وضع داكن
23-12-2024
Logo
حياة المسلم 2 - إذاعة حياة إف إم - مدارج السالكين : الحلقة 12 - السعادة
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

 الحمد لله رب العالمين، يا ربنا صلّ وسلم، أنعم وأكرم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله مستمعينا الأكارم، وأهلاً ومرحباً بكم معنا في حلقة إذاعية جديدة، ورحلة نرتحل نحن وإياكم لطلب العلم مع فضيلة العلّامة الداعية الإسلامي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي، حياكم الله شيخنا وأستاذنا الكريم.
 السعادة هو عنواننا لهذه اليوم دكتور، وقد تكون عملة مفقودة بهذا الزمان، فالكل يبحث عن السعادة بين كثرة الأعباء، بين كثرة الضغوطات والالتزامات.
 نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾

[ سورة النحل:97]

 فهل يستطيع الإنسان دكتورنا الكريم أن يصل إلى السعادة في هذه الحياة أم خلق الإنسان يتناقض مع السعادة أن يطلبها؟

 

تسخير الكون للإنسان تسخير تعريف و تكريم :

الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 الحقيقة الدقيقة أن الإنسان أعقد آلة في الكون، هذا التعقيد تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، ولهذا الإنسان صانع عظيم، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة، فانطلاقاً من حرص الإنسان اللامحدود واللامتناهي على سلامته، وعلى سعادته، وعلى استمراره ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع، فإذا اتبع تعليمات الصانع سلم وسعد في الدنيا وفي الآخرة، والآية تقول:

﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾

[ سورة النساء: 147]

 هذا الكون مسخر لهذا الإنسان تسخير تعريف، وتسخير تكريم، الموقف الكامل من تسخير التعريف أن تؤمن، والموقف الأكمل من تسخير التكريم أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف من وجودك، وعندئذٍ تتوقف جميع المعالجات الإلهية، هذا هو الجواب.
المذيع:
 دكتورنا الكريم، كثير من النصوص من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام كانت تتحدث عن مفهوم السعادة، ولو بمرادفات له:

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[ سورة الرعد: 28]

 فهل السعادة هي مفهوم شامل دكتور يشمل الطمأنينة؟ الراحة؟ الأهداف؟

 

تداخل مفهوم اللذة مع مفهوم السعادة :

الدكتور راتب :
 الحقيقة هذا المفهوم يتداخل مع مفهوم اللذة، والبون بينهما شاسع، اللذة حسية، تتأتى من اتصالك بشيء جميل، من طعام طيب، من منظر جميل، من بيت جميل، من منظر لجبل أخضر، من منظر لبحر سامق، فتتأتى من معاينتك لمنظر جميل، هذه لذة، هذه اللذة لها خصائص ثلاث، تحتاج إلى وقت، وإلى صحة، وإلى مال، ولحكمة بالغةٍ أي إنسان تنقصه واحدة في حياته دائماً، في البداية الصحة طيبة، و يوجد وقت، لكن لا يوجد مال، بالمنتصف يوجد مال وصحة لكن لا يوجد وقت، بعد نهاية المطاف يوجد مال ووقت، لكن لا يوجد صحة، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة جعل الله سقف الاستمتاع بالحياة محدوداً، جعله سقفاً منخفضاً، لأننا خلقنا للآخرة، فإذا اكتفينا بلذائذ الدنيا كنا في خسارة كبيرة. نحن خلقنا لسعادة أبدية

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾

[ سورة الكهف: 103- 104]

﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾

[ سورة التوبة:38]

 نحن خلقنا لسعادة أبدية، والأبد مفهوم دقيق جداً، الأبد من الصعب جداً أن يفهم في دنيانا، أي واحد في الأرض وأصفار للشمس، الشمس تبعد عنا مئة و ستة و خمسون مليون كيلو متر، وإذا كل ميلي صفر هذا الرقم إذا نسب إلى اللانهاية التي وعدنا بها فهو صفر، الدنيا بما فيها بأموالها، بلذائذها، بمناصبها، بقصورها، بكل ما فيها من جميل، إذا نسبت للآخرة لا شيء، صفر.
 فلذلك المؤمن موعود بالآخرة، بجنة عرضها السماوات والأرض، لا يمنع أن نكون في الدنيا سعداء، ما الدليل:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46]

المذيع:
 أستأذنكم دكتور هذه نقطة سنتوسع بها بشكل جيد، دكتور ذكرتم مفهوم اللذة والسعادة الفرق بينهما دكتور؟

 

الفرق بين اللذة و السعادة :

الدكتور راتب :
 اللذة استمتاع مادي، شيء جميل، طعام طيب، منظر جميل، طفل وجهه صبيح، استمتاع مادي بشيء جميل، والجمال من أسماء الله الحسنى، الله جميل، جميل بالاتصال به، وجميل بخلقه، بأفعاله.
المذيع:
 إذاً اللذة تتحقق من خلال هذه الحواس، النظر، التذوق للطعام، سماع شيء جميل وهكذا، فهذه اللذة دكتور، السعادة؟
الدكتور راتب :
 اتصال بأصل الجمال، بأصل الجمال، والكمال، والنوال، هو الله، السعادة الحقيقية أن تتصل بمبدع الكائنات.
المذيع:
 على هذا الكلام دكتور لا يكون سعيداً إلا من كان متصلاً بالله.
الدكتور راتب :
 أبداً، قولاً واحداً.
المذيع:
 دكتور، كثير من الأشخاص غير المسلمين اليوم يعيشون في سعادة.
الدكتور راتب :
 يوجد لذة، لذائذ واسعة.
المذيع:
 هناك لذائذ لكن لا يوجد سعادة.

الحساب النهائي لكل إنسان يوم القيامة :

الدكتور راتب :
 مثلاً الذي يملك أكبر ثروة بتاريخ البشرية جوبز، مؤسس أبل، يملك سبعمئة مليار، رقم فلكي، سبعمئة مليار دولار، قال على فراش الموت: هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً إطلاقاً، تعنيني علاقة إنسانية، متى اكتشف الحقيقة؟ بعد فوات الأوان، مستحيل وألف ألف مستحيل أن تكون لك سعادة مستمرة ومتنامية في الدنيا، بالعكس الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، ينهي غنى الغني، فقر الفقير، وسامة الوسيم، دمامة الدميم.
المذيع:
 الموت ينهي كل شيء
إذاً الاستمتاع بالملذات الموجودة بالحياة ليست الطريق الأخيرة، ولا نهاية الطريق، ولكن ما هو أبعد، وما هو أسمى أن تصل إلى السعادة الحقيقية.
الدكتور راتب :
 هذه اللذائذ جعلها الله لنا معياراً، تمثيلاً لما سيكون في المستقبل، زوجة صالحة أعطاها الله شيئاً من الجمال، سعيد في البيت، دخل معقول يتيح لك أن تحصّل الأساسيات، والثانويات، والكماليات، والتحسينات، شيء جيد، الله جعل للدنيا سقفاً محدوداً، لكن يوجد في الدنيا نماذج من عطاء الآخرة.
 للتقريب: الله يكافئ بعض المحسنين في الدنيا قبل الآخرة تشجيعاً لبقية المحسنين، ويعاقب بعض المسيئين في الدنيا ردعاً لبقية المسيئين، لكن الحساب الختامي، والعطاء النهائي يوم القيامة.

﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾

[ سورة آل عمران: 185]

المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 حياكم الله دكتورنا وشيخنا من جديد.
الدكتور راتب :
 بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.
المذيع:
 أهلاً وسهلاً بفضيلتكم دكتور، شيخنا الكريم ملخص ما كان قبل الفاصل، أن السعادة هي ارتباط الإنسان بالله تبارك وتعالى، فهي تفوق الملذات، أما الملذات فيصلها المسلم، وغير المسلم، والجميع، وهي الحواس المادية التي يدرك فيها الإنسان جمال الطعام، والبصر، وكل هذه التفاصيل.

 

الذات الإلهية أصل الجمال والكمال والنوال :

الدكتور راتب :
 لأنها اتصال بأصل الجمال في الكون، وأصل الكمال، وأصل النوال، جمال، وكمال، جمال في الاتصال، وكمال في المعاملة، ونوال بالعطاء، جمال، وكمال، ونوال، هذه الذات الإلهية أصل الجمال، والكمال، والنوال.
المذيع:
 الملذات لا توصل الإنسان إلى عمق السعادة
إذاً من لم يكن مؤمناً بالله سبحانه وتعالى، ومتصلاً به، وقريباً منه، سيقطف هذه الملذات لكن لن يصل إلى عمق السعادة.
الدكتور راتب :

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ حديث قدسي ]

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة بمثلها وأعفو، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها ))

[ البيهقي والحاكم عن معاذ، والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء ]

 هذه الذات الكاملة.
المذيع:
 ونعمة بالله رب العالمين، إذاً الإنسان مهما بلغت ثروته، أو علاقاته، أو رحلاته، يصل إلى نوع من الملذات لكنه لا يتعمق في السعادة دكتور.

 

السعادة متناقصة و ليست مستمرة :

الدكتور راتب :
 كلام دقيق جداً، ما سمح الله للدنيا لحكمة بالغةٍ أن تمدك بسعادة مستمرة، بل متناقصة، كل شيء يتألق أمامك قبل أن تصل إليه، السيارة شيء كبير، اشتريت سيارة عادي، الزواج عادي، المنصب عادي، البيت الفخم عادي، حكمة بالغة، كل شيء في الدنيا يتألق مادمت بعيداً عنه، فإذا وصلت إليه انتهى كل شيء، الذي يملك سبعمئة مليار، جوبز، صاحب أبل على فراش الموت قال: هذا الرقم لا يعني عندي شيئاً.
المذيع:
 لكن دكتور هذا الكلام الذي فضيلتك تتحدث به الآن قد يكون غير مقبول لدى الأشخاص الذين يعيشون هذه الملذات، الذي عنده دكتور فيلا فارهة، والذي عنده سيارة كبيرة، والذي لديه وسائل رفاهية كبيرة، هو يشعر بنوع من السعادة.

العقل الباطن يصدق ما يريد و يكذب ما يريد :

الدكتور راتب :
 هذا اسمه العقل الباطن، أضرب لك مثلاً: شابان أراد كل واحد منهما أن يشتري سيارة، الأول اشترى سيارة، والثاني لم يشترِ، لسبب أو لآخر، صدر قرار أو أشيع في البلد أن هناك قراراً يخفض الجمارك خمسين بالمئة، الذي اشترى عقله الباطن يكذب الخبر، أفضل له، والذي لم يشتر عقله الباطن يصدق الخبر، فعندنا عقل باطن.
 إذا شخص لم يطع الله عز وجل يوهم الناس أنه سعيد جداً، الحقيقة:

﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة الأحقاف: 20 ]

 الأدق من ذلك:

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ﴾

[ سورة طه:124]

 خالق الأكوان.

﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾

[ سورة طه:124- 126]

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾

[ سورة طه:124]

 بعضهم قال: كيف تكون معيشة الضنك ومعه مئات الملايين؟ فكان الجواب: ضيق القلب، أموال طائلة لكن لا يوجد سعادة، وهناك ألف شاهد.
 أنا أذكر لعلي ذكرتها سابقاً في هذا اللقاء الطيب، خمسة عشر ملحداً ماذا قالوا على فراش الموت؟ ندم ما بعده ندم، وإحباط ما بعده إحباط، لذلك:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن:46]

 جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة.
المذيع:
 ما هي جنة الدنيا؟

 

جنة الدنيا هي جنة القرب من الله عز وجل :

الدكتور راتب :
 القرب من الله، جنة القرب.
المذيع:
 حتى لو كانت الملذات غير موجودة؟
الدكتور راتب :

فـلو شاهدت عيناك من حسننـــــا  الذي رأوه لما وليت عنـــــا لغـيرنــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنــا  خلعت عنك ثياب العجب وجئتنـــا
ولو ذقت مـن طعم المحبـــــة ذرة  عذرت الذي أضحى قتيلاً بحبنــــــا
ولو نسمت من قربنا لك نسمـــــة  لمــــت غريباً واشتيـــــــــاقاً لقربنـــــا
ولـــــــــو لاح من أنوارنا لك لائــــح  تركت جميع الكائنات لأجلنـــــــــــــــــا
فما حبنا سهل وكل من ادعــــــــى  سهولته قلنا له قــــــــــــد جهلتنــــــــا
فـأيسر ما في الحب بالصب قتله  وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا
***

المذيع:
  جميل، إذاً حتى الإنسان دكتور لو لم تكن هذه الملذات، وهذه الوسائل الترفيهية في الدنيا، مثلاً يعيش بالإيجار، ويتغلب فيه.
الدكتور راتب :
 الكافر يعيش بقلق ولا يجد السعادة الحقيقية
يعيش اللذة والسعادة، يعيش بسعادة، ممكن لذائذه محدودة، الكافر لذائذه بأعلى مستوى، لكن لا يوجد سعادة، يوجد قلق.
المذيع:
 هل يمكن للإنسان دكتور لو كانت لذائذه محدودة وظروفه صعبة أن يعيش السعادة؟
الدكتور راتب :
 سيدي، هو في جنة.
المذيع:
 عفواً دكتور، كيف وهو ظروفه صعبة في هذه الحياة؟ كيف يعيش بسعادة وعليه ديون وعليه التزامات وبالكاد يضبط مصروفه؟
الدكتور راتب :
 شخص صالح جداً لأنه عمل بحثاً عن حكم ارتداء القبعة الغربية، وُضع بالسجن ثمانين يوماً، كتب مذكراته- عندما كتب هذا المقال لم يكن هناك هذه القبعة، كتيب قديم جداً، وجدوا في الأسواق كتاباً عن حكم ارتداء القبعة الغربية فبحثوا عن صاحب هذا الكتاب ووضعوه بالسجن- وهي عبارة عن ثمانين صفحة دفاعاً عن نفسه، استيقظ في اليوم الثاني ومزقه هذه الأوراق كلها، معه شخص بالسجن قال له: لماذا مزقتهم؟ قال: والله رأيت النبي الكريم قال لي: أنت غداً ضيفنا، لم أعد بحاجة لهم، كان بسعادة لا توصف، أعدم في اليوم الثاني، لم يعمل شيئاً، ما قبل أن نتشبه بالأجانب، فقط كتيب صغير، وقُتل من أجله.
المذيع:
 أي كان يراه مبدءاً شرعياً فحافظ على الالتزام .
الدكتور راتب :
 نعم، فأنت لك الظاهر، هذا قد يكون أُعدم، لكن هو قد يكون أسعد إنسان.
المذيع:
 إذاً يمكن للموت أن يكون باب سعادة لا باب خوف؟

 

الموت أسعد لحظات المؤمن لأنه سيلقى الله :

الدكتور راتب :
 بالعكس سيدي، المؤمن حينما يلقى الله في أسعد لحظات حياته، إذاً ماذا يقول: ما رأيت شراً قط، يكون قد عانى ما عاناه، وتعب، وعانى من الطرف الآخر قهراً، وضغطاً، ما رأيت شراً قط، الكافر يملك الدنيا كلها، غارق بالنعيم واللذائذ، آخر كلمة يقولها: ما رأيت خيراً قط.

﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ﴾

[ سورة الأحقاف: 20 ]

المذيع:
 هل دائماً دكتور تطرح نقطة أن الإنسان المتدين لا يستطيع أن يعيش الحياة كما يعيشها الآخرون، لديه ضوابط كثيرة، لديه محرمات كثيرة، هل للإنسان المتمسك بدينه أن يعيش السعادة والملذات؟ وهل هو يعيش فقط السعادة ويخسر الدنيا؟

 

الابتعاد عن المحرمات و الطمع بطاعة الله :

الدكتور راتب :
 يا سيدي أحد شيوخ الأزهر، هذا أعلى منصب ديني بالعالم الإسلامي، طُلب منه عام ألف و تسعمئة و اثنين و خمسين أن يصف جماعة إسلامية لا أسميها أنها جماعة من الخوارج، وإرهابية، فصعد المنبر، منبر الأزهر، وقال: عشت حياتي كلها خادماً لديني، لا مستخدماً له، وأنا يكفيني كسرة خبز، وشربة ماء، وما أوسع الفراغ في الأرض، هذه الجماعة ليست إرهابية، جماعة ربانية، هذا فيما أعلمه عنها، أما إن بدلوا وغيروا فلا علم لي بالغيب، وهأنذا أقدم استقالتي من كل مناصبي، طمعاً بطاعة ربي، هذا موقف.
المذيع:
 يا سلام! وسيعيش بعدها بسعادة دكتور حتى لو ضيقت الدنيا عليه؟

السعادة مفهوم حسي معنوي و ليست مفهوماً مادياً :

الدكتور راتب :
 بسعادة مذهلة، هو في جنة، فلان في جنة في الدنيا، في جنة القرب من الله عز وجل.
المذيع:
 إذاً وكأني أفهم من كلامك دكتور أن مفهوم السعادة مفهوم حسي، معنوي، وليس مفهوماً مادياً، هو إحساس، مشاعر، وهذه قد ترتبط بالإنسان لو كان معتقلاً، ولو ضيقت الدنيا عليه.
الدكتور راتب :
 والله أعرف شخصاً بالمنفردة، قال لي: عشت ستين يوماً أسعد إنسان بالأرض، أقسم بالله، وهو عندي صادق، بالمنفردة وحده، سبب دخوله موقف إسلامي.
المذيع:
 على الطرف الآخر دكتور دائماً السعادة مرتبطة بأن يكون معتقلاً، ويكون فقيراً، ألا يمكن أن يكون إنساناً ثرياً ومسؤولاً بمنصب كبير؟
الدكتور راتب :
 يوجد حالات استثنائية.

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

 جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، لكن جنة القرب في الدنيا يغلب عليها القرب من الله عز وجل.
المذيع:
 لكن لا تتعارض أن يكون قريباً من الله، وأن يكون ثرياً، أو مسؤولاً.
الدكتور راتب :

﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ﴾

[ سورة الأعراف: 32]

المذيع:
 إذاً الأصل دكتور المحاولة للوصول إلى السعادة والملذات، أما إذا أتيح كلا الأمرين؟

قضية السعادة قضية عميقة لأن الإنسان مع المهيمن الجبار :

الدكتور راتب :

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

 جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة.
المذيع:
 إذاً قضية السعادة قضية عميقة دكتور.
الدكتور راتب :
 قبل: مرة زرت شخصاً تكلم كلمة كان في الحج أقسم لي بالله بأيمان مغلظة: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني، أقسم بالله، وبالحج متاعب وازدحام وحر وإنفاق مال، ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني.
 أنت مع من؟ مع الخالق، مع الرب، مع المهيمن، مع العزيز، مع الجبار، مع الجميل، مع القريب، مع العليم، أنت مع ذات الله عز وجل.
المذيع:
 هذا الاتصال بالله سبحانه وتعالى يجعل مفاهيم الدنيا تختلف دكتور، الموت، وهو مفهوم مرعب لنا، حينما نكون قريبين من ربنا يكون هو سكينة، وليس رعباً.

 

حسن الظن بالله ثمن الجنة :

الله يعطي الأمن والأمان لمن يطيعه

 

الدكتور راتب :
 والله المؤمن عندما يأتي أجله إن لم يقل: ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني بانتهاء أجله في الدنيا، إلى أين وصل؟ إلى جنة الله عز وجل.
المذيع:
 وما يدريه أنه من أهل الجنة؟
الدكتور راتب :
 له بشائر، هذا الكلام يتناقض مع أصل الدين، أعوذ بالله، إله يطلب من عباده الطاعة وأطاعوه لجهنم مصيرهم؟ هذا كلام يقوله من يشكك بالدين، الله يعطي الأمن والأمان، وحسن الظن به ثمن الجنة.
المذيع:
 أيضاً المفاهيم حينما يكون الإنسان متصلاً بالله تختلف، مثلاً المال الكثير عنده مدعاة للكبر أو الغرور، وإنما يرى أنه قوة ليستخدمها لنفع غيره.

 

خيارات الإنسان القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى :

الدكتور راتب :
 الجواب: القوة قوة المال، وقوة العلم، وقوة المنصب، فإذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لماذا؟ لأن خيارات الإنسان القوي في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، قوة المنصب، توقيع توقف الدخان بمؤسسة، هذه قوة القرار، قوة المال تعمل ميتماً، مستشفى مجانياً، تعمل معهداً شرعياً، قوة المنصب، وقوة المال، وبالعلم تصير عالماً كبيراً، تنير الطريق أمام الأمة، فإذا كان طريق القوة سالكاً وفق منهج الله يجب أن تكون قوياً، لكن إذا كانت هذه القوة على حساب مبادئك وقيمك فالضعف وسام شرف لك.
 مهندس اتفق مع ثمانية مهندسين على تأسيس شركة زراعية، يغلب على ظني أن هؤلاء المهندسين صالحون، فكل واحد يطلب منه ألف جنيه، أي هذا باع غرفة نومه، هذا باع أساور زوجته، بقي سهم واحد، قال: هذا السهم الأخير لله، تقاسموا المبلغ، أول سنة كانت الأرباح طائلة، فأعطوا الله سهماً ثانياً، صار لهم عشرون بالمئة، أعطوه سهماً ثالثاً انتهت الشركة كلها لله، فتحوا جامعات، عملوا قطاراً لقريتهم، القصة طويلة جداً، عندما مات هذا المهندس مشى بجنازته بالقاهرة مليونا إنسان، أين وصل؟ عامل الله عز وجل.
 أنت عندما تعامل الله عز وجل يحصل معك شيء من الصعب أن تتصوره، أنت تعامل الله، هؤلاء عباده، بعد ذلك أنت قويت عباده، أكرمتهم، أمنتهم.
المذيع:
 ونعمة بالله، مع جولة من مشاركات مستمعينا الكرام أم كرم بهذا الاتصال الهاتفي الجديد.
 تفضلي يا أم كرم.
المستمعة:
 السلام عليكم .
المذيع:
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المستمعة:
 أول شيء: أنا مسرورة جداً لأني أتكلم مع الدكتور، أنا أحبه كثيراً، و عندما أسمعه أحس بشفاء بصدري، سبحان الله عندما أشعر بضيق أسمعه فأرتاح نفسياً .
 أريد أن أسأل الدكتور: صار معي مشكلة مع زوجي، زوجي كانت معه زميلته بالعمل، تعرف عليها، وصار بينهم علاقة خفيفة، أنا عرفت، فشعرت بأنني مقهورة، ثم تكلمت كرامتي وما كرامتي، ثم سامحته لله، وتكلمت معه وحللنا المشكلة، بعد فترة شعرت بأن هذه العلاقة ما تزال قائمة، مازال يتكلم معها، فتكلمت معه مرة ثانية، هو أنكر ذلك، وصار بيننا مشاكل كثيرة، الآن آخر شيء أريد أن أقعد مع أولادي في بيتي، لا أريد أن أخرب بيتي من أجلها، وسامحته لوجه الله، لكن الصراحة أنا قلبي لم يسامحه، فأنا دائماً أدعو وأقول: يا رب انتقم لي، مضى على هذه الحادثة سنة كيف أعرف أن ربنا استجاب لي؟ أو أن ربنا سيشفي صدري من هذا الموضوع؟

التجارة مع الله أكبر تجارة في الأرض :

الدكتور راتب :
 اسمعي الجواب:

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

[ سورة الطور: 21]

 حسن تربية أولادك ذخرك عند الله
أكبر تجارة في الأرض التجارة مع الله، الأولاد عندك إذا ربيتهم تربية عالية على الإيمان، والصلاة، والصدق، والأمانة، والأخلاق العالية، هؤلاء أكبر تجارة مع الله، فهذه التجارة هي أكبر شيء في الحياة.

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾

 أي ألحقنا بهم أعمال ذريتهم، مادام عندك أولاد ربيهم تربية صالحة، على الصلاة، والأدب، والاستقامة، والعفة، هذا ذخرك عند الله عز وجل، بعد ذلك سبحان الله إذا أنت عاملت الله مباشرة يلين قلب زوجك، ويندم على عمله، ويعتذر منك.
المذيع:
 هل تدعوها دكتور لمسامحة زوجها؟
الدكتور راتب :
 أن تدعو له بالهداية.
المذيع:
 شكراً لك دكتور، ربي يكتب لك السعادة أختي أم كرم شكراً لك.
 إلى دعاء باتصال جديد، تفضلي دعاء.
المستمعة:
 السلام عليكم.
المذيع:
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المستمعة:
 يعطيك العافية دكتور، دكتور أنا عندي مداخلة عن نفسي، أنا الحمد لله رب العالمين علاقتي مع ربي إن شاء الله أتمنى أن تكون تماماً، صار بحياتي أشياء كثيرة، حُرمت كثيراً من الأشياء لكن الحمد لله أنا مستقيمة، لكن تأتيني بعض الأحيان حالات عندما أسمع أن السعادة للمؤمن، أشعر أنني ممكن أن أكون مقصرة، و كل ما يحصل لي هذا ابتلاء الله، كيف أقتنع أنه ممكن أن يتغير حالي هذا، وأن أسعد أو أرضى أن هذا الشيء سوف يبقى نظام حياتي؟

 

الابتلاء علة وجود الإنسان في الدنيا :

الدكتور راتب :
 الله عز وجل ينتظرنا، ينتظر إقبالنا عليه، توبتنا له، محبتنا لبعضنا، لكن الإنسان إذا قلنا له: أنت مؤمن، أي هو ليلاً نهاراً يبكي محبة لله، تأتيه نفحات.

((إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها))

[الطبراني عن محمد بن مسلمة رضي الله عنه]

 لو كانت تأتي دائماً لا يعمل شيئاً، نقعد لا نعمل، هذه تأتي نفحات من الله عز وجل، ما دام بيتك إسلامياً، وأنت حجابك إسلامي، وعلاقتك مع زوجك صحيحة، وتربي أولادك أنت أسعد امرأة، أما هذه الأحوال العالية فتأتي من حين لآخر، نفحات فتعرضوا لها.
المذيع:
 لا يعني تعرض الإنسان لفترة من الصعوبات أو مشاكل في حياته دكتور أن ييئس أو يفقد الأمل وأن السعادة ستنير دربه في المستقبل؟
الدكتور راتب :
 الابتلاء علة وجودنا، يقول النبي الكريم:

((أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت علي ثلاث من بين يوم وليلة ومالي طعام إلا ما واراه إبط بلال ))

[الترمذي عن أنس بن مالك ]

 هذا الأصل في الدنيا الابتلاء.

﴿ إِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنين : 30]

 والبطولة ليس ألا تبتلى، بل أن تنجح في الابتلاء.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور، بارك الله بكم شيخنا الكريم، وجزاكم الله عنا كل خير.
 نتواصل بحديثنا عن السعادة، دكتور ملخص الفكرة التي أردت طرحها هي أن أي إنسان في هذه الدنيا قد يصل إلى الملذات، بينما المؤمن المتصل بالله وحده الذي يتجاوز الملذات، ويصل إلى السعادة الحقيقية، وهي بصلته بالله تبارك وتعالى سواءً كان غنياً أو فقيراً، إذا كان فقيراً سيختلف المفهوم لديه بالفقر، أو المرض، أو الموت، بصلته بالله، فيصبح إيجابياً، ولو كان ثرياً، أو مسؤولاً، الأصل بالمؤمن أن يكون قوياً، وسرّ قوته تمسكه بشرع الله تبارك وتعالى.
 دكتور، في قضيتنا وفي الحديث عن السعادة اليوم لحد كبير يتصف العالم الإسلامي بأنه غير سعيد، العائلات المسلمة غير سعيدة، المسلمين غير سعداء، لماذا نحن بعيدون فيما يراه الناس عن السعادة؟

 

الانقطاع عن الله يبعد الإنسان عن السعادة :

الدكتور راتب :
 لأن هذا المنهج تماماً كبيت فيه أجهزة كهربائية، فيه ثلاجة، وميكروويف، وسخان، يوجد به كل شيء، لكن لا يوجد كهرباء، هذه الأجهزة عبء على صاحبها، كتلة بلاستيكية، فإذا كان هناك كهربا الثلاجة بردت، والمكيف سخن، والسخان سخن، كله عمل، المشكلة أنه إذا انقطع التيار الكهربائي متراً أم ميليمتراً أصبحت هذه الأجهزة لا فائدة منها.
 لا يجب أن ننقطع عن الله
فنحن عندنا كبائر وصغائر، أنا رأيت ألف بيت بعمان أو بالشام لا يوجد كبائر في كل هذه البيوت، لا يوجد زنا، ولا خمر، لكن يوجد تقصير، واختلاط، وأفلام مفتوحة على الشاشة، وتقصير بالعبادات، وغش بالبيع والشراء، فنحن العبرة ألا ننقطع عن الله عز وجل، الكبائر تقطع، وكذلك الصغائر، فإذا نحن لم نهتم بالصغائر، سهرة مختلطة، هذه أطول، هذه أعرض، مثلاً أغنياء وفقراء جلسوا و تكلموا عن رحلاتهم لأوروبا، ويوجد عشرون موظفاً فقيراً، ماذا فعلت بهم؟ نحن عندنا تقصير بالعلاقات، تقصير باللقاءات، تقصير بالنشاطات.
المذيع:
 الله يفتح عليكم يا دكتور.
 معنا اتصال هاتفي، معنا محمد تفضل أخي محمد.
المستمع:
 السلام عليكم.
المذيع:
 وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يا مرحباً.
المستمع:
 أنا أريد أن أطرح سؤالاً على الدكتور، أنا معي مرض بالغدد اللمفاوية من فترة تقريباً من سنتين، آخذ العلاج، وكل شيء تمام، ولكن للأسف إلى الآن لم أجد حلاً طبياً، حاولت كثيراً و لم أجد حلاً إلى الآن، وأنا أعرف أن الحل بيد رب العالمين، ولكن لا بعرف في داخلي جفاء، لا أعرف كيف أحله، لم أستطع أن أتقرب إلى الله كثيراً، لا أعرف ما هذا الجفاء داخلي و كيف أخرجه؟
المذيع:
 النقطة واضحة أخي محمد اعذرني فقط لأننا في آخر الوقت نسأل الله أن يمن عليك بدوام الشفاء والعافية.
 أبو محمد باتصال جديد، ثم نجيب على الاتصالات، تفضل أبو محمد.
المستمع:
 السلام عليكم.
المذيع:
 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المستمع:
 حياكم الله فضيلة الشيخ، بما يخص السكينة أنا أريد استشارة من الشيخ يوجهني لعمل معين أواجه الحياة به، أنا الحمد لله من فضل رب العالمين مسرور جداً، لأن الله موجود وعادل، وآخر شيء سيحكم بين الناس، بين الظالم والمظلوم، المشكلة التي أواجهها أن أغلب الناس عندهم مخالفات كثيرة فأنا أتضايق، حتى لو لم يخصني هذا الشيء، لكن شخص مثلاً خالف بالسير أحس أن ضغطي قد ارتفع أقول: لماذا نفعل هكذا ببعضنا؟ لماذا هذا يتعدى على حقوق غيره؟ فأنا أواجه مشكلة، لا أشعر مثلاً أنا مسرور.
المذيع:
 النقطة واضحة تماماً أبو محمد اعذرنا فقط لضيق الوقت.
 شيخنا معنا دقيقتان لختام الحلقة، نبدأ من حيث انتهينا أبو محمد يتضايق عندما يرى شيئاً خاطئاً في الدنيا، إذا شخص اعتدى على قانون السير أو غير ذلك يفقد هذه السعادة.

من كمال المؤمن غيرته على المسلمين :

الدكتور راتب :
 هذا من كماله، المؤمن عنده حساسية بالغة، لو لم يقترف خطأ، غيره اقترفه يتألم، هذا وسام شرف له.
المذيع:
 أصبح مشوشاً دكتور على حياته.

كل إنسان مسؤول عن نفسه و بيته و عمله :

الدكتور راتب :
 لا، عليه ألا يصل لهذا الدرجة، لله في خلقه شؤون، فأنت عندك ثلاثة أشياء دقيقة جداً، دائرة نفسك، وبيتك، وعملك، فإذا أقمت أمر الله في نفسك، وبيتك، وعملك، لا تعنيك الأمور الثانية، وتحاسب عن الثلاثة فقط.
 أخونا محمد من تركيا، مريض بالسرطان، نسأل له ولكل المرضى الشفاء والعافية، يقول الحل لم يكن جذرياً في العلاج لمرض السرطان بداية هل من نصيحة دكتور بشيء شرعي؟ ثم يقول في قلبه جفاء تجاه الله، كيف يتخلص منه؟

بطولة الإنسان أن ينجح في الابتلاء :

الدكتور راتب :
 أنت حينما تعتقد أن علة وجود الإنسان في الدنيا هو الابتلاء، وأن الأنبياء ابتلوا.

﴿ إِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾

[ سورة المؤمنين: 30]

 وأن البطولة لا أن تنجو من الابتلاء، بل أن تنجح في الابتلاء، فأنت إذا صبرت ورضيت عن الله، لك الدنيا نفسياً، والآخرة كلياً.
المذيع:
 ما هي نصيحتك دكتور بثوان كيف يزيل الجفاء من قلبه تجاه خالقه؟

 

حاجة كل إنسان إلى حاضنة إيمانية :

الدكتور راتب :
 والله يجب أن يكون له حاضنة إيمانية، تعيش بمفردك لا تستطيع، ما الدليل؟

﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة: 119]

 تحتاج إلى حاضنة إيمانية، سهرة مع مؤمنين، رحلة مع مؤمنين.
المذيع:
 جزاكم الله كل خير، دكتورنا دعاء سريع من فضيلتكم نختم به حلقتنا.

 

الدعاء :

الدكتور راتب :
 اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك، اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين.

خاتمة و توديع :

المذيع:
 الحمد لله رب العالمين، بارك الله بكم شيخنا الفاضل الدكتور محمد راتب النابلسي، سبحانك لله وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور