- التربية الإسلامية / ٠7موضوعات مختلفة في التربية
- /
- ٠1موضوعات مختلفة في التربية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
البحث عن الخلل عند المسلمين :
أيها الأخوة الكرام؛ في مثل هذه الأوقات العصيبة كنت أذكر أن على المؤمن أن يبحث عن كل شيء إيجابي فيما يجري، فمن التوازن أن تبحث عن الإيجابيات كما تبحث عن السلبيات، لكن أحياناً في مواطن أخرى وفي موضوعات أخرى ينبغي أن تبحث عن السلبيات قبل الإيجابيات، والدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى حينما ذكر الخمر قال تعالى:
﴿ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾
فهل منافع الخمر التي ذكرها القرآن الكريم تجعل الخمر مباحاً؟ أبداً، هي محرمة بإجماع الأمة، محرمة بالنصوص القطعية، محرمة بأحاديث رسول الله الصحيحة، و مع ذلك القرآن الكريم حينما ذكر الخمر قال:
﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾
و الاجتناب أشدّ أنواع التحريم، و تحدّث عنها في آية أخرى فقال:
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾
أي أن الشيء و لو تضمن نفعاً مقابل خطر شديد فتحريمه هو الوجه الصحيح، و حينما ترى أن هناك ضعفاً عاماً عند المسلمين، و حينما ترى أن هناك إخفاقاً في تحقيق أهدافهم الشيء الطبيعي و المنطقي أن تبحث عن الخلل، أين الخلل؟ أنت حينما لا تستطيع تحقيق أهدافك، أو حينما لا تأتي وعود الله عز وجل متوافقة مع الواقع، كم وعد إلهي؟ وعدنا بالنصر، وعدنا بالسيطرة على الآخرين:
﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
حينما لا يأتي الواقع مصدقاً لوعود الله عز وجل إذاً هناك خلل، لأن زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، و الوعود ثابتة بآيات كثيرة تزيد عن عشر آيات، فالوعود ثابتة، و الواقع لا يأتي مصدقاً لهذه الوعود، إذاً هناك مشكلة، لذلك لابد أن تظهر كتب تحت عنوان: أين الخلل؟
آثار التواصل الإعلامي الشديد بين الشرق والغرب خطيرة جداً :
أنا في الدرس الماضي تحدثت عن أحد أكبر أسباب تهديم البيوت، و قصرت الدرس على موضوع واحد هو دخول الحمو في غيبة الزوج و الاختلاط، و اليوم الحديث عن شيء آخر، هذا الشيء الآخر هو المصدر الثقافي لكل بيت مسلم، و كلمة ثقافة لا تعني كما تظنون، تعني مجموع أنماط السلوك والعادات والتقاليد التي يطبقها مجتمع ما، هذا التواصل الإعلامي الشديد بين الشرق والغرب له آثار خطيرة جداً، أن هؤلاء الغربيين لهم عادات، لهم تقاليد، لهم تصورات، لهم معتقدات فاسدة، و يغلب على معتقداتهم إنكار الأديان، يغلب على معتقداتهم أنهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، و هم عن الآخرة هم غافلون، يغلب على معتقداتهم أن الشهوة عندهم هي كل شيء:
﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾
أي مجتمع لا يؤمن بالآخرة إطلاقاً بنص القرآن الكريم، مجتمع لا يؤمن إلا بالشهوة حصراً بنص القرآن الكريم:
﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾
فمجتمع عقيدته إنكار الأديان، و سلوكه التفلت من أي منهج سماوي، هذا المجتمع تُنقل إلينا حياته بأدق تفصيلاتها من خلال الأفلام، العلاقة الزوجية، سلوك الزوج، سلوك الزوجة، تبرج المرأة، تفلت الرجل، يوجد موضوعات في الأسرة الأوربية و الغربية كثيرة جداً، هذه تنقل إلينا عبر هذه الشاشة الصغيرة، فلذلك حينما يصبح هذا الجهاز المصدر الثقافي الوحيد لأفراد الأسرة، للأمة، للزوجة، للبنت، للشابة، للشاب مصدره الوحيد، هو وعاء الإنسان و يغذى من هذا المشرب، فشيء طبيعي جداً أن تجد ميلاً إلى الشهوات، أن تجد أن الفوز عند هؤلاء الذين يغذون من هذه الأجهزة هو في نيل المال فقط و الفوز لا في البطولات، و لا في التضحيات، و لا في إقامة منهج الله عز وجل، إنما الفوز بالشهوات، أي من الطُّرف في بعض البلاد العربية أن طالب الطب له أربعة أهداف كبرى تبدأ بحرف العين، هدفه عيادة و عربية و عروس و عيّان أي مريض، الأهداف تصبح مادة فقط، مال فقط، بيت فقط، امرأة، تمتع بالحياة، هذه أهداف الناس الآن، من أين جاءت هذه الأهداف؟ يوجد تغذيتان؛ تغذية ضعيفة يتلقاها الطالب في الأسبوع يتلقى درساً أو درسين، و يتلقى كل يوم ساعات طوالاً، التلقي قد يكون غير مباشر، أي أنا ليس شرطاً ان ألقي عليك محاضرة، أنا قد أعرض عليك مشهداً محبباً فيه خرق لمنهج الله، قد أعرض عليك مشهداً محبباً فيه جرح لعقيدة المسلم، فأنت حينما ترى جيلاً ضائعاً، ترى جيلاً شهوانياً، ترى جيلاً متفلتاً، و سألت عن السبب، هذه التغذية تؤدي إلى هذه النتيجة، تماماً كهذا الوعاء الذي نضع فيه الماء، الشيء الذي نضعه في هذا الوعاء نأخذه من صنبوره، و الشيء الذي نربي به أولادنا ساعات طويلة كل يوم نستقيه من كلامهم، و من تصرفاتهم، هذا الذي يعرض هل ينضبط بمنهج الله؟ هذا الذي يعرض هل يتوافق مع الأمر و النهي الذي في القرآن الكريم؟ هذا الذي يعرض هل يتوافق مع القيم التي جاء بها الإسلام؟ أبداً، قيم أخرى، و عقيدة أخرى، و منهج آخر، فالشيء الطبيعي أن ترى هوة كبيرة بين الأب و أولاده، و بين الأم و أولادها، أو بين الأم و بناتها، هذه الهوة بسبب هذه التغذية، فكما أن الاختلاط أحد أكبر أسباب تهديم البيوت كذلك هذا الذي يتصدر كل بيت، و تتعلق به عيون كل أفراد الأسرة، و يمضون أوقاتاً لا حدود لها إلى ما بعد منتصف الليل يتابعون ما فيه، هذه ثقافات أمم أخرى، هذه ثقافات أمم لا تعرف الله أبداً، ثقافات أمم لا تؤمن بالآخرة، الدنيا هي كل شيء، هذه ثقافات أمم ليس في حياتها منهج مقدس، منهجها تحقيق النمو الاقتصادي فقط، منهجها بلوغ أعلى درجة من التنمية، لذلك يوجد مشكلة نعانيها في أجيالنا ضعف عقيدتهم، ضعف انتمائهم لأمتهم، انغماسهم في شهوات محرمة في الأصل في قرآننا، و في سنة نبينا.
أخطار الأجهزة التي تعمل على هدم البيوت عقائدياً :
أردت من هذا الدرس أن أضع بين أيديكم مخاطر هذه الأجهزة التي تتصدر كل البيوت، و تنعقد عليها عيون أهل البيت، و يمضون أوقاتاً طويلة وراءها، وهم ينسون أنهم يهدمون بيوتهم بأيديهم، أمة أعزها الله بالإسلام، أمة لها تاريخ مشرف، أمة معها منهج الله عز وجل، أمة معها وحي بين أيديها كما نزل، هذه الأمة لماذا أجيالها هكذا؟ هناك خلل، لعل أخطر شيء - دقق - في ثقافات الأمم، وإذا قلت ثقافات الأمم أعني بها أنماط السلوك عند هؤلاء الأمم، فلان مثقف معه دكتوراه ليس هذا هو المعنى، كلمة ثقافة تعني أنماط السلوك، العادات و التقاليد، أساليب الحياة، أنماط الزواج، أنماط العلاقات الاجتماعية، ثقافات الأمم أي عاداتها و تقاليدها، هذه كلها تنتقل إلينا عبر هذه الأطباق، تنتقل و تعرض، فلذلك أردت في هذا الدرس أن أبين الأخطار الكبيرة التي تعمل على هدم البيوت عقائدياً.
بادئ ذي بدء المسلم يحمل عقيدة دقيقة جداً، و صحيحة جداً عن فلسفة الوجود، و عن فلسفة الحياة، و عن فلسفة الإنسان، فلسفة الوجود فيما يعرض على أجيالنا الصاعدة أن هذا الكون لا يحتاج إلى إله، إنما هو تطور ذاتي، ويكفي أن يقرأ أبناؤنا في المدارس، و أن يرون في كل حلقة علمية أن الإنسان كان أصله قرداً، و أنه تطور، و أن نظرية التطور هي النظرية التي تفسر وجود الكون، إذاً هذا شيء يتناقض مع ما في القرآن الكريم، إذاً خطر كبير جداً أن يعتقد الإنسان شيئاً مناقضاً لما في الوحي، لما في القرآن الكريم، فحينما تعرض موضوعات علمية هذه تعرض على أنها ظواهر حيوية بيولوجية، ظواهر فيزيائية كيميائية، ظواهر جيولوجية، أما أن تستمع لكلمة حق أن لهذا الكون إلهاً عظيماً، أن هذا الكون من إبداع الله، أن هذا الكون من خلق الله، نحن درسنا في التعليم الثانوي أن هذا الطفل حينما يولد خلق الله في قلبه ثقباً بين الأذنين، الذي كشف هذا الثقب عالم اسمه بوتال، فالطفل في بطن أمه ليس هناك هواء، رئتاه معطلتان، لأن دمه يتجدد عن طريق دم أمه، أما حينما يولد فينبغي أن يستنشق الهواء، و أن تعمل رئتاه على تصفية الدم، إذاً هذا الثقب لابد من أن يغلق هكذا قال لنا أستاذنا حينما كنا في التعليم الثانوي، قال: تأتي جلطة و تسد هذا الثقب، هل يعقل أن تأتي جلطة من عند ذاتها كي تغلق هذا الثقب؟ و لو لم يغلق لأصبحت حياة هذا الطفل الوليد مستحيلة، أي يد الإله العظيم هي التي ساقت لهذا المولود الصغير هذه الجلطة حتى أغلقت هذا الثقب، فانتقلت الدورة إلى الرئتين، و تجدد الدم، و انتعش الطفل.
لي صديق لا يزال حياً يرزق، عنده بنت صغيرة قال لي: هذه معها داء الزرق، أي الثقب لم يغلق، و كل عشرة آلاف حالة ولادة تبقى حالة الثقب فيها مفتوح، لا تعيش أكثر من عشر سنوات، أذكر مرة أنها صعدت عشر درجات بربع ساعة لا يوجد قوة، دمها أزرق، أي دورة الرئتين معطلة لوجود ثقب، الدم يختار الطريق الأسرع، الأقرب، فكل حياة الإنسان تغدو مستحيلة لو أن هذا الثقب بقي مفتوحاً، الطرح العلمي طرح بعيد عن وجود الله، بعيد عن حكمة الله، بعيد عن رحمة الله، بعيد عن تقدير الله، بعيد عن لطف الله، فلذلك إذا الإنسان ترك أولاده يستقون ثقافتهم مما يعرض لا شيء يعرض يدل على الله إلا حالات قليلة جداً، و نادرة، أي الاستثناء ليس له حكم، أنا آخذ الخط العريض، آخذ ما يسمى بالأعم الأغلب، فلذلك يكفي أن تتوهم من خلال عرض أن هذا الكون خلق من تلقاء ذاته، و أن الإنسان كان أصله قرداً، و أنا و الله أحياناً في ساعات الألم أصدق هذه النظرية معكوسة، أنه كان إنساناً فصار قرداً، صار حيواناً، صار وحشاً، و الذي نراه اليوم لا يكذب هذه المقولة بل يصدقها، كيف أن الإنسان يمسخ إلى قرد؟ كائن شهواني فقط لا يعنيه إلا الطعام والشراب والجنس فقط، فلعل أكبر شيء خطير فيما يعرض هو إفساد عقائد شباب المسلمين.
أنا أقول في الأعم الأغلب ليكون الدرس واقعياً و موضوعياً، أما الآن فأي موسوعة علمية اشترها مترجمة، نظام الموسوعة أن الإنسان بدأ إنساناً متوحشاً، العصر الحجري، عصر النبات، هذه المراحل الجيولوجية، هذه خلاف القرآن الكريم، و هذه النظرية نظرية دارون الآن ثبت بطلانها، لكن ترويج هذه النظرية لغاية في نفس يعقوب، لماذا تروج؟ الإنسان كيف يستطيع أن يمارس كل الشهوات؟ حينما يعتقد أنه لا إله، إذا اعتقد أنه لا إله من السهل أن يفعل كل شيء، فالعقيدة التي تغطي انحرافاً كاملاً هي عقيدة إنكار الأديان، قد يقول أحدنا: أمعقول؟ لا تنظر إلى ما يقوله الناس، انظر إلى ما يفعلونه، هل تجد في فعل معظم الناس في القارات الخمس ما يؤكد إيمانهم بالله؟ هل تجد في أفعالهم ما يؤكد خوفهم من الله؟ هل تجد في أنماط سلوكهم ما يؤكد إيمانهم بالآخرة؟ لا و الله، العبرة ليس هذا التكذيب اللفظي، أنا ذكرت سابقاً و أعيد لو أنك زرت طبيباً كي تعالج نفسك عنده، و في أثناء المعالجة وجدته غير مؤهل كي يعالجك، و أنت لطيف و لبق، انتهى من معالجته نقدته الأجرة، و شكرته، و ابتسمت في وجهه، و لم تشتر الدواء الذي وصفه لك، لأنك لست قانعاً به، أنت باللسان ما كذبته، أنت باللسان احترمته، لكن لعدم شراء الدواء الذي وصفه لك أنت كذبت علمه، فالتكذيب العملي أبلغ من التكذيب القولي، فأنت حينما ترى معظم الناس يأكلون مالاً حراماً هل تظن أن هذا الإنسان يعتقد بالآخرة؟ مستحيل، حينما ترى إنساناً يفعل شيئاً محرماً هل تعتقد أن هذا الإنسان مؤمن بالآخرة؟ فالعبرة لا ما يقوله الإنسان بل ما يفعله، فعل الناس لا يؤكد إيمانهم بالدار الآخرة، عدم إيمانه باليوم الآخر هو سبب تفلته من منهج الله عز وجل.
الخطر الأكبر أن يستقي الإنسان عقيدته من أنماط تتناقض مع منهج الله :
أيها الأخوة؛ أخطر شيء أن تستقي عقيدة من صور، و من مشاهد، و من أنماط سلوك، أو من موضوع علمي يتناقض من منهج الله، و مع وحي الله، و مع قرآن الله عز وجل، أنت حينما تعجب بشخصيات لا تؤمن بالله عز وجل، الإعجاب بهذه الشخصيات حجاب بينك و بين الحق، من هوي الكفرة حشر معهم و لا ينفعه عمله شيئاً، أي أنت حينما ترى المسلمين في عصورهم المزدهرة تراهم يعجبون بأصحاب رسول الله، بهؤلاء الأبطال الأعفة المطهرين، لكن حينما تعيش مع شاب معاصر ما الذي يعجبه؟ لاعب الكرة الفلاني، أحياناً الممثل الفلاني، فالمثل العليا عند أجيال المسلمين السابقة غير المثل العليا عند الأجيال اللاحقة، يوجد فرق كبير جداً، فأول شيء العقيدة قد تكون غير صحيحة، عقيدة دنيوية محضة، عقيدة تؤمن بالإنسان و بشهوات الإنسان و بحريته في أن يفعل ما يشاء، و قد تعطيك نماذج هي عند الله غير مقبولة، هي عند الله هالكة، هذه النماذج تكون في أعلى عليين، عند من؟ عند من يستقي ثقافته من هذه الأجهزة.
و أيضاً مثل هذه الأجهزة تثير الشهوات، و هذه الخلافات تعمق الخلافات الزوجية، أي الزوج ينصرف إلى غير زوجته، و الزوجة تنصرف إلى غير زوجها، أي يوجد شيء غير طبيعي، أن هناك نماذج نادرة تعرض دائماً، و هذه النماذج لو أن الإنسان وازن بينها و بين ما عنده زوجاً أو زوجة لو كان البون شاسعاً جداً، هذا وحده يكفي لإعراض نفس الزوج عن زوجته، و إعراض نفس الزوجة عن زوجها، إذاً يوجد أخطار ناتجة عن إثارة الشهوات، تعظيم أشخاص عقيدتهم فاسدة، سلوكهم غير منضبط، ثم إثارة الشهوات التي ينبغي ألا تثار إلا وفق منهج الله عز وجل، الآية:
﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾
الإنسان إن لم يؤمن بالآخرة لابد من أن يبتعد عن منهج الله عز وجل، إذاً عقائدياً قد تفسد عقائد هؤلاء الذين يستقون ثقافتهم من هذه الأعمال التي يشاهدونها، و أخلاقياً قد تفسد أخلاقهم من هذه الشهوات التي تثار في هذه الأجهزة، و التاريخ الإسلامي أحياناً تطمس معالمه، قد يشوه، هناك الكثير من الأعمال التاريخية التي تشوه حقيقة التاريخ الإسلامي، إذاً كمصدر ثقافي غير منضبط لا يتوافق مع منهج الله و لا مع سنة رسول الله هناك خطر كبير، لذلك النبي عليه الصلاة و السلام قال: " الزموا أولادكم. "
الأب الصالح، الأب الحريص على إيمان أولاده دائماً يراقب المصادر الثقافية التي تغذي ابنه، لا يوجد سلوك إلا أساسه تلق، هذا الابن من أين يتلقى؟ أحياناً قصة تفسد حياة الإنسان، و أحياناً صديق متفلت يفسد أخلاق ابنك، إذاً الأب الكامل، الأب المسلم حريص على تغذية ابنه بمبادئ الدين، و قيم الدين، و منهج الله عز وجل، ذكرت مرة أن أحد الأشخاص روى قصة رمزية أعجبتني، هذه القصة أنه استقبل ضيفاً وضعه في صدر المنزل، و عظمه، و بجله، و بدأ يستمع له هو و أهله، و يصغي له هو و أهله، هذا صاحب البيت بعد حين وجد أن أولاده بدؤوا ينصرفون عنه، كان إذا دخل إلى البيت دخوله عيد، بعد حين هم مقبلون على هذا الضيف الذي تصدر المجلس، و هو يحدثهم ويريهم بعض المناظر، و الأب يأتي و يخرج و كأنه ما دخل و لا خرج، ثم اكتشف الأب أن مهمته الوحيدة أن يعمل عملاً شاقاً و يأتيهم بالطعام و انتهى دوره، هم متعلقون بهذا الضيف الذي تصدر المجلس، و تصدر البيت، و بدأ يعطي كل ما عنده لأفراد الأسرة، عندئذ ضجر صاحب البيت و قال: أخرجوا هذا الوحش، أنا لا أحب أن أكون مبالغاً، لكن أقول لكم: هناك خطر كبير جداً جداً جداً من وجود مصدر ثقافي يغذي أفراد الأسرة بعقيدة غير صحيحة، و بقيم غير صحيحة، و بأنماط سلوك غير صحيحة، هذه تنعكس على أفراد الأسرة سلوكاً منحرفاً، لذلك طوبى لمن وسعته السنة و لم تستهوه البدعة.
بيت يذكر الله فيه و بيت لا يذكر الله فيه كالحي و الميت، كيف الإنسان الحي يعجبك حديثه، و يبهرك منظره، و تأنس بالقرب منه، و الإنسان الميت تخاف منه، فبيت ميت لا يذكر الله فيه بل بيت فيه ما يناقض منهج الله عز وجل هذا بيت فيه خطر شديد، و هو كالقبر، فلذلك ما ذكر الله الأمر بالذكر إلا جاء الذكر مقيداً بالكثير:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾
﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾
ذلك أن المنافق لا يذكر الله إلا قليلاً، المنافق يذكر الله ذكراً قليلاً، بينما المؤمن يذكر الله ذكراً كثيراً، و قد برأ من النفاق من أكثر من ذِكر الله، فنحن حينما نربي أبناءنا على ذكر الله و إقام الصلاة.
أخواننا الكرام؛ يمكن أن تصلي الفرض في المسجد، و ينبغي و الأولى أن تصلي السنة في البيت لئلا يكون البيت قبراً، ليكون البيت موصولاً بالله عز وجل، يوجد بيت كأنه مسجد، أفراد البيت يتلون كتاب الله، يتذاكرون آيات القرآن الكريم، و يوجد بيت لا يوجد فيه ذكر إلا للأفلام، أي ذكر لهؤلاء الذين تصدروا المجالس في الحديث عنهم، و هم ليسوا أهلاً لذلك.
أرجو الله سبحانه و تعالى أن أوفق في توضيح الفكرة.
ما كل عقيدة تقرؤها من الكتاب، أحياناً تقتنع بفكرة استنبطتها من قصة، سيدنا يوسف هذه القصة الطويلة في القرآن بعد أن تقرأها ماذا تستفيد؟ ما هي العقيدة التي تستقيها من هذه القصة ؟
﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
الآية الكريمة:
﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾
معنى ذلك أن هذا الطفل الذي رأى رؤيا، أمه و أبوه و إخوته جميعاً سوف يخضعون له في مستقبل أيامه، وكيف أن إخوته أرادوا به كيداً، وكيف أن إخوته وضعوه في الجب، إذاً قصة تقرؤها فتستنبط منها حقيقة، إذاً ما كل عقيدة تستنبط من كتاب العقيدة، ما كل عقيدة تستنبط من كتاب ديني، قد تستنبط آلاف التصورات العقدية غير الصحيحة من قصة تقرؤها أو تشاهدها، معنى هذا أن هناك خطراً على عقيدة المشاهد، أحياناً من أن يتسرب إلى عقيدته شعور أن هذا الكون هكذا توالد ذاتياً، كأن يعزا إلى الطبيعة، أو أن تتصور أن هذا السلوك لا شيء عليه، سلوك إباحي أو سلوك فيه مجون لا شيء عليه شائع، والعلماء تنبهوا إلى هذه الناحية سموها بلوى عامة، الشيء المحرم يقيناً في القرآن الكريم من كثرة ما يشاهده الأبناء في هذه الأجهزة صار كأنه شيء طبيعي، هبط مستوى الانضباط.
والله لو أردت أن أسمي الأشياء بأسمائها، وأن أصل إلى أدق ما في الإنسان لوجدتم أن بناء الإنسان يختلف اختلافاً جذرياً حينما تغذي ابنك تغذيةً من هؤلاء الذين يجرون هذه البرامج، وبين أن تغذيه تغذيةً إسلاميةً صحيحة.
ضرورة الضبط من الداخل :
أخواننا الكرام؛ يسأل أخ: هل ناسخة السيديات حرام مع العلم أنني لا أنسخ إلا البرامج الدينية والعلمية؟ الشيء الثابت أن أية أداة كالسكين، اقتناء السكين حرام لو أن إنساناً ذبح بها طفلاً، السكين تستخدم آلاف الاستخدامات المباحة، ولها استخدامات أخرى قد تكون مؤذيةً، الأشياء التي تستخدم على أشكال متعددة حرمتها في استخدامها المحرم، فحينما تنسخ أقراصاً دينية لا شيء في ذلك، أما إذا استخدمت هذه الناسخة في غيبة صاحبها في نسخ أقراص أخرى فيها حرمة فتحتاج إلى ضبط.
هذا يقودني الآن إلى فكرة خطيرة جداً وهي أن الضبط من الخارج أصبح مستحيلاً، لابد من ضبط من الداخل، أي كل شيء يدعو إلى المعصية أينما ذهبت، فبقي الإنسان حينما يربي أبناءه على الانضباط الذاتي هذه الضمانة الوحيدة، أما الشيء العام فكل شيء يمكن أن يستخدم استخداماً خطيراً، فهذه ننسخ بها أقراصاً إسلامية لا يوجد مانع، لكن لو غفلت فاستخدمت في غيبتك لنسخ أقراص غير صحيحة، غير جيدة، فصاحبها صار آثماً، إذاً لابد من ضبطها، لابد من ضبطها ضبطاً محكماً كي تغدو في خدمة الدعوة.
العناية بالأطفال و الانتباه لهم منذ الصغر :
يبدو أن هذا طفل صغير جزاه الله خيراً يقول: أنا في المدرسة ومعلمتنا ليست محجبة فهل يجوز النظر إليها؟
والله مرة حدثني أخ قال لي: يوجد مدرسة غير منضبطة إطلاقاً، دخلت المدرّسة إلى مدير الإعدادية وقالت له: فلان - ذكرت اسم طالب - هو ظنها تشتكي على طالب، فقال لها: أفصله فوراً، فقالت له: لا، إنه الأولي عندي، أول طالب عندي لكن لا ينظر إلي، فقال لها: هذا طالب له شيخ هو يؤدبه، أي قد تجد في الأطفال ورعاً يلفت النظر، حدثني أخ قال لي: أنا خطيب مسجد في الشام، مرة استيقظنا متأخرين، والدنيا شتاء، فهيأت الأم شطائر للطعام، و قال لابنه: كُلْ هذه في الطريق، قال له: يا أبت قال عليه الصلاة والسلام: " الأكل في الطريق دناءة" أي لا يوجد شيء أجمل من طفل نشأ في طاعة الله، و دائماً الطفل و هو صغير يشكل كما تريد، أي الطفل مادة خام كالعجينة تماماً تشكلها كما تريد، فهؤلاء الآباء الذين يدعون تشكيل أولادهم بهذه الأجهزة، قد يتعلم الرقص، قد يتعلم مثلاً شيئاً فوق الرقص، قد يتعلم سلوكاً مستهجناً عند المسلمين، من أين تعلمه؟
بالمناسبة مشاهد العنف لها آثار كبيرة جداً، مشاهد العنف أحياناً، مشاهد القتل تترك آثاراً خطيرة جداً في نفس الطفل الصغير، فلذلك انتبهوا، هذا مصدر ثقافي فقد يعلم العنف، قد يعلم الانحراف، قد يعلم الشذوذ، قد يعلم كل سلوك شائن لا يرضي الله عز وجل.
أحدهم يقول: أنا طالب في المدرسة، إذا كان الطفل صغيراً جداً وذهب إلى الحج هل يقبل حجه ؟
طبعاً، النبي عليه الصلاة و السلام علمنا كيف نربي أبناءنا، يوجد عندنا أحكام شرعية تأديبية، و أحكام شرعية تكليفية، إذا ابنك عمره سبع سنوات تأمره بالصلاة، و في العشر سنوات تضربه على تركها، مع أنه مكلف بالصلاة بالثالثة عشرة، مستحيل أن يصلي الطفل فجأة، لابد من أن يدرب على الصلاة في سن مبكرة، مستحيل أن يصوم الطفل فجأة، دربه منذ صغره أن يصوم يوماً ويفطر الثاني، بعد ذلك يصوم للظهر، يوم يفطر تسامحه، يوم يصوم تكافئه، حتى يصبح بسن الثالثة عشرة فيصبح الصيام عنده تكليفاً رسمياً، فهذه الأوامر يسمونها أوامر تأديبية لا أوامر تشريعية، فكل شخص عنده ابن، لو أنه عندك ابنة صغيرة جداً، و كانت ثيابها سابغة، أنت تؤدبها بآداب الإسلام قبل أن تؤمر بارتداء الحجاب، أنت تؤدبها بآداب الإسلام، هذه النقطة دقيقة جداً، لو لم تكن هذه البنت مكلفة أن تتحجب ينبغي أن يكون ثوبها سابغاً، يوجد أمهات مسلمات محجبات ابنتها صغيرة - أي عمرها أربع سنوات- تلبسها ثياباً فاضحة، أن هذه بنتاً صغيرة، هذه البنت الصغيرة حينما ترتدي هذه الثياب، و حينما يبدو معظم جسمها، تظن أن هذا هو الصح، فإذا كبرت تألف ما ألفت، لذلك ينبغي أن تؤدب فتياتنا بآداب الإسلام، و ينبغي أن يؤدب أبناؤنا الصغار بآداب الإسلام، و الله أنا في الحج حينما أشاهد طفلاً صغيراً يلبس ثياب الإحرام منظر رائع جداً، طفل يطوف، طفل يُقبّل الحجر، شيء جميل جداً، و حينما يأتي الأب مع ابنه إلى المسجد أيضاً شيء جميل جداً، يجب أن يكون ابنك معك في المسجد، أنا و الله ممن يشجع وجود الأبناء و لكن طبعاً مع ضبطهم و ليس مع تفلتتهم، فالزموا أولادكم.
وجوب ترك الدخان :
هذه نشرة سكان العالم ستة مليارات و نصف، تعداد المسلمين مليار و ثلاثمئة مليون، المدخنون في العالم مليار و خمسة عشر مليوناً، أكبر نسبة مدخنين في المسلمين، وأرباح شركات التدخين أرباح فلكية تفوق حدّ الخيال، ماذا نفعل؟ اترك الدخان، هذا الشيء الذي يجب أن تفعله، وفر هذه النفقة لمؤمن، وفر هذه النفقة لأسرتك، فيوجد أرقام خيالية، نحن في بلدنا أربعمئة مليون ثمن الدخان اليومي، ثمن الدخان الذي يباع في قطرنا أربعمئة مليون كل يوم، بالعام كم مليون؟ هذا من ثمن طعامنا و شرابنا، و من ثمن أجهزتنا و بيوتنا، و يقتطع من نفقات تربية أولادنا، و نفقات تزويج أبنائنا.
حرية المسلم :
سؤال عام: ما رأيك بحرية المسلم؟ و متى تبدأ و متى تنتهي؟ و ما هي الحرية التي إذا طبقها المسلم لا يرتكب بها ذنباً؟
هذا كلام عام لا معنى له إطلاقاً، المسلم معه منهج إذا طبقه ملزم بهذا المنهج، فالذي سمح الله به سمح الله به، أنت حر فيه، و الذي لم يسمح الله به لم يسمح الله به، فأنت مقيد بمنهج الله عز وجل، يرسمون صورة توضيحية مثلاً فرس مربوط، الحبل طوله يقدر بخمسين متراً، إذاً الفرس معه حرية حركة دائرة قطرها مئة متر، أما يوجد حدود ينتهي عندها، فأنا قال الله لي:
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾
هذه منهج، أستطيع أن آكل و أشرب و لكن بدون إسراف أو دون افتخار و مخيلة:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾
بكسب المال مسموح المال من التجارة، أو من الإرث، أو من الهبة، أو من راتب تأخذه مقابل خدمة تؤديها، إما خدمات مأجورة، أو تجارة، أو زراعة، أو صناعة، أو إرث، أو هبة، يانصيب لا يوجد، فائدة ربوية لا يوجد، سرقة لا يوجد، احتيال لا يوجد، تدليس لا يوجد، فبكل موضوع يوجد أشياء مباحة، و يوجد أشياء محرمة، واضحة؟ بكسب المال، بالعلاقة بالنساء، النزهة مسموحة لكن لا يوجد اختلاط، نزهة بمكان عام، موسيقا ونساء كاسيات عاريات هذه ممنوعة كمسلم أنت، الاحتفال مسموح و لكن لا يوجد احتفال مختلط، عرس مختلط يدخل العريس و يجلس أمام النساء الكاسيات العاريات لا يصح، فالسؤال مبهم في كل مجال، مجال النساء، مجال الطعام و الشراب، مجال النشاط الاجتماعي، مجال السفر، يوجد منهج دقيق، لذلك هذا الذي يتوهم أن الإسلام عبارة عن صوم و صلاة و حج و زكاة واهم جداً، و الله لا أبالغ الإسلام قريب من خمسمئة ألف بند، إذا قرأت الفقه بكسب مالك، بحركاتك، بنشاطاتك، بتربية أولادك، بعلاقتك بزوجتك، بخروجك، بغض بصرك، بكلامك، بحديثك، يوجد سبع عشرة آفة للسان، هذه غيبة، هذه نميمة، هذا بهتان، هذا كذب، هذا استهزاء، هذه سخرية، طبعاً بالبيع و الشراء يوجد مليون حالة فيها حرمة، هذه فيها تدليس، هذه فيها كذب، هذه فيها غش، هذه فيها تحميل شيء ممنوع، فما الحرية؟ لا يوجد عبارة أعبر فيها عن شعوري تجاه شخص غير منضبط غير أنه دابة فلتانة، يأكل ما يشاء، يتكلم ما يشاء، يفعل ما يشاء، يطلق بصره إلى من يشاء، دابة فلتانة، الإسلام كله انضباط في الكلام، و في السلوك، عند الأجانب يقول لك: تنتهي حريتك حينما تبدأ حرية الآخرين، هذا كلام مطاط، أي أنت اسمع أغان كما تريد و لكن لا ترفع صوت المذياع بحيث لا تزعج جارك، فممكن أن تفعل المعاصي كلها بتعريف الغرب للحرية و لكن لا تؤذي شعور إنسان آخر، أي كنت أرى أشياء في العالم الغربي مثلاً صحن فضاء واضعه شخص طبيب، و صانع له زينة غير معقولة، قماش مزخرف و أقواس، قلت: ما هذا؟ قال لي: جاري اشتكى عليّ منظر الصحن يؤذي شعوره فيجب أن أزينه له، اصعد و انظر عندنا إلى قاسيون ماذا بها، أما امرأة تسير شبه عارية هذا غير مؤذ، فكلام الغرب مضحك جداً تنتهي حريتك حينما تبدأ حرية الآخرين، نحن تنتهي حريتنا حينما يأتي النص المحرم، و تبدأ حريتنا حينما يبيح الله لنا شيئاً، المباح مباح و المحرم محرم هذا الانضباط.
تعلّم التلقي :
يوجد شيء بالأجهزة بالبيوت هو تعلم التلقي، الإنسان منفعل و فاعل، فإذا كان دائماً يستمع أولاً ضاع وقت طويل، لي تعبير لطيف أحياناً عمل ثلاث ساعات، يوجد معلقة عسل مخلوطة بقنطار صبر، يوجد فائدة، يوجد موعظة، هذه الموعظة ملعقة عسل مذابة بقنطار صبر كي تدخل هذه المعلقة إلى جوفك يجب أن تشرب قنطار الصبر معها، أي تجد قصة طويلة عريضة ملخصها بكلمتين، و يوجد بها مشاهد، ومواقف، مرة كاتب قال: يجوز للأديب أن يصور الرذيلة على نحو نكرهها، أما إذا صورها على نحو نحبها فإن مجتمعاً بأكمله ينهدم بهذا العمل الأدبي، كلام دقيق، أنت ممكن أن تصور إنساناً انحرف فدخل السجن، و انتهت حياته، أما حين يدخل السجن أطلعتنا على مشهد رائع بحياته و شيء مغر فأنت لم تصور الرذيلة على نحو نكرهها، صورتها على نحو نحبها، فأنت أكبر مهدم بالمجتمع، إذا صوّر الأديب الرذيلة كقصة قبل أن تنقلب إلى عمل إذا صورها كقصة على نحو نكرهها فهذا جيد، أما إذا صورها على نحو نحبها فإن مجتمعاً بأكمله يمكن أن ينهار من خلال هذا الأدب.