وضع داكن
23-11-2024
Logo
الدرس : 24 - سورة البقرة - تفسير الآية 47-52 إن لم نتناهَ عن منكرٍ فعلناه وقعنا في أمراض بني إسرائيل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. 
 

انطلاق الأسلوب الحكيم في القرآن الكريم من التنبيه غير المباشر للمسلمين:


أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الرابع والعشرين من سورة البقرة، ومع الآية السابعة والأربعين وهي قوله تعالى: 

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)﴾

[ سورة البقرة  ]

أيها الإخوة الكرام؛ بادئ ذي بدء ينطلق الأسلوب الحكيم في هذا القرآن الكريم من التنبيه غير المباشر للمسلمين، فالمسلمون وقد جاءهم كتابٌ من عند الله معرَّضون لأمراضٍ كأمراض بني إسرائيل، فالحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم المقصود منه المسلمون، لأنهم أهل كتابٍ مثل بني إسرائيل، ولأن الأمراض المُهلكة التي حلَّت ببني إسرائيل يمكن أن تَحُلَّ بهم تماماً، وهذا الشيء واضح جداً: 

﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)﴾

[ سورة البقرة  ]

يعتقد المسلمون بشفاعة النبي، افعل ما شئت، ما دمت من أمة محمدٍ فالنبي الكريم يشفع لك، ويفهمون الشفاعة فهماً ساذجاً، ويقعدون عن العمل، وكأنَّ هذه الشفاعة حلَّت لهم كل مشكلة، لو تتبعت الأمراض الوبيلة المُهلكة التي ألمَّت ببني إسرائيل لوجدت المسلمين قد تلبسوا بمعظمها، إذاً هذا أسلوبٌ حكيم، أسلوبٌ أشدُّ تأثيراً، يمكن لأمراضهم أن تنتقل إليكم، هم انحرفوا فهلكوا، وأنتم إذا انحرفتم تهلكون مثلهم، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: 

(( عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِي اللَّه عَنْها وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ. ))

[ صحيح البخاري ]

 

إن لم نتناهَ عن منكرٍ فعلناه وقعنا في أمراض بني إسرائيل:


لكن ما الذي سبَّب هلاك بني إسرائيل؟ قال: كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه، بربكم أليس هذا المرض الذي كان سبب هلاكهم واقعاً بنا جميعاً؟ كلّ يجامل أخاه، لا أحد يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، مجاملة، يمدحه ويعلم أنه على باطل، يُثني عليه ويعلم أنه على يصلي، يثني على ذكائه وحكمته أحياناً، مجاملات بالاحتفالات، بعقود القِران، والمتكلِّم يعلم علم اليقين أن هذه الأسرة متفلِّتة، وغير منضبطة بمنهج الله عزَّ وجل، فإذا لم نتناه عن منكرٍ فعلناه وقعنا في مرض بني إسرائيل؛ الأمل هذا مرضٌ مهلكِ: 

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)﴾

[  سورة الجمعة ]

طول الأمل أيضاً وضعف اليقين مرضان مهلكان أهلكا المسلمين، متأمِّل في الدنيا فقط ولم يُدْخِل الآخرة في حساباته إطلاقاً، هذا مرَض أيضاً. 

﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)﴾

[ سورة المائدة ]

ونحن كذلك ندَّعي أننا أمَّة مختارة، ندّعي أننا خير أمةٍ أُخرجت للناس، والله يعذِّبنا كل يوم، ما مرَّ بتاريخ المسلمين وقت أشدُّ إيلاماً من هذه الفترة، إذاً المرض نفسه، الأمراض نفسها. 
 

ذكر الله أمراض بني إسرائيل لتكون واعظاً لنا:


يا أيُّها الإخوة الكرام؛ ما ذكر الله أمراض بني إسرائيل في هذا القرآن الكريم إلا لتكون واعظاً لنا من أن تزل أقدامنا فنقع في أمراضٍ قد وقعوا هم بها أيضاً، كما قال الله عزَّ وجل: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ قال بعض العلماء: النعمة أن أوصاف نبينا عليه الصلاة والسلام جاءت في كتبهم ليؤمنوا به، وهذه نعمة، أي أعانهم على أنفسهم بأن جاءت في كتبهم أوصاف النبي التفصيليّة، والدليل؛ ما هي المعرفة الفطريَّة، البديهيَّة، السريعة، التي لا تحتاج إلى برهان ولا إلى دليل ولا إلا تَذَكُّر؟ معرفة الأب بابنه، هل يوجد أب في الأرض يدخل إلى البيت ويقول لابنه: ما اسمك يا بني؟ لا تجد إنساناً يفعل ذلك، يعرفه من صوته، من مشيته، من ظهره، قال الله عزَّ جل: 

﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)﴾

[ سورة البقرة ]

ومع ذلك كفروا به، لماذا كفروا به؟ بغياً، وعدواً، واستعلاءً، لذلك أخطر شيء في الحياة أن تعصي الله كِبراً، كم من إنسان يعلم أن هذه الجهة على حق تأبى نفسه أن يكون منها؟! يرى نفسه أكبر من ذلك، فالمؤمن يخضع للحق. 
 

تولَّي المسلمون اليوم عن تطبيق منهج الله كما فعل بنو إسرائيل من قبل:


الشيء الثاني: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ هذا التفضيل لا يعني أنهم متفوِّقون، أحياناً يفضِّل الأب ابنه المقصِّر بعشرة مدرِّسين خاصين، فضَّله على بقية أولاده المتفوِّقين، فهذا التفضيل تفضيل تقصير، لأنهم قتلوا الأنبياء، ماذا فعلوا؟ قال: 

﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)﴾

[ سورة البقرة ]

لَمْ تفعلوا كل ذلك: ﴿إِلا قَلِيلا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ تولّوا عن تطبيق منهج الله كما تولَّى المسلمون عن تطبيق منهج الله الآن، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث من دلائل نبوَّة النبي: 

(( عن ثوبان: يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ. ))

[ صحيح أبي داود ]

كأن النبي عليه الصلاة والسلام بيننا، هذا الذي حدث، جاءت ثلاثون دولة لتحارب بلاد المسلمين، وتنهب ثرواتهم وأموالهم، وتدمِّر أسلحتهم، وتُضعفهم، وتكسر شوكتهم، وتحتلَّ أرضهم، وتستبيح المُحَرَّمات.
 

معنى كلمة (فضلتكم):


أيها الإخوة الكرام؛ ﴿فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ أي خصصتكم بأنبياء كثيرين ليعلِّموكم.
شيءٌ آخر: 

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)﴾

[ سورة البقرة ]

هذه آية ثانية، تولَّوا لم يقاتلوا: 

﴿ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70)﴾

[سورة المائدة ]

قتلوا أنبياءهم، إذاً هم مُفضَّلون لتقصيرهم، مُفضَّلون لانحرافهم، مُفضّلون لمعاصيهم، فقد يقول الأب لابنه: يا بني إخوتك درسوا بلا أساتذة خاصين، إنني فضَّلتك على كل إخوتك بعشرة مدرِّسين ولم تنجح!! بالضبط هذا هو المعنى، ولم تنجح؟!
 

أسباب هلاك بني إسرائيل:


قال تعالى:

﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)﴾

[ سورة المائدة ]

وحينما تدخَّل أحد أصحاب النبي وهو حِبُّ رسول الله سيدنا أسامة بن زيد كان النبي يحبُّه حبَّاً شديداً في شأن المخزوميَّة التي سرقت ليشفع لها كي لا تُقْطَع يدها، فغضب النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشدَّ الغضب، وقَال: 

(( عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فَقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالوا: ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. ))

[ صحيح البخاري ]

هذا أحد أسباب هلاك بني إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.
 

عشرات المعجزات رآها بنو إسرائيل بأعينهم ومع ذلك كفروا:


﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)﴾

[ سورة الأعراف  ]

ما فكَّروا، ما عقلوا، ما وحَّدوا، كل هذه المعجزات؛ شُقَّ البحر لهم، أراهم العصا وقد أصبحت ثعباناً مبيناً، أراهم يده وقد جعلها الله بيضاء للناظرين، عشرات المعجزات رأوها بأعينهم ومع ذلك كفروا: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ وقال: 

﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)﴾

[  سورة الإسراء ]

وترون بأعينكم كيف أنهم يتآمرون على أقوى قوَّة في العالم، ويمرّغون من يقبع على سدَّة الحكم فيها في الوحول، خلقوا له مشكلةً لا تزال آثارها حتى الآن لأنه أخذ موقفاً شبه منصف: ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ هذا في القرآن.
 

تجمُّع اليهود في فلسطين ورد في القرآن الكريم:


﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)﴾

[ سورة الإسراء ]

تجمُّع اليهود في فلسطين ورد في هذه الآية، ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ﴾ أي وعد الآخرة؟ قال تعالى:

﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)﴾

[ سورة الإسراء ]

هذا غزو بختنصَّر لليهود واستباحة أموالهم ونسائهم، وكان هذا قد وقع: 

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)﴾

[ سورة الإسراء ]

يقال الآن إن الإعلام في العالَم بيدهم، وأكثر الأموال بيدهم، والبنوك بأيديهم، والاقتصاد بأيديهم، والجامعات أكثرها بأيديهم، ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ ، ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ .

بالنصوص القطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنَّة سوف ينتصر المسلمون على اليهود:

 

﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُم لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)﴾

[ سورة الإسراء ]

الوعد الثاني: ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾ المسلمون، ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ المسجد الآن بأيديهم، ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ بالنصوص القطعية الثبوت والدلالة في القرآن والسنَّة سوف ينتصر المسلمون عليهم إن شاء الله، ونرجو الله أن نرى ذلك قبل أن نموت، وسوف يُجمَّع اليهود في هذه البلاد المقدَّسة لتكون إن شاء الله نهايتهم، ولكنهم تجاوزوا كل حد معقول في عدوانهم وغطرستهم واستهتارهم بالقِيَم. 
 

تسوّى الحقوق يوم القيامة ويؤخذ للمظلوم من الظالم:


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)﴾

[ سورة البقرة  ]

هذا يوم القيامة يحلّ مليار مشكلة، ذكرت لكم من قبل أنه أُطْلِقَ النار على عشرين مليون رأس من الغنم ودُفِنت تحت الأرض للحفاظ على أسعار اللحم في العالَم مرتفعةً، تتلف محاصيل الحمضيات في أمريكا للحفاظ على أسعارها المرتفعة، بدأ الزنوج يتسلَّلون إلى أماكن إتلافها ليأكلوها سمَّموا هذا المحصول في العام القادم لئلا يأكل منه أحد، حجوم مشتقات الحليب التي تُتلَف كحجوم أهرامات مصر من أجل الحفاظ على الأسعار مرتفعة، وترون وتسمعون المجاعات في الصومال، وفي بنغلاديش، وفي السودان، وفي جنوب السودان، وحوش، فلذلك تسوى الحقوق يوم القيامة، يؤخذ للمظلوم من الظالم، يقول الله عزَّ وجل: 

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[  سورة إبراهيم  ]


أمثلة من الواقع عن استهزاء الغرب بالدول النامية:

 
الدخَّان الذي يصدِّروه لنا أسوأ أنواع الدخان، يحوي أعلى نسبة نيكوتين ويباع بأعلى سعر، ونحن نُقْبِلُ على بضاعتهم، هذا شيء مخيف جداً.
مرَّة أنشئ بلدنا أسبوع لمكافحة التدخين، فذكر وزير الصحَّة في برنامج قال: أنا اتصل بي صديقي من أمريكا وأعلمني أن كل الدخان المصدَّر إلى الشرق الأوسط هو من أسوأ أنواع الدخان بالعالَم، ونسب النيكوتين فيه عالية جداً.
في بعض الشركات الأجنبية تُزوّر كل المنتجات الغذائيَّة التي انتهى مفعولها وتُبَاع تهريباً لدول المنطقة، فانتبهوا يا إخوان، لا تفرح بالتهريب، البضاعة النظامية خاضعة لتحليل تحليل دقيق جداً، يوجد معمل ممكن يزوّر أي تاريخ انتهاء المفعول تزويراً جديداً، وتأتيك البضاعة بشكل غير نظامي وأنت فرح بهذا، تقول: أخذناه أقل بمئة هذا القشقوان، أنت هل تعرف أن هذه البضاعة منتهية المفعول، فلذلك يوم القيامة هذا تسوّى فيه الحقوق: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ .
 

العبرة أن تكون عند الله مقبولاً ومستقيماً ومحسناً يوم الحساب:


يصدِّرون موادَّ تصيب الرجال بالعُقم أحياناً، إذا كانت بضاعة مهرَّبة قد تأتي من محلات مشبوهة، قد يكون فيها مواد مؤذية جداً، مواد تجعل الإنسان عقيماً يصبح بلا نسل، مواد تثير الجنس، أو مواد قد انتهى مفعولها، فالإنسان عليه أن يكون دقيقاً فيما يدخل إلى جوفه، المؤمن دقيق جداً فيما يُدخله إلى فمه وفيما يخرج من فمه، تبقى صناعاتنا المحليَّة ليست متقنة  ولكنها خالية من الغش، معقول الأمر؟ معقول جداً، قمح، وسكَّر، وزبدة من إنتاج بلدنا، أما شيء لا نعرف كيف وصل لعندنا، وبأي طريقة وصل، وغير خاضع للتحليل فهذا شيء مخيف جداً.
على كل هذا الذي يبني مجده على أنقاض الآخرين، هذا الذي يبني غناه على إفقارهم، يبني صحَّته على مرضهم: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ تُحَل بعض المشكلات في الدنيا بطريقةٍ أو بأخرى، أما في الآخرة عند قيّوم السماوات والأرض فلا يمكن أن تُحَلَّ مشكلة إلا بشكلها الصحيح، هو يوم العدل، يوم الإنصاف، يوم الدينونة، يوم الجزاء، يوم الحساب الدقيق، يوم أن تنال حقَّك الكامل، فالعبرة أن تكون عند الله مقبولاً، والعبرة أن تكون عند الله مستقيماً، والعبرة أن تكون عند الله محسناً: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ .
 

الله عزَّ وجل كامل كمالاً مطلقاً لا يقرِّب إلا الإنسان الكامل:


(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) قَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ -أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا-اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. ))

[ رواه البخاري ومسلم  ]

من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه.
عم سيدنا رسول الله أبو لهب: 

﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)﴾

[ سورة المسد  ]

توجد نقطة في هذا الموضوع دقيقة جداً، الله عزَّ وجل كامل كمالاً مطلقاً، لا يقرِّب إلا الإنسان الكامل، بخلاف الأقوياء، الأقوياء يقرِّبون من يعلن ولاءه لهم فقط، قد يكون أسوأ إنسان، قد يكون مسيئاً للمجتمع، يقربونه ما دام أعلن ولاءه، أما الله عزَّ وجل فلا يقرِّب مخلوقاً إلا إذا كان كاملاً.
عظمة الدين لا يمكن أن يقرِّبك الله، ولا يتجلَّى على قلبك، ولا ينظر لك بالعطف والرحمة إن لم تكن محسناً، لذلك عندما فتح الفرنجة القدس ذبحوا سبعين ألف إنسان مسلم في ليلة واحدة، أما عندما فتحها صلاح الدين رحمه الله تعالى فما سفك دماً حراماً أبداً، أمَّنهم وسمح لهم أن يبيعوا متاعهم وأن يقبضوا ثمنه، وأن يخرجوا بما تحمله دوابُّهم من متاع، ولم يؤذهم، إلى الآن يأتي الفرنجة إلى دمشق ويقفون أمام قبره محترمين، كان إنساناً عظيماً، كان بإمكانه أن يكيل لهم الصاع بعشرة أصوع، سبعون ألف إنسان تمَّ ذبحهم في ليلة واحدة، هكذا تروي كتب التاريخ حينما فتح الفرنجة القدس، أما عندما فتحها صلاح الدين فقد كان رحيماً. 
 

أدلة من القرآن والسُّنة أن الإنسان يوم القيامة يُحاسَب عن كل شيء:


تعرفون القصَّة الشهيرة أن أماً ضاع ابنها، وقف سيدنا صلاح الدين وقال: "لا أجلس حتى يعود ابنها إليها" ، وهي من أهل الكتاب، المسلم رحيم، المسلم يرجو رحمة الله عز وجل، المسلم مُقَيَّد بألف قيد: 

(( عن أبي هريرة: الإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ لا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ. ))

[ صحيح أبي داود ]

المؤمن مقيَّد، الإنسان بنيان الله وملعونٌ من هدم بنيان الله، هذا الذي يخوِّف الإنسان، يبتز ماله، يصيبه بمرض، هل تصدِّقون أن مساعدات غذائيَّة جاءت من أمريكا إلى الصومال، نصف الباخرة نفايات ذريَّة أُلقيت في سواحل الصومال، هل تصدِّقون ذلك؟ طريقة من طرق التخلُّص من النفايات الذريَّة، نرسل باخرة مساعدات غذائيَّة نصفها غذاء، ونصفها نفايات ذريَّة ذات إشعاع تُلْقَى في سواحل الدول المتخلِّفة، فلذلك يوم القيامة يُحاسب الإنسان عن كل شيء: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ وقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ لا تُحل مشكلة هناك: 

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

[  سورة الحجر  ]

ورد في الحديث الصحيح أن النبي يقول يوم القيامة: 

(( عن أبي هريرة: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى المَقْبُرَةَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ، وأنا فَرَطُهُمْ علَى الحَوْضِ ألا لَيُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي كما يُذادُ البَعِيرُ الضَّالُّ أُنادِيهِمْ ألا هَلُمَّ فيُقالُ: إنَّهُمْ قدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فأقُولُ سُحْقًا سُحْقًا. وفي رواية: فَلَيُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي. ))

[ صحيح مسلم ]

 

صلاتك يجب أن تتوج استقامتك وأخلاقك العالية:


صدِّقوني الدين ليس أن تصلي فقط، الدين أن تكون صادقاً، أن تكون أميناً، أن تكون عفيفاً، أن تكون ورعاً، أن تؤدِّي الحقوق، أن تعطي كل ذي حق حقَّه، الدين أن تبيع بيعاً شرعياً، الدين ألا تبيع بضاعةً فاسدة، هل يمكن لإنسان أن يحك تاريخ انتهاء مفعول دواء ويبيعه لمريض؟!! عندما يبيح الإنسان لنفسه أن يغيِّر تاريخ انتهاء مفعول دواء، يبيح لنفسه أن يبتز مال إنساناً، يوهم إنساناً، يخدع إنساناً، يغش إنساناً، هذا لو صلَّى: 

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾

[ سورة النساء ]

يخادعون الله بالصلاة، اعتبر أن صلاتك يجب أن تتوج استقامتك، أن تتوِّج أخلاقك العالية، أن تتوِّج صدقك وأمانتك، إحسانك للخلق، لو فهم المسلمون الدين فهماً عميقاً والله لكنَّا في حال غير هذا الحال: 

(( عن ابن عبَّاس: خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مئة، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ. ))

[ صحيح أبي داود ]

 

 الصلاة وحدها لا تكفي بل يجب أن تكون رادعاً لك عن الفحشاء والمنكر:


انتبهوا أيُّها الإخوة، ليست القضية أن تصلي، أكثر الناس يقولون لك: صاحب دين، ما الدليل؟ إنه يصلي، لا، لا يكفي، طبعاً: 

﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾

[  سورة العنكبوت ]

﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ(49)﴾

[ سورة البقرة ]

 كان البلاء كبيراً جداً والله عزَّ وجل نجَّاهم من فرعون ودمَّر ما كان يصنع فرعون وجنوده، وكتبنا لهم السلامة والحياة بعد أن ساهم فرعون في إذلالهم، وتذبيح أبنائهم، واستحياء نسائهم.
 

ماذا نستفيد من الآيات التالية؟


﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)﴾

[ سورة البقرة  ]

ماذا نستفيد من هذه الآيات؟ ليفتح الواحد منا دفتراً ويسجِّل، قال: 

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)﴾

[  سورة إبراهيم ]

يوم نجَّاك الله عزَّ وجل من مرض عويص، يوم نجاك من حادث، يوم نجحك في الجامعة، يوم سمح لك أن تسكن في بيت لوحدك، يوم زوَّجك، يوم أعطاك حرفة جيدة، هذه كلها من نعم الله العُظمى، علَّمنا الله من خلال هذه الآيات: واذكروا: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ﴾ ، ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ ، ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى﴾ ، ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ﴾ فالإنسان من حينٍ لآخر ليذكر نعم الله المتتالية عليه، هذه النعم تجعله يحبُّ الله عزَّ وجل: 

(( عن ابن عباس رضي الله عنهما: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي. ))

[ صحيح الترمذي والحاكم ]

 

علو الإنسان في الأرض لا يعني أن الله راضٍ عنه:


علو الإنسان في الأرض لا يعني أن الله راضٍ عنه، نقطة مهمَّة: 

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)﴾

[ سورة الإسراء ]

أصواتهم مرتفعة، والإعلام بيدهم، هذا معنى: ﴿أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ ومع ذلك علوِّك في الأرض لا يعني أن الله يحبُّك إطلاقاً، الله أعطى الملك لفرعون وهو لا يحبُّه، قال فرعون:

﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)﴾

[  سورة النازعات  ]

قال: 

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)﴾

[ سورة القصص  ]

أعطى المال لقارون وهو لا يحبه، فالإنسان لا يعظِّم أصحاب الأموال وأصحاب القوَّة والسلطان، لأن هذا لا يعني أن الله يحبُّهم، قد يعني العكس ذلك، أعطى الله المُلك لمن يحب وأعطاه لمن لا يحب، أعطاه لسيدنا سليمان أيضاً، وأعطى المال لسيدنا ابن عوف وسيدنا عثمان، فلا المُلك مقياس ولا المال مقياس، المقياس طاعة الرحمن، وانتظر من الله كل خير، وتفاءل، وكن مع الله عزَّ وجل بالشكر لهذه النِعَم الجزيلة.
إن شاء الله في درسٍ قادم نتابع هذه الآيات.

النص مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور