الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أول معنى من معاني العلم أنك إذا دققت في خلق الإنسان وجدت شيئاً لا يصدق:
أيها الإخوة الكرام؛ في الدرس الماضي كانت آية الكرسي موضوع الدرس، وآية الكرسي أعظم آية في القرآن الكريم، وفي قوله تعالى:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)﴾
وجدت أن شرح هذه الآية كان مقتضباً في الدرس الماضي، فلابدّ من وقفةٍ متأنيةٍ عند علم الله تعالى، والإنسان إن صحَّت عقيدته صحّ عمله ونجا من عذاب الدنيا ونار الآخرة، وإن فسدت عقيدته ساء عمله فهَلَك في الدنيا والآخرة، من أسباب سلامة الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة أن تصح عقيدته ليصح عمله.
أيها الإخوة الكرام؛ الله عز وجل عليم حكيم، كلمة (عليم) لها اتجاهاتٌ كثيرة، أحد هذه الاتجاهات أن هذا الكون يدلُّ على عِلم الله عز وجل، كما لو رأيت طائرةً تحمل ستمئة راكب، وتُحَلِّق على ارتفاع خمسين ألف قدم، وتنطلق بسرعةٍ عالية جداً تزيد عن ألف كيلو متر، وهؤلاء الرُّكاب يتمتعون بهواء نقي، وضغط مناسب، وحرارة معتدلة، ويأكلون، ويشربون، ستمئة راكب ينطلقون عبر الأطلسي بطائرةٍ، هذه الطائرة لا يمكن أن يكون الذي اخترعها وصممها ونفَّذها وصنعها إنسانٌ جاهل.
حينما يصعد إنسان إلى القمر بمركبةٍ لابدّ من أن تعتقد أن علم البشرية كلها في هذه المركبة؛ كيف حقّقنا لإنسانين مثلاً جواً وضغطاً وطعاماً وشراباً على كوكبٍ لا حياة فيه؟ فأول معنى من معاني العلم: أنك إذا دققت في خلق الإنسان لوجدت شيئاً لا يُصَدق، أي من أجل أن تعرف رائحة هذا العطر لابدّ من نهاياتٍ تزيد عن عشرين مليون نهاية عصبية شمِّية،
وكل نهايةٍ فيها سبعة أهداب، وكل هُدْبٍ مُغطى بمادة لزجة، تتفاعل هذه المادة اللزجة مع الرائحة فينشأ من التفاعل شكلٌ هندسي، هذا الشكل هو رمز هذه الرائحة، هذا الشكل ينتقل إلى الدماغ ليُعرضَ على الذاكرة الشمِّية،
وقد قدَّرها العلماء بعشرة آلاف بند، فأي شكل في هذه الذاكرة توافق مع شكل الرائحة عرفت أنت أنه الياسمين، أو أنه الورد، أو أنه نعنع، إلى آخره، فهذا الجهاز جهاز الشم بالغ التعقيد.
لو نظرت إلى العين لرأيت في الشبكية عشر طبقات، وفي الشبكية مئةٌ وثلاثون مليون عُصية ومخروط من أجل تحقيق الرؤية الدقيقة،
وأنّ هذه العين على صِغر حجمها ترى الجبل بحجمه الطبيعي، وبألوانه الدقيقة، وتُفرِّق بين لونين من ثمانمئة ألف لون، تُفرِّق بين درجتين من درجات لون واحد تزيد عن ثمانمئة ألف درجة، وأن العصب البصري يزيد عن تسعمئة ألف عصب،
ولكل عصب غِمْدٌ لئلا تنتقل الإشارة من عصب إلى عصب، وأنّ دماغ الإنسان يزيد عن مئة وأربعين مليار خلية، وأنّ قشرة الدماغ تزيد عن أربعة عشر مليار خلية، وأن لكلِّ شعرة مِن شعر الإنسان وريداً، وشرياناً، وعصباً، وعضلةً، وغدة دهنية، وغدة صبغية.
أنت قد تمسك قرصاً للكمبيوتر فيه ألف ومئتان كتاب، وكل كتاب قد يكون فيه عشرين جزءاً، هذا الكتاب بأدق الحروف، والحروف مضبوطة بالشكل، وهناك ألف طريقة للبحث، بحث كلمة، بحث موضوع، وكلما بحثت شيئاً جاءك الجواب خلال ثوان، أي هذا الجهاز يقرأ هذه الكتب كلّها حرفاً حَرفاً في أقل من عدة ثواني ويأتيك الجواب، أيعقل أن يكون الذي صنع هذا القرص جاهلاً؟ لا، هذا منحىً من مناحي العلم.
قد يذهب إنسان إلى فنلندا، الحرارة تسع وستون تحت الصفر، هذه أخفض درجة حرارة سُجِّلت على الأرض، بلد يعيش الناس فيه، وأنت في هذا البلد قد ترتدي المعاطف، والألبسة الصوفية، والجوارب الصوفية، والأحذية المبطنة بالفرو، وقد ترتدي القبعات، وكل شيء، لكنك لن تستطيع أن تحجُبَ عينيك، لابد من أن تكون العين على مساسٍ بالهواء الخارجي، الهواء تسع وستون تحت الصفر، والعين فيها ماء، إذاً لابد لهذا الماء إذا مسّ الهواء الخارجي أن يتجمد، مَن الذي أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد؟ إذاً هناك علم.
لماذا ترفع الأرض سرعتها إذا انطلقت حول الشمس واقتربت من القطر الأصغر؟ لينشأ من رفع سرعتها قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة،
ولماذا ترتفع السرعة ارتفاعاً بطيئاً التسارع بطيء والتباطؤ بطيء؟ لو ذهبنا نسير في هذا الاتجاه وبحثنا في المجرات، وفي المذنَّبات، وفي الكازارات، وفي الثقوب السوداء، وفي المسافات بين النجوم، وفي عدد المجرَّات، لخَرَّ الإنسانُ لله ساجداً.
كل ما في جسم الإنسان ينطق بعلم الله:
لو وصلنا إلى أجهزة الجسم، هذا القلب الذي يعمل ثمانين عاماً لا يرتاح أبداً، أيّ عضلة أخرى حرك يدك هكذا بعد دقيقتين تصاب بحالة اسمها الإعياء، لا تستطيع المتابعة، أجرِ بعض التمارين الرياضية، اضغط، خمس ضغطات، عشر، خمس عشرة، الرياضي يضغط عشرين مرة، المتمرِّس يصل إلى ثلاثين مرة، ثم بعد ذلك تتوقف، لكن هذا القلب ثمانين سنة لا يكلّ ولا يملّ،
ولا يقف إلا وقفة واحدة، عند نهاية الحياة، مَن صمم هذا القلب؟ من صمم هذه العضلة التي لا تتعب؟ مَن صمم هذه الأوعية الدموية التي هي مرنة كالقلب تماماً؟ أنا سمعت أن الشريان التاجي يتحمل ضغط عشرين بار، البار الكيلو على السنتيمتر، أي يتحمل أثناء وضع بالون في الشريان كي تُضغط حوافُّه الكلسية يتحمل ضغط عشرين بار، ما هذه المرونة بالشريان؟
والشريان قلب، حينما ينبض القلب يتمدد الشريان، ولأنه مرن يعود كما كان، صار قلباً ثانياً، فكل أوعية الجسم قلوب.
هل وراء هذا الجسم الإنساني علم؟ طبعاً، الحديث طويل ولا تنتهي دروس، ودروس، وأشهر، وسنوات في الحديث عن خلق الإنسان، وعن خلق الأكوان، أنا لا أريد أن أستقصي، أريد أن أضرب أمثلة فقط، معقول غدة صغيرة لا تزيد عن سلامية الإصبع، هذه الغدة أخطر غدة في الإنسان، أيعقل أن تكون كلية حربية؟ تدخلها الكريات البيضاء التي معها سلاح فتّاك وهي جاهلة كي تتلقى دروساً في معرفة العناصر الصديقة من العدوة، تتلقى خلال سنتين دروساً دقيقة جداً، وبعدها تتخرَّج خلايا بيضاء تائية مثقفة تتولى تعليم الأجيال من بعدها.
الحديث عن الغدد، عن القلب، عن الأوعية، عن الرئتين، عن الكليتين، يوجد طريق للكليتين مئة كيلو متر، عن البنكرياس، عن الكبد، خمسة آلاف وظيفة في الكبد، الطحال مقبرة للكريات البيضاء، ومعمل دم احتياط،
ومكان تحليل، الطحال، الغدة الدرقية مكان الاستقلاب، لا يزيد وزن الغدة النخامية عن نصف غرام، نصف غرام،
ملكة الغُدد الصمَّاء، تفرز اثني عشر هرموناً، كل هرمون تُبنى عليه حياة الإنسان، هرمون النمو، هرمون توازن السوائل، لو اختلّ هذا الهرمون لأمضى الإنسان كل وقته إلى جانب الصنبور ودورة المياه، لشرب أكثر من عشرين صفيحة ماء، هناك هرمون ضبط السوائل بالجسم.
الله عز وجل عليم بحاجاتنا:
أنا أريد كلمة واحدة: الذي خلق الإنسان عليم؟ العلم المُطْلَق، انظر إلى مركبة صُنعِت في عام ألف وتسعمئة، يوجد الآن بالمتاحف، عجلاتها ليس فيها هواء، صماء، ليس فيها أجهزة امتصاص صدمات، ليس فيها علبة سرعة، الإضاءة فانوس يُشْعَل بالليل بالكبريت والزيت، سيارة بدائية جداً، انظر إلى سيارة صُنِعت في عام ألفين، من أرقى الماركات، كم هو البون شاسعٌ بين مركبةٍ صُنِعت عام ألف وتسعمئة وبين مركبة صنعت عام ألفين؟ إنها خبرة الإنسان التي تتنامى، فالإنسان خبرته حادثة، تنمو بالخطأ والصواب، هل طرأ على الإنسان تطوير؟ هل هناك إنسان موديل ألفين؟ هل طرأ على الإنسان منذ أن خلقه الله تعديل؟ معنى ذلك أن خبرة الله قديمة، فهذا جانب من جوانب عِلم الله عز وجل.
هذا الكون، بمجراته، بسماواته، بأرضه، بأسماكه، بأطياره، بحيواناته، بنباتاته، بخلق الإنسان، بأجهزته، بأعضائه، بحواسه، ينطق بعلم الله.
أنت لو اقتنيت جهازاً بالغ التعقيد، ثم رأيت الذي اخترعه، تقف أمامه بإجلالٍ لا حدود له، لأنك تعلم أنه عالمٌ كبير، وعبقريّ فذ، فكلما دققت في آيات الله، في خلقه، وفي مخلوقاته لعرفت أن الله عليم، هذا جانب.
الجانب الآخر: الله عز وجل عليمٌ بحاجاتنا، كل حاجات الإنسان وفّرها لنا على سطح الأرض، أولاً: خلق لنا حاجةً إلى الهواء، وخلق الهواء، وجعل الهواء متوازناً؛ أوكسجين وهيدروجين، والنسب متوازنة،
ونحن بحاجةٍ إلى الماء، إذاً الأرض تحوي مسطَّحات مائية كبيرة جداً، وأشعة الشمس تُبَخِّر هذا الماء، والماء من خصائصه التبخُّر، ثم يكون هذا البخار سحاباً، وهذا السحاب رُكاماً، ثم يُساق إلى بلدٍ ميت فيحيي الله به الأرض بعد موتها، والآلية معقدة جداً،
وهناك مَن يدرس سنوات وسنوات في الجامعات كي يتعلَّم كيف تنزل الأمطار.
خلق لنا حاجة إلى الماء وخلق الماء، خلقه في البحار ملحاً أُجاجاً، وخلقه في الأنهار عذباً فراتاً، وخلقه في الينابيع، هذا من خلق الله عز وجل.
الجانب الثاني أن الله خلق لنا حاجاتٍ عالية الدقة كلها تُلبّى في أعلى درجة:
الجانب الثاني في العلم أنه خلق لنا حاجاتٍ عالية الدقة، وهذه الحاجات كلها لُبِّيَت في أعلى درجة، بحاجة إلى لحم نأكله، هناك ستة مليارات إنسان، إذاً هناك المواشي والأنعام تتوالد، لو أن هذه الأنعام تأكل أكثر مما تعطي لا أحد يربيها، لابد من أن تكون في تربيتها جدوى اقتصادية، تُطعمها بعشرة تعطيك مئة، إذاً تُربى، وتُقتنى، ويُعتنى بها، بحاجة إلى الثياب، هناك القطن، وهناك الكتان، وهناك الصوف، بحاجة إلى بيت نأوي إليه، هناك الصخور والأحجار وما شاكل ذلك، أي شيء خطر على بالك تجده في الأرض، وهذا نوع من أنواع العلم، عليم بكل حاجات الإنسان، وقد وفَّر له كل هذه الحاجات، ومن هذا نفهم معنى الربوبية.
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)﴾
الذي أمدّ المخلوقات بكل ما تحتاج.
أما المنحى الثالث الذي أُرَكز عليه في هذا الدرس في قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ هو أن الله عالم الغيب والشهادة، أي كل شيء في الكون يعلم الله حركاته وسكناته، لماذا؟ لأن الله يُحَركه، أنت حينما يأتي إنسان ويمسك هذا الكأس، وينقله من هذا المكان إلى هذا المكان، وأنت تراه، أنت لماذا تعلم أن هذا الكأس تحرك؟ لأنك رأيته قد تحرَّك، أما إذا أمسكته بيدك وحرَّكته، هذا علمٌ أبلغ، لأنّ كل فعل لا يكون إلا من قِبَل الله تعالى، إذاً الله عز وجل هو الفعَّال، وهو العليم، يعلم ما يفعل، إذاً عالم الشهادة، كل شيءٍ أمامك يعلمه الله علماً مطلقاً، بأدق أدق التفاصيل.
أنت لك من الإنسان ظاهره، لكن الذي يعلم باطنه، وتاريخه، وصراعاته، ومنبته، ومشربه، ومطعمه، وأخلاقه، وعلاقاته، هو الله عز وجل، يعلم ما تُعلن ويعلم ما تُسر، ويعلم ما خَفِي عنك، يعلم ما تُعلن، فإذا لم تعلن يعلم ما تُسر.
المنحى الثالث في علم الله أنه لا تخفى عليه خافية فهو سميع بصير عليم:
هناك علمٌ لا تعلمه أنت اللهُ يعلمه، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، هذا منحىً ثالثٌ في علم الله عز وجل، لا تخفى عليه خافية، إن تكلمتَ فهو سميع، وإن تحركت فهو بصير، وإن سكت وجمدت في مكانك فهو عليم بما يجري في داخلك، سميع بصير عليم.
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)﴾
بعلمه، أينما ذهبتم، يعلم كل حركاتك، وسكناتك، يعلم خواطرك:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾
إنسان جالس في بيته، أمامه شُرفة، خرجت امرأة الجيران، إن نظر أو غض ليس في الأرض كلها إنسان يضبطه، هو جالسٌ في غرفته، والنافذة مفتوحة، وهو في الظلام، والنافذة تحت أشعة الشمس، إن نظر أو لم ينظر، مَن الذي يعلم خائنة عينه؟ الله جلّ جلاله، هذا منحى ثالث في علم الله، أي مع كل الخلق بالعلم، أي يسمع دبيب النملة السمراء على الصخرة الصمّاء في الليلة الظّلماء.
قد يكون على سطح القمر تضاريس، يعلمها، في المجرات، حركة المجرات، في رؤوس الجبال، في أعماق الأرض، هذه البراكين والزلازل مَن يعلم حركة الأرض وما فيها من ضغوط؟ الله جلّ جلاله،
مَن مع كل سمكة في أعماق البحار؟ كم سمكة توجد بالبحار؟ هناك مليون، إياك أن تتوهم أني أقول مليون سمكة، هناك مليون نوع من الأسماك، أما الأعداد فهي أعداد بأرقام فلكية، بدءاً من سمكة الزينة التي لا تزيد عن سلامية اليد، وانتهاءً بالحوت الأزرق الذي يزن مئة وخمسين طناً، هذا الحوت الأزرق، وزنه مئة وخمسون طناً، يُستخرج منه تسعون برميلاً من الزيت، خمسون طناً من الدهن، وزن قلبه نصف طن، وليده يحتاج إلى ثلاثمئة كيلو حليب كل وجبة -هذه عصرونية-يحتاج إلى ثلاث رضعات في اليوم، تساوي طناً من الحليب، بدءاً من سمكةٍ لا تزيد عن سلامية اليد، قد تكون شفافة يقول لك: أسماك الزينة، وانتهاءً بالحوت الأزرق، كائنات البحر شيء لا يُصدق.
علم الله عز وجل من هذا القبيل، مع كل سمكة، ومع كل طائر، بل مع كل جرثومة، بل مع كل فيروس، الفيروسات لا ترى بالعين، الإيدز فيروس لا يُرى، مَن يسوقه من إنسان إلى إنسان؟ الله عز وجل، هذا منحى ثالث في علم الله عز وجل.
المنحى الرابع هو علم الغيب:
أما المنحى الرابع فهو علم الغيب، الله جلّ جلاله يعلم ما سيكون علم كشفٍ لا علم جبر، الآن دخلنا إلى موضوع دقيق جداً في الدين؛ الإنسان مُخيَّر أم مُسيَّر؟ الإنسان مُخيَّر، وفي أية لحظة توهم الإنسان أنه مُسيَّر انتهى الدين، وانتهى التكليف، وأُلغيت الأمانة، وأُلغي الثواب، وأُلغي العقاب، وأُلغيت الجنة، وأُلغيت النار.
﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)﴾
فالله عز وجل فيما يتعلق بالغيب يعلم علم كَشْف لا علم جبر، لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، ولو تركهم همَلاً لكان عجزاً في القدرة، الله عز وجل يعلم ما سيكون لا علم جبرٍ، ومَن يعتقد أن الله أجبر عباده على المعاصي والآثام فعقيدته زائغةٌ يرفضها القرآن الكريم:
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)﴾
هذه أول نقطة في الدرس، الإنسان مخيَّر فيما كُلِّف، مخيّر؛ أمرك أن تُصلي فأنت في موضوع الصلاة مُخيَّر تصلي أو لا تصلي، أمرك أن تكون صادقاً فأنت في موضوع الصدق مخيرٌ، أمرك أن تكون محسناً فأنت في موضوع الإحسان مُخيّر تُحسن أو تُسيء، تصدق أو تكذب، تُصلي أو لا تُصلي، تحضر مجلس علم أو تحضر في ملهى، أنت مخير، تُتقن عملك أو تهمل، تربي أولادك أو لا تربيهم، تُحسن إلى زوجتك أو لا تُحسن، تغض بصرك أو لا تغض، تذكر الله أو لا تذكر.
الإنسان مخيّر فيما كُلِّف به ومسيّر فيما سوى ذلك:
أنت مخيرٌ فيما كُلِّفت، هذه حقيقة صارخة، قاطعة، ثابتة، تؤيدها الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة.
جاء رجل إلى سيدنا عمر وقد شرب الخمر، فقال رضي الله عنه: أقيموا عليه الحد، فقال هذا الرجل: يا أمير المؤمنين إن الله قَدَّر عليّ ذلك، فقال رضي الله عنه: أقيموا عليه الحد مرتين، مرةً لأنه شرب الخمر، ومرةً لأنه افترى على الله، قال: ويحك يا هذا، إن قضاء الله لم يُخرجك من الاختيار إلى الاضطرار.
أنت مخيَّرٌ فيما كُلِّفت، ومُسيَّر فيما لم تُكَلّف، أنت ولدت في الشام مُسَيَّر، من فلان الفلاني مُسيّر، من فلانة الفلانية مُسيّر، بقُدرات معينة مُسيّر، بقامة مديدة مُسيّر، بقامة قصيرة مُسيّر، بصحة جيدة مُسيّر، بصحة معلولة مُسيّر، لكن هذا التسيير لصالحك، لصالح آخرتك، ولصالح إيمانك، وليس في الإمكان أبدع مما كان، أي ليس في إمكاني أبدع مما أعطاني.
أنت مُخيّر فيما كُلِّفت به، مُسيّر فيما سوى ذلك، لكن هذا التسيير لصالحك، ولكن بعد أن سيَّرك الله وخلقك من أب وأم وبيئة وإمكانات وقدرات معينة، هي كمالٌ لك، ثم كلَّفك التكليف الإسلامي، أنت إما أن تستجيب:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)﴾
أو لا تستجيب، فإن استجبت سيّرك نحو مصالحك الدنيوية والأخروية، كافأك بتسيير نحو مصالحك، يُقَدر لك زواجاً ناجحاً، عملاً جيداً، صحة طيبة، سمعة طيبة، إلى آخره، أما إن لم يستجب فالله عز وجل مُرَبٍّ، رب العالمين، يسوق له تسييراً بعض الشدائد كي تُرجعه إلى الله، فصار مسيَّراً للتأديب، مُسيَّر في أصل الخلق، ثم مُخيّر في التكليف، ثم تُسيّر كي تُؤَدَّب، وتعود إلى ربك.
فيا أيها الإخوة الكرام؛ حينما تعتقد أنك مُخَير لا تقل حينما يقال لك: لِمَ لا تصلي؟ حتى يسمح الله لي، حتى يهديني الله، هذا كلام غير صحيح، كلام لا أصل له، هو هداك بهذا الكون، وهداك بهذا العقل، وهداك بتلك الفطرة، وهداك بالأنبياء، وهداك بالرسل، وهداك بالكتب، وهداك بالدعاة، وهداك بأفعاله، وهداك بتربيته، هداك وانتهى الأمر، بقي عليك أن تستجيب.
الله عز وجل تكفل بهدايتنا وبقي أن نستجيب له:
إن اعتقدت اعتقاداً صحيحاً أن الله تكفل بهدايتنا:
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)﴾
وبقي أن نستجيب له، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ إن الله تكفّل بهدايتنا، وبقي أن نستجيب له، لذلك إذا صحَّت عقيدة الإنسان لا يمكن أن يعزوَ تقصيره إلى القَدَر، لذلك القدر لا تفسره العيوب، لمّ لا تصلي؟ لم يلهمني اللهُ أن أصلي بعد، هذا كلام باطل، لمَ لا تصدق؟ الله ما هداني، تسعون بالمئة من كلام الناس هكذا، يحلو لهم أن يُعزوا تقصيرهم ومعاصيهم إلى الله عز وجل، ويتوهَّمون أن الإنسان مسيّر، لا، أنت مخير فيما كُلِّفت.
أيها الإخوة الكرام؛ هذا علم من النوع الرابع، علم الغيب، الله عز وجل يعلم ما يكون، ولكن علم كشفٍ لا علم جبر، علم كشف، أي لو أن مدرساً له باع طويلٌ في التدريس، وله خدمات تزيد عن خمسين عاماً، ومتمرّس بهذه الحرفة، وعلَّم صفاً، وقال قبل الامتحان بشهر: هذا الطالب لا ينجح، وهذا الطالب ربما كان الأول على الصف، وهذا الطالب يأخذ علامةً تامةً في الرياضيات، وهذا الطالب يأخذ علامة تامة في التاريخ مثلاً، طبعاً امتحان شهادة، ليس للأستاذ علاقة بالامتحان، لا وضع أسئلة، ولا تصحيح، ولا شيء، فإذا جاءت النتائج وفق ما توقّع هذا المدرّس أي كثير على هذا المدرس الخبير المتمرِّس أن يعرف النتائج مسبقاً لا عن طريق الإجبار بل عن طريق الكشف؟! أصحاب الصنعات، إذا وضعت جسراً لا يحمل هذا البناء، وقال لك الخبير: هذا البناء سوف يقع، فإذا وقع البناء شيء طبيعي جداً، علم بالقوانين.
فلذلك حينما يعلم الإنسانُ أن الله يعلم علم كشف لا علم جبر فإنّه يُبَرِّئ الله من الظلم، أما إذا عَلِم علماً إبليسياً أن الله خلق الكفر في الكافر، وأجبر الكافر على شُرب الخمر والزنا، ثم جعله في النار إلى أبد الآبدين، هذه عقيدة إبليس، عقيدة الجَبْر.
إذا عُزِي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري:
أناس كثيرون والله -وهذا مما يُؤسف له-هكذا يعتقدون، الله لم يهده بعد، الله يهدي مَن يشاء، ويُضلّ من يشاء، وما دامت هذه الكلمة وردت الآن فالله عز وجل يهدي مَن يشاء الهداية، هذا المعنى، يهدي من يشاء الهداية، هو خلَقَ كل شيء يدعوك إليه، وأمرك أن تستجيب، إما أن تستجيب أو لا تستجيب، لذلك قال العلماء: إذا عُزِي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري، قياساً على قوله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)﴾
ولعلي أضرب هذا المثل لتوضيح الحقيقة: طالب في الجامعة لم يداوم ولا ساعة، ولم يحضر ولا ساعة، ولم يقتنِ الكتب، ولم يؤدِّ الامتحانات، أرسلت له الجامعة عشرات الإنذارات، لم يستجب، فصدر قرار بترقين قيده، وفصله من الجامعة، أيُعدُّ هذا ظلماً؟ إنّ هذا القرار هو تجسيدٌ لرغبة الطالب، أراد الضلال فنفَّذ الله رغبته، هذا معنى، إذا عُزِي الإضلال إلى الله فمعنى ذلك أنه الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ رفض الدين، رفض الصلاة، إذاً كل ما سوف يأتيه من الدين من خيرات حُرِمَ منها، لأنه رفض أصل الدين، لو فرضنا إنساناً ذاهباً إلى حمص، وقبيل هذه المدينة رأى طريقين متشابهين متباعدين، ورأى إنساناً يقف على مفترق الطريقين، قال له: بالله عليك من أين حمص؟ قال له: من هنا، قال له: جزاك الله خيراً، قال له: انتظر يا أخي، بعد خمسين متراً هناك تحويلة، وبعد كذا هناك منحدر خطر، بعد ذلك هناك جسر، بعد ذلك هناك دورية، عندما قال له: جزاك الله خيراً، أعطاه هذا الدليل مئات المعلومات.
لو جاء إنسان آخر، وصل إلى مفترق الطريقين، وسأل هذا الإنسان: من أين حمص؟ قال له: من هنا، قال له: أنت كذاب، هل بإمكان هذا الإنسان أن يُعطيه المعلومات بعد ذلك؟ رفضه كلياً.
من معاني الإضلال أنك حينما رفضت أصل الدين حُرِمت من هذا الخير:
إذا رفض الإنسانُ الدينَ هل يُنوَّر قلبه؟ لا، هل يُوفَّق في عمله؟ لا، كل ما عند الله من خير أنت حينما رفضت أصل الدين حُرِمت من هذا الخير، هذا معنى الإضلال.
﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)﴾
مَن شاء الضلالة، مَن شاء البُعدَ عن الدينِ، الله عز وجل خلقك مُخيَّراً، إذاً يُنَفِّذ اختيارك، لذلك وبعضهم يقول في قوله تعالى:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)﴾
﴿أَغْفَلْنَا﴾ لو فتحتم كتب اللغة، ومعاجم اللغة، لوجدتم أن معنى كلمة ﴿أَغْفَلْنَا﴾ وجدناه غافلاً فقط، عاشرت القوم فما أبخلتهم، أي ما وجدتهم بخلاء، عاشرت القوم فما أجبنتهم، ما وجدتهم جبناء، أي وزن أفعل في اللغة لا تعني أنه خلق الجُبْن فيهم، وخلق الغفلة فيهم، تعني أنه وجدهم هكذا: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ .
يا أيها الإخوة الكرام؛ في اللحظة التي تتوهَّم أن الإنسان مجبورٌ على كل أعماله، وليس له اختيار، انحرفت العقيدة انحرافاً خطيراً، ومع هذا الانحراف انحرافٌ سلوكي، لمَ الاستقامة؟ لم العمل الصالح؟ القضية منتهية.
ألقاه في اليَمِّ مكتوفاً وقال له إِيّاكَ إيّاكَ أن تَبْتَلَّ بالماء
من معاني الإضلال أن الله يُضِّل عن شركائه لا عن ذاته:
أيها الإخوة؛ ثم إن من معاني الإضلال أن الله يُضِلّ عن شركائه لا عن ذاته، أي يوم القيامة يقول الله عز وجل:
﴿ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74)﴾
لم يجدوهم، ﴿قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا﴾ قال الله عز وجل: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾ أي يُضلهم لا عن ذاته العلية، يُضلهم عن أصنامهم، وعن شركائهم، التي ليس لها سلطانٌ في الأرض.
إذاً كلمة: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي يعلم حاضرهم ومستقبلهم، يعلم علم الشهادة وعلم الغيب.
ولكن حينما يقرأ المسلم القرآن يمر على آيات كثيرة:
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)﴾
كلمة: ليعلم هل تعني أنه لم يعلم من قبل؟ لا، أي آيات كثيرة.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94)﴾
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)﴾
قال علماء العقيدة: حيثما وردت كلمة ﴿لِيَعْلَمَ﴾ في القرآن الكريم تعني العلم الحُصولي، تماماً المدرس قال: هذا الطالب سيكون الأول على صفه، هذا علمُ كشفٍ، فإذا أدى امتحاناً وكان الأول في صفه هذا علم حُصولي، أي هذا علم الكشف حصل، فالعلم الأول علم كشف قبل أن يحصل، والعلم الثاني علم حصولٍ بعد أن حصل، هكذا.
الملف مدقق