- أحاديث رمضان
- /
- ٠07رمضان 1421 هـ - دراسات قرآنية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
الإخلاص لله تعالى هو الدين كله
أيها الأخوة الكرام ؛ تعلمون جميعاً أن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، وأن العمل الصالح يقيم من زاويتين ، من زاوية الإطلاق ومن زاوية مطابقته لسنّة رسول الله ، فمن فعل شيئاً بنية مخلصة ولم يطابق سنّة رسول الله لا يقبل ، ومن فعل ما يطابق سنة رسول الله ولم يكن مخلصاً لا يقبل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الجامع المانع يَقُولُ :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))
ما الذي يكشف لك إخلاصك أو عدمه ؟ الحقيقة الإخلاص أخطر ما في الدين ، قال بعضهم : إنه نصف الدين ، وقال بعضهم الآخر : إنه الدين كله ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ﴾
أي أجعل جوارحك وفق منهج الله ، العين تعبده بغض البصر ، واللسان يعبده بضبط الأمور لا غيبة ولا نميمة ولا شيء من ذلك ، واليد تعبده بأن لا تفعل إلا ما يرضيه .
﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً﴾
القلب عبادته الإخلاص ، الجوارح عبادتها الانصياع ، فإذا مبدئياً قلنا الإخلاص نصف الدين ، فإذا لم نكن مخلصين لا قيمة لعبادتنا ، إذاً هو الدين كله ، ما الذي يكشف لك أنك مخلص؟ أن يكون عملك في السر كعملك في العلانية ، أن تصلي وحدك كما تصلي أمام الناس ، أن تغض البصر وحدك كما تغضه أمام الناس ، أن تتقن العبادات وحدك كما تتقنها أمام الناس ، فإن لم يكن هناك فرق إطلاقاً بين خلوتك وجلوتك ، وسرك وعلانيتك ، فهذا مؤشر إيجابي على أنك مخلص ، هذه واحدة ، المؤشر الثاني : أنك إذا فعلت عملاً صالحاً ولم تتلقى لا تكريماً ولا مديحاً لا تتأثّر ، لأنك فعلت هذا من أجل الله ، فردود فعل الخلق ، لا قيمة لها عندك إطلاقاً إن رضيت أو إن سخطت ، إن أقبلت أو إن أدبرت ، إن سمّنت أو لم تسمن ، إنك فعلت هذا ابتغاء وجه الله ، والذي فعلته من أجله عليم بصير يعلم ما تنطوي عليه وما الذي دفعك إليه ، إذاً أنت إذا كنت مخلصاً نجوت من عيب شديد هو استهزاء المديح ، أكثر الناس لا بد من أن يتحركوا ويتكلموا كي يُثيروا الناس حولهم للمديح ، إنك إن أخلصت لله عز وجل لا تبتزّ المديح من أحد ، ولا تعلق أهمية على مديح الناس لك ، ولا على تقديرهم ولا على ثنائهم ، إنك تبتغي بهذا وجه الله .
من مؤشرات الإخلاص لله عز وجل أنه إذا فعلت عملاً طيباً ، هذا العمل رُفع إلى الله ، ما الرد الإلهي على هذا العمل الطيب المخلص ؟ أن الله يملأ قلبك غنى وسعادة ، وهذا في تقديري هو الثواب ، والثواب مِن ثاب أو رجع ، فإذا عملت عملاً صالحاً ، وصعد هذا العمل إلى الله عز وجل ، عاد من الله سكينة تملأ قلبك ، فهنا ثلاث مؤشرات ، المؤشر الرابع : أنك لا تبتغي أجراً من أحد ، مرة ضربت مثل ملك قال لمعلم ، أعطِ ابني دروس وأنا أحاسبك ، هكذا فهم الناس أن الملوك عطاءها كبير ، أقل عطاء بيت ، فهذا المعلم علّم الابن أربعة دروس ، ثم طلب الأجرة ، فسُئل كم هي ؟ قال : خمسمائة ليرة ، فقال الملك : تفضلها ! ظن نفسه ذكي أنه طالب بحقه ، لكن فاته الأمر أنه لو ترك للأب لأعطاه بيت وسيارة مثلاً ، فحينما طالب المعلم الابن بأجرة الدروس كان أحمقاً ، أنت حينما تطلب أجراً على عمل صالح يجب أن تعلم أن أي شيء تأخذه لا قيمة له أمام ما وعدك الله به من عطاء ، وكل من عرف الله وعرف ما عنده وعرف جنته وعرف توفيقه في الدنيا لا يمكن أن يطلب على عمله الصالح أجراً ، لاحظ يتفاوت الناس بطلب الأجر بتفاوتهم في معرفة الله ، فالمؤمن لا يريد شيئاً ، ولا مديحاً ولا ثناءاً ، هناك قصص للصحابة التابعين شيء لا يصدق لم يقبل أن يُذكر اسمه إطلاقاً ، وفعل هذا من أجل الله ، وكلما كان إخلاصك أشد كنت الأقرب إلى الله ، وكان عملك مسهلاً ، أحياناً الإنسان ينسى تهمّه سمعته ، رجل صلى وراء الإمام أربعين سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام ، ذات مرة غفل قال : ماذا يقول الناس عني ؟ عبادة أربعين عاماً ذهبت أدراج الرياح لأنه ما كان بها مخلصاً لله ، كان يريد تثبيت مكانته عند الناس .
فيا أيها الأخوة ؛ الإخلاص الإخلاص ، والإخلاص من علامة الصادقين .
﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾
من هم ؟ لهم ألف صفة ، كلها أمثلة ، قال :
﴿اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾
هذا ذكرته بقوله تعالى :
﴿يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ﴾
فعلامة إخلاصك أنك لا تطلب من الناس أجراً ، هذه واحدة .
مجالات تأديب الله
الشيء الثاني : أن الله كما أقول دائماً ثبّت أشياء كثيرة وحذف أشياء قليلة فالذي ثبّته استقرار النظام وجراحة الأنام ، دورة الأفلاك الثالثة يمكن أن تتنبأ أن الشمس سوف تشرق بعد مائة عام يوم 7-12 2800 فرضاً والساعة 5و3دقائق ! ثبات عجيب ، بل إن أدق ساعة في العالم هي ساعة بيك بن تضبط على حركة النجم ! وقد تختلف ثانية أو جزءاً من الثانية في العام كله ، أيهما أدق الساعة أم حركة النجم ؟ حركة النجم هي الأدق ، إذاً ثبّت أشياء كثيرة خصائص المواد والبلوغ دورة الأفلاك إلى ما لا نهاية له ، لكن حرق الصحة والرزق من أجل أن يؤدبنا ، فمجالات التأديب الرزق والصحة .
﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾
﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾
﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً﴾
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾
فقضية الرزق وسيلة للتأديب ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه :
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلا الْبِرُّ ))
وأدبنا بالصحة ، أحياناً الإنسان يكون شارداً وساهٍ ولاهٍ تأتيه مشكلة صحية فتزيده قرباً من الله عز وجل ، إذاً :
﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾
آمان المؤمنين وثقتهم بالله
النقطة الثالثة في هذه الآيات : أن حالة الأمن التي يعيشها المؤمن لا يمكن أن تقدر بثمن ، لو كنت وسط غابة من الوحوش وأنت مع الله فلا تخشى شيئاً لأن كل هذه الوحوش بيد الله ، ناصيتها بيد الله ، إن شاء أطلقها وإن شاء منعها ، فعلاقتك مع الله ، المعنى فهمه سهل ، أما أن تعيشه ، القوي أمام القوي وتراه يفعل ما يريد ، وإذا بَطَشَ ، بَطَشَ بطشة جبار ، ومع ذلك إذا كنت مع الله حماك منه ، هناك حالات من أصعب الحالات : أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام كان مع أصحابه باتجاه البحر ، فتبعهم فرعون ، وما أدراكم ما فرعون ، لا أمل من النجاة أبداً !
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾
البحر أمامنا ، وفئة قليلة مستضعفة ، وفرعون بكل جبروته وقوته وظلمه من ورائهم
﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾
فأنت حينما تعتصم بالله تشعر أنك أقوى الأقوياء ، إن أردت الأمن فكن مع الله ، في أي مكان في أي زمان في أي ظرف إذا كان الله معك فمن عليك وإذا كان عليك فمن معك لذلك قال تعالى :
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
هناك شيء : كلمة على تفيد الإلزام ، الله عز وجل الزم نفسه بالاستقامة ، معاني يقولها بعض الناس : أنه لعلك تعبده كل حياتك وقبل أن يموت الإنسان تذل قدمه فيستحق النار ، هذا ليس من أفعال الله عز وجل .
ما دمت مطيعاً له فأنت في بحبوحة ، وأنت في عناية .
﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
قوم لوط وعقابهم
أما فعل قوم لوط ، العلماء قالوا : هناك فعل يخالف الحكم الشرعي و حرام ، الزنى حرام لأن الزنى مخالف للحكم الشرعي ، لكن هناك عمل يخالف الفطرة ، يخالف أصل التصميم ، الإنسان مُصمم لأنثى ، والأنثى مصممة لرجل ، تقول له : أي بنيتي إنك فارقت العش الذي فيه درجت إلى بعل لا تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، كوني له أمة يكون لك عبداً ، لو أن الوصية تركت بفضل أدب ، تركت لذلك منك ، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ولو أن المرأة استغنت عن الزوج بغنى أبويها أو لشدة حاجتهما إليها لكنت أغنى الناس عنها ، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال ، لأصل التصميم ، فالزنى عقابه الجلد ، طبعاً إذا كان غير محصن ، ولأن الشذوذ مخالف لأصل التصميم ، مخالف لأصل الحكم الشرعي وللوضع ولفطرة الإنسان ، لكن ما ظن هذا العصر ؟ وقد أصبح هؤلاء الشاذون يحملون بطاقات ، ولهم ممثلون في المجال ، ورؤساء في بلاد الغرب يسترضونهم لأنهم يسمحون أن يعينوا في الوظائف وفي الجيش وما نجح أحد رؤساء أميركا إلا لأنه وعد هؤلاء بأن يعاملوا كأسوياء ، فقد سارت مسيرات في أوروبا بأعداد لا تصدق مائة ألف يطالبون بحقوقهم .
﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾
وهذا مرض الإيدز سبعين بالمائة من أسبابه السلوك ويبدو أنه قديم .
﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
نقطة تثير الجدل : قال يا قوم هؤلاء لنا أيعقل لنبي كريم يرى أناساً منحرفين شاذين أن يعرض عليهم بناته ؟ هذا شيء غير مقبول ، لكن بعض العلماء قال : الأنبياء مكانتهم في المجتمع كمكانة الآباء ، فالنبي الصادق والعالم الصادق يرى كل بنات المؤمنين كأنهن بناته ، أنتم منحرفون البديل أنثى امرأة فأنتم تطلبون الشهوة ، من طريق شاذ منحرف .
﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾
الشيء الدقيق : الذي يؤكد الولاء والبراء أن امرأته أهلكت مع قومها لا لأنها تحب هذا الفعل ، ولكن لأنها أقرت قومها على أفعالهم وهويتهم ، ومن هوي الكفرة حشر معهم لفت نظري في هذه السفرة الأخيرة أن الإنسان إذا عاش مع قوم منحرفين مع الأيام يألف انحرافهم ! ولا يرى في هذا العمل شيئاً شنيعاً ، والشيء الغريب أن هذا العمل في بلاد أخرى يتمتع به أناس من علية القوم ، مرة وزير بريطاني يحاكي وزير الصحة في مؤتمر صحفي قال : أنا شاذ ! وقد تجد مدير شركة حاكم ولاية قاضي كبير ، شخصيات بِأعلى المناصب شاذون وفي بريطانية كذا زواج من ذكر وذكر! وتعليق الزواج في مؤتمر السكان ليس زواجاً بين ذكر وأنثى بل بين شخصين ! بصرف النظر عن جنسهما ! إذاً نحن وصلنا إلى دركات دنيا في الحياة الاجتماعية .
لكن أيها الأخوة ؛ ما من انحراف أخلاقي إلى وراءه مخالفة لمنهج الله ، وكل تقصير في تربية الأولاد وفي الاهتمام بهم ، وفي عدم الأخذ بقواعد الشرع في العلاقات الاجتماعية قد يفضي هذا إلى ذلك الانحراف ، الإنسان معافى في هذه الانحرفات هو في بحبوحة كبيرة ، لذلك قال الله عز وجل :
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾
أنت فيهم في حياتك ، فما معنى الآية بعد مماتك ؟
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
وما كان الله ليعذبهم وسنتك مطبقة فيهم أمرك ماثلاً في الحياة الدنيا ، إذا حياتنا وفق منهج رسول الله نحن في بحبوحة من عذاب الله ، بحبوحة تطبيق السُنّة وبحبوحة الاستغفار ، حتى لو زلّت القدم أنت مع بحبوحة ثانية ، بحبوحة أن يعصمك الله عز وجل مما ابتلي به الآخرون ، وجدت في قضايا الجنس أهم نقطة فيها أنه لا بد من أن تدع هامش أمان بينك وبينها ، فإذا خرقت هذا الهامش زلّت القدم ، هامش أماني ، فالخلوة خرق لهامش الأمان ، وإطلاق البصر خرق لهامش الأمان ، وصحبة الأراذل خرق لهامش الأمان ، وأن تطّلع على أعمال فنية ساقطة خرق لهامش الأمان ، وأن تقرأ قصصاً ماجنة خرق لهامش الأمان ، وأن تصحب المنحرفين خرق لهامش الأمان
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾
مادام بينك وبين هذه المعصية بالذات هوامش فأنت في مأمن ، أما إذا خرقت هذه الهوامش وأكاد أقول تسع وتسعين بالمائة من الفواحش لم يكن في نية أصحابها أن يفعلوها ! أما لأنهم خرقوا هامش الأمان زلّت أقدامهم ، لأن الله هو الخبير قال :
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾
ما قال : ولا تزنوا ، قال :
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا ﴾
لأن هذه المعصية لها قوة جذب ، مادام بينك وبينها هامش أمان فأنت في حصن حصين ، أما إذا خرقت هذا الهامش اختلف الأمر .
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضى عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم