- موضوعات متنوعة / ٠3دورات للطلاب الأجانب / ٠2دورة عام 1999
- /
- ٠2سيرة
ـ في السنة السادسة للهجرة عزم الرسول صلوات الله عليه على أن يوسع نطاق دعوته إلى الله، فكتب ثمانية كتب إلى ملوك العرب والعجم وبعث بهما إلى هؤلاء الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، وكان في جملة مًن كاتبهم ثمامة بن أثال ملك من ملوك اليمامة، الذين لا يعصى لهم أمر.
ـ تلقى ثمامة رسالة النبي بالاحتقار، والإعراض، وقد حاول قتل النبي فخيّب الله سعيه، ولكنه لم يكفَّ أذاه عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه ظفر بعدد منهم وقتلهم؛ فأهدر النبي دمه وأعلن ذلك في أصحابه.
ـ عزم ثمامة على أداء العمرة، وبينما كان في طريقه إلى الحرم أسرته سرية من سرايا رسول الله الجوالة في أطراف المدينة، وأتت به إلى المسجد، وربطته بسارية من سواري المسجد حتى يأتي رسول الله ويحكم فيه... فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام أوصى به أصحابه خيراً، ثم أقبل عليه قائلاً له:
ما عندك يا ثمامة ؟ قال: عندي يا محمد خير... فإن تقتل تقتل ذا دم وإن تُنعم تنعم على شاكر.. وإن كنت تريد المال ؛ فسل تُعط منه ما تشاء... فتركه النبي على حاله يومين، ثم جاءه، فال: ما عندك يا ثمامة ؟ فأعاد عليه ثمامة الجواب، فتركه النبي على حاله، ثم جاءه في اليوم التالي فقال: ما عندك يا ثمامة ؟ فأجابه بنفس الجواب. فالتفت النبي إلى أصحابه وقال: أطلقوا ثمامة... ففعلوا.
ـ غادر ثمامة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضى حتى إذا بلغ أطراف المدينة تطهر ثم عاد إلى المسجد، وصاح بأعلى صوته: أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله. ثم قال: يا محمد والله ما كان على ظهر الأرض وجه أبغض إلي منك، وقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ.
ثم قال: لقد كنت أصبت في أصحابك دماً فما الذي توجبه عليَّ ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لا لوم عليك يا ثمامة... فإن الإسلام يجب ما قبله، فقال ثمامة: والله لأصيبنَّ من المشركين أضعاف ما أصبت من أصحابك. ولأضعنَّ نفسي وسيفي ومَن معي في نصرتك ونصرة دينك...
ـ ثم إن ثمامة استأذن رسول الله أن يذهب إلى العمرة، فأذن له وعلمه المناسك، ودخل مكة ملبياً، فكان أول مسلم يدخل مكة ملبياً.. فغضبت قريش.
وهموا بقتل ثمامة ؛ إلا أنهم أغمدوا سيوفهم بعد أن عرفوه، لأنهم يخافون إن آذوه أن يقطع عنهم المؤونة من اليمامة... فجاءوا إليه وسألوه: أتركت دينك ودين آبائك ؟. فقال: لقد اتبعت خير دين.. اتبعت دين محمد.
ثم قال: أقسم برب البيت، إنه لا يصل إليكم بعد عودتي إلى اليمامة حبة من قمحها، أو شيء من خيراتها، حتى تتبعوا محمداً عن آخركم..
وبالفعل مضى ثمامة إلى بلاده، وقطع المؤونة عن قريش، فارتفعت الأسعار، وانتشر الجوع في الناس، وبقي الوضع على هذا الحال حتى أمر رسول الله ثمامة أن يعيد الأمور على ما كانت عليه ففعل.
ـ ظل ثمامة وفياً لدينه، حافظاً لعهد نبيه، فلما قام مسيلمة الكذاب مدعياً للنبوة، قام ثمامة في بني حنيفة قائلاً:
يا بني حنيفة: إنه لا يجتمع نبيان في وقت واحد، وإن محمداً رسول الله، ولانبي بعده، ولا نبي يشرك معه، ثم قرأ عليهم:
﴿حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)﴾
ثم قال: أين كلام الله هذا من كلام مسيلمة: " يا ضفدع نقي ما تنقين لا الشّراب تمنعين ولا الماء تكدرين ".
ثم انحاز بمن بقي على الإسلام، ومضى يقاتل المرتدين جهاداً في سبيل الله، وإعلاء لكلمته في الأرض.