- أحاديث رمضان
- /
- ٠07رمضان 1421 هـ - دراسات قرآنية
على المؤمن عبادة الله رغباً ورهباً :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الأخوة الكرام ،؛ لابد للمؤمن من أن يدفع ثمن الجنة ، فإذا اطمأن الناس يخاف هو ، وإذا غفل الناس يذكر هو ، وإذا تفلت الناس ينضبط هو ، وقد وصف الله حال المؤمن في آيةٍ في السجدة قال :
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾
المعنى الواسع لهذه الآية أن كل شيءٍ تركن إليه النفس هو لا يركن إليه ، الناس يسترخون ، يستمتعون ، ينامون ، يأكلون ، يشربون ، يضحكون ، يغوصون في أمور الدنيا ، هو قلق ، قلقٌ على مصيره ، قلقٌ على حسن خاتمته ، قلقٌ على مسعاه إلى الجنة ، فالله عز وجل قال :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾
أي لا يركن إلى متاع الحياة الدنيا ، لا يراها كل شيء ، لا يراها هدفاً من أهدافه الكبيرة ، هدفه مرضاة الله عز وجل :﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾
هناك مقياس دقيق ، إذا زاد الرجاء ضعف الانضباط ، وإذا زاد الخوف ضعف الرجاء ، من السهل جداً أن ترجو الله رجاءً ساذجاً من دون عمل ، وأن تطمع في رحمته من دون التزام ، وسهلٌ جداً أن تخافه خوفاً غير معقول ، فلا ترجو رحمته عندئذٍ ، كلاهما حالةٌ مرضية ، الوضع المتوازن أن ترجوه بقدر ما تخافه ، وأن تخافه بقدر ما ترجوه ، أن تكون بين الخوف والرجاء ، أن تعبده رغباً ورهباً ، التوازن يحتاج إلى بطولة ، أما التطرف سهل جداً في أي شيء ، التطرف سهل ، أما التوازن يحتاج إلى دقة ، لذلك :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
ثمن الجنة أن تقدم شيئاً خالصاً لله عز وجل :
إذاً هو على اتصالٍ بالله ، ومع الاتصال خوفٌ وطمعٌ في وقتٍ واحد ، على مستوى العمل :
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾
أي بنى حياته على العطاء ، مما أتاه الله ، سمعت قصة أن امرأةً أصيبت بمرضٍ خبيثٍ في دماغها ، فنذرت إن شفاها الله أن تقدم كل ما تملك في سبيل الله ، فشفيت ، حسناً ماذا تملك؟ امرأةٌ فقيرةٌ جداً ، لا تملك شيئاً ، سمعت أنها بدأت تطبخ طبخاً نفيساً ، وتبيعه إلى أسرٍ غنيةٍ ، والفرق تعالج به المرضى وأقبل الناس عليها إقبالاً شديداً ، طبخ منزلي ، مستوى عالٍ جداً وتأخذ ثمن هذا الطعام مع ربحٍ جيد ، الأرباح كلها لم تدخل جيبها ، إنما قُدمت لمعالجة المرضى فارتقت عند الله ، ماذا تملك هذه المرأة؟ أنها تطبخ طبخاً جيداً فقط ، لا يوجد إنسان ليس عنده ميزة بالأرض .إنسان وهب عرضه لمن اغتابه ، أبو ضمضم : يا رب وهبت عرضي لمن اغتابني ، سامحته ، كان يستطيع أن يقاضيه ، فلا يوجد إنسان ليس عنده شيء ، فهذا الشيء لو أنك نذرته لله :
﴿ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾
نذرت ابنها ، أو وليدها إن صح التعبير ، فهناك إنسان يملك خبرة ، إنسان اختصاص ، وإنسان آخر لغة أجنبية .والله البارحة أخ كريم قال لي : أنا أستاذ في الجامعة ، ومتخصص في الكيمياء ، وأنا بخدمة هذه المسجد ، عرض إمكانياته ، هذا باختصاص ، هذا بمهنة ، هذا بحرفة ، هذا بمال ، هذا بخبرة ، هذا بترجمة ، هذا بموضوع ، لابد أن تقدم شيئاً لله عز وجل ، خالص هذا الشيء هو ثمن الجنة ، نعم هؤلاء الذين يستحقون الجنة :
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾
النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح يقول :(( إياك والتنعم ))
الجنة التي وعدنا بها والتي خلقنا من أجلها ثمنها في متناول أيدينا :
طبعاً الإنسان يتنعم أحياناً ، لكن يتنعم دون أن يكون قصداً له ، دون أن يكون شيئاً في حياته مركزاً ، الله يسره بأهله ، بأولاده ، بطعام ، بلقاء ، بسفر ، بثمر إسلامي بريء مباح طيب ، دون أن يكون شيئاً مركزاً في حياته .
(( إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ))
لأنه :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾
الجواب قال :﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾
لو شخص ضعيف بحفظ القرآن لعله يقرؤها ، فلو تعلم نفس ، لو قد تعلم ، أما (ما) فنافية ، لا يمكن أن تعلم ما أُخفي لهم من قرة أعين ، من سعادةٍ أبدية ، فهذه الجنة التي وعدنا بها ، والتي خلقنا من أجلها ، ثمنها في متناول أيدينا في الدنيا ، انضباط ، وطاعة ، وعمل صالح ، وذكر ، وطلب علم .﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
ثم يقول الله عز وجل :﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
أي شتان بين المؤمن هو الحقيقة والكافر ، لكن لأن الكفر من لوازمه الفسق قال :﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾
الشدائد في الدنيا يسوقها الله كي لا تكون شدائد أكبر في جهنم :
الآن ممكن أن نعطي حكماً جامعاً مانعاً وهو أن كل الشدائد في الدنيا في الأصل يسوقها الله ، كي لا تكون شدائد أكبر في جهنم :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ ﴾
هو عذابٌ أدنى في الدنيا دون العذاب الأكبر في الآخرة لعلهم يرجعون ، أي ما من كلماتٍ بليغات ، جامعاتٍ ، مانعاتٍ ، واضحاتٍ ، حاسماتٍ ، كهذه الكلمات :﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ ﴾
لعل الله يتلافى العذاب الأكبر بالعذاب الأدنى :﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
وفي آية قرآنية لعلي ذكرتها كثيراً ، لكن لعل بعض الإخوة لم يسمعها من إعجاز القرآن العلمي ، في هذا العصر من أكبر أعلام العلم الفلكي والفيزيائي أينشتاين وقد عُقِد مؤتمر للإعجاز العلمي في موسكو ، المؤتمر الخامس ، أُلقيت فيه محاضرةٌ ، اطلعت على ملخصها ، ثم طلبت أصلها ، فقدم إلي ، أصل هذه النظرية أن الله عز وجل يقول :﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
لأن العرب مخاطبون بهذه الآية ، ولأنهم يعدون السنة القمرية ، فكان هذا اليوم يساوي ألف سنة ، بعض العلماء حسبوا أن القمر يدور دورة حول الأرض في كل شهرٍ مرة ، ومن السهل جداً أن تحسب كم يقطع القمر في رحلته حول الأرض من خلال وصل خط بين مركز الأرض ومركز القمر ، هذا نصف قطر الدائرة ، ومضاعفة الخط يعطينا قيمة القطر ، ضرب البي المحيط ضرب اثني عشر بالسنة ، ضرب ألف ، ألف سنة ، هذا الرقم الكبير جداً لو قسم على ثواني اليوم :﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ ﴾
النتيجة طبعاً لو قسمنا المسافة على الزمن ينتج السرعة ، النتيجة سرعة الضوء الدقيقة هي مئتان وتسعة وتسعون ألفاً وسبعمئة واثنان وخمسون كيلو متر في الثانية ، هذه سرعة الضوء الدقيقة ، وهي السرعة المطلقة في الكون ، فلو سبقنا الضوء تراجع الزمن ، ولو سرنا مع الضوء توقف الزمن ، ولو قصرنا عن الضوء تراخى الزمن ، آية :﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
للمؤمن الصادق ساعة مناجاة مع ربه :
أخواننا الكرام ، في سورة الإنسان يقول الله عز وجل :
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾
يقولوا ورد في الأحاديث الصحيحة :(( من صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ، ومن صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ))
(( يا بن آدمَ لا تَعْجِز من أربع ركعات في أول نهارك أكْفِكَ آخرَهُ ))
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ ﴾
المؤمن الصادق له ساعة مناجاة مع ربه ، في قيام الليل ، في صلاة الفجر ، في صلاة التهجد ، وهو مستلقٍ ، لابد من أن تناجيه ، لابد من أن تسأله :﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾
لأن الله عز وجل يقول :﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾
الحد الأدنى ركعتان قبل آذان الفجر ، الحد الأدنى ، وأنا أقول لكم لا يمكن أن ينطق النبي بالهوى ، النبي روى لنا أنه :(( إِذَا مَضى شَطْرُ الليل أو ثُلُثَاهُ ، يَنْزِلُ اللهُ تَبارَكَ وتعالى إِلى السماءِ الدنيا فيقولُ: هل من سائِلٍ فَيُعْطَى ؟ هل من دَاعٍ فَيُستَجَابَ لَه ؟ هل من مُستَغفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ ؟ حتى يَنفَجِرَ الصُّبْحُ ))
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾
الإنسان مخير عند الله لا يقبله الله إلا مختاراً :
الآن علماء البلاغة قالوا : إن هؤلاء عند الله صغار ، تافهون :
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾
يحبون الدنيا :﴿ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ﴾
أي قد يعترض إنسان على الإمام أنه أطال في القراءة ، واعتراض عنيف جداً ، واعتراض قاس ، أما لو حدثته في أمور الدنيا وقف ساعتين على قدميه في الطريق دون أن يشعر ، لم يحتمل قراءة صفحة ، لكن أدار حديثاً دام ساعتين وهو واقف ، فعندما يتضايق الإنسان من بقائه في المسجد ، ومن أداء الصلوات ، ومن تلاوة القرآن ، ويسرح ويمرح في أمور الدنيا ، فهذا مؤشر خطير جداً :﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً * نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً * إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾
أنتم مخيرون :﴿ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ ﴾
غير ملزمة ، لأنك عند الله مخير ، فأنت هويتك مخير ، لا يقبلك الله إلا مختاراً ، لا يقبلك مكرهاً :﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾
العمل القسري لا نرقى به :
لو أن الهدى القسري يسعدكم ، لأجبرتكم على الهدى :
﴿ وَلَوْ شِئْنَا ﴾
أن نلغي اختياركم أن نلغي قوامكم ، أن نلغي التكليف ، أن نلغي المسؤولية ، أن نلغي الجنة ، أن نلغي النار :﴿ وَلَوْ شِئْنَا ﴾
ولو شئنا أن نسيركم قسراً لما أجبرناكم إلا على الهدى ، ولكن هذا الهدى .مرة ضربت مثلاً : لو أن طالباً يعمل والده في بيع الأزهار ، جاء لمعلمه بباقة زهر ، طفل صغير جاء بباقة زهر وهو مبتسم وفرح ، وقدم شيئاً ثميناً ، والأستاذ قبلها منه ، وأثنى عليه ، طوال اليوم هذا الطالب مع الأستاذ متألق ، زئبقي العين ، متورد الخدين ، لأنه قام بعمل طيب ، جاء بهدية لأستاذه ، والأستاذ وضعها على الطاولة ، وأثنى عليه ، انظر الحادثة نفسها بشكل آخر ، ماذا يعمل والدك يا بني ؟ قال له : يبيع أزهاراً ، قال له : أحضر لي باقة ورد ، ولا تنسى، أو أضع لك علامة الصفر مثلاً ، أحضر في اليوم الثاني ، خذ يا أستاذ ، هل يرقى الطالب في المرة الثانية ؟ أبداً ، فيها قهر ، ما دام قهراً ليس فيها شعور أنه قدم شيئاً ، لا يمكن أن ترقى إلا بعمل مختار ، العمل القسري لا ترقى به ، فلو أراد الله أن يهدينا جميعاً لهدانا قسراً ، هذا الهدى لا قيمة له إطلاقاً ، وأساساً الأقوياء إذا أعطوا أمراً الجميع ينفذون ، بالملايين ينفذون ، لكن هل يرقى الناس بهذا الأمر ؟ أبداً ، لأنه كان قسراً ، هنا يقول الله عز وجل :
﴿ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ ﴾
تذكرة فقط :﴿ فَمَنْ شَاءَ ﴾
من أراد مختاراً ، طائعاً ، مبادراً :﴿ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾
جاء للمسجد قرأ القرآن ، عرف أحكام الشرع ، غض بصره ، ضبط أذنه ، ما سمع الغناء ، ما عاش مع الملهيات ، ما اغتاب ، ما نم ، كان صادقاً ، كان أميناً ، هذا طريق الله عز وجل ، الصدق طريق ، والأمانة طريق ، والعفة طريق ، والاتقان طريق ، والنصيحة طريق ، الطرق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، لكن :﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾
مشيئة الإنسان مشيئة اختيار لكن مشيئة الله مشيئة اختبار :
من أجل ألا نفهم هذه الآية فهماً جبرياً ، والفهم الجبري خطير جداً ، أنني أنا إذا شئت الله لا يشاء لي إذا أراد ، لا ليس هذا هو المعنى ، نقول له : يا أيها الإنسان مشيئتك مشيئة بحثٍ واختيار لكن مشيئة الله مشيئة فحصٍ واختبار ، الآن طالب حصل على مئة وعلامتين في البكالوريا ، كتب أريد الطب ، إذا نظروا إلى علاماته يرفضوه طبعاً ، هم ما رفضوه تعنتاً ولا قسوةً لكن ليس عنده أهلية هذه الكلية ، فالإنسان يشاء ، يبحث ويشاء ، والله عز وجل يمتحن ويمحص، فمشيئة الإنسان مشيئة اختيار لكن مشيئة الله مشيئة اختبار ، تختار أنت والله يختبرك:
﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾
أي ما كل طالب قدم كلمة طب بالاستمارة يُقبل ، ينظرون إلى علاماته ، ينظرون إلى مجموعه ، علامة العلوم ، علامة الرياضيات ، هناك اختبار :﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾
عليم وحكيم ، كذلك في آية ثانية :﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ﴾
كذلك حتى لا تفهمها فهماً جبرياً ، الذي بعد هذه الآية :﴿ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾
من الذي يدخله إذاً؟ الذي لم يظلم ، أنا سآخذ معي من أشاء إلى الرحلة ، والكسول لا آخذه معي ، حسناً أنت من تأخذ إذاً؟ أصبح هناك قاعدة ، هذه الآية الأخيرة :﴿ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾