- أحاديث رمضان / ٠04رمضان 1418 هـ - موضوعات مختلفة
- /
- 6- رمضان 1418 - موضوعات علمية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين..
آيات الله الدالة على عظمته :
1 ـ مشاشة عظم الفخذ :
مع الدرس الثاني من الدروس العلمية في رمضان.. قال تعالى :
﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ﴾
الأسر هو الرباط ، والأسير سمي أسيراً لأنه يربط ويقيَّد ، شددنا أسرهم.. أي أحكمنا خلقهم .
وقد مرَّ في بعض كتب الطب أن عظم الفخذ له مشاشة ، وهذه المشاشة موجودة في تجويف عظم الحوض ، لو نزعنا الأربطة ، لو نزعنا العضلات ، لو نزعنا الجلد ، فإن ارتباط مُشاشة عظم الفخذ بمكانها في عظم الحوض ارتباط مذهل ، أي من الصعب أن نفك هذه عن مكانها ، السبب أنها مفرّغة من الهواء .
لو جئنا بكرةٍ نحاسية وشطرناها شطرين ، ثم أحكمنا إغلاقها وفرَّغناها من الهواء ، وربطنا طرفها الأول بأربعةٍ من الأحصنة ، وطرفها الثاني بأربعة من الأحصنة ، وأعطينا أمراً للأحصنة أن تتحرَّك في اتجاهين متعاكسين ، ما استطاعت الأحصنة أن تفكَّ هذه الكرة ، لماذا؟ لأنها مفرغة من الهواء .
الآن.. لو أحضرنا سطحاً أملساً صقيلاً ، ووضعناه على سطح صقيل مشابه تماماً وليس بينهما هواء ، ليس في الإمكان فصلهما عن بعضهما إطلاقاً ، " نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ".. عن طريق تفريغ الهواء بين مُشاشة العظم وبين مكانها في عظم الحوض " وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً " .
طبعاً إذا فرِّغت من الهواء صار الضغط الخارجي كبيراً جداً ، فمنع مُشاشة عظم الفخذ من أن تنفصل عن مكانها من عظم الحوض .
2 ـ الأسنان :
شيءٌ آخر.. ميناء الأسنان يعدُّ ثاني أقسى عنصر على وجه الأرض ، والإنسان قد يتساءل.. هذا الماء - ماء الرجل الذي منه شكِّل الجنين- ماء ، من أين جاءت هذه القساوة؟ عظم عنق الفخذ يتحمَّل مئتين وخمسين كيلو غراماً ، والعظم الثاني كذلك ، فيستطيع الإنسان السوي أن يحمل خمسمئة كيلو دون أن ينكسر العظم ، " نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ".
من أين جاءت هذه المتانة وتلك القساوة والإنسان من ماءٍ مهين ؟! هذا بفضل قانون الترسُّب في الفيزياء والكيمياء ، لولا هذا القانون لما كان في الإنسان شيء قاس أو متين.. يشرب الحليب فيصير كلساً ، يشرب حليباً فيصير ميناء أسنان ، وهو في القساوة يأتي بعد الألماس تماماً ، فأقسى شيء في الأرض الألماس ، وبعده ميناء الأسنان .
شيءٌ آخر.. الله جلَّ جلاله جعل الأسنان ستة عشر زوجاً.. القواطع ، والأنياب ، والأضراس.. من منا يصدِّق أن السنتيمتر المربّع من الأضراس يتحمَّل مئتي كيلو غرام ضغطاً؟ فالإنسان أحياناً يأكل شيئاً قاسياً ويضغط ، فهذه الأضراس تتحمَّل على السنتيمتر المربع ما يساوي مئتي كيلو بالضبط ، من أجل أن تأكل وأنت مرتاح ، وهذا السن له وسادة مرنة تمتص الصدمة ، تماماً كالأتماسور أو الرفَّاس في الآلات ، فلو ضغطت بشدة على أسنانك هناك فواصل تمدد ، أو مخمِّدات ، أو وسادات تحت كل سن ، هذه تمتصُّ الصدمة .
الشيء الذي يلفت النظر هو أن الفك العلوي ثابت ، والسفلي متحرَّك ، ولو عكست الآية يصبح شيئاً مضحكاً جداً أثناء تناولنا للطعام، فالرأس كلُّه يتحرَّك ، أما عندما يأكل الإنسان فيتحرَّك فقط فكّه ، توجد ثلاث عضلات تحرِّك الفك نحو اليمين ، وثلاث عضلات أخرى تحرِّكه نحو اليسار ، وثلاث عضلات نحو الأعلى ، وثلاث نحو الأسفل.. اثنتا عشرة عضلة من أجل أن تحرِّك الفك في كل الجهات ، يمين ، يسار، أعلى ، أدنى ، هذا من حكمة الله عزَّ وجل.
3 ـ اللسان :
ما دمنا في الفم فلنذكر شيئاً آخر.. هذا اللسان الذي ننطق به ، كل حرف من حروف اللغة العربية تسهم في صنعه سبع عشرة عضلة ، كل حرف.. أما الذي يلفت النظر أن هناك لسان المزمار.. هذا الشرطي.. الذي يعمل بلا كلل ولا ملل ، بشكل مستمر ، وأنت نائم ، ومستغرق في النوم ، يجتمع اللعاب في فمك ، اجتماع اللعاب في الفم يعطي تنبيهاً للدماغ ، الدماغ يعطي أمراً للبلعوم ، لسان المزمار يغلق طريق الرئتين ، وتأتي اللهاة فتغلق طريق الأنفين ، طريق الأنف مغلق ، وطريق الرئة مغلق ، والممر إجباري إلى المعدة ، وأنت نائم تبتلع لعابك .
فعند طبيب الأسنان أحياناً يجب أن تفتح فمك لفترة طويلة ، فيضع لك شرّاقة ، وإلا يطفّ ريقك ، فلا بدّ من ماصة للعاب الزائد في الفم ، وأنت نائم ليلاً هل يعقل أن تجد وسادتك مليئة باللعـاب ؟ أثناء النوم ، وأنت نائم و مرتاح يتجمَّع اللعاب ، فتصعد إشارة للدماغ ، الدماغ يعطي أمراً للسان المزمار ، وللهاة ، فاللهاة تغلق طريق الأنفين ، واللسان يغلق طريق الرئتين ، والطريق سالك إلى المعدة.
أثناء الطعام.. طريق الرئتين مغلق ، ومفتوح طريق المريء ، أثناء التنفُّس طريق المريء مغلق ، ومفتوح طريق الرئتين ، شرطي مرور يعمل بلا كلل ، ولا ملل ، ليلاً ونهاراً ، وأنت يقظ ، وأنت نائم ، دون تفريق .
﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾
لسان المزمار وحده..
4 ـ البروستات :
طبعاً لسان المزمار يذكرنا بالبروستات ، البروستات غدة تقف بين طريقين ، طريق المثانة ، وطريق الخصيتين ، طريق البول وطريق ماء الحياة ، هذان الأنبوبان يلتقيان في أنبوبٍ واحد، هنا تقف البروستات ، فالإنسان إذا أراد أن يفرِّغ مثانته ، والبول طبيعته حامضي ، فتفرز البروستات مادة قلوية تتعادل مع المادة الحامضية لئلا يتخرَّش مجرى البول ، إذا كان الطريق لماء الحياة ، طريق الخصيتين ، الممر فيه بول ، فتفرز البروستات مادة مطهِّرة ، ثم مادة معطَّرة ، ثم مادة مغذية ، فالبروستات كلسان المزمار تماماً تغلق طريق الخصيتين ، وتفتح طريق المثانة ، أو تغلق طريق المثانة ، وتفتح طريق الخصيتين.. شيء مذهل ، وهذه الغدة تعمل ثمانين عاماً بلا كلل ولا ملل.. فهي شرطي مرور مع مغذِّيات ، أثناء البول.. مادة قلوية..، أثناء خروج ماء الحياة.. مادة مطهِّرة..، لأن الطريق فيه بول ، مادة معطِّرة ، مادة مطهرة..
هذه آيات الله الدالة على عظمته ، أقرب شيء لك جسمك.
أيها الأخوة .... إن فكَّرت في خلق الإنسان ، أو فكَّرت في جسمك ، تقف وجهاً لوجه أمام عظمة الله عزَّ وجل ، والآيات بين يديك ، وكل شيء في جسمك آية يدلُّ على عظمة الله ، ولا تنظر إلى صغر الذنب ، ولكن انظر على من اجترأت .