا يرتاح، لكنه مبرمجٌ ومفطورٌ على العدل، والإحسان، والعفة، والعطاء، فأكبر سعادة يشعر بها المؤمن حينما يهتدي إلى أصل فطرته، وحينما ينسجم مع فطرته، وحينما تتوافق حركته في الحياة مع أصل تركيبه، هذه أكبر ثمرة من ثمار الإيمان، المؤمن متوازن، مرتاح.
 

أكبر جائزة لك في الدنيا قبل الآخرة أن تهتدي إلى فطرتك:


حينما خرج الكافر عن منهج الله خرج عن أصل فطرته، صار عنده عذاب داخلي، عذاب لا يُحتمل، عنده ما يسمى باختلال التوازن، عنده ما يسمى بالانهيار الداخلي، لأنه يأخذ ما ليس له عنده تأنيب داخلي، يعتدي على أعراض الناس، يكذب عليهم، يحتال عليهم، يتوهَّم أنه يجمع المال الكثير لكنه في الحقيقة من أشقى الأشقياء، إذاً أن تهتدي إلى فطرتك هذه أكبر جائزة لك في الدنيا قبل الآخرة، ما هي جنة الدنيا؟ قال: في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، جنة الدنيا هي جنة السكينة، هي جنة الاصطلاح مع الفطرة، جنة العودة إليها، جنة التناغُم مع بنية النفس، هذه الفطرة، ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً﴾ إقامة وجهك للدين حنيفاً ينطبق على فطرتك انطباقاً تاماً: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ لذلك ما يعانيه المؤمن، ما يشعر به المؤمن من راحة هي بسبب أنه انسجم مع أصل خلقه، كل مولودٍ يولد على الفطرة: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ ، وقال: 

﴿ كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12)﴾

[ سورة عبس ]

الآن بعد أن تتعرف إلى الله، وبعد أن تصطلح معه، وبعد أن تستقيم على أمره، وبعد أن تتصل به، يحدث ما يسمَّى باشتقاق الكمال من الله، من خلال اتصالك به، كنت تحب العدل فلما اتصلت به أصبحت عادلاً عدلاً داخلياً.
 ونحتاج إلى توضيحٍ آخر: لو أن إنساناً صادف وهو في طريقه إلى بلدة ما حادث سير، ووجد إنساناً جريحاً يحتاج إلى إسعاف، هو عمله في الطب مثلاً، وهناك أناس يعرفهم،  فاضطر أن يقف موقفاً إنسانياً، مقطوع عن الله فرضاً، ليس له اتصال بالله، يحب الرحمة لكنه ليس رحيماً، أما هذا الموقف اضطره أن يقف موقفاً إنساناً، هذا فِعله فعل الصبغة، ونفسه ليست كذلك، نفسه على الفطرة أما فعله ففعل الصبغة. 
 

الفطرة والصبغة والسلوك الذكي:


قد يكون عملك رحيماً ولست رحيماً، وقد تضطر أن تحكم بالعدل، لأن هذا القرار سوف يُراقب من مستويات أعلى، فمن أجل الحفاظ على منصبك تحكم بالعدل حباً بالبقاء في هذا المنصِب، فهذا الذي يحكم بالعدل، يحكم بالعدل لا وفق الصبغة، ولكن وفق المَصلحة، فأن تحبّ العدل شيء، وأن تكون عادلاً شيء في أصل بنيتك، وأن يكون عملك عدلاً شيءٌ ثالث، تحب العدل، وتصطبغ بالعدل، وعملك عدل، كل شيء باب، أن تحب العدل فطرة، وأن تتمثل العدل في نفسك صِبغة، وأن تقف موقفاً عادلاً لمصلحةٍ معينة هذه مصلحة، فإن وجدت في العالم الغربي علاقةً طيبة، صدقاً في المعاملة، إتقاناً في الصنعة، هذه مصلحة، الفطرة في أصل الخلق، أما الصبغة للمتصل بالله حصراً، أما السلوك الذكي هذا يفعله كل ذكي في العالم.
فقد تجد في بلاد الغرب معاملة طيِّبة، قد تجد صدقاً، قد تجد أمانة، لأن هناك ضبطاً شديداً، الضبط بلغ درجة تفوق حدّ الخيال، أي غلطٍ مهما كان صغيراً مضبوط. 
تدخل إلى سوق فيه بضائع بألوف الملايين، هناك خمسة أشخاص على مدخل هذا السوق، كل شيء تحمله من البضائع عليه لصاقة مبرمجة، إن لم تدفع ثمنه أصدر صوتاً مزعجاً، اتُّهمت من خلال الصوت بالسرقة، فملايين في هذا السوق يدفعون ما عليهم لا لأنهم ينطوون على كمال، بل لأنهم يعلمون أنهم لو لم يدفعوا لفُضِحوا، هذا السلوك مدني ذكي ليس له علاقة بالفطرة ولا بالصبغة إطلاقاً، صار هناك ضبط إلكتروني عالياً جداً في بلاد الغرب، ضبط شديد، هذا الضبط ألغى الفطرة والصبغة، لم تعد تعرف من الأمين، لا يمكن أن تحمل سلعة وتخرج بها إلا ويصدر صوت من القوس يتهمك بالسرقة، إذاً الكل يدفعون، من هو الأمين منهم؟ لا نعلم، هذا صار ضبطاً إلكترونياً، هذا صار سلوكاً ذكياً، أما حينما انقطعت الكهرباء في مدينة نيويورك تمت مئتا ألف سرقة في ليلة واحدة، وحينما اضطرب حبل الأمن في لوس أنجلوس كانت تكاليف التخريب ثلاثين مليار دولار؛ سرقة محلات، حرق محلات، تكسير واجهات، فالفطرة شيء، والصبغة شيءٌ آخر، والسلوك الذكي الذي يعيشه الغرب شيءٌ ثالث لا علاقة له لا بالفطرة ولا بالصبغة، هذا موضوع ثان، أما نحن كمؤمنين فنتعامل مع شيئين مع فطرةٍ فُطِرنا عليها ومع صبغةٍ تمت من خلال اتصالنا بالله عزَّ وجل.
 

المؤمن خريج مدرسة الحق:


الآية الكريمة: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ لو درت في أطراف الدنيا هل تجد كالمؤمن تواضعاً؟ كالمؤمن رحمةً؟ كالمؤمن إنصافاً؟ كالمؤمن ورعاً؟ كالمؤمن إحساناً؟ كالمؤمن صدقاً؟ كالمؤمن وفاءً؟﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ أحياناً قد تعجب، تجد شاباً أخلاقه عالية جداً، إذا كان هناك مدرسة من أعلى مستوى يعيش الطالب فيها ليلاً ونهاراً، يتلقَّى أعلى درجة من العلوم، والآداب، والتوجيهات، والتوجيه الديني، والنصح، والنظافة، والعادات والتقاليد، فإذا رأيت هذا الطالب أعجبك أدبه، وذكاؤه، وعلمه، وتحصيله، وأخلاقه، وهِندامه الحسن، تقول: هذا خريج هذه المدرسة، المؤمن خريج مدرسة الحق، مستحيل أن ترى مؤمناً يكذب، أو أن ترى مؤمناً يحتال، أو أن ترى مؤمناً يقسو، أو أن ترى مؤمناً يظلم، أو أن ترى مؤمناً يأخذ ما ليس له، الورع مع الأدب، مع الإحسان، مع التواضع، مع العفو، مع كل هذه الكمالات هي من أثر اتصال هذا المؤمن بالله عزَّ وجل هذه الصبغة، الصبغة شيء موجود، الفطرة صفحة بيضاء لكنها مبرمجة على حبّ الكمال، أن تحب الكمال فطرة وأن تكون كاملاً صبغة، وأن تسلك سلوكاً كاملاً من أجل مصلحتك ذكاء، لا فطرة ولا صبغة، وأن تسلك سلوكاً كاملاً لمصلحةٍ ماديةٍ ذكاء.
 

ليس في الأرض كلها جهةٌ يمكن أن تمنح الإنسان كمالاً كما يمنحه الله عزَّ وجل:


لذلك الإسلام منهج موضوعي، بمعنى لو طبَّقه إنسان ملحد لقطف ثماره، فإن رأيت في بلاد الغرب تفوُّقاً فلأن كل إيجابيات هذه البلاد إسلامية، لا عن طاعةٍ لله، ولا عن حبّ له، ولا عن تعبدٍ له، ولكن من أجل المصلحة، إذا كانت مصلحتهم في الصدق يصدقون، فإن كانت مصلحتهم في الكذب فهم أكبر كذاَّبين في الأرض، إن كانت مصلحتهم في الرفق بالإنسان يرفقون، فإن كانت مصلحتهم في قتل شعبٍ بأكمله يقتلون، سلوك مصلحي فقط، وهذا شيء صارخ في الغرب، مصلحة فقط، القيَم كلها تحت أقدامه، من أجل أن يطعموا كلابهم اللحم يقتلون الشعوب بأكملها، فإذا تحدثوا عن حقوق الإنسان يجب أن نضحك فقط نحن لأنهم ينتهكون كل حقوق الإنسان.
أن تحب الكمال فطرة، وأن تكون كاملاً صبغة، أما أن تسلك سلوكاً كاملاً لمصلحة تريدها فهذا نوع ثالث، هذا مما تراه في عالم الغرب، في بعض المواقف إنسانيون، وفي بعض المواقف وحوش كاسرة يبحثون عن حقوق الإنسان وهم أكبر من ينتهك هذه الحقوق، يتحدَّثون عن الحُرِّية وهم الذين يصادرونها في العالم كله.
 

مواقف تُظهر رحمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام:


درسنا اليوم: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ هذا استفهام إنكاري، ليس في الأرض كلها جهةٌ يمكن أن تمنح الإنسان كمالاً كما يمنحه الله عزَّ وجل: ﴿وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ .

(( لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْقَالَةُ، حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ، وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ شَيْءٌ، قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَنَا إِلا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي، وَمَا أَنَا؟ قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ، قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ، قَالَ: فَجَاءَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ َدَخَلُوا، وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ؟ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ، أَلَمْ آتِكُمْ ضُلالا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ-لم يقل فهديتكم، قال: فهداكم الله بي-وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، قَالُوا: بَلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، قَالَ: أَلا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ؟ قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ -سيدنا رسول الله في أعلى درجات قوته، دانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، وكلمته نافذة، وتحت إمرته عشرة آلاف سيف، فئةٌ من أصحابه وجدوا عليه في أنفسهم، كان بإمكانه كما يفعل البعض أن يلغي وجودهم، أو أن يهدر كرامتهم، أو يهملهم، أو أن يعاتبهم لصالحه، ماذا فعل؟ جمعهم وقال- قَال: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ، أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلا فَأَغْنَيْنَاكَ، أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلامِكُمْ، أَفَلا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَفَرَّقْنَا .))

[  مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ  ]

هذا الموقف فيه رحمة، فيه عفو، فيه مسـامحة، فيه ذكاء، فيه سياسة، فيه امتصاص نقمة، أنا كنت أقول: كان الله في عون كُتَّاب السيرة، هذه القصة أين مكانها؟ مع رحمته أم مع عدله أم مع وفائه أم مع تسامحه أم مع حسن سياسته؟! هذه صبغة الله.
أرسل سيدنا حاطب بن بلتعة كتاباً إلى قريش، قال: "إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم" هذا الكتاب يُسمى في أنظمة العالم كله خيانةً عظمى، جزاؤه الإعدام، فجاء الوحي النبي عليه الصلاة والسلام أن فلاناً قد أرسل كتاباً إلى قريش، فأرسل صحابيين أو ثلاثة ليأتوا بالكتاب من امرأة في الطريق إلى مكة، فتح النبي الكتاب "من حاطب بن بلتعة إلى أهل قريش إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم" جيء بحاطب رآه عمر قال: "يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق" قال: لا يا عمر إنه شهد بدراً، تعالَ يا حاطب، ما حملك على ما فعلت؟ قال: والله يا رسول ما كفرت ولا ارتددت، ولكنني لصيقٌ في قريش، وأنا موقنٌ من نصرك، أردت بهذا الكتاب أن أحمي أهلي ومالي عندهم، فاغفر لي ذلك يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: إني صدقته فصدقوه، ولا تقولوا فيه إلا خيراً.
هذا صبغة، هذا موقف كامل، قال المُعَلِّقون على هذه القصة: عمر رآها خيانةً عظمى، أراد أن يقتله، لكن النبي عليه الصلاة والسلام رآها لحظة ضعفٍ طارئة ألمَّت بهذا الإنسان فأنهضه وأخذ بيده، أنت حينما تعيش مع إنسان موصول بالله تجد من العطف والرحمة والعدل والود والتواضع والإحسان وإنكار الذات الشيء الذي لا يصدق، ولذلك: ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ .
 

مواقف وأعمال لمؤمنين تفوق حدّ الخيال:


الحياة مع المؤمنين جنة، وفي الدنيا جنة، إذا عشت مع مؤمن النبي قال: 

(( عن أبي سعيد الخدري: لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِناً، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ. ))

[  أبو داود: حسن  ]

يوجد أخوان كُثُر يجلسون مع بعضهم بعضاً يقولون وهم صادقون: كأننا في جنة، في ود، في حب، في تواضع، في مؤاثرة، في عطاء، في بذل، أما إذا جلست مع أهل الدنيا فتجدهم كالذئاب، ينام أحدهم بعين ويفتح العين الثانية خوفاً من غدر من صاحبه، الحياة مع الناس متعبة، ومقلقة، كل واحد لغم قد ينفجر، هناك مشكلة في كل تعامل، تحتاج إلى يقظة غير طبيعية، تخاف من كل شيء، تخاف من الكذب في السعر، من الكذب في النوع، من الاحتيال، من تصريح كاذب، من توقيع كاذب، كله فيه غدر، هؤلاء أهل الدنيا؛ أما عِش مع المؤمنين، قال لي أخ: والله أرجعت لأسرةٍ عشرين مليون ليرة لا تعلم عنها شيئاً، يبدو أن الأب أعطاه إياها ليعمل بها في التجارة، ومات بحادث فجأةً، ولم يخبر بها أحداً، ما الذي دفع هذا الإنسان ليعطي هذا المبلغ للورثة لأصحاب هذا المبلغ دون أن يكون مُداناً؟ هذا الإنسان.
سمعت بواشنطن سائق سـيارة مسلم، ركبت معه سيدة تركت محفظتها وفيها مبلغ كبير جداً وحلي بالرقم نفسه، فسلم هذه المحفظة للشرطة، سمعت من أخ كريم هناك أن حاكم واشنطن أقام احتفالاً لتكريم هذا السائق، فجمع طلاب المدارس وسألهم: ماذا تفعلون إذا وجدتم محفظةً فيها هذا المبلغ وهذه الحلي؟ قال: قالوا بصوت واحد: نأخذها، قال: ولكن هذا المسلم لم يأخذها أرجعها إلى أصحابها.
والله تجد من المؤمنين صفات تفوق حدّ الخيال، موجودون وفي كل زمان، فالإنسان يسعد بكماله أضعاف ما يسعد بلذَّاته. أحياناً الإنسان يأكل أمسك سيدنا عمر تفاحة –هكذا قرأت-قال: أكلتها ذهبت، أطعمتها بقيت، إن أكلتها استمتعت بطعمها لثوانٍ معدودات، أما إن أطعمتها سعدت بهذا العمل على طول الزمن، الآن المحسنون، يقول لك: متعب، من حوله يصفونه بالتعب، هو في قمة السعادة، عمله الطيب يسعده، فالإنسان عندما يتعرف إلى الله عزَّ وجل يصطبغ بالكمال، إن اصطبغ بالكمال صار في خدمة الخلق، وصار مع الحق، اشتق من الله كمالاً، هو الذي يرقى به إلى الله.
 

أنواع الاختلاف:


قال تعالى: 

﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)﴾

[ سورة البقرة ]

أي الله عزَّ وجل رب الجميع، الشيء المؤلم أن هذه الخصومات بين أهل الأرض؛ إلهنا واحد، ربنا واحد، الأنبياء الذين أرسلهم الله عزَّ وجل على أعلى درجة من الكمال، أما أتباعهم يتقاتلون، أكثر الحروب الأهلية بين الأديان، أصحاب هذه الرسالات في أعلى درجة من الكمال، في أعلى درجة من الحب، وأتباعهم يتقاتلون لماذا؟ هذا موضوع ثان. 

1ـ اختلاف طبيعي أساسه نقص المعلومات:

نحن عندنا اختلاف أساسه نقص المعلومات، هذا اختلافٌ طبيعي: 

﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)﴾

[ سورة يونس ]

خلاف نقص المعلومات علاجه بسيط، أن تأتي المعلومات الصحيحة، غداً لو فرضنا نحن في التاسع والعشرين من رمضان، وسمعنا صوت مدفع العصر نقول: أثبتوا أن غداً العيد أم هناك انفجار في الجبل لأنهم يحفرون طريقاً؟ صار هناك خلاف ناجم عن نقص معلومات، فتحنا المِذياع فإذا بالقاضي الشرعي يُثبت أن غداً العيد، صوت مدفع ثان، معنى ذلك أن الخلاف كان موجوداً بسبب نقص المعلومات، فلما جاءت المعلومات الدقيقة والصحيحة زال هذا الاختلاف: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ معنى ذلك هناك خلاف طبيعي لا يُمدح ولا يُذم، علاجه المعلومات الدقيقة. 

2ـ خلافٌ قذر أساسه الحسد والبغي والعدوان:

لكن أحياناً تكون المعلومات واضحةً جداً؛ إلهٌ واحد، كتابٌ واحد، رسولٌ واحد، منهجٌ واحد، والمسلمون فرقٌ، وجماعات، وطوائف، ومذاهب، واتجاهات، وكلهم يطعن بالآخر، هذا اختلاف من نوع قذر: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ هذا اختلاف بغي، اختلاف حسد، اختلاف منافسة، لذلك هناك دعوةٌ إلى الله خالصة، ودعوةً إلى الذات ساقطة، الدعوة إلى الذات من خصائصها الابتداع، ومن خصائصها التنافُس، ومن خصائصها جحود ما عند الآخرين، والنزعة العدوانية، وأية فرقةٍ ضالةٍ إلى يوم القيامة تؤله الأشخاص، وتخفف التكاليف، وتعتمد نصوصاً موضوعة، وذات نزعة عدوانية، وأية فرقةٍ ضالةٍ تنطبق عليها هذه الخصائص، تأليه الأشخاص، وتخفيف التكاليف، واعتماد النصوص الموضوعة والضعيفة، والنزعة العدوانية، فإذا كان هناك خلاف فيما بين المسلمين، الخلاف الأول خلاف طبيعي، حيادي لا يُمدح ولا يُذم، الخلاف الثاني خلافٌ قذر أساسه الحسد والبغي والعدوان والتنافس والمصالح. 

 3ـ خلافٌ محمود أساسه التنافس:

هناك خلاف ثالث محمود، خلاف التنافس: ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ إنسان تصوَّر أن أعظم عمل في حقل الدين أن يكون مفسراً، إنسان آخر أعظم عمل عنده أن يكون مُحدِّثاً، إنسان ثالث أن يكون مفكراً في عقيدة الدين، إنسان رابع أن يكون محسناً، إنسان خامس أن يكون داعيةً، إنسان سادس أن يكون مؤلفاً، يختلف العلماء فيما بينهم اختلاف تنافس، قال الله عزَّ وجل: 

﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

[ سورة المطففين ]

وقال: 

﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)﴾

[ سورة يونس ]

معنى ذلك هناك اختلاف تنافس هذا ممدوح، هناك اختلاف تناحر هذا اختلاف قذر، هناك اختلاف نقص معلومات اختلاف طبيعي. 
 

تقويم الأشخاص من شأن الله تعالى:


﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، أي كل إنسان احتَّل عند الله مكانة، بمعرفته، واستقامته، وعمله الصالح، ونيته، هذه المكانة لا يرفعها مديح أحد ولا يخفضها ذمّ أحد، وتقويم الأشخاص من شأن الله تعالى، لذلك لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، وكفاك على عدوك نصراً أنه في معصية الله، أكبر نصر تُحرزه على عدوك أن تكون أنت في طاعة الله وهو في معصية الله، لذلك لا تعاقب من عصى الله فيك بأكثر من أن تطيع الله فيه.
قال أحدهم لعالم ناشئ: إنني أشفق عليك مما يقوله عنك الناس ظلماً وافتراءً فقال: هل سمعت مني عليهم شيئاً؟ قال: لا، قال: عليهم فأشفق، أنا أطعت الله فيهم فلم أتكلم ولا كلمة، هم عصوا الله فيَّ فنهشوا لحمي واغتابوني. 
سأل أحدهم: هل اغتبتني؟ قال: ومن أنت حتى أغتابك، من أنت؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي، لأنهم أولى بحسناتي منك، موقن أنك إذا اغتبت أخذ الذي اغتبته من حسناتك يوم القيامة، ﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ والحمد لله على وجود الله -كلمة دقيقة جداً- الله موجود، ويعلم كل شيء، ومُطّلع على كل شيء، ويعلم السر وأخفى، يعلم ما تُسر ويعلم ما يخفى عنك، ويعلم حجم كل عمل، العمل؛ حجمه، تضحيته، نواياه، أهدافه، مؤدَّاه. 

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)﴾

[ سورة التغابن ]

لذلك من عرف نفسه ما ضرَّته مقالة الناس به: 

﴿ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)﴾

[ سورة البقرة ]

 

الانتماء الشكلي:


الانتماء الشكلي مشكلة، إذا كانت هوية الإنسان أنه مسلم، وكان أبوه مسلماً، وأمه مسلمة، ولم يكن مطيعاً لله عزَّ وجل، ما قيمة هذا الانتماء الشكلي؟ إذا كان انتماؤك إلى المؤمنين المسلمين انتماء شكلياً، وانتماء الشخص الآخر إلى دين ثان انتماء شكلي، وانتماء فلان إلى دينٍ ثالث انتماء شكلي، وإنسان لم ينتم إلى أي دين.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾

[ سورة البقرة ]

انتماء للإسلام شكلي، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ انتماء لليهودية شكلي، ﴿وَالنَّصَارَى﴾ انتماء للنصرانية شكلي، ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ من لم ينتمِ إلى أحد، هم عند الله سواء، ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ من آمن بالله من هؤلاء إيماناً حقيقياً، إيماناً دقيقاً عميقاً، إيماناً أساسه البحث والتأمل والتصديق والعمل والإقبال، ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ هذا هو الناجي، ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ مثلاً أربعة محلات تجارية لا يوجد فيها بضائع إطلاقاً، لكن عليها لافتات مختلفة في كلماتها وإضاءتها، اختلاف اللافتات لا يُقدم ولا يُؤخر، العبرة بالبضاعة، لا يوجد بضاعة، لذلك الشيء المؤلم في معظم بلاد العالم حروب أهلية على أساس ديني، هذا الذي يُطَهر عرقياً، سلوكه، وعقليته، ومخالفاته كالذي يُطَهِّرُهُ، انتماء شكلي، العبرة أن يكون الإنسان مسلماً حقيقةً.
 

أكبر المعاصي أن تقول على الله بخلاف ما تعلم:


﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾

هم على مِلة سيدنا إبراهيم: 

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)﴾

[ سورة الأنعام ]

﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ ربنا عزَّ وجل في تسلسل تصاعدي للمعاصي بدأ بالفحشاء والمنكر، وثنّى بالإثم والعدوان، ثم جاء الشرك، ثم جاء الكفر، تسلسل تصاعدي، وجعل الله على رأس هذه المعاصي الكبيرة: 

﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)﴾

[ سورة البقرة ]

لذلك الإمام الغزالي رحمه الله تعالى قال: "لأن يرتكب العوام الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون" هذا الذي يقول على الله ما لا يعلم إذا وازنته بمن يقول على الله بخلاف ما يعلم؟ أن تقول على الله ما لا تعلم فوق الفحشاء والمنكر، وفوق الإثم والعدوان، وفوق الشرك، وفوق الكفر، أما أن تقول على الله بخلاف ما تعلم فهذه جريمة. 

  الآثم والمجرم:


لذلك: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ كتم شهادة، اليهود يعرفون النبي عليه أتمّ الصلاة والتسليم كما يعرفون أبناءهم، هل في الأرض معرفةٌ سريعةٌ، فطريةٌ، يقينيةٌ، بديهيةٌ لا تخطئ كمعرفة الأب لابنه؟! هل في الأرض أب يقول لابنه: ما اسمك يا بني؟ أين هويتك؟ من أمك أنت؟ مستحيل. 

﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)﴾

[ سورة البقرة ]

ومع ذلك كتموا هذه الشهادة، لذلك: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ﴾ لذلك الذي يُفتي وهو لا يعلم آثمٌ عند الله، أما الذي يفتي بخلاف ما يعلم فهو مجرمٌ عند الله، تعرف حقيقة وتتكلم عكسها؟! تعرف أن إنساناً على حق تطعن فيه حتى تفك عنه إنساناً لتغيظ إنساناً؟! إنسان مستفيد من جهة تهز له هذه الصورة وتعلم أنت أنه على حق ومرشده على حق تهز له هذه الصورة كي تشفي غليلك!! هذه جريمة، ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ .
 

الله عزَّ وجل مُطّلع لا تخفى عليه خافية:


الله عزَّ وجل مُطَّلع، لا تخفى عليه خافية: 

﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِي(19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِي(20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ(21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ(22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ(23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ(24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِي(25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِي(26) يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ(27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِي(28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِي(29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ(30 ) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ(31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ(32)﴾

[ سورة الحاقة ]

وقال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ .
 

أشقى الناس هم الذي يقفون في خندقٍ مناهضٍ للدين:


إخواننا الكرام؛ أنت حينما تتصدَّى للدين، أو تحارب المؤمنين، أو تطعن بهم وأنت موقنٌ أنك لست على حق، هم على حق، هل تعلم من هو الطرف الآخر؟ قال تعالى:

﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ(4)﴾

[ سورة التحريم ]

ما معنى هذه الآية؟ أي امرأتان معقول: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ كلهم ضد هاتين المرأتين، علماء التفسير قالوا: ليس هذا هو المعنى، المعنى أنك حينما تريد أن تطعن بالدين، أو أن تحارب أهل الحق، اعلم من هو خصمك؟ اعلم من هو الطرف الآخر؟ أشقى الناس هم الذي يقفون في خندقٍ مناهضٍ للدين، هذا أشقى إنسان، والمعركة خاسرة: 

﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)﴾

[ سورة التوبة ]

هل تستطيع أن تنفخ في الشمس فتطفئها؟ لسان لهبها يزيد طوله عن مليون كيلو متر، ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أنت حينما تعلم أن الله يعلم تستقيم أمورك. 

﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)﴾

[ سورة البقرة ]

كل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ.

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور