وضع داكن
23-12-2024
Logo
مختلفة - المغرب : 3 - مسجد الهدى - الدعوة الى الله .
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

الدعوة إلى الله أعظم عمل على الإطلاق :

 أيها الأخوة الأحباب؛ ما من عمل يرقى ويرقى ويرقى فيقترب من صنعة الأنبياء كالدعوة إلى الله، وما من عمل يتذبذب بين أن يكون أرقى عمل يرقى إلى صنعة الأنبياء وبين ألا يلقى إلا ابتسامة ساخرة، كيف؟ حينما تبذل من أجل الدعوة الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، يكون هذا العمل أعظم عمل على الإطلاق، طالبني بالدليل، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة فصلت: 33]

 ليس هناك عمل بل ليس هناك إنسان أفضل عند الله ممن دعا إلى الله، وعمل صالحاً، لكن هناك فرقاً كبيراً بين أن تبني من أجلها الغالي والرخيص و النفس والنفيس وبين أن ترتزق بها، أقصد بالارتزاق لا أن تكون إماماً في المسجد تتقاضى راتبك بحلال، أقصد حينما تصدر فتوى ولست قانعاً بها أنت وبخلاف ما تعلم إرضاء لقوي أو غني، عندئذ تسقط الدعوة، لذلك أحد كبار المستغفرين - والقصة قديمة منذ خمسين عاماً- تقريباً حكم عليه بالإعدام فلما سيق إلى المشنقة جاؤوا له بشيخ ليلقنه الشهادة، لئلا يموت كافراً، قال له: أنا أموت من أجل لا إله إلا الله أما أنت فترتزق بها.
 بين أن تموت من أجل هذه الكلمة وبين أن ترتزق بها.
 أخواننا الكرام؛ وأعني ما أقول ما من عمل على الإطلاق يرقى ويرقى إلى أن يصبح قريباً من صنعة الأنبياء كالدعوة إلى الله، وما من عمل يسقط حتى لا ينظر إلى صاحبه إلا نظرة ازدراء كالدعوة إلى الله، بين أن ترتزق منها وبين أن تقدم روحك من أجلها لذلك قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة فصلت: 33]

الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :

 أخواننا الكرام ؛ هل تصدقون أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، أنا ما معي دكتوراه بالشريعة أنا موظف عادي، معلم، مدرس، تاجر، عليّ فرض عين، والدليل ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء، قال تعالى:

﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف: 108 ]

 فالذي لا يدعو على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله، قال تعالى:

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 31 ]

 أي فرض عين على كل مسلم ولكن في حدود ما تعلم ومع من تعرف، سمعت بالخطبة شرح آية تأثرت بها، انقل هذا الشرح لزوجتك، لأولادك، لشريكك في العمل، لزميلك في العمل، لجارك، الدعوة إلى الله كفرض عين في حدود ما تعلم ومع من تعرف، أنت حضرت خطبة جمعة، سمعت درس علم، تابعت ندوة إسلامية راقية جداً لعالم كبير، تأثرت بها انقلها إلى أهل بيتك، إلى أخوتك، إلى جيرانك، إلى زملائك، إلى أصحابك، كنت في نزهة، في سهرة اذكر الله عز وجل، هذه الدعوة إلى الله فرض عين في حدود ما تعلم ومع من تعرف، الدليل القرآني:

﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾

[ سورة يوسف: 108 ]

 على بصيرة أي بالدليل والتعليل، قال تعالى:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ِ ﴾

[ سورة العصر: 1-2]

 خاسر جواب القسم، لأن مضي الزمن يستهلك الإنسان، قال تعالى:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

[ سورة العصر: 3]

 أركان النجاة آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق، التواصي بالحق هو الدعوة إلى الله على بصيرة، هذان شاهدان قويان على أن الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، وهناك حديث:

(( بلغوا عني ولو آية ))

[ البخاري والترمذي عن ابن عمرو ]

 أنا أقنعكم لكن أنا ليس لي علاقة، أنا لست خطيباً، الدعوة إلى الله كفرض عين فرض على كل مسلم في حدود ما يعلم ومع من يعرف.

 

الإنسان بين دعوتين؛ فرض عين و فرض كفاية :

 أما الدعوة التي تجيب عن أي سؤال، أن توضح أية شبهة، أن توضح أدنى التباس، أن تأتي بالدليل والتعليل بالتعمق والتبحر فهذه فرض كفاية إذا قام به البعض سقطت عن الكل، قال تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة آل عمران: 104 ]

 أنت بين دعوتين دعوة فرض عين على كل مسلم كائناً من كان في حدود ما يعلم ومع من يعرف، ودعوة فرض كفاية، هذه الاحترافية إذا قام به البعض سقطت عن الكل، تحتاج إلى تعمق وتبحر وتفرغ، الأمة بحاجة إلى دعاة إلى الله كفرض عين، حضر خطبة حفظ أو كتب تفاصيلها بدقة ودخل الكلام بعقله، أما فرض الكفاية فإذا قام به البعض سقطت عن الكل، الدعوة إلى الله أخطر عمل، لن تجد على وجه الأرض إنساناً أفضل ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، دقق في قوله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾

[ سورة فصلت: 30 ]

 أي إنسان ما لم يستقم على أمر الله لا يعد هذا الإيمان منجياً، أي إنسان آمن بالله ولم يستقم على أمر الله لا يعد إيمانه هذا منجياً.

 

القدوة قبل الدعوة :

 الآن قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[ سورة فصلت: 33 ]

 آمنوا ثم استقاموا، المؤمنون والدعاة دعوا إلى الله، إذا كنت داعية تحتاج إلى تعمق، والله يا أخوان تصور الداعية إذا لم ينم إطلاقاً هو قدوة، أنت تنتفع بطبيب مختص بالهضمية معه بورد ولا تعبأ باستقامته ولا يعنيك دينه، تنتفع بالمهندس يحمل شهادة عليا بالأنفاق ولا تهتم بدينه، تنتفع بأي إنسان إلا رجل الدين لن تنتفع به إلا إذا رأيت تطابقاً تاماً بين أقواله وأفعاله.
 لذلك أول حقيقة أول فكرة : القدوة قبل الدعوة، القدوة أبلغ من الدعوة، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم، فإذا أردت أن تكون داعية وهذا أعلى مقام عند الله، بيتك دعوة، يجب أن تطبق في البيت، أحياناً الإنسان خارج بيته يبتسم، ينحني، عنده شركة، هذا كله في العصر الحديث اسمه بزنيس، الإيمان في بيتك:

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[ الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 هناك أشخاص في البيت دبور وخارج البيت شحرور، نريد في البيت شحروراً:

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[ الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

 هناك رجل إذا دخل إلى البيت، يصبح البيت عيد لأنهم يحبونه، جلسوا بحضنه، دللهم، وأب آخر إذا خرج من البيت صار عندهم عيد، أين بطولتك؟ أن يكون العيد بدخولك لا بخروجك، بيتك جنة، والله أرخص بيت في الأرض غرفة واحدة مع الحب في البيت يصبح جنة، وأوسع بيت وأجمل بيت مع الشقاق الزوجي صار جحيماً لا يطاق، يا أخوان والله لا أبالغ كل واحد منكم قادر أن يعمل بيته جنة، يسهر معهم، ما سمعت يا بني، تناقش ابنك، تنصحه، ممكن أن تدخل إلى بيتك يصبح جنة، والبيت جنة المؤمن، جنته بيته، إذاً القدوة قبل الدعوة، الآن كلمة أوسع؛ دعوت أم لم تدعُ إذا كنت قدوة ينتفع بك من حولك، مثلاً أم مع ابنتها الصغيرة عند الجيران تأخرت عندهم ولم تطبخ، جاء الأب الساعة الثالثة أين الطعام؟ لا يوجد طعام غضب أين كنت؟ ما كنت عند أحد، ابنتها الصغيرة كانت معها، شاهدت أمها تكذب على أبيها، القدوة قبل الدعوة، عليك ألا يجد من حولك مفارقة بين أقوالك وأفعالك، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[سورة فصلت: 33]

 القدوة قبل الدعوة، أنت قدوة لأهلك شئت أم أبيت، لو لم تتكلم كلمة واحدة، لو بدلت ثيابك بغير الغرفة المخصصة، أنت عندك أولاد، أما الأب المنضبط فيغير ثايبه بغرفة النوم، السلوك الهادف في البيت يعمل البيت والله جنة، أي بيت مهما كان نوعه، مهما يكون دخلك، ممكن أن تكون الزوجة أسعد الناس مع زوجها، وتأكل أخشن الطعام، وقد تكون أشقى إنسانة مع زوجها، وتأكل أطيب الطعام.

الإحسان قبل البيان :

 أنا أقول: نحن الآن في محنة كبيرة في العالم الإسلامي، حرب عالمية على المسلمين كانت تحت الطاولة اليوم فوق الطاولة جهاراً نهاراً، أحد أعضاء الكونغرس يقول في تصريحه وهو تصريح مترجم: بما أن الغرب مهيمن على الشرق لن نسمح بقيام حكم إسلامي. الحرب عالمية على المسلمين، أنا أقول: كيف نواجه القنبلة الذَّرية؟ نواجه القنبلة الذَّرية بقنبلة الذُّرية، ربِّ ابنك، اعتن به، اجعله يحب الدين، يكون معك دائماً، الذي عنده بنت، يعتني بها، السبب لأنها سبب دخوله الجنة، أبداً. من كان له بنتان فأحسن تربيتهما فأنا كفيله في الجنة، قالوا: واحدة؟ قال: واحدة.
 البنت سبب دخولك الجنة، ما رأيك؟ هناك حب في البيت، تحب زوجتك وهي تحبك، والأولاد ينشؤون على الحب من أول يوم، لذلك تعمل داعية هذا ليس اختصاصي، الدعوة تحتاج إلى احتراف وتفرغ، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾

[سورة فصلت: 33]

 هذه الدعوة العامة، الدعوة فرض عين في حدود ما تعلم ومع من تعرف، القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، املأ قلب من دعوته بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، واضحة؟ املأ قلب من دعوته بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك.
 أول قاعدة: القدوة قبل الدعوة، لا تتصور سامحوني بهذا المثال أن تدخن أمام ابنك وهو إذا دخن تقيم قيامته، القدوة قبل الدعوة، تمزح بكلام وإذا حكى كلمة خاطئة تضربه، هذا الكلام للآباء والأمهات والمعلمين والمدرسين وللأساتذة في الجامعات، من أصغر مرتبة لأعلى مرتبة، القدوة قبل الدعوة.
 لذلك قانون الولاء والبراء قال تعالى:

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾

[ سورة آل عمران: 159 ]

 أي يا محمد بسبب رحمة استقرت في قلبك من خلال اتصالك بنا كنت ليناً معهم، فلما كنت ليناً معهم التفوا حولك، أحبوك، ولو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة، ولانعكست القسوة غلظة وفظاظة فانفض الناس من حولك، أنا أسمي هذه الآية: قانون الالتفاف والانفضاض، رحمتك تجعلك ليناً في التعامل، إنسان اعتذر منك اقبل اعتذاره، لا يوجد رحمة يوجد قسوة، القسوة غلظة وفظاظة ينفض الناس من حولك.
 إذاً القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، املأ قلب من دعوته بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، يا داود ذكر عبادي بإحساني، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، املأ قلب من دعوته بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك، واضحة؟

 

مخاطبة العقل والقلب معاً :

 الإحسان قبل البيان، القدوة قبل الدعوة، الآن مخاطبة العقل والقلب معاً، هناك خطاب للعقل و خطاب للقلب، هل تصدقون أن هناك آية واحدة تجمع بين خطاب العقل والقلب؟ قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾

[ سورة الانفطار: 6]

 خاطب القلب، قال تعالى:

﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾

[ سورة الانفطار: 7]

 خاطب العقل، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، غذاء العقل العلم، وغذاء الجسم الطعام والشراب، تغذي عقلك بالعلم، وقلبك بالحب، وجسمك بالطعام والشراب، تتفوق، تكتفي بواحدة تتطرف، والفرق كبير بين التفوق وبين التطرف، أنت كداعية، خطيب مسجد، إمام، أستاذ جامعي، القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان.
 مخاطبة القلب والعقل معاً، القلب يحب، العقل يدرك، العقل يحتاج إلى معلومات، والآن ثبت أخواننا الكرام - وهذا شيء لا يصدق- بعد زراعة سبعين قلباً في أوربا تبين أن الذي زرع قلباً من غيره، قلب إنسان على شفا الموت زرع لإنسان آخر، كل مشاعر المتوفى تنتقل لمن زرع فيه هذا القلب، تبين شيء خطير؛ العقل مكان المعلومات، والقلب مكان المشاعر، يوجد تقريباً سبعون قصة لا يوجد مجال لنقولهم الآن، بعدما زرع قلباً آخر بدأ يتكلم كلمة ليس لها معنى، ذهبوا إلى زوجته، هذه الكلمة ما معناها؟ قالت لهم: هذه الكلمة اخترعناها أنا وزوجي عن شيء نحبه.
 إنساناً آخر كان يكره طعاماً معيناً، صار يحب، الآن ثبت أن القلب مركز المشاعر والأحاسيس، حتى عندما يضعون قلباً صناعياً للإنسان لم يعد يعرف أحفاده، هنا العقل معلومات، والقلب مشاعر وأحاسيس، هذا كله بعد زراعة سبعين قلباً.

 

التربية لا التعرية :

 أخواننا الكرام ؛ التربية لا التعرية، أنا أعتقد أن الكلمة القاسية تبقى في ذهن الإنسان عشرين سنة، إذا قلت له: غبي، وهو ليس غبياً، قبل أن تقول لإنسان: أنت غبي، قبل أن تكون عنيفاً، الآخر أنت له وغيرك له أما هذا الابن فمن له غيرك؟ والله موضوع مهم يا أخوان، أنت مخلوق مكرم، أنت أكرمك الله وأوجدك وكلفك بالعبادة، وقربك منه، أنا كنت أقول لهم: أنت أيها الشرقي معك رسالة لبلاد الغرب، أنت معك رسالة الإسلام، المسلم صادق، أمين.
 شركة في اليابان، تريد موظفاً، طلبوا من المحاسبة الأمنية كل الموظفين إلا إنساناً مسلماً لم يطلبوه، البقية عجبوا هذا لماذا لم يطلبوه؟ قالوا لهم: هذا ترك الطعام في رمضان خوفاً من الله، الشيء المباح تركه فلن يقع في الخطأ، الإسلام وسام شرف، أنت مسلم.
 إنسان من الصعيد، أرسل ابنه إلى الأزهر ليتعلم، بعد خمس سنوات عاد يحمل الشهادة، وعيّن خطيباً في قريته، فلما ألقى خطبة أمام أبيه الأمي، بكى الأب بكاء مراً، كل من حول الأب توهموا أنه بكى فرحاً بابنه، والحقيقة خلاف ذلك، هو بكى أسفاً على نفسه، والقصة رواها لي أحد علماء دمشق الكبار رحمه الله، ركب دابته وهو في صعيد مصر، وبين صعيد مصر و القاهرة حوالي ألف كيلو متر واتجه نحو القاهرة، وصل إلى القاهرة، لما وصل إلى القاهرة، قال: أين الأزعر؟ لا يحفظ اسمه، قالوا له: ما الأزعر؟ قال: مكان التعلم، قالوا: اسمه الأزهر، النتيجة أوصلوه إلى الأزهر، وفي الخامسة والخمسين بدأ في تعلم القراءة والكتابة، وتابع وما مات إلا شيخ الأزهر.
 إن القرار الذي يتخذه الإنسان في شأن مصيره قلّما تنقضه الأيام، إذا كان صادراً حقاً عن إرادة و إيمان.

 

الترغيب و الترهيب :

 القدوة قبل الدعوة، والإحسان قبل البيان، ومخاطبة القلب والعقل معاً، شيء يقنعني وشيء يحركني، الآن مثلاً يأتي داعية لا يوجد عنده إلا الحنش وعذاب القبر، كله سلبي سلبي، هذا يحطم الإنسان، يجب أن يكون بين الترهيب و الترغيب، بين أحوال أهل الجنة، المفاجأة الآيات التي ذكرت أهل النار مساوية الآيات التي ذكرت أهل الجنة، وآيات الدنيا تساوي آيات الآخرة، والتعميم من العمى، كنا في الجامعة كنت أحضر مناقشة رسالة الدكتوراه قال له: التعميم من العمى. قال تعالى:

﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ﴾

[ سورة البينة: 7 ]

التطابق التام بين الشريعة وبين العلم :

 يا أخوان ؛ الموضوع خطير، والدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ولكن هذا الفرض يأخذك إلى أعلى مرتبة عالية، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة فصلت: 33]

 إنسان درس أحكام المياه، أبقاه المدرس في أحكام المياه ستة أشهر حتى خرج من جلده، التقى مع الإمام محمد عبدو قال له: الماء الذي تشربه توضأ منه.
 نحتاج إلى عقلنة، هناك شرخ كبير، الدين من عند الله، أنا أؤمن بالتطابق التام بين الشريعة وبين العلم، أما أنا لا أثني على الدين إذا وافق العقل، أنا أثني على العلم إذا وافق الدين، لا تثني على الدين إذا وافق العلم، لا، أنا أثني على العلم إذا وافق الدين.
 أنا أذكر تماماً ويقيناً في الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه بسنة حرم الخمر تحريماً تاماً وكان هناك عقاب شديد، الملحد توصل إلى هذا القرار بتحريم الخمر، لذلك أنت مع خالق السموات والأرض، مع الوحيين، مع الذي يدخلك الجنة، الدين ليس وردة تضعها على صدرك، الدين هواء تستنشقه، قال تعالى:

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص: 50]

التدرج لا التطرف :

 لكن أنا أفضل التدرج أفضل من التطرف، إله عظيم في القرآن آية عظيمة قال تعالى:

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾

[ سورة النساء: 43 ]

 معنى الآية يجوز أن تشرب الخمر بين الصلاتين، هكذا أراد الله التدرج، لك قريب أعطيه المحرمات بالتدريج وليس دفعة واحدة، حتى لا يهرب منك، كن حكيماً مع الناس، الله عز وجل حكيم في التدرج مع عباده، قال تعالى:

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾

[ سورة النساء: 43 ]

 الله تدرج، من أنت؟ إنسان في الفلبين دخل في الإسلام، الذي يكشف عليه يريد أن يطهره، ماذا تطهرني لا أريد، فقال له: أنت مرتد إذاً، هناك قص رقبة، فقال له: تريدون أن تقطعوا من تحت إذا رفضت تقطعون من فوق..
 يجب أن يكون عندك مرونة، عندك ذكاء، عندك كياسة، عندك حلم، عندك تدرج، أعظم عمل هو الدعوة إلى الله، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾

[سورة فصلت: 33]

خاتمة و توديع :

 أخواننا الكرام ؛ والله أنا أتمنى أن أبقى معكم إلى آخر اليوم لكن أنا جئت من مكان وإن شاء الله ألتقي معكم لقاء ثان، وكلكم تعرفون أن لي موقعاً في الانترنيت، تعرفونه هو حج غوغل، تجدون في موقعي كل شيء ألقيته في حياتي تجدونه بهذا الموقع، النصوص، التفسير، القرآن كله بين يديك، والحديث، والسيرة، وكل محاضراتي في العالم في الموقع، قال تعالى:

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾

[ سورة إبراهيم: 4 ]

 هذا الموقع الآن بين أيديكم إذا لك سؤال اكتب في الموقع يأتيك بعد يومين الجواب، بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور