- تفسير القرآن الكريم / ٠2التفسير المطول
- /
- (009)سورة التوبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الإنسان هو المخلوق الأول والمكرم و المكلف بطاعة الله عز وجل :
أيها الإخوة الكرام، مع الدرس الثالث والأربعين من دروس سورة التوبة، ومع الآية الستين وهي قوله تعالى:
﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(60)﴾
أيها الإخوة الكرام، كما تعلمون الإنسان هو المخلوق الأول، لقوله تعالى:
﴿
هو المخلوق الأول، والمخلوق المُكرَّم.
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾
لكن الذي أركز عليه أن الإنسان هو المخلوق المُكلَّف، كُلِّف أن يعبد الله، وفي أدق تعريفات العبادة: أنها طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية تفضي إلى سعادة أبدية.
العمل الصالح علة وجودنا بعد الإيمان بالله :
لذلك العبادة طاعة، طاعة فيما أمر، واجتناب لما نهى عنه وزجر، ولكن هناك شيئاً آخر، العبادة طابعها أن تمتنع عن كل ما نهاك الله عنه، ولكن الإنسان خُلِق للجنة، والجنة لها ثمن، ما ثمن الجنة؟ العمل الصالح، جاء الله بنا إلى الدنيا من أجل أن نعرفه أولاً، وأن نتقرب إليه ثانياً بالعمل الصالح، فكأن علة وجودنا بعد الإيمان بالله العمل الصالح.
ولو وضحت هذا بمثل أن أباً أرسل ابنه إلى باريس لينال الدكتوراه، مدينة عملاقة كبيرة، فيها معامل، فيها حدائق، فيها متاحف، فيها ملاهٍ، فيها دُور لهو، فيها كل شيء، لكن هذا الطالب الذي أرسله أبوه لينال الدكتوراه من السوربون، علة وجوده الوحيدة في هذه المدينة أن ينال هذه الشهادة.
فلذلك الإنسان حينما يعلم علة وجوده تصح حركته، أوضح مثل: إنسان سافر إلى بلد معين وسأل: إلى أين أذهب؟ نحن نعجب من سؤاله، نقول له: لماذا جئت إلى هنا؟ إن جئت طالب علم اذهب إلى الجامعات، وإن جئت سائحاً اذهب إلى المتنزهات، وإن جئت تاجراً اذهب إلى المعامل والمؤسسات، فالحركة في أي مكان لا تصح إلا إذا عُرِف سبب المجيء، فأحد أكبر علائم الإيمان، أحد أكبر مرتكزات الإيمان، أحد أكبر الخصائص الإيمانية أن تعرف سرّ وجودك في الأرض، أنت في الأرض من أجل أن تعبد الله، إما أن تكتشف هذا بالبحث، والدرس، والتأمل، أو أن تعرفه من النص، حينما قال الله -عز وجل-:
﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) ﴾
فكأن العبادة معرفة أولاً، وطاعة ثانياً، معرفة وطاعة، فأنت لن تخضع لجهة لا تعرفها، لا بد من أن تعرف الله.
والإمام علي رضي الله عنه يقول:
السبب أنك إذا عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر، وهذا حال بعض المسلمين، الآمر لم يُجهِد نفسه لمعرفته، لكن بين يديه الأوامر، درسها في التعليم الإعدادي، والثانوي، والجامعة، هناك أمر، هناك نهي، هناك حرام، هناك حلال، هذه الأوامر بين يديه، لكن الآمر ما عرفه، فلذلك انصياعه لهذه الأوامر ضعيف، وهذا يفسر ضعف حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :
لذلك الله -عز وجل- خلقنا كي نعرفه، لكن هناك شيء آخر، خلقنا أيضاً من أجل أن نتقرب إليه، وهذا التقرب إلى الله يقوم على شِقَّين، على شِقِّ الاستقامة، وعلى شق العمل الصالح، الاستقامة ترك، يقول لك المستقيم: أنا ما أكلت مالاً حراماً، ترك، أنا لم أفعل المعاصي، لم، لم، الاستقامة طابعها سلبي، تركت، لكن لا يكفي أن تمتنع عن المعاصي والآثام، هذا الواحد الديان الذات الكاملة ينبغي أن تتقرب إليها، فإذا كان طابع الاستقامة الترك والامتناع فطابع العمل الصالح البذل والعطاء، فحجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح، فرق كبير بين أن تعمل صالحاً صدفة، عُرِض عليك عمل فعملته، وبين أن تستيقظ صباحاً، وهمك الأول العمل الصالح، فقد ورد:
(( من أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة ))
للتقريب أيضاً: الطالب حينما يلتحق بالجامعة ويعلق آمالاً كبيرة على النجاح في نهاية المطاف في هذه الجامعة، يتصور أن له مستقبلاً كبيراً، بزوجة، ببيت، بمكانة اجتماعية، بدخل كبير، فإذا علق أهمية كبيرة على هذه الجامعة ينصرف إليها بكل طاقاته، بكل شؤونه، بكل اهتماماته. فعلى الإنسان أن يعرف أنه في الدنيا من أجل العمل الصالح.
العمل الصالح يصلح للعرض على الله بنيته وبموافقته للمنهج :
هناك دليل قوي جداً وقاطع أن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت يقول هذه المقولة الشهيرة:
﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
معنى هذا أن الإنسان يندم عند الموت على سبب وجوده في الدنيا، وهو العمل الصالح، فإذا ركز المؤمن على هذه الحقيقة، فإذا أصبح بحث عن عمل صالح، وإذا أمسى بحث عن عمل صالح، سبحان الله! الأعمال الصالحة متنوعة جداً، حتى إن بعضهم قد قال: الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وأنت في البيت إذا كنت زوجاً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا كنت أباً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا كنت ابناً صالحاً فهذا عمل صالح، إذا اعتنيت بأولادك هذا عمل صالح هذا في البيت، في الطريق غض البصر عمل صالح، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل صالح، دخلت إلى محلك التجاري ما دمت صادقاً.
(( التَّاجِرُ الأمينُ الصَّدُوقُ مع النَّبيِّينَ ))
ما دمت صادقاً، تبيع بضاعة جيدة بسعر معتدل، تحسن لمن حولك، هذا عمل صالح فكأن الله -عز وجل-جعل العمل الصالح يدور معك حيثما ذهبت، في أي مكان هناك عمل صالح، أحياناً الأمر بالمعروف عمل صالح كبير، النهي عن المنكر عمل صالح، غض البصر عمل صالح، النصيحة عمل صالح، الدعوة إلى الله عمل صالح، لذلك ما معنى عمل صالح؟ هذا العمل يصلح للعرض على الله بنيته وبموافقته للمنهج.
شرطا العمل الصالح :
بالمناسبة العمل الصالح له شرطان أساسيان، استنبطه بعض المفسرين من قوله تعالى:
﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ
متى يرضى الله عن العمل؟ قال: إذا كان خالصاً، وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وحده، الإخلاص، وصواباً ما وافق السنة، فالعمل الذي يُشَمُّ منه أنه مخلص لكن ليس فيه موافقة للسنة لا يُقبَل، يانصيب خيري! هذه مخالفة للسنة مثلاً، يقول لك: حفل غنائي يُرصَد ريعه للأيتام، العمل الصالح ينبغي أن يكون خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة، هذا معنى قوله تعالى:
العمل يدفن مع الإنسان فإن كان كريماً أكرمه وإن كان لئيماً أسلمه :
مرة ثانية: الإنسان في النهاية حينما يأتيه ملك الموت، ترك بيته، ترك أهله، ترك أولاده، ترك منصبه أحياناً، ترك دكانه، ترك تجارته، ترك، ترك، لا يبقى معه إلا شيء واحد هو العمل الصالح، فهذا العمل يُدفَن مع الإنسان وهو حي، العمل حي، والإنسان يدفن معه وهو ميت، فإن كان كريماً أكرمه، وإن كان لئيماً أسلمه.
هذه المقدمة من أجل هذه الآية، حينما قال الله -عز وجل-:
طريق خشية الله أن تتعرف إليه و تعرف عظمته وتخضع لأمره :
إخوتنا الكرام، كلمة إنما عند علماء النحو أداة قصر وحصر، أي إذا قلت: إنما شوقي شاعر، أي شوقي شاعر فقط، ليس كاتب مسرحية، وليس أديباً، وليس كاتب قصة، وليس تاجراً، إنما شوقي شاعر، "إنما" ما بعدها مقصور على شيء معين، الله عز وجل قال:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ
معنى "إنما" هنا العلماء وحدهم ولا أحد سواهم يخشى الله، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، طريق خشية الله بنص هذه الآية أن تتعرف إليه، لأنك إذا عرفت الآمر، عرفت عظمته، خضعت لأمره، إن لم تعرف عظمته تفننت في معصيته.
لو فرضنا وقع تحت يدك كتاب في الفلك، وعلمت أن بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب أربع سنوات ضوئية، الضوء يقطع في الثانية الواحدة ثلاثمئة ألف كيلو متر، في الدقيقة ضرب ستين، في الساعة ضرب ستين، في اليوم ضرب أربع وعشرين، في العام ضرب ثلاثمئة وخمسة وستين، بأربع سنوات ضرب أربع، ابنك الصغير خلال دقائق على آلة حاسبة يحسب لك المسافة بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب، أربع سنوات ضوئية، هذه المسافة لو أردت أن تقطعها بمركبة أرضية لاحتجت إلى خمسين مليون عاماً، خمسون مليون عاماً كي تقطع أقرب مسافة بين الأرض وبين أقرب نجم ملتهب لها، الآن أربع سنوات ضوئية، نجم القطب أربعة آلاف سنة ضوئية، المرأة المسلسلة مليونا سنة ضوئية، بعض المجرات أربع وعشرين ألف مليون سنة ضوئية.
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76) ﴾
هذا الإله يُعصَى؟ هذا الإله ألا يُخطَب وده؟ ألا تُرجَى جنته؟ ألا تُخشَى ناره؟ فلذلك حينما نعرف من هو الله نخضع له، نستجيب له، نتفانى في طاعته، فمعرفة الآمر ضرورية جداً بطاعته، حينما تصورنا أن الدين فقه فقط، أحكام فقهية، ولم ننتبه إلى معرفة الآمر ضعفت الاستقامة في العالم الإسلامي، لأن النبي الكريم حينما جاء إلى أهل مكة بقي معهم أعواماً طويلة يحدثهم عن الله وعن اليوم الآخر، لذلك أكثر السور المكية تتحدث عن ذات الله، وعن ألوهيته، وعن ربوبيته، وعن الدار الآخرة، فهذه المرحلة في كل دعوة ضعيفة الآن في هذه الأيام، القوية الأمر والنهي أما البطولة أن تجمع بين الآمر والأمر.
توزيع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء :
طبعاً هذه المقدمة من أجل أن نعلم لماذا أنا أتصدق؟ لأنني جئت إلى الدنيا من أجل عمل صالح يعد سبباً لدخول الجنة، لأن علة وجودي في الدنيا العمل الصالح، لأن العمل الصالح يرفعني، والدليل قوله تعالى:
﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
فالله -عز وجل- في هذه الآية الكريمة -الآية الستون- من سورة التوبة يقول:
(( اللَّهمَّ ما رَزَقْتَني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ قُوَّة لي فيما تُحِبُّ وما زَوَيْتَ عني مما أُحِبُّ فاجعَلْهُ فَرَاغا لي فيما تُحِبُّ ))
أحببت المال فجاءك المال، اجعل هذا المال قربة إلى الله، أحببت الزواج جاءتك زوجة ترضيك، اجعل هذه الزوجة في طاعة الله
أنت في الحالتين رابح، إن آتاك الله ما تحب وظفته في الحق، وإن زوى عنك ما تحب وظفت الفراغ الناتج عن بعده عنك فيما تحب.
كل إنسان ممتحن فيما توافر له من حظوظ :
لذلك الآية الكريمة:
إنفاق المال في طاعة الله يرتقي بالمسلم إلى أعلى الدرجات :
الصدقات، هذا المال الذي أمرك الله أن تنفقه يعني هي الزكاة، لكن بعض العلماء تساءلوا: لماذا سميت الزكاة صدقة؟ لأنها تشِفّ عن صدق الإنسان في طاعة الله، هناك طاعات لا تقدم ولا تؤخر، أنت حينما تتجه إلى القبلة، أمر تعبُّدي، لكن ما كلفك شيئاً، كلّفك أن تعرف القبلة فقط، هناك عبادات كثيرة ليس لك حظ منها إطلاقاً، إلا أن إنفاق المال، المال مُحبَّب، المال شيء ثمين والدليل أنه محبب:
﴿
لولا أنّ الله أودع فينا حبّ المال لما كان للصدقة من معنى إطلاقاً، تعطي شيئاً نفيساً، الآن إنسان معه مبلغ ألف مليون، هذا لو أنفقه على مصالحه، وعلى شهواته تمتع به كثيراً، لو أنفقه في طاعة الله لارتقى عند الله كثيراً.
مرة سيدنا عمر فيما تروي بعض الأقوال أمسك تفاحة وقال: أكلتها ذهبت، أطعمتها بقيت.
حتى إن النبي الكريم -عليه أتم الصلاة والتسليم- حينما ذبح شاة ووزعها على الفقراء والمساكين وبقي منها كتفها، فقالت عائشة: يا رسول الله! ذهبت كلها إلا كتفها، فقال مقولة رائعة، قال:
(( أنهم ذَبَحُوا شاةً فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما بَقِيَ منها ؟ قلْتُ : ما بَقِيَ منها إلَّا كَتِفُها . قال : بَقِيَ كلُّها غيرُ كَتِفِها ))
لذلك الله -عز وجل- جاء بنا إلى الدنيا من أجل أن نعرفه أولاً، وأن نتقرب إليه ثانياً بالعمل الصالح، وهذه الآية تتحدث عن بعض الأعمال الصالحة.
تعريف الفقير و المسكين :
لكن هناك ملاحظة في القرآن دقيقة، هاتان الكلمتان إذا افترقتا اختلفتا، وإذا انفردتا اجتمعتا، أي إذا قال الله: فقراء، يعني فقراء ومساكين، وإذا قال: مساكين، يعني فقراء ومساكين، أما إذا قال: فقراء ومساكين اختلف الوضع، فالفقير الذي لا يجد شيئاً في بيته، المسكين يجد لكن غير كاف، لكن طبعاً الزكاة تُعطَى لكليهما، إنسان ساكن ببيت والبيت ملكه، وعنده خمسة أولاد، وعنده زوجة، ودخله محدود لا يكفي، لأن عنده بيتاً لا تعطه شيئاً! لا، الذي لا يجد حاجته يستحق الزكاة، لأن الزكاة ينبغي أن تجعله يعيش عيشة كريمة.
حتى إن بعض الأئمة الفقهاء قال: ينبغي أن تغنيه بالزكاة عاماً، وهناك رأي آخر- وأنا مع الرأي الآخر - ينبغي أن تغنيه طوال حياته، هيئ له عملاً، اشترِ له دكاناً، اشترِ له شيئاً، آلة حبكة مثلاً، أمِّن له شيئاً يعيش منه طوال حياته، الزكاة ينبغي أن تغني الإنسان، أما مبلغ محدود جداً لا يقدم ولا يؤخر، لا يكفي، النبي كان إذا أعطى أعطى شيئاً كافياً.
إذاً:
الفرق بين الزكاة و الصدقة :
على كلٍّ الإنسان حينما يجتهد له أجره عند الله -عز وجل- ولو أخطأ:
(( إِذا حكم الحَاكِمُ فاجتهدَ فأصابَ فلهُ أجران، وإِذا حَكَمَ فاجتهد فأخطأ فله أَجر ))
أجر من أجرين.
﴿
معنى تطهرهم أي أن هذا المال الذي دُفع كصدقة أو زكاة يُطهِّر الغني من الشُحِّ، ويطهّر الفقير من الحقد، ويطهّر المال من تعلق حق الغير به، المال متى يكون حلالاً؟ إذا أديت زكاته، متى يكون حراماً وعبئاً عليك؟ إذا لم تؤدِّ زكاته، فالزكاة تطهر المال من تعلق حق الغير به، والدليل:
﴿ وَالَّذِينَ
إذا الله قال :
﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ
إذا أضيفت كلمة معلوم فتعني الزكاة، لابد من حسابات، أن تعطي مبلغاً بحسب تقدير غير صحيح هذه ليست زكاة، الزكاة هناك جرد للمحل، والبضاعة، والنقد، وما لك، وما عليك، بعد ذلك تحسب قيمة الزكاة وتدفعها، أما الصدقة فلا تحتاج إلى هذه الدراسة، لذلك دائماً أنا أشبه الزكاة بالضريبة، لا بد من دفعها، ولا أجر لك بها، فرض على المواطن – الضريبة- أما لو قدم مبلغاً ضخماً لإنشاء ثانوية، قدمها للدولة يستحق حفل تكريم، وشكر، وثناء، لأنه قدم شيئاً فوق ما طُلب منه.
على الإنسان أن يضع المال بيد من يستحقه :
لذلك الإنسان يرقى بالصدقة كثيراً، الآية الكريمة:
الأعمال الخيرية تحتاج إلى دفع وأجور حتى يكون هذا الأجر سبباً لمحاسبة المقصر :
هناك رأي آخر أعطِ حتى على العمل الصالح أجراً من أجل أن تحاسبه، فلذلك هناك رأي وأنا معه وهو: حتى الأعمال الخيرية تحتاج إلى دفع أجور، حتى يكون هذا الأجر سبباً لمحاسبته عن تقصيره.
مرة ثانية: تفتح بإحسانك قلب المُحسَن إليه بإحسانك، وعندئذٍ يفتح لك هذا المحسن عقله لبيانك، فالإحسان قبل البيان.
أعظم ما في هذا الدين أنه ألغى الرق إلا في حالة واحدة :
إخواننا الكرام،
لذلك من ألطف ما قرأته في سير الصحابة أنهم كانوا يأكلون أردأ الطعام، ويطعمون أسراهم أطيب الطعام، هذا الأسير في الأصل- التطبيق موضوع ثان- أردتَ أن تقنعه بالدين لا بالكلام والأدلة والبراهين والحجج، أردت أن تقنعه بهذا الدين بالمعاملة الطيبة، والإنسان عبد الإحسان، فالذي لم يؤمن بعقله، ولم يُحكّم عقله فيما بلغه من أدلة، فأُخذ إلى بيت مؤمن عامله معاملة طيبة جداً، أطعمه مما يأكل، ألبسه مما يلبس، ما كلفه ما لا يطيق، أعانه فيما كلفه، صار مثل ابنه، كابنه تماماً.
فلذلك معظم الأسرى الذين كانوا عند الصحابة آمنوا وانضموا إلى المؤمنين، فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن أسلموا فهم منكم، وأنتم منهم، بالإسلام لا يوجد تفرقة، لكن هذه طريقة بدل قتل الأسير، بدل حرب الإبادة، نحن حرب هداية، لا يوجد عندنا حرب إبادة، فهذا الذي وقع أسيراً يُعامَل أطيب معاملة كي يقتنع بالإسلام لا بعقله بل بقلبه، هذا هو الذي أراده النبي الكريم في موضوع ملك اليمين.
الله -عز وجل- يقول:
حضّ الإسلام على القرض الحسن :
نشر الدين بالوسائل الحديثة نوع من الجهاد :
فلذلك:
حياة النفس تحتاج إلى صدقة أيضاً :
﴿
تهلك إن لم تنفق، تريد عملاً ترقى به عند الله يوم القيامة، إذاً:
الملف مدقق
والحمد لله رب العالمين.