- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (046)سورة الأحقاف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون، مع الدرس السادس والأخير من سورة الأحقاف.
العوالِمُ عالمان:عالمُ الغَيب وعالم الشَّهادة:
مع الآية التاسعة والعشرين، وهذه الآية -أيها الإخوة- مُتَعَلّقة بالجنّ، والجنّ -كما نعلم مِن إخبار ربّنا جلّ جلاله- مخلوقات خلقت من النار، لِقَول الله عز وجل في معرض الحِوار بين إبليس وبين ربِّه:
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(76)﴾
قبل أن نمضي في الحديث عن الجِنّ، لا بدّ من مقدّمة أساسيّة جداً.
العوالِمُ عالمان؛ عالمُ الغَيب، وعالم الشَّهادة، العالم المادي والمحسوس هو عالم الشَّهادة، والعالم المُغَيَّبُ عنَّا هو عالم الغيب، وهناك عالَم يجمع بين الغيب والشَّهادة، شيءٌ غابَ عنك، وبقِيَتْ آثارهُ، فذاته غائبة، أما آثاره فباقيَة.
عالم المحسوسات والمعقولات والإخباريات:
عالم المحسوسات:
صار عندنا عالَم المحسوسات، وعالَم الغيب، وعالَم بين الشهادة والغيب، فعالَم المحسوسات هناك حواس أوْدَعَها الله تعالى فيك تتعرَّف إليه عن طريقها، فالعين ترى بها الصُّوَر، والأذن تستمع بها إلى الأصوات، وحاسَّة اللَّمس تتحسَّس ملْمسَ الأشياء، فحاسة السمع والبصر واللمس هي الحواس التي يمكن أن تتعرّف بها إلى عالم المحسوسات، بالإضافة إلى بقية الحواس فبِالذَّوْق تكتشف طُعُوم الأشياء، وبالشَّمّ تكتشف روائِحَها، صورتها وصوتها وملمسها ورائحتها ومذاقها، هذا عالم المحسوسات؛ سبيل اليقين به الحواس الخمس، بنو البشر، وغير البشر مشتَرِكون إلى حدّ ما في هذا العالَم، وفي هذه الأدَوات.
عالم المعقولات:
العالم الثاني عالَم ما غابَتْ عين الشَّيء وبقِيَت آثاره، فهذا العالَم يختص العَقْلُ أو الفِكر بِمَعرفته، شيءٌ غابَتْ عينه، وبقيَت آثاره، ترى دُخانٌ وراء جِدار فتقول: لا دُخان بلا نار، وأنت لم ترَ عَيْنَ النار، لكنَّك رأيْت آثارها، ولم ترَ عيْنَ الكهرباء، ولكنَّك رأيْت تألُّق المصباح، وتكبير الصَّوت، ودوران المِرْوحة، وتبريد الثَّلاجة، فالتَّبريد، والدَّوَران، والصَّوت، والضوء؛ هذه آثار الكهرباء، إذًا العالَم الثاني هو عالَم غابَتْ عينه، وبقيَت آثاره، سبيل معرفته العقل أو باسم آخر هو الفِكر.
كلّ ما في الكون يدلّ على الله تعالى:
الله جلّ جلاله لا تُدْرِكُه الأبصار، ولا يُسأل عنه بمتى كان؟ لأنَّه خالق الزَّمان، ولا أينَ هو؟ لأنَّه خالق المكان، وكلّ ما خطر في بالك فالله خِلاف ذلك، قال تعالى:
﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ
ولكنّ كلّ هذا الكون يدلّ عليه، وكلّ هذا الكون بِمَجَرَّاته ومُذنَّباته وكازاراته وِكَواكبه، وأفلاكه، وأرضِه، وسمائِهِ، وبِجبال الأرض وأنهارها ووِهادها وصحاريها، وسهولها وأغوارها، وجبالها وهضابها وبِحارها وبُحَيْراتها، وبِينابيعها، وأنهارها وبِأسماكها وأطيارها، بنباتاتها، بكل مخلوقاتها، كلّ ما في الكون يدلّ على الله تعالى.
وفي كلّ شي له آيةٌ تدلّ على أنَّه واحد
إذًا في العالَم الثاني سبيل معرفة الله عز وجل العقل، قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ(190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)﴾
عالم الإخباريات:
بقيَ شيءٌ ثالث، في عالَم المحسوسات الحواس الخمس هي أدواتنا لمعرفة هذا العالَم، والعالَم العلوي غابَتْ عنَّا ذات الله عز وجل، ولكنّ آثار قدرة الله عز وجل تحت ِسَمعنا وأبصارنا بادية، إذًا حواسُّنا طريقنا إلى معرفة ما حولنا، لكنّ عقلنا فهو سبيلنا إلى معرفة الله عز وجل، لكن عالَم الغيب عالَمٌ غابَت فيه ذوات الأشياء وآثارها، وإذا غابَتْ ذوات الأشياء وآثارها ليس هناك من سبيل لمعرفة عالَم الغيب إلا الخبر الصادق، فما من طريق، إذ العقل عاجِز، والحواس عاجزة، فمثلاً الجنّ، بالعقل لا نستطيع أن نتعرّف عليهم، ولا بالحواس الخمس، ولا يمكننا أن نعرف عن الجنّ شيئًا إلا ما أخبرنا الله به، فعالَم الغيب سبيل معرفته الخبر الصادق.
عالم الغيب لا يتعرّف الإنسان إليه إلا عن طريق الخبر الصادق:
الملائكة من عالم الغيب، الجنّ من عالم الغيب، الماضي السحيق من عالَم الغيب، والحياة بعد الموت من عالَم الغيب، البرزخ من عالَم الغيب، وكذا الصِّراط المستقيم، والحوض، والجنَّة والنار، هذه كلها من عوالم الغيب، عالَم الغيب لا نتعرّف إليه إلا عن طريق الخبر الصادق، لذلك الجنّ من عالم الغيب، العقل لا يستطيع أن يعرف عنه شيئاً، ولا الحواس تستطيع أن تعرف عنه شيئاً، والجن مخلوقات خُلِقت من نار، والدليل قوله تعالى عن إبليس:
﴿
من خصائص الجن:
خُلقت من نار:
إذاً إبليس من الجنّ، والجنّ مخلوقات خُلِقَت من نار.
عالمُ الجنّ يَرَون عالم الإنس وعالم الإنس لا يرَون عالم الجن:
عالَمُ الجنّ يَرَون عالَم الإنس، وعالَم الإنس لا يرَون عالَم الجنّ والدليل، قوله تعالى:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ
عدم معرفة شيء عن الجن إلا من الأخبار الصادقة عن ربّ العالمين:
في موضوع الجنّ لا نملِك إلا الأخبار الصادقة عن ربّ العالمين، قال تعالى:
عالم الجن له تجمعات:
عالَم الجنّ له تجمّعات، كيف أنَّ البشر أُمَم وشُعوب وقبائل وأُسَر وعشائر، كذلك عالَم الجنّ فيه تجمّعات وتجمّعات، والدليل قوله تعالى:
الجنّ بِإمكانه أن يعيش على الأرض:
عالم الجنّ بِإمكانه أن يعيش على الأرض والدليل، قوله تعالى:
﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36)﴾
الخطاب للجنّ والإنس معاً، فالجنّ يسكنون الأرض، وفُضْلاً عن سُكنى الأرض فبإمكانهم أن يعيشوا خارج الأرض، والدليل قول الجنّ في القرآن الكريم:
﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا(8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(9)﴾
فعالَم الجنّ بإمكانه أن يحْيا على وجه الأرض، وبإمكانه أنْ يَحيا خارِج الأرض.
سرعة انتقال الجن بين السماء والأرض سرعة قِياسِيَّة:
سرعة انتقال الجن بين السماء والأرض سرعة قِياسِيَّة، لذلك حينما خاطب الله الجنّ والإنس قال:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ(33)﴾
قدرة الجن على اجتياز المسافات البعيدة:
لماذا بدأ بالجنّ؟ لأنَّه أقْدَر من الإنس على اجتياز المسافات البعيدة، قال تعالى:
﴿
هذه أيضًا خاصَّة من خواصّ الجنّ.
الجنّ سُمِحَ لهم أن يُوَسْوِسُوا لِبَني آدم الغافلون المنقطعون عن الله تعالى:
الجنّ سُمِحَ لهم أن يُوَسْوِسُوا لِبَني آدم، لِحِكمةٍ مطلقةٍ أرادها الله عز وجل قال تعالى:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ(83)﴾
الجنّ يُوَسْوِسون ولكن ليس لهم سلطان على أيّ إنسان:
العِباد المُخْلَصُون لا يستطيع الجنّ أن يُلقوا إليهم أيّة وسوسة، أما الأُناس الضالون، المنقَطِعون عن الله عز وجل والغافلون، فالجنّ ولاسيما شياطين الجنّ يُوَسْوِسون إليهم، ومن الحقائق القاطعة في موضوع الجنّ، أنَّ الجنّ ليس لهم على بني البشر سلطان، يُوَسْوِسون ولكن ليس لهم سلطان على أيّ إنسان، إنسانٌ يقول لك: اِفْعَل واتَّجه إلى هنا، وقِفْ، لا تُنْفِقْ، أو أنْفِقْ، هذا كلام الناس للناس، ولكن هذا الجِنِيّ لا يستطيع أبداً أن يمسكك، وأن يقودك مثلاً إلى مكانٍ ما، والدليل قوله تعالى:
﴿
الاستماع لكلام البشر و فهمه:
الجنّ يستمعون إلى كلام بني البشر، ويفْهمونه، والدليل قوله تعالى:
﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ(29)﴾
فَمِن خصائص الجنّ أنَّها تستطيع أن تستمع لِكَلام بني البشر، وأن تفهمه.
أقسام الجن:
والجنّ على أقسام؛ منهم المؤمنون، ومنهم الكافرون، والدليل قوله تعالى:
﴿
فالجنّ مُهيَّؤون للهدى، وقد يضِلُّون، أو يهتدون، يؤمنون أو يكفرون والشيء الثابت أنّ النبي صلى الله عليه وسلَّم كما يقول بعض المفسِّرين، بل أغلب المفسرين: لم يرَ الجنّ، ولم يرَ اسْتماعهم إليه، ولكنَّ وحْيَ السَّماء أخبره أنَّهم استمعوا إليه.
هذه الحقائق عن الجنّ مِن خِلال الكتاب الكريم، لا نمْلك غير ذلك، وأيَّة نصوص أخرى ليْسَت صحيحة، وليْسَتْ بِشيء في هذا الموضوع، هذا القرآن الكريم هو كتابنا، وما صحّ مِن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو مَصْدرٌ ثانٍ للعقائد، وللتشريع في ديننا ولكن غير القرآن، وغير السنّة، لا نعبأ إطلاقاً بِكُلّ ما يُقال خلافهما.
عدم معرفة الجن للغيب:
هذا القرآن أخبرنا، أساساً موضوع الجنّ بِمُجمَلِهِ موضوع إخباري، فليس الجنّ مِن عالم الشّهادة، ولكن هو مِن عالم الغَيب، وعالَم الغَيب لا سبيل إلى معرفته إلا عن طريق الخبر الصادق، وهذا القرآن الكريم هو الخبر الصادق، وما صحّ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو الخبر الصادق، فإذا جَمَعْتُم هذه الحقائق مِن خلال هذه الآيات، بإمكانكم أن تضَعُوا إشارة رفض على آلاف القصص، آلاف مُؤلَّفة، فعَالَم الجنّ لا يعلمون الغيب، والدليل أنّ سيّدنا سليمان لمَّا توفَّاه الله عز وجل وكان متَّكئًا على عصاه، على مِنسَأة، وقد كلَّف الجنّ بأعمال شاقَّة قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ
عدم معرفة الإنسان لحقائق للجن إلا عن طريق القرآن الكريم و الأحاديث الصحيحة:
هذه حقائق من كتاب الله:
• فالجنّ مخلوق من نار.
• وأوَّلاً مُكلَّف كالإنسان.
• وثانياً يسكن الأرض، وبإمكانه أن يسكن في كوكب آخر، أو في السماء.
• وانتقاله سريع جّدًّاً.
• وله تجمّعات.
• وسُمِحَ له أن يُوَسْوِس، ولكن لا سُلطان له على بني البشر، هذه حقائق أساسيَّة.
• وهو لا يعلم الغيب.
• ومن الجنّ من هو مؤمن ومنهم من هو كافر.
• يسمع صوت الإنسان ويفهمه.
• وعنده قابلِيَّة للهدى والضّلال.
هذه بعض الحقائق التي وردَت في القرآن الكريم عن الجنّ؛ لذلك أيّة خرافة أو أيّة قصَّة أو أية فكرة أو أيّة مقولة تتناقض مع هذه الآيات الكريمة، ومع تلك الأحاديث الصحيحة لك أن ترفضها، بل ينبغي أن ترفضها، لأنَّ
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ: آية يستنبط منها:
من خصائص النبي الشريفة أنه بُعث للإنس و الجن معاً:
والآن إلى الآية الكريمة، قال تعالى:
السَّماع عند الله ليس أنْ تُلقي السَّمْع ولكن أن تصغي و تتدبر:
هناك معنى آخر نستفيده، ونلْمسُهُ من هذه الآية أنَّك مثلاً إذا الْتَقيْتَ بِرَجُلٍ ذكرَ لك حديثاً شريفاً، أو آيةً قرآنيَّة، وإذا ساقك الله إلى مسْجدٍ فأسْمَعَك خطبةً، ساقك إلى درس عِلمٍ أسمعك حديثًا فيه حقّ صريح فهذا ينبغي أن تراه من الله عز وجل، فرحمة الله تعالى ساقَتْك إلى هذا المجلس ورحمة الله تعالى هي التي ساقتْك إلى هذه الخطبة، ورحمة الله هي التي ساقتْك إلى هذا الإنسان، وهذا ليس عَفْواً، ولا مُصادفةً، ولا خطأً، إنَّما هو مَقْصودٌ من الله عز وجل، قال تعالى:
﴿
الإنصات أن تسكت، والإنصات عمل سلبي، أنْصِت أي اسْكُت، طيِّب والسَّماع؟ قد يبْدو لِبَعض الناس أنَّ الإنصات كالسّماع، الله عز وجل قال:
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ(21)﴾
السَّماع عند الله ليس أنْ تُلقي السَّمْع، ولكن السماع عند الله تعالى أن تُصغي وأن تتدبَّر، وأن تتأمَّل، وأن تُفكِّر، وأن تتحرَّك.
سماع الإنسان الحقيقي أن يفهم الكلام و يعيه و يتبنى مضمونه:
كنتُ أضربُ مثلاً طرقْتُهُ على مسامِعِكم كثيراً أنَّه إذا قال إنسان لآخر: اِنْتَبِه على كَتفِكَ عقرب، فما معنى سماع هذه الكلمة؟ أنْ تبقى هادئًا ومرْتاحاً ومُبْتَسِماً، وأن تلتفت لهذا الذي قال لك احذر العقرب على كتفك، وأن تقول له وأنت هادئ النفس، مرتاح جداً: أنا شاكرٌ لك من كل أعماقي على هذه الملاحظة القيِّمة واللَّطيفة، ولا يسَعُني إلا أن أُعبِّر عن شُكري وامْتِناني؟ هل هذا الكلام يدلّ على سماعك لِما قال؟ والله إذاً ما فَقِهْت أنت من كلامه شيئاً، لو فقِهْتَ لقَفَزْتَ قفْزةً، وصرخْتَ صوتًا، هذا إن فقِهْتَ معنى كلمة عقرب، فالسَّماع الحقيقي ليس أن تصل هذه المَوجات إلى طَبْلة الأُذن، ولكنّ السماع الحقيقي أن تفهم هذا الكلام، وأن تَعِيَه وأن تتدبَّره، وأن تبحث فيه، وتقلِّب وُجوهه، أن تتبنَّى مضمون هذا الكلام، أن تنطلق إلى تطبيق هذا الكلام، فإذا قال الطبيب للمريض دَع المِلْح كُلِيًّاً، وأنَّ المِلح يرفع الضَّغط، وارتفاع الضَّغط قد يُسبِّب انْفِجاراً بِبَعض شرايين الدِّماغ، ومعنى الانفِجار الشَّلَل، فإذا فَهِمْتَ كلام الطبيب فهماً دقيقاً، وبيَّن لك أنَّك على خطر، فهل يُمكن أن تأكل المِلح بعد هذا التوجيه والتنبيه؟ مستحيل، ما معنى السَّماع؟ السَّماع هو التَّطبيق، الوعي والتطبيق هذا هو السماع، قال تعالى:
على الإنسان أن يتأمل فيما قرأ من القرآن الكريم:
لذلك قال تعالى:
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)﴾
التوبة النصوح علامة الإصْغاء إلى الحق:
الله عز وجل أمرنا أن نفكِّر في الكون، وأمرنا كذلك أن ننظر في أفعاله، وأمرنا في تلاوة قرآنه أن نتدبَّر، وهناك آية أخرى تُؤكِّد هذا المعنى، قال تعالى:
﴿
علامة إصْغاء القلب إلى الحق التوبة النصوح:
علامة تدبّر آيات القرآن الكريم الانْطِلاق في تبليغه:
إذًا قال تعالى:
((
الوعي و الإدراك و الفهم من علامات تدبر القرآن الكريم:
أنت إذا ملِئْتَ إعجاباً بالآية تُبَلِّغُها للناس، أما إن لم تنتَبِه إليها، ولم تتأمل فيها، ولم تعْقِلها، ولم تتدبَّر معانيها، فلو سُئلت ماذا قيل في درس اليوم؟ تقول: والله كلام نسمعه كل أسبوع، إذا طُلب منك أن تقول الدرس لا تستطيع، لذلك من علامة الوَعْي، والإدراك، والفهْم، والتدبّر أنَّ النَّفس البشريَّة تمتلئ إعْظاماً لِهذا الكتاب الكريم، وعندئذ تنطلق إلى نقله إلى الآخرين، أَيَكون الجنّ أعْقَل مِن بني البشر؟ قال تعالى:
﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ
وحْدة الأديان السَّماويّة، والحقّ واحِد، وإن رأيْتَ هناك تناقضاً، فَكِتابٌ بقيَ كما أنزله الله عز وجل، وحفظه الله عز وجل، وكتابٌ آخر لِحِكمةٍ أرادها الله لم يحْفظه فقد حُرّف، وبُدّل، ونُقِلَ إليه، وحُذِف منه.
القرآن الكريم يهدي إلى الحق اعْتِقاداً وإخباراً:
قال تعالى:
﴿
كلام الله عز وجل إخبار عنه تعالى أو أمر و نهي:
كلام الله عز وجل لا يزيد عن كونه إخباراً عنه تعالى، أو أمراً ونهْياً فالإخبار صادق، والأمر والنَّهي عدْلٌ:
﴿
هذا هو العدل، لك أن تنظر إلى ما أحلّ الله لك، أما إذا نظرْت إلى امرأة لا تَحِلّ لك فهذا عُدْوان، فكلّ أمرِهِ ونهْيِهِ عدْلٌ، وكلّ إخبارهِ صِدْقٌ:
الإيمان شرط أساسي من شروط إجابة الدعوة:
قال تعالى:
﴿ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
من هو داعيُ الله عز وجل؟ محمّد صلوات الله عليه، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا(46)﴾
قال تعالى:
﴿
دعوة إلى الحياة،
حقوق الله مبْنيَّة على المسامحة وحقوق العباد مَبْنِيَّة على المُشاححة:
قال تعالى:
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(185)﴾
الإنسان مصيره بيد الله عز وجل:
الحالة الثانية، قال تعالى:
﴿
إذا أحد الناس رفضَ الدِّين، ورفضَ أن يؤمن بالله تعالى، وقال: الكون طبيعة، والإنسان كائنٌ مُعَقَّد ومن خِلال التَّطَوّرات أصبح صار إنسانًا، والدنيا هي كلّ شيء، وبعد الموت لا شيء، رفض الدين، فمِمَّا يتْبعُ هذا الرّفض رفض الأمر والنَّهي، ورفض نِظام الله عز وجل وشريعته، وهذا الذي رفض الدِّين، ورفض أن يأتَمِر بما أمر، وينتهي عما عنه نهى وزجر، فما مصيره؟ هو في قبْضة الله، قال تعالى:
من لم يستجب لله و لم يؤمن به لا يستطيع أن يتفلَّت من عِقابه:
بأيّ لحظة! نقطة من الدّم لا تزيد في حجمها عن رأس دبوس، إذا تجمَّدَت في مكان في الدِّماغ، ففي مكان تكون شللاً، وفي مكان تكون عمىً، وفي آخر تكون خللاً، وفي غيره تكون جنونًا، الإنسان ضعيف، وخثرة من الدَّم يكفي أن تتجمَّد في أيّ مكان في الجِسم، فيكون لها مضاعفات خطيرة، أحيانًا موتٌ مفاجئ، بلا أسباب ظاهرة، (سكتة قلبية) هذا هو الإنسان! الإنسان تحت ألطاف الرّحمن:
((
إذا الإنسان لم يجب داعي الله، ولم يسْتَجب لله، ولم يؤمن بالله أو آمنَ به إيمانًا شَكْليًّاً أجْوف، ولم يأتَمِر، ولم ينته، ولم يلتزم، ولم يُعطِ، ولم يمْنَع، ولم يُطَبِّق ما أمر الله به، فما الذي يحْصل؟ قال عليه الصلاة والسلام:
معنى الإعجاز في الأرض أنه:
لا يستطيع أن يتفلَّت من عِقاب الله:
قال تعالى:
لا يستطيع أن يفْعل شيئًا ما يرده الله:
ومعنى الإعجاز في الأرض أنَّه لا يستطيع أن يفْعل شيئًا ما أراده الله ، فهما معنيان؛ لا يستطيع أن يفعل شيئاً ما أراده الله، ولا يستطيع أن يتفلّت من عقاب الله، كلّما قرأتم في كتاب الله هذه الآية، أو مثيلاتها
قدرة الله عز وجل في خلق السماوات و الأرض:
ثمّ قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(33)﴾
ورد في الأثر القدسي:
قال تعالى:
جريمة الكافر جريمة كبيرة جدًّاً لا تغتفر:
ثم يقول تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى
أحيانًا تكون مدة المحاكمات طويلة، ثماني سنوات، أدِلّة ومذكِّرات وشُهود ودعاوى وافْتِراءات وأيْمان، وأحيانًا أخرى المحاكمة تستغرق دقائق! متى؟ إذا كان هناك اعْتِراف، هل أنت قتلتَ؟ نعم! انتهى كل شيء نتيجة الاعتراف، فالاعتراف سيّد الأدلَّة، باعتراف المجرم لا حاجة للشُّهود، ولا للأدلّة انتهى كلّ شيء والقانون واضِح، فربّنا عز وجل أراد في هذه الآية أن يبيِّن أنَّ جريمة الكافر جريمة كبيرة جدًّاً، وأنَّه لا يستطيع أن يكذب إطلاقًا قال تعالى:
حساب الكافر يوم القيامة حساب سريع جداً:
قال تعالى:
﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا
فرعون حينما أدْركه الغرق قال:
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ
كما قلتُ قبل قليل أحيانًا تكون الجريمة واضِحة، والمجرم لا يسَعُهُ إلا أن يعترف، فإذا اعترف صدَر القرار، فالمحاكمة تكون سريعة جداً، قال تعالى:
من بنى مجده على أنقاض الآخرين فالنار مثوى له:
الله عز وجل يُريهم أعمالهم، وإساءتهم، وإضلالهم للبشر، وأنهم بنَوا مجْدهم على أنقاض الآخرين، وبَنَوا حياتهم على موت غيرهم، كما بنوا غِناهم على فقرهم، وبَنَوا أمْنَهُم على خوفهم، قال تعالى:
من آمن بالله و استقام على أمره أصابه الخير في الدنيا و الآخرة:
كلام واضح كالشمس، هذا نقوله لأنفسنا، الدِّين كلّه إيمان واستقامة، والحق واضِح، والأمر واضِح، والنَّهي واضح، والحلال حلال، والحرام حرام، والخير خير، والشرّ شرّ، والإحسان إحسان، والإساءة إساءة، إذا آمنت بالله واسْتَقَمت على أمره لك الخير في الدنيا والآخرة، وإلا فادْفَع الثَّمَن، قال تعالى:
﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ
لما وكزهُ موسى عليه السلام، فهذه الآية يُقاس عليها أشياء كثيرة كلّما وجدْت إنسانًا دُمِّر بِسَبب كسب مال حرام، أو عُدوان على أعراض الناس، أو جهله بالله عز وجل، فكلَّما رأيْت مصيبة كبيرة فادحة، فقل:
الصبر مفتاح الفرج:
قال تعالى:
﴿
يا محمد، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام، وهو على علوّ مقامه، ورِفْعة مكانته وعِصْمته، والله جلّ جلاله يقول له: اصْبِر ! وأنت يا أيها المؤمن اصْبِر، إنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين،
الخوف لا يُنقص من قدْر الإنسان و إنما كلّ عمل له جزاء محدَّد:
الأنبياء خافوا، قال تعالى:
﴿
سيدنا موسى نبي عظيم، وكان خائفاً، الخوف لا يُنقص من قدْر الإنسان، قد تخاف وأنت مستقيم، فاصبِر، الله أمرك أن تصبر، وقال:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ
كلّ عمل له جزاء محدَّد فالحسنة بِعشر أمثالها إلى المئة وإلى السبعمئة، إلا الصبر
عُلُوّ الهِمَّة من الإيمان:
أيها الإخوة، إذا ذهب شخص إلى طبيب الأسنان، وهو يعلم عِلْم اليقين أنَّ قلْع هذا الضِّرس يحتاج إلى مخدِّر لِصالِحِه، ولكن هذا المخدِّر يحدث ألَماً بسيطًا حين الحَقْن، والأمر واضح جداً عندك، أنت تصبر، لكن أحياناً يكون الأمر غير واضح، فهنا لا يُقال لك اصبر لأن الأمر واضح، لكن متى يقال لك اصبر؟ عندما يكون الأمر غير واضِح عندك، وإذا كان واضِحاً لا تحتاج إلى صبر، ولا أجر لك أساساً، لكن حينما يكون الأمر غير واضح فأنت مستقيم، وتُعاني من مشكلة، يا الله ما السَّبب؟ اصبِر، ألسْتَ واثقاً بالله عز وجل؟ ومن حكمته؟ ومن رحمته؟ ومن عدالته؟ ومن توفيقه؟ ومن وعْده الذي لا بدّ أن يقع؟ فاصبِر، وإذا النبي قيل له: اصْبِر فنحن من باب أولى، قال تعالى:
الدنيا ساعة على الإنسان أن يشغلها بالطاعة:
المؤمن قويّ بِدينِهِ، قال تعالى:
﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ(19)﴾
ومن دخل الأربعين دخل في أسواق الآخرة، مالَ الميزان، والأربعين كما قال بعض المُفسِّرين هي النذير، في قوله تعالى:
﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ
قالوا النَّذير سِنُّ الأربعين!
كل إنسان بين عملين: عمل سيئ و آخر جيد:
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
إلى متى أنت شارد؟ أين التَّوبة؟ وأين الانضباط؟ أين طلب العلم؟ وأين الالتزام؟ وأين التَّطبيق؟
إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
إذًا:
أيها الإخوة، اللَّذائذ المحرَّمة تنقضي، وتبقى تَبِعاتُها، والمشقَّات في العبادات تنقضي، ويبقى أجرها وثوابها، أقرب مثل رمضان، إنسان يصوم وآخر يُفطِر، يوم العيد الذي صامَ فطرَ، ولكن كسب أجراً، وبقي الأجر، والذي كفر أكل كالخِنزير، يوم العيد الذي صام فطر، انتهت المشقة وبقي الأجر، والذي فطر نسي اللذائذ وبقي الإثم، فأنت بين عَمَلين؛ بين عملٍ صالح يبقى ثوابه، وتنتهي متاعبهُ، وبين عملٍ سيئ يبقى عقابه، وتنتهي لذائذُه.
استعراض حياة الإنسان يوم القيامة:
قال تعالى:
التبليغ مهمة الإنسان في الدنيا:
ثمّ يقول تعالى:
﴿ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ
طاعة الله عز وجل سبيل الإنسان للنجاة:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ
قال تعالى:
الموت مصير كل إنسان:
كلّ مُتَوَقَّعٍ آت، وكلّ آتٍ قريب، الإنسان أحيانًا يرى الأمد طويلاً، وهذا من ضعف التَّفكير، فما دام الموت في طريقِهِ إلينا فكأنَّه جاء، وكلّ واحدٍ مِنَّا عليه أن يعلم أنَّه حُكِمَ عليه بالموت مع وَقف التَّنفيذ، والتَّنفيذ سيَكون فجأةً من دون سابق إنذار، عليه أن يستعِدّ، قال تعالى:
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.